افضل مواضيع جميلة بالصور

عندما عبروا حدود الظلام

(( عندما عبروا حدود الظلام ))

الفصل الاول : حياة جديدة ..

وسط الماء ..
وتحت جنح الظلام ..
بين زمجرة الريح ..
وضوضاء العويل ..
عانقها ذلك الالم ..
الهب عقلها بمئات الخيالات ..
جمدت ..
مشاعرها اختنقت ثم تبعثرت ..
شدها نحوه ..
لفها ببرودة كقمم الجبال ..
همس في اذنها الاف العبارات ..
اضطربت ..
احزانها غرقت ثم طفت ..
ثلاثة عدد الايام ..
ومدى العمر تبقى الاحزان ..
ارتدي عباءة الايمان ..
وتجلدي بالصبر..
يا جرحا نازفا يحكي الاهمال ..
يا قلبا نابضا يرفض الاستسلام ..
يا قبلة طبعت على جبين الالام ..

((هي ليست ملاكا على صورة بشر .. ))

يوم الاثنين 8 / 1/ 1427ه
في مستشفى تبوك :

: حالتها صعبة جدا , انقلها من باب الطوارئ , بسرعة ..
عيونها كانت مفتوحة تتامل كل شي حولينها وصوت اصطكاك اسنانها مسموع بوضوح من قوة الرجفة و النفضة اللي في جسمها , طالعت في الطبيب اللي يصارخ عشان يستعجلون باخلاء الممر ورجعت ثاني تطالع في الرجال الملتحي اللي ماسك يدها ويضغطها بقوة وهو يقول : لا حول ولا قوة الا بالله ..
طالعت في الاضواء المعلقة على السقف الابيض وهي تلمع شويه وتختفي وغمضت عيونها تستمع لصوت عجلات السرير تتردد في اذانيها من البعيد بشكل غريب مختلط باصوات الناس وصراخ الطبيب وصوت عذب يدعي وصوت ابواب معدنية تنفتح وتنصك وبعد ماوقف السرير اللي حسته يغوص بها في مكان بلا ابعاد فتحت عيونها و شافت نفسها في غرفة مليانة اضواء ورجال متلثم معاه ابرة و ظلااااااااااااااااام ..
: اش اسم المريضة ؟
: ما ادري ما لقينا معاها اوراق هوية وما فتحت فمها بكلمة من انتشلناها ..
: لا تقول هذي وحده من الناجين , مو معقول ..
: الا , سبحان الله انكتب لها عمر جديد ..
: طيب ما في احد من اهلها يدور عليها ..
: للاسف ما في اي خبر الا الان ..

*************************

(( هي ليست ضعيفة تدعي القوة ..))

يوم الثلاثاء 9 / 1/ 1427ه :
في نفس المستشفى :
: الكشف والفحوصات المبدئية تدل على فقدان ذاكرة , لكن ماادري مؤقت ولا لا ..
: لاحول ولاقوة الا بالله ..
: صراحة ياعم ابو عصام زين اللي فقدت الذاكرة بس , ما توقعت تكون حية وواعية لهذا الوقت , البنت فعليا لها ثلاث ايام بدون اكل او شرب وباذلة مجهود خارق وسط برد جمد اطرافها , الحمد لله الله ستر عليها , عندها حاليا صدمة عصبية حادة جدا جدا يمكن هي سبب فقدان الذاكرة او العكس , اعطيناها مغذيات ومهدئات ومحاليل والله يوفق , المهم ما دريت عنها شي ؟؟..
: والله ما ادري عنها اي شي يادكتور , زودنا الشرطة بصورتها من ساعة ما لقيناها والى الان ما درينا عنها شي , ولدي عصام راح يشوف الشرطي اللي جا ..
تقدم عصام من ابوه والدكتور وقال : ابوية الشرطي يبغى يكلمك ..
وقف الشرطي متردد وهو ينقل بصره بين الاب وولده بعدين قال : والله ما اعرف اش اقولك يا عم علي , اللي صار شي ما يتخيله عقل , مختصر الكلام البنت ما عاد بقي لها اهل , ماتوا كلهم في الحادثة ..

************************

(( هي ليست حرة لترسم مصيرها ))

في فيلا واسعة وفخمة في حي المروة بجدة :
يوم الثلاثاء 16 / 1/ 1427ه بعد الغدا :

احمد : واحد منكم بيتزوجها رضيتم ولا انرضيتم ..
عبد الرزاق بعصبية : امي عاجبك كلام ابوية اللي ما يخش العقل ..
جاسم بهدوء : عبد الرزاق احترم الفاظك ..
اشر عليه عبد الرزاق وقال بضيق : اذا كان عاجبك الموضوع ليش ما تتزوجها انت سيد جاسم مو انت الكبير و انت اللي تعرف اخوها , انا ابغى اتزوج بكيفي والبنت اللي انا اختارها , طاق ال29 ولسه ما تزوجت ولا خطبت ..
حس حاسم بضيق من كلام اخوه فقال بعصبية : اخوها ما اتذكر منه الا اني شفته مرة وحده في جواز عبد الله قبل سنة , بعدين مالك دخل فيني طاق ال29 ولا ال40..
شهقت ام جاسم وقالت : جاسم , عبد الرزاق احشموا ابوكم قاعدين تهاوشون قدامه ..
تدخلت الجوهرة لاول مرة وقالت بضيق : اميييييييييي والله حرام اش ذنبهم اخواني في اللي يصير , صح البنت يتيمة ومالها احد غيرنا بس ..
لف عليها عبد الرزاق وقال بوقاحة : اقول انتي اسكتي ما بقي الا انتي تتكلمين …
خاطبه جاسم ببرود وقال : لا تعصب وتحط حرتك في الضعيفة , هذي مهي طريقة تخاطب فيها اختك الكبيرة يا متعلم ..
وقف عبد الرزاق وقال بصوت عالي وهو ياشر بيده : انت بالذاااااات لا تتكلم ..
وكمل بتريقة وهو يمط كلامه بطريقة المستبعد : بتدبسني في المجنونة بننننننت وللللللللد خاااااااااااااااالة جدتك وما تبغاني اعصب ..
تنهد جاسم وقال : ابوية خلاص انا باتزوجها ..
اختلطت صرخة الجوهرة باستنكار مع صوت امه : جاااااااسم ..

