ووشم العبودية.
اطل علينا بصمت المقابر من على شاشته” وهو يبحلق بهذا الاممي المبتعث بمهمة محددة: توبيخ وتقريع في الميادين العامة المزدحمة بجواسيسه.. من لا تجرؤ الملايين مجرد النظر الى صوره دون انحناء وطاطاة وهم يرقبون زعيمهم بهذه الهيئة الشعثاء الحزينة اعلم ان الجميع قد قذف بهذا السؤال، بعد ان اكمل فحص الحوائط والسقوف والبحث تحت الاسرة عن عيون اجهزته الراصدة.. تساءل الجمع هل حقا هو ذاته الزعيم الفارس الدعي القادر على كل شيئ، العالم بكل شيء: مواعيد الغمام وهطول الغيث.. وحلول ازمات الكون المركبة.. وساعة القيامة.. من يحمل على راسه الطير وينصت بصمت دار عجزه هجره اصحابه..لتقريع الوافد من خلف بحار الله.. هل حقا هو من منحناه اعناقنا مداس اعتلاء سرج قيادة وريادة بلاد لعقود حكم وابتلاء؟!!
الرجل مازال محاصرا بصمته المهين يبتلع امواس الاهانة بصبر العاجز الخانغ الذليل.. وهذا الاممي يفتش في بنطال الرمز الابدي.. عن شحنات السموم المهربة.. يشم بمناخيره المدربة عن بعد
قميص (المفدي) يعريه الجوارب.. يحاصره باسئلة خبيثة.. يستجلي منها العلاقة المعقدة بين ان تكون رئيسا ومهرب بودرة في ان معا.. بين كفيك وكيفك كيف تتداخل وشائج الاخوة.. اواصر القربي.. وروابط التاخي في دورتك الدموية، بين الامساك بمقود جيوش ومصير بلاد.. وادارة عصابات ليل.. ومخازن تهريب سلاح، مرافئ مورفين، وخطابات فضيلة!
الاممي.. يواصل التجوال في شوارع جسد الزعيم يفرغ مزاريبها من النخوة.. يستجوب في داخله نشاة الولادة في ليل (مفارق) البلاد.. خبرته التاريخية لمداخلها ومسالكها ودروبها الوعرة.. يفكك الاممي العلاقة بين وجهي رئيسين تفرقهما برازخ محيطات وبحار.. ويوحدهما ولع الاشتغال في ادغال ومجاهل العالم الليلي الغامض.. تتواصل حملة الاممي التفتيشية في نقائص الاثنين: هذا الصامت الشاحب امامه.. وذاك المسحوب من ربطة عنق بدلته الرسمية. من قصره الرئاسي البنمي.. الى سجون فلوريدا.. كرئيس سابق وتاجر مخدرات محترف وسجين حالي الى الابد.
وفيما نائب امين عام الامم المتحدة المساعد لمكافحة تهريب المخدرات.. يجوب المنافذ والصحاري، ومواقع تشوين وتكويم واعادة تصدير هذا الوباء السمي.. المذياع اللعين لم تتوقف لسانه عن سرد قصصه الاخبارية البلهاء لزيارات (الضيف)!!
للمواقع الاثرية وتزاحم الاشادات بمعالم الحضارة.. واخيرا لم يتخفف المذياع عن وقاحته وهو ينقل على لسان السيد الاممي مشاعر التعظيم والتوقير لباني السد وشافط النفط قابض الارواح وشمام الكوكايين (!!) صاحب الفخامة والقيافة السيد الرئيس!
ناس تلك البلاد يمتلكون مخزونا خرافيا من الطيبة والصفح.. ونسيان الجرائم.. وعليه لا مجال هنا للدهشة ان راينا اكفهم المعروقة، وحدقاتهم المغرورقة ترتفع بهذا الدعاء للسماء:
ايتها السماء الام.. ايها الرب الرحيم.. من اجل عبادك الزاهدين ببؤسهم.. العابدين القانطين من اجل ماء وجوهنا ودمنا المراق، عجل بقبض روح زعيمنا الدهري.. انفذ طلقة الرحمة في راس هذا الحصان العجوز.. لا تجعل منه توامة نورييغا البمني.. ومنا اضحوكة الامم.. فقضاؤك ارحم من قضاء الامريكان.. وقبرك اوسع من جحيم زنازينهم المغلقة.
اللهم امته على فراشه بعيرا هنا.. ولا تجعل منه سجينا ابديا على ارضية اسمنتية هناك.