1- حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذا احسن احدكم اسلامه فكل حسنة ىعملها تكتب له بعشر امثالها، الى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها).
2- حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يروي عن ربه عز وجل، قال: (قال ان الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فان هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات، الى سبعمائة ضعف، الى اضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فان هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة).
في هذين الحديثين بيان حكم الهم بالحسنة والسيئة واحوال ذلك. والفكرة والخاطرة اذا استقرت في القلب وتحرك القلب بها وعزم على العمل بها صارت هما حينئذ وترتب عليها الثواب والعقاب لان الهم عمل القلب استقرت النية على فعله. والانسان اما ان يهم بفعل الحسنة واما ان يهم بفعل السيئة.
فان هم بفعل الحسنة فله حالتان:
الاولى: ان يعمل بها في جوارحه من كلام باللسان او غيره فتكب له حينئذ عشر حسنات لان الحسنة تضاعف عشر مرات كما قال تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر امثالها). وقد يضاعفها الله اكثر من ذلك الى سبعمائة ضعف كثواب النفقة في سبيل الله. وتختلف المضاعفة في الحسنات بحسب اعتبار الزمان والمكان والحاجة وما يقوم في قلب الفاعل من الاخلاص واليقين وسلامته من الموانع والناس يتفاوتون في هذا تفاوتا عظيما وفضل الله واسع يمن على من يشاء من عباده.
الثانية: ان لا يعمل بالحسنة بجوارحه فحينئذ يؤجر على همه حسنة واحدة لان قلبه تحرك بالخير وهذا يدل على صلاحه.
وان هم بفعل السيئة فله حالتان:
الاولى: ان يعمل بها في جوارحه من كلام باللسان او غيره فتكتب له حينئذ سيئة واحدة ولا يضاعفها الله عليه من باب العدل قال تعالى: (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون). والسيئة لا تضاعف مطلقا من حيث العدد في سائر الذنوب ولكن ورد انها تضاعف من حيث الكيفية في الزمن والمكان الفاضل والفعلة الشنيعة كما قال تعالى: (ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم). وما ورد في السنة في بعض الذنوب العظيمة. واختار بعض السلف انها تضاعف في مكة كالحسنات وفيه نظر ولا يصح فيه حديث. والحاصل ان السيئات تعظم في احوال خاصة فهي دركات متفاوتة يتفاوت فيها الناس.
الثانية: ان يترك العمل بها ويقتصر على الهم فحينئذ يكتب له حسنة واحدة لانه ترك العمل بالسوء وهذا عمل صالح والله يحب العمل الصالح لكن هذا محمول على من ترك فعل السيئة خوفا من الله وطاعة لله ويفسره بذلك حديث ابي هريرة: (انما تركها من جرائي). يعني من اجلي. اما من ترك فعل الذنب رياء من اجل الناس او تركه لمانع يمنعه من القيام بالمعصية وهو يشتهيه وبحدث نفسه ويترقب الفرصة لفعله كمن عزم على السرقة في وقت ثم تركها خوفا من الشرط او غلبه القدر كالمقتول الذي يريد قتل صاحبه كما ورد في الحديث فهذا لا يؤجر ابدا لان تركه ليس طاعة لله بل يكتب له سيئة لان قلبه قد تحرك بها وهو عازم على فعل السوء وانما الاعمال بالنيات.
واما اذا كان القلب منعقدا على عمل مستقل بذاته كالشك والنفاق والعجب والحسد وسوء الظن ونحوه فهذا يؤاخذ به الانسان ويترتب عليه العقاب والملامة شرعا. واعلم انه احيانا يقوم في القلب من العمل وسوء القصد ما يكون اشد جرما واثما من بعض اعمال الجوارح وكثير من الخلق غافل عن هذا المقام فليحذر المؤمن من عظائم القلوب وسيئاته. وفي الحديث كمال فضل رحمة الله وجوده وعدله مع العباد.
- إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف