افضل مواضيع جميلة بالصور

خطبة حول الوطنية

ملخص الخطبة
1- حب الوطن فطرة فطر عليها الانسان. 2- الحنين والشوق للوطن الاول. 3- وصف الجنة. 4- حقيقة الدنيا. 5- اعداء الوطنية. 6- مقومات الوطنية.

الخطبة الاولى
اما بعد: ايها المسلمون، لقد فطر الانسان على امور عديدة، من تلك الامور ان يحب المرء ماله وولده واقاربه واصدقاءه، ومن هذه الامور كذلك حب الانسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في اكنافه، وهذا الامر يجده كل انسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متاصلة في النفوس، تجعل الانسان يستريح الى البقاء فيه، ويحن اليه اذا غاب عنه، ويدافع عنه اذا هوجم، ويغضب له اذا انتقص.
ومهما اضطر الانسان الى ترك وطنه فان حنين الرجوع اليه يبقى معلقا في ذاكرته لا يفارقه، ولذا يقول الاصمعي: “قالت الهند: ثلاث خصال في ثلاثة اصناف من الحيوانات: الابل تحن الى اوطانها وان كان عهدها بها بعيدا، والطير الى وكره وان كان موضعه مجدبا، والانسان الى وطنه وان كان غيره اكثر نفعا”.
وهذا الامر وهو حب الانسان لوطنه غريزة في بني الانسان، وجدها افضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه، فقد اخرج الترمذي في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله لمكة: ((ما اطيبك من بلد، وما احبك الي، ولولا ان قومي اخرجوني منك ما سكنت غيرك)) صححه الالباني في صحيح الجامع (7089).
فهو يحب مكة حبا شديدا، كره الخروج منها لغير سبب، ثم لما هاجر الى المدينة واستوطن بها احبها والفها كما احب مكة، بل كان يدعو ان يرزقه الله حبها كما في صحيح البخاري: ((اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اشد))، ودعا عليه الصلاة والسلام بالبركة فيها وفي بركة رزقها كما دعا ابراهيم لمكة. ونلاحظ ان حب النبي متاثر بالبيئة التي عاش فيها، فقد كان يحب مكة ويحن اليها، ثم لما عاش في المدينة والفها اصبح يدعو الله ان يرزقه حبا لها يفوق حبه لمكة.
وكذلك كان رسول الله اذا خرج من المدينة لغزوة او نحوها تحركت نفسه اليها، فعن انس بن مالك قال: كان رسول الله اذا قدم من سفر فابصر درجات المدينة اوضع ناقته اي: اسرع بها واذا كانت دابة حركها. رواه البخاري. قال ابو عبد الله: زاد الحارث بن عمير عن حميد: حركها من حبها.
قال ابن حجر في الفتح والعيني في عمدة القاري والمبارك فوري في تحفة الاحوذي: “فيه دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين اليه”.
وفي صحيح البخاري: لما اخبر ورقة بن نوفل رسول الله ان قومه وهم قريش مخرجوه من مكة، قال رسول الله : ((اومخرجي هم؟!)) قال: نعم، لم يات رجل قط بمثل ما جئت به الا عودي، وان يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة ان توفي وفتر الوحي.
قال السهيلي رحمه الله: “يؤخذ منه شدة مفارقة الوطن على النفس؛ فانه سمع قول ورقة انهم يؤذونه ويكذبونه فلم يظهر منه انزعاج لذلك، فلما ذكر له الاخراج تحركت نفسه لحب الوطن والفه، فقال: ((اومخرجي هم؟!)).
ايها الاحبة، ان الحديث عن الوطن والحنين اليه وحب الوطن يذكر المؤمن بالله تبارك وتعالى بالوطن الاول الا وهو الجنة. نعم، ذلك هو موطننا الاصلي الذي غفل عنه معظم الناس، وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين[يوسف:103].
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: المؤمن في الدنيا مهموم حزين، همه التزود بما ينفعه عند العود، فمن حين خلق الله ادم عليه السلام واسكنه هو وزوجته الجنة ثم اهبط منها ووعد بالرجوع اليها وصالحو ذريتهما.، فالمؤمن ابدا يحن الى وطنه الاول، وحب الوطن من الايمان.
قال ابن القيم رحمه الله في قصيدته الميمية:
فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود الى اوطاننا ونسلم؟
وقال ابو تمام:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول
كم منزل في الارض يالفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزل
وكان على بن ابي طالب يقول: (ان الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وان الاخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من ابناء الاخرة، ولا تكونوا من ابناء الدنيا، فان اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل).
وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته: “ان الدنيا ليست بدار قراركم، كتب الله عليها الفناء، وكتب الله على اهلها منها الظعن، فكم من عامر موثق عن قليل يخرب، وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن، فاحسنوا رحمكم الله منها الرحلة باحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فان خير الزاد التقوى، واذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار اقامة ولا وطنا فينبغي للمؤمن ان يكون حاله فيها على احد حالين: اما ان يكون كانه غريب مقيم في بلد غربة، همه التزود للرجوع الى وطنه الاول، او يكون كانه مسافر غير مقيم البتة، بل هو ليله ونهاره يسير الى بلد الاقامة، فلهذا وصى النبي ابن عمر ان يكون في الدنيا على احد هذين الحالين”.
