الارجوحة .
صرخت الصغيرة فادية : اتركوني لوحدي , من الان لا اريد ان اسمع احد لا احد له شان بي , لا اريد ان اخرج من هنا .وهاك يدي لن امدها لاحد .
ظلت امي مادة يديها نحوي تحاول ان تجذبني من تحت الطاولة الخشبية وانا لن اخرج , كان صوتها اندى من الهواء العليل : تعالي ياحبيبتي , تعالي , اسمعي كلامي , لا جدوى مما تفعلينه , لا فائدة من العناد , يمكن اصلاح ما تلف .
كدت ان امد يدي اليها اخيرا لقد غلبني صوتها , انني اشعر بمفرط الامان في وجود امي لكن وبينما هممت بفعل ذلك اذا بصوت على النقيض من صوت امي تماما , صوت اجش وخشن وقاسي وصارم وحازم صوت هذه المراة هادرة .
شعرت بموجات خوف ممزوجة بكره مع قلق مخلوط بنفور كل هذا تجاه هذه المراة هادرة , جعلني هذا الصوت لا امد يدي , لا لن امدها في وجود هذه المراة التي هي ابعد شيء عن رقة وحنان امي , لا شك انها وراء ما حدث لارجوحتي الصغيرة , نظرت شزرا مرة اخرى نحو كل من امها وهذه المراة هادرة وعادت تطبق يديها وتكتف بها قدميها المطويتان طوليا مع فخذيها .
ارجعت امي يدها الى جوانبها فلم تعد يدها ممدودة لي , على كل حال لم يعد شيء يجدي فلقد وجدت ارجوحتي مقطعة الاحبال وقد سقطت الوسادة القديمة التي تضعها امي لي على حبليها ملقية على الارض , لا شك هادرة هي من فعلت ذلك , انها تمنعني من اللعب مع هايدي تلك الفتاة التي تاتي احيانا مع تلك المراة ذات الاثواب الجميلة رغم ان هايدي تريد ان تلعب في الارجوحة معي , لطالما رايