بطاقات: جمع بطاقة وهي بمعنى الورقة، والبطاقة كلمة عربية فصيحة، وقد جاء في الحديث المشهور الذي يسمى حديث البطاقة كما عند الترمذي وابن ماجة وغيرهما باسناد جيد وفيه: فتخرج له بطاقة فيها: اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله فهي اذا قد وردت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على انها كلمة عربية فصيحة
بطاقات: جمع بطاقة وهي بمعنى الورقة، والبطاقة كلمة عربية فصيحة، وقد جاء في الحديث المشهور الذي يسمى حديث البطاقة كما عند الترمذي وابن ماجة وغيرهما باسناد جيد وفيه: فتخرج له بطاقة فيها: اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله فهي اذا قد وردت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على انها كلمة عربية فصيحة
اما الائتمان “بطاقات الائتمان” الائتمان فلم يرد هذا اللفظ في اصطلاحات الفقهاء المتقدمين لم يرد بهذا اللفظ، وانما ورد في الاصطلاح المعاصر وصف لهذه البطاقات، وترجمة للمصطلح الانجليزي cardet فان هذه البطاقات تسمى باللغة الانجليزية Caradet Cards، Cards معناها، Card بطاقة، Cards بطاقات.اما Caradet فالمقصود بها الائتمان.
واعترض بعض الباحثين على هذا المصطلح، وذكروا انه يراد بذكر هذا المصطلح والعدول عن مصطلح الاقراض صرف انظار الامة عن احكام الاقراض واثاره الشرعية، وما يترتب عليه من عمولات وزيادات ربوية محرمة؛ نقول: ان بعض الباحثين اعترض على هذا الاصطلاح “بطاقات الائتمان” وقال: ان الصحيح ان يقال: بطاقات الاقراض، وقال: ان تسمية هذه البطاقات ” بطاقات الائتمان” والعدول عن تسميتها ببطاقات الاقراض انما يراد به صرف انظار الامة عن احكام الاقراض واثاره الشرعية وما يترتب عليه من عمولات وزيادات ربوية. هكذا قال بعض من كتب في هذا الموضوع، وقال: ان بطاقات الاقراض هو الوصف المناسب لها الدال على حقيقتها؛ لان كلمة ائتمان ماخوذ من الامانة والثقة التي يمنحها المصرف لعميله، باعطائه او بمنحه هذه البطاقات، والوصف المناسب لهذه البطاقات هو الاقراض، فيقول: الاصح ان نسميها بطاقات الاقراض وليس بطاقات الائتمان.
ولكن هذا محل نظر؛ نقول هذا لانه توجد بعض الاخوة ينادي فيقول: لا تسمونها بطاقات ائتمان هي بطاقات اقراض، وانه يراد بهذا الاصطلاح بطاقات الائتمان صرف انظار الامة عن ان هذه البطاقات انما تمثل قرضا في الحقيقة. ولكن هذا محل نظر؛ اذ ان حقيقة الائتمان عند الاقتصاديين -كما جاء في موسوعة المصطلحات الاقتصادية- حقيقة الائتمان عندهم: هو منح دائن لمدين مهلة من الوقت يلتزم المدين بانتهائها دفع قيمة الدين، هذا هو حقيقة الائتمان ” منح دائن لمدين مهلة من الوقت يلتزم المدين بانتهائها دفع قيمة الدين” فهو التزام من المصرف بمنح عميله دينا؛ نظرا للثقة التي يشعر بها نحوه، وحينئذ فالائتمان اقرب للدين منه للقرض.
ومعلوم ان هناك فرق بين الدين والقرض، فالدين اوسع من القرض؛ كل قرض دين، وليس كل دين قرضا، القرض: دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله. اما الدين: كل ما ثبت في الذمة. كل ما ثبت في الذمة من حقوق الله وحقوق الادميين يسمى دينا، فكل قرض يعتبر دينا وليس كل دين قرضا. فالائتمان اقرب للدين منه للقرض، ومما يؤيد هذا وجود فوارق بين القرض والائتمان منها: ان المقترض يعطى المال مباشرة، لو اقترضت من شخص يسلم لك المال مباشرة، بينما في الائتمان يعطى القدرة على قضاء حوائجه دون دفع الثمن؛ ثقة فيه انه سيسدد في وقت لاحق .
