المقدمة:
بين اسراب زهور ذات لون ذهبي……ولد حب ربط بين انسانين…..ربط روحيهما مع نفحة من رحيق تلك الازهار وخلد اسميهما…….بين ثنايا التاريخ قصة لقلوب غزاها الغرام فلم يهزم ولم يطويه الموت في ظلاله…..
وجاء الشتاء ليرسل رياحه العاتية لتطيح بما تلاقيه ……رياح القدر المليئة بلعنات قلوب حاقدة لتطير اوراق الزهور الذهبية ….
لكن اذا كان الحب هو الذي يربط انسانا واخر اذا فلطالما كان الانسان حيا لا يستطيع ان يتوقف عن الحب بل يزداد حبه كل صباح حتى ياتي اليوم الذي يموت فيه
اذا كان الحب يعني ان ترتبط روحا اثنان حتى لو فرقهما الموت واصبح كل في عالم…..يبقى الحب حتى وان ذهب المحبان….فالحب اذن هو اكسير الحياة…..
وهنا قصة قلبين ازهر حبهما بين اسراب الزهور الذبية التي نبتت مع حبهما وهو ينمو ويزدهر الى ان اصبح قوة تقف في وجه رياح الشتاء المظلم وبقيت تلك الازهار شاهد على حبهما
…….الزهور الذهبية….
||| الشخصيات |||
قصر (كازابيانكا) :
تعيش فيه اسرة (فان دييجو) ……
اسرة (فان دييجو) :
1- (فرناندو) : هو رئيس الاسرة والرجل الاكثر نفوذا في المنطقة وهو والد (الفريدو) و (سيسل)
2- (الفريدو) : الابن الاكبر للسيد (فرناندو) وهو المسئول عن ادارة املاك الاسرة كما انه الوريث الشرعي (لفان دييجو)
3- (سيسل) : اخت (الفريدو) وابنة (فرناندو)
4- (انا) : الام الراحلة لكل من (الفريدو) و (سيسل) وزوجة (فرناندو)
5- السيدة (سوزي) : هى المربية الاساسية (لالفريدو) التي عاشت معه منذ ولد وعاشت مع السيدة (انا) طويلا وتعتبر (الفريدو) كابن لها….
6- (لوسيانو) : هو كبير الخدم والمتحدث الرسمي باسم السيد (فرناندو) …
7- (انجليتا خوسيه) :هي بطلة القصة وهي من اصل كولومبي مدربة ماهرة للخيولالاصيلة وامراة ذات جمال اخاذ نادر , رقيقة تتمنى السعادة وتحب والدها بشدة….
8- (خوسيه) :هو السائس الخاص باسرة (فان دييجو) والمسئول عن الاسطبلات ومدرب الخيول وهو والد (انجليتا)
قصر (روزانيرا) :
تعيش فيه عائلة (فلاديمير)
عائلة (فلاديمير) :
1- السيدة (ساندرا) :هي رئيسة الاسرة وهي ارملة لصديق قديم وعزيز للسيد (فرناندو)
2- (فلوريا) :هي البنة الوحيدة للاسرة الصديقة الوحيدة (لسيسل) وصديقة (الفريدو) منذ الصغر
3- (روبرتو) :هو احد اقرباء الاسرة من بعيد ابواه يعيشان في امريكا وهو لا يعتبر ثريافثراءه الوحيد هو علمه…
قصر (لوتشى اورو) :
تعيش فيه اسرة (ديميتريوس)
عائلة (ديميتريوس) :
1- (اندريه) :هو رئيس الاسرة على الرغم من صغر سنه وهو الصديق الحميم (لالفريدو)
2- (جابريلا) :هي والدة (اندريه) التي تؤمن بابنها وبذكاءه وتترك له اعمال الاسرة جميعا.
قرية استرا : هي القرية المجاوري لاراضي القصور الثلاثة وتعيش فيها (نيلا) صديقة (انجليتا) الحميمة
الفصل الاول
[[ القصور الثلاثة [[
ايطاليا – ميلانو – عام 1870 م
مع نسمات ابريل الهادئة حيث الشمس ترسل اشعة كخيوط ذهبية تصل السماء بالارض …… انطلقت عربة مكشوفة يجرها جوادان , عربة ذات اطار خشبي مطلي باللون الاحمر حيث طلي كرسي السائق بنفس اللون وكان اللون في تعاكس صارخ مع لون الخشب البني القاتم وهناك جلس بعض الفلاحون الايطاليون الذاهبون في اتجاة قرية (استرا) الواقعة خلف التلة الخضراء من الجهة الغربية ومنهم من جلب معه بعض ازواج من البط البري التي كانت تصدر صوتا عاليا يعيق نوم رجل عجوز في مقدمة العربة , كان يسند راسه على القش الاصفر اليابس الموضوع في هذا المكان والذي كان رطبا بعض الشئ ….كان واضحا ان الرجل العجوز ليس من ايطاليا على الاطلاق فلقد كان كولومبي الاصل ذو بشرة داكنة مائلة للحمرة وشعره اسود كثيف تتخلله بعض الشعيرات البيضاء في مقدمة راسه , كان يحاول عبثا ان ينام لعله لايشعر بطول الرحلة الى قصر مخدومه فلقد اتى مع ابنته من بلاد بعيدة نسبيا لان السيد (فان دييجو) قال انه سيدفع له راتبا لاباس به وكان يحمل معه ابنته البالغة من العمر اربع وعشرون عاما والتي كانت تجلس الى جانبه تتبادل حديثا طويلا مع الفلاحة التي تجاورها , كانت ابنته رائعة الجمال يكاد يجزم انها اروع امراة كولومبية عرفها فلقد ورثت الجمال عن امها , هكذا حدث نفسه بافتخار…..وعلم ان طبعها الفضولي لابد وان يضغي عليها فتناهى الى مسامعه اطراف من حديثها مع تلك الفلاحة التي لم تلاحظ اختلاف لهجتها فلقد كانا يتحدثان الايطالية بطلاقة وهذا لانهم خدموا من قبل في وقت نشاة ابنته (انجيليتا) في بيت ايطالي فتربت (انجيليتا) تعرف اللغتين وتتقنهما اتقانا تاما وسمعها تسال الفلاحة :
“اذن فقرية (استرا) هي القرية الوحيدة في هذة المنطقة المتطرفة من شرق ميلانو!! ولكن ماذا عن عائلة (فان دييجو) هل سمعت عنها ؟!…”
“اجل انهم اصحاب قصر (كازابيانكا) الموجود في الجهة الشرقية من التلة لقد اقتربت العربة منه كثيرا ”
“اهو القصر الوحيد هنا في هذا المكان ؟!..”
“بل يجاوره قصران لعائلتي (فلاديمير) وعائلة (ديميتريوس) حيث يقع قصر عائلة (فلاديمير) والذي يسمى (روزانيرا) في الجهة الغربية من (كازابيانكا) وهما قريبان من بعضهما في حين يبعد قصر عائلة (ديميتريوس) والذي يسمى (لوتشياورو) قليلا عن اراضي القصرين بحوالي اربعة اميال ولكن هذا لايمنع الصلة الوثيقة بين الثلاث اسرات كما ان كثير من عائلات خدم القصور الثلاثة يعيشون في قرية (استرا) والحق يقال ان قصر (كازابيانكا) هو اجملهم كما ان السيد (فرناندو فان دييجو) رئيس الاسرة صاحب اكبر نفوذ هنا وهو الاغنى ايضا والاكثر رفعة في المكانة ولكنه ازداد قسوة بعد موت زوجته (انا)….لقد كانت امراة طيبة للغاية تساعد المحتاجين كما كانت فاتنة الجمال وذات عينان لازورديتان فاتنتان وعلى الرغم انها انجبت ابن وابنة الا ان ابنتها لم ترث شيئا من جمالها بل لا اعتقد انها تشبهها البتة اوهكذا يقال…بينما ورث ابنها الاكبر كل ما لها….عيناها,ملامح وجهها,شعرها الكستنائي وطيبة قلبها مما جعله هدفا لكل الفتيات النبيلات في المنطقة وخارق المنطقة…..واظن ان السيدة (ساندرا فلاديمير) الارملة تريد تزويجه من ابنتها (ڤلوريا) الوحيدة لتضمن لابنتها معيشة هانئة ماتبقى من حياتها……كم اتوق الى حفل زفافهما لابد وان يكون اجمل حفل عرفه التاريخ….”
فابتسم (خوسيه) الكولومبي العجوز واكمل نومه وبعد ذلك بساعة ونصف كانا قد نزلا من العربة وودعت ابنته (انجيليتا) الفلاحة واعدة اياها بزيارة في القرية في وقت قريب وتقدم الكولمبيان (خوسيه) وابنته الي اعتاب اراضي قصر (كازابيانكا) …كانت حديقته جميلة ذات طرقات متفرعة ممتلئة بالازهار ومجهزة لاستعمال الخيول وكان الخدم في كل مكان معظمهم ايطاليين وماان وصلوا الي النافورة التي تسبق بوابة القصر الرئيسية والتي كانت من الرخام المتعدد الالوان والتي يتوسطها تمثال رائع لعاشق نبيل يقبل عروس بحر خارجة من مياة النافورة بشكل رومانسي جميل وكان القصر مليئ بالحجرات وتوجد الى جانبه بيوت ذات طابق واحد اوطابقين للخدم ومايتعلق بهم وملحق بهم مبنى كبير للاسطبلات التي تحوي العديد من الخيول الاصيلة المتنوعة والتي ستكون مهمة (خوسيه) وابنته….. قادهم رئيس الخدم الى الغرفة الخاصة بصاحب القصر لعائلة (فان دييجو) السيد (فرناندو) …..عندما نهض (فرناندو) من كرسيه تقدم بخطوات ثابتة متعالية نحو خادمه الجديد (خوسيه) وعامله بتكبر واضح ذاكرا ماهي مهمته في الاعتناء بالخيول الاصيلة وتزويجها للحصول على سلالة متميزة فهو يحضر افضل الخيول من مختلف انحاء العالم كما احضر حصانا جديدا غير مروض لابنه الاكبر الذي ناداه (الفريدو) وطلب من (خوسيه) ان يروضه فقال العجوزبلهجة ودودة :
“لقد دب الشيب في راسي ياسيدي ولم اعد افعل ذلك لكني واثق ان ابنتي الوحيدة (انجيليتا) ستتولى هذة المهمة عن طيب خاطر…..”
