افضل مواضيع جميلة بالصور

اسباب الاختلاف بين المالكية والاباضية

 

تقرير مختصر عن زيارة الدكتور تواتي بن مبارك بن التواتي الى مدينة غرداية
يوم الجمعة 26 ربيع الاول 1431 ه الموافق ل 12 مارس 2024 م
بناء على دعوة كريمة من مجلس الاعيان المزابيين الاباضية لبلدة غرداية قام الدكتور تواتي بن مبارك بن التواتي بزيارة مدينة غرداية يوم الجمعة 26 ربيع الاول 1431 ه الموافق ل 12 مارس 2024 م، وقد نشط الدكتور ندوة علمية في المساء رفقة الدكتور مصطفى بن صالح باجو والاستاذ موسى بن ابراهيم كبش بمكتبة الغفران بحضور جمع من الائمة والاساتذة والاعيان، ثم ندوة ثانية بين المغرب والعشاء في مسجد الغفران حضرها اضافة الى الائمة والاعيان بعض النواب والمسؤولين المحليين وكذلك جمع غفير من اهل المنطقة من الاباضية والمالكية من بلدية غرداية والبلديات المجاورة.

وقد عرض فضيلة الدكتور الكتاب الذي الفه وصدر مؤخرا وهو كتاب قيم في الفقه المقارن اجرى فيه دراسة تقابلية بين المذهب الاباضي والمالكي في الاصول والفروع، استخلص فيه ان المذهبين المتجاورين في الجزائر ينهلان من اصل واحد وهو الكتاب والسنة، اما الاختلافات الموجودة بين المذهبين فهي اختلافات في الفروع توجد حتى بين اتباع المذهب الواحد، واثبت ان نقاط الاختلاف قليلة جدا، وان نقاط الوفاق كثيرة وكثيرة جدا. وقال ان الدافع الاول الذي دفعه الى تاليف الكاتب هو انه يريد ان يؤدي رسالة، رسالة جمع هذه الامة، جمعها على التقوى، وعلى المحبة والمودة، وان الاختلاف قد وقع حتى في وقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
وفند الدكتور ما ورد في جريدة الشروق واكد ان هذه الندوة العلمية ليست مناظرة فكرية بين طرفين يريد كل منهما ان يقنع الاخر بل هي ندوة فقهية يراد منها اظهار نقاط الاتفاق الكثيرة الموجودة بين المذاهب الاسلامية وان الاختلاف الفقهي موجود بين كل المذاهب.
كما كانت للدكتور زيارة الى مسجد الاصلاح بالتوزوز ودار القرءان ببلغنم.
وقد تم تكريم الدكتور بهذه المناسبة وقدمت له هدايا وكتب تقديرا له على مجهوداته في التقريب بين المذهبين الاباضي والمالكي وعلى سعيه الدؤوب لنشر فكر التسامح والاخوة في الله بين افراد المجتمع الجزائري.
وقد استحسن الجميع هذه المبادرة الحسنة وشكر القائمين عليها والتي لا شك انها قد تركت انطباعا جيدا في النفوس لدى الراي العام والخاص.
وفيما يلي النص المكتوب للندوة العلمية.
التاريخ: الجمعة، 26 ربيع الاول 1431ه / 12 مارس 2024م.
عنوان الندوة: مقارنة بين المذهبين الاباضي والمالكي في الاصول والفروع.
الاستاذان المشاركان: الدكتور التواتي بن مبارك ابن التواتي، والدكتور مصطفى بن صالح باجو.
افتتح اللقاء بكلمة ترحيبية، من طرف رئيس قسم الدعوة والارشاد بمسجد الغفران، الاستاذ موسى بن ابراهيم كبش، وجاء فها ما يلي:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين، سيدنا وحبيبنا وقدوتنا، محمد بن عبد الله، عليه ازكى الصلاة والتسليم، وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين.
اخوة الايمان، عمار مسجد الرحمن: تعالى وبركاته، في يومنا هذا المبارك، يوم الجمعة، السادس والعشرين من شهر ربيع الاول من السنة الواحدة والثلاثين بعد الاربعمائة والالف لهجرة الحبيب المصطفى، الموافق للثاني عشر من شهر مارس من السنة العاشرة بعد الالفية الثانية من ميلاد المسيح عليه السلام، وفي مسجد الغفران سيكون لنا لقاء مبارك طيب، ندوة فقهية علمية مباركة، بحضور هذه الوجوه النيرة الكريمة، نرحب بجميع الوافدين الينا من ربوع هذا الوطن الكريم، بداية من المسؤولين الذين وفدوا الينا، قد نخص بالذكر ترحيبا بالدكتور ابو بكر صالح عضو مجلس الامة، وكذلك السيد الكريم الطاهر خليل مدير التربية بولاية غرداية، ونرحب كذلك بالسيد رئيس المجلس الشعبي البلدي لغرداية السيد هرويني محمد، ثم بجميع الاعيان والائمة الوافدين الينا من جميع مساجد غرداية، من الاخوة المالكية، والاباضية، ثم بكل الحضور الكريم .
يقول سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير )[سورة الحجرات: 13]، تجسيدا لهذه الاية الكريمة، وتحقيقا لمبدا الاخوة بين المسلمين، فلقاؤنا اليوم لقاء مبارك بحضور شيخنا الكريم، وهذا الشيخ الوقور، وهو شاب الشيوخ، وشيخ الشباب، الا وهو التواتي بن مبارك التواتي، والى جانبه الدكتور مصطفى بن صالح باجو، ولقاء اليوم مبارك لهذا الانتاج الفكري الكريم، وهو عنوان كتاب سيكون ان شاء الله عنوان الندوة كذلك، وعنوان الكتاب الذي صدر مؤخرا لاستاذنا الكريم، هو كتاب الفقه المقارن: ” الفقه المالكي والفقه الاباضي، دراسة تقابلية بين المذهبين من حيث الاصول والفروع” في جزاين، ولا باس ايها الاخوة ودون اطالة يمكن ام اعرف بالدكتورين، ثم اترك المجال لتوضح كثير من النقاط التي نود جميعا ان نستشفها، وان نفهمها، من خلال هذه الندوة.
فالدكتور الشيخ: التواتي بن مبارك ابن التواتي، من مواليد 1943م بالاغواط، ينتمي الى عائلة عريقة محافظة من اتباع الزاوية الرحمانية التي حظيت بالسلطة الروحية والادبية، ونالت الاحترام والتقدير والمكانة في نفوس اهالي الاغواط وما جاورها، حفظ القران في نفس الزاوية، على يد مدرسيها ومشايخها، ثم انتسب الى المدرسة الاهلية الفرنسية، فيها اخذ مبادئ اللغة الفرنسية وتدرج في مستوياتها، التحق بصفوف المجاهدين ابان الثورة التحريرية، ملبيا لنداء الوطن، تاركا مقاعد الدراسة بالولاية السادسة، وذلك منذ سنة 1960م الى الاستقلال، تتلمذ في صفوف مدرسة الشبيبة التابعة لجمعية العلماء المسلمين، كان شغوفا بالعلم ، مما دفعه الى الاستزادة منه، فكان كما اسلفت شاب الشيوخ، وشيخ الشباب، بحيث نال درجة اللسانس في الحقوق والاداب من جامعة الجزائر بعد الاستقلال، تدرج في اطوار التعليم من الابتدائي الى الجامعي ما يقرب من ست وثلاثين سنة، قضى منها حوالي عشرين سنة في الجامعة مدرسا ومشرفا على عدة رسائل جامعية، وذلك بجامعة عمار الثليجي بالاغواط، تقاعد عن التدريس، ومع ذلك زاول التدريس فيها بعد تقاعده، سنة 1998م، وفي سنة 2000م حصل على شهادة الماجستير حول بحث في النحو واصوله، عنوانه: “الاخفش الاوسط واراؤه النحوية” وفي سنة 2004م نال شهادة الدكتوراه في القراءات، عنوانها: ” القراءات واثارها في النحو العربي، والفقه الاسلامي” وله انتاج فكري غزير وموسوعي في الجانبين؛ النحوي واللغوي، وكذلك الجانب الفقهي، فله اكثر من خمسة عشر عنوانا، منها ثمانية مطبوعة.
ولا باس ان نعرج الان الى الدكتور مصطفى بن صالح باجو، هو من مواليد 18 اوت 1964م بغرداية، تتلمذ وتخرج في مدرسة ومعهد الحياة بالقراراة، سنة 1983م، وكان حافظا ومستظهرا للقران، منذ سنة 1977م، ثم التحق بجامعة المدينة المنورة سنة 1983م، ثم في سنة 1988م حاز على شهادة الليسانس في العلوم الاسلامية، اصول الفقه، ثم الماجستير سنة 1993م، ثم الدكتوراه سنة 1999م، وهو استاذ بالجامعة منذ سنة 1993م، ومشرف على العديد من الرسائل الجامعية ماجستير ودكتوراه، وهو استاذ الى يومنا هذا، وكذلك له نتاج فكري، وساهم في انتاجات فكرية منها: معجم الاعلام الاباضية، ومعجم مصطلحات الفقه الاباضي، ومن مؤلفاته، منهج الاجتهاد عند الاباضية، وابو يعقوب الورجلاني اصوليا.
اذن فهذان الدكتوران، لنا معهما هذا اللقاء المبارك ان شاء الله حول هذا الموضوع، الذي لفت انتباه الكثيرين، فما هي الجوامع التي تجمع فقهيا واصوليا بين هذين المذهبين المتجاورين؟ وهما المذهب المالكي والمذهب الاباضي..، فاترك للاستاذ الدكتور الكلمة للحوار والمناقشة.
د. مصطفى بن صالح باجو:
، الحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على اشرف المرسلين، وعلى اله وصحبه اجمعين.
ايها الحضور الكرام، من مختلف المسؤوليات والمستويات، سلام الله عليكم جميعا، ورحمة منه وبركات.
سعداء جدا ان يجمعنا هذا الصعيد، في هذا البيت العامر من بيوت الله سبحانه وتعالى، وقلوبنا طافحة بالبشر، ووجوهنا مشرئبة الى ما يجمع الكلمة ويوحد الصف، ونكون به كما امرنا الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)[ال عمران: 103]. (ان هذه امتكم امة واحدة)[الانبياء: 92]. السبب الذي يسره الله تعالى ليكون هذا اللقاء، هو هذا النتاج العلمي المتميز الذي نفحنا به شيخنا واستاذنا، الدكتور التواتي ابن التواتي، في هذا الكتاب الذي ذكره المقدم، اردت بين يدي الموضوع، ان الج بتوطئة حول اهمية هذا الموضوع وبيان او التاكيد على حقيقة لا تخفى على مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، وهي ان هذا الدين اخر الديانات السماوية، ختم الله تعالى به الرسالات، واختاره دينا للبشرية كلها، وحقق لها به سعادة في الدارين جميعا، وحوى نظاما تشريعيا امتاز بصفات ثلاث، هي انه اكمل، واشمل، واعدل منظومة تشريعية عرفتها البشرية، هذا النظام الشامل، تجلى في مجال الفقه واصوله، والفقه بيان لاحكام الانسان في علاقته بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته باخيه الانسان، في مختلف الدوائر المنداحة، من الحياة الخاصة الى الدائرة البشرية الشاملة.