*****************************

(( هي ليست نسمة هواء رقيقة تعبر بخفة حيث لا تستطيع ملاحظتها ))

بعد شهر في نفس الفيلا :
يوم الخميس 16 / 2 / 1427ه بعد صلاة المغرب :

انفتح الباب بكل قوته : السلااااااااااااااااااام عليكم ..
لف ابو جاسم على باب المجلس وابتسم بحب لمن شافها وقال : هلا , هلا والله باحلى بنت في الدنيا , هلا وغلا ب ازهار ..
جرت ازهار على امها وضمتها وهي تقول : فديتك ماما وحشتيني ..
طااااااااااااالع فيها ابوها وقال : نعم , هذا وانا اللي مرحب بك مو هي ..
ضحكت هي وامها وقالت : اووووه لك الحشيمة يابابا بس هذي الماما ما اقدر عليها ..
وقامت له وقبل ما تضم ابوها جاهم صوت مزعج يقول : يا سلااااااااااااااام , وخري عن ابوية لو سمحتي ..
نطت ازهار وضمت ابوها قبل ما توصله العنود وقاموا يتصارعون مين يضمه ..
: ابويه يا الدب ..
: بابا يا عمود الكهرب ..
: يععععععع طالعي بس كيف تقولينها بابا , اسمه ابويه ..
: روحي يالبدوية يا ثقيلة الدم , بابا و انا حره ..
ضحك ابو جاسم وهو يطالعهم وقال وهو يضمهم الثنتين : بس كلكم بناتي , لا ترجون راسي ..
قالت ام جاسم : قوموا عن ابوكم ذبحتوه ..
تصنمت ازهار في مكانها وسرحت فجاة , الكل طالع فيها بترقب , و شويه لفت عليهم وقالت بضحكة : اروح اجيبلكم عصير برتقال من يديني الحلوة , سويته اليوم العصر ..
ضحك الكل عليها ومن خرجت قالت العنود وهي تتنهد : واااااااي والله قلبي عورني حسبت…
قطع كلامها رنين التلفون , رد عليه ابو جاسم وقال بعد ما سمع الصوت : هلا والله بجاسم , كيفك يا ولدي ؟؟ متى بتجينا ؟؟..
وسحبت منه ام جاسم التلفون بعد ما رجته وهو يتكلم من كثر لهفتها على ولدها البكر ..
***
قالت سيتي بحماس : يوووووووو ازهاااااااااااااااااار اس هادا ؟؟ هادا شغل مررررررره هلووووو ..
ضحكت ازهار هي تثبت شرايح البرتقال على طرف الكاسة وتحط مراوح العصير اللي اشترتها من محل ابو ريالين ..
شالت الصينية ومشت للمجلس , لمن دخلت وسمعت اسم جاسم بسررررررعة حطت الصينية على الارض وقالت : ماما تكفييييييييين ابغى اكلمه والله وحشني ..
ضحك جاسم وقال لامه : مين اللي وحشتها لها الدرجة ؟؟ العنود ولا الهنوف ؟؟
ما سمعت الام سؤاله من التردد والحيرة اللي شغلتها وشغلت الكل ما عادا ازهار اللي اخذت السماعة من امه وقالت : جاسم ..
حس جاسم بشي يلتوي بداخله , قال بهمس : العنود ؟؟
ضحكت وقالت : حراااااااام عليك تشبهني بام الصوت النشاز هذي , انا ازهار , مسرع ما نسيتني يالدب ..
بلع جاسم ريقه وهو يحاول يستوعب اللي يصير , ازهار من بين كل اخواته هي اللي تكلمه بعد هالانقطاع الطويل , وفوق هذا كله تكلمه بطريقه ما تخيلها ..
: جسوم يالوحش انا قاعدة اكلمك ..
هذا هو صوت زوجته اللي ما يتذكر ملامحها بشكل واضح , سحب نفس وقال : هلا ازهار كيف حالك ؟؟
سكتت بصدمة وبلا مقدمات رمت السماعة على العنود و طالعت فيهم بحيرة , قالت ام جاسم وهي تضمها : بسم الله عليك , اش فيك ؟؟ اش صار ؟؟
قالت بصوت خافت وهي تطالع في يدينها اللي ترتجف : صوته غريب , هذا مو جاسم ..
ضمتها الام اكثر , رفعت العنود السماعة وقالت بسرعة لمن سمعت جاسم ينادي ازهار : هلا جاسم , لا بخير نكلمك بعدين , هااااا , طيب ..
سحبت التلفون وخرجت من المجلس وعيونها معلقه على ازهار اللي صارت شاحبة وهي في حضن امها اللي قاعدة تقول : يمه هذا جاسم , اش فيك ؟؟
هزت ازهار راسها وقالت : لا مو جاسم , مو اخوية , كيف ما ميزت صوته ؟؟
ضمتها ام جاسم اكثر وقالت بالم : يمكن لانك ما سمعتي صوته من زمان , ويمكن بسبب التعب اللي صابك الفترة اللي فاتت ..
غمضت ازهار عيونها وقالت جوة نفسها الكلام اللي ودها تصارخ به على العالم لكنها تخبيه عشان ما تخوف امها واهلها (( يا ناااااااااس ليش احس نفسي غريبة عنهم وما قيد عشت معاهم , احس كل شي جديد عليه , واحيانا احس بخوف يزلزلني من داخلي , ياااااااااارب استر , يارب ارحمني , هذا ايه اللي فيني ؟؟ ليش ما اتذكر طفولتي , ليش ما اتذكر اي شي يمضي عليه الوقت , مو معقوله هذا كله فقدان ذاكرة من الصدمة اللي صابتني بعد الحادث , مو لدرجة اني انسى اخواني واصواتهم , حتى عبد الرزاق صار لي نفس الموقف معاه , حسيت صوته غريييييييب عني , حتى بابا وماما غريبين والله خايفة , اش اللي فيني ؟؟ ))..