وهنا نقل (فرناندو) عيناه ببرود تجاة الفتاة الفاتنة التي تقف الى جانب ابيها فابتسمت له وحيته بخجل فلم يرد لها تحيتها بل قال بصوت قاسي :
“لا يهمني من الذي سيفعل , المهم ان تنفذ ما اقوله لك والان سيريك (لوسيانو) مكان اقامتك”
وكان (لوسيانو) هو رئيس الخدم في (كازابيانكا) كما كان ذات سلطة قوية فلقد كان يتولى كل امور السيد والمتحدث الرسمي باسمه والذي يحل محله في بعض الحالات الخاصة وكان جميع الخدم يهابونه ويعملون له الف حساب وحمل الكولومبيان حاجاتهما وذهبا لاكتشاف حجرتيهما…….
بعد مغادرة (خوسيه) و (انجيليتا) عم الهدوء غرفة (فرناندو) من جديد الذي ظل ينظر الى جهة واحدة دون ان تطرف عيناه فلقد تذكر ان اليوم قد اقام مائدة كبرى يجمع فيها افراد عائلة (فلاديمير) وعائلة (ديميتريوس) حين يجمع الاولاد ويستطيع ان يفاتح ابنه بصراحة مطلقة عن رغبته في تزويجه من (فلوريا) ابنة الارملة (ساندرا فلاديمير) وصديقه الراحل (فرانسوا) وقد يضرب عصفوران بحجر واحد ويري ماستؤل اليه الامور مع ابنته الاخرى (سيسل) فقد يعرض عليها (اندريه) الابن الوحيد لعائلة (ديميتريوس) الزواج وسيكون هذا افضل مايمكن ان يحدث له فسوف يبني امبراطورية كبيرة وتدخل املاك الاسرتين العريقتين في املاكه سيكون سيد المنطقة دون ادني شك كم حلم طويلا بجمع الاسرتان ليكونا تحت امرته فلقد كان كل مايهمه الثراء والسلطة وبعدهما ياتي الطوفان وفكر في نفسه بسخرية كم فرح لموت (انا) زوجته والتي كانت عاطفية تؤمن بالحب وبتلك الاشياء السخيفة ونقل عيناه لتقع على كرسي في اقصى الغرفة قريب من المكتبة وقال محدثا نفسه كانت تجلس في هذا المكان دائما تطالع رواية رومانسية للقرون الغابرة وكانت حينها عيناها تصفيان وتصبح رائعتان , تينيك العينين اللازورديتان ….فشعر بغصة في حلقه اذ تذكر انها اشبعت راس ولديه بتلك الافكار السخيفة والاقوال المهترئة والتي لاتلبث ان تجعل سيطرته عليهما صعبا فلم يكن الزواج بالنسبة له سوى لتحقيق مصالح لطرفين الرابطة حتى اتخذ عنده طابعا تجاريا محض وكان من السهل السيطرة على (سيسل) ابنته فهي تميل اليه اكثر والى افكاره ولكن المشكلة عنده كانت في (الفريدو) ذلك الشاب الطائش والذي من المفترض ان يستلم زمام امبراطوريته التجارية والاجتماعية ولكن لم يبدو ابدا على استعداد لذلك…….
لم يمضي وقت طويل على الكولومبيان -اوهكذا كان يسميهما الخدم- حتى شعرا بالراحة في المنطقة وبداا يمارسان عملهما بشكل جيد وكان الجميع يشيد بجمال (انجيليتا) وادبها واخلاقها الفذة فلقد كانت ذات طباع سامية تحب مساعدة الجميع متفائلة وخفيفة الظل باختصار كانت تدخل البهجة على قلوب الجميع من حولها فلقد كانت فاتنة في ريعان شبابها زهرة ناضرة تنتظر من سيقطفها ولم تكن قد رات احدا من سادتها غير السيد (فرناندو) وكان رويته كافية لتنفرها من الاسرة اجمع فلم تكن تميل اليه بل كانت في داخلها تكرهه وتكره ان يعامله ابوها بخنوع شديد هكذا وبدات الخادمات الشابات يخبرنها عن كل مايدور في هذا البيت فعرفت ان الابن الاكبر (الفريدو) شاب وسيم لاقصى حد وعيناه هما سر جماله و عينيه لازوردية تجعل اي فتاة تسقط صريعة لحبه كما كان جيد الطباع حسن المعشررقيق القلب وكان يحب الشعر ويعزف الجيتار بطلاقة وكان صديقا حميما (لاندريه ديميتريوس) منذ الصغر ولعل هذا هو الذي شجع (اندريه) على ان ينظر بعين عاشقة لاخت صديقه الحميم (سيسل) ولكن تلك الاخيرة لم تكن تبادله ادنى ذرة من العاطفة بل كانت تميل الى زميل لها في الجامعة وهو قريب في الواقع لعائلة (فلاديمير) ويدعى (روبرتو) ولكنه لم يكن ياتي كثيرا للدارفكانت تكتفي بارسال رسائل له بين الحين والاخر لتعرفه بكل مايجري هنا وتعطيه لصديقتها الحميمة الخطيبة المستقبلية (لالفريدو) وهي (فلوريا فلاديمير) وكان هذا طبعا دون علم والدها ولكن الجميع كان يعلم ان (اندريه) كان افضل عريس لها وكان افضل خلفا وعلما منه كما كان ذات شان عنه ومهابة ولكن قلب (سيسل) لم يكترث لهذا ابدا………
