افضل مواضيع جميلة بالصور

فائدة العقيقة

فائدة العقيقة
شريعة الاسلام تمنح حياتنا البهجة، وتهب لنفوسنا الفرح والسعادة، ومن سنن الاسلام الجميلة، وشرائعه الحكيمة، سنة العقيقة، وهي ما يذبح عن المولود، قال _عليه الصلاة والسلام_: “من ولد له ولد فاحب ان ينسك عنه فلينسك، عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة”(1).

فنعمة الولد منحة عظيمة من الله _تعالى_، جعلها _سبحانه_ ثمرة للزواج، وزينة في متاع الحياة الدنيا، بما يبثه الولد من مودة بين الوالدين، وبهجة في البيت، وامل في قوة الاسرة وامتداد النسل، ثم هذا الولد ذكرا كان او انثى هو جزء من اجيال المستقبل المسلمة التي تبنى بها الامة، فالنعمة في الولد كبيرة، وفضل الله فيه عظيم.

ومن هنا كان من الحكمة التقرب الى الله _تعالى_ بما يناسب قدر هذه النعمة العظيمة من حمد وشكر له _سبحانه_، فاقر الاسلام هذه العادة التي كانت موجودة لدى العرب، وحولها الى نسك يتقرب به المسلم الى ربه عز وجل، “والنعمة انما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر ووظيفته، والشكر في هذه النعمة ما سنه النبي _صلى الله عليه وسلم_، وهو ان يعق عن المولود”(2). قال ابن القيم: “فالذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء والصدقة، واطعام الطعام عند حوادث السرور العظام؛ شكرا لله واظهارا لنعمته التي هي غاية المقصود من النكاح، فاذا شرع الاطعام للنكاح الذي هو وسيلة الى حصول هذه النعمة؛ فلان يشرع عند الغاية المطلوبة اولى واحرى”(3).

وقد نسك النبي _عليه الصلاة والسلام_ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما “بكبشين كبشين”(4). وهكذا صارت العقيقة سنة مؤكدة، وعبادة مستحبة في هذه المناسبة السعيدة، قال الامام مالك في الموطا: “ليست العقيقة بواجبة ولكنها يستحب العمل بها، وهي من الامر الذي لم يزل عليه الناس عندنا”(5). قال الامام احمد: “ولا احب لمن امكنه وقدر ان لا يعق عن ولده، ولا يدعه لان النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: “الغلام مرتهن بعقيقته” وهو اشد ما روي فيه”(6)، وقال يحيى بن سعيد الانصاري: “ادركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية”(7).

وتتجلى في هذه السنة احدى خصائص الاسلام، حيث سن لنا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ العقيقة عن الاناث واشركهن مع الذكور في فضائل هذه العبادة، وهذا مما يتميز به اهل الاسلام عن غيرهم في تكريم المراة، “واما اهل الكتاب فليست العقيقة عندهم للانثى، وانما هي للذكر خاصة”(8)، قال المناوي: “ومن ثم عدوا العق عن الانثى من خصائص هذه الامة”(9)، وحكمة كون الانثى على النصف من الذكر في العقيقة؛ ان القصد من العقيقة فداء اعضاء المولود باعضاء الذبيحة رجاء السلامة، فهي تشبه الدية، و”قاعدة الشريعة انه _سبحانه_ فاضل بين الذكر والانثى في الارث والدية والشهادة والعتق؛ فكذا العق “(10).

وفي العقيقة اقتداء بابراهيم _عليه السلام_، فكان الوالد حينما يرزقه الله _تعالى_ بالولد يقدم عنه فدية وقربانا يتقرب به الى الله _عز وجل_ كما فعل ابراهيم _عليه السلام_، قال ابن القيم: “وفيها [اي: في العقيقة] سر بديع موروث عن فداء اسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به، فصار سنة في اولاده بعده”(11). وقال: “من فوائدها انها قربان يقرب به عن المولود في اول اوقات خروجه الى الدنيا، والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء له واحضاره مواضع المناسك والاحرام عنه وغير ذلك”(12).

وفي احياء سنة النبي _صلى الله عليه وسلم_ وبذل المال في التقرب الى الله _تعالى_ بالنسيكة عن المولود كل الخير في الدنيا والاخرة، لما يرجى لمن اقام هذه السنة من تعويض الله له بالرزق والبركة، ولهذا قال الخلال في جامعه: (باب ذكر الغرض في العقيقة وما يؤمل لاحياء السنة من الخلف)، ولما سئل الامام احمد _رحمه الله_ عن الرجل ليس عنده ما يعق؛ ايقترض ويعق عن المولود ام يؤخر ذلك حتى يتيسر حاله؟ فقال: “… اني لارجو ان استقرض ان يعجل الله له الخلف؛ لانه احيا سنة من سنن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ واتبع ما جاء به”(13).