ومنها: ان مبلغ القرض يثبت في ذمة المقترض كاملا، من حين قبضه. اما في الائتمان فانه لا يثبت في ذمة من منح له الائتمان الا ما تم صرفه فعلا. اذا في القرض مبلغ القرض يثبت في ذمة المقترض كاملا من حين قبضه، بينما في الائتمان لا يثبت في ذمة من منح له الائتمان الا ما تم صرفه فعلا
ثم اذا اتينا لترجمة القرض باللغة الانجليزية لعل بعضكم ربما يتقن اللغة الانجليزية او يكون عنده اهتمام بها، ما ترجمة القرض باللغة الانجليزية؟ هل ترجمته هو cardet، يقولون: ليست هذه الترجمة الدقيقة للقرض، القرض في اللغة الانجليزية Loan هذه الترجمة الدقيقة للقرض، بينما هذه البطاقات كما ذكرنا يطلق عليها باللغة الانجليزية Caradet Cards، Cards كما ذكرنا بطاقات، و Card بطاقة والعامة تسميه الكارت يعني بالتاء وهي ماخوذة من اللغة الانجليزية هذه ليست فصيحة كارت هي Card فجمعها Cards. اما
Caradet فقد جاء في المعجم الانجليزي ان لها عدة معان ومنها: قدرته على الحصول على حاجاته قبل دفع الثمن؛ بناء على الثقة بوفائه بالدفع، وهذا في الحقيقة هو معنى الائتمان، بينما لم يرد هذا المصطلح بمعنى القرض؛ فاذا نحن اتى الينا هذا المصطلح بطاقات الائتمان ترجمة ل ” Caradet Cards” وعندما ناتي للترجمة الدقيقة لها فهي تعني بطاقات الائتمان وليس بطاقات الاقتراض، وبهذا نعرف ان قول من قال من الباحثين ان الصحيح ان نسميها بطاقات الاقراض وليست بطاقات الائتمان انه ليس دقيقا
وبكل حال لا مشاحة في الاصطلاح، لكنني احببت يعني فصلت فيها؛ لان بعض الاخوة يثيرها، بل وربما يلقي تهما يقول: ان من يقولون بطاقات الائتمان ربما -يعني- اخذوها من اناس يريدون صرف الامة عن احكام القرض، وان هذه البطاقات تمثل قروضا، وهذا ليس بصحيح هذا كله ليس بصحيح.
اما التعريف المركب لبطاقات الائتمان فعرفت بعدة تعريفات من احسنها: انها اداة دفع وسحب نقدي يصدرها بنك تجاري او مؤسسة مالية تمكن حاملها من الشراء بالاجل على ذمة مصدرها، ومن الحصول على النقد اقتراضا من مصدرها او من غيره بضمانه وتمكنه من الحصول على خدمات خاصة.
تقسم بطاقات الائتمان الى قسمين:
1-بطاقات الائتمان المغطاة.
2-بطاقات الائتمان غير المغطاة.
والمراد بالغطاء هنا الرصيد، فالمغطاة معناها يعني يوجد لك رصيد يقابل استخدامك لهذه البطاقات، فالمغطاة يشترط فيها مصدر البطاقة على حاملها ان يودع لديه في حساب مصرفي مبلغا من النقود، ولا يستخدمها في مشتريات تزيد عن ذلك المبلغ، من ابرزها: بطاقات الصرف الالي وهي نوعان: بطاقات الصرف الالي الداخلية التي تؤدي وظائفها داخل دولة واحدة، وبطاقات الصرف الالي الدولية وهي التي يستطيع حاملها ان يستخدمها في جميع دول العالم، ومن امثلتها بطاقة فيزا الكترون التابعة لفيزا، وبطاقة ماسيترو التابعة لماستر كارد.
هذه البطاقات معروفة لدى الجميع يستخدمها اكثر الناس اليوم يعني بطاقات الصرف الالي، وتتميز بامكانية استخدامها في جميع اجهزة الصرف الالي وكذلك في نقاط البيع؛ المحلات التجارية، وترتبط هذه البطاقات بالحساب الجاري سحبا وشراء؛ ولهذا لا يصدرها الا البنوك، وعندنا مسائل متعلقة بهذا النوع من البطاقات، المسالة الاولى: حكمها. المسالة الثانية: هل تقوم مصارفة يدا بيد يعني، هل تقوم هذه البطاقات مقام المصارفة يدا بيد في شراء الذهب ونحوه؟ المسالة الثالثة: هل يجوز لحاملها ان يسحب بها من جهاز غير مصدر البطاقة؟
اما المسالة الاولى وهي حكمها: لا اشكال في جوازها، وحكمها ظاهر وهو انه يجوز استخدامها؛ لانك في الحقيقة انما تسحب من رصيدك، فلا حرج ولا اشكال في جوازها باتفاق العلماء المعاصرين.