فابتسمت انجيليتا وهي تسمع هذا وخرجت من المطبخ بطريق مختلف لاتؤدي الى الحديقة مباشرة بل تؤدي الى ممرات القصر وظلت تفرج على التحف واللوحات لافراد الاسرة على مر العصور حتى وقعت عيناها على صورة امراة شقراء فاتنة للغاية عيناها لازوردية تبتسم لتضيف لسحرها سحرا اخر فظلت تحدق بها مدهوشة وقالت بشهقة اعجاب :
“كم هي رائعة”
فسمعت صوتا من خلفها يقول :
“هذا اكيد فهي امي (انا ڤان دييجو) ”
فاستدارت (انجيليتا) لترى محدثتها وكانت شابة في مثل سنها شعرها بني داكن لكنها كانت عادية الجمال وعرفت على الفور انها (سيسل فان دييجو) كانت تحمل عينا والدها الباردتان التي تحدق باي شئ ادنى منها بكبرياء واحتقار لاذع وقالت لها دون ان تحيها :
“والان وبعد ان انتهيت من التطلع لصور افراد عائلتنا الافضل ان تعودي لعملك ”
فرحلت (انجيليتا) مسرعة شاعرة بالاحراج فهي لم ترتح (لسيسل) كذلك هل افراد هذة الاسرة بهذا البرود والتعالي ؟!….وعادت الى المطبخ مجددا لانها لن تستطيع الخروج من الباب الرئيسي وقابلت السيدة (سوزي) وهي رئيسة الخادمات والمربية التي ربت ابناء السيد (فرناندو) منذ ولدا لقد كانت سيدة طيبة للغاية سمينة وقصيرة ولكنها ذات صحة قوية وكالعادة رحبت بها بشدة حيث انها قالت لها في اول يوم راتها انها تشبه ابنتها التي توفيت منذ خمس سنوات وقالت لها هذة المرة :
“عزيزتي (انجيليتا) تبدين شاحبة ….يبدو ان الطعام الايطالي لايعجبك او لايتناسب مع ذوقك”
فردت (انجيليتا) :
“ماذا تعنين ياسيدة (سوزي) هذا مستحيل فلا يوجد ماهو اشهى من الطعام الايطالي ولكن ماكل هذا الطعام هل هناك حفل ما ؟!..”
“نعم حفل العائلات اننا نسميها هكذا لان السيد (فرناندو) يجمع فيه جيرانه من عائلتي (ديميتريوس) و (فلاديمير) لياكلا عنده املا ان يحقق ماكان يصبو اليه دائما”
“اتعنين ان يزوج ابنه (الفريدو) من (فلوريا فلاديمير)؟!…”
“نعم هذا صحيح انه من ناحيته يرغب بذلك بشدة و (فلوريا) اصلا مدلهة في غرام (الفريدو) منذ كانا صغارا اما والدتها (ساندرا) فانها تفضل ان يدق لسانها على طاولة خشبية على ان تزوج ابنتها لرجل اخرغير (الفريدو) ”
“وماذا عن (الفريدو) هل يحب (فلوريا) ؟!…..”
” اه ياعزيزتي…… السيد (الفريدو) صعب التكهن بمشاعره واحاسيسه فكل مايهمه في العالم الفن والمسرح والروايات والاشعار مثل والدته السيدة (انا) واعتقد في داخلي انه قد يميل الى (فلوريا) ولكنه لايحبها…..او على الاقل لايسهر الليالي يفكر بها….انك لم تقابليه بعد اليس كذلك ؟!…..”
“بل اتجنب مقابلته….مع كل اسفي اعتبر افراد هذة الاسرة جميعا متحجري القلوب متعالون لايفكرون الا في انفسهم ولااريد مقابلة المزيد منهم انا هنا للاهتمام بالخيول ولاشئ غير ذلك…..في كل مرة ياتي السيد الشاب لياخذ فرسا ليمطتيه احاول الا اكون في طريقه فجل ماينقصني هو متكبر اخر!!!”
فضحكت السيدة (سوزي) ملئ شدقيها وقالت :
“لهذا السبب عندما ياتي ليكلمني في المطبخ يتساءل قائلا(ذهبت لاخذ جوادي (سيرجيو) ولكن مهلا….اين تلك الكولومبية التي يتحدث عنها الجميع) وحينهااقول له اي حجة قد تكون سبب اختفاءك….ياعزيزتي لقد ورث السيد (الفريدو) الكثير من صفات ال ( فان دييجو) ولكن اؤكد لك انه ليس متكبرا بل طيب القلب ودائما يكسر قواعد العائلات النبيلة في التحدث الى الخدم بطلاقة وكانهم افراد اسرته ومصادقتهم وكسب ودهم فهو دائما يقول(انهم يقومون على خدمتنا في كل وقت كما انهم يتعايشون مع احداث حياتنا بل ويكون لهم دور فيها وقد يسرون عنا في لحظات حزننا ويقيمون المادب والزينة في لحظات افراحنا فكيف لانعتبرهم من اهلنا)”
فابتسمت (انجيليتا) لتلك المقولة وشعرت بشئ من الارتياح لكلام (الفريدو) ذاك وعادت الى الاسطبل لتكمل عملها وقررت داخلها انها لن تختفي من مجرد مقابلته بعد الان ثم دخلت على الحصان (روبن) الغير مروض والذي كلفها السيد (فرناندو) نفسه بترويضه……كان فعلا حصانا صعب المراس وهائج دائما لكنه كان فرسا رائع الجمال يقف بشموخ وكانه يعتز بنفسه ولن يسمح لاحد بامتطاءه ولكنها كانت في الايام القليلة السابقة تلاطفه وتجعله يعتاد على وجودها وتطعمه بنفسها فهي مؤمنة ان على الانسان ان يصادق الحصان اولا قبل ان يفكر في امتطاءه واحدث هذا تقدما ملحوظا فلم يعد يزمجر بغضب بمجرد اقترابها بل احيانا يلمس راسه بيدها الممتدة نحوه في مودة…….
