افضل مواضيع جميلة بالصور

احكام رمي الجمرات

 

 

( دراسة منطقة الجمرات )
احكام رمي الجمار في الحج والرخص الشرعية

اعداد

الدكتور/ احمد بن عبد الكريم غنوم

الاستاذ المساعد بكلية التربية بابها / جامعة الملك خالد

 ملخص البحث :
يعتبر رمي الجمرات واجب اتفاقا ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى الرمي هو القذف بالحصى في زمان مخصوص وعدد مخصوص ، والحكمة منه انه عمل رمزي يمثل مقاومة الشيطان الذي يريد ايقاع الناس في المعاصي ، وايضا اقتداء بفعل النبي ابراهيم عليه السلام وزوجته هاجر وابنه اسماعيل .
ووقت الرمي هو وقت واحد متسع يمتد من يوم النحر الى اليوم الثالث من ايام التشريق _ اي ان ايام الرمي هي اربعة_ فوقته متسع ولا داعي للحجاج ان يرموا في وقت واحد او ساعة محدودة ؛ مما يؤدي الى حدوث ما لا تحمد عقباه نتيجة الازدحام ، وسوف نبين–ان شاء الله – الرخص الشرعية للرمي عند العلماء في سياق البحث . المقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ، والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وافضل المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اما بعد :
لقد اتفق العلماء على فرضية الحج بدليل الكتاب والسنة ، اما الكتاب فقوله تعالى :
﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ﴾ سورة ال عمران / 97 .
وقوله تعالى : ﴿ واذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات ﴾
سورة الحج / 27 -28
واما السنة ، فقول النبي صلى الله عليه وسلم : (بني الاسلام على خمس : شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، واقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع اليه سبيلا ) متفق عليه .
لذلك يعتبر الحج الركن الخامس من اركان الاسلام فرضه الله على المستطيع ، وهو من العبادات التي تشتمل على المال والبدن، وللحج فوائد شخصية كثيرة ومتعددة منها ؛ انه يكفر الذنوب ، ويطهر النفوس من شوائب المعاصي, لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من حج فلم يرفث ، ولم يفسق ، رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه) متفق عليه
والحج يعود الانسان على الصبر وتحمل المتاعب ، وبالحج يؤدي العبد لربه شكر النعمة ؛ نعمة المال ، ونعمة العافية ، ويغرس في النفس روح العبودية الكاملة ، والخضوع الصادق لشرع الله ودينه .
كما ان للحج فوائد جماعية ؛ فهو يؤدي الى تعارف ابناء الامة على اختلاف الوانهم ولغاتهم واوطانهم ، والمذاكرة في شئون المسلمين العامة ، ويقوي رابطة الاخوة مع المؤمنين في جميع انحاء الارض ؛ تحقيقا لقوله تعالى : ﴿ انما المؤمنون اخوة ﴾ سورة الحجرات ، الاية : 10
كما ان الحج يساعد على نشر الدعوة الاسلامية .
وان رمي الجمرات يعتبر واجب من واجبات الحج ، يقوم به الحاج في ايام الرمي الاربعة وهي : يوم النحر وايام التشريق الثلاثة ، وهناك رخص شرعية للرمي يمكن الاخذ بها لدفع الضرر والتخفيف من الزحام ؛ فتجوز الانابة في الرمي لمن عجز عن الرمي بنفسه لمرض او حبس او كبر سنن او حمل المراة …
كما ان وقت الرمي – عند بعض الفقهاء – وقت متسع يمتد حتى نهاية اليوم الاخير من ايام الرمي ، ويجوز لمن فاته الرمي بعضه, او كله ؛ ان يرمي في اخر يوم من ايام الرمي .
وسوف نبين ان شاء الله بالشرح والتفصيل في سياق البحث جميع الاحكام الشرعية للرمي التي يرخص للحاج ان ياخذ بها .
· اهمية البحث :
لموضوع احكام الرمي اهمية وفائدة كبيرة تكمن في تحقيق ما يلي :
– الحكمة من الرمي ، وما الغاية منه ؟
– معرفة شروط الرمي وكيفيته .
– حكم ترك الرمي او جزء منه .
– حكم مخالفة ترتيب الجمرات اثناء الرمي، وما هو حكم من رمى دون عدد الحصى؟
ومن خلال ما سبق يتضح ان هذا الموضوع جدير بالبحث والدراسة ، املا في ان اضيف الى المكتبة ما ارجو ان ينتفع كل من يقرؤه من طلبة العلم وغيرهم .
· مشكلة البحث :
تتلخص مشكلة البحث بتحقيق اداء شعيرة رمي الجمرات في يسر وسهولة
ما امكن ؛ مما يؤدي الى امن وسلامة الحجاج .
وفي ضوء ما تقدم يمكن ان نحدد مشكلة البحث في السؤال التالي :
هل هناك رخص شرعية للرمي تؤدي لتخفيف الزحام وتحقيق سلامة الحجاج ؟
وتتطلب الاجابة عن هذا السؤال الاسئلة التالية :
1- هل وقت الرمي ضيق فينتهي رمي كل يوم بيومه ، ام هو متسع يمتد الى اخر ايام التشريق ؟
2- ما هو حكم تاخير رمي يوم عن وقته ، وهل يجوز ؟
3- ما هو حكم العاجز, او المريض , او المراة ، اذا استنابوا غيرهم في الرمي ؟
4- ما هو حكم تاخير الرمي كله الى اخر يوم من ايام التشريق ؟
وسوف نحاول من خلال هذا البحث الاجابة على هذه التساؤلات وغيرها .
· منهج البحث :
اتبعت في بحثي المنهج التالي:
1- منهج الاسلوب الوصفي القائم على عرض موضوع البحث من خلال اقوال العلماء وادلتهم ، بالاعتماد على المراجع والمصادر الاصيلة لكل مذهب فقهي من المذاهب الاربعة .
2- منهج دراسة الحالة باسلوب تحليل المضمون لمعرفة حجم المشكلة وابعادها واثارها واخطارها المتوقعة على امن وسلامة الحجاج .
3- مناقشة الادلة وبيان القول الراجح حسب ما ظهر لي من ادلة الفقهاء .
4- عزوت المسالة الواحدة الى اكثر من مرجع في المذهب الفقهي الواحد ؛ للوفاء بتمام المسالة الفقهية المبحوثة .
5- راعيت الترتيب الزمني في المذاهب الفقهية على الشكل التالي : المذهب الحنفي ، ثم المذهب المالكي ، ثم المذهب الشافعي ، ثم المذهب الحنبلي .
6- تم تخريج الايات القرانية الكريمة ، والاحاديث النبوية الشريفة الواردة في سياق البحث .
· خطة البحث :
انتظمت خطة البحث في : مقدمة ، وثلاثة مباحث ، ونتائج وتوصيات ، على الشكل التالي :
– المقدمة ، وتشمل : اهمية البحث ، ومشكلة البحث ، ومنهج البحث .
– المبحث الاول : معنى الرمي , ووجوبه ، وشروطه , وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الاول : معنى الرمي ، والحكمة منه .
المطلب الثاني : وجوب الرمي .
المطلب الثالث : شروط صحة الرمي .
– المبحث الثاني : كيفية الرمي ، ووقته ، وسننه ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الاول : كيفية الرمي .
المطلب الثاني : وقت الرمي .
المطلب الثالث : سنن الرمي ، ومكروهاته .
– المبحث الثالث : الرخص الشرعية في الرمي ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الاول : الانابة في الرمي .
المطلب الثاني : حكم تاخر الرمي عن وقته .
المطلب الثالث : ترك الرمي .
– نتائج البحث وتوصياته .
Stoning Regulations and Religious Licenses
By Dr .Ahmad Abdul – Karim Ghannoum
Summary:
There has been consensus among scholars that stoning is obligatory because it was performed by Prophet Mohammed
(P B U H). Stoning refers to the act of throwing a specific number of stones at a specific time. The act is symbolic of man’s resistance to devil and its temptations. It also represents following the example of Prophet Abraham ( P B U H ) , his wife, Hajer, and his son, Is mail. The time of stoning is extended from the Sacrifice Day to the third day of TashreeK. Thus, its duration is long enough for all pilgrims to perform this act without limiting themselves to a short time during which unfortunate incidents might take place because of crowding. The religious licenses in the act of stoning are introduced in the course of this research.
Significance of the Research:
The present research deals with the following points :
– The wisdom and purpose of stoning .
– The conditions of stoning and the way of perform it .
– The rule for not performing stoning or part of it .
– The rule for stoning in the wrong order or throwing less than the required number of stones .
Research Problem:
The research deals with performing the stoning act as easily as possible and as safely as possible. The specific research questions are :
– What is the rule concerning the act of delaying stoning?
– What is the rule concerning asking someone also to do the act of stoning for you?
– What is the rule for delaying the throwing of stones of one day on another day ?
Research Methods :
Two research methods have been used :
1. Descriptive research which presents the topic through
a review of the literature, and the saying of prominent scholars and researchers in the field .
2. Case study research which analyzes the case in order to reach a full understanding of the problem and its dimensions, consequences, and risks on the lives of pilgrims.
Research Plan :
The present research falls in three parts:
1. Part -1- deals with the meaning of stoning, its conditions, and its obligatory nature .2. Part -2- deals with the way of performing the act of stoning, its rules and licenses
3. Part -3- deals with the rule for delaying stoning and its licenses.
Results and Recommendations :
1. Stoning is obligatory. If it is delayed or not performed, the pilgrim has to sacrifice a sheep as prescribed by the Islamic rules .
2. The pilgrim can perform the act of stoning before sunset of the fourth day of Tashreek as a make – up for stoning on the first, second, and third days. This make – up process is permitted in case there is delay or wrong ordering, but a sacrifice is required in this case.
3. If the pilgrim delays stoning to the fourth day, which is the last day of Tashreek Days, he should throw for the first day first, then for the second day, then for the third day. Besides, he is not required to do anything else because all Tashreek Days are throwing days.
4. Those in charge should cooperate in order to provide the best possible service for the pilgrims. They should also raise the pilgrims’ consciousness in order to avoid risks and stay away from danger, especially on stone- throwing days.
 متن البحث (مباحثه ومطالبه) المبحث الاول : معنى الرمي ، ووجوبه ، وشروطه ، وفيه ثلاثة مطالب ، وهي :

المطلب الاول : معنى الرمي ، والحكمة منه .

1- معنى الرمي : لغة ، واصطلاحا .

– معنى رمي الجمار لغة :

الرمي : يطلق بمعنى القذف ، وبمعنى الالقاء ، يقال : رميت الشيء وبالشيء ؛ اذا قذفته .