الفقه الاسلامي اوسع ما كتب فيه علماء الاسلام، من حيث الكم، بل يمكن ان نقول ان حضارتنا حضارة فقه قامت على تبين معالم النص المقدس؛ الوحي الذي جاء على لسان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في القران والسنة، واجتهد علماء الاسلام ان يبينوا هذه الاحكام ويؤصلوها.
وكانت المدارس الفقهية، لونا من الوان الثراء والتميز، الذي عرفت به هذه الشريعة، وليس الاختلاف بين الاراء بدعة، او وليد هذا العصر، بل كان منشؤه يوم كان الصحابة يدرجون ويتعلمون وياخذون الدين على يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يمكن ان تكون البداية او نشير الى البداية في واقعة بني قريظة، بعد غزوة الاحزاب، عندما اعلن النبي (صلى الله عليه وسلم) في الصحابة قائلا: (الا لا يصلين احد منكم العصر الا في بني قريظة)، فاختلف الصحابة في تطبيق الحكم، منهم من صلى في الطريق، ومنهم من صلى بعد خروج الوقت عندما وصل الى بني قريظة، وكل قد استهدف معنا فهمه من النص، الفريق الاول: فهم حرفية النص ان يصلي في بني قريظة، والثاني فهم غاية النص، وهو الاسراع في المسير، وقد حقق الهدف عندما بلغ الخبر النبي اقر الجميع، ولم يخطئ احدا.
من هنا نشا الخلاف بين الصحابة، ثم كانت دائرته تتسع، الى ان اثمر هذه الثروة الفكرية الفقهية الغنية التي نفخر بها امام العالم كله.
هذه المذاهب كانت اذن، وجها وتجليا لهذه الميزة التي تميز بها الاسلام، انه صالح للزمان والمكان، مهما اختلفت البيئات، والمجتمعات، والمستويات، والحضارات.
هذا الكتاب الذي بين ايدينا يريد ان يضع النقاط على الحروف، ويجلي الغشاوة التي رانت على كثير من الانظار، والفهم الخاطئ الذي يتبناه كثير من القاصرين، وبعض المغرضين، في المجتمع الاسلامي، فاتخذوا من الخلافات الفقهية قنابل موقوتة، يفجرونها بين الحين والاخر، كي يهدموا اساس هذه الامة، ويحطموا بنيانها على الرؤوس، جاء الكتاب ليجلي هذه الحقيقة، ويمكن ان نرسم معالم هذا الكتاب في هذه النقاط:
–>هدف الكتاب ليس التاريخ للفرق الاسلامية، بل لخدمة الفقه الاسلامي عموما، وفقه المذهبين خصوصا.
–>اتسم بوضوح الرؤية وهي تقريب وجهات النظر الفقهي، وبث روح التسامح والمودة بين الفريقين.
–>سعى الى ابراز هذه الروح التوحيدية في جهد يقرب ولا يبعد، ويبني على كليات الجمع، وعلى المبادئ المشتركة بين المذهبين، وهي الاصل الراسخ، والجانب الغالب.
–>اعرض عن مسائل الجدل المتعلقة بعالم الغيب مما لا اثر له على سلوك الفرد، بل قد يكون له اثر سلبي على علاقة المسلم باخيه.
–>نبه الى ان الخطا في ضبابية الرؤية لدى الطرفين سببه اخذ الاخوة الاباضية الفقه المالكي من عوام المالكية، واخذ الاخوة المالكية الفقه الاباضي من عوام الاباضية وما هكذا يا سعد تورد الابل
–>نعى على اهل العلم ترك ميدان الفقه للعوام يسيمون فيه، ويبذرون شوك الفرقة بين ابناء الامة الواحدة.
–>بادر بتدارك الامر، ودخل الميدان فوضع النقاط على الحروف فيما يدعى من الخلاف الكبير بين المذهبين.
–>ثم النتيجة، انه اثبت الكتاب بالمقارنة ان نقاط الاختلاف قليلة جدا، وان نقاط الوفاق كثيرة وكثيرة جدا.
–>ارجع التوافق الشامل، والاتفاق الغالب بين المذهبين الى وحدة المصدر التشريعي، فكلاهما ينهل من الكتاب والسنة.
–>ذكر افتراق المسلمين ونشاة الخوارج، وبراءة الاباضية من تهمة الخوارج وانهم ينتسبون الى الامام جابر بن زيد، واورد ما قاله العلماء فيه ثناء وبيانا لمقامه، ورسوخ قدمه في علم الشريعة؛ تفسيرا وفقها وحديثا.
–>رد افتراءات بعض المؤلفين على الاباضية، مثل تفسير ابن ابي حاتم في بعض الايات القرانية.
–>ذكر توافق الاباضية والمالكية في قضايا العقيدة الاساسية، وايضا في الايمان بالقضاء والقدر، واثبات عذاب القبر ونعيمه.
–>فند ما يشاع عن الاباضية من التكفير، وبين انه نوعان: كفر دون كفر كما هو مبين في مسند الامام البخاري، ويسميه الاباضية كفر نعمة، وهذا الذي استغله البعض لاتهام الاباضية بانهم يكفرون المسلمين.
–>اشاد باهتمام الاباضية بالعلم، وبتشجيعهم العلماء قديما وحديثا، منذ عهد الرستميين، واورد قصصا واقعية من تاريخ نفوسة وائمة الاباضية في هذا المجال.
–>انصف تاريخ الرستميين بما عرف عنه من تامين الحريات الفكرية، ووجود المذاهب والفرق في ظل هذا الحكم، وان المناظرات كانت تجري في المساجد تحت رعاية الائمة، في ظل الاحترام المتبادل بين مختلف المذاهب.
هذه بعض المميزات التي يراه الدارس في هذا الكتاب، هناك طبعا كلام طويل حول قضايا الاصول والفقه التي اوردها، وكلها تجسد هذه الحقيقة، وهي ان مصادر الاجتهاد واصول التشريع لدى المذهبين واحدة ليس بينها فروق، كلها تعتمد الكتاب والسنة ولاجماع والقياس، والمصادر الاخرى من المصالح، وسد الذرائع، وغيرها مما هو معروف في علم اصول الفقه، واراد ان يبين بالتفصيل، او بالبيان التفصيلي الشافي في مختلف مسائل الفقه، ان هذا الاختلاف ليس ولن يكون يوما داعيا او مبررا او مسوغا لما يشهده واقع المسلمين بين المذاهب وبين الاباضية والمالكية تحديدا في هذا الوطن العزيز، من بعض المناوشات، او سوء الظن، او النظرة القاتمة هذا تجاه الاخر، هذا مما ترفضه النصوص القطعية في كتاب الله وسنة رسوله، وما تفنده التفاصيل التي تضمنتها كتب الفقه في مختلف ابوابه، التي فصلها في كتابه.
اذن هذه مقدمة لنتحاور مع استاذنا في رسالة الكتاب، والغاية التي يهدف اليها، ثم في بيان الاجراءات العملية، لاعادة المياه الى مجاريها، وراب الصدع، وتحقيق وحدة الكلمة في امة التوحيد، فليتفضل مشكورا.
كلمة الدكتور: التواتي ابن التواتي.
، وبه نستعين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين، وعلى اله وصحبه ومن والاه، وتبعهم باحسان الى يوم الدين، اللهم يسر واعن.
ايها السادة، ايها الوجوه الكريمة، يا من انحتم بفناء الله، ضيوفا على الله سبحانه وتعالى، راجين رحمته، طالبين غفرانه، نسال الله سبحانه وتعالى ان يتقبل منكم دعاءكم وصلاتكم، وسعيكم الحثيث في فعل الخيرات ان شاء الله تعالى ولا تبخلوا على ام محمد (صلى الله عليه وسلم) بوحدة كلمتها، وجمع صفوفها، لانها مستهدفة في هذا العصر.
بالنسبة لما اقوله عن كتابي فقد قاله الدكتور مصطفى زاده الله تعالى صفاء ونقاء وطهارة، وعلما ان شاء الله تعالى.
لكن اشير واصحح بالنسبة لما ذكره الاخ الكريم، اريد ان يصححها، وهي انني التحقت بالولاية الرابعة وليس بالولاية السادسة، وذلك سنة 1960م.
وبالنسبة لما ذكر في المقدمة ان هناك دوافع دفعتني الى تاليف هذا الكتاب، والدافع الاول: اريد ان اؤدي رسالة، رسالة جمع هذه الامة، جمعها على التقوى، وعلى المحبة والمودة، وان الاختلاف قد وقع حتى في وقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قد اختلفوا في القراءة، فهذا قرا بقراءة، وذاك قرا بقراءة، وكذا وقع الخلاف في عهد الصحابة، عندما كان جيش الاسلام في غزواته، وفي فتحاته، فجند العراق قرا بقراءة وجند الشام قرا بقراءة، وكادت الصفوف ان..، ولكن هناك من الصحابة من لجا الى سيدنا عثمان، وقال له: تدارك هذه الامة، فكان المصحف الامام.
اذن فالاختلاف رحمة، وليس محنة، واذا رجعنا الى عهود بعد ذلك، نجد ان الامام مالك (رضي الله تعالى عنه) وعلى جميع ائمتنا على انه ذكر عندما قال له احد خلفاء بني العباس: علق الموطا على الكعبة، واحمل الناس عليه حملا، فقال ناشدتك الله لا تفعل، فان اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد تفرقوا في البلاد، وكل مصيب في نفسه.
وفي رواية اخرى، ناشدتك الله لا تفعل، فان اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تفرقوا، وللناس فهوم.
ولعل اذا بحثنا هذا الامر في قضية فهوم، ان الفهم يختلف في الشخص نفسه، اليوم تقرا تفهم شيئا، وغدا تقرا تفهم شيئا اخر..، اذن، فمادام النص الذي نعتمده جميعا هو واحد، فلا ضير في اختلاف الفهم، لان هذا اذا كان الانسان متمكن من الادوات التي تؤهله للنظر في النصوص المقدسة، واستنباط الاحكام منها، فلا ضير ان يختلف هذا مع هذا، وقد اختلف ائمتنا، واختلف الصحابة كما ذكر اخي الكريم وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، فهو رحمة.
لا زال يعتقد عندنا كثير من الناس اعتقادا خاطئا، على ان الاباضية خوارج، وهذا خطا..! انا لا اجامل احدا، وانما اذكر الحقيقة، وهاكم النص: (ان ابا عبيدة رحمه الله تعالى عندما خلف جابر بن زيد في الامامة، قيل له ان القوم احدثوا قولا، قال اتركوهم حتى يترجموا مقالتهم الى فعلة، فجيء اليه بعد ذلك، قالوا له: ان القوم قد ترجموا قولهم الى فعل واستباحوا دماء المسلمين وقتلهم، قال: الان نحكم فيهم امر الله، فتتبع فضولهم، وطردهم من حلقته، وكفرهم..، فان الاباضية يكفرون الخوارج، كيف تقول ان الاباضية خوارج، وهم يكفرون الخوارج؟ ايصح في اذهان الناس على ان الانسان يكفر الناس وهو كافر؟ ايكفر نفسه؟
وهذا الامر اذكر له بيتا كشاهد قال:
لا يصح شيء في الاذهان * * * اذا احتاج النهار الى دليل
اذن فهذا امر واضح، والنص واضح، وان الاباضية قد طاردوا الخوارج، واخرجوهم من حلقتهم، واعتمدت على نصوص صحيحة، وقد ذكرتها.
اما قضية الخلاف الفقهي، فهناك خلاف فقهي حسب قدرات الناس في التخريج والاستنباط، هناك اختلاف وهمي، وهاكم البيان ارجو ان تعودوا الى هذه الكتب يقول الشيخ الجيطالي في كتابه قواعد الاسلام، وهو اباضي، في قضية الطهارة، (والافضل الجمع بين الماء والحجر) في الجزء الاول من الكتاب ويقول النفراوي المالكي من فقهائنا، (والجمع بين الماء والحجر افضل)، ناشدتكم الله ايها السادة، هل هناك فرق؟ الفرق الموجود، هو ان الفقيه الاباضي جعل “افضل” في الاول، والقفيه المالكي جعل “افضل” في الاخير..، هذا هو الفرق، وقد سالت احدهم في بيت هذا الفاضل و قد اشار الى شخص جالس امامه قلت له: هل انتم اباضية حقا؟ وقلت للمالكية: هل انتم مالكية حقا؟ ليس هنا مالكي يتتبع اثر الفقه المالكي، وليس هناك اباضي يطبق الفقه الاباضي كما هو! لاننا اذا رجعنا الى هذه الفروع، لما نشات عداوة بيننا على الاطلاق، ومن قرا عرف، اعتمدت في كتابي هذا، جعلت في الفصل الاول، العناية بالاصول، فوجدت ان المالكية، استسمحكم، استسمحكم في القرطبي، في الاية التي كنت تلوتها، (واذا لقوكم قالوا امنا واذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ)[ال عمران: 119]. هذه الاية، لا اذكر ما قاله فيها، وانما اذكر في الهامش؛ في القرطبي، في تفسير هذه الاية، يقول: ( وليسوا بخوارج)، اذن هذا القول قديم، وافند القول الذي قاله، ولكن لا باس اذكره لكم، في القرطبي، وفي الطبري، وفي تفسير ابي حاتم، وفي تفسير اللباب بن عادل، وفي التفاسير كلها، قالوا ان هذه الاية نزلت في حق الاباضية، ولما زارني الدكتور قسوم في بيتي، في رمضان المنصرم، ما قبل هذا، مع الدكتور الهادي الحسني، ذكرت لهم الواقعة، فتعجبا، فقالا اصحيح هذا؟ قلت لهم: لا اله الا الله محمد رسول الله، عودوا الى التفاسير.
ناشدتكم الله، هل الاباضية كان لهم وجود في زمن نزول القران الكريم؟ هل الاباضية كان لهم وجود في زمن وجود ابي بكر (رضي الله عنه) بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، على فرض ان قرانا نزل على سيدنا ابي بكر (رضي الله عنه)، على فرض لا اله الا الله محمد رسول الله!! في تحقيق هذه الاية، قال الذي حقق كتاب جامع الاحكام للقرطبي، قال: (وهذا تقول)، ولا ننسى ان هناك قضايا مدسوسة في تفاسيرنا، ما قالها ائمتنا.
قلت: اني بدات في كتابي هذا، اعتمدت الاصول، وقارنت بين الاصول المعتمدة، فوجدت ان الاصول التي يعتمدها المالكية والاباضية، هي كما يلي:
كتاب الله، والقراءات الصادرة، لان القران والقراءات هما امران متغايران، وكلاهما وحي من رب العالمين، لان القران هو الكتاب المنزل، هي كيفية اداء هذا القران المنزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، واختلف الاداء من قبيلة الى اخرى، والقران نزل كما قال محمد (صلى الله عليه وسلم): (نزل على سبعة احرف، كلها شاف، كاف)، هكذا قال الرسول (صلى الله عليه وسلم).
بعد ذلك انتقلت الى السنة، وجدت ان المذهب المالكي، والمذهب الاباضي، كلاهما يعتمد على سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، بل، واقولها وانا مطمئن متاكد مما اقول: وجدت الاباضية اكثر اعتمادا، خاصة في خبر الاحاد، وبالنسبة للاستصحاب، بالنسبة للاجماع، بالنسبة لكل المدارك المعتمدة في المذاهب السنية، هي المدارك المعتمدة عند الاباضية.
نختلف معهم في شيء واحد، وهذا الامر نختلف فيه مع الشافعية، ونختلف فيه مع الحنابلة، ونختلف فيه مع الاحناف، وهو قضية عمل اهل المدينة، مع ان الامام المازني، والقاضي عبد الوهاب، والابهري، ذكروا ان عمل اهل المدينة، ينقسم الى قسمين: اما فيما يخص العبادات، فهو يعتبر عندنا حديث متواتر، ولعل المناظرة التي حدثت مع ابي يوسف، ومع الامام مالك، الثابت هو هذا، قالوا: انها مع ابي حنيفة مع..، ولكن مع ابي يوسف، في قضية الصاع، فاقنعه، هذه كانت مناظرة، وهذه التي بين ايدينا الان ليست مناظرة كما اتطرق لها في ختام كلامي، على كل، فانني ذكرت في هذا الكتاب، قلت فانني وصلت الى قناعة، ان المذهب الاباضي، هو مذهب سني، يعتمد في تخريج مسائله على المدارك الشرعية المعتمدة لدى سائر المذاهب، وعلى من قال غير ذلك فليات بما عنده، وقلت: والحمد لله الذي وفقني الى هذا العمل الجامع لكلمة امتنا، والكابح لاقوال المبطلين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين، ورحم الله فقهاءنا من المذهبين، ونسال الله العلي العظيم، ان يجازيهم عنا خير الجزاء يوم الدين، يوم لا ينفع مال ولا بنون.
ايها السادة:
ان هدفي ليس هو ارضاء جماعة، لا مالكية، ولا اباضية، وانما رايت الحق فانتهجته، ورايت ان امتنا مستهدفة من اعدائها، واخطر مكمن تستهدف منه، هو تفريق الصفوف، واشاعة الطائفية، وان نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) قال: (تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا الطريق بعدي ابدا؛ كتاب الله وسنتي).
اللهم اجعلنا من الذين يتمسكون بكتاب الله، والمستضيئين، والمقتبسين، من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فاذا اختلفنا في الفهوم، فالامر بسيط. والحمد لله رب العالمين.
لكن، لماذا نركز..، لما صدر الكتاب اتاني احد، قال لي: الاباضية لا يؤمنون بعذاب القبر، قلت له طيب، لا يؤمنون بعذاب القبر! انت تؤمن بعذاب القبر؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يكذب؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يغش؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يغتب؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر ياكل الربا؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يحسد؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يضمر الحقد والكراهية لمن قال اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله..؟
اذن كما ذكرت سالفا على اني قلت: لا مالكية يتمذهبون حقا بالمذهب المالكي، وانما هناك اراء خارقة، وعداوة كامنة في قلوبنا والعياذ بالله نشئنا عليها، وربينا عليها، فهي التي تتحكم فينا واصبحنا نجعل من الفقه المالكي، او من الفقه الاباضي، نجعل منه غطاء، ونقول هذا عدوي وهذا كذا، وهذا كذا..! الا نستحي من انفسنا عندما نقف، وقد نجد نبينا محمدا (صلى الله عليه وسلم) عند الحوض فيتبرا منا؟ نسال الله الحفظ والسلامة، تفضل سيدي اذا كان هناك سؤال اخر.
د. مصطفى باجو: شكرا استاذنا على هذا التوضيح، والبيان الوافي، الشافي، الكافي في بيان اسباب هذه العلة التي يعيشها المسلمون، وهي التشرذم والتفرق، هناك اسئلة كثيرة حول هذا الموضوع، من ذلك، ما هي اسباب الجفوة بين المذاهب؟ وما تقولون في من يتخذ الكتابات الفقهية، او المصادر القديمة وسيلة لتجديد هذا الصراع، يجد اراء فقهية، او اقوالا لبعض العلماء من مذاهب يتحدث عن مذهب اخر وينسب اليهم قولا، او خبرا، او حكما، وينشره من جديد بين الناس، ليحيي هذه الفتنة، كما يسمها البعض، “فتنة صفين في عصر الانترنت؟ ماذا تجيبون عمن يستغل هذه الكتب لهذا الهدف؟
د. التواتي ابن التواتي: استسمح سادتي، يذكرني قول الدكتور الفاضل، بكلام ذكره شيخي، الشيخ ابو بكر الحاج عيسى (رحمه الله تعالى) عندما راى بعد الاستقلال كتبا تستورد، قال: “فهذه هي الفتنة الكبرى!!” قيل له يا شيخ، هذه كتب فقه، وكذا، وكذا..، قال لا هذه فتنة، هذه تجعل الكثير ممن يقرا فتوتين فيقول: انا مفتي!!، ثم ان هناك غزوا واقولها عل منبر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وانا ها في بيت من بيوت هناك غزو ومحو للمذاهب، في هذه السنة ذهبت الى الحج، فموسم هذه السنة، جاءني رجل يبكي!! اسمعوا بارك الله فيكم، جاءني رجل يبكي، وقال كاني اتيت الى هنا لاطلق زوجة ابن عمي، قلت: افصح، قال لي: انا ذهبت الى فرنسا منذ قبل الاستقلال، بل قبل الثورة، فينا من نجح، وفينا من خاب وخسر! وفينا من عاد الى الوطن، قال: انا من الذين نجحوا في عملهم، واصبع عندي تجارة، واصبح عندي معامل، الخ..، وهناك من الجزائريين، من بلادي، ون قريتي من نجحوا، فذكرتهم، قلت لهم: اتينا الى فرنسا اناس لا حول لنا ولا قوة، ثم فتح الله سبحانه وتعالى علينا، ونلنا ما نلنا، والحمد لله رب العالمين..، افلا نتذكر الله سبحانه وتعالى ؟ اصبح يدعو لله سبحانه وتعالى نذكر الله الذي فتح علينا ونجحنا الحمد لله رب العالمين، وكان له ابن عم فقال له: يا فلان، الا تذهب الى الحج هذه السنة؟ قال له: انا تارك صلاة، وهاهي الزوجة اصطحبها معك، اخذ المراة، واتى بها الى الحج، فالمراة ذهبت، عوض ان تسال مناسك الحج، سالت عن ان زوجها تارك صلاة! وهذا ما يذكرنا بالفتوى التي تقوض..! فافتي لها بان هذا العقد باطل، ليس عقدا صحيحا!! فالمراة كانت عجوزا طاعنة في السن، قالت له: كيف يكون هذا عقد غير صحيح؟ فانا عندي اولاد! وعندي بنات! وعندي بنت بنتي على وشك وضع الحمل! قال لها: ما هم اولاد شرعيين! وما هم اولاد شرعيين! فالمراة عوض ان تفكر في الحج، اصبحت تفكر في طلاقها من زوجها! فجعل الرجل يبكي، فقلت: ائتني بها، فاتى بها مع زوجته، فسالت المراة، فقصت علي الخبر كما هو، فقلت لها: من اعطاك المال للحج؟ قال لي: زوجي، وماذا قال لك زوجك؟ قالت قال لي اذهبي الى الحج، وعندما اعطاك المال ماذا قال لك؟ قال: لا تنسيني بالدعاء، ولما هممت بالركوب الى الحج ماذا قال لك؟ قالت: قال بلغي سلامي الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)! قلت لها: الكافر يعطيك المال لتحجي؟ الكافر يقول لك لا تنسيني بالدعاء؟ الكافر يقول لك سلمي على الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فدار بيني وبينها حديث، فتلكم هي الفتاوى التي تاتينا من هناك، واذكر ان احد تلامذتي وهو موجود والحمد لله رب العالمين يقرا القران على القراءات العشر، وتتلمذ على احد الشاميين من سوريا، فقال له: ‘ذا ذهبت الى وطنك الجزائر، فاعتمد قراءة ورش، لان القوم هناك في الحجاز يريدون القضاء على قراءة ورش، كما قضوا على قراءة ابن عامر التي كانت سائدة في الشام، ونحن نؤمن بكل القراءات والحمد لله رب العالمين فعندما نعمر مساجدنا بالفقه الصحيح، بالفقه النابع من النصوص، ومن اقوال سادتنا وعظمائنا، واني نسيت ان اذكر لكم في الندوة التي قمت بها منذ حين مع اعيان البلدة فنسيت كتاب الوضع للجناوني، فهذا الكتاب لما وضعته بين يدي، وقراته على ولدي هذا، قال لي: اين الخلاف، نسال الله ان يثبتنا، وان يفتح علينا ‘ن شاء الله، اذا وفقت فيما ندبت اليه نفسي، فالفضل من الله سبحانه وتعالى واذا اخفقت، واخطات، فاسال الله العلي العظيم ان يغفر لي زلتي، وادعوا لي بالغفران جزاكم الله خيرا.