وفي سنة العقيقة تربية للمسلم على مخالفة المشركين وترك التشبه بهم، فالسنة في العقيقة ان يخالف المسلم المشركين الذين كانوا في الجاهلية يلطخون راس الصبي بدم الذبيحة جريا على عادتهم في اعتقاد بركته، “حتى كانوا يلطخون منه الهتهم تعظيما لها”، وهذه العادة الجاهلية يفعلها بعض عوام الناس اليوم في ذبائحهم، فيغمسون اصابع الكف الخمسة في دم الذبيحة، ويلطخون بها جدار البيت او الدكان اعتقادا في بركتها وطلبا للحفظ من العين وغيرها. وقد جاءت شريعة الاسلام بالنهي عن ذلك وتركه؛ “لما فيه من التشبه بالمشركين، وعوضوا عنه بما هو انفع للابوين وللمولود وللمساكين، وهو حلق راس الطفل والتصدق بزنة شعره ذهبا او فضة، وسن لهم ان يلطخوا الراس بالزعفران الطيب الرائحة الحسن اللون؛ بدلا عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين”(14). قال بريدة _رضي الله عنه_: “كنا في الجاهلية اذا ولد لاحدنا غلام ذبح شاة، ولطخ راسه بدمها، فلما جاء الله بالاسلام كنا نذبح شاة ونحلق راسه ونلطخه بزعفران”(15).

ولا تقتصر منافع هذه السنة على معاني العبادة فقط من شكر وتقرب واقتداء، ففي هذه السنة عدد من الفوائد والمصالح والحكم الجليلة، تاتي في اولها مصالح المولود نفسه ثم مصالح لابويه وللمجتمع كله.
فقد ذكر بعض العلماء ان في العقيقة حماية للمولود من الشيطان، لقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: “كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه…”(16). فكل مولود معرض في حياته لحبس الشيطان له عن السعي في مصالح اخرته باضلاله ومكايده حتى نهاية العمر. والمولود في البدء لا يستطيع ان يحمي نفسه بذكر او دعاء، فكان لا بد من حماية تاتي له من والديه، وكما سن لنا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ان يقول المرء عند الجماع: “بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا” حرزا من اذى الشيطان للنسل، سن لنا بعد الولادة التقرب الى الله _تعالى_ بهذه النسيكة رجاء حفظ المولود من اغواء الشيطان الذي يقف له بالمرصاد من حين خروجه الى الدنيا الى وفاته، قال ابن القيم: “ولا يستنكر ان يكون هذا حرزا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم حرزا له من ضرر الشيطان، ولهذا قل من يترك ابواه العقيقة عنه الا وهو في تخبيط من الشيطان”(17).

ثم تاتي بعد ذلك مصلحة دينية اخرى للمولود ولوالديه، ففي مشاركة الناس في سنة العقيقة، سواء بالاهداء لهم او الصدقة على فقرائهم او دعوتهم اليها، فرصة لكي يحوز المولود من اول ايامه دعاء هؤلاء الناس له بالبركة والصلاح، وفرصة يتلقى فيها والداه دعاء الكثيرين لهما بان يرزقهما الله _تعالى_ بر المولود، وان يبلغ اشده وينعموا بعافيته وسلامته. وقد اورد العلماء هنا دعاء عن بعض السلف، يمكن الاقتداء به في التهنئة بالمولود، فقد جاء رجل عند الحسن وقد ولد له مولود فقيل له: يهنيك الفارس! فقال الحسن: وما يدريك افارس هو؟ قالوا: وكيف نقول يا ابا سعيد؟ قال تقول: “بورك في الموهوب، وشكرت الواهب، ورزقت بره، وبلغ اشده”(18)، وفي رواية: “قل: جعله الله مباركا عليك وعلى امة محمد”(19). قال النووي: “يستحب تهنئة المولود له …-فذكر دعاء الحسن-“، قال: “ويستحب ان يرد عليه المهنئ فيقول: بارك الله لك وبارك عليك، وجزاك الله خيرا، ورزقك الله مثله، او اجزل الله ثوابك”(20).

كما تحقق سنة العقيقة لوالديه عددا من المصالح الدينية والدنيوية الاخرى، فقد قيل بان سلامة المولود وانتفاع الوالدين به على الوجه المرغوب لديهما من الصلاح والنجاح مرتهن ومرتبط بتقديم هذه العقيقة عنه، قال ابن القيم: “وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره ان يكون سببا لحسن انبات الولد ودوام سلامته وطول حياته”(21). جاء في شرح حديث “كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه” : (اي انه كالشيء المرهون، لا يتم الانتفاع به دون فكه، … ويحتمل انه اراد بذلك ان سلامة المولود ونشوءه على النعت المحمود رهينة بالعقيقة”(22).

واذا توجهنا الى ما في سنة العقيقة من مصالح دنيوية للوالدين نجد ان الاسلام يعتني اعتناء لا مثيل له بادق مشاعرنا وخبايا نفوسنا، ويراعي في تشريعاته الجميلة حاجات النفس ورغباتها، حيث تتطلع النفس حين ترزق بنعمة الى ان يراها الاقارب والاصدقاء، وتنتظر ممن حولها ان يشاركوها الفرحة، وفي هذه المناسبة السعيدة تاتي هذه السنة النبوية لتشبع هذا الشعور الانساني؛ بمشاركة الاقارب والاصدقاء والجيران، حين يهدى اليهم من العقيقة او يجتمعون على الطعام منها، فتكتمل فرحة الوالدين بمشاركتهم وتهنئتهم بالمولود.