ورميت الشيء من يدي ؛ اي القيته فارتمى , ورمى بالشيء ايضا القاه …

ورمى السهم عن القوس وعليها ، لا بها ، رميا ورماية ، ورمى فلان فلانا ؛ اي قذفه بالفاحشة (1) كما في قوله تعالى : ﴿ والذين يرمون المحصنات …﴾(2)

والجمار : جمع جمرة ، وهي الحصاة ، والجمار : الحجارة الصغيرة ، وجمر : رمى الجمار (3) .

– معنى الرمي اصطلاحا :

الرمي: هو منسك واجب من مناسك الحج ، وهو القذف بالحصى المعينة العدد ، في مكان مخصوص وزمن مخصوص ، والرمي الواجب للجمرات الثلاث هو سبعة حصيات لكل جمرة .

2- الحكمة من الرمي :

يعتبر رمي الجمرات اقتداء بفعل النبي ابراهيم عليه السلام ، فقد عرض له الشيطان وهو يحج فرماه بالحجارة , فاصبح الحكمة من الرمي عمل رمزي يمثل مقاومة الشيطان العدو الاول للانسان .

المطلب الثاني : وجوب الرمي ، واثاره .

1- وجوب الرمي :

اتفق الفقهاء على ان رمي الجمار واجب من واجبات الحج ، واستدلوا على ذلك بالسنة , والاجماع .

اما السنة : فالاحاديث كثيرة منها ؛ حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لما اتى ابراهيم عليه السلام المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبعة حصيات حتى ساخ في الارض ، ثم عرض له عند

الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الارض ، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الارض ) (4)

قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشيطان ترجمون ، وملة ابيكم تتبعون .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسالونه ، فجاءه رجل فقال : لم اشعر ، فحلقت قبل ان اذبح ؟ قال : ( اذبح ولا حرج ) فجاء اخر فقال : لم اشعر ، فنحرت قبل ان ارمي؟ قال ( ارم ولا حرج ) (5) الحديث .

فقد امر النبي صلى الله عليه وسلم بالرمي ، والامر للوجوب .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( خذوا عني مناسككم ) (6)

واما الاجماع : فان الامة الاسلامية اجمعت على وجوب رمي الجمرات ؛ وهي رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر ، والجمرات الثلاث ( الصغرى ، والوسطى ، والكبرى ) ايام التشريق ، اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن جابر رضي الله عنه ، انه قال : ( رايت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ، ويقول : ( لتاخذوا عني مناسككم ، فاني لا ادري لعلي لا احج بعد حجتي هذه) (7)

2- اثار الرمي :

يترتب على رمي الجماراثار هامة في الحج ، وهي :

– اثر رمي جمرة العقبة الكبرى :

يترتب على رمي جمرة العقبة الكبرى التحلل الاول من احرام الحج .

– اثر رمي الجمار اول وثاني ايام التشريق :

بعد ان يرمي الحاج الجمار اول وثاني ايام التشريق يجوز له ان ينفر من منى ان احب التعجيل ، وهذا يسمى النفر الاول ، وبه يسقط رمي اليوم الاخير من ايام التشريق وهو قول عامة العلماء ؛ لقوله تعالى : ﴿ فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تاخر فلا اثم عليه لمن اتقى ﴾ (8)

وعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( ايام منى ثلاثة : فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ، ومن تاخر فلا اثم عليه ) (9)

– اثر رمي الجمار ثالث ايام التشريق :

اذا رمى الحاج الجمار في اليوم الثالث من ايام التشريق ينفر من منى الى مكة ، ولا                    يقيم بمنى بعد رميه في هذا اليوم ، ويسمى هذا النفر في اخر ايام التشريق النفر الثاني ؛ وبه ينتهي وقت رمي الجمار ، وتنتهي مناسك منى .

المطلب الثالث : شروط صحة رمي الجمار .

يشترط لصحة رمي الجمار الشروط التالية :

1- ان يكون الرمي باليد ، وان تقع الحصى في المرمى بفعل الرامي ، فلا يجوز الرمي بقوس ولا بمقلاع ولا برجل ، فلو ضرب شخص يد الرامي فطارت الحصاة الى المرمى واصابته لم يصح ، ولو رمى الحصاة فانصدمت بالارض خارج الجمرة او بمحمل في الطريق او ثوب انسان مثلا ثم ارتدت فوقعت في المرمى اعتد بها لوقوعها في المرمى بفعله من غير معاونة .

اما لو حرك صاحب المحمل او الثوب فنفض الحصاة فوقعت في المرمى لم يعتد بها .

وبناءا على ما تقدم فانه يجوز الرمي من الطابق العلوي لانه اولى بالجواز من هذه                                          الصور التي ذكرناها .

2- ان يكون المرمي به حجرا عند الجمهور ( المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ) ، فلا يصح الرمي بالطين والمعادن والتراب ، وقد استدل الجمهور بما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما رمى جمرة العقبة ؛ فعن جابر يصف رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم لجمرة العقبة ، فيقول : (فرماها بسبع حصيات – يكبر مع كل حصاة منها – مثل حصى الخذف) (10)

وقال الحنفية (11) : يجوز الرمي بكل ماكان من جنس الارض ؛ كالحجر والتراب والطين والجص وكل ما يجوز التيمم به .