*******************************

غمض جاسم عيونه ورمى نفسه على السرير وهو يزفر بقوة , لف عدنان عن كمبيوتره وقال : اذكر ربك ..
ورجع يطقطق الازرار , لف عليه جاسم بعد ما قال الشهادة وقال بعد فترة صمت مايقلق سكونه الا صوت ضغطات الازرار : كلمتني ..
ساب عدنان شغله ولف الكرسي الدوار بالكامل ودف نفسه الين سرير جاسم وقال بحماس : مييييييييين ؟؟ لا تقول زوجتك ..
تافف جاسم وقال وهو يسحب المخده ويضربه : طيب بلاشي هذي النظرة المتحمسة لاني ماني فايق لك ..
ضحك عدنان وقال وهو يرجع له المخده برمية : والله متحمس , ليش ما اتحمس , ابطال قصتي الجاية ان شاء الله انت وازهار..
اعطاه جاسم ظهره وقال : والله من جد فايق , روح لمنتداك وقصصك يالمؤلف العظيم ..
سكت عدنان شويه وهو يفكر انه يمكن تضايق بسبب عقدة الذنب بعدين قال بصوت هادي : اش فيك متوتر ومعصب ؟؟ انا عارف انها اول مرة تكلمك بس ما اظنها كانت محادثة صعبة لها الدرجة , في النهاية البنت حتتذكر كل ماضيها وبتعرف كل التضحيات اللي سويتوها عشانها …
: البنت خافت ورمت السماعة لمن كلمتها وقالت انه هذا مو اخويه جاسم , صوته غريب وما اعرف ايه ومن ذاك الكلام وهلم جرا ..
: قصدك انها بدات تتذكر وتحس ؟؟
: الله اعلم ..
:الله يستر ان كان بدات تتذكر ..
: كم مر على الحادث ؟؟
: ما ادري بس اللي اعرفه انه مر شهر بالتمام من يوم انصفقت على راسي ووافقت على اللي يصير دحين ..

*****************************

(( هو ليس مجبرا ليسير حسب اهواء الاخرين ..))

قبل شهر في العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة :
يوم الثلاثاء 16 / 1/ 1427ه في الليل:
: جاسم ولدي انا عارف انه اللي اطلبه صعب ..
نزع جاسم بصره عن الشبح المسجى على السرير ومثبته فيه عشرات الاسلاك وقال لابوه الواقف عند باب الغرفة : خلاص ابويه ما عليك مني , انا رجال , كل الدعوة توقيع على ورق واذا ما ناسبني الوضع اخرج منه بسهولة , وبصراحة بعد ما فكرت في الموضوع البنت يتيمة وفاقدة الذاكرة ومالها اهل , اتحسن فيها وادخلها في عايلة انا عارف انها تتمنى تسوي فيها خير لوجه الله احسن من انها تنحط في جمعية خيرية ما ينعرف مصيرها بعدها ..
طالع فيه ابوه باكبار وقال : من يومك كبير في عيني يا ولدي ودحين زاد قدرك اكثر ..
ابتسم جاسم ورجع طالع في ازهار وقال : زين انها عايشة واحسن انها فقدت الذاكرة , والله لو وحده عاشت اللي عاشته كان انجنت ..
تنهد وجلس يتامل جسدها ووجهها المتشوه من النفخ اللي فيه ~ ازهار اش الاسم الغريييييب هذا ؟؟؟ , عمرها 25 سنة ولسه ما تزوجت , ليش ؟؟ يا ترى كيف شخصيتها هالبنت ؟؟ الله يعينك يا ابوية على ماجاك , اش بتسوي لو كانت شينة اخلاق ~ , ناداه ابوه عشان يخرج وهو يقول : اخرج عن البنت يا جاسم , تراك لسه ما تزوجتها ..
تنهد ورماها بنظرة اخيرة وخرج وهو يقول لابوه بمزحه عشان يقنعه انه مسوي هالشي برضاه : النظرة الشرعية حلال ..

***************************

(( هو ليس هوائيا تحكمه عواطفه ..))

في الفيلا :
يوم الجمعة : 19 / 1 / 1427 ه :

بعد ما وقع على عقد الزواج اللي صارت مشاكل تدخلوا فيها الكثير عشان يتم و اكثر من الكثير عشان ما يتم وبعد عرضها على مسؤولين في القضاء والدولة ..

حط جاسم يده على كتف اخته وسال : الجوهرة اش فيك زعلانه ؟؟ ابوية يبغاني اتزوجها عشان هو يقدر يقابلها ويرعاها , خلي الوضع يهدى بطلقها واتزوج اللي ابغاها , وهي حتظل تقابل ابويه ..
طااااااالعت فيه الجوهرة وقالت بشك : يعني متاكد ان الموضوع مو هبقة طنت في راسك بعد ما حزنت عليها واشفقت في لحظة تهور..
ابتسم وقال : لا ارتاحي احنا عسكر ما عندنا كاني و ماني , 1+1 = 2 , وبعدين من متى اخوك يسوي شي ما يقلبه في دماغه مية مرة ؟؟
: الله يحفضك و يحرسك , ريحتني والله ..
قال بثقة يبغى يغرسها في قلبه قبل قلب اخته : فكري فيها كويس , انا بكرة رايح الرياض وما حاجي على سيرة , وعبد الرزاق خلاص سافر فرنسا ومابيرجع الا بعد سنة , يعني البنت بتاخذ وقتها في الراحة معاكم ..
تنهدت بضيق وقالت : الله يسهل وتنقل , والله جدة مي شي بدونك ..
: الله يقدم اللي فيه خير , اهم شي خلي بالك على الاهل زين .