ومن فوائد العقيقة الاجتماعية حين يهدى منها للاقارب او يجمع الناس عليها، انها وسيلة من وسائل توطيد العلاقات الاجتماعية او اصلاحها، والتي قد تاسن بطول هجر او بسبب خصومة او اهمال، فتاتي مثل تلك المناسبات لتحيي في النفوس اصرة الارحام، وروابط الاخوة. اضافة الى ما فيها من خير يعم الفقراء والمحتاجين، ويضمن لهم مصدرا يسد شيئا من حاجاتهم اضافة الى الزكاة والصدقات والكفارات، فقد ذكر العلماء ان المشروع في توزيعها ان ياكل منها ويتصدق ويهدي كالاضحية، والافضل عند الشافعية وفي مذهب احمد ان يطبخ اللحم ويفرقه على الفقراء والمساكين، ولا مانع ان طبخها ودعا الناس اليها.

وفي احياء سنة العقيقة تربية اجتماعية لطيفة، تغرس في ابناء المجتمع روح الاجلال لمفهوم الزواج، وتؤسس في نفوسهم النظرة الصحيحة للعلاقة بين الرجل والمراة، وتناى بهم عن التصورات المنحرفة التي تدفعهم للتهاون في اقامة علاقات غير مشروعة، حيث تمثل العقيقة احتفالا يبرز لنا هدف الزواج الاسمى وثمرة العلاقة الزوجية المشروعة، ويعلي من قيمة هذه الثمرة حين تاتي من طريقها المشروع.

وانه لمن المؤسف ان تطفو على سطح الحياة الاجتماعية في بعض بلاد المسلمين وصمة عار، لم يكن من المتصور ابدا ان تظهر او تصل في مجتمعات المسلمين الى حد الظاهرة، وهي ازمة مجهولي النسب(23)، ان وصول هذه المشكلة الى حد الظاهرة الاجتماعية المروعة هو بلا شك نتاج البعد عن تعاليم الاسلام وادابه واخلاقه، وضعف مواجهة مشكلاتنا الاجتماعية، وتشجيع الاختلاط في المجتمع من المدرسة الى الجامعة الى اماكن العمل والمواصلات! ونشر التبرج والعري عبر كثير من وسائل الاعلام، مما يثير الغرائز ويشيع الانحلال الاخلاقي، وهو ما يؤدي الى انتشار الزواج العرفي وظهور الفاحشة.

وفي هذا المجال الاجتماعي نفسه تاتي سنة العقيقة وسيلة لاشهار النسب، وتكون جزءا من المنظومة التشريعية في الاسلام التي تهدف الى حماية الانساب، وتتوازى مع ما شرع في الزواج من اشهاد واعلان للنكاح ووليمة، فان كانت الوليمة وسيلة اشهار لشرعية الزواج، فالعقيقة سواء من خلال اهداء الناس منها او التصدق بها او الدعوة اليها، وسيلة اجتماعية لطيفة لاشهار نسب المولود في المجتمع المحيط بالاسرة، تساهم في ان يبقى المجتمع نقي العنصر، طاهر الاصل من شوائب الزواج العرفي، و اوضار الرذيلة ونتاجها.

هذه السنة النبوية تعطي بما فيها من منافع دينية ونفسية واجتماعية صورة رائعة لتشريعات الاسلام، تتجلى فيها حكمة الشريعة وكمالها وجمالها، فهي عبادة لله _تعالى_ لكنها في الوقت نفسه تمنحنا املا في سلامة المولود وصلاحه، وتفتح للنفس ابواب الفرحة لتعبر عن سعادتها، وتساهم في اعانة الفقراء والمساكين، وتعطي الفرصة للعلاقات الاجتماعية لتنمو في جو من الحب والمودة، وتساهم في امن المجتمع واستقراره باشهار الانساب، هذا كله في سنة نبوية واحدة من سنن الاسلام فكيف لو تاملنا في باقي شرائع الدين! قال ابن القيم: “فلا احسن ولا احلى في القلوب من مثل هذه الشريعة في المولود، وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح وغيرها، فانها اظهار للفرح والسرور باقامة شرائع الاسلام، وخروج نسمه مسلمة يكاثر بها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ الامم يوم القيامة تعبدا لله ويراغم عدوه

  • فائدة العقيقة
  • ما هي فوائد العقيقة؟
  • مافائدة العقيقة
  • الفوائد التي تعود علي المولود من العقيقه
  • فاءدةالعقيقة
  • فوائد العقيقة
  • ما فائدة العقيقة
  • ما هي فوائد العقيقة
  • هدف العقيقة
السابق
غرف نوم ايطالية 2024
التالي
مناظر طبيعية حقيقية عالية الجودة