د. مصطفى باجو: الحديث ذو شجون، والاذان قد اذن، والعرب قديما قالت: الليل طويل وانت مقمر، لست ادري، معي اكثر من عشرين سؤالا، وساختار بالحظ، سؤال حول دور الكتاب، المسجد، الصحافة، في علاج مشكل الصراع المذهبي، او تازيمه؟
د. التواتي ابن التواتي: ان جميع هذه الوسائل اذا خلصت النية، ورغبنا، وقصدنا رضا الله، وجمع كلمة امتنا، فالاعلام له دوره، وله اثره، والكتابة لها دورها، ولها اثرها، ولكن الاثر الاكبر، هو في ائمة المساجد، لان الناس يؤمون المساجد، وقد علقوا امانة، وهي الصلاة التي هي عماد الدين، علقوها في اعناق الائمة، فاذا احسن الائمة هذا الاداء، وتفقهوا حق الفقه، واذكرهم بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (من اراد الله به خيرا، فقهه في الدين)، وفي ندواتي للائمة اقول لهم، ان هذه النعمة التي انتم فيها، قد تكون نعمة، وقد تكون نقمة، هي نعمة اذا قمتم بالواجب، فعلمتم الناس، ونزعتم من اذهانهم هذا التوهم وهذه العداوة، لان الله سبحانه وتعالى قال: (ان هذه امتكم امة واحدة)[الانبياء: 92]، وحدنا قول، اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله، في مقتضياتها، اذا عملنا بمقتضى لا اله الا الله، لكن مثل الصراع الان، هو الصراع الوهمي، والعداوة التي نشات وانشاناها في قلوب ابنائنا، فما يحدث من بلاء وفتنة، فانه حصاد ما زرعنا، والعياذ بالله، نسال الله الحليم ان ينفعنا بما سمعنا، واستسمحكم اذا قلت للدكتور، ليكن سؤال او اثنين، لاني مسافر غدا ان شاء الله الى قسنطينة، وعندي لقاء هناك في ملتقى دولي، ارجو التخفيف، ونسال الله التخفيف.
د. مصطفى باجو: كل اجوبتكم تخفيف عنا، خفف الله عنكم ان شاء الله اخر سؤال اذن، ما دام طلب الشيخ هذا، ما تقييمكم لجهود التقريب المبذولة في العالم الاسلامي، في اكثر من صعيد، وبخاصة منظمة المؤتمر الاسلامي، ومجمع الفقه الاسلامي في جدة، ورابطة العالم الاسلامي، والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في طهران؟ هل ترونها ادت واجبا؟ قدمت؟ تركت الوضع على حاله؟ كلمة في التقويم، واخيرا، هل من خطة عمل لتحقيق هذا التقارب المذهبي، وازالة الجفوة، والصورة القاتمة عن المذاهب بعضها تجاه بعض؟ وشكرا.
د. التواتي ابن التواتي: سالتم عن بعض المجامع الفقهية، او منظمة المؤتمر..، هذه منظمات لا اتطرق لها، لان الرسالة التي وصلتني، تقول لا تتطرق لهذه القضايا، واحترم ما اشارت اليه جمعية الغفران، نتركها، هل ادت ام لم تؤدي؟ اظن الكل يعرف كيف يحكم عليها، واللبيب بالاشارة يفهم، اما قضية التقريب، هناك ملتقيات للتقريب، التي تقام بين جماعات، وتقيمه دولة ايران، وقد رايت في التلفزة؛ حضرها الاباضي، وحصرها المالكي، وحضرها الكل، التقريب الذي نريده نحن في ربوعنا، هو ان لا نترك احدا ياتي الينا ليفصل بيننا، التقريب الذي نريده، حتى اني لما قرات للذهبي في تفسيره، او دراسة التفسير، ذكر انه ليس للخوارج مجال في التفسير، ولا في التاليف، ففي هذا الكتاب، في المقدمة ذكرت ان للاباضية في الجزائر، في جنوبنا معاهد مفتوحة للمالكي والاباضي، وعلماء اجلاء يشار اليهم بالبنان، وعلماء قاموا بتفسير كتاب الله، من مالكية ومن اباضية، ولعل تفسير عبد الحميد ابن باديس الذي قضى فيه خمسا وعشرين سنة، وتفسير الشيخ بيوض الذي الان بصدد طبعه قضى فيه خمسا وعشرين سنة، فان هذا ينبئ على ان عندنا فرسانا، وعندنا علماء، اذا احسنا القراءة لما كتبوا، والتنبه للاثار التي خلفوا، لا شك اننا نصل الى المودة، ولا نسعى كما ذكرت لمن يجمع كلمتنا او يقربنا..! نقرب بعضنا من بعض بقلوب طاهرة نقية، بقول اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله.
الاستاذ موسى كبش: باسمكم ايها الاحبة، نشكر الدكتورين؛ د. التوتي بن مبارك ابن التواتي، ود. مصطفى بن صالح باجو، على هذه الندوة الطيبة والمهمة، والتي اكيد رفرفت بنا في مجال التسامح، الذي ينشده كل مؤمن غيور على دينه، ولا شك ايها الاحبة، ان لمثل هذه اللقاءات ما يريده الله سبحانه وتعالى من جمع كلمة المسلمين وتوحيدا، وخصوصا في هذا الزمن العاتي الذي نحن فيه، فبارك الله في شيخنا الكريم، وفي الدكتور مصطفى، ونرجو من الله سبحانه وتعالى ان تحقق هذه الاماني في مثل هذه الاعمال التي تجسد حقيقة روح المحبة التي يجب ان تكون بين المسلمين، ولعل فيما قاله الدكتور بارك الله فيه كما بين ان ذلك لوجه الله، لا مجاملة لاحد، ولا تملقا لاحد، وهذا شان الصالحين فبارك الله فيه
وباسمكم ايها الاحبة، نشكر كذلك كل الوافدين الينا، بداية من الشخصيات الوطنية، الاخوين عضوي المجلس الشعبي الوطني، ومجلس الامة، ورئيس بلدية غرداية كذلك، وجميع الاعيان، ورؤساء الهيئات، وكذلك نثني بالشكر للاذاعة المحلية والتي تسهم بقسط وفير في مثل هذا الميدان، الذي هو ميدان التقارب والتالف بين المسلمين، ثم لا ننسى جهود المخلصين، من مجلس الاعيان المزابيين الاباضية، الذين كان لهم، وهم جنود الخفاء، الذين سعوا ولا يزالون لتحقيق مثل هذه اللقاءات، فبارك الله في كل من اسهم، وساهم وحضر، وهذا الحضور الكثيف كذلك دليل على هذا الشعور، وكما ناخذ من كلام الدكتور، ما هي الا اوهام نسجها التاريخ، وغذاها الحقد الذي كان ربما لاعداء الاسلام دور كبير في تاجيجها، فلنزل تلك الاوهام، ولنذبها، بمثل هذه المنابر المنيرة، التي تجمع امثال هذه الوجوه النيرة، وهذه القلوب الطيبة، المؤمنة برب واحد، وبقران واحد، وبرسول واحد، وتتجه الى قبلة واحدة، وتسجد لرب واحد.
د. التواتي ابن التواتي: ورد في جريدة الشروق، ” مناظرة فكرية بين فلان، وفلان”، المناظرة، عند الاكاديميين، هو ان هناك فريقين، او رجل لديه فكرة، واخر لديه فكرة، ويريد ان يقنعه بفكرته، هذه مناظرة، فالقائل ذلك، اما عن جهل وكم في الجهل من ضرر!!؟ واما عن قناعة وهدف ما وقصد، فنسال الله ان يهديه للخير، لان هذه الوجوه النيرة، ما اتت هنا الا وانها مقتنعة بوحدة الصف، مقتنعة بجمع الكلمة، والفقه علم وليس فكر، لان الفكر قد يخطئ الانسان فيه، وقد يصيب، اما الفقه فهو علم ادق من الرياضيات، لانه مستنبط من مدارك شرعية، اجمع علماء الاسلام على انها هي المدارك..، نسال الله تعالى ان يجمع كلمتنا، وان يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة، وجزاكم الله عنا كل خير.