بعد ان انهت عملها في وقت قياسي شعرت ببعض الملل فلقد ذهب والدها للقرية لجلب بعض الاشياء وجميع الخدم مشغولون بمادبة اليوم ففكرت ان تتمشى قليلا في املاك عائلة (فان دييجو) وعندما مرت بجانب القصر اطلقت نظرة على الباب الرئيسي فوجدت سيارة تقف عند الباب وخرج منها شاب ومعه سيدة لاتصلح ان تكون قرينة له بل تبدو وكانها امه وقام (لوسيانو) رئيس الخدم بتحيتهم وارشادهم لدخول القصر فاكملت سيرها وهي مستغربة ان ياتي المدعوون باكرا هكذا وهذا يعني انهم فعلا معتادون عليهم كثيرا وفكرت ربما يكون ذلك الشاب هو (اندريه ديميتريوس) وامه…….
جابت الحقول الواسعة وتاملت الازهار الجميلة فرات زهرة بنفسجية فاتنة فقطفت احداها واشتمتها بفرح ثم وضعتها في شعرها……لاتعلم كم من الوقت ظلت تسير وشعرت فعلا انها ابتعدت كثيرا عن القصر وندمت لانها لم تحضر معها جوادا…شعرت بتعب شديد فقررت ان ترتاح تحت شجرة ما….ومن استغرقت في النوم ولكنها صحت على صوت غراب يصدر صوتا مزعجا فشعرت بالفزع وتساءلت كم من الوقت نامت هنا ولكن الشمس كانت لاتزال مشرقة , ثم شعرت بحركة في الاوراق المتشابكة التي امامهاوظلت متوجسة الى ان وجدت بندقية مصوبة ناحيتها فصرخت مذعورة قائلة :
“لا توقف!!!……توقف!!!…”
ونهضت واقفة ولكن قدماها لم تحتملاها فترنح حتى امسكتها ذراعان قويتان واحاطتا بجزعها فتماسكت وشعرت بدوار خفيف ولكنها سمعت صوت الرجل الذي يسندها قائلا قائلا:
“ياالهي لم اظن ابدا ان اجد فتاة نائمة هنا…..ظننتك غزال وكنت اهم بصيدك فلا احد يمكنه ان ينام هنا….لولا انك صرخت فلم اكن لاعرف انك هنا….لااظن ان غزال سيقول توقف….توقف!!!!…”
وسمعت ضحكة رقيقة فرفعت راسها لتنظر له……كان اطول منها بقليل بشرته بيضاء بياضا ناصعا وشعره كستنائي انفلق عند وسط راسه لينساب على الجهتين بتماثل ولكنه كان مشعث قليلا نتيجة للقفزة السريعة كانت عيناه لازورديتان فاتنتان وحالمتان لاقصى درجة وتحت انفه البارز كانت تقبع ابتسامة رقيقة حالمة جميلة…….كان باختصار فاتن للغاية فنظرت اليه ببرود لانها عرفت انه ابن(انا) السيد (الفريدو) لانه كان يشبهها فعلا لحد رهيب وعرفت لما تدلهت (فلوريا) في هواه ولما اغرمت معظم الفتيات به فلايمكن لاحد ان يقاوم سحره ولكنها دفعته بقوة وقالت له:
“كدت تقتلني ذعرا ياسيد (الفريدو) !!”
فاكتسحت وجهه الصدمة بطريقة سينمائية وقال مذهولا :
” هل اعرفك؟!…..لو رايتك من قبل لكنت قد تذكرت بالطبع فلا يمكن ان انسى امراة رائعة الجمال هكذا وحادة الطباع ايضا…..كيف عرفت اني (الفريدو)؟!…. ”
“لاشئ …..لاتهتم…..عرفتك من صورة السيدة (انا)..!!”
“اه هل رايت امي…..لكنك لم تخبريني بعد من تكونين…”
“انا (انجيليتا خوسيه) واعمل في الاسطبل”
فضحك بمرح وقال :
“اذن انت هي الكولومبية…ياالهي مايقولونه عنك صحيح فانت جميلة فعلا وتعرفين كيف تظهرين جمالك….ان لتلك الزهرة التي تضعينها في شعرك وقع مدمر علي وشعرك الاسود الرائع…..لا اظنني رايت شعرا بهذا السواد في حياتي…..دعيني المسه من فضلك”
وهم بامساك احد اطراف شعرها فدفعته بغضب وقالت :
“انك تشبة السيدة(انا) ولكن لا يبدو لي انك ورثت عنها اي شئ من اللباقة والاحترام”
“ماذا تقولين؟!….ومن اين تعرفين امي لتقولي هذا….على اي حال اسف ان كنت ازعجتك ولكنك فعلا عصبية لحد رهيب…..الا تخافين ان اطلب من والدي الا يقبل عملك عنده لانك عاملتني بجفاء ؟!….”
