تسللت الاشعة الذهبية لتسقط على نافذة احدى المنازل البسيطة….التى تقبع فى محافظة من محافظات الوجه البحرى لمصرنا الحبيبة….محافظة يغلب على سكانها الطابع الريفى…لنلقى بنظرنا الى احدى اروقة تلك المحافظة….لنتطلع الى منطقة مكتظة بالسكان من الطبقة التى لا نستطيع ان نصفها بالطبقة المتوسطة….بل هى اقل من ذلك…..حتى و ان كان ليس بالكثير….فمنازلهم التى تلتحم مع بعضها البعض….و المتلاصقة بشكل عشوائى فنجد انه من الصعب ان نفصل بين جدار و اخر….فالبعض الى حد ما متماسك….و البعض الاخر على وشك الانهيار….و لكن عندما تنظر فى وجوه سكانها تجد منهم من يرتسم على وجهه علامات الرضا بما قسمه له الله…..و منهم من يعترض على معيشته و يرى انه يستحق افضل من ذلك بمراحل….محاولين منهم الوصول الى مراحل التقدم و الرقى و مواكبة التحضر و تقليدهم لما يطلقون عليها ” المدينة “…..ليرتقوا بمستواهم الى ان يصبحوا كسكان العاصمة الكبرى….القاهرة
استيقظت ناهد….و نهضت من فراشها….بحركات بطيئة….متجهة الى احدى غرف المنزل….كانت انيقة و بسيطة للغاية….يوجد بها فراش متوسط الحجم يوضع فى منتصف الغرفة….و مكتب انيق يعلوه العديد من الكتب الموضوعة باهمال….و كذلك مكتبة تحتوى على عدد لا باس به من الكتب الثقافية….و بعض الزخارف التى تجذب الانظار اليها….و خزانة للملابس ملصق عليها بعض الصور لفتى و فتاة
توجهت ناهد الى الفراش…لتمد بيدها تلتقط الكتاب الملقى على وجهه على احدى الصفحات…لتنظر الى الغلاف…و تقرا العنوان….قائلة :
– تانى دعاء الكروان….ده انا خلاص قربت اسمعها تحريرى و شفوى كمان
ثم تضعه على المكتب….و تمد يدها مرة اخرى برفق لتوقظ الفتاة النائمة….قائلة :
– نور…نور…قومى يلا الساعة بقت 9…يلا عشان عايزاكى تروحى تجيبى حاجات من السوق
تململت نور فى فراشها…تتقلب على الجانب الاخر…قائلة بصوت ناعس :
– ماشى يا ماما….ساعة كده بس كمان
نهرتها ناهد…و هى توقظها برفق مرة اخرى…قائلة :
– لاء يلا…عشان تلحقى ام عبير قبل ما تخلص القشطة من عندها
تململت نور فى فراشها مرة اخرى….و نهضت من الفراش ممتعضة…لتنظر الى ناهد….قائلة :
– انا و الله كنت سهرانة و خلاص مش قادرة خالص…مرعوبة من النتيجة اصلا…ربنا يستر بقى
اجابتها ناهد و هى تنصرف من الغرفة….قائلة :
– طيب يلا البسى….و تعالى اكتبى الحاجات اللى هقولك عليها
تمطعت نور متكاسلة….و هى تقول :
– امرى لله….مضطرة بس لحد لما النتيجة تتطلع….و للاسف المضطر يركب المترو
اغتسلت و ابدلت ثيابها….و وقفت امام المراة تمشط شعرها….ثم رفعته الى الاعلى ليشبه ذيل الحصان….و تركت العنان لغرتها تنسدل على جبهتها
كانت نور رشيقة القوام…هادئة…بريئة الملامح…تجذب انظار كل من ينظر اليها….ببراءة عيناها البنية اللون….ذات الرموش الكثيفة….و انفها الصغير…و فمها الممتلئ….و بشرتها البيضاء…ذات الوجنتين القرمزيتين…التى تعلوها بعض البثور المحفورة بوجهها…التى لم يتراوح عددها سوى اربعة بثور احداها يستقر بحاجبها الايمن…و فى جبهتها…و فى نهاية العين اليمنى…و فى صدغها الايسر….لتزيدها جمالا و براءة
لا يخيل الى كل من ينظر اليها….ان تلك الفتاة على مشارف اتمام العقد الثانى من عمرها….بل فتاة لا يتخطى عمرها الثانية عشر
ذهبت نور الى والدتها ناهد….لتملى عليها الاخيرة ما تريد شرائه…كانت نور تدون خلف والدتها و هى تتثاءب بقوة
عقدت ناهد حاجبيها بقوة….و مطت شفتيها….قائلة بامتعاض :
– ياريت نبقى نركز فى الحاجة اللى بنجيبها…و عشان نبقى نسهر تانى….و ياريتنا سهرانين و احنا ساكتين…ده انا معرفتش انام بسبب نجاة اللى انتى مشغلاها دى
اغمضت نور عين…و نظرت الى ناهد بالعين الاخرى….قائلة بتعالى :