المسالة الثانية: هل تقوم هذه البطاقات مقام المصارفة يدا بيد، وعلى هذا يجوز شراء الذهب والفضة عن طريقها ام لا؟
من المعلوم ان الذهب والفضة عند بيعهما باوراق نقدية لا بد من التقابض يدا بيد؛ لان العلة واحدة والقاعدة: فاذا اختلفت الاجناس فبيعوا كيف شئتم اذا كان يدا بيد والعلة واحدة وهي الثمنية، فلا بد من المصارفة يدا بيد لا بد من التقابض يدا بيد، لو ذهبت واشتريت ذهبا وقلت لصاحب محل الذهب: اعطيك المبلغ غدا او حتى قلت: اعطيك المبلغ بعد ساعة؛ وقعت في الربا، وهكذا بالنسبة للفضة.
لكن لو ذهبت لصاحب محل الذهب واشتريت منه ذهبا واعطيته بطاقة الصرف الالي وخصم المبلغ الذي يستحقه عن طريق هذه البطاقة، فهل هذا يجوز ام لا؟ نرجع لاصل المسالة وهي: هل تقوم هذه البطاقات مقام المصارفة يدا بيد؟ الجواب: نعم. تقوم هذه البطاقات مقام المصارفة يدا بيد، وينصرف كل من البائع والمشتري وليس بينهما شيء، وتقع مبرئة لذمة الطرفين، ولم نجد ان بائعا باع عن طريق هذه البطاقات ولو بنسبة واحد من المليون واعطي نتيجة صحيحة -لاحظ هذا القيد- واعطي نتيجة صحيحة ثم لم يحصل على حقه ، نعم انه قد يوجد !، لكن بسبب اشكالية فنية؛ بان يكون لم يدخل الرقم صحيحا، او يكون الرقم السري فيه خطا، او يكون هناك اشكالية في الالة التي عنده، لكن اذا اعطي نتيجة صحيحة واشعارا بقبول العملية، فاننا لم نجد ولو بنسبة واحد من المليون ان بائعا باع عن طريق هذه البطاقات ولم يحصل على حقه.
واذا كان ذلك كذلك فلا شك ان هذه البطاقات تقوم مقام المصارفة يدا بيد، وبهذا افتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فتوى مدونة في مجموع فتاوى اللجنة، افتت: بان هذه البطاقات تقوم مقام المصارف يدا بيد، وعلى هذا يجوز شراء الذهب والفضة عن طريقها، فلا مانع من ان تذهب لصاحب محل ذهب وتشتري منه ذهبا وتعطيه بطاقة الصرف الالي من هذا، والله تعالى اعلم.
المسالة الثالثة ا وهي: هل يجوز لحامل هذه البطاقة ان يسحب بها من غير جهاز مصدرها؟ صورة المسالة: تكون بطاقة الصراف بالنسبة لك من الراجحي مثلا، واعطاك بطاقة صرف الي، ومررت بصراف اي بنك اخر مثل بنك سامبا اواي بنك اخر، هل يجوز لك ان تسحب من صراف غير صراف الراجحي او انه لا يجوز؟
اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسالة على قولين:
القول الاول: انه لا يجوز لحامل البطاقة ان يسحب بها من غير جهاز مصدرها. ، وقال به بعض اهل العلم، وقد نسب هذا القول الى سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله، حدثني من اثق به انه سال الشيخ عن هذه المسالة فقال: انه لا يجوز؛ لانه من قبيل القرض الذي جر نفعا. ولكن نقل عن الشيخ بعض طلابه الكبار انه افتى بالجواز وقال: ان هذا انما يسحب من ماله. وحين اذا اختلف النقل عن سماحة الشيخ، قول نقل ينقل عنه القول بالمنع، ونقل اخر ينقل عنه القول بالجواز. بعض الاخوة خرجها على ان للشيخ في المسالة قولين. وعلى كل حال مادام انه قد اختلف النقل وقد نقل هذه الاراء عنه ثقات؛ فلا نستطيع ان نجزم بان راي الشيخ هو الجواز او عدم الجواز.
اقول هذا لان بعض الاخوة يطرح هذه المسالة وينسب القول بعدم الجواز للشيخ مع انه نقل عنه عن طريق بعض المشايخ الكبار انهم سالوه فقال بالجواز، ومادام انه قد اختلف النقل عنه فارى انه لا نجزم بنسبة القول اليه بالجواز او بعدم الجواز.