الاستاذ موسى كبش: والان يتقدم رئيس مجلس الاعيان المزابيين الاباضية، السيد الحاج ابراهيم جعدي، لتقديم هدية المجلس للدكتور التواتي ابن التواتي، ثم رئيس جمعية بناء وتسيير مسجد الغفران، السيد الحاج سعد الله بازين لتقديم هدية الجمعية.
بهذا ايها الاخوة، نحمد الله سبحانه وتعالى على ان يسر لنا هذه الفرصة، ونرجو منه تعالى، ان يتقبل كل من خطى الى هذا المسجد، وفي كل ربوع الوطن، خطوة للتقريب بين المسلمين.
واخر ما نختم به دعاء من فضيلة الاستاذ..، والحمد لله رب العالمين.
انقر هنا للاستماع او تنزيل الندوة.
اخر تحديث الثلاثاء, 30 مارس 2024 20:57
****************************************************
جريدة اخبار اليوم:
الاباضيون والمالكيون وجها لوجه
الاثنين, 29 مارس 2024 12:52
* ندوة مسجد الغفران بغرداية اثبتت عمق الوشائج بين المالكية والاباضية
احتضن مسجد الغفران بمدينة غرداية قبل ايم قليلة ندوة علمية، كان عنوانها “المذهبان الاباضي والمالكي، مقارنة في الاصول والفروع”، نشطها كل الدكتور تواتي بن مبارك بن التواتي من جامعة الاغواط، والدكتور مصطفى بن صالح باجو من جامعة الامير عبد القادر بقسنطينة، حضرها ائمة واعيان واساتذة، وبعض المنتخبين والمسؤولين والاطارات المحليين، وكذا جمع غفير من بلديات ولاية غرداية؛ من اباضية ومالكية. وحرصا منها على استجلاء بعض الحقائق تنشر “اخبار الاسبوع” ملخصا عن فحوى هذه الندوة القيمة، مع جزيل الشكر للاستاذ الشيخ نصر الدين بالحاج الذي تفضل بمتابعة شاملة للندوة التي وضعت الاباضيين والمالكيين وجها لوجه وبرهنت ان الاشقاء من اتباع المذهبين يترفعون عن الصغائر التي يحاول بعض “الخلاطين” ان يورطوا ابناء منطقة ميزاب الطيبة فيها.
الدكتور باجو يعود الى اصول “العداوة المزعومة” بين المذهبين
كيف يقولون ان الاباضية خوارج وهم يكفرون الخوارج؟!
بعد تلاوة قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). ال عمران: 103، (ان هذه امتكم امة واحدة). الانبياء: 92. استهل الدكتور باجو الندوة بتوطئة حول اهمية موضوعها، مذكرا بان الدين الاسلامي حوى نظاما تشريعيا امتاز بانه اكمل واعدل منظومة تشريعية عرفتها البشرية، ويتجلى هذا النظام الشامل في مجال الفقه واصوله، الذي يبين للانسان احكام علاقته بربه وبنفسه، وباخيه الانسان، مما جعل الفقه اوسع ما كتب فيه العلماء من حيث الكم، محاولين تبيين الاحكام الواردة في القران والسنة وتاصيلها، فكانت بذلك المدارس الفقهية لونا من الوان الثراء والتميز الذي عرفت به هذه الشريعة، فليس الاختلاف بين الاراء بدعة او وليد هذا العصر، بل كان منشؤه يوم كان الصحابة يدرجون ويتعلمون وياخذون الدين على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الى ان اثمر هذه الثروة الفكرية الفقهية الغنية التي نفخر بها امام العالم كله. فالمذاهب كانت وجها لهذه الميزة التي تميز بها الاسلام، فهو صالح للزمان والمكان مهما اختلفت البيئات والمجتمعات والمستويات والحضارات.
الدافع وراء تاليف الكتاب
بالنسبة للدافع الاول الذي دفعني الى تاليف الكتاب اني اريد ان اؤدي رسالة جمع هذه الامة على التقوى والمحبة والمودة، وان الاختلاف قد وقع حتى في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد اختلفوا في القراءة؛ فهذا قرا بقراءة، وذاك قرا بقراءة، وكذا وقع الخلاف في عهد الصحابة عندما كان جيش الاسلام في غزواته وفي فتوحاته، فجند العراق قرا بقراءة وجند الشام قرا بقراءة، وكادت الصفوف ان..، ولكن هناك من الصحابة من لجا الى سيدنا عثمان، وقال له: تدارك هذه الامة، فكان المصحف الامام.
اذن فالاختلاف رحمة وليس محنة، واذا رجعنا الى عهود بعد ذلك، نجد ان الامام مالك رضي الله عنه عندما قال له احد خلفاء بني العباس: علق الموطا على الكعبة واحمل الناس عليه حملا، فقال ناشدتك الله لا تفعل، فان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تفرقوا في البلاد، وكل مصيب في نفسه. وفي رواية اخرى: ناشدتك الله لا تفعل، فان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا، وللناس فهوم. ولعل اذا بحثنا هذا الامر في قضية فهوم، ان الفهم يختلف في الشخص نفسه، اليوم تقرا تفهم شيئا، وغدا تقرا تفهم شيئا اخر..، اذن، فمادام النص الذي نعتمده جميعا هو واحد، فلا ضير في اختلاف الفهم، لان هذا اذا كان الانسان متمكن من الادوات التي تؤهله للنظر في النصوص المقدسة، واستنباط الاحكام منها، فلا ضير ان يختلف هذا مع هذا، وقد اختلف ائمتنا، واختلف الصحابة، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، فهو رحمة.
هل الاباضية خوارج..؟
لا زال يعتقد عندنا كثير من الناس اعتقادا خاطئا، على ان الاباضية خوارج، وهذا خطا..! انا لا اجامل احدا، وانما اذكر الحقيقة، وهاكم النص: “ان ابا عبيدة عندما خلف جابر بن زيد في الامامة، قيل له ان القوم احدثوا قولا، قال اتركوهم حتى يترجموا مقالتهم الى فعلة، فجيء اليه بعد ذلك، قالوا له: ان القوم قد ترجموا قولهم الى فعل واستباحوا دماء المسلمين وقتلهم، قال: الان نحكم فيهم امر الله، فتتبع فضولهم وطردهم من حلقته وكفرهم، فان الاباضية يكفرون الخوارج، كيف تقول ان الاباضية خوارج وهم يكفرون الخوارج؟ ايصح في اذهان الناس على ان الانسان يكفر الناس وهو كافر؟ ايكفر نفسه؟ اذن، فهذا امر واضح والنص واضح، وان الاباضية قد طاردوا الخوارج، واخرجوهم من حلقتهم.
عن الخلاف الفقهي بين المالكية والاباضية
في قضية الخلاف الفقهي، هناك خلاف فقهي حسب قدرات الناس في التخريج والاستنباط، وهناك اختلاف وهمي، وكمثال: يقول الشيخ الجيطالي في كتابه قواعد الاسلام -وهو اباضي- في قضية الطهارة: “والافضل الجمع بين الماء والحجر”، في الجزء الاول من الكتاب، ويقول النفراوي المالكي من فقهائنا: “والجمع بين الماء والحجر افضل”. ناشدتكم الله ايها السادة هل هناك فرق؟ الفرق الموجود، هو ان الفقيه الاباضي جعل “افضل” في الاول، والقفيه المالكي جعل “افضل” في الاخير، هذا هو الفرق. لو ان الاباضية والمالكية رجعوا الى هذه الفروع، لما نشات عداوة بيننا على الاطلاق، ومن قرا عرف.
قضايا مدسوسة في كتب التفسير يجب الانتباه لها
اعتمدت في كتابي هذا، جعلت في الفصل الاول، العناية بالاصول، فوجدت ان القرطبي -وهو من المالكية- يقول في تفسير الاية (واذا لقوكم قالوا امنا واذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ). ال عمران: 119. ان الاية نزلت في حق الاباضية، ففندت ما قال القرطبي، وهو قول متكرر في تفسير الطبري، وفي تفسير ابي حاتم، وفي تفسير اللباب بن عادل، وفي التفاسير كلها. ولما زارني الدكتور قسوم في بيتي رمضان المنصرم مع الدكتور الهادي الحسني، ذكرت لهم الواقعة فتعجبا، فقالا اصحيح هذا؟ قلت لهم: هل الاباضية كان لهم وجود في زمن نزول القران الكريم؟ لننتبه، فهناك قضايا مدسوسة في تفاسيرنا ما قالها ائمتنا.
خلاصة المقارنة بين الاصول المعتمدة في المذهبين
قارنت بين الاصول المعتمدة في المذهبين فوجدت ان الاصول التي يعتمدها كل من المالكية والاباضية، هي كتاب الله، بعد ذلك انتقلت الى السنة وجدت ان المذهب المالكي والمذهب الاباضي كلاهما يعتمد على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل واقولها وانا مطمئن متاكد مما اقول: وصلت الى قناعة ان المذهب الاباضي هو مذهب سني، فكل المدارك الشرعية المعتمدة في المذاهب السنية وسائر المذاهب، هي المدارك المعتمدة عند الاباضية بالنسبة لخبر الاحاد، وبالنسبة للاستصحاب، بالنسبة للاجماع. نختلف معهم في شيء واحد، وهذا الامر نختلف فيه مع الشافعية، ونختلف فيه مع الحنابلة، ونختلف فيه مع الاحناف، وهو قضية عمل اهل المدينة.
حقيقة لمن يتوهم العداء بين المذهبين
لما صدر الكتاب اتاني احد قال لي: الاباضية لا يؤمنون بعذاب القبر. قلت له طيب، لا يؤمنون بعذاب القبر! انت تؤمن بعذاب القبر؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يكذب؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يغش؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يغتب؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر ياكل الربا؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يحسد؟ هل الذي يؤمن بعذاب القبر يضمر الحقد والكراهية لمن قال اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله..؟
وكما ذكرت سالفا: لا مالكية يتمذهبون حقا بالمذهب المالكي، وانما هناك اراء خارقة وعداوة كامنة في قلوبنا والعياذ بالله نشئنا وربينا عليها، فهي التي تتحكم فينا واصبحنا نجعل من الفقه المالكي او الاباضي غطاء، ونقول هذا عدوي وهذا كذا، وهذا كذا..! الا نستحي من انفسنا عندما نقف، وقد نجد نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم عند الحوض فيتبرا منا؟
الى الذين يتخذون الفقه وسيلة لتجديد الصراع
يذكر شيخي الشيخ ابو بكر الحاج عيسى عندما راى كتبا تستورد بعد الاستقلال، قال: “هذه هي الفتنة الكبرى!!” قيل له يا شيخ، هذه كتب فقه، وكذا، وكذا..، قال لا هذه فتنة، هذه تجعل الكثير ممن يقرا فتوتين، فيقول: انا مفتي!!، ثم ان هناك غزوا.