***********************

وقبل هذا الوقت باكثر من اسبوعين :
يوم الخميس 4 / 1 / 1427 ه :
الساعة 6.30 الفجر في احدى الفنادق في تبوك :
: والله متحممممممممممممممممممسة , متى يجي الليل ؟؟ ..
مسك عمير المخدة ورماها على وجه ازهار كعادته وهو يقول : ترااااااااااك طفشتينا , لك شهر غاثتنا بهالحماس ..
ضربت المخدة وجه ازهار ضربة مباشرة خلت عمر يقهقه وهو يقول : حللللللللللوة ابو مصعب , ضربة مباشرة ..
طالعت فيهم ازهار لمن رفعوا يدينهم وصفقوها بخمسة انتصار وقالت : هاهاها ما يضحك , والله لا اشتكيكم لعموري لمن يجي ..
قال عمر بتريقة : انا هنا ..
لفت بوزها و قالت : عموري عمار مو انت ..
قال عمير وهو يلف على اخوه اللي اكبر منه : كلنا ندلع عموري , مو عموري ؟؟..
قال عمر وهو ينسدح على فخذ امه اللي قاعدة تقرا اذكار الصباح : للاسف امي وابويه الله يرحمه من قلة الاسامي سمونا هالاسماء ..
ابتسمت بهدوء ومسحت على شعره من دون ما تشيل عينها عن كتاب الاذكار ورفعت بصرها اول ماسمعت صوت المفتاح في الباب مختلط بدق الباب ..
فزت ازهار وراحت تجري على الباب ..
اول ماصك عمار الباب ولف شاف خيال ناط عليه يحضنه , ابتسم وقال : وبركاته ..
ردت السلام ورفعت وجهها وابتسمت له وهي تقول : هلا باللي له الخافق يهلي , وحشتني ..
انمحت ابتسامتها لمن شدت يد خشنة شعرها المتوسط الطول من ورى وشهقت وهي تقول : اااااااااي عميييييييييييييييييير ..
كانت عارفة من دون ما تلف من اللي يععععععشق يشد شعرها و يناكشها باذية ..
سلم على امه و عمر وجلس وحط التميس والفول اللي جابه قدام امه وهو يقول : الله يصلحهم ..
قال عمر وهو يقوم عن فخذ امه ويستنشق بقوة : والله يبغالهم فرش عشان يهجدون , الله يالريحة ..
ابتسم عمار ابتسامته الهادئة وقال : خليهم مشتاقين لبعض , لهم اسبوعين ما تضاربوا ..
ضحك عمر وقال : والله لو تشوفه الاسبوعين اللي فاتت بعد ما رحتم الاردن قاعد ياكل في نفسه اكل مو لاقي احد يضاربه ..
قالت امه وهي تشوف الاثنين راجعين وهم يضحكون : والله حتى ازهار كل ما شافت شي حلو تحسرت وقالت ياليت عمر و عمير معانا ..
جلست ازهار وقالت وهي تغمز لعمر : عمور والله فاااااااااااتتك المناظر الحلللللوة هناك ..
تنهد وحط يده على قلبه وهو يقول بتريقة : اااااااااااخ ياقلبي , ربي عرف الشوكة وسود راسها , الجامعة ما اعطتني اجازة الا تو ..
جلس عمير يستغفر وهو يدق ازهار اللي قاعدة تحط الفطور بعد ما فهم قصدها بالمناظر , ضحكت و قامت تحكي عمر وعمير بحماس عن كل شي شافته هناك رغم انها ما خرجت كثير بسبب مرابطتها في المستشفى مع امها ..
طبيب امها اللي يعالج ركبها و الانزلاق الغضروفي اللي في عمودها الفقري نصحهم يسوون عملية لامهم عند طبيب في مصر دلهم عليه واتفق معاه على كل الاجراءات ولانه عمر اخذ اجازة قرر يطلع لهم ويتقابلون في تبوك عشان يسافرون بحرا من هناك على مصر لانه اوفر في الفلوس اللي يعانون من قلتها حاليا …

**************************

يوم الخميس 4 / 1 / 1427 ه :
الساعة 4 العصر في ميناء ضباء التابع لمنطقة تبوك :
قبل وقت الاقلاع :

