روايه الجندي الابيض للكاتب : ايرومي
– لندا … هل انت بخير .. لندا .. استيقظي ارجوك ..
فتحت عيني بتعب ورايت وجه جاميان ينظر الي بقلق فافقت بسرعه وانا انظر اليه بعدوانيه .. كنت مستلقيه على اريكه ..
ولكنني في اللحظة التاليه اكتشفت انه كان مجرد كابوس مرعب .. وقلت وانا التقط انفاسي :
– لقد كنت احلم حلما سيئا جدا ..
قال جاميان برقه :
– كان يبدو ذلك واضحا ،، لذلك ايقظتك ..
ثم نظرت الى الاريكة الاخرى، كانت بعيدة وكان هناك رجلان يقفان على راس جيرودا وقد خلعا عن نصفه العلوي الملابس السوداء والدرع الفضي وظهر جسده المليء بالجراح فقال جاميان :
– لقد احضرت اطباء من اجل جيرودا .. يقولون ان حالته خطيرة جدا ..
تساءلت :
– كم مر من الوقت .. واين سبيرسو ؟؟
– عندما عدت وجدتك نائمة على الارض بجانب اريكة جيرودا وبيدك ضماده مبللة فحملتك الى هنا وتولى الاطباء علاج جيرودا .. لم تكملي العشر دقائق منذ عودتي ،، وسبيرسو داخل هينوا .. انه يعدها للرحلة ..
كنت مازلت مستاءة من الكابوس فتسائل جاميان :
– هل كنت موجودا في الحلم السيء؟؟
نظرت الى جاميان وحاولت ان ابتسم وقلت :
– لماذا تسال..؟؟
– تنظرين الي بشك وغضب .. وعندما فتحتي عينيك شعرت انك تريدين قتلي..
– (ضحكت) .. لا تشغل بالك انه مجرد حلم غبي لا يمكن ان يكون حقيقيا!
– هذا جيد ، المهم انك لا تبغضينني بسببه!
ابتسم جاميان بلطف وبادلت ابتسامته باخرى ، ثم وقف واتجه ناحيه الاطباء ولكنه توقف في منتصف الطريق وقال بامتنان :
– اشكرك على العناية باخي …
قلت بجديه :
– انه اخي ايضا يا جامي .. ارجو ان لا تنس ذلك ابدا ..
ابتسم جاميان وهو يهز راسه موافقا لكلامي ثم اكمل طريقه،، كانوا يجرون الخياطة للجروح ولم احب المنظر كثيرا ففضلت الابتعاد ووقفت عند السور الحديدي المطل على المركبة هينوا، كانت مركبة كبيرة ورائعة وقد كتب عليها ه ي ن و ا بحروف كبيرة وبعيدة عن بعضها مما اثاراعجابي ..
كنت لا اريد لجاميان ان يحزن ثانية، يكفي انه فقد والدته بسببي ..
ودعوت الله في قلبي ان يحمي جيرودا .. كنت خائفة جدا من ان نفقده ..
سيسبب ذلك ازمة كبيرة لجاميان .. ولي ايضا فانا اقدر ذلك الشاب كثيرا، لكنني غضبت لانني صفعته في الحلم !
ذلك الحلم اللعين يجعلني مضطربة جدا ولكنه سيزول تاثيره قريبا مثل كل الكوابيس، ونظرت الى الاريكة فوجدت الكتاب الكبير والقلادة موضوعة الى جانبه بعناية ..
تذكرت والدة جاميان الرائعة .. لقد هربت انا مثل الحمقاء الجبانه وتركتها تواجه الموت بسببي .. اعتقد انها لم تسامحني قبل موتها ..
اقترب جاميان من خلفي وقال بالهمس:
– لقد اوصت بالكتاب لكي .. وهذا معناه انها تحبك كثيرا ، ذلك الكتاب كان غال على قلبها …
التفت مندهشة وقلت باستغراب :
– انت تعرف ؟؟ كيف ..
نظر لي جاميان وقال :
– وجهك معبر.. انا لا اقرا الافكار ولكنني اشعر بما تفكرين فيه احيانا ..
تذكرت ما سمعته عنه وعن رهافة الحس وقلت :
– انا حقا معجبة بذلك ..
اقترب ووقف الى جواري ثم قال:
– معجبة بماذا .. بي؟؟
– هيا .. كف عن هذا.. لا تحاول سحب الكلام مني ايها المتحاذق …
– هل انت معجبة بقراتي لافكارك ..
– انا التي سمحت لك بقراتها .. لا تكن مغرورا ..
ضحكت و ضحك جاميان اخيرا وصمت للحظة وهو ينظر باتجاه جيرودا الذي كان نائما وتسائلت :
– اين ذهب الاطباء ؟؟
– لقد عادوا من حيث اتوا .. انهم اصدقائي .. وهم لن يخبروا احدا بذلك ..
– هذا جيد .. اتمنى ان تتحسن صحة جيرودا..
تنحنح سبيرسو لينبهنا الى قدومه ثم تسائل :
– كيف هي حالة تالتن الان ؟؟ هيا جاميان عليك ان تخبرني كيف اصبح تالتن اخوك فجاة .. وكيف تحول اسمه الى جيرودا؟؟
ابتسم جاميان بلؤم وقال :
– كنت اقصد انه اخي في الدم والوطن ..
نظر سبيرسو بشك وقال مازحا وهو يلوح بسبابته مشيرا الى جاميان :
– اعرفك عندما تكذب .. يمكنك ان تخدع الكل عداي ..
ابتسمت وشاهدت الموقف بصمت .. اعترف جاميان ان جيرودا هو شقيقه قال لسبيرسو قصة فراقهما بايجاز ، ظلا يتحدثان لبعض الوقت، بينما توجهت انا الى الاريكة التي تحمل جيرودا ونظرت الى وجهه المتعب ، شعرت انه فقد بعض الوزن لكن عضلاته كانت مفتوله وادهشتني لانها كانت غير واضحة عندما كان يرتدي الزي العسكري ..
فجاه شعرت انه لا يتنفس ..
تحسست نبضه ..
—————————————————————————-التقطت انفاسي براحة ..
كان يبدو لي نبضه منتظما واسعدني ذلك جدا .. لقد توهمت انه لا يتنفس فعلا ..وبعد قليل جلست على الاريكة اتصفح واشاهد خريطة الارض .. عندما احسست بجاميان يجلس بقربي نظرلي للحظة ثم نظر في الكتاب وقال :
– انها الارض .. هذه هي بلدك انها هنا ..
اشار جاميان الى الموقع الصحيح تماما فابتسمت ثم نظرت اليه وقلت :
– انت تعرف الخريطة جيدا ..
نظر لي بلطف وقال :
– كان علي ان احضر اجمل واروع واذكى فتاه .. ولكن ..
قلت باستغراب :
– ماذا ؟ ..
ضحك جاميان وهو يقول برومانسية :
– لقد احضرتها بالفعل .. وذلك جعل حياتي مرهونة بها ..
نظرت حولي وقلت لكي اغير الموضوع :
– صحيح اين سبيرسو؟؟
– انت مهتمة به وكانه ولدك التائه .. ولكن لا باس .. لقد ذهب ليحضر بعض الطعام فنحن لم ناكل شيئا ..
اغلقت الكتاب ورجعت للخلف مريحة ظهري على الاريكة ، بينما وقف جاميان وتوجه امام بعض الاجهزة يفعل شيئا ما لا ادري كنهه ..
وعاد سبيرسو بعد وقت قصير محملا باكياس الطعام وهو يقول بسرعة فزعا:
– يبدو انهم سياتون الى هنا .. اظن ان علينا الرحيل باسرع وقت ممكن ..
قال جاميان باهتمام :
– اين سمعت ذلك؟؟
– سمعت بعضهم يتحدث في المتجر عن سرقة ايموكيا ،، الجميع يتهمك بذلك ويتحدثون عن هروب لندا وان الملك سيرسل جيش بانشيبرا للتفتيش عنكم في منطقة سلاو- هينوا ..
قال جاميان باكتئاب :
– الجيش ؟؟ لقد اصبح موقفنا صعبا ياصديقي .. هيا سبيرسو عد الى منزلك، لقد ساعدتنا بما فيه الكفاية انهم لا يعلمون بامرك ويمكنني قيادة هينوا ..
ثم نظر تجاهي وقال باسما :
– سوف تعتني لندا بي وبجيرودا ، انا اعرف ذلك ..
نظر سبيرسو بقلق وقال معترضا :
– لا .. لن اذهب الى اي مكان .. ساذهب معك ..
اقترب جاميان ووضع يده على كتف سبيرسو وقال بصرامه :
– لا مجال للنقاش ، هل تريد والدتك ان تموت اذا فقدتك .. هيا وخطيبتك ايضا، انها فتاة طيبة وبحاجة اليك ..
فترة صمت وتبادل نظرات ثم قال جاميان بحزم :
– سبيرسو .. انا امرك بالعودة ..
نظر سبيرسو بحزن الى جاميان ثم قال بعينين دامعتين :
– ساشتاق اليك .. يا صديقي ..
ثم عانق سبيرسو جاميان بقوة وجاميان يقول :
– لن انساك ابدا ، ولا تنس ان توصل سلامي الى بيكا ووالدتك ..
هز راسه موافقا ثم توجه ناحية جيرودا ونظر اليه نظرة اخيره حزينه وانصرف بسرعه نازلا السلم الحديدي ..
صاح جاميان :
– شكرا على الطعام ..
ووقف جاميان متاثرا للحظة ولكنه انتبه في اللحظه الاخيره وقال:
– هيا علينا ان نسرع بقدر الامكان ..
ثم اتجه فورا ناحية جيرودا وحمله بعد بعض المعاناه لان الجروح كانت تملا جسده، واتجه به ناحية المركبة .. وقال بصوت محبوس :
– احضري اكياس الطعام واصعدي خلفي ..
بسرعة تحركت وحملت الاكياس ثم اخذت الكتاب والقلاده و صعدت خلف جاميان الذي وضع جيرودا على اقرب سرير وصل اليه .. قام جاميان بربط جيرودا جيدا ببعض الشرائط و الاحزمة الموضوعة في السرير ..
وضعت الاكياس على الارض واقترب جاميان مني ثم قال :
– الان ستتحررين يا مالكة قلبي!
نظرت بعيدا لكي اخبيء خجلي .. وقلت وقد احتبست انفاسي :
– شكرا .. لك ..
ثم امسكت بكف جاميان ووضعت فيه قلادة ايموكيا وقلت :
– لقد كاد جيرودا ان يضحي بنفسه من اجل ايصالها اليك ..
ابتسم جاميان ثم اخذها وعلقها حول رقبتي وقال :
– انا ساخبئها هنا … فهو مكان جميل وامن ..
ابتسمت فامسك جاميان بيدي وسحبني نحو قمرة القيادة ..ثم اجلسني الى جانبه وقال :
– ستكونين مساعدتي عند الانطلاق ..
– نعم .. هذا يشرفني ايها الجندي الابيض ..
قام جاميان بتشغيل المركبة الكبيرة ولكن سرعان ماسمعنا صفاره داخل المركبه، ثم تحولت الاضاءه للون الاحمر ونظر جاميان بقلق الى عداد موضوع داخل المقود ..
اتسعت حدقتا جاميان في رعب وصاح :
– لقد وضع احدهم مفجرا …
كان امامنا بالفعل عشر دقائق فقط …
وقفت وانا بغاية الذهول وعاد جاميان وصاح برعب :
– اسرعي ليس لدينا متسع من الوقت ! علينا ان نركض … سوف تنفجر هينوا …—————————————————————————–
ركضت انا وجاميان بسرعه نحو سرير جيرودا وبدانا بفك الاربطة بتوتر وخوف جعلتنا نتاخر ثوان اضافيه وصاح جاميان وهو يحمل جيرودا بصعوبة :
– لا اصدق ان سبيرسو يفعل شيئا كهذا .. لماذا؟؟ لقد خدعني ببساطه بعد ان اعتمدت عليه !! هو الوحيد الذي دخل الى هينوا .. لقد كان عميلا …
وصلنا في خلال دقيقة الى بوابة المركبه وحاولت فتحها لكنها كانت مغلقه اوتوماتيكيا ..