– و انا من امتى بجيب الحاجة وحشة….ده انا خلاص الناس عرفتنى….و اتصاحبت عليهم كمان….و بعدين انتى عارفة لما بكون قلقانة او فرحانة مش بعرف انام….و شغلت نجاة عشان تسلينى…انا بحب اسمعها….المهم انا عايزة اجيب رمان
اومات ناهد براسها….و اعطتها النقود…..قائلة :
– خلاص ماشى….بس البطاطس نقيها طويلة و حلوة….و هاتى الاوطة…
قاطعتها نور….و هى تتجه الى باب المنزل…قائلة :
– و الاوطة نقيها حمرة و جامدة….و القشطة تكون من عند ام عبير عشان حاجاتها حلوة….عارفة انا كل الكلام ده….يلا سلام
هبطت نور الدرج بحركات رشيقة….ان كان لم يصاحبها كعادتها…..و التى تنهرها دوما ناهد عليها….و هى القفز عند عدد معين من الدرجات….لتصادف فى طريقها شخصا يغلق الباب خلفه….معترضا طريقها…..و ينظر اليها مبتسما…..قائلا :
– يا احلى صباح فى الدنيا…يا احلى من صباح اللى بتغنى….ده ايه النور ده….يعنى اسم على مسمى بجد
رسمت نور بسمة مصطنعة على ثغرها….سرعان ما اختفت….قائلة :
– صباح الخير يا وليد….ممكن تعدينى بقى….عشان متاخرة
هز وليد راسه نفيا…عاقدا ذراعيه امام صدره….و ساقه اليسرى….ملتفة حول ساقه اليمنى….قائلا :
– تؤ تؤ تؤ…مش قبل ما تقوليلى رايحة فين بدرى كده…و النتيجة بانت و لا لسه
كان وليد فى منتصف عقده الثانى…..كان طويلا الى حد ما….شعره اجعد و لونه اسود….عيناه صغيرتان و لكن عندما تنظر اليها تشعر و كانك ستسقط فى بئر ليس له قرار….عندما تنظر الى عيناه تشعر بقشعريرة تسرى فى كامل جسدك….تشعر بان هاتين العينان الصغيرتان لا نهاية لهما….بشرته تميل الى اللون الخمرى
تنهدت نور بقوة…و هى تشعر بالاشمئزاز من ذلك ال وليد الذى دائما ما يثير حنقها و غضبها….قائلة بابتسامة ساخرة :
– مالكش دعوة بيا
حاولت نور ان تمر بجواره….و لكنه اعترض طريقها مرة اخرى….قائلا بنبرة حانية :
– ليه بس كده يا نور….ده انا عايز اطمن عليكى و الله
رفعت نور براسها الى الاعلى….ثم اخفضتها ناظرة اليه…قائلة :
– وليد…انا كده هتاخر….و بعدين ارتاح….لسه النتيجة مظهرتش….هتظهر على العصر كده….خلاص ارتحت….عدينى بقى
اعترض وليد طريقها للمرة الثالثة….ليزيد من حنق نور اكثر….قائلا :
– طيب ممكن لما النتيجة تظهر تقوليلى….عشان اشوف هتدخلى ايه
شعرت نور بالغضب الشديد يجتاح كيانها….فزفرت بقوة…ثم لتباغته بدفعه من قبضة يدها بقوة فى صدره….ليصطدم بظهره فى باب شقته…لتكمل نور طريقها….و هى تنظر من حين الى اخر الى الاعلى…و هى لم تستطع ان تسيطر على ضحكاتها من مظهره
خطت نور خطوتها خارج البناية الى الشارع….و ما هى الا عدة خطوات لا تتجاوز نصف المتر…لتجد شاب طويل القامة….عريض المنكبين الى حد ما….نتيجة ممارسته لالعاب حمل الاثقال…ذات بشرة مخملية….يرتدى نظارة طبية….تجعله يشبه الاطباء….يعترض طريقها…و هو ينظر الى الاعلى…و كانه يتحدث الى شخص ما….فتنحت جانبا….ليقف امامها بدوره….لتتنحى الى الجانب الاخر….فيفعل مثلها….لتطلق ضحكاتها…قائلة بمرح :
– ههههههه…..يا سلام….قال يعنى مش واخد باله….و بيكلم حد….ماشى يا امجد…انت ايه اللى جايبك بدرى اصلا….انت مش كنت داوشنى امبارح…و معرفتش انام بسببك
حملق امجد فى وجهها….لتخفى نور وجهها بين كفيها الصغيرتين….ضاحكة….ليجيبها امجد….قائلا :
– انا برضه الى كنت عامل دوشة….انا اللى كنت مشغل نجاة بصوت عالى….لدرجة ان عم فاروق طلع زعقلى
ثم ابتسم…و هو يكمل :
– بس مش مشكلة و لا يهمك….المهم انتى عاملة ايه…و اخبار النتيجة ايه….ظهرت و لا لسه
رفعت نور راسها…قائلة :
– انا الحمد لله تمام….لاء لسه هروح اجيبها من المدرسة العصر كده…حاسة ان انا مرعوبة
اجابها امجد بابتسامتة الجذابة…و نبره حانية….قائلا :
