افضل مواضيع جميلة بالصور

الفراعنة السود


تماثيل ملوك نوبيين يتجاوز ارتفاعها ثلاثة امتار، عثر عليها مدفونة في العاصمة النوبية كرمة بالسودان.

   بقلم: روبرت درايبر
عدسة: كينيث غاريت

وقد ظل بعنخي على مر عقدين من الزمن يحكم مملكته في النوبة، وهي منطقة من افريقيا يقع الجزء الاكبر منها بالسودان الحالي؛ لكنه كان يعد نفسه ايضا الحاكم الفعلي والحقيقي لمصر والوريث الشرعي للتقاليد الروحية التي كان يمارسها الفراعنة مثل رمسيس الثاني وتحتمس الثالث. لم يسبق للرجل -على الارجح- ان زار مصر السفلى قط، ولذا فان تفاخره ذاك لم يكن يؤخذ على محمل الجد من قبل الجميع. اما الان (يقصد وقت الغزو في ذاك الزمن) فان بعنخي سيرى اخضاع مصر المنهارة رؤيا العين “ولسوف اجعل مصر السفلى تذوق طعم اصابعي” كما كتب في وقت لاحق.
وهكذا اتخذ بعنخي وجنده سبيلهم في نهر النيل تجاه الشمال، فحطوا الرحال في طيبة، عاصمة مصر العليا. ولما كان الرجل ذو ايمان راسخ بانه يخوض حربا مقدسة، فقد امر جنده بتطهير انفسهم قبل القتال بالاستحمام في النيل وبارتداء ملابس من الكتان الرفيع وبالتبرك بمياه معبد الكرنك المقدس لدى امون اله الشمس الذي اتخذه بعنخي الهه الخاص؛ حتى انه احتفل به ومنحه القرابين. وبعد ان تطهر هذا القائد وجنوده بالمياه المقدسة، طفقوا يقاتلون كل جيش يقف في طريقهم.
بعد ان شارفت الحملة على اكمال سنتها الاولى، استسلم جميع حكام مصر بما في ذلك “تفنخت”، قائد منطقة الدلتا القوي والذي بعث رسولا الى بعنخي يقول له: “كن كريما؛ فانا لا استطيع ان انظر الى وجهك في ايام الخزي هاته؛ ولا انا بقادر على الوقوف امام شعلتك، اذ اتهيب جلالة قدرك”.
دعا حكام مصر المهزومون بعنخي الى التعبد في معابدهم وعرضوا عليه الاستحواذ على اجمل جواهرهم وافضل خيلهم؛ في مقابل الحفاظ على حياتهم، وقد من عليهم بان قبل عرضهم. بعد ذلك، وفيما كان اتباعه الجدد هؤلاء يرتعدون رعبا امامه، قام هذا القائد الذي ما لبث ان توج “ملك الارضين” بامر غير مسبوق: فلقد جمع جيشه وغنائمه، وابحر جنوبا عائدا الى دياره في النوبة، ولم يعد بعد ذلك الى مصر قط.
بعد وفاة بعنخي في نهاية سنة حكمه الخامسة والثلاثين في عام 715 قبل الميلاد، نفذ رعاياه رغبته بان دفنوه في هرم يحاكي في طرازه الاهرام المصرية، جنبا الى جنب اربعة من خيوله الاثيرة لديه قيد حياته. وبذلك بات بعنخي اول فرعون يحظى بذلك الدفن خلال اكثر من 500 سنة. ومن المؤسف اذن ان ذلك النوبي العظيم الذي حقق كل تلك المفاخر قد بات عديم الملامح، بالمعنى الحرفي للعبارة. ذلك ان صور بعنخي المنقوشة بعناية دقيقة على الالواح والمسلات الغرانيتية لتخليد غزوه مصر وفتحها، ظلت تغوص عميقا في باطن ذلك الحجر حتى استحالت اطلالا شبه مطموسة. كما لم يبق على نقش بارز في معبد مدينة نبتة عاصمة مملكة النوبة سوى رسم لساقي بعنخي؛ ولذا فاننا لا نعرف من اثره المادي شيئا يذكر عدا انه كان اسمر البشرة.

السابق
تظفيره سمكه _ رائعة جدا
التالي
قصص خيالية طويلة