وقال الحنفية ايضا : ان المقصود هو فعل الرمي ؛ وذلك يحصل بالطين ، كما يحصل بالحجر ، بخلاف ما اذا رمى بالذهب او الفضة ؛ لانه يسمى نثرا لا رميا . واستدل الحنفية بالاحاديث الواردة في الامر بالرمي مطلقة عن صفة مقيدة ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : ( ارم ولا حرج ) (12)

والاحوط والارجح هو مذهب الجمهور ، وهو ان يكون المرمي به حجرا ، يقول الكمال بن الهمام : ان اكثر المحققين على انها امور تعبدية لا يشتغل بالمعنى فيها

– اي بالعلة – والحاصل انه اما ان يلاحظ مجرد الرمي ، او مع الاستهانة ، او خصوص ما وقع منه صلى الله عليه وسلم ، والاول يستلزم الجواز بالجواهر ، والثاني بالبعرة والخشبة التي لا قيمة لها ، والثالث بالحجر خصوصا ؛ فليكن هذا اولى ، لكونه اسلم ، ولكونه الاصل في اعمال هذه المواطن ، الا ما قام دليل على عدم تعيينه (13)

3- ان يكون الحصى كحصى الخذف :

وحصى الخذف هي التي يخذف بها ؛ اي ترمى بها الطيور والعصافير ، وذلك                                بوضع الحصاة بين اصبعي السبابة والابهام وقذفها .

وحصى الخذف اكبر من الحمصة ودون البندقة ، ويكره الرمي بالحجر الكبير ، اما عند الشافعية (14) فيجوز الرمي بالحجر الصغير الذي هو كالحمصة ؛ لانه رمي بالحجر فيجزئه

اما المالكية (15) فلم يجز عندهم ، وقالوا : لا بد ان يكون اكبر من الحمصة ؛ لان النبي صلى الله عليه وسلم امر الصحابة ان يرموا بمثل حصى الخذف .

وقد روي عن الامام احمد بن حنبل (16) رحمه الله : بان الرمي لا يجزىء الا بحصى كحصى الخزف ، لا اصغر ولا اكبر ؛ لان النبي صلى الله عليه وسلم امر بهذا القدر ونهى عن تجاوزه ، والامر يقتضي الوجوب ، والنهي يقتضي الفساد .

4- ان يرمي الحاج كل جمرة بسبع حصيات متفرقات ؛ اي واحدة فواحدة ، فلو رمى حصاتين او اكثر معا فتعد حصاة واحدة ، ويلزمه ان يرمي بست حصاة غيرها ، ودليل ذلك ان المنصوص عليه تفريق الافعال اثناء رمي الجمرات فيجب التقييد بالتفريق الوارد بالسنة النبوية (17)

وان شك في عدد الحصيات السبع ، هل رمى اقل ام اكثر ؟ فعليه ان يبني على الاقل ويحقق المطلوب يقينا وهو السبع ، وعند الحنابلة ليس عدد السبع شرطا ، فان نقص عدد الحصيات حصاة او حصاتين فلا باس .

5 – وقوع الحصى في المرمى :

والمرمى هو الجمرة التي يجتمع فيها الحصى ، فان وقعت الحصى دونه لم يجزئه .

وقال الحنفية (18) : لو رماها فوقعت قريبا من الجمرة يكفيه ؛ لان هذا القدر مما لا يمكن الاحتراز عنه ، اما لو وقعت بعيدا من الجمرة لا يجزيه ، واما مقدار المسافة القريبة ، فقيل : ثلاثة اذرع فما دون ، وقيل : ذراع فاقل .

اما في وقتنا الحاضر ؛ ولله الحمد قد تم تحديد المرمى بدائرة يجتمع فيها الحصى ويتوسطها عمود ، وكل حصاة وقعت ضمن هذه الدائرة فقد اجزات .

6- ترتيب الجمرات :

وهو ان يبدا الحاج برمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر ، ثم يرمي الجمرات ايام التشريق بالترتيب بان يبدا برمي الجمرة الصغرى ، ثم الوسطى ، ثم الكبرى ، فعند الجمهور ( المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ) (19) :يعتبر هذا الترتيب شرط لصحة الرمي ، ودليلهم على ذلك بان النبي صلى الله عليه وسلم رتبها كذلك كما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما :

( انه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبعة حصيات يكبر على اثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل (20) ، فيقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلا فيدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ، ثم ياخذ ذات الشمال فيستهل ويقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلا ، ويدعو ، ويرفع يديه ويقوم طويلا ، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ، ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول : هكذا رايت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله) (21)

فاستدل الجمهور بحديث ابن عمر على وجوب ترتيب الجمرات كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم .

اما عند الحنفية فالترتيب سنة ، فاذا اخل به الرامي يسن له الاعادة وهو قول الحسن وعطاء (22)

وفسره الحنفية على سبيل السنية لا الوجوب ، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما , ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قدم من نسكه شيئا او اخره فلا شيء عليه) (23)

7- ان يكون الرامي هو الحاج بنفسه اذا كان قادرا على الرمي ، اما اذا كان عاجزا عن الرمي بنفسه فيستنيب لعجزه من يرمي عنه .

المبحث الثاني : كيفية الرمي ، ووقته ، وسننه ومكروهاته ، وفيه ثلاثة مطالب ،هي:

المطلب الاول : كيفية الرمي .