والقول الثاني في المسالة: القول بالجواز، اي انه يجوز لحامل البطاقة ان يسحب بها من غير جهاز مصدرها، وذهب لهذا القول اكثر العلماء، ومنهم الشيخ محمد العثيمين رحمة الله تعالى على الجميع.
استدل اصحاب القول الاول القائلون بعدم جواز السحب من جهاز صراف اخر غير مصدر البطاقة لهم بثلاثة ادلة:
الاول: انه يؤدي الى الوقوع في شبهة الربا، والقرض الذي جر نفعا، ووجه ذلك ان البنك مصدر البطاقة- وهو في مثالنا السابق الراجحي – يؤخذ منه على كل عملية سحب اربعة ريالات وستون هللة، ستون هللة تذهب لمؤسسة النقد واربعة ريالات للبنك صاحب الصرف الالي، فاذا كان للانسان بطاقة صرف من الراجحي مثلا -في مثالنا السابق- وصرف بها خمسمائة ريال من ساميا – مثلا-، قالوا: حقيقة هذا السحب انه يجمع بين عقدين: القرض والحوالة. اما القرض فلان الساحب قد اخذ المال من صندوق بنك سامبا على هذا المثال، ويتحولبنك سامبا الى غريم مصدر البطاقة وهو الراجحي في هذا المثال، وحينئذ عندما يستوفي سامبا من الراجحي يستوفي منه خمسمائة ريال واربعة ريالات، في مثالنا السابق يقولون: البنك البريطاني يستوفي من الراجحي خمسمائة ريال واربعة ريالات. قالوا: وهذا يعتبر من النفع في القرض، وكل قرض جر نفعا فهو ربا.
الثاني :- ان هذا فيه اعانة على الاثم اذا كنت تسحب بهذه البطاقة من صراف بنك ربوي فهذا فيه اعانة على الاثم.
الثالث :- ان العقد بين اطراف الشبكة مشتمل على الغرر؛ لان المؤثر في العقد بين البنكين هو طرف ثالث وهو حامل البطاقة فهو المؤثر في غرم البنك او غنمه. اما طرفا العقد فيجهلان العاقبة.
واستدل اصحاب القول الثاني القائلون بالجواز فقالوا: ان صاحب البطاقة انما يسحب من رصيده في الواقع ومن حسابه ولا يسحب من حساب البنك الاخر، ففي المثال السابق اذا كان مصدر بطاقة الصراف هو الراجحي وحسابك عند الراجحي، وذهبت وسحبت عن طريق صراف بنك اخر مثل بنك سامبا، فهل انت تسحب من خزينة بنك سامبا؟ الواقع ليس كذلك ، انما تسحب من حسابك من رصيدك لدى الراجحي لكن عن طريق جهاز البنك الاخر الذي هو في هذا المثال بنك سامبا. قالوا: وبهذا لا اشكال في المسالة؛ لان كل واحد انما يسحب من رصيده.
ومما يدل على هذا لو كان لك حساب جار عند الراجحي ورصيدك خمسة الاف ريال، ثم انك مررت بصراف بنك اخر ، وسحبت منه بهذه البطاقة خمسة الاف ريال، وذهبت مباشرة للراجحي طلبت منه خمسة الاف ريال، فسيقول: ليس عندك رصيد انت سحبت رصيدك، وهذا يدل على انك انما تسحب من رصيدك -في الواقع- مباشرة.
قالوا: واما الاربعة ريالات والستون هللة التي تؤخذ فهي رسم خدمة؛ لان هذه الاجهزة لها كلفة من جهة اسئجار المكان التي توضع فيه، فانها مثلا توضع في بعض محطات الوقود بمبالغ كبيرة، ومن جهة ايضا صيانتها، ومن جهة ما تحتاج اليه من كهرباء وهاتف ونحو ذلك، فهي تحتاج الى كلفة، فهذا الرسم الذي يؤخذ هو رسم خدمة، والدليل على انه رسم خدمة انه لا يزيد بزيادة المبلغ، فسواء سحبت مائة ريال او خمسة الاف ريال فالرسم ثابت اربعة ريالات وستون هللة، وهذا دليل على انه رسم خدمة، وما كان مقابل رسم خدمة فعلية حقيقية، فانه لا باس به؛ لانه لا يلزم الناس بان يخدموا غيرهم مجانا، ما كان مقابل رسم خدمة فعلية حقيقية فانه لا باس به، وهذا هو القول الصحيح في المسالة: انه يجوز الصرف من جهاز صرف اخر غير مصدر البطاقة لا حرج في ذلك ولا اشكال فيه.
