قدوم الرسول (صلى الله عليه وسلم) الى المدينة
قدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة يوم الاثنين لاثنتى عشرة من ربيع الول على اصح الاقوال وقيل كان قدومه لثمان خلون من ربيع الاول لان خروجه من الغار كان يوم الاثنين اول يوم من ربيع الاول.
والراي الاول اصح ويمكن التوفيق بين الرايين لانه ( صلى الله عليه وسلم ) جلس اربعة ايام في قباء فيمكن الجمع بين هذه المدة وبين الثمانية ايام التي قضاها في طريق الهجرة فيكون قد دخل المدينة في الثاني عشر من ربيع الاول ودخوله قباء لا يعتبر دخولا الى المدينة اذا اردنا التوفيق.
قال ابن اسحاق : فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عويمر بن ساعدة ، قال : حدثني رجال من قومي من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا: لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، وتوكفنا قدومه ، كنا نخرج اذا صلينا الصبح ، الى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فاذا لم نجد ظلا دخلنا ، وذلك في ايام حارة . حتى اذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جلسنا كما كنا نجلس ، حتى اذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت ، فكان اول من راه رجل من اليهود ، وقد راى ما كنا نصنع ، وانا ننتظر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ، فصرخ باعلى صوته : يا بني قيلة ، هذا جدكم قد جاء . قال : فخرجنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في ظل نخلة ، ومعه ابو بكر رضي الله عنه في مثل سنه ، واكثرنا لم يكن راى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ، وركبه الناس وما يعرفونه من ابي بكر ، حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام ابو بكر فاظله بردائه ، فعرفناه عند ذلك.{نقلا عن مختصر سيرة ابن هشام 1/306}
قال ابن اسحاق : فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم – فيما يذكرون – على كلثوم بن هدم ، اخي بني عمرو بن عوف ، ثم احد بني عبيد : ويقال : بل نزل على سعد بن خيثمة . ويقول من يذكر انه نزل على كلثوم بن هدم : انما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج من منزل كلثوم بن هدم جلس للناس في بيت سعد بن خيثمة وذلك انه كان عزبا لا اهل له ، وكان منزل الاعزاب من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين ، فمن هنالك يقال : نزل على سعد بن خيثمة ، وكان يقال لبيت سعد بن خيثمة : بيت الاعزاب . فالله اعلم اي ذلك كان ، كلا قد سمعنا..{نقلا عن مختصر سيرة ابن هشام 1/307}.
وعن قدوم الرسول (صلى الله عليه وسلم) الى المدينة يروي لنا الامام احمد فقال حدثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثابت عن انس بن مالك قال : اني لاسعى في الغلمان يقولون جاء محمد فاسعى ولا ارى شيئا ثم يقولون : جاء محمد فاسعى ولا ارى شيئا وذلك لان انس في هذا الوقت كان صغيرا لم يبلغ من العمر عشر سنين ويقول انس استقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابو بكر زهاء خمسمائة من الانصار حتى انتهوا لاليهما فقالت الانصار : انطلقا امنين مطاعين فاقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه بين اظهرهم فخرج اهل المدينة حتى العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن : ايهم هو ؟ ايهم هو ؟ فما راينا منظرا شبيها به .
قال انس : فلقد رايته يوم علينا ويوم قبض فلم ارى يومين شبيها بهما.
وفي الصحيحين : من طريق اسرائل عن ابي اسحاق عن البراء عن ابي بكر في حديث الهجرة قال : وخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون : الله اكبر جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
واورد البيهقي بسنده : قال : لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة جعل النساء والصبيان يقلن :
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
اما المدة التي قضاها الرسول
و هذا و الله اعلم اما ان يكون يوم قدومه الى قباء فيكون حال وصوله الى قرب المدينة كان في حر الظهيرة و اقام تحت تلك النخلة ثم سار بالمسلمين فنزل قباء و ذلك ليلا و انه اطلق على ما بعد الزوال ليلا فان العشي من الزوال و اما ان يكون المراد بذلك لما رحل من قباء كما سياتي فسار فما انتهى الى بني النجار الا عشاء كما سياتي بيانه و الله اعلم
و ذكر البخاري عن الزهري عن عروة انه نزل في بني عمرو بن عوف بقباء و اقام فيهم بضع عشرة ليلة و اسس مسجد قباء في تلك الايام
ثم ركب و معه الناس حتى بركت به راحلته في مكان مسجده و كان مربدا لغلامين يتمين و هما سهل و سهيل فابتاعه منهما و اتخذه مسجدا و ذلك في دار بني النجار رضي الله عنهم .
وقال الواقدي : ويقال اقام فيها اربع عشر ليله. { نقل بتصريف من سيرة ابن كثير 2/286 وما بعدها}
- صحة الرسول لم يكن ظلا