اثناء الرمي على الحاج ان يكون على بعد خمسة اذرع فاكثر عن الجمرة التي يجتمع فيها الحصى (24) ثم يمسك الحاج بالحصاة بطرفي ابهام وشاهدة يده اليمنى ، ويرفع يده حتى يرى بياض ابطيه ، ويقذفها ويكبر .

وقيل : يستحب ان يضع الحصاة بين سبابتي يديه اليمنى واليسرى ويرمي بها ،

ثم يقطع التلبية مع اول حصاة يرمي بها جمرة العقبة الكبرى يوم النحر ، ويشتغل بالتكبير ، فعن الفضل بن عباس قال : (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم  من جمع (25) الى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) (26)

اما المعتمر فيقطع التلبية عند بدء الطواف .

ويكبر الحاج مع كل حصاة ، فعن جابر رضي الله عنه ، يصف رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم لجمرة العقبة فيقول : ( فرماها بسبع حصيات –  يكبر مع كل حصاة منها – مثل حصى الخذف) (27)

وصيغة التكبير جاءت في الحديث مطلقة (يكبر مع كل حصاة) ، فيجوز التكبير باي صيغة من صيغه ، وقد اختار العلماء بعض صيغ التكبير منها :

بسم الله والله اكبر ، رغما للشيطان ، ورضا للرحمن ، اللهم اجعله حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا .

ومنها ايضا :

الله اكبر ، الله اكبر ، الله اكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة واصيلا .

لا اله الا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .

لا اله الا الله وحده صدق وعده ، ونصر عبده ، ونصر الاحزاب وحده ، لا اله الا الله والله اكبر .

وان قال : ( اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا ، وعملا مشكورا ) ، فحسن ؛ لان ابن مسعود وابن عمر كانا يقولان نحو ذلك .

ولو رمى الحاج وترك الذكر فلم يكبر ، ولم يات باي ذكر؛ جاز رميه ، ولكنه يكون قد اساء لتركه السنة .

والمستند في ذلك ما ورد من الاثار الكثيرة عن الصحابة رضي الله عنهم (28)

وقال الحنفية (29) : لو سبح مكان التكبير ، او ذكر الله ، او حمده ، او وحده ، اجزاه ؛ لان المقصود من تكبيره صلى الله عليه وسلم الذكر (30)

وبعد رمي الجمرة الاولى (الصغرى) يقف الحاج مستقبل القبلة ، فيدعو ويذكر الله تعالى، ويهلل ويسبح بقدر قراءة سورة البقرة ، وكذا بعد رمي الجمرة الثانية (الوسطى)

اما بعد رمي الجمرة الثالثة (جمرة العقبة الكبرى) ، فلا يدعو ، ولكن ينصرف من الرمي وهو يقول : اللهم اجعله حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا .

المطلب الثاني : وقت الرمي واثاره .

ايام رمي الجمار اربعة ؛ يشترط مراعاتها ، وهي يوم النحر ، وثلاثة ايام بعده تسمى ايام التشريق ، فيجب في يوم النحر رمي جمرة العقبة وحدها فقط بسبع حصيات ، ويجب في اليومين الاول والثاني من ايام التشريق رمي الجمار الثلاث على الترتيب ؛ يرمي اولا الجمرة الصغرى ، ثم الوسطى ، ثم الكبرى (جمرة العقبة) ، ويرمي كل جمرة بسبع حصيات .

فاذا رمى الحاج الجمار في اول وثاني ايام التشريق يجوز له ان ينفر – اي يرحل – الى مكة ان احب التعجل في الانصراف من منى ، ويسمى اليوم الثاني من ايام التشريق يوم النفر الاول ، وبه يسقط رمي اليوم الثالث من ايام التشريق اتفاقا ؛لقوله تعالى :﴿ فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ، ومن تاخر فلا اثم عليه لمن اتقى ، واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون ﴾ (31)

اما الرمي ثالث ايام التشريق فيجب على من تاخر ولم ينفر من منى – النفر الاول – ان يرمي الجمار الثلاث في هذا اليوم ، وبعد الرمي ينصرف من منى الى مكة ،

وبه ولا يسن له ان يقيم بمنى بعد الرمي ، ويسمى هذا اليوم يوم النفر الثاني ، وبه تنتهي مناسك الحج (32)

واما وقت رمي الجمار عند الشافعية والحنابلة (33) يبدا من نصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة قبله ، والافضل ان يكون بعد طلوع شمس يوم النحر .

وقد استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها ، انها قالت : (ان النبي صلى الله عليه وسلم ارسل بام سلمة ليلة النحر ، فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ، ثم مضت فافاضت) (34)

واما الوقت عند الشافعية والحنابلة يقسم الى ثلاثة اقسام :

– وقت فضيلة : اي الى الزوال (35)

– وقت اختيار : اي الى الغروب .

– وقت جواز : اي الى اخر ايام التشريق .

اما وقت الرمي ليوم النحر عند الحنفية والمالكية (36) وفي رواية عن احمد : فيبدا من طلوع فجر يوم النحر ، وهذا الوقت عندهم اقسام :

– وقت مسنون : يبدا بعد طلوع الشمس الى الزوال في يوم النحر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا ترموا حتى تطلع الشمس) (37)

– وقت جواز بلا اساءة : يبدا بعد الزوال الى غروب شمس يوم النحر .

– وقت جواز مع الاساءة : يبدا بعد طلوع الفجر من يوم النحر الى طلوع الشمس .