– متقلقيش ان شاء الله خير….بس انتى عايزة تدخلى ايه بقى
نظرت نور الى ساعة يدها….ثم نظرت اليه….قائلة :
– معلش يا امجد هروح الاول اجيب الحاجات لماما من السوق….و هبقى اكمل معاك و انا رايحة لنيفين….متزعلش بقى
رد امجد قائلا بمرح :
– مقدرش ازعل منك…بس تدفعى كام و اعديكى
نظرت له نور بترجى….قائلة :
– يلا بقى يا امجد عشان خاطرى….عشان خاطرى
تنهد امجد….و هو ينظر الى الاعلى….ليتنحى عن الطريق جانبا….و هو يقول :
– يا سلام يا واد يا امجد باشا على قلبك الطيب ده
ثم مال الى مستواها….و هو ينظر الى عيناها….قائلا :
– لولا بس عشان خاطرى دى انا مكنتش عديتك….بس هاخد منك اتاوة و انتى راجعة…اتفقنا
عقدت نور حاجبيها…متسائلة :
– يعنى ايه اتاوة
ضحك امجد لبرائتها المعهودة….شارحا :
– هههههههه….احلى حاجة بتعجبنى فيكى برائتك دى…اتاوة يعنى هاخد اى حاجة منك فى مقابل ان انا اعديكى….رشوة يعنى….فهمتينى
كانت نور تستمع اليه….و كانه يشرح شيئا هاما….لتومئ براسها ببراءة….قائلة :
– اه فهمت…بس مش الرشوة دى حاجة وحشة يعنى
ابتسم امجد ابتسامة واسعة….قائلا :
– طيب هفهمك بعدين عشان تلحقى تروحى تشترى حاجاتك….لان لو قعدت افهمك مش هتروحى خالص
تجولت نور بالسوق….و ابتاعت كل ما املته عليها ناهد من مشتروات….وقفت نور على جانبى الطريق….تنظر ان كان ينقصها شئ….فتوجهت مباشرة الى سيدة بدينة نوعا ما….امامها عربة خشبية ممتلئة بحبات الطماطموقفت نور امام العربة….و مدت يدها الى تلك الحبات و التقطت واحدة منهما تتفحصها….ثم نظرت الى السيدة الواقفة امامها….متسائلة :
– بكام الاوطة يا ام سمير
نظرت لها احدى السيدات اللاتى تقفن بجوارها….و هى تمط شفتيها بامتعاض….قائلة :
– اوطة….اسمها طماطم يا حبيبتى
نظرت لها نور مبتسمة….قائلة ببراءة :
– انا اتعلمتها اوطة….ماما علمتهالى كدهلم تلفظ المراة بحرفا اخر….بل ظلت تتلوى بشفتيها و هى تلتقط بحبات الطماطم….بينما نور ابتاعت ما ارادته و ابتعدت عن تلك المراة….لتتحدث المراة ساخرة الى ام سمير….قائلة :
– ده ايه يا ختى ده….حاجة تفقع المرارة بصحيح….قال اوطة قال
زفرت ام سمير بقوة….قائلة بنبرات حادة :
– بقولك ايه يا سميرة….نقى حاجتك و انتى ساكتة….و بطلى تحشرى مناخيرك فى اللى مالكيش فيه….بطلى تجيبى فى سيرة الناس شوية….عايزة كام كيلو
اعطت فايزة الشنطة الى ام سمير….و هى تمتم :
– طيب يا ختى يا حنينة
ثم اكملت بصوت مسموع….قائلة :
– هاتى 3 كيلو….و اتوصى بالميزان شويةاتجهت نور الى بائعة اخرى….تفترش الارض بعدة اطباق كبيرة امامها….وقفت نور قبالتها مبتسمة….قائلة :
– صباح الخير يا ام عبير….عايزة نص قشطة بس خلينى ادوقها الاول
رفعت ام عبير براسها تنظر الى نور….لتتسع ابتسامتها….قائلة :
– يا صباح الفل يا ست البنات….بس كده من عنيا….احلى قشطة و مش هتلاقيها عند حد
ضحكت نور لثنائها على اغراضها…قائلة بمرح :
– ههههههه….اصلا انتى عارفة ان انا مش بجيب من عند حد غيرك
امسكت ام عبير بالملعقة….لتغمسها فى الطبق الممتلئ بالقشدة….ثم ناولته الى نور….لتقوم الاخيرة بتذوقها….ثم تهز براسها…قائلة :
– تمام جدا….طيب عايزة نص كيلو بقى بسرعة قبل ما اخلصلك عليها و انا واقفة
ضحكت ام عبير….و هى تزن لنور الكمية التى ارادتها….قائلة :
– هههههههه…..بالهنا و الشفا يا قمرانهت نور جميع ما يلزمها….و سارت بالشارع التى تقطن فيه….لتقف امام المحل الذى يعمل به امجد….وضعت ما تحمله على الارض….و هى تشعر بالالم الشديد لثقل ما تحمله….ظلت تبحث بعيناها عنه و لكنها لم تراه….فحملت اغراضها من جديد….و ما ان استدارت حتى انتفضت ذعرا