واما ما استدل به القائلون بالمنع، اولا قولهم: ان المسالة تشتمل على قرض جر نفعا، فغير صحيح لان هذا بني على تصور للمسالة غير صحيح، وهذا التصور ان اصحاب القول الاول يتصورون انك عندما تسحب من صراف بنك اخر انك تسحب من خزينة ذلك البنك، ثم ان ذلك البنك يرجع على البنك الذي تتبعه ويعمل معه مقاصة ويسترد المبلغ وزيادة اربعة ريالات، وهذا التصور غير صحيح؛ اذ انك انما تسحب من رصيدك مباشرة من البنك مصدر البطاقة ولكن عن طريق جهاز بنك اخر..
واما القول بان فيه اعانة على الاثم، فغير مسلم ايضا؛ لانه ليس كل تعامل مع بنك ربوي يكون اعانة، والا فان النبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليهود وهم اكالون للسحت، وتوفي عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي، فلماذا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: اشترى طعام الشعير من مسلم حتى لا اعين هذا اليهودي على الاثم؟ فتبين انه ليس كل تعامل مع بنك ربوي يكون اعانة على الاثم، انما الذي يكون فيه اعانة هو الذي تكون تلك الاعانة ظاهرة؛ بحيث لو لم تقدم لما قام لذلك البنك قائمة مثل الحسابات الجارية، الحسابات الجارية الاعانة فيها ظاهرة؛ لان البنوك تعتمد اعتمادا كبيرا على هذه الحسابات، ومقاطعة الناس للبنوك الربوية بعدم فتح حسابات فيها لا شك انه اقوى رادع لها عن الوقوع في الربا، لكن مثل هذه العملية لا يظهر ان فيها اعانة.
واما القول بان فيه غرر، فكما ذكرنا ايضا هذا مبني على تصور غير صحيح للمسالة، مبني على تصور انك تسحب من خزينة البنك الاخر ثم ان هذا البنك يرجع الى البنك الذي تتبعه، وهذا التصور غير صحيح، والواقع انك انما تسحب من رصيدك مباشرة عند البنك الذي تتبعه، ولكن عن طريق جهاز البنك الاخر، وذلك عن طريق الشبكة السعودية.
وبهذا نعرف انه لا حرج في هذه المسالة، ولا اشكال من ان تسحب من اي جهاز صرف الي وليس في ذلك اي محظور، والله تعالى اعلم.
القسم الثاني من البطاقات: بطاقات الائتمان غير المغطاة، وعرفها المجمع الفقهي طبعا درسها مجمع الفقهي الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الاسلامي في الدورة الثانية عشرة بالريا ض بانها :- مستند يعطيه مصدره -اي البنك المصدر- لشخص طبيعي او اعتباري -وهو حامل البطاقة- بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع او الخدمات ممن يعتمد المستند -وهو التاجر- دون دفع الثمن حالا لتضمنه التزام المصدر بالدفع، ويكون الدفع من حساب المصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية، وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة، وبعضها لا يفرض فوائد، ومن امثلتها: بطاقات الفيزا بانواعها، بطاقات الفيزا بانواعها تعتبر من هذا القسم.
والبطاقة الائتمانية غير المغطاة تجمع عدة اطراف لا تزيد على خمسة:
الطرف الاول: المنظمة العالمية، وهي التي تملك العلامة التجارية للبطاقة وتشرف عليها وتشرف على اصدار البطاقات وفق اتفاقيات مع البنوك المصدرة، ومن اشهر هذه المنظمات العالمية منظمة فيزا ومنظمة ماستر كارد ومنظمة امريكان اكسبرس.
الطرف الثاني: مصدر البطاقة وهو البنك او المؤسسة التي تصدر البطاقة بناء على ترخيص معتمد من المنظمة العالمية بصفته عضو فيها، ويقوم بالسداد وكالة عن حامل البطاقة للتاجر التي تمثل البنوك مثلا الان، هذاهو مصدر البطاقة.
الطرف الثالث: حامل البطاقة وهو العميل عميل البنك الذي صدرت البطاقة باسمه.
الطرف الرابع: قابل البطاقة، وهو التاجر او صاحب المحل الذي يتعاقد مع مصدر البطاقة على تقديم السلع والخدمات التي يطلبها حامل البطاقة.