اما الليل فهو وقت جواز مع الاساءة عند الحنفية فقط ؛ ولا جزاء فيه ، واستدل الحنفية بحديث ابن عباس انه قال : ان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في الثقل (38)  وقال : (لا ترموا الجمرة حتى تصبحوا) (39)

فاثبتوا جواز الرمي ابتداءا من الفجر بهذا الحديث .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء اهله بغلس ، ويامرهم ؛ يعني لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس ) (40)

فاثبتوا بهذا الحديث الوقت المسنون .

وعند المالكية (41) : ان اخر وقت رمي جمرة العقبة الكبرى الى المغرب وما بعده قضاء ، ويجب الدم ان اخره الى المغرب على المشهور عندهم .

واما وقت رمي الجمرات الثلاث ايام التشريق فهو كما يلي :

يبدا الرمي في ايام التشريق بعد الزوال بالاتفاق ، ودليلهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما انه قال : ( رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس ) (42)

واما نهاية وقت الرمي في اليوم الاول والثاني من ايام التشريق عند الفقهاء فيكون :

عند الشافعية والحنابلة : ان اخر وقت الرمي ينتهي بغروب شمس اليوم الرابع من ايام النحر ؛ وهو اخر ايام التشريق ، ودليلهم : ان ايام التشريق كلها وقت للرمي ، فاذا اخره من اول وقته الى اخره لم يلزمه شيء .

واما الحنفية والمالكية (43) : فقيدوا رمي كل يوم بيومه ثم فصلوا : فذهب الحنفية الى انه ينتهي رمي اليوم الثاني من ايام النحر بطلوع فجر اليوم الثالث ، ورمي اليوم الثالث ينتهي بطلوع الفجر من اليوم الرابع ، فمن اخر الرمي الى ما بعد وقته فعليه قضاءه ، وعليه دم عندهم .

والدليل على جواز الرمي بعد مغرب نهار الرمي هو حديث الاذن للرعاء بالرمي ليلا ؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما, قال : ( ان النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة ان يرموا ليلا ) (44)

وذهب المالكية (45) : الى انه ينتهي اداء الرمي الى غروب كل يوم ، وما بعده قضاء له ، ويفوت الرمي بغروب شمس اليوم الرابع ، ويلزمه دم في ترك رمي حصاة او في ترك رمي الجميع ، وكذلك يلزمه دم اذا اخر شيئا من رمي الحصيات الى الليل .

المطلب الثالث : سنن الرمي ، ومكروهاته .

اولا : سنن الرمي .

1-     ان يكون بين الرامي وبين الجمرة مسافة خمسة اذرع فاكثر ، وهذا عند الحنفية ، وقالوا : ان ما دون ذلك يكون طرحا ، فلو طرح الحاج الحصيات طرحا اجزاه لكنه مخالف للسنة .

2-              الموالاة بين رمي الحصيات السبع .

3-              عدم كسر الحصيات ؛ وعلى الحاج ان يرمي كل حصية بدون ان يكسرها .

4-  طهارة الحصيات ؛ فيكره الرمي بحصى نجس ؛ فاذا رمى الحاج الحصى وهو نجس فيندب اعادة الرمي بحصى طاهر .

5-              الا يكون الحصى مما رمي به .

6-              التكبير مع كل رمي حصاة ، ويقطع التلبية مع رمي اول حصاة يرمي بها جمرة العقبة الكبرى .

7-     الوقوف للدعاء بعد رمي الحاج لجمرة العقبة الصغرى ، وبعد رميه لجمرة العقبة الوسطى ، اما بعد رميه لجمرة العقبة الكبرى فلا يقف للدعاء ؛ لان العبادة قد انتهت وكذلك لا يقف بعد رميه لجمرة العقبة الكبرى يوم النحر ولا بعد رميها ايام التشريق ايضا ، ودليل هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما , قال : ( ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على اثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل ، فيقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ، ثم ياخذ ذات الشمال فيستهل ويقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلا ، ويدعو ، ويرفع يديه ، ويقوم طويلا ، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ، ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول : هكذا رايت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله) (46)

ثانيا : مكروهات الرمي , وهي :

1-              الرمي بعد المغرب في يوم النحر عند الحنفية ، وبعد زواله عند المالكية .

2-              الرمي بالحجر الكبير .

3-              الرمي بالحصى النجس .

4-              الزيادة على عدد السبع في رمي كل جمرة من الجمرات (47)

· المبحث الثالث : الرخص الشرعية في الرمي ، وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الاول : الانابة في الرمي (الرمي عن الغير)

الانابة في الرمي من الرخص الشرعية ، وهي خاصة بالمعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه لمرض ، او كبر سن ، او حبس ، او حمل المراة …

فالمريض بعلة من العلل التي تجعل منه عاجزا عن الرمي بنفسه ، بحيث تكون هذه العلة لا يرجى زوالها قبل انتهاء وقت الرمي ، وفي هذه الحالة يصح للمريض بعلة ان يستنيب من يرمي عنه ، وينبغي ان يكون النائب قد رمى عن نفسه فان لم يكن رمى عن نفسه فليرم عن نفسه اولا ، ثم يرمي عن من استنابه ، ويجزىء هذا الرمي عن الاصيل عند الحنفية (48) ، والشافعية (49) ، والحنابلة (50)

وقال الحنفية ، والمالكية (51) : لو رمى الوكيل حصاة عن نفسه واخرى عن وكيله جاز ، ولكنه مكروه .