واقول ان هناك غزو ومحو للمذاهب، ففي هذه السنة ذهبت الى الحج، جاءني رجل يبكي، وقال: كاني اتيت الى هنا لاطلق زوجة ابن عمي، قلت: افصح، قال لي: انا ذهبت الى فرنسا من قبل الثورة، واصبح عندي اليوم تجارة ومعامل والحمد لله، فقلت لابن عمي الا نذهب الى الحج هذه السنة لنذكر الله الذي فتح علينا ونجحنا ونلنا ما نلنا، فقال لي ابن عمي: انا تارك صلاة، وهاهي الزوجة اصطحبها معك.
اخذ الرجل المراة واتى بها الى الحج، فالمراة سالت عن ان زوجها تارك صلاة..! فافتي لها المفتي هناك بان هذا العقد باطل، ليس عقدا صحيحا!!. فالمراة كانت عجوزا طاعنة في السن، قالت له: كيف يكون هذا عقد غير صحيح؟ فانا عندي اولاد! وعندي بنات! وعندي بنت بنتي على وشك وضع الحمل! قال لها: ما هم اولاد شرعيين!. فالمراة عوض ان تفكر في الحج، اصبحت تفكر في طلاقها من زوجها! فجعل الرجل يبكي، فقلت: ائتني بها، فاتى بها مع زوجته.
فسالت المراة، فقصت علي الخبر كما هو، فقلت لها: من اعطاك المال للحج؟ قالت لي: زوجي، وماذا قال لك زوجك؟ قالت: قال لي اذهبي الى الحج، وعندما اعطاك المال ماذا قال لك؟ قال: لا تنسيني بالدعاء، ولما هممت بالركوب الى الحج ماذا قال لك؟ قالت: قال بلغي سلامي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت لها: الكافر يعطيك المال لتحجي؟ الكافر يقول لك لا تنسيني بالدعاء؟ الكافر يقول لك سلمي على الرسول صلى الله عليه وسلم، فدار بيني وبينها حديث.
فتلكم هي الفتاوى التي تاتينا من هناك، فيجب ان نعمر مساجدنا بالفقه الصحيح، بالفقه النابع من النصوص، ومن اقوال سادتنا وعظمائنا.
واذكر ان احد تلامذتي يقرا القران على القراءات العشر، وتتلمذ على احد الشاميين من سوريا، فقال له: اذا ذهبت الى وطنك الجزائر فاعتمد قراءة ورش، لان القوم هناك في الحجاز يريدون القضاء على قراءة ورش، كما قضوا على قراءة ابن عامر التي كانت سائدة في الشام، ونحن نؤمن بكل القراءات والحمد لله رب العالمين.
خطة عمل لتحقيق التقارب المذهبي وازالة الجفوة
للجزائر علماء اجلاء يشار اليهم بالبنان، قاموا بتفسير كتاب الله، من مالكية ومن اباضية، ولعل تفسير عبد الحميد ابن باديس الذي قضى فيه خمسا وعشرين سنة، وتفسير الشيخ بيوض الذي هو الان بصدد الطبع، كل هذا ينبئ على ان عندنا فرسانا وعلماء، اذا احسنا القراءة لما كتبوا، والتنبه للاثار التي خلفوا، لا شك اننا نصل الى المودة، ونقرب بعضنا من بعض بقلوب طاهرة نقية، بقول اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله.
——–
وقفة مع كتاب الدكتور التواتي
رد مفحم على القاصرين والمغرضين
توقف الدكتور باجو قبيل بداية الندوة، قائلا:
“هذا الكتاب الذي بين ايدينا يريد ان يضع النقاط على الحروف، ويجلي الغشاوة التي رانت على كثير من الانظار، والفهم الخاطئ الذي يتبناه كثير من القاصرين وبعض المغرضين في المجتمع الاسلامي، فاتخذوا من الخلافات الفقهية قنابل موقوتة يفجرونها بين الحين والاخر، كي يهدموا اساس هذه الامة ويحطموا بنيانها على الرؤوس”.
ثم رسم معالم الكتاب في نقاط، مختصرة قائلا:
“- يهدف الكتاب لخدمة الفقه الاسلامي عموما، وفقه المذهبين خصوصا، وليس لتاريخ الفرق الاسلامية.
– اتسم بوضوح الرؤية، وهي تقريب وجهات النظر الفقهي، وبث روح التسامح والمودة بين الفريقين.
– سعى الى ابراز هذه الروح التوحيدية في جهد يقرب ولا يبعد، ويبني على كليات الجمع، وعلى المبادئ المشتركة بين المذهبين، وهي الاصل الراسخ، والجانب الغالب.
– اعرض عن مسائل الجدل المتعلقة بعالم الغيب مما لا اثر له على سلوك الفرد، بل قد يكون له اثر سلبي على علاقة المسلم باخيه.
– نبه الى ان الخطا في ضبابية الرؤية لدى الطرفين سببه اخذ الاخوة الاباضية الفقه المالكي من عوام المالكية، واخذ الاخوة المالكية الفقه الاباضي من عوام الاباضية.
– نعى على اهل العلم ترك ميدان الفقه للعوام يبذرون فيه شوك الفرقة بين ابناء الامة الواحدة.
– بادر بتدارك الامر، ودخل الميدان فوضع النقاط على الحروف فيما يدعى من الخلاف الكبير بين المذهبين.
– ثم النتيجة، انه اثبت الكتاب بالمقارنة ان نقاط الاختلاف قليلة جدا، وان نقاط الوفاق كثيرة وكثيرة جدا.
– ارجع التوافق الشامل والاتفاق الغالب بين المذهبين الى وحدة المصدر التشريعي، فكلاهما ينهل من الكتاب والسنة.
– ذكر افتراق المسلمين ونشاة الخوارج، وبراءة الاباضية من تهمة الخوارج وانهم ينتسبون الى الامام جابر بن زيد، واورد ما قاله العلماء فيه ثناء وبيانا لمقامه، ورسوخ قدمه في علم الشريعة؛ تفسيرا وفقها وحديثا.
– رد افتراءات بعض المؤلفين على الاباضية، مثل تفسير ابن ابي حاتم في بعض الايات القرانية.
– ذكر توافق الاباضية والمالكية في قضايا العقيدة الاساسية، وايضا في الايمان بالقضاء والقدر، واثبات عذاب القبر ونعيمه.
– فند ما يشاع عن الاباضية من التكفير، وبين انه نوعان: كفر دون كفر كما هو مبين في مسند الامام البخاري، ويسميه الاباضية كفر نعمة، وهذا الذي استغله البعض لاتهام الاباضية بانهم يكفرون المسلمين.
– اشاد باهتمام الاباضية بالعلم، وبتشجيعهم العلماء قديما وحديثا، منذ عهد الرستميين، واورد قصصا واقعية من تاريخ نفوسة وائمة الاباضية في هذا المجال.
– انصف تاريخ الرستميين بما عرف عنه من تامين الحريات الفكرية، ووجود المذاهب والفرق في ظل هذا الحكم، وان المناظرات كانت تجري في المساجد تحت رعاية الائمة، في ظل الاحترام المتبادل بين مختلف المذاهب”.
ثم واصل الدكتور باجو منوها بميزات الكتاب، بقوله:
“هذه بعض المميزات التي يراها الدارس في هذا الكتاب، فهناك كلام طويل حول قضايا الاصول والفقه التي اوردها صاحب الكتاب، وكلها تجسد هذه الحقيقة، وهي ان مصادر الاجتهاد واصول التشريع لدى المذهبين واحدة ليس بينها فروق، كلها تعتمد الكتاب والسنة والاجماع والقياس، والمصادر الاخرى من المصالح، وسد الذرائع، وغيرها مما هو معروف في علم اصول الفقه، واراد ان يبين بالبيان التفصيلي الشافي في مختلف مسائل الفقه، ان هذا الاختلاف ليس ولن يكون يوما داعيا او مبررا لما يشهده واقع المسلمين بين المذاهب وبين الاباضية والمالكية تحديدا في هذا الوطن العزيز، من بعض المناوشات، او سوء الظن، او النظرة القاتمة هذا تجاه الاخر، هذا مما ترفضه النصوص القطعية في كتاب الله وسنة رسوله، وما تفنده التفاصيل التي تضمنتها كتب الفقه في مختلف ابوابه، التي فصلها في كتابه”.
هكذا يرى الدكتور الى رسالة الاستاذ التواتي من الكتاب، والغاية التي يهدف اليها لاعادة المياه الى مجاريها، وراب الصدع، وتحقيق وحدة الكلمة في امة التوحيد.
كلمة باسم ادارة مسجد الغفران للاستاذ موسى كبش
باسمكم ايها الاحبة نشكر الدكتورين؛ د. التوتي بن مبارك ابن التواتي، ود. مصطفى بن صالح باجو، على هذه الندوة الطيبة والمهمة، والتي رفرفت بنا في مجال التسامح الذي ينشده كل مؤمن غيور على دينه، ولا شك ايها الاحبة ان لمثل هذه اللقاءات ما يريده الله تعالى من جمع كلمة المسلمين وتوحيدها، وخصوصا في هذا الزمن العاتي الذي نحن فيه. فبارك الله في شيخنا الكريم، وفي الدكتور مصطفى، ونرجو من الله ان تحقق هذه الاماني في مثل هذه الاعمال التي تجسد حقيقة روح المحبة التي يجب ان تكون بين المسلمين، كما بين الدكتور ان ذلك لوجه الله، لا مجاملة لاحد ولا تملقا لاحد، وهذا شان الصالحين فبارك الله فيه.
وباسمكم ايضا نشكر كل الوافدين الينا، بداية من الشخصيات الوطنية، الاخوين عضوي المجلس الشعبي الوطني، ومجلس الامة، ورئيس بلدية غرداية كذلك، وجميع الاعيان، ورؤساء الهيئات، ثم لا ننسى جهود المخلصين، من مجلس الاعيان المزابيين الاباضية، الذين كان لهم، وهم جنود الخفاء، الذين سعوا ولا يزالون لتحقيق مثل هذه اللقاءات، فبارك الله في كل من اسهم، وساهم وحضر، وهذا الحضور الكثيف كذلك دليل على هذا الشعور، وكما ناخذ من كلام الدكتور، ما هي الا اوهام نسجها التاريخ، وغذاها الحقد الذي كان ربما لاعداء الاسلام دور كبير في تاجيجها، فلنزل تلك الاوهام ولنذبها بمثل هذه المنابر المنيرة، التي تجمع امثال هذه الوجوه النيرة، وهذه القلوب الطيبة، المؤمنة برب واحد، وبقران واحد، وبرسول واحد، وتتجه الى قبلة واحدة، وتسجد لرب واحد
ضيف الندوة في سطور
الدكتور التواتي بن مبارك ابن التواتي من مواليد 1943م بالاغواط، ينتمي الى عائلة عريقة محافظة من اتباع الزاوية الرحمانية التي حظيت بالسلطة الروحية والادبية، ونالت الاحترام والتقدير في نفوس اهالي الاغواط وما جاورها. حفظ القران في نفس الزاوية على يد مدرسيها ومشايخها، ثم انتسب الى المدرسة الاهلية الفرنسية وفيها اخذ مبادئ اللغة الفرنسية وتدرج في مستوياتها، وتتلمذ في صفوف مدرسة الشبيبة التابعة لجمعية العلماء المسلمين، غير انه التحق بصفوف المجاهدين ابان الثورة التحريرية ملبيا لنداء الوطن، تاركا مقاعد الدراسة بالولاية الرابعة منذ سنة 1960م الى الاستقلال.