الطرف الخامس: البنوك الاخرى قد تدخل طرف وقد لا تدخل، وذلك كبنك التاجر الذي يتسلم مستندات البيع من التاجر ويقوم بتسديد وبمتابعة؛ تسديد البنوك الاعضاء للديون المترتبة على استخدام البطاقة مقابل رسوم ياخذها من التاجر.
وهذه الاطراف -كما اشرت- قد تنقص بحسب تعامل البنك المصدر وحامل البطاقة والتاجر.
اذا هذا القسم هو البطاقات الائتمانية غير المغطاة وعرفنا تعريفها واطرافها.
هل يجوز اصدار هذه بطاقات، هل يجوز اصدار بطاقات الفيزا بانواعها او انه لا يجوز؟
قبل ان اذكر الحكم اشير الى ان بطاقات الفيزا وبطاقات الائتمان غير المغطاة عموما قد تتضمن شرطا ربويا؛ لان هذه البطاقات تمنح حاملها او تمكنه من ان ياخذ عن طريقها، يسحب عن طريقها مبلغا ماليا ولو لم يكن في رصيده شيء؛ يعني لو كان رصيدك صفر ومعك بطاقة الفيزا تستطيع ان تسحب بها مبلغا ماليا وفق سقف معين، هذا المبلغ المالي بعض البنوك تعطي فترة سماح مجانية للعميل لكي يسدد هذا المبلغ، فان سدد لم يحتسب عليه فوائد ربوية.
وهذه الفترة تترواح ما بين اربعين الى خمسة وخمسين يوما بحسب اختلاف البنوك على اختلاف البنوم فيما بينها، فاذا مضت فترة السماح المجانية -من اربعين الى خمسة وخمسين يوما تقريبا- بدءوا في احتساب الفوائد الربوية عن كل يوم تاخير. اما اذا سددت خلال فترة السماح المجانية لم يحسب عليك شيء، وبعض البنوك لا تفعل هذا؛ بعض البنوك كالبنوك الاسلامية تصدر بطاقات الفيزا من غير هذا الشرط، لاحظوا ان الاشكال في هذه البطاقات هو هذا الشرط هو شرط ربوي لا شك بل هو ربا الجاهلية “اما ان تقضي واما ان تربي” كانهم يقولون: نقرضك قرضا، وعند حلول موعد سداد هذا القرض اما ان تقضي واما ان تربي، وهذا بعينه هو ربا الجاهلية.
وهذا يقودونا الى معرفة حكم اصدار هذه البطاقات، قرر المجمع الفقهي: انه لا يجوز اصدار بطاقات الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها اذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني؛ لان من يصدرها قد يقع في الربا؛ عندما تمضي فترة السماح المجانية ولا يسدد ما عليه، ثم ايضا عند توقيعه على قبول هذه البطاقة يوقع على قبول الربا، هذا التوقيع في حد ذاته فيه اشكال؛ ولذلك فانه لا يجوز اصدار هذه البطاقات اذا كانت مشروطة بهذا الشرط، والبنوك الربوية تشترط هذا الشرط. ولكن قد يوجد في بعض الدول انه لا يوجد بنك يصدر هذه البطاقات من غير اشتراط هذا الشرط، ويعتمدون في تلك الدول على هذه البطاقات اعتمادا كبيرا، ويلحقهم حرج لو قيل بانه لا يجوز استخدام هذه البطاقاتوانا وقد وقفت على واقعهم في هذا- فمثل هذه المسالة قد افتى بعض العلماء المعاصرين ومنهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بانه يجوز لمن كانوا في تلك الدول استخدام تلك البطاقات بشرط ان يكونوا عازمين على السداد خلال فترة السماح المجانية؛ وذلك للضرورة لانهم مضطرين الى حمل هذه البطاقات. وما قد يورد عليها من اشكال وهو انهم قد يقعوا في الربا امر محتمل، فتدفع الضرورة ولا ينظر لهذا الامر المحتمل، وعند توقيعهم على العقد ينوون بانهم غير مقرين بالربا، وانهم عازمون على السداد خلال فترة السماح المجانية، ولكن هذا للاخوة في تلك الدول الذين هم مضطرون الى اصدار هذه البطاقات وفي الوقت نفسه عازمون على السداد خلال فترة السماح المجانية، ومعلوم ان الضرورة تقدر بقدرها.