خرج امجد من البناية التى تقع امام المحل و التابعة له….ليجد نور تقف امام المحل تبحث عنه….اتسعت ابتسامته….و خطى بخطوات هادئة تجاهها….ليقف خلفها مباشرة….ليجدها تحمل الشنط و تلتفت ليفاجاها بوجوده….قائلا :
– لو بتدورى على عم فاروق….هو قاللى اقف معاكى عشان مفيش حد يخطفك
انتفضت نور من مكانها ذعرا….ناظرة اليه بعتاب….قائلة :
– هو انت على طول تعمل معايا الحركة دى
مازحها امجد و بادلها نفس النظرة….قائلا :
– و انتى على طول تخضينى عليكى كده و انتى عارفة ان انا على طول بعملها
ثم نظر الى الاشياء التى تحملها….ليرفع نظره اليها…قائلا بشفقة :
– كل ده شايلاه لوحدك يا حبيبتى….طيب سيبيه و انا هطلعهالك
حاولت نور رسم القوة….فحملتهم و رفعتهم الى الاعلى….قائلة :
– متقلقش خالص ده احنا جامدين جدا
ثم ما لبثت ان شعرت بالالم….فتركتهم سريعا….لتجد من يقول :
– لاء ما هو واضح خالص….ده انتى مش عارفة تمسكيها دقيقتين على بعض
التفت كلا من نور و امجد الى مصدر الصوت لتقع عيناهم على وليد….ليشعرا اثنتيهم بالضيق و الحنق من وجوده….ليوجه امجد حديثه الى نور….قائلا :
– سيبى الحاجات دى…و اطلعى انتى و انا هطلعهالك
اومات نور براسها….و خطت خطوة واحدة لتجد وليد يقترب من اغراضها….يحاول حملها….موجها حديثه الى امجد….قائلا بلهجة ساخرة :
– خليك انت يا هندسة….و انا كده كده طالع البيت هوصلها…بدل ما تتعب نفسك و تطلع بيت مش بيتك
اعترض امجد طريق وليد ببنيانه القوى….قائلا بنبرة صارمة :
– متشكر اوى لخدماتك….بس انا اللى هطلع الحاجات….و اظن ان مفيش حد طلب منك مساعدة
ثم نظر الى نور التى كانت تنظر اليهم….عاقدا جبينه بقوة….قائلا بنبرة صارمة….امرة :
– يلا اطلعى….مستنية ايه
ارتعدت فرائص نور من نظرات امجد لها….و من لهجته الغاضبة…و ركضت الى المنزل….بينما ضحك وليد ساخرا…و هو يقول :
– تعرف يا هندسة….تنفع فى التمثيل اوى….واخد دور مش دورك…و بتحاول تقنع نفسك بيه….لكن يا خسارة عمرها ما هتحس بيك ابدا….و العصفورة هتخرج من ايد سجانها قريب اوى….بس وقتها هتندم….و هتبقى لا حصلت لا ده و لا ده
اقترب امجد من وليد….رافعا سبابته فى وجهه….قائلا بنبرة محذرة :
– حذارى يا وليد تقرب من نور….انت فاهم….لو عرفت بس ان انت ضايقتها بنظرة بس….مش هتعرف هيحصلك ايه منىلم ينتظر امجد اجابة من وليد….فحمل الاغراض و تركه بمفرده….ليمر من امامه….و هو يرمقه بنظراته الغاضبة و المحذرة….ليقابلها وليد بنظراته الساخرة….قائلا :
– ماشى يا روميو بكرة نتفرج
الحلقة الثانيةصعد امجد الدرج بخطوات سريعة….واسعة….حاملا الاغراض التى ابتاعتها نور….ليجدها تقف امام الباب….و ما ان راته حتى ابتسمت ابتسامتها العذبة…لتقترب منه و هى تحاول مساعدته فى حمل بعض الاشياء…فاقتربت منه….و مدت يدها….مازحة :
– خلاص بقى يا باشا….خلى عنك
ضحك امجد و هو يزيح يدها برفق….قائلا :
– ههههههه….لا يا شيخة بعد ما خلاص طلعتها
عقدت نور ذراعيها امام صدرها…و هى تسير امامه و تهز كتفيها بتبرم كالاطفال….معاتبة اياه :
– يا سلام…مش انتى اللى زعقتلى قدام وليد….و قولتلى اطلعى يلا
وضع امجد ما يحمله….و اقترب منها ليمسح على شعرها فى حنان….قائلا :
– انا اسف يا حبيبتى….حقك عليا….الواد ده رخم اصلا و انا مش بطيقه….و بعدين يا نور انا قولتلك ميت مرة….لما اقولك على حاجة اعمليها على طول…..و بلاش دماغك الناشفة دى
قال كلمته الاخيرة…و هو يشير بسبابته الى راسها….لتمازحه هى الاخرى….لتقف على اطراف اصابعها….و تفعل مثلما فعل….قائلة :
– ما الدماغ الناشفة دى….من الدماغ اللى ربتها دى….و لا ايه برضه
ضحك امجد….و لامس وجنتيها….قائلا :
– هههههههه…..كبرتى و بقيتى لمضة اوى
