الصدق خلق انساني واسلامي وايماني عالي وجميل جدا ومحمود من قبل الله الخالق العظيم جل جلاله، دلت على ذلك نصوص قرانية كريمة واحاديث نبوية شريفة كثيرة.
والصديقية مرتبة عالية من مراتب الولاية والقرب من الله سبحانه وتعالى، تعلمنا ذلك في مدرسة الايمان ومن خلال الدراسة في كتاب مذكرات في منازل الصديقين والربانيين الذي هو من ضمن مناهجها الدراسية المهمة.
ورسول الاسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان يلقب بالصادق الامين في مكة كما هو معروف ومشهور، وصاحبه ورفيقه واول خلفاءه على المسلمين من بعده هو ابو بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي عملي الطبي في بلاد الغربة ومن خلال التعامل مع الناس هنا مرت على ذهني خواطر عديدة تخص مفهوم الصدق اذكرها بايجاز تحت عناوين منتخبة كالتالي:
اولا: الصدق مع الاطفال
من خلال عملي الطبي واثناء اجراء الفحص الطبي للاطفال، وخاصة بين سن السنة الواحدة الى سن الخامسة، لاحظت شيئا مميزا في شخصية الطفل في هذا البلد وعلى خلاف ما اعتدت عليه في بلادنا. فحين ابدا بفحص الطفل في بلادنا يبدا الطفل بالبكاء والصراخ ووالداه يكتفانه بقوة لاتمكن من الفحص. اما هنا فالطفل غالبا هاديء وساكن واقول للطفل افتح فمك فيفتحه وادخل خافضة اللسان وانظر الى اللوزتين والبلعوم وينزعج الطفل قليلا لكنه لا يدفع يدي ولا يسحب راسه للخلف ولا شيء من قبيل ذلك، وهكذا في فحص الاذن والصدر وغيره؛ وفي بعض الاحيان يشرح الوالدان للطفل امامي عن الفحص الطبي وكيفية اجراءه، وقد يقول في البداية: لا اريد. فيقولون له هذا ليس خطيرا ولا يسبب لك الالم فيصدق الطفل كلام والديه ويهدا ويتفاعل بايجابية مع الفحص الطبي.
تفكرت في ذلك وفهمت بان السبب في ذلك هو الصدق. نعم.. فالوالدان لا يكذبون على الطفل ولهذا نراه يصدقهم ويثق بكلامهم، بخلاف ما اعتدنا عليه في بلادنا فالوالدان يكذبون على الطفل امامي وانا اكذب عليه معهم ونقول له لا شيء مؤلم سافحصك بالسماعة فقط ثم يكتفه الاهل بقوة وازرقه الابرة المؤلمة من الخلف!، فكيف يصدقهم ويصدقني بعد ذلك؟!!.
وهنا حتى في حالة زرق الابر او سحب الدم فالاهل والعاملون الصحيون يشرحون للطفل بصدق ماذا سيعملون له من اجراء طبي فاذا اقتنع بكلامهم كان بها واذا لم يقتنع ورفض التعاون يقولون له: ليس لك الحق ان تقرر ذلك، نحن نقرر عنك وهذا لمصلحتك ويساعد في العلاج الطبي ثم يمسكوه ويجرى الاجراء الطبي من دون كذب!.
وارى في هذا وغيره من التعاملات الراقية مع الاطفال تربية عظيمة جدا على الصدق ليتنا نفهمها ونتخلق بها من اجل ديننا ودنيانا.
ثانيا: الصدق والتصديق خلق يكاد يكون عاما بين الناس
اجد الناس هنا تغلب عليهم صفة الصدق والتصديق، فهم غالبا لا يجاملون كذبا ولا يكذبون الناس في ابسط الاشياء. وهذا الخلق اجده جميلا، وطالما تمنيته لمجتمعاتنا التي ينتشر فيها خلق الكذب والغش والخداع مع الاسف الشديد لذلك. وهم هنا يصدقون الناس ويثقون بكلامهم بصورة ملفتة للنظر حقا.
والمهاجرون من البلاد الشرقية الى هنا يعرفون هذه الصفة فيهم جيدا ولهذا نراهم يستغلونها هنا بكثرة وببشاعة من خلال الكذب لتمشية امور معيشتهم. بل حتى ان بعض الاشخاص هنا اخبرني بان احد المهاجرين يكذب عليهم ويحدثهم عن امور غريبة غير حقيقية جرت في بلادنا وهم يستغربون جدا ولكن يثقون بالكلام ويصدقونه مع ابداء الاستغراب ولا يكذبون المحدث. وهو يفعل ذلك على سبيل المزاح او غيره.
ثالثا: بين المدح والذم
مدحت القوم في المحورين الاوليين لصدقهم ولتصديقهم، لكن وبعد تفكر اعمق قلت لنفسي: لماذا اذا لا يصدق هؤلاء القوم دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهم يملكون صفة الصدق والتصديق كما جاء انفا؟!!، هذا شيء غريب حقا. نعم.. ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقران رب العالمين اولى بالتصديق. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الصادق الامين ودعوته هي دعوة صادقة لانها حقا وصدقا من الله العظيم خالق الكون والقران الكريم هو كلام رب العالمين والكتاب المعجز الذي يصدقه كل عاقل ذي فطرة سلمية. فلماذا لا يصدق هؤلاء الناس بدعوة الاسلام!!.
ربما يكون السبب هو كثرة الفساد وشيوع الفاحشة وطمس الفطرة وغيرها من هذه الاسباب.
او بسبب اخفاق الداعين الى الاسلام في تادية واجبهم الايماني العظيم على اكمل وجه وكما يقول القائل: الاسلام قضية عادلة بيد محامين فاشلين .. !!!
نعم ربما يكون هذا هو السبب الرئيسي اضافة الى حال المسلمين المتاخر والذي لا يسر. لكن اعتقد رغم ذلك وبكل قوة الان وبعد فترة تفكر انني لا استطيع ان اصف هؤلاء القوم بالصدق مهما كانوا يحملون من صفات صدق الحديث وتصديق الاخرين، فهم يكذبون كلام رب العالمين ويكذبون اصدق البشر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
نعم.. فالصادق والمصدق حقا هو المؤمن بالله تعالى وبكتابه الكريم
وبرسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم. هذا هو حقا من يجدر بنا ان نصفه بالصادق والمصدق ونحاول الاقتداء به.
اما هؤلاء القوم فيكفينا ان نعتبر بصفات الصدق الجزئية الجيدة عندهم ونذكر انفسنا نحن كمسلمين باننا اولى منهم بان نتخلق بها، وبغيرها من صفات جيدة وبدرجات اعلى واكمل واجمل.
اما الصديق والصديقية فهي مقامات عالية الجناب يا هناه السالك في مدارجها الشريفة
- خاطره عن الصدق
- خاطرة عن الكرم
- خاطرة عن خلق الله
- خاطرة عن صدق
- خواطر الصدق