وقال الشافعية : ان الانابة خاصة بمن به علة لا يرجى زوالها قبل انتهاء ايام التشريق كمريض او محبوس .

وعند الشافعية قول : ان الوكيل يرمي حصيات كل جمرة عن نفسه اولا ، ثم يرميها

عن المريض الذي انابه الى ان ينتهي من الرمي، وهذا شيء حسن يخفف من الزحام.

اما من عجز عن الاستنابة كالصبي الصغير ، او المغمى عليه ؛ فيرمي عن الصبي وليه باتفاق الفقهاء ، ويرمي عن المغمى عليه رفاقه عند الحنفية ، ولا فدية عليه .

وقال المالكية : فائدة الاستنابة ان يسقط الاثم عنه ان استناب وقت الاداء ، والا فالدم عليه ؛ سواء استناب ام لا ، الا الصغير ومن الحق به .

وانما وجب عليه الدم دون الصغير ومن الحق به كالمغمى عليه ؛ لانه المخاطب بسائر الاركان .

واما المحبوس ، وكبير السن ، والمراة الحامل ؛ فيصح ان يوكل كل واحد منهم من يرمي عنه الجمرات كلها .

كما انه يجوز التوكيل عن عدة اشخاص ، على ان يرمي الوكيل عن نفسه اولا كل جمرة من الجمرات الثلاث ، ثم يرمي عن موكليه .

ويستحب ان يناول النائب الحصى ان قدر ويكبر ، فيقول : الله اكبر ، الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله الا الله ، والله اكبر ، الله اكبر ، ولله الحمد ، كما نقل عن الشافعي رحمه الله تعالى .

المطلب الثاني : حكم تاخر الرمي عن وقته .

اذا اخر الحاج رمي حصاة فاكثر من الجمار لليل او ليوم بعده ، ففي هذه الحالة عند المالكية (52) : وجب عليه دم ؛ لخروج وقت الاداء وهو النهار ، ودخول وقت القضاء ، ويقضي رمي جمرة العقبة ،او رمي اليوم الثاني ، او رمي اليوم الثالث، قبل غروب شمس اليوم الرابع ؛ سواء اخره لعذر ام لا ، او خالف ترتيب الجمرات ، وعليه دم .

ويفوت الرمي بغروب اليوم الرابع وعليه دم ، ويلزم الدم ايضا العاجز اذا استناب غيره في الرمي ، وياثم ايضا اذا لم يستنب لتقصيره ، وعلى النائب دم ثان ان اخر الرمي لليل لغير عذر .

وقال الشافعية والحنابلة : اذا اخر الحاج رمي يوم الى ما بعده ، او اخر الرمي كله الى اخر ايام التشريق فلا شيء عليه ، ولكنه يكون قد ترك السنة فقط .

 

المطلب الثالث : ترك الرمي .

رمي الجمار واجب كما تقدم بيانه ، ولكن ان ترك الحاج الرمي ففيه تفصيل في المذاهب الفقهية على الشكل التالي :

قال الحنفية (53) : اذا ترك من جمار العقبة الكبرى حصاة او حصاتين او ثلاثا الى الغد ؛ فانه يرمي ما ترك في الغد او يتصدق لكل حصاة نصف صاع(54) من بر ، او صاع من تمر او شعير .

والاصل ان ما يجب في جميعه دم يجب في اقله صدقة ، فلو ترك الرمي كله الى الغد كان عليه دم عند ابي حنيفة ، فاذا ترك اقله تجب عليه الصدقة الا ان يبلغ دما، وان ترك الاكثر منها فعليه دم في قول ابي حنيفة ؛ لان في جميعه دما عنده ، فكذا في اكثره .

اما اذا ترك الحاج الرمي كله في سائر الايام الى اخر ايام الرمي ؛ وهو اليوم الرابع ، فانه يرميها فيه على الترتيب وعليه دم عند ابي حنيفة ؛ لان الرمي مؤقت عنده .

ولو ترك رمي الجمار الثلاث كلها لزمه دم عند ابي حنيفة ؛ لان جنس الجناية واحد ، وحظرها احرام واحد ، فيكفيها دم واحد ، كما لو حلق ربع راسه ؛ فانه يجب عليه دم واحد ، وكذلك لو حلق جميع راسه يلزمه دما واحدا ايضا ، وكذا لو طيب عضوا واحدا او طيب اعضاءه كلها، او لبس ثوبا واحدا او لبس ثيابا كثيرة؛ فانه لا يلزمه في ذلك كله الا دم واحد .اما اذا ترك رمي جميع الجمار حتى غربت شمس اخر ايام الرمي وهو اخر ايام التشريق ، فيسقط عنه الرمي وعليه دم واحد باتفاق الحنفية ؛ وذلك لفوات وقت الرمي وتعذر القضاء وتركه الواجب عن وقته .

وقال المالكية (55) : لو ترك حصاة واحدة اثناء الرمي ، او ترك رمي الجميع ؛ فيلزمه دم في ذلك .