ظلا يمازحان بعضهما البعض….الا ان قاطعهم صوت ناهد تتقدم باتجاههم….تتهادى بخطواتها….و هى تضع كفها على بطنها المتكورة….و كانها على وشك الانفجار….و هى تلتقط انفاسها بصعوبة بالغة…..مرحبة بامجد….قائلة :
– ازيك يا امجد عامل ايه….تعالى اقعد واقف ليه…اوعى تكون البت دى عملت حاجة
نقل امجد بصره بين نور الغاضبة من كلمات والدتها….و بين ناهد…قائلا :
– انا الحمد كويس اوى…المهم انتى عاملة ايه….و النونو بتاعنا عامل ايه….نور دى تربيتى و بعدين خلاص بقى بقت انسة زى القمر اهى….و كلها ايام و تبقى طالبة جامعية قد الدنيا
ابتسمت نور من اطراء امجد….فنظرت الى ناهد…..قائلة :
– شوفتى بقى قال عليا ايه….هو الوحيد اللى دايما يرفع من روحى المعنوية
اومات ناهد براسها….ساخرة :
– ماشى يا فالحة….لما نشوف هتعملى ايه فى النتيجة
ظهر الضجر على وجه نور….فشعر به امجد….فحاول تخفيف حدة التوتر….قائلا بمرح :
– ازاى بقى دى نور هتجيب احلى مجموع….ده انا مراجع معاها حرف حرف
ثم نظر الى نور….غامزا له بعينيه….قائلا :
– و لا هتكسفينى
ضحكت نور…..و هى ترفع كتفيها الى اعلى….قائلة بتعالى :
– ههههه….لاء طبعا….ده انا نور
قهقه امجد لثقة نور….ثم سار تجاه الباب….قائلا :
– ههههه…..طيب سلام انا بقى….لاحسن عم فاروق يعلقنى على باب زويلة….يلا سلام يا خالتى
ثم التفت الى نور….قائلا :
– مستنيكى تعدى عليا و انتى نازلة
اومات نور براسها….و هى تؤدى التحية العسكرية…قائلة و ابتسامة واسعة ترتسم على ثغرها :
– علم و ينفذ يا فندم
اوشك امجد على غلق الباب خلفه….و لكنه توقف عندما استمع الى صوت نور مناديه باسمه….قائلة :
– امجد استنى ثوانىانحنت نور الى احد الشنط و التقطت منه شيئا….و توجهت به الى امجد….و اعطته اياه….لينظر امجد الى ما اعطته اليه نور….لترتسم ابتسامة واسعة….حانية…على ثغره….ثم يرفع بنظره اليها….قائلا :
– على طول اول ما بيطلع لازم تجيبيه
اسندت نور بجسدها على الباب….قائلة :
– اول لما بشوف الرمان بفتكر لما كنا بنلعب بيه سوا….و مش بعرف اكله غير معاك
اجابها امجد….قائلا :
– خلاص هستناكى ناكله سوا
ثم هبط الدرج مسرعا….و هو يكمل….قائلا :
– متتاخريش و انتى نازلة عشان المدرسة ماتبقاش زحمة
اجابت نور و هى توصد الباب خلف امجد….قائلة :
– حاضرحسن….حسن….انت يا بنى استنى بقى….يا بنى حرام عليك….نفسي اتقطع من جريى وراك
توقف شابا فى منتصف عقده الثالث….ممتلئ الجسد قليلا….يظهر على وجهه امارات الغضب….التى ان نظر اى شخص امامه فسيشعر بحرارة ذلك البركان الغاضب….بل سيركض من امام ذلك ال حسن الثائر….قبل ان تطوله تلك الحمم البركانية
ليقترب منه اخر و هو يلهث….ليقف امامه…..مربتا على كتفه…..محاولا تخفيف حدة هذا البركان الغاضب……قائلا :
– اهدى بس كده يا حسن….و انا هكلم عماد يلغى طلب النقل دهو حدث ما لم يكن فى الحسبان مطلقا…..لم يستطع ذلك البركان ان يسيطر على الحمم التى ارادت ان تلتقى بالهواء الطلق….لتنفجر دون سابق انذار….فصاح حسن بصوت هادر….قائلا :
– اهدى ايه يا شريف….انت شايف على طول بيعاند معايا ازاى….هو خلاص يعنى مش لاقى غيرى اللى ينقله هناك….و لا علشان دايما بسكت عن حقى….المرة دى بقى خلاص مش هسكت…..و مش هعمل اللى هو عايزة….انا مش هتنقل الفرع التانى ده….ده غير انه عارف ان مراتى خلاص قربت تولد…..ده خلاص دماغ..و قبل ان يكمل حسن كان شريف قد جذبه خارج البناية….ان لم يكن يدفعه منذ ان تصاعد الغضب الهادر الذى يعتمل صدره
توجه حسن برفقة شريف الى الحديقة الصغيرة التى تقبع امام البناية مباشرة…..فجلسا اثنتيهم على احدى المقاعد….ليربت شريف على ساق حسن….قائلا :
– ممكن نتكلم بهدوء شوية
و للمرة الثانية…..انفعل حسن فى وجه شريف…قائلا :