قال هذا بمرح وكانه يحكي عن مسرحية كوميدية فقالت ببرود:
“وهل تغازلني وتتوقع مني ان اتقبل ذلك لمجرد انني اعمل عندك…..اذن فلتعلم انك مخطئ”
كانت تشعر انها ضاقت ذرعا بتكبرهؤلاء القوم فقررت ان ترد لهم الصاع صاعين وشعرت في قرارة نفسها انها لن تنال منه اي اذية بل شعرت بانه يبدو رقيق القلب وضحك بطرب واحضر جواده الذي كان قد لحق به وقال :
“يبدو اني اخفتك فعلا لاثير غضبك هذا لكن لاتهتمي…تبدين شاحبة للغاية وكانك على وشك الاغماء ارجو منك ان تركبي على جوادي فلا يمكنك ان تعودي الى القصر سيرا على الاقدام وانت بهذة الحالة…..هيا اصعدي….من فضلك هيا فلن اعضك…”
وساعدها على الصعود وكانت تشعر فعلا باعياء شديد وربط بندقيته في جواده ثم نظر اليها بابتسامة ساحرة وقال :
“على الرغم مما قلتيه فانا اظن انك كنت مستمتعة فعلا بمغازلتي….كما لن تستطيعي منعي من مغازلتك وقول كل ماياتي ببالي فهذا طبعي ولن استطيع تغييره مهما فعلت ”
وحينها شعرت ان راسها يكاد ينفجر غيظا وراته منشغلا بان يحكم ربط حزامه الذي يبدو انه تراخى مع كل تلك الحركات فدفعت الحصان الى الركض سريعا وقالت في نفسها غاضبة:
(اذن فليعد الى البيت هو سائرا فلن احتمل ان يركب ورائي ويكمل كلامه الوقح معي وليذهب الى الجحيم!!!!……)
وقف (الفريدو) مذهولا لماحصل فلم يصدق ان تثار ثائرتها لدرجة ان تاخذ جواده هاربة وتتركه وكانها تعاقبه ولايدري ماهو السبب ولكن ذلك جعله ينفجر مقهقها بصوت عالي فلم يتخيل ان اي امراة في هذا العالم يمكن ان تعامله هكذا فهو معتاد على الاعجاب الدائم من الفتيات من حوله ولكن لقاءه بتلك الفتاة سيبقى في ذاكرته طوال العمر وفكر قليلا….لابد ان (اندريه) قريب بجواده من هنا فظل يصفر في كل ناحية ومالبث بعد قليل ان سمع جوادا يقترب منه وراي (اندريه) قادما وهو يقول :
” ماذا؟!…هل اصطدت شيئا؟!…”
ولكنه وجده خاوي اليدين دون بندقية اوفرس فقال له :
” ماذا حصل ؟!….لايمكن ان تكون قد تعرضت للسرقة؟!…”
فزاد هذا من رغبة (الفريدو) في الضحك وقال له :
“الواقع لم اكن الصياد هذة المرة بل كنت الضحية !!!!..”
وامتطى الحصان وراء (اندريه) ثم حكى له ماحصل فرد (اندريه) بعد ان فرغ (الفريدو) من حكايته :
“يالها من فتاة غريبة فعلا….. ولابد ان تنال عقابها!!…”
فلم يرد عليه (الفريدو) وبقي ساهما يفكر………
عادت (انجيليتا) الى القصر ولاحظت ان سيارة اخرى قد اتت الى القصر فعلمت ان الاسرة الاخرى قد اتت كذلك وكانت طيلة طريق العودة تفكر فيما حصل لها وما ستكون نتائج تصرفها الفظ مع سيدها الشاب ولكنها اندهشت لانها في داخلها احست انه لن يؤذيها ولكنها لم تستطع ان تطمئن ودخلت الاسطبل ووضعت الفرس مكانه واهتمت به وعادت الى غرفتها تفكر فيما وقع حتى سمعت والدها يتحدث الى السيدة (سوزي) بالخارج فخرجت لملاقاتهم فقال الاب في اندهاش :
“اوه هل عدت يا ابنتي من نزهتك….لم اعلم بذلك…..جاءت السيدة (سوزي) لتسال عنك فاخبرتها بانك لم تعودي بعد…..لما تاخرت هكذا ياعزيزتي؟!…”
“اسفة يا ابي….كنت اتمشى فسرقني الوقت…تعالى ياسيدتي لنتكلم قليلا”
وبمجرد ان دخلتا الغرفة واغلقت الباب حكت لها عن كل شئ فاستاءت (سوزي) كثيرا من تصرفها ووصفته بانه وقاحة شديدة كان عليها الا تفعلها مهما اسئ اليها فهو سيدها كما اضافت ان (الفريدو) يحب المزاح واطراء من حوله وقالت في لهجة رقيقة “كما انه لم يكذب فانت ساحرة الجمال ياعزيزتي ولابد ان تسلبي لب اي شاب يراك” فشعرت (انجيليتا) بالحرج الشديد وفكرت انه ربما يخبر والده (فرناندو) ذلك الرجل القاسي وقد يؤذي والدها او يهينه لقاء مافعلت فخرجت لتصحح مافعلت ولكنها وجدت نفسها قد تاخرت كثيرا فلقد طلب السيد (فرناندو) والدها لمكتبه وعلمت من الخدم الاخرين ان السيد (الفريدو) عاد وهو في مكتب والده كذلك فغاص قلبها واسرعت الى مكتب السيد (فرناندو) غير عابئة باعتراضات (لوسيانو) الى ان وصلت الى الباب وهمت بالاقتراب والطرق فوقه لكنه فتح فجاة وخرج منه (الفريدو) ونظر اليها مدهوشا ونظرت اليه هي بحرج وظل الاثنان يحدقان في بعضهما وقتا طويلا…..بدا على (الفريدو) الجد والتامل فشعرت انه سيقول لها شيئا لن يعجبها فاقتربت منه وكادت تهم بالكلام لكنه رحل وتجاهلها تماما فحزنت حزنا رهيبا واحست فعلا انها ارتكبت خطا لن يغفره ابدا بل وشعرت انه ليس طيبا كما قال لها حدسها بل هو فعلا قد ورث الكثير من صفات ال (فان دييجو) ومالبث ان خرج والدها من مكتب (فرناندو) ولكن لدهشتها لم يبدو عليه اي ضيق بل وقال عندما راها:
“(انجيليتا) ؟!……ماذا تفعلين هنا يابنيتي؟!….”