وقال الشافعية (56) : اذا ترك الحاج رمي جمرة العقبة الكبرى ، او ترك رمي يوم من ايام التشريق ، فيمكن ان يتداركه في باقي الايام من ايام التشريق في الاظهر ، واستدلوا بذلك بنص الحديث المبيح لتاخير الرمي للرعاة واهل السقاية ؛ اذ لا فرق بين المعذور وغيره كما في الوقوف بعرفة والمبيت بالمزدلفة ، ولا دم عليه ان تداركه ؛ لحصول الانجبار بالماتي به ، وان لم يتداركه فعليه دم في رمي يوم او يومين او ثلاثة او يوم النحر مع ايام التشريق ؛ لاتحاد جنس الرمي ، فاشبه حلق الراس ، والمذهب وجوب دم كامل في ترك ثلاث حصيات ؛ لان الثلاث اقل الجمع ،كما لو ازال ثلاث شعرات متواليات ، فقد روى البيهقي عن ابن عباس باسناد صحيح انه قال :(من ترك نسكا فعليه دم) ، وفي ترك الحصاة الواحدة مد ، وفي اثنتين مدان .

وقال الحنابلة (57) : اذا اخر رمي يوم الى ما بعده ، او اخر الرمي كله الى اخر ايام التشريق فيكون قد ترك السنة ولا شيء عليه ، الا انه يقدم بالنية رمي اليوم الاول ، ثم اليوم الثاني ، ثم اليوم الثالث ؛ لان ايام التشريق كلها وقت للرمي ، فان اخره من اول وقته الى اخره لم يلزمه شيئا ، كما لو اخر الوقوف بعرفة الى اخر وقته ، لانه وقت يجوز الرمي فيه ، فجاز في اخره كاليوم الاول .

فاذا اخر الحاج رمي يوم الى ما بعده فلا يكون رميه في اليوم الثاني قضاءا وانما هو اداءا ؛ لانه وقت واحد ، مع ترك الافضل .

وان نقص الرمي حصاة او حصاتين فلا باس ، ولا ينقص اكثر من ذلك ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( ما ابالي رميت بست او سبع )

اما ان ترك الحاج الرمي ، او خالف ترتيب الجمرات وجب عليه دم .

·       النتائج والتوصيات :

–                    رمي الجمار واجب ، فان تاخر عن وقته او فات وجب دم على النحو المقرر فقها.

–  يجوز للحاج قضاء رمي جمرة العقبة ، او رمي جمرات اليوم الثاني او الثالث قبل غروب شمس اليوم الرابع ؛ سواء اخره لعذر ام لا ، او خالف ترتيب الجمرات ، وفي هذه الحالة عليه دم عند بعض الفقهاء .

–  اذا اخر الحاج الرمي كله الى اليوم الرابع وهو اخر ايام الرمي ؛ فانه يقدم بالنية رمي اليوم الاول ثم الثاني ثم الثالث ؛ لان ايام التشريق كلها وقت للرمي ، فان اخره من اول وقته الى اخره لم يلزمه شيء – عند الحنابلة – كما لو اخر الوقوف بعرفة الى اخر وقته ، ولانه يجوز الرمي فيه فجاز في اخره كاليوم الاول .

–  يجب تعاون جميع الجهات المعنية بخدمة الحجاج ؛ بتسخير كل الامكانات ، وتفعيل كل البرامج التوعوية في سبيل تثقيف حجاج بيت الله الحرام بالابتعاد عن كل الاخطار حفاظا على الارواح ، ولاسيما ايام رمي الجمرات .

توعية حجاج بيت الله الحرام بطرق الامن والسلامة اثناء رمي الجمرات لتجنب الاخطار التي تلحق بهم .

–  على الحجاج ان يتجنبوا الاماكن المزدحمة اثناء رمي الجمرات بتاجيل الرمي فيما بعد ؛ لتجنب حدوث ما لا تحمد عقباه .

–   تجنب الحجاج افتراش الارصفة والشوارع والممرات التي تودي لرمي الجمرات؛   وذلك لتجنب الاذى لهم ولغيرهم .

–              عدم النوم والجلوس في الطرق والممرات المؤدية للجمرات .

–  عدم الوقوف والاستراحة بعد الانتهاء من رمي الجمرات ، فهناك اماكن مخصصة  لراحة الحجاج خارج منطقة الجمرات .

–    يجب على الحجاج اتباع ارشادات رجال الامن وعدم مخالفتها ؛ لان مهمة رجل الامن المحافظة على سلامة الحجاج , وعدم تعرضهم للمخاطر .

–             استعجال الحاج في اداء رمي الجمرات قد يسبب الاذى والخطر له ولغيره من الحجاج .

–  شريعة الاسلام تتصف بالرحمة والمحبة والشفقة والتعاون ، فعلى الحاج ان يكون  رحيما ومحبا وشفيقا ومتعاونا مع جميع الحجاج ولاسيما كبار السن والضعفاء منهم؛ فهم في امس الحاجة الى المساعدة اثناء اداء جميع مناسك الحج بشكل عام، وبشكل خاص اثناء رمي الجمرات .

 

  • بث عن احكام رمى الجمار
  • هل يرمي الحاج عن نفسه اولا اوعمن حج له يوتيوب
  • بحث عن حكم رمي الجمرات الثلاث
  • البحث جامعه موضوع القذف
  • اعداد الجمرات
  • هل يلبي الحاج عند رمي الجمرات
  • بحث كامل عن احكام رمى الجمار
  • حكم تاخير رمي الجمار الثلاث
  • خطة بحث أحكام الرمي قبل الزوال
  • مقالات أيام التشريق 2017
السابق
محلول كلوريد الالومينيوم
التالي
اسم اول درس في اللغة الفرنسية اولي ثانوي