جاء في قرار المجمع:( ثانيا: يجوز اصدار البطاقة غير المغطاة اذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على اصل الدين، وهذا اشرنا اليه وقلنا: ان البنوك الاسلامية تفعل هذا، تصدر هذا النوع من البطاقات مع عدم تضمن هذا الشرط.(
ومن احكام هذه البطاقات :- انه يجوز اخذ مصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الاصدار او التجديد بصفتها اجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة منه، وهذه الرسوم هي رسوم خدمة، فمعلوم انه عند اصدار بطاقات الفيزا يؤخذ من العميل رسوم: رسوم اصدار، او رسوم تجديد، وهذه الرسوم لا باس بها؛ لانها رسوم خدمة فعلية حقيقية؛ لان البنك يتكبد خسائر باصدار هذه البطاقات ولها كلفة، فلا مانع من ان ياخذ مقابل الخدمات الفعلية الحقيقية التي قدمها كرسوم الاصدار او رسوم التجديد. ويجوز كذلك اخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه شريطة ان يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد. في بطاقات الفيزا يؤخذ من التاجر عمولة فاذا اشترى العميل مثلا بمائة ريال عندما يريد التاجر ان يتقاضى من البنك يتقاضى منه اقل من هذا المبلغ، على خلاف بينهم في حساب النسبة، يعني ستة وتسعين ريالا او سبعة وتسعين ريالا وبعضهم اكثر وبعضهم اقل ، لكن القول بالجواز مقيد بان يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد، فلا يرفع التاجر من سعر المشتريات على العميل بسبب استخدامه لهذه البطاقة، لا يجوز ذلك؛ لانه اذا فعل ذلك يكون دفع العمولة في الحقيقة من العميل، من صاحب البطاقة، ومعلوم ان العلاقة بين العميل صاحب البطاقة وبين البنك هي علاقة قرض، فيكون هذا من القرض الذي جر نفعا، لكن اذا اخذ هذا من التاجر فانه لا باس به؛ لانه يكون هذا من قبيل السمسرة، فكانه قيل لهذا التاجر: نحن نحضر لك زبائن وتعطينا مقابل هذا الاحضار ومقابل تلك السمسرة هذه العمولة، وهذا لا حرج فيه لكن لاحظ هذا الشرط: بشرط ان يكون بيع التاجر بنفس السعر الذي يبيع به بالنقد؛ ان يكون بيع التاجر عن طريق هذه البطاقة بالسعر نفسه الذي يبيع به بالنقد، فلا يزيد التاجر على المشتري بهذه البطاقة بسبب استخدامه لهذه البطاقة، والا لم يجز ذلك.
ومن احكام هذه البطاقات :- ان السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها، هذا هو التكييف الفقهي له ” اقتراض من مصدرها ” يعني عندما يكون رصيدك قليلا ، ما عندك مثلا الا الف ريال وسحبت عن طريق بطاقة الفيزا خمسة الاف، كانك اقترضت من البنك اربعة الاف، ولا حرج في هذا شرعا اذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، وهذا يقودنا الى معرفة حكم الرسوم التي تؤخذ على هذا السحب، عندما تسحب عن طريق بطاقة الفيزا ويؤخذ عليك رسم، ، ، فما الحكم في هذه؟ وما التكييف الفقهي له؟
اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسالة على اقوال، وقبل ان اشير لهذه الاقوال اشير هنا الى ان السحب النقدي بهذه البطاقة البطاقة الائتمانية له حالتان:سحب يدوي وسحب الي.
اما السحب اليدوي: فانه لا يجوز اخذ رسوم عليه لان هذا ربا صريح؛ لان هذه الرسوم التي تؤخذ على صاحب البطاقة لا يقابلها تكاليف، فانت عندما تبرز لموظف البنك بطاقة الفيزا وتقول: اعطوني خمسة الاف ريال ما هي الكلفة التي بذلها البنك حتى ياخذ ستة وثلاثين ريالا على هذه العملية؟ في الواقع انه ليس فيه كلفة؛ ولهذا فتكاد تتفق الهيئات الشرعية في البنوك الاسلامية على حرمة استخدام البطاقة الائتمانية في السحب اليدوي من البنوك الربوية.
اما السحب الالي فهو محل البحث، وهو الذي اختلف فيه العلماء المعاصرون. السحب الالي بطاقة الفيزا عن طريق الصراف الالي، معلوم ان الصراف الالي هذا له كلفة من جهة استئجار المحل الذي هو فيه، ومن جهة صيانته ومن جهة ما يحتاج اليه من كهرباء وهاتف ونحو ذلك، وهذا هو وجه الفرق بينه وبين السحب اليدوي، فما حكم هذا الرسم الذي ياخذه البنك مقابل السحب ببطاقات الفيزا؟
في المسالة اربعةاقوال:
القول الاول: انه لا يجوز اخذ هذه الرسوم مطلقا، وقالوا: ان هذه الرسوم هي من الربا المحرم؛ لان العلاقة بين حامل البطاقة ومصدرها الذي هو البنك هي علاقة قرض، فاخذ هذه الرسوم يعتبر من قبيل النفع المحرم في القرض ، وكل قرض جر نفعا فهو ربا.