“ماذا تفعل انت هنا؟!….ظننت ان السيد (فرناندو) استدعاك ليهينك فقررت ان اتي لادافع عنك”
فابتسم (خوسيه) بحنان وقال:
“يا حبيبتي كم انت طيبة القلب….لكنك نسيت اني اقوم بواجبي على اكمل وجه وليس هناك مايهينني عليه بل لقد استدعاني لان السيد (الفريدو) اقترح ان يحضر نوعا من الخيول الاسبانية لنقوم بتزويجها للخيول التي عندنا لعلنا نحصل على نوع اصيل لامثيل له وطلب رايي في هذا……اتعرفين ان (الفريدو) هذا شاب لطيف للغاية لقد كان في غاية اللطف معي , استطيع القول انه لايشبه والده في شئ مطلقا…..اتصدقين انه تحدث عنك في اثناء حديثنا…..لقد قال انك جيدة تجيدين الخيل…..هكذا قال امام والده فزاد ايمانا بي وبعملنا انا وانت”
عندما سمعت (انجيليتا) كلام والدها شعرت بالدوار وعلمت انه كان يسخر منها دون ان يدري والدها والا لما ذهب هكذا دون قول كلمة لها ولكن غريب الا يتطرق الى مافعلته ويغطي عليها مع ان كانت له الفرصة كاملة وحمدت ربها بشدة انه لم يفعل…….
كانت المادبة كبيرة جدا عليها جميع اصناف الطعام وهناك في اقصي اليمين حوالي ثمانية اشخاص يشكلون فرقة موسيقية يعزفون من اجل المدعويين مع ان عددهم لم يتعدى العشرة , كان السيد (فرناندو) على راس الطاولة يتحدث برسمية وبصوت جاد بارد وكان قلما يبتسم وجلست السيدة (ساندرا فلاديمير) على يمينه وهي تتكلم بتكلف وانفة مع (جابريلا ديميتريوس) والتي كانت تقابلها فهي لم تكن تحبها مطلقا وحمدت ربها ان (اندريه) ابن عائلة (ديميتريوس) لم يفكر في الزواج من ابنتها (فلوريا) لانها ماكانت لتقبل به او بامه وجلس (الفريدو) يطلق النكات ويتحدث بمرح شديد (لفلوريا) التي امامه ولاخته التي تجاورها وبقي (اندريه) الى جانبه صامتا يحدق بهيام في (سيسل) اخت صديقه وكانت في بداية الجلسة تبادله بعض النظرات وتبتسم بادب ولكنها شعرت انه زاد عن حده فبدات تتجاهل نظراته كليا ولكنه لم يستطع ان يمنع نفسه من التحديق بها وبكل لفتة او حركة منها ولم يستطع التركيز في اي كلمة من كلام (الفريدو) لانه كان مشغولا بها وكم كان يحز في نفسه انها لم تبادله نفس الاهتمام وحانت لحظة الرقص فنهض (الفريدو) على الفور وراقص السيدة (ساندرا) وراقص (فرناندو) (فلوريا) الصغيرة وراقص بعدها السيدة (جابريلا) ونهض (اندريه) وطلب من (سيسل) الرقص معه فلم تستطع ان تعترض وظلا يرقصان سويا فترة طويلة دون ان تاتي الجراة (لاندريه) على ان يقول كلمة واحدة , كان كلامه في عينيه ولكنها لم تفهم تلك اللغة وظلت تحدق في اخيها (الفريدو) وهو يضحك ويرقص مع هذة وهذة بينما هي عالقة مع هذا الصامت حتى شعرت بالضجر ولكن مالبث ان ضغط على يدها بشدة فنظرت اليه وقال لها وكانه كان يستجمع اطراف صوته :
” هل يكنني ان اتحدث معك قليلا……على انفراد؟!….”
فقالت بدهشة :
” اجل لاباس”
وشدها من يدها في اتجاه الحديقة حتى وصل الى جذع شجرة كان قابعا في الطريق يشكل مجلسا لشخصين متلاصقين فجلسا عليه وظل صامتا فترة من الزمن حتى قالت هي بضجر:
“لابد ان السيدة (ساندرا) ستحكي لنا عن رحلتها الى واشنطن بعد قليل…”
فلم يرد وسكت دهرا ثم نظر اليها بتمعن شديد حتى شعرت بالحرج ثم قال فجاة :
” انا احبك”
فذهلت (سيسل) وشعرت باحراج شديد ولم تدري ماذا تقول او تفعل وتمنت لو ان اخها يلحظ اختفاءها لياتي لينقذها من صديقه هذا ولم تدري هل تواجهه ام ماذا ثم قالت محالة لكسب المزيد من الوقت :
“هذة مفاجاة لم اتوقعها حقا…..كما لم يلمح لي (الفريدو) بشئ ”
” (الفريدو) لايعرف….لم اخبره شيئا….الواقع لم اصرح لاحد حتى لنفسي…..ولكنني اريد ان اعرف حقيقة مشاعرك…..بصراحة”
“هل احببتني لاني شقيقة صديقك؟!…..”
