القدوه الحسنه عنصر هام فكل مجتمع، فمهما كان افرادة صالحين فهم فامس الحاجة لرؤية القدوات، وكما قيل: جالسوا من تذكركم بالله رؤيتهم، كيف لا و ربما امر الله نبية بالاقتداء فقال: اولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتدة [الانعام:90].
وتشتد الحاجة الى القدوه كلما بعد الناس عن الالتزام بقيم الاسلام و احكامه، وتتاكد الحاجة بل تصل الى درجه الوجوب اذا و جدت قدوات سيئه فاسده تحسن عرض باطلها.
ان القدوه سواء اكانت حسنه او سيئه اكثر اثرا و اقناعا من الكلام النظرى مهما كان بليغا و مؤثرا، ولعل ذلك هو السر فارسال الله رسلا من البشر عبر التاريخ مع انه تعالى قادر و هو الذي لا يعجزة شيء على ان يلهم الناس شرعه، خاصة ان بشريه الرسل تعلل فيها الجاحدون لرفض الايمان كما قال تعالى: و ما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدي الا ان قالوا ابعث الله بشرا رسولا [الاسراء:94]، لكن الذي قال عن نفسه: الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير [الملك:14] اقتضت حكمتة ارسال الرسل من البشر؛ ليكونوا منارات هدي و قدوات حسنه عبرالتاريخ، فهم التطبيق النموذجى لشرع الله فكل عصر، وتطبيقهم حجه على العباد و دليل على و اقعيه الشرع.
واوضح دليل على ذلك الاثر ما و قع فيوم الحديبية، ففى صحيح البخارى قال عمر : فلما فرغ من قضية الكتاب اي: بنود الصلح قال رسول الله لاصحابه: ((قوموا، فانحروا بعدها احلقوا))، قال: فوالله، ما قام منهم رجل حتي قال هذا ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم احد دخل على ام سلمة، فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت ام سلمه رضى الله عنها: يا نبى الله، اتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم احدا منهم كلمه حتي تنحر بدنك و تدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم احدا منهم حتي فعل ذلك، نحر بدنة و دعا حالقة فحلقه، فلما راوا هذا قاموا فنحروا و جعل بعضهم يحلق بعضا، حتي كاد بعضهم يقتل بعضا غما.
ان ذلك التاثير القوي و المباشر للقدوه يرجع الى عده سبب منها:
ان الانسان مفطور على حب التقليد، وكثيرا ما يكتسب معارفة و خبراتة و مهاراتة بالتقليد و المحاكاة، انظر الى الطفل كيف يحاكى اباة و يتقمص شخصيته؛ لان التعلم بالرؤية و المشاهدة اسهل و ايسر بل و اسرع، والنفس بطبعها تحب الحصول على الشيء باسهل الطرق و اسرعها و لو كان محرما، لكن الشرع و العقل يضبطها.
وقوع الانسان مهما كان كسولا او مقصرا اسيرا للقدوة، فيحملة هذا الاعجاب على التقليد و المحاكاة، وهنا تكمن خطوره الموضوع؛ لان القدوه اما ان تكون حسنه لها بريقها الذاتى فتنجذب اليها النفوس تلقائيا و تتاثر فيها ايجابيا، واما ان تكون قدوه سيئه زخرفت و زينت بالاصباغ و الالوان الخادعة، وسلط عليها الاضواء الاعلاميه الباهرة، واضفى عليها كلمات الثناء و التمجيد الكاذبه لاثاره اعجاب المخدوعين، وحقا منهم من يقع فحبائلهم و شراكهم، حتي اذا فحصة عن قرب ادرك انه كسراب بقيعه يحسبة الظمان ماء حتي اذا جاءة لم يجدة شيئا، بل تبين له الوجة الحقيقي، فما كان الا اثاره للغرائز و الشهوات و تمجيدا للكفره و الفساق و الفجار باسم الفن و الاناقه و الرقص و الغناء، وترويجا للمنكرات و الفواحش و الرذائل باسم الترويح و السياحة، ومحاربه للفضائل و الحياء باسم الحريه و الحضارة، وتنفيرا من دين الله باسم التاخر و الجمود، وتهجينا لاحكامة باسم الكبت و القسوة، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[النور:40]، وتحقيرا لدعاتة باسم التطرف و الارهاب. نعم، هذا هو البديل عند غياب او تغيب القدوات الصالحه الحسنة.
وللاسف فان دعاه الشر و شياطين الفساد استطاعوا ان يغزونا فعقر دارنا بهذه القدوات السيئه الفاسده المفسده عبر فضائياتهم، وبدا المخطط و لما يمضى عليه سنوات يؤتى اكلة الفاسد بمباركه الشيطان، فوجد ففتياننا و فتياتنا من يقلد الكفره و الساقطين فكل شيء، فى مظهرهم و ملبسهم، بل حتي فالقضايا الجبليه من طعام و شرب و مشي، تجد الواحد يتمايل كالمخبول! قالوا: هذي حضارة، بل حتي فتفاهاتهم الخاصة، وبلغ الامر منتهاة حين ساغ لبعضهم عباده الشيطان تقليدا اعمي للكفرة، واعجابا بالحريه البهيمية، وملئا للفراغ الروحي، لكن للاسف كالمستجير من الرمضاء بالنار، ففروا من الخواء الروحى الى الشرك بالله فاقبح الصور و هو عباده الشيطان، وعشنا لنري قول الله متحققا بنصه: الم اعهد اليكم يا بنى ادم ان لا تعبدوا الشيطان [يس:60].
ان هذي المظاهر الشاذه لهى دليل قوي على الشعور بالنقص و الانهزام النفسي، وصدق ابن خلدون فقوله: “المغلوب مولع بتقليد الغالب ابدا”.
واذا كنا ربما عجزنا عن تحصين ابنائنا و شبابنا ضد هذي الفضائيات و برامجها الفاجره التي لا تعلم الا قله الادب و نزع الحشمه و الحياء فالجملة، والتى يقوم عليها اناس لا يرقبون فمؤمن الا و لا ذمة، فهل نحن عاجزون عن ايجاد البديل لتلك القدوات السيئه المنحرفه و هو القدوات الحسنة؟!
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: و دوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء [النساء:89].
بارك الله لى و لكم فالقران و السنة…
|