– بقولك يا شريف…..شيماء خلاص هتولد اخر الشهر ده…و هو رايح يقولى هنقلك فرع الشركة اللى فى طنطا ….اخر الشهر ده….يعنى هودى مراتى المستشفى و اقولها معلش اصل المناديب هيجردوا العربيات النهاردة…..شركة بنت تييييت صحيححاول شريف ان يسيطر على غضب حسن…قائلا :
– طيب ممكن تهدى بقى و تسمعنى…..انا قولتلك مليون مرة ان انت بتضيع حقك بايدك بالعصبية بتاعتك دى
فالتفتت اليه حسن فجاة…..ليصيح مرة اخرى…قائلا :
– برضه بتقولى انا بضيع حقى….ده هو اللى تيييت و مش بيلاقى غيرى اللى يترسم عليه…..بس انا مش هسكت المرة دى
هز شريف راسه فى اسى….و تنهد بقوة….ثم لمعت عيناه فجاة….قائلا :
– طيب انا عندى حل كويس اوى….انت تروح هناك و تظبط مكان و بعد كده ترجع تاخد مراتك و تبقى جنبك
نظر له حسن مليا….قائلا بنبرات ساخرة :
– يا سلاااااااااام…..الواحد و الله مكنش عارف يعمل ايه من غيرك يا اخى
اكمل شريف حديثه دون ان يبالى بنبرات حسن الساخرة…..قائلا :
– و اللى اعرفه ان فرع الشركة اللى هناك بيقدروا الموظفين اكتر من فرع القاهرة بكتير….فدى ممكن تكون فرصة كويسة ليك…..و اهو كمان تبعد عن عماد…..طالما انتوا اللى الاتنين مش بترتاحوا سوا….و بعدين مفيش حد يعرف بكرة مخبى ايه…..مش جايز يكون ده رزق المولود اللى جاىكان شريف يعى تماما بما يتفوه به لسانه….كان يعلم ان حسن يريد ان يصل الى اعلى المناصب دون اى مجهود يذكر….كان يحب المال….و من منا لا يحب ذلك….و لكن عليك الاجتهاد اولا….لتجنى ثمار هذا الاجتهاد….ان كان فى دنياك….و لكن المؤكد انك ستؤجر به فى اخرتك…فالله لا يضيع اجر من احسن عملا
هدا حسن جراء كلمات شريف الاخيرة….و ظلت الاحلام ترتسم امامه و هو ينتقل من منصب الى اخر….فادرك شريف انه استطاع ان يكبح جماح غضب حسن….فشعر بالرضا…..فاكمل و هو يضع كفه على ساق حسن…..قائلا :
– و انا يا سيدى هاخد اجازة….و اجى معاك ندور على شقة و نفرشها….و بعد كده تبقى تجيب مراتك و تستقر و انا مش هسيبك هبقى ازورك على طول
فارتسمت اخيرا بسمة واسعة على ثغره….و احتضن شريف…..قائلا :
– بجد مش عارف يا شريف من غيرك كنت عملت ايه….ربنا يخليك ليا يا شريف….انت مش بس ابن عمى….انت اخويا كمان
احاط شريف كتف حسن بذراعه…..قائلا بمرح :
– بس ما تبقاش تاخد على كده…..عشان انا جمايلى زادت عليك اوى الايام دى….و مش عارف بس هتسدد امتى
ضحك حسن….و هو يغمز لشريف بعينيه….قائلا :
– ههههه……متقلقش قريب اوى….اومال مين اللى هيقف فى فرحك
نظر شريف لحسن نظرات ذات مغزى…..قائلا :
– تانى يا حسن…..ما انا قولتلك يا بنى فكك منى فى الحوارات دى….انا كده عايش باشا….لا واحدة تزن عليا كل شوية و لا متايد بحاجة…..تحس ان انت حر طليق كدهضحك حسن مرة اخرى….قائلا :
– هههههه…..يا بنى الجواز ده نعمة….و اللى مايشوفها يعمى….ترجع كل يوم كده تلاقى اللى محضرالك الحمام….و مجهزالك الاكل….و تحس بحد فى البيت
مط شريف شفتيه فى امتعاض…..و هز كتفيه….قائلا :
– يا سلام على الفاظك الرائعة…..اللى ما يشوفها يعمى….و بعدين يعنى كانك متجوز جارية….مش متجوز بنى ادم زيك له احساس و مشاعر….طيب لو الجواز كده ما انا عايش فى بيت اهلى…..و برضه بلاقى اللى يعملى كل حاجة
نهض حسن من مجلسه….ممسكا بذراع شريف….قائلا :
– بص انا و انت مش هنتفق ابدا….انا راى و انت راى تانى خالص….فالاحسن ان احنا دلوقتى نروح نبلغ الباشا اللى هناك ده….و بعد كده نبقى نشوف موضوعك مع الجواز
سار اثنتيهم تجاه البناية التى يعملون بها….ليميل شريف بجسده على حسن….قائلا بنبرة محذرة :
– بس الله يخليك يا اخى اتكلم مع عماد بهدوء….عموما انا هكون معاك عشان متتهوروش على بعض….و عشان اقوله على الاجازة اللى عايزها….بالرغم من ان انا عارف مصيرى بعدها….بس و لا يهمك كله فدا عتريس او فؤاده اللى جايين
