وبركاته
بدات مشكلتي في الثانوية العامة، فقد وجدت نفسي بانني لا استطيع ان اجيب او اشارك مع المعلمات، فاذا حصل وطلب مني ان اجيب ارتبك، واشعر بتناقص في نفسي، وسرعة في نبضات قلبي، وبرودة في اطرافي، مع انني في السنوات السابقة كنت اشارك واتفاعل مع المعلمات!
الان انتهيت من المرحلة الثانوية العامة، وبمجموع جيد، ولكن حالتي زادت، واصبحت اتوتر واخاف التحدث مع الناس، واخاف ان اقدم شيئا للضيوف خوفا من ان تسقط.
والان ادرس في السنة الاولى في الجامعة، واخاف ان يسالني احد الدكاترة، مع انني احاول ان اقنع نفسي بانه لا يوجد ما يخيف، واحاول ان اقاومه.
ارجوكم ساعدوني، اريد حلولا غير الذهاب الى الدكتور؛ لانني لا استطيع.
الاخت الفاضلة/ سالي حفظها الله.
وبركاته، وبعد:
مشكلتك – ان شاء الله تعالى – بسيطة جدا، وقد لا تحتاج للطبيب على الاقل في الوقت الراهن.
الحالة باختصار تسمى: بالرهاب الاجتماعي من الدرجة البسيطة، والخوف الاجتماعي ياتي تحت نطاق ما يسمى ب (مخاوف الاداء)، ويقصد بهذا: ان الشخص حين يكون في مواجهة اجتماعية معينة، لا بد ان تكون مصحوبة بواجب يؤديه، او تفاعل يؤديه، او فعل يقوم به، وهذا يتطلب استعدادا جسديا ونفسيا وفسيولوجيا، وبعض الناس تزداد عندهم الاندفاعات النفسية، مما ينتج عنها زيادة في افراز مادة الادرينالين، وهذه تؤدي الى تسارع في ضربات القلب، وشعور بالخوف والارتباك.
اذا فالعملية هي عملية فسيولوجية طبيعية جدا، ولكن بعض الناس يخرجون من النطاق الطبيعي، وتتحول الحالة الى ظاهرة بسيطة من ظواهر المخاوف النفسية.
انا لا اريدك – ايتها الابنة الفاضلة – ان تعتبري نفسك مريضة، فهذا ليس مرضا ابدا، وكما قلت لك هي مجرد ظاهرة، – وان شاء الله تعالى – هي ظاهرة عابرة جدا، ويظهر ان شخصيتك شخصية حساسة، وممتازة، ومؤدبة، لذا كنت عرضة لهذا النوع من الاعراض.
انا اريد ان اؤكد لك ان احساسك بالارتباك والتلعثم والرجفة هو شعور خاص بك انت، ومبالغ فيه، بمعنى ان حجمه الذي يظهر به اكبر كثيرا من حجمه الطبيعي، والشخص الذي تكونين امامه قد لا يلاحظ عليك اي شيء، وهذا الذي اريد ان اؤكده لك، وهذا قائم على امور علمية.
اذا النقطة الاولى هي: ان الطرف الاخر لا يراقبك، ولا يشعر بما تشعرين به.
ثانيا: يجب ان يكون تفكيرك دائما ان الناس سواسية، وليس هنالك ما يدعو للخوف، وكلنا بشر، المهم ان نقدر بعضنا البعض ونحترم بعضنا البعض، هذا ايضا شعور ممتاز ومهم وضروري، ويقوي عزيمة الانسان على تخطي المخاوف.
الامر الثالث هو: ان تحاولي ان تكثري من التفاعلات الاجتماعية، وابدئي على مستوى الاسرة، كوني دائما نشطة في اسرتك، قدمي مقترحات، قدمي مبادرات، ساعدي الوالدين، كوني مع اخوتك الصغار، وهكذا كوني تفاعلية، هذا في حد ذاته يعطيك دفعة نفسية ممتازة جدا.
رابعا: اذا استطعت ان تنضمي لجمعية، او لمركز لتحفيظ القران الكريم (مثلا)، او اي عمل خيري، او حتى على نطاق الجامعة، فهنالك انشطة طلابية ممتازة جدا، وفاعلة، ومطورة للمهارات، وتعالج هذه المشكلة، فاريدك ان تنخرطي في هذه الانشطة.
خامسا: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، وهي تمارين جيدة، ومفيدة جدا، ، اذا طبقها الانسان سوف يستفيد منها كثيرا.
هذا هو الذي انصحك به، وارجو ان تسيري على هذا المسار، ولا تتجنبي، التجنب يزيد المخاوف، والمواجهة تزيل المخاوف.
وهنالك ادوية كثيرة جدا وممتازة وكلها تساعد، ولكن في هذه المرحلة لا اعتقد انك بحاجة الى دواء، واتمنى ان تتحسن احوالك بصورة مطردة، وان لم تحسي بالتحسن المطلوب هنا؛ يمكن ان تتناولي احد الادوية البسيطة جدا في مثل هذه الحالات، وهنالك دواء اسمه: (زولفت)، او يسمى تجاريا: (لسترال)، ويسمى علميا باسم: (سيرترالين)، وهنالك دواء اخر اسمه: (بروزاك)، ويسمى علميا باسم: (فلوكستين)، وهي ادوية معروفة لدى الاطباء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسال الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.