اول ما تحركت سيارة الاجرة اللي نزلتهم في ميناء ضباء وشافت ازهار السفن على ارصفة الميناء قالت بفرحة : ياااااااااااي اول مرة ادخل ميناء , شكله يهبببببببببببل , متى نركب السفينة ؟؟..
ضربها عمير على راسها وقال يقلدها بتريقة : رخي صوتك يالمطفوقة , متى نركب السفينة ؟؟ ..
طالعت فيه بضحكه وقالت : مو عشانك خايف من السفينة تقوم تتريق عليه ..
قال بكبرياء : من قال اني خايف ؟؟ وليش اخاف ؟؟ شايفتني بزر ..
تنهدت وقالت وهي تجر شنطتها : ما ادري من ايش خايف , يمكن يمكن لانك ماتعرف تسبح ..
ضحكوا عليهم لمن بداوا يتناقرون , بعدها جلسوا منتظرين الين خلص عمار اوراقهم وتحركوا للرصيف اللي فيه السفينه , حست ازهار بالانشراح وهي تشوف اللون الابيض والازرق المميز للسفينة , كان شكلها مهيب بطوابقها المتعدده والناس المنتشرين على سطوحها وهم يطالعون من الحواجز , حست بشعور مختلط من الحماس والفرح , هذي اول مرة في حياتها تركب عبارة , ابتسمت وهي تقرى اسم العبارة (( عبارة السلام 98 )) لفت على عمار وقالت : عموري , حلو اسم العبارة مرة , هي عبارة مصرية صح ؟؟ ..
قال بهدوء وهو يدف كرسي امها المتحرك : هي حاليا ملك لشركة مصرية لكنها على ما اعتقد اصلها ايطالية ..
قالت فرحانه بالمعلومة الجديدة اللي حتقولها للبنات : يا حركتاااااااااااااااات , اتاريني ماني هينة راكبه عبارة ايطالية ..
كان الرصيف مزدحم بالناس اكثرهم من الجنسية المصرية , قال عمير : ما شاء الله هذولي كلهم مصارية , ليه ؟؟
قال عمر : اش بك راجعين من حج و اجازة ..
قالت امه بمزح : الله يخليك لا تجيب سيرة الحج عشان ما نرجع لنفس الموال ..
قال عمير وهو يلف بوزه : اجل تحسبوني ناسي القهر اللي في قلبي ليش ما خليتوني احج ..
قال عمر : يالغييييييييييرة , ترى والله دعيتلك يوم عرفة , و انت ان شاء الله لاحقها السنة الجاية ..
طالع عمير في السفينة اللي لاحت له من فوق زحمة الناس وقال بتوتر : ادري اعيش للسنة الجاية ولا لا ؟؟ والله السفينة شكلها ما يطمن …
وحس بالاحباط لمن قاموا يضحكون عليه …
كان فيه مدخل واحد كبييييير للعبارة عشان كذا طلبوا من الركاب يطلعون اول لانهم بيشحنون السيارات والشاحنات والحقائب بعدهم ..
كانت ازهار تمشي مع عمر وهي تلف يمين ويسار تحاول تستوعب المناظر قد ما تقدر , شهقت بخفة لمن شافت بوفيه وقالت : اكلللللللللللل ..
سحبها عمر عشان تكمل مشيها وهو يقول : بعدين , ما تفكرين الا في بطنك ..
استغربت لمن شافت الناس متزاحمين على سطح السفينة و تساءلت جوتها عن سبب عدم جلستهم في غرفهم , طلعت عدد من السلالم ما حسبتها ومشيت في ممر يدوب يكفي لشخصين , ولمن وصلت لغرفتهم هي وامها و عمير وشافت ضيقها عرفت سبب هروب الناس للسطح , جلست على السرير المهترئ وعرفت انه اكيد هذا كله بسبب الاسعار الرمزية للرحلة , لكن هذا ما حبطها ولا قلل حماسها لانها عارفة انهم لازم يوفرون الفلوس عشان عملية امهم اللي ماعاد تقدر توقف وتمشي من كثر الوجع ..
شوية كذا جات امها اللي بالقوة تعاونوا اخوانها وجابوها على كرسيها المتحرك وعلى طول نقلوها السرير و سدحوها عشان ترتاح ..
مسكت جوالها بعد مالحفت امها واتصلت على اول رقم في القائمة , ولمن جاوبها البريد الصوتي قالت بطفش : مشاعل تراني بافجر البريد الصوتي اللي ذابحتني فيه , من حلات الصوت عاد عشان اسيبلك رسالة كل شوية , انا في العبارة وما حتتحرك الا الساعة سبعة وحنوصل 2.30 باذن الله , ادعيلي ..
قال عمر وهو يرتب الشنط : اش عندك انتي ومشاعل هذه كل شوي معطيتها تقارير عن تحركاتك ..
لفت بوزها وقالت : صحبتي الروح بالروح …
وقف عمار جنبها وسالها باهتمام : حتى اليوم ماردت عليك ؟؟
هزت راسها وقالت وهي تلعب في الجوال بطفش : ماسمعت صوتها من زمان , شكلها مشغولة لانه زواجها مابقي له شي ..
قال بمحبة : شيلي البوز اللي مادته , اذا وصلنا مصر بالسلامة اخليك تدقين بجوالي , وان شاء الله نرجع قبل زواجها ..
طالعت فيه بابتسامة وقالت : الله لايحرمني منك ياعسل ..
قال عمير بتريقة وهو يدق عمر : وترى وددددها تقول لك الله يفكني منك يابصل ..
ضحكوا عليها لمن بدات تنكر وهي تضرب عمير بمزح , ولان انتظار شحن الاليات حيطول ترجت اخوانها يخرجونها تمشى شويه , ووافقوا الكبار بعد جهد انها تخرج مع عمير وقت الاقلاع عشان تشوف البحر , لكنها اصرت عشان تبغى تشوف على قولتها البحر تحت ضوء الشمس , وعمير اللي ما احد سمعت اعتراضاته كان وده يكفخها ليش خلته يخرج وسط هالزحمة ..

*************************

يوم الخميس 4 / 1 / 1427 ه :
الساعة 8.30 في الكبينة :
الساعات الاولى من الكارثة :