كان شغوفا بالعلم مما دفعه الى الاستزادة منه، فنال درجة اللسانس في الحقوق والاداب من جامعة الجزائر بعد الاستقلال. وتدرج في اطوار التعليم من الابتدائي الى الجامعي ما يقرب من ست وثلاثين سنة، قضى منها حوالي عشرين سنة في الجامعة مدرسا ومشرفا على عدة رسائل جامعية بجامعة عمار ثليجي بالاغواط. وزاول التدريس في الجامعة حتى بعد تقاعده الى 1998، وفي سنة 2000 تحصل على شهادة الماجستير ببحث في النحو واصوله عنوانه “الاخفش الاوسط واراؤه النحوية”، وفي سنة 2004 نال شهادة الدكتوراه في القراءات عنوانها: “القراءات واثارها في النحو العربي والفقه الاسلامي”.
وله انتاج فكري غزير وموسوعي في الجانبين النحوي واللغوي، وكذلك الجانب الفقهي فله اكثر من خمسة عشر عنوانا، منها ثمانية مطبوعة.
المحاور في سطور
الدكتور مصطفى بن صالح باجو من مواليد 18 اوت 1964م بغرداية، تتلمذ وتخرج في مدرسة ومعهد الحياة بال?رارة سنة 1983م، حيث استظهر القران بها سنة 1977، ثم التحق بجامعة المدينة المنورة سنة 1983م، وفي سنة 1988م حاز على شهادة الليسانس في العلوم الاسلامية اصول الفقه، ثم الماجستير سنة 1993م، ثم الدكتوراه سنة 1999م، وهو استاذ بالجامعة منذ سنة 1993م، ومشرف على العديد من الرسائل الجامعية ماجستير ودكتوراه، وهو استاذ الى يومنا هذا، وكذلك له نتاج فكري، وساهم في انتاجات فكرية منها: معجم الاعلام الاباضية، ومعجم مصطلحات الفقه الاباضي، ومن مؤلفاته، منهج الاجتهاد عند الاباضية، وابو يعقوب الورجلاني اصوليا.
تغطية وتصوير: ش. ب. نصر الدين

****************************************************
صحيفة الخبر الاسبوعي:
نشطها دكاترة وائمة في بلدية غرداية .. ندوة علمية بين المذهب المالكي و الاباضي
تبقى مسالة المذهب المالكي والاباضي في منطقة غرداية مسالة تثير الكثير من الجدل خصوصا في الاشهر الاخيرة، وهو ما دفع العديد من اصحاب النوايا الحسنة الى لم شمل الاخوة في المنطقة، وهو ما تطرقت اليه الندوة العلمية التي نشطها الاسبوع الماضي الدكتور تواتي بن مبارك بن التواتي رفقة الدكتور مصطفى بن صالح باجو والاستاذ موسى بن ابراهيم كبش بمكتبة الغفران بحضور جمع من الائمة والاساتذة والاعيان، ثم ندوة ثانية في مسجد الغفران ايضا حضرها اضافة الى الائمة والاعيان، بعض النواب والمسؤولين المحليين وكذلك جمع غفير من اهل المنطقة من الاباضية والمالكية من بلدية غرداية والبلديات المجاورة.
الاختلاف رحمة
قال الدكتور مصطفى بن صالح باجو ان السبب الذي يسره الله تعالى ليكون هذا اللقاء هو هذا النتاج العلمي المتميز الذي نفحنا به شيخنا واستاذنا الدكتور التواتي ابن التواتي. في هذا الكتاب الذي ذكره المقدم، اردت بين يدي الموضوع ان الج بتوطئة حول اهميته وبيان او التاكيد على حقيقة لا تخفى على مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، وهي ان هذا الدين اخر الديانات السماوية، ختم الله تعالى به الرسالات، واختاره دينا للبشرية كلها، وحقق لها به سعادة في الدارين جميعا، وحوى نظاما تشريعيا امتاز بصفات ثلاث، هي انه اكمل واشمل واعدل منظومة تشريعية عرفتها البشرية، هذا النظام الشامل تجلى في مجال الفقه واصوله، والفقه بيان لاحكام الانسان في علاقته بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته باخيه الانسان، في مختلف الدوائر المنداحة، من الحياة الخاصة الى الدائرة البشرية الشاملة.
الفقه الاسلامي اوسع ما كتب فيه علماء الاسلام من حيث الكم، بل يمكن ان نقول ان حضارتنا حضارة فقه قامت على تبين معالم النص المقدس، الوحي الذي جاء على لسان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في القران والسنة، واجتهد علماء الاسلام ان يبينوا هذه الاحكام ويؤصلوها. وكانت المدارس الفقهية لونا من الوان الثراء والتميز الذي عرفت به هذه الشريعة، وليس الاختلاف بين الاراء بدعة او وليد هذا العصر، بل كان منشؤه يوم كان الصحابة يدرجون ويتعلمون وياخذون الدين على يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
واضاف ان اسباب هذه العلة التي يعيشها المسلمون، وهي التشرذم والتفرق، هناك اسئلة كثيرة حول هذا الموضوع، من ذلك: ما هي اسباب الجفوة بين المذاهب؟ وما تقولون في من يتخذ الكتابات الفقهية، او المصادر القديمة وسيلة لتجديد هذا الصراع، يجد اراء فقهية، او اقوالا لبعض العلماء من مذاهب يتحدث عن مذهب اخر وينسب اليهم قولا، او خبرا، او حكما، وينشره من جديد بين الناس، ليحيي هذه الفتنة، كما يسميها البعض “فتنة صفين في عصر الانترنت؟ ماذا تجيبون عمن يستغل هذه الكتب لهذا الهدف؟
روح التسامح
من جانبه، عرض الدكتور التواتي بن التواتي كتابا في الفقه المقارن، اجرى فيه دراسة تقابلية بين المذهب الاباضي والمالكي في الاصول والفروع، استخلص فيه ان المذهبين المتجاورين في الجزائر ينهلان من اصل واحد، وهو الكتاب والسنة، اما الاختلافات الموجودة بين المذهبين، فهي اختلافات في الفروع توجد حتى بين اتباع المذهب الواحد، واثبت ان نقاط الاختلاف قليلة جدا، وان نقاط الوفاق كثيرة جدا. وقال ان الدافع الاول الذي دفعه الى تاليف الكاتب هو انه يريد ان يؤدي رسالة، رسالة جمع هذه الامة، جمعها على التقوى وعلى المحبة والمودة، وان الاختلاف قد وقع حتى في وقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وقد عرض الدكتور ابن التواتي كتابه، حيث ذكر ان هدف الكتاب ليس التاريخ للفرق الاسلامية، بل لخدمة الفقه الاسلامي عموما، وفقه المذهبين خصوصا. كما اتسم بوضوح الرؤية وهي تقريب وجهات النظر الفقهي، وبث روح التسامح والمودة بين الفريقين. وفضلا عن ذلك، سعى الى ابراز هذه الروح التوحيدية في جهد يقرب ولا يبعد، ويبني على كليات الجمع، وعلى المبادئ المشتركة بين المذهبين، وهي الاصل الراسخ والجانب الغالب.
ومن جانب اخر، اعرض عن مسائل الجدل المتعلقة بعالم الغيب مما لا اثر له على سلوك الفرد، بل قد يكون له اثر سلبي على علاقة المسلم باخيه.
ونبه الكتاب الى ان الخطا في ضبابية الرؤية لدى الطرفين سببه اخذ الاخوة الاباضية الفقه المالكي من عوام المالكية، واخذ الاخوة المالكية الفقه الاباضي من عوام الاباضية، وما هكذا ياسعد تورد الابل.
كما نعى على اهل العلم ترك ميدان الفقه للعوام يسيمون فيه، ويبذرون شوك الفرقة بين ابناء الامة الواحدة. وبادر بتدارك الامر، ودخل الميدان فوضع النقاط على الحروف فيما يدعى من الخلاف الكبير بين المذهبين.
وذكر افتراق المسلمين ونشاة الخوارج، وبراءة الاباضية من تهمة الخوارج وانهم ينتسبون الى الامام جابر بن زيد، واورد ما قاله العلماء فيه ثناء وبيانا لمقامه، ورسوخ قدمه في علم الشريعة، تفسيرا وفقها وحديثا. ورد افتراءات بعض المؤلفين على الاباضية، مثل تفسير ابن ابي حاتم في بعض الايات القرانية.
وذكر توافق الاباضية والمالكية في قضايا العقيدة الاساسية، وايضا في الايمان بالقضاء والقدر، واثبات عذاب القبر ونعيمه. كما فند ما يشاع عن الاباضية من التكفير، وبين انه نوعان: كفر دون كفر كما هو مبين في مسند الامام البخاري، ويسميه الاباضية كفر نعمة، وهذا الذي استغله البعض لاتهام الاباضية بانهم يكفرون المسلمين. وقد اشاد باهتمام الاباضية بالعلم، وبتشجيعهم العلماء قديما وحديثا، منذ عهد الرستميين، واورد قصصا واقعية من تاريخ نفوسة وائمة الاباضية في هذا المجال.
ومن جانب اخر، انصف تاريخ الرستميين بما عرف عنه من تامين الحريات الفكرية، ووجود المذاهب والفرق في ظل هذا الحكم، وان المناظرات كانت تجري في المساجد تحت رعاية الائمة، في ظل الاحترام المتبادل بين مختلف المذاهب.
وفي نفس الكتاب، انتقل المؤلف الى ان المذهب المالكي والمذهب الاباضي، كلاهما يعتمد على سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، بل واقولها وانا مطمئن متاكد مما اقول: وجدت الاباضية اكثر اعتمادا، خاصة في خبر الاحاد، وبالنسبة للاستصحاب، بالنسبة للاجماع، بالنسبة لكل المدارك المعتمدة في المذاهب السنية، هي المدارك المعتمدة عند الاباضية.