“تعلمين انه لا يمكن ان يكون السبب كما لا اريدك ان تجامليني اوتدعي بوجود مشاعر لديك لمجرد انك لا تريدين جرح مشاعر صديق اخيك الحميم…..فان هذا لاعلاقة له بصداقتي (لالفريدو) كما انني احب الصراحة في هذة الامور”
فاحمر وجهها خجلا وكانه قرا جميع افكارها وظلت صامتة تتلاعب بالخاتم الذي بيدها منتظرة عون السماء لكنه قال بعد صمتها بشكل مفاجئ :
“هل هناك شخص اخر؟!….”
فاجفلت وانتفضت من مكانها ونظرت اليه بدهشة وعندما اطمئنت انه مجرد تخمين وليس معرفة بالحقيقة قالت بعد ان وجدت انه خلاصها الوحيد :
” الواقع نعم….هناك شخص اخر…..وليست المسالة لها علاقة بك فانت شاب رائع يا (اندريه) واظن ان اي فتاة في الدنيا كانت تتمنى مشاعرك…..ولكن لاسف تضيعها على الفتاة الخطا”
فشعرت انه تحول الى تمثال متحجر بعد كلماتها لم يحرك ساكنا بل كادت تجزم انه لم يتنفس ولم تجرؤ على النظرالى وجهه ولم تدري كم لبثا جالسين دون اي كلمة ولكنه نهض فجاة وقال:
“…..هيا بنا لابد انهم يتساءلون عن مكان وجودنا الان” فنهضت مسرعة وما لان وصلا معا حتى قال (الفريدو) ” هاي اين كنتما انتما الاثنان لقد فاتتكما اجمل رواية ولكن لا ياسيدة (ساندرا) لا تعيدي شيئا منها حتى يتعلما الا يغادرا فجاة هكذا ”
ضحك الجميع على كلام (الفريدو) لكن (فرناندو) نظر الى ابنته في امل ولكنه وجدها قد بدى عليها الحرج بينما وقف (اندريه) ووجهه شاحب بشدة فعرف ان الخطة التي رسمها لم تنجح وان (اندريه) لن يكون (لسيسل) فشعر بالغضب يجتاحه وفي هذة اللحظة كانت (فلوريا) قد استغلت غيابهما وجلست الى جانب (الفريدو) وظلت تتدلل عليه قدر امكانها وتضع يدها على كتفه كحركة لكسب وده بين الفينة والاخرى ولكنه كان دائما يمرح ويضحك ولايهتم لحركاتها تلك مما جعل غضب (فرناندو) يتضاعف وهكذا اضطر (اندريه) الى الجلوس بجانب (سيسل) ما تبقى من الليلة ولم يتبادلا كلمة واحدة طوال الامسية بينما وقفت (انجيليتا) تراقبهم من خلف احد الاعمدة ورات ان (فلوريا) رائعة الجمال جدا واستغربت عدم انتباه (الفريدو) اليها كما اعجبها مرح (الفريدو) وحديثه الشيق الذي لا ينتهي واعجبها كذلك الصداقة القوية بينه وبين (اندريه) كانا يبدوان وكانهما اخوان ولدا بنفس اليوم وعاشا نفس الاحداث بل واحيانا كانا يقولا نفس الجمل اويقول احدهما نصفها ويكملها له الاخر ولكن (سيسل) لم تعجبها مطلقا وعذرت (اندريه) انه لم يبادلها كلمة……..
كان (الفريدو) بعد مع حصل يراقب (انجيليتا) ليل نهار دون ان تراه…..يراها وهي تحادث هذة وتضحك مع هذة تحمل هذة بحركة رشيقة وتدلل هذة , تضحك…..تعبس…تقفز….تركض…. ما هذا الذي يحدث لي؟!….- هكذا حدث نفسه – انني اراقبها دون سبب واضح وتواصل كامل اراقب حركاتها افكارها صوتها كلماتها لكل من حولها…..احلل كل كلمة لاخرج منها صفة ما قد تكون جزءا ليكمل صورة شخصيتها بداخلي…..هنا جريئة….هنا شجاعة….هنا حادة….لا ليست حادة…..لا يمكن لهذا الجمال ان يكون حادا…انها مجرد لحظة غضب لها….هنا فاتنة… هنا رقيقة….هنا عاطفية ….اجل انها دائما عاطفية هكذا هي قلبها بجمال وجهها….روحها بفتنة عينيها اجل هي….هي من كنت ابحث عنها طوال حياتي…هي المياة التي كنت انتظر ان تجري في وديان قلبي المقفرة…..هي الوحيدة التي يمكن ان تكملني…..ولكن كيف؟!….كيف هي؟!…. ولما هي؟!…..هي بالذات…….
في تلك الايام كان (الفريدو) يسلم قلبه شيئا فشيئا لها ويتركها تغزوه في خطوات ثابتة فما لبث يفكر في لقاءهما سويا يتذكر كل رؤية من عينيه لها كل لفتة كل تكشيرة اعتلت وجهها وعندما سقطت بين يديه….يذكر كلماتها حرفا حرفا ويحلل ويحلل حتى يلصق بها مايعجبه ويطرد عنها وعن صورتها في داخله مالا يعجبه….. وعلم انه لن يحتمل ان يبقى في الخفاء مدة طويلة بل يجب…ان يواجهها…..على الفور…….