ضحك حسن….قائلا :
– هههههههه…..عتريس و فؤاده….مسمعتكش شيماء و انت بتقول الاسماء دى….بس متنساش يا معلم ان ابنى هيضيف جنبك لقب عمو
هز شريف راسه مبتسما….قائلا :
– ربنا يخليهولك و يجبهولك بالسلامة…..و لما يجيلى بقى شوف انا هتعامل معاه ازاى…..مش هيلاقى غير معاملة البوابين
ظلا اثنتيهم يتمازحان….حتى وصلا الى مكتب عماد….ليعلماه الامرباشر امجد عمله….ليرفع راسه فجاة ليجد شخصا مقبلا عليه….فتوقف عما يقوم به…..و هو يرسم ابتسامة واسعة على شفتيه
اقترب الشخص من امجد….مددا يده ليصافحه…قائلا :
– ايه اللى نزلك بدرى كده يا برنس الليالى
مط امجد شفتيه…..قائلا بامتعاض :
– يا برنس الليالى….ايه يا احمد اللغة دى….عايز افهم بس بتجيبها منين….انا شاكك فى شهادتك و الله
ضحك احمد….و هو يخرج هاتفه من جيب سرواله…..قائلا :
– هى دى لغة….تعالا معايا و انا اعرفك على القاموس كله
ثم شرع فى الغناء….بصوت مرتفع….قائلا :
– يا برنس الليالى….يا رمانة الميزان….يا هاف دفيندر قلبى….فينك من زمان….كان حبك بالمجا
نهره امجد و هو يطبق على بكفه على فم احمد….قائلا :
– شششششش…..كفاية التلوث البصرى…..مايبقاش سمعى كمان….هو ده صوت بنى ادم
انتزع احمد نفسه من بين كفى امجد التى كانت تطبق عليه بقوة….ليتحسس وجهه….هاتفا بفزع….مازحا :
– هتموتنى يا امجد….عايز تموت اخوك عشان صوتى احلى منك….عايز تخلص منى عشان الفلوس و المزز….لالالالالا…..اخص عليك ماكنش العشم خالص يا ابن امى و ابويا
كان امجد يستمع الى احمد….و هو يحملق فى وجهه….فاقترب احمد منه….متصنعا الجدية….قائلا :
– خلاص خلاص….سماح المرة دى….بس المرة اللى جاية لا يمكن تنزل الارض ابدا
ثم لم يستطع احمد ان يتمالك نفسه…..فانفجر ضاحكا من حملقة امجد فيه….قائلا :
– ههههههههه…..و الله شكلك شبه افلام الكرتون الى كنا بنتفرج عليها زمان
ضرب امجد كفا بكف….و هو يتحسس حرارة احمد….قائلا :
– ربنا يشفيك يا احمد و الله….انا بجد مش عارف انا مستحملك ازاى….انت يا بنى ازاى ساكت على نفسك كده….انت لازم تتعالج….بدل ما الحالة تطور و يبقى مرض مزمن…و يحتاج لاستئصال
فاجابه احمد….قائلا :
– بقولك ايه ما تسيبك من اللى بتعمله ده و تعالى نسافر مصر نقدم فى معهد التمثيل….ده احنا هنبقى ثنائى ايه لوز لوز
رفع امجد حاجبيه الى اعلى….قائلا :
– يا سلاااااااام….و اما اسافر انا و انت بقى….مين اللى هياخد باله من امك و اختك الصغيرة
غمز له احمد….قائلا :
– امك و اختك برضه….و لا البرنسيسة حبيبة القلب اللى معرفتش انام منها بسبب الست نجاة اللى مشغلاها
زاغ امجد ببصره….و بدا على صوته الارتباك….قائلا :
– قصدك مين يعنى
تصنع احمد اللامبالاة….قائلا :
– ها….لا خالص و لاحاجة….انا بس اللى بهلوس بالليل….انت عارف بقى اللى بياكل فول بيعمل ايه…..انا سمعت انه بيملى البطون….اتاريه طلع بيبوظ العقول
مازح الاخوان بعضهما البعض….ليفاجا امجد بشخص يعرفه تمام المعرفة يقترب منهم….ليجدها نور قادمه تجاههم برفقه ناهداقتربت نور و ناهد منهما ليلقيا عليهم السلام….فنظر امجد لنور متسائلا….و قبل ان تتفوه نور بحرفا واحدا…كانت ناهد تتحدث الى امجد….قائلة :
– معلش بس يا امجد هتعبك معايا…..فى بنت صاحبة نور قالت ان النتيجة ظهرت و انا مش عارفة هقعد اد ايه عند الدكتور….فمعلش بس تبقى تجيبها
نظر امجد الى ناهد نظرات معاتبة….قائلا :
– متزعلنيش منك يا خالتى….تعب ايه بس بعد كل السنين دى تعب
شعرت ناهد بالحرج من كلماته الاخيرة و ما تحمله تلك الحروف بين طياتها….فاكمل امجد مدافعا….و كانه شعر بمدى حماقته….قائلا :
– مش قصدى و الله اللى انتى فهمتيه….انا بس بعتبر نفسى ابنك و لا ايه
