ويل لكل همزة لمزة

 

القول فتاويل قوله جل ثناؤة و تقدست اسماؤه: و يل لكل همزه لمزه (1)


يعني تعالى ذكرة بقوله:


( و يل لكل همزه ) الوادى يسيل من صديد اهل النار و قيحهم,( لكل همزه ) : يقول: لكل مغتاب للناس,
يغتابهم و يبغضهم,
كما قال زياد الاعجم:


تدلى بودى اذا لاقيتنى كذبا


و ان اغيب فانت الهامز اللمزة (1)


و يعني باللمزة: الذي يعيب الناس,
ويطعن فيهم.


و بنحو الذي قلنا فذلك قال اهل التاويل.


* ذكر من قال ذلك:


حدثنا مسروق بن ابان,
قال: ثنا و كيع,
عن رجل لم يسمه,
عن ابي الجوزاء,
قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء هم الذين بداهم الله بالويل ؟

قال: هم المشاءون بالنميمة,
المفرقون بين الاحبة,
الباغون اكبر العيب.


حدثنا ابو كريب,
قال: ثنا و كيع,
عن ابيه,
عن رجل من اهل البصرة,
عن ابي الجوزاء,
قال: قلت: لابن عباس: من هؤلاء الذين ندبهم الله الى الويل ؟

ثم ذكر نحو حديث مسروق بن ابان.


حدثنا ابن حميد,
قال: ثنا مهران,
عن سفيان,
عن ابن ابي نجيح,
عن مجاهد ( و يل لكل همزه لمزه ) قال: الهمزه ياكل لحوم الناس,
واللمزة: الطعان.


و ربما روى عن مجاهد خلاف ذلك القول,
وهو ما حدثنا فيه ابو كريب,
قال: ثنا و كيع,
عن سفيان,
عن ابن ابي نجيح,
عن مجاهد ( و يل لكل همزه ) قال: الهمزة: الطعان,
واللمزة: الذي ياكل لحوم الناس.


حدثنا مسروق بن ابان الحطاب,
قال: ثنا و كيع,
قال: ثنا سفيان,
عن ابن ابي نجيح,
عن مجاهد,
مثله.


و روى عنه كذلك خلاف هذين القولين,
وهو ما حدثنا فيه ابن بشار,
قال: ثنا يحيى,
قال: ثنا سفيان,
عن ابن ابي نجيح,
عن مجاهد ( و يل لكل همزه لمزه ) قال: احدهما الذي ياكل لحوم الناس,
والاخر الطعان.
وهذا يدل على ان الذي حدث بهذا الحديث ربما كان اشكل عليه تاويل الكلمتين,
ف لذا اختلف نقل الرواه عنه فيما رووا على ما ذكرت.


حدثنا بشر,
قال: ثنا يزيد,
قال: ثنا سعيد,
عن قتاده ( و يل لكل همزه لمزه ) اما الهمزة: فاكل لحوم الناس,
واما اللمزة: فالطعان عليهم.


حدثنا ابن حميد,
قال: ثنا مهران,
عن سعيد بن ابي عروبة,
عن قتادة,
قال: الهمزة: طعام لحوم الناس: و اللمزة: الطعان عليهم.


حدثنا ابن حميد,
قال: ثنا مهران,
عن سفيان,
عن ابن خثيم,
عن سعيد بن جبير,
عن ابن عباس: ( و يل لكل همزه لمزه ) قال: و يل لكل طعان مغتاب.


حدثنا ابن حميد,
قال: ثنا مهران,
عن ابي جعفر,
عن الربيع,
عن ابي العالية,
قال: الهمزة: يهمزة فو جهه,
واللمزة: من خلفه.


حدثنا ابن عبدالاعلى,
قال: ثنا ابن ثور,
عن معمر,
عن قتادة,
قال: يهمزة و يلمزة بلسانة و عينه,
وياكل لحوم الناس,
ويطعن عليهم.


حدثنى الحارث,
قال: ثنا الحسن,
قال: ثنا و رقاء،
جميعا,
عن ابن ابي نجيح,
عن مجاهد,
قال: الهمزه باليد,
واللمزه باللسان.


و قال اخرون فذلك ما حدثنى فيه يونس,
قال: اخبرنا ابن و هب,
قال: قال ابن زيد,
فى قول الله: ( و يل لكل همزه لمزه ) قال: الهمزة: الذي يهمز الناس بيده,
ويضربهم بلسانه,
واللمزة: الذي يلمزهم بلسانة و يعيبهم.


و اختلف فالمعني بقوله: ( و يل لكل همزه ) فقال بعضهم: عنى بذلك: رجل من اهل الشرك بعينه,
فقال بعض من قال ذلك القول: هو رائع بن عامر الجمحي.
وقال اخرون منهم: هو الاخنس بن شريق.


* ذكر من قال: عنى فيه مشرك بعينه.


حدثنى محمد بن سعد,
قال: ثنى ابي,
قال: ثنى عمي,
قال: ثنى ابي,
عن ابيه,
عن ابن عباس,
قوله: ( و يل لكل همزه لمزه ) قال: مشرك كان يلمز الناس و يهمزهم.


حدثنى محمد بن عمرو,
قال: ثنا ابو عاصم,
قال: ثنا عيسى,
وحدثنى الحارث,
قال: ثنا الحسن,
قال: ثنا و رقاء،
جميعا عن ابن ابي نجيح,
عن رجل من اهل الرقه قال: نزلت فرائع بن عامر الجمحي.


حدثنى الحارث,
قال: ثنا الحسن,
قال: ثنا و رقاء,
فى قوله ( همزه لمزه ) قال: ليست بخاصة لاحد,
نزلت فجميع بنى عامر; قال و رقاء: زعم الرقاشي.


و قال بعض اهل العربية: ذلك من نوع ما تذكر العرب اسم الشيء العام,
وهي تقصد فيه الواحد,
كما يقال فالكلام,
اذا قال رجل لاحد: لا ازورك ابدا: جميع من لم يزرني,
فلست بزائره,
وقائل هذا يقصد جواب صاحبة القائل له: لا ازورك ابدا.


و قال اخرون: بل معنى به,
كل من كانت هذي الصفه صفته,
ولم يقصد فيه قصد اخر.


* ذكر من قال ذلك:


حدثنى محمد بن عمرو.
قال: ثنا ابو عاصم,
قاله: ثنا عيسى; و حدثنى الحارث,
قال: ثنا الحسن,
قال: ثنا و رقاء،
جميعا عن ابن ابي نجيح,
عن مجاهد,
فى قول الله: ( و يل لكل همزه لمزه ) قال: ليست بخاصة لاحد.


و الصواب من القول فذلك: ان يقال: ان الله عم بالقول جميع همزه لمزة,
كل من كان بالصفه التي وصف ذلك الموصوف بها,
سبيلة سبيلة كائنا من كان من الناس.

  • يل لكل همزه لامزه


ويل لكل همزة لمزة