رفعت ازهار راسها عن الكوتشينة اللي ماسكتها في يدها وشمت الهوا وهي تقول : اشم ريحة شياط ..
ضحك عمير وقال وهو يرمي ورقة : اقول اسحبي و انتي ساكته , مو عشانك مهزومة تشردين ..
لعبت كم دورة ولمن زادت الريحة شمت مرة ثانية وقالت : والله اشم شي ..
قامت امها عن سدحتها وقالت : صادقة ازهار اشم ش…
اندق الباب وانفتح على طول ودخل منه عمر وهو يقول : في ريحة حريقة غريبة ..
نقزت ازهار وقالت : يا ماما , والله قلت لعمير ماصدقني ..
قام عمير وطالع بتوتر في عمر وهو يقول : يمكن حرق في البوفيه ولا المطبخ ..
وصلتهم اصوات مختلطة عالية , صك عمر باب الكبينه وقال وهو يفتح الشباك الصغير : عمار راح يشوف اش فيه , كملوا لعبكم ..
قال عمير وهو يلم الكوتشينة : نكمل بعد ما نشوف اش فيه ؟؟
قالت ازهار وهي تضحك على شكل عمير المتوتر : يعني اش بيكون فيه ؟؟
اندق الباب ودخل عمار وهو يقول بابتسامة : السلام عليكم ..
وضحك لمن شاف عيون اخوانه ثابته عليه وقال : اش فيكم مارد السلام الا امي ..
قالت ازهار : اش ريحة الحريق هذي ؟؟
قال وهو يهز اكتافه : القبطان يقول ريحة شكامانات وان شاء الله مافي شي ..
قال عمير بخوف : علينا شكمانات دخاخينها وريحتها واصلة للغرف , هذي شكمانات العمالقة ..
ضحكت ازهار من قلبها وقالت : حلوة شكمانات العمالقة ..
وسكتت وقالت ببراءة : الا واش هي الشكمانات اللي تقولون عليها هذي ؟؟..
قال عمر وهو يسحب عمار برى : مالك دخل خليك في لعبك انتي و اياه ..
وبعد ما صك الباب لف على عمار وقال : عمار استحاله هذي شكمانات ..
قال عمار بعد تفكير : يمكن شي ثاني بس القبطان ما يبغى يخوفنا ..
لف عمر يمين ويسار الناس كانت تروح و تجي في الممر وناس تدخل غرفها وناس تخرج والكل يناقش موضوع الريحة الغريبة قال بعصبية : مافي احد يعرف نساله اش صاير !! وين الملاحين ؟؟ ليش سايبيننا عمي كذا ما ندري عن شي ؟؟ ما شفت احد منهم من طلعت السفينة ..
رص عمار على عضده وهو يقول بهدوء : اقعد سبح واستغفر احسن لك بدل العصبية اللي ما بتفيدك وخلينا ندخل كبينتنا احسن من الوقفة في الممر..
فك الباب وقال لعمير : عمير احنا في الكبينة اذا احتجتوا شي قولوا لنا ..
بعد فترة صمت طويلة :
طالعت ازهار في عمير بعد ما حست ريحة الحريق كل مالها تزداد وقالت : تتوقع داسين عننا شي ؟؟..
قال عمير وهو يخرج بشويش عشان امه نايمه : خليك جالسة هنا اروح اشوف واجي ..
مسكت فيه وقالت بخلعه : عميرو على وين ؟؟
قالت امه اللي انتبهت لاصواتهم : عمير على وين ؟؟
فلت كم ثوبه من ازهار وقال وهو يعدل قبعته : اشوف الوضع واجي على طول ..
لبست ازهار عبايتها بسرعة وهي تقول بحماس : باروح معاه ..
قالت امها وهي تحاول تقوم بتعب : ازهار لا تخرجين ..
قالت ازهار : بروح لعمار وعمر في الغرفة اللي جنبنا واجي على طول ..
اول ما خرجت مشيت شويه في الممر وهي مهي عارفة اي غرفة هي غرفة اخوانها , وشهقت لمن شافت مجموعة رجال متزاحمين في الممر وهم يصارخون بعصبية يبغون يروحون للقبطان , وقبل ما تتحرك راجعة حست بيد تمسكها , لفت بخوف ..
: اش مطلعك من الغرفة ست ازهااااااار ؟؟..
تنهدت براحة وقالت : عمر , كنت ادور عليكم ؟؟ عمير خرج من ..
فتح عيونه على اخرها وقال بعصبية : خرج ؟؟ خرج وييييييييييين ؟؟
: ما ادري قال ااااااااااا ..
صرخت بقوة لمن حست بكوع يضربها على ظهرها , ضمها عمر وقال بصوت جهوري : بشويش لو سمحتم , ما انتم شايفين حرمة واقفة ..
وسحب ازهار ودخلها الغرفة وقال : لا تخرجين سامعة , الوضع ما يسمح ..
وقال لامه اللي طالعت فيه بترقب : امي اجيب عمير واجي ..
نزعت ازهار نقابها وفكت الطرحة وهي تقول بخوف : مااااااااماااااااااا ..
ضمتها امها وهي تقول بهدوء : ان شاء الله مافي شي , قومي اقري قران اشغلي نفسك ..

**************************

وقف عمار مع حشود الرجال الثايرين عند باب كبينة القيادة وهم يصارخون على القبطان وقال للصعيدي اللي جنبه : مو احسن نروح نلبس ستر النجاة بدل الوقفة اللي ما تفيد عشان نعرف الوضع اللي مهم راضين يشرحونه بالضبط ..
قال الصعيدي بلهجته القوية : الوضع واضح يا بيه دا العبارة بدخن من ادام و عمالين يكدبوا و يؤلوا حريق بسيط في المطبخ ومسيطرين عليه ..
سمع بوضوح واحد سعودي يقول : ساعة شكمانات وساعة حريق في المطبخ , تكذبون على مين ؟؟
جا واحد من وسط الزحمة يصرخ : حريييييييييييق حريييييييييييق في الشاحنة تحت , حرييييق ..
لمن كثر الهرج والمرج وبدات الاصوات تعلى وتختلط مع ضربات على كبينة القيادة سحب عمار نفسه ونزل على طول للغرف , انصعق لمن شاف الدخااااااااان الخانق و الناس متزاحمه في الممر عشان تخرج , حريم على رجال من مختلف الاعمار , حشر نفسه وسطهم يحاول يمشي عكسهم عشان يوصل للغرفة , كان كل مايتقدم خطوتين يرجع ثلاثة , قال واحد ما عرف جنسيته مر من عنده : ارجع ارجع الدنيا تحترق ..
حس بقلبه ينقبض لمن لاحظ سحب الدخان تملى المكان بشكل منذر بالخطر القريب , قام ينادي بصوت عالي حاول قد ما يقدر يخليه يعلى على صوت الجموع الخايفة المختلطة ببكى الاطفال : عمر , عمير ..
لصق في حافة الممر وقام يزحف بكل قوته ..