القول الثاني يقابل هذا القول تماما: وهو جواز اخذ هذه الرسوم مطلقا، واعتبروا ان هذه الرسوم مقابل خدمات فعلية حقيقية، وقالوا: ان مكائن الصرف هذه لها كلفة -كما اشرنا الى هذا- من جهة استئجار المحل التي هي فيه، ومن جهة ايضا الصيانة ومن جهة الكهرباء والهاتف ونحو ذلك.
القول الثالث: انه يجوز اخذ الرسوم بشرط ان تكون مبلغا مقطوعا لا نسبة مئوية؛
فيقولون: يجوز اخذ الرسوم بشرط ان تكون مبلغا مقطوعا لا نسبة مئوية، والى هذا الراي ذهبت الهيئة الشرعية بشركة الراجحي، ولكن هذا الراي بالاغلبية عندهم ليس محل اتفاق، ذهبت الهيئة الشرعية بشركة الراجحي الى هذا الراي، وهو الذي عليه العمل عندهم، وايضا هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية. قالوا: لان تغير الرسم بتغير المبلغ فيه شبهة ربا، وهذا المعنى منتف اذا كان الرسم مبلغا مقطوعا.
القول الرابع في المسالة: انه يجوز اخذ هذه الرسوم بشرط ان تكون مبلغا مقطوعا في مقابل النفقات الفعلية الحقيقية لعملية القرض، ولا يجوز الزيادة على التكلفة الفعلية والى هذا ذهب مجمع الفقهي الاسلامي، وقد جاء في نص القرار (: ولا يعد من قبيله الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض او مدته مقابل هذه الخدمة، وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة؛ لانها من الربا المحرم شرعا.(
والقول الرابع هو القول الراجح في المسالة والله اعلم: انه يجوز اخذ هذه الرسوم بشرطين:الشرط الاول: ان يكون المبلغ مقطوعا؛ لان هذا هو الشان في رسوم الخدمة ان يكون مبلغها مقطوعا؛ لانه لا فرق بين كلفة سحب مائة ريال وكلفة سحب خمسة الاف ريال، الكلفة واحدة، وجعلها بنسبة مئوية تتزايد بزيادة المبلغ لا شك ان فيه شبهة الربا.
الشرط الثاني: ان يكون مقابل خدمة فعلية حقيقية؛ لاننا انما اجزناها لاجل هذا لاجل انها مقابل خدمة فعلية حقيقية؛ فلا يجوز زيادة المبلغ فوق هذا.
ومن احكام بطاقات الائتمان غير المغطاة انه لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذلك العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة؛ وذلك لان هذه البطاقات غير المغطاة مثل بطاقات الفيزا بانواعها فيها تاجيل، فعندما تشتري ذهبا ببطاقات الفيزا فان صاحب الذهب لا يحصل على حقه مباشرة وانما ياخذ وقتا حتى يحصل على حقه، وحينئذ لا يتحقق التقابض يدا بيد، وهذا بخلاف بطاقات الصرف الالي، بطاقات الصرف الالي يحصل على حقه مباشرة لكن بطاقات الفيزا لا يحصل على حقه مباشرة، ومعلوم انه عند بيع الذهب والفضة لا بد من التقابض يدا بيد؛ ولهذا فانه لا يجوز شراء الذهب والفضة و العملات النقدية عن طريق بطاقات الفيزا ونحوها، وان كان ذلك جائزا عن طريق بطاقات الصرف الالي والفرق بينهما ظاهر، على ان من العلماء المعاصرين من اجاز شراء الذهب والفضة ببطاقات الفيزا وقال: انها في قوة المصارفة يدا بيد، ولكن هذا محل نظر؛ اذ ان التاجيل فيها واقع، ما دام انه يوجد فيها تاجيل ولو لساعة واحدة، فهذا فيه اشكال، ارايت لو بعت ذهبا باوراق نقدية ولم تسلم الاوراق النقدية الا بعد ساعة اليس تقع في الربا؟ كذلك ايضا هذا من هذاالقبيل.