ولهذا كان المؤمن غريبا في هذه الدار اينما حل منها فهو في دار غربة، كما قال النبي : ((كن في الدنيا كانك غريب او عابر سبيل)) اخرجه البخاري.
واعلم ايها المؤمن ان هذه الغربة سرعان ما تنقضي وتصير الى وطنك ومنزلك الاول، وانما الغربة التي لا يرجى انقطاعها هي الغربة في دار الهوان، حينما يسحب المرء على وجهه الى جهنم والعياذ بالله، فيكون بذلك قد فارق وطنه الذي كان قد هيئ واعد له، وامر بالتجهيز اليه والقدوم عليه، فابى الا الاغتراب عنه ومفارقته له، فتلك غربة لا يرجى ايابها ولا يجبر مصابها.
فاعظم حنين ينبغي ان يكون الى وطننا الاول سكن الابوين ودار الخلد والنعيم، قال الرسول : ((اذا سالتم الله فاسالوه الفردوس؛ فانه وسط الجنة واعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر انهار الجنة)) اخرجه البخاري، وقال الرسول واصفا الجنة: ((لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم لا يباس، ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه)) اخرجه احمد والترمذي وصححه الالباني في صحيح الجامع، وفي الصحيحين ان الرسول قال: ((ادخلت الجنة فاذا فيها جنابذ اللؤلؤ، واذا ترابها المسك))، وفي الصحيحين ان رسول الله قال: ((في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا، في كل زاوية منها اهل ما يرون الاخرين، يطوف عليهم المؤمن))، وفي الصحيحين قال رسول : ((ان في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها))، وعند الترمذي من حديث ابي هريرة قال: قال الرسول : ((ما في الجنة شجرة الا وساقها من ذهب))، وعند احمد في مسنده قال رجل: يا رسول الله، ما طوبى؟ قال: ((شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب اهل الجنة تخرج من اكمامها))، وقال رسول الله : ((الا مشمر للجنة؟! فان الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلالا وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة، في مقام ابدا في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة، في محلة عالية بهية)) اخرجه ابن ماجه وصححه ابن حبان.
عباد الله، يقول ربنا تبارك وتعالى واصفا لنا حقيقة الدنيا وحقارتها ودناءتها؛ حتى نستعد ونتاهب لدار القرار، جعلنا الله واياكم وسائر المسلمين من اهلها، اللهم امين: وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الاخرة خير للذين يتقون افلا تعقلون [الانعام:32]، وقال تعالى: انما الحياة الدنيا لعب ولهو وان تؤمنوا وتتقوا يؤتكم اجوركم ولا يسالكم اموالكم [محمد:36]، وقال سبحانه وتعالى: اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور [الحديد:2]. وعند البخاري ان الرسول قال: ((موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها)).
فحي على جنات عدن فانها منازلنا الاولى وفيها المخيم
وحي على روضاتها وخيامها وحي على عيش بها ليس يسام
ايا ساهيا في غمرة الجهل والهوى صريع الاماني عما قليل ستندم
افق قد دنا الوقت الذي ليس بعده سوى جنة او حر نار تضرم
وتشهد اعضاء المسيء بما جنى كذاك على فيه المهيمن يختم
الخطبة الثانية
اما بعد: عباد الله، وانه مما ينبغي عند الحديث عن الوطن والحنين اليه ان نحذر من اناس وفئة من الذين يدعون حب الوطن، ويدندنون دائما حول الوطنية وحب الوطن وضرورة الانتماء اليه، وهم اضر الناس على الوطن واهله، يريدون لنا الفساد والوقوع في شباك الفاحشة والرذيلة، ويهدفون الى امور منها:
1- تقليص المواد الشرعية وتقليل نصابها في الحياة الدراسية التعليمية.
2- منع تدريس النصوص التي تذكر ابناء المسلمين بعداوة اليهود والنصارى للاسلام واهله، وطمس عقيدة الولاء والبراء في المناهج التعليمية.
3- السعي الجاد الى اختلاط التعليم بين الرجال والنساء.
4- محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والمصالح والهيئات.
5- السعي الحثيث لموضوع قيادة المراة للسيارة، ودائما ما تجدهم يرددون: حقوق المراة، المراة انسانة، ونحو هذه العبارات.
فهل من الوطنية الحقيقية والانتماء الجاد للوطن حب اشاعة الفاحشة في مجتمعات المسلمين بدعوى الترفيه والتنشيط السياحي وعبر بوابة الاحتفالات الموسمية والفعاليات العائلية؟! وهل من الوطنية اغراق المجتمعات بطوفان من الفضائيات المخلة بالاداب والحشمة والعفة والتي لم تجلب للامة الا العار والدمار؟! وهل من الوطنية اغراق الاوطان الاسلامية بملايين السياح الاجانب من ذوي العقائد الوثنية او اللادينية، فضلا عن اليهود والنصارى، فيتصدع جدار الولاء والبراء، وتلتقط الصور التذكارية الجماعية لمسلمين وكفار؟!
فهؤلاء اساؤوا في ادراك الكيفية الحقيقية لحب الوطن، فجعلوها الحانا وترانيم وطقوسا وشعارات لا تمت الى الوطنية الصحيحة بصلة، فنشات اجيال هزيلة في ولاءاتها، ساذجة في مخزونها الفكري بل والعاطفي، فالحب الحقيقي للوطن هو الذي يقدس العقيدة ويرسخها في الاجيال، فينشا عنها حب الوطن لايمان اهله واسلامهم، وخلو ارضهم من مظاهر الشرك والبدعة.
ان الحب الحقيقي للوطن لا يمت الى هذه المظاهر بصلة، بل يتبرا منها اشد البراء واكده؛ اذ اننا لا نفهم الوطنية الحقة الا عقيدة راسخة ومجتمعا موحدا وشعبا عفيفا وقيادة راشدة، ولا نفهم الامن الا امن التوحيد والايمان، وامن الاخلاق والشرف، وامن المال والعرض والدم، قال الرب تبارك وتعالى: الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون [الانعام:82].
ايها المسلمون، ان الحب الحقيقي للوطن يتجلى في امور منها:
1- الحرص الاكيد والعمل الجاد في نشر العقيدة الصحيحة لتعم ارجاء الوطن؛ كي يتمتع المواطنون بالايمان الحقيقي بالله تعالى، ويصدقون في حبه والاعتماد عليه وحده دون غيره، حتى اذا ما حاولت قوة في الارض الاعتداء على دينهم وعقيدتهم او استباحة ارضهم واموالهم اذا بهم ينتفضون انتفاضة الاسد دفاعا عن الدين والعقيدة، وذبا عن الاعراض والاوطان، معتمدين على الله تعالى دون غيره، موقنين بان قوته الباهرة كفيلة بهزيمة اي عدو غاشم وعقر كل جواظ غليظ وقهر كل صائل اثيم.
2- القضاء المحكم على اسباب الشر والرذيلة وعوامل الخلاعة والميوعة التي تغرق المجتمع في اوحال الفساد والخنا، فتنشا الاجيال الشهوانية العابدة لملذاتها ومتعها الرخيصة، بحيث يتعذر عليها القيام بادنى دور ذي بال يحفظ لها كرامتها وشرفها عند تعرضها للامتهان على يد عدو متربص وصائل حاقد؛ اذ ان تجفيف منابع الفساد والفتنة هو الكفيل بصنع الرجال الحقيقيين، المحبين لربهم ودينهم، المدافعين عن وطنهم المؤمن الموحد بصدق وعزيمة.
3- التواصل الحقيقي بين الافراد والجماعات، وازالة اسباب التفرقة والخلاف بين افراد المجتمع، وقيام روح النصيحة والتعاون والتكاتف في وجه التيارات القادمة.
4- الانتظام التام في المحافظة على الاداب الشرعية والنظم العادلة المرعية التي تسعى الى جمع الكلمة بين الراعي والرعية، سمعا وطاعة بالمعروف، واداء للحقوق والواجبات، كل فيما له وعليه.
5- وتتجلى المواطنة الصادقة في رعاية الحقوق واجتناب الظلم، وبالاخص الحقوق واحترام حق الغير، والسعي الجاد من كل مواطن مسؤول او غير مسؤول لتامين الاخرين على اموالهم وانفسهم، ولا خير في وطنية تقدس الارض والتراب وتهين الانسان، فالوطن حقا هو الانسان الذي كرمه الله بالانسانية وشرفه بالملة المحمدية.
6- وتتجلى كذلك في اداء الحقوق، بدءا من حق الوالدين والارحام، وانتهاء بحقوق الجيران والاصحاب والمارة. وكذلك الاستخدام الامثل للحقوق والمرافق العامة التي يشترك في منافعها كل مواطن ومواطنة. تلك التي تكرس المحسوبيات وتستغل النفوذ وتتساهل في المال العام وكانه كلا مباح او فرصة سانحة لا تؤجل.
عباد الله، ليس الشان في الوطنية هو الاهتمام بقشورها ومظاهرها الخارجية، من تقديس لصورة او علم مع امتهان اصولها الراسخة.

  • الخطبه الوطنيه
  • موضوع الخطبة حول جه النفس
  • ‏أي العبارات التالية لها علاقة بال خطبة الوطنية
  • بحث عن القاء خطبة الوطنية
  • تعريف الخطبة الوطنية
  • بحث عن الخطبة الوطنية
  • فقرات الخطبه الوطنيه
  • كتابه الخطابه الوطنيه
  • بحث الخطبه الوطنيه
  • خطبة عن الوطنية
السابق
ديكورات رومانسيه جديدة
التالي
كيفية استغلال بقايا الاقمشة