**************************

نزلت ازهار مصحفها وقالت بخوف : ماما الدنيا هايجة والدخان فضييييييييع ..
ما نزلت امها عينها عن مصحفها , لفت ازهار بوزها وقالت : ياليت عندي برودك وهدوئك ..
انفتح الباب بقوة خلتها تفز بخوف , و انفجعت لمن شافت عمر قدامها حالته حالة وثوبه مقطعة ازراره
قالت امها بخوف : عمر ..
قال بهدوء قد ما يقدر وهو يسحب شنطة صغيرة من شنطة السفر : بسرعة لازم نخرج من هنا ..
طالعت ازهار في الناس المتقاتلة برى وشهقت لمن طاح رجالين من قوة التدافع جوة الغرفة , قال عمر وهو يسحبها ويلبسها عبايتها : بسرعة مو وقته ..
قالت امه وهي تلبس عبايتها : اش فيه ؟؟ عمير وينه ؟؟
دخل عمار في هذي اللحظة وهو يشاهق من كثر ما انفاسه منقطعة وتبادل نظرة معبرة مع عمر اللي رمى له الشنطة الصغيرة ومسك ازهار وهو يقول : الجوازات , يلا نخرج , عمير برى اكيد ..
فجاة وصلهم صوت صراخ فضيع مختلط بصوت ناس يقولون حريقة , بسرعة حريقة ..
عمر بحكم قوته الجسدية اللي تنافس عمار , جلس على الارض من دون تردد وقال لامه بسرعة : امي امسكي بسرعة , الكرسي مستحيل يمشي في هالزحمة ..
حست ازهار بضربات قلبها تسرع وهي تشوف عمر يشيل امه بكل قوته وعمار يقوله : امشي قبلي وانا وازهار وراك عشان ما اخلي احد يدفك بسرعة ..
خرج عمار وفرد يدينه بسرعه قدام الناس وخلى عمر يخرج , وصرخ بازهار المتنحة : ازهاااااااار ..
ضمت شنطتها الصغيرة لصدرها بقوة كانها حبل النجاة و جريت له ضمها بقوة وخلاها تمشي قدامه وهو يصد الناس الجارية بظهره عشان ما يدف احد عمر اللي بدا العرق ينزل من جبينه من كثر الحرارة والمجهود اللي باذله ..
كانت ازهار تمشي بخطوات غير متوازنة بسبب الزحمة محشورة بين عمار اللي رافع عبايتها عشان مايدعسها وامها المشيولة على ظهر عمر اللي كان صوت لهاثه يوصلها من شدة المجهود الخارق اللي يبذله , كانت مشاعرها مختلطة , خوف من اللي يصير ممزوج بعدم تصديق و ترقب فضيع وتخمينات مخيفة للمستقبل القريب , وكان في بالها شي واحد يتردد ~ هذا ممكن يصير لكل الناس , في الافلام , في الروايات , لكن مستحيل يصير لي , اكيد انا في كابوس ~ قال عمار لمن شاف الدنيا تهوج اكثر : ارفعي غطاك عشان تشوفين ..
قالت باصرار : لا ..
فجاة التدافع اللي خلاها تصدم في جدار الممر بقوة وهي مهي شايفة اش اللي جاها خلاها تتاكد انها مهي في كابوس , مستحيل الكابوس يخليها تتالم بهالشكل ومستحيل يخليها ما تصحى وهي تشوف عمر قدامها يطيح ومعاه امه , صرخت وهي تحاول تمسك امها : مااااااااماااااااا لاااااااااااااااااااااا عمر ..
صرخ فيها عمار وهو يسحبها بقوة ويلصقها في الجدار : لا تندقيييييييييييين ..
ووقف مكانه ماسك في داربزين الممر بقوة وهو فارد يده وهو يصرخ : عمر قووووووووووووم , عمر ..
شهق عمر بقوة وهو يصرخ : اميييييييييييييي , سامحيني يا امي ..
كانت امه تحاول تكتم انينها المتوجع عشان ما تخوفهم وهي تقول بصوت خافت : ما فيني شي ..
كانت الدموع بتتفجر من عيون ازهار لكنها كتمتها بقوة لانه مو وقته تصيح و تبهذلهم , شوية شافت ثلاثة رجال صعايدة واقفين مع عمار مسوين حايط صد وواحد فيهم يصرخ : بسرعة شيل الحجة , بسرعة ..
عمر شال امه بمساعدة ازهار وتحركوا بسرعة و الرجال الثلاثة ماشيين معاهم , لمن طلعوا الدرج وخرجوا لسطح السفينة توقعت ازهار انه الفرج , لكن تحطم كل شي فيها لمن شافت زحمة النااااااس وتخبطهم في بعض وسط ظلام الليل و بخار الحريق واضح في السماء , قال عمار : لا حول و لا قوة الا بالله , لا حول ولا قوة الا بالله , يا رب استر , يا ربي رحمتك وسعت كل شيء ..
قال عمر وهو يتنفس بصعوبة وبصوت مسموع : عمار وين نروح ؟؟
صرخت ازهار لا شعوريا لمن حست بميلان في السفينة ومسكت في عمار وهي تقول : بنغرق ..
وبدات صرخات الحريم تعلى واصوات بكى الاطفال يزيد , تخلت امها لاول مرة عن هدوءها وهي تطالع يمين ويسار وهي تقول بصوت خايف يميل للصراخ : عمير وينه ؟؟ عمير ولدي وينه ؟؟ تراه ما يعرف يسبح , اخوكم ما يعرف يسبح ..
قال عمار وعقله يدور بلا هوادة في تفكيرات عميقة : ان شاء الله انه بخير ..
وتبادل نظرة مع عمر كانت تقوله بخوف ~ امي ما تعرف تسبح , و رجولها ما تساعدها , وعمير ما ندري وينه , وازهار لا يمكن تعرف تسبح في هذا الموج القوي ~ وكان عمر يصرخ جوته ~ والله عارف , الله يستر , لازم نتصرف بسرعة يا عمار مو معقولة بنقعد واقفين كذه ~ شافوا الناس كلهم يتحركون نحو جهة اليسار بحسب اوامر الملاحين اللي طلعوا فجاة عشان يوازنون السفينة اللي بدا ميلانها يزيد نحو جهة اليمين اللي الدخان يخرج منها كانها بركان ثاير ..