نظرت له ناهد بامتنان….قائلة :
– طبعا ابنى….ادعيلى يا حبيبى المرة دى تكون زى ما هو عايز…..و ربنا يرزقه بالولد اللى بيتمناه
شعر امجد بالالم يغزو قلبه لحال تلك السيدة….فربت على كتفها….قائلا :
– ان شاء الله خير….و ان شاء الله اللى فى بطنك هيكون ولد المرة دى….كفاية اللى نزلوا قبل كده…..بس هو عمى رافت هييجى امتى
هزت ناهد راسها…..قائلة بحزن :
– و الله يا بنى مش عارفة….من ساعة ما مشى اخر مرة من 5 شهور….و هو مكلمنيش غير مرتين بس
ثم تلالات العبرات فى مقلتيها….لتكمل :
– ده حتى مسالنيش عن نتيجة بنته و لا هى عملت ايه فى الامتحانات….و كل ما نور تسالنى عليه اقولها ده سالنى عليكى بس اضطر يقفل عشان وراه شغل مستعجل….تقدر تقولى هفضل اكدب عليها لحد امتى….خايفة تكره ابوها مع ان انا حاسة انها بتكره اصلا….تقدر تقولى هنفضل كده لحد امتى احنا هنا و هو هناك…..من يوم ما جينا هنا و سافر و هو مش سائل فينا خالص….اهم حاجة اهله و بس….ربنا ينتقم منهم….ما تهنيتش حتى بفرحة بنتى و اهى بتكبر قدامى
حاول امجد تهدئتها بهدوء….فربت مرة اخرى على كتفها….قائلا :
– اهدى بس كده….و انا هبقى اجيلك نتكلم سوا….بس دلوقتى روحى للدكتور….و انا هتابعك بالتليفون…و مش عايز نور تحس بحاجة عشان خاطرى يا خالتى….انتى عارفة هى بتتاثر ازاى
اومات ناهد براسها….و كفكفت عبراتها الحارة….ليلتفتا اثنتيهم الى نور….التى كانت تتشاجر مع احمد….الذى كان يعبث بخصلات شعرها…..لتعيدها نور مرة اخرى….و هى تتبرم من تصرف احمداقترب منها امجد ليعيد خصلات شعرها….و هو ينظر الى احمد معاتبا اياه…..قائلا :
– بس بقى يا احمد…..متغاظ بس من شعرها ليه
فلوح احمد بذراعه….و هو يعبث بشعر نور مرة اخرى….قائلا :
– شعر ايه يا عم….انت مصدق دى بروكة…..دى هى قرعة اصلا…..طيب شد شعرها كده هتلاقيها مركباهافى تلك اللحظة كانت ناهد خطت خطوتين الى الامام….ثم نظرت للخلف مناديه نور…قائلا :
– يلا يا نور…..عشان نيجى بسرعةنظرت نور الى احمد…..ثم الى ناهد….لتقفز بقدمها على قدم احمد….ليتاوه الاخير بصوت مرتفع…..و تركض نور تجاه والدتها….و تسير بجوارها….ثم تنظر الى الخلف و هى تخرج لسانها لاحمد….و تلوح بيدها الى امجد
امسك احمد قدمه…..و هو يتاوه بشدة…..و امجد يضحك مما فعلته نور….قائلا :
– هههههههه……تستاهل كذا مرة قبل كده اقولط متعملش فى شعرها كده…..عشان هى بتضايق من الحركة دى
نظر له احمد غاضبا…..عاقدا ذراعه امام صدره…..قائلا :
– اه لازم تنصفها عليا….يا غلبان يا احمد يا اللى مفيش حد كده مقدر قيمتك فى البلد دى
حملق به امجد….قائلا :
– يا بنى هى ضرتك……متعقل شوية…..ايا كان هى لسه عيلة لكن انت شحط كبير
ابتسم احمد….و غمز بعينه الى امجد….قائلا :
– هى مين دى اللى عيلة…..نور كبرت يا امجد…..و انت مش عايز تشوف ده…..عايزها فى نظرك لسه العيلة اللى بتكبر على ايدك
ثم اقترب منه….فاكمل :
– ياريت تاخد بالك كويس اوى من كدهثم تركه و غادر امام ناظريه….ليجد صدى كلمات احمد الاخيرة تصدع فى عقله….و يهذى بكلمات وليد التى القاها عليه قبل ذلك…..العصفورة هتخرج من ايد سجانها قريب اوى….و لكن سرعان ما ابعد تلك الافكار عن عقله ليسجنها…..محاولا اقناع نفسه بما يردده دائما….اعلم جيدا صغيرتى انك كبرت….و لكنك ستظلى صغيرتى التى احميها….صغيرتى التى اهرع اليها وقتما تحتاجنى….فاحمد و وليد لا يدركون عندما تعتنى بنبتة صغيرة و تهتم بها…..و تكبر امام ناظريك….فمن اجلها تفعل اى شئ حتى لا يقترب منها شئ….القطة تاكل اولادها بالرغم من حبها الشديد لهم….و انا من اجلك انت سافعل اى شئ….و لن اجعل شخصا يقترب منك….حتى و ان كان ثمن هذا حياتى