اجلس جاميان جيرودا واسند ظهره على الجدار وحاول فتح الباب او كسره فلم يستطع ضرب الباب بكل قوته ،، كان جاميان حائرا جدا .. وتذكرت انني لم احضر الكتاب فاندفعت الى الداخل وصاح جاميان :
– الى اين ؟؟
– الكتاب …
قلت ذلك بسرعه وانا اركض في الممر الصغير فتعثرت في اكياس الطعام وسقطت رايت الكتاب امامي فحملته بسرعه وعدت الى البوابه فلم اجد جاميان ، كان جيرودا فاقدا لوعيه وركضت بحثا عن جاميان ولكنه عاد ورايته واقفا ينظر الى بهدوء ..
لم اقل شيئا ونظرت للبوابه الكبيره فقال بخفوت وقد استحال وجهه الى لون احمر:
– لن يمكنني فتحها ابدا، تفقدت مخرج الطوارئ الوحيد …. لقد قتلونا، وقعنا في فخهم !!
ظللت انظر له باشفاق كبير وقلت:
– لا باس يا جاميان .. هل انت خائف من الموت؟
جلس جاميان الى جوار شقيقه النائم على الارض وقال بياس :
– لا .. فلقد تمنيت ذلك عند سماع خبر موت امي … لكن ..
اخفى جاميان وجهه بين ذراعيه واقتربت منه وجلست بقربه فعاد يقول بصوت مبحوح :
– لقد خذلتك … لم اكن قويا كفايه لاحمي الاشخاص الذين احببتهم فعلا .. لم احم ابي ولا امي … ولم احم جيرودا … والان ، انت …
ثم رفع راسه وانحدرت دمعة لؤلؤيه من عينيه وتابع وهو يمسك بكتفي :
– ارجوك سامحيني .. لندا .. انا احبك كثيرا .. لم اكن اتمنى ان يحصل ذلك ..
وضعت يدي على فمه ليسكت وقلت :
– لا .. يا جاميان .. انت بطلي الوحيد وانت لم تخذلني ابدا، يكفي انك ضحيت بحياتك من اجلي ، لقد فقدت امك من اجلي وانا لا استحق كل هذا ..
شعرت بدموعي تذرف رغما عني فمسحها جاميان بيديه وهو يفعل ذلك للمره الثانيه وقال بهمس :
– ارجوك لا تبكي … اريد ان اراك اخر مره وانت تبتسمين ..
شعرت بخوف حقيقي لان االموت كان يقترب مع كل دقيقة تذهب ..
ونظر جاميان الى عنقي وتحولت نظرته اليائسه الى اندهاش وقال :
– ايموكيا ..
نظرت الى القلادة الدائرية في رقبتي وكانت اللؤلؤه الشفافة قد شعت بنور ارزق قوي وجميل ، وسمعنا صوت جيرودا يقول بتعب :
– ان ايموكيا تعمل … مستحيل!!
التفت جاميان نحو جيرودا بفرحة وقال :
– جيرودا انت بخير .. انك تتكلم !!
حاول جيرودا الجلوس وساعده جاميان وفجاة توقفت صفارة الانذار وعاد الضوء الابيض الطبيعي الى المركبه ..
قلت باندهاش كبير:
– لقد توقفت القنبله ..
نظر جاميان حوله بسعادة ولكن جيرودا قال بارهاق وهو يمسكني ويمسك جاميان ويغمض عينيه :
– القنبلة لم تتوقف …
بسرعة نظرنا نحو جيرودا مندهشين من كلامه لكننا لم نجد الفرصة للكلام مرة اخرى وسمعت فجاه صوت انفجار رهيب جزء من الثانيه تحطمت الجدران حولي واشتعلت النيران وطار جسدي من قوة الانفجار بعيدا .. لم ار اي شيء ولكنني تاكدت انها نهايه حياتي …
نيران اندلعت في كل مكان وضاع الكتاب من يدي ثم ارتطمت بالدرج الحديدي الذي كان في المدخل خارج المركبه ,, سقطت بقوة وشاهدت النيران حولي .. حدث ذلك بسرعة الرمش بالعين …
و ……
ظلام تام ..
فقد اغمي علي ولم اعد اشعر باي شيء ..