قال عمر بامل : عمار شايف السفينة البعيدة اللي تاشر لنا هناك ..
لف عمار يطالع لمؤخرة السفينة فشاف سفينة بعيدة مو واضح منها الا اضواءها بسبب الظلام, وكان شكلها كانها تاشر لهم ..
قال عمار : ان شاء الله انها جاية للمساعدة , شفتيها يا زهره ..
من يوم نادها باسم الدلع عرفت انه يحاول يبث فيها العزيمة وعدم الخوف , ابتسمت وقالت وهي تهز راسها : شفتها ..
تحركوا مع المتحركين و تحاشروا جهة اليسار والصخب كل ماله يزيد رغم محاولات القبطان والملاحين تهدئة الجو …
تحرك عمار بعد لحظة صمت سادت بينهم وقال بحزم : وين ستر النجاة ؟؟ الناس لبسوا ستر النجاة ورجعوا فكوها واكثرهم ما عنده ستر , خلوكم هنا باروح اجيب ستر و اشوف فين عمير مرة وحده ..
لقي واحد قاعد يوزع ستر على الناس فراح له عشان يساعده وهو يدعي من قلبه انه يلقى عمير ..
كانت ازهار ماسكة في حاجز الدور الثاني من السفينة وجنبها عمر اللي ماسك في الحاجز بيد وباليد الثانية مثبت امه وراه , طالعت ازهار تحت و انفجعت لمن شافت الناس كانهم في الحج متحاشرين ويصارخون وهم يركبون قوارب النجاة , كانوا بلا شعور يتصارعون زي الوحوش على القارب , لفت على عمر وقالت وهي تهزه : عمر قوارب النجاة , لازم نركب قوارب النجاة ..
وصرخت لمن شافت ناس ينطون من الدور الثاني على الدور الاول من الحدايد والحبال كله عشان يوصلون لقوارب النجاة , وحست بالخوف يملى قلبها لمن شافت رجال يدف الثاني اللي طاح من قارب النجاة على البحر عشان يركب مكانه لصقت في عمر وهي دوبها تستوعب ان الموضوع فعلا غرق , طالعت بالم في الناس اللي معاهم اطفال وعجايز , هذولي اش بيسوون لا غرقوا , شافت عمار جاي من بعيد ومعاه سترتين نجاة , حست بشوية انتعاش تلاشى مع تعالي اصوات الصراخ والنواح لمن مالت السفينة بعنف خلى توازن عمر يختل وتنفلت امها منه , صرخت بكل قوتها وهي متشبثة بالحاجز : مااااااااااامااااااااااااااا ..
و حست بقلبها ينقبض لمن شافت امها معلقة بيد عمر اليسار اللي مسكها بقوة وهو لاف الحاجز بيده اليمين , سمعت صراخ الناس يزداد بشكل مرعب لفت لعمار وانصدمت لمن لاحظت انه مختفي على مد بصرها وشافت بنت عمرها سنة تهوي من بين يدين امها و تتزحلق على ارضية سطح السفينة مع ناس كثير وتخرج من وسط حدايد الحاجز الثاني للمجهول , صرخت امها وفلتت نفسها وراحت ورى بنتها وزوجها يصرخ باسمها وهو ضام ولد عمره 5 سنين تقريبا مايت صياح , سمعت صوت غريب فرفعت راسها عن الهول اللي تشوفه وانصعقت لمن شافت لاول مرة دموع عمر الغزيرة تبلل لحيته وهو يقول بصوت مخنوق وهو راص على اسنانه : امسكي فيه يا امي الله يخليك , ماعاد انا قادر امسكك , الله يخليك لا تفلتيني , لا تفلتيني ..
ومع ميلان السفينة اكثر واكثر كانت يد امها تنزلق من يده شويه شويه , كان ودها تساعد تسوي شي , لكن السفينة صايرة كانها زحليقة , و قبل ما تتحرك شافت يد امها تنفلت وتتزحلق على الارضية مع ناس كثير وتصدم في الحاجز صرخت بطول صوتها وهي بتنط وراها : ماااااااااااااااماااااااااااااااااااا لاااااااااااااااااااااااااا …
صرخة عمر وهو ينادي امه بحرقة طغت على صوتها وهو يفلت يده ويرمي نفسه ورى امها , غمضت عيونها لمن شافت امها تنزلق من وسط الحاجز قبل ما يوصل لها عمر اللي نط يلحق بها , كانت تبغى تلحقهم تسوي شي لكن الخوف خلاها متعلقة في الحاجز وهي تصيييييييح و قبل ما تدرك اش يصير مالت السفينة بزاوية حادة صرخت ازهار وهي تمسك في الحاجز اللي صارت شبه متدليه منه من شدة الميل , كان الصراخ وصوت الاشياء اللي تنزلق وتتكسر حوليها يزيد من رعبها وهي تطالع في يدينها العرقانه من كثر الخوف وهي تتفكك ببطء مميت , انفلتت من الحاجز في لحظة غير متوقعة و في غمضة عين لقيت نفسها تسبح وسط اللا مكان قبل ما تصدم في شي قاسي ولين سمعت له انين قوي و حست باجسام ثانية تصدم فيها قبل ما ترجع تطيح وسط الظلام , فاقت من الظلام الغريب لمن حست بشي بارد يلفها من كل جانب , برودة موية البحر الاحمر فوقتها وخلتها تستوعب هي فين وقبل ما تتمالك اعصابها شهقت فدخلت الموية المالحة في خشمها وفمها و حسستها بخنقة خلقت عيونها تجحظ ولمن اخذت تضرب بيدينها الموية عشان تطلع للسطح حست العباية تلف حولينها …

  • روايه عمدما عبرو حدود ااضلام فيس بوك
السابق
افضل النصائح لتحسين وترقيق وتصفية الصوت
التالي
الاكلات اليبية الحارة