واضاف ان المذهب الاباضي يختلف معهم في شيء واحد: وهذا الامر نختلف فيه مع الشافعية، ونختلف فيه مع الحنابلة، ونختلف فيه مع الاحناف، وهو قضية عمل اهل المدينة، مع ان الامام المازني، والقاضي عبد الوهاب، والابهري، ذكروا ان عمل اهل المدينة، ينقسم الى قسمين: اما فيما يخص العبادات، فهو يعتبر عندنا حديثا متواترا، ولعل المناظرة التي حدثت مع ابي يوسف، ومع الامام مالك، الثابت هو هذا، قالوا: انها مع ابي حنيفة مع.. ولكن مع ابي يوسف، في قضية الصاع، فاقنعه، هذه كانت مناظرة، وهذه التي بين ايدينا الان ليست مناظرة كما اتطرق لها في ختام كلامي. على كل، فانني ذكرت في هذا الكتاب، قلت انني وصلت الى قناعة، ان المذهب الاباضي هو مذهب سني، يعتمد في تخريج مسائله على المدارك الشرعية المعتمدة لدى سائر المذاهب، وعلى من قال غير ذلك، فليات بما عنده، وقلت: والحمد لله الذي وفقني الى هذا العمل الجامع لكلمة امتنا، والكابح لاقوال المبطلين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين، ورحم الله فقهاءنا من المذهبين، ونسال الله العلي العظيم ان يجازيهم عنا خير الجزاء يوم الدين، يوم لا ينفع مال ولا بنون.
باب النقاش
واكد ان هذه الندوة العلمية ليست مناظرة فكرية بين طرفين يريد كل منهما ان يقنع الاخر، بل هي ندوة فقهية يراد منها اظهار نقاط الاتفاق الكثيرة الموجودة بين المذاهب الاسلامية، وان الاختلاف الفقهي موجود بين كل المذاهب.
وفي نفس الموضوع، قال الاستاذ موسى كبش ان الندوة تدخل في مجال التسامح الذي ينشده كل مؤمن غيور على دينه، ولا شك ايها الاحبة، ان لمثل هذه اللقاءات ما يريده الله سبحانه وتعالى من جمع كلمة المسلمين توحيدا، وخصوصا في هذا الزمن العاتي الذي نحن فيه، مشددا على ان النزاعات التي غذتها الضغينة ما هي الا اوهام نسجها التاريخ، وغذاها الحقد الذي كان ربما لاعداء الاسلام دور كبير في تاجيجها، فلنزل تلك الاوهام، ولنذبها، بمثل هذه المنابر المنيرة التي تجمع امثال هذه الوجوه النيرة، وهذه القلوب الطيبة، المؤمنة برب واحد، وبقران واحد، وبرسول واحد، وتتجه الى قبلة واحدة، وتسجد لرب واحد.
وطرحت الندوة التي شارك فيها العديد من المفكرين والمهتمين بموضوع الاباضية والمالكية عدة تساؤلات تبلورت في نقاش عرف الكثير من الطروحات التي تخدم الدين الاسلامي وتوحد بين المذاهب، وهذا بعدما شهدت غرداية الكثير من التجاذبات التي لا تنفع المواطن هناك، ولا تخدم الامة الاسلامية. وطبعا، كانت الندوة التي اطرها مجلس الاعيان المزابيين الاباضية لبلدة غرداية فاتحة خير وبداية لنقاش ايجابي في المنطقة.
ا. رشيد

****************************************************
يومية الحوار:
الدكتور تواتي بن مبارك بن التواتي يحط الرحال بمدينة غرداية
القسم الثقافي
22/03/2024
بناء على دعوة كريمة من مجلس الاعيان المزابيين الاباضية لبلدة غرداية قام الدكتور تواتي بن مبارك بن التواتي بزيارة مدينة غرداية، مؤخرا. وقد نشط الدكتور ندوة علمية في المساء رفقة الدكتور مصطفى بن صالح باجو والاستاذ موسى بن ابراهيم كبش بمكتبة الغفران بحضور جمع من الائمة والاساتذة والاعيان، ثم ندوة ثانية بين المغرب والعشاء في مسجد الغفران حضرها اضافة الى الائمة والاعيان بعض النواب والمسؤولين المحليين وكذلك جمع غفير من اهل المنطقة من الاباضية والمالكية من بلدية غرداية والبلديات المجاورة.
عرض فضيلة الدكتور الكتاب الذي الفه وصدر مؤخرا وهو كتاب قيم في الفقه المقارن، اجرى فيه دراسة تقابلية بين المذهب الاباضي والمالكي في الاصول والفروع، استخلص فيه ان المذهبين المتجاورين في الجزائر ينهلان من اصل واحد وهو الكتاب والسنة، اما الاختلافات الموجودة بين المذهبين فهي اختلافات في الفروع توجد حتى بين اتباع المذهب الواحد، واثبت ان نقاط الاختلاف قليلة جدا، وان نقاط الوفاق كثيرة وكثيرة جدا. وقال ان الدافع الاول الذي دفعه الى تاليف الكاتب هو انه يريد ان يؤدي رسالة، رسالة جمع هذه الامة، جمعها على التقوى، وعلى المحبة والمودة، وان الاختلاف قد وقع حتى في وقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم). ويمكن ان ترسم معالم هذا الكتاب في ان هدف الكتاب ليس التاريخ للفرق الاسلامية، بل خدمة الفقه الاسلامي عموما، وفقه المذهبين خصوصا.
كما اتسم الكتاب بوضوح الرؤية وهي تقريب وجهات النظر الفقهي، وبث روح التسامح والمودة بين الفريقين، وكذا السعى الى ابراز هذه الروح التوحيدية في جهد يقرب ولا يبعد، ويبني على كليات الجمع، وعلى المبادئ المشتركة بين المذهبين، وهي الاصل الراسخ، والجانب الغالب. واعرض عن مسائل الجدل المتعلقة بعالم الغيب مما لا اثر له على سلوك الفرد، بل قد يكون له اثر سلبي على علاقة المسلم باخيه.
ونبه الى ان الخطا في ضبابية الرؤية لدى الطرفين سببه اخذ الاخوة الاباضية الفقه المالكي من عوام المالكية، واخذ الاخوة المالكية الفقه الاباضي من عوام الاباضية ”وما هكذا يا سعد تورد الابل” كما نعى على اهل العلم ترك ميدان الفقه للعوام يسيمون فيه، ويبذرون شوك الفرقة بين ابناء الامة الواحدة.
وبادر بتدارك الامر، ودخل الميدان فوضع النقاط على الحروف فيما يدعى من الخلاف الكبير بين المذهبين.
وقد ذكر افتراق المسلمين ونشاة الخوارج، وبراءة الاباضية من تهمة الخوارج وانهم ينتسبون الى الامام جابر بن زيد، واورد ما قاله العلماء فيه ثناء وبيانا لمقامه، ورسوخ قدمه في علم الشريعة؛ تفسيرا وفقها وحديثا.
حيث رد افتراءات بعض المؤلفين على الاباضية، مثل تفسير ابن ابي حاتم في بعض الايات القرانية، مفندا بذلك ما يشاع عن الاباضية من التكفير، وبين انه نوعان: كفر دون كفر كما هو مبين في مسند الامام البخاري، ويسميه الاباضية كفر نعمة، وهذا الذي استغله البعض لاتهام الاباضية بانهم يكفرون المسلمين.
واشاد صاحب الكتاب باهتمام الاباضية بالعلم، وبتشجيعهم العلماء قديما وحديثا، منذ عهد الرستميين، واورد قصصا واقعية من تاريخ نفوسة وائمة الاباضية في هذا المجال.
وفند الدكتور ما ورد في جريدة الشروق واكد ان هذه الندوة العلمية ليست مناظرة فكرية بين طرفين يريد كل منهما ان يقنع الاخر، بل هي ندوة فقهية يراد منها اظهار نقاط الاتفاق الكثيرة الموجودة بين المذاهب الاسلامية وان الاختلاف الفقهي موجود بين كل المذاهب. كما كانت للدكتور زيارة الى مسجد الاصلاح بالتوزوز ودار القرءان ببلغنم.
وقد تم تكريم الدكتور بهذه المناسبة وقدمت له هدايا وكتب تقديرا له على مجهوداته في التقريب بين المذهبين الاباضي والمالكي، وعلى سعيه الدؤوب لنشر فكر التسامح والاخوة في الله بين افراد المجتمع الجزائري.
ق. ث

****************************************************
موقع: مزاب ميديا
تقرير: ندوة التقريب بين المذاهب في مسجد الغفران
الاربعاء, 17 مارس 2024 06:00
نظم مسجد الغفران بغرداية يوم الجمعة 26 ربيع الاول 1431 ه الموافق ل 12 مارس 2024م، ندوة علمية مشاركة بين الدكتورين تواتي بن مبارك بن التواتي ومصطفى بن صالح باجو والاستاذ موسى بن ابراهيم كبش، بمكتبة المسجد مساء، فيما تم عقد ندوة ثانية بين المغرب والعشاء في المسجد بحضور الايمة والاعيان والمسؤولين المحليين بالاضافة الى جمع غفير من المصلين من اهل المنطقة من اباضية ومالكية في جو علمي راق بهيج.
وجاءت المناسبة بدعوة كريمة من مجلس الاعيان المزابيين الاباضية لبلدة غرداية للدكتور تواتي، فقد تم ايضا عرض كتابه الذي صدر مؤخرا في الفقه المقارن، اجرى فيه دراسة تقابلية بين المذهب الاباضي والمالكي في الاصول والفروع، استخلص فيه ان المذهبين المتجاورين في الجزائر ينهلان من اصل واحد وهو الكتاب والسنة، اما الاختلافات الموجودة بين المذهبين فهي اختلافات في الفروع توجد حتى بين اتباع المذهب الواحد.
واثبت ان نقاط الاختلاف قليلة جدا، وان نقاط الوفاق كثيرة وكثيرة جدا. وقال ان الدافع الاول الذي دفعه الى تاليف الكاتب هو انه يريد ان يؤدي رسالة، رسالة جمع هذه الامة، جمعها على التقوى، وعلى المحبة والمودة، وان الاختلاف قد وقع حتى في وقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
وكان الدكتور ايضا قد فند ما ورد في جريدة الشروق اليومي الجزائرية واكد ان هذه الندوة العلمية ليست مناظرة فكرية بين طرفين يريد كل منهما ان يقنع الاخر بل هي ندوة فقهية يراد منها اظهار نقاط الاتفاق الكثيرة الموجودة بين المذاهب الاسلامية وان الاختلاف الفقهي موجود بين كل المذاهب.
وقد تم تكريم الدكتور بهذه المناسبة تقديرا لمجهوداته في التقريب بين المذهبين الاباضي والمالكي وعلى سعيه الدؤوب لنشر فكر التسامح والاخوة في الله بين افراد المجتمع الجزائري، وقد استحسن الجميع هذه المبادرة الحسنة وشكر القائمين عليها والتي لا شك انها قد تركت انطباعا جيدا في النفوس لدى الراي العام والخاص.
وخلال زيارته لغرداية كانت للدكتور محطات في مسجد الاصلاح بالتوزوز ودار القرءان ببلغنم

  • الفرق بين الإباضية والمالكية
  • تحميل مذكرة الخلاف الفقهي بين المالكية والاباضية
  • مناظرة السني والاباظي
السابق
رسائل جوال نصية وسائط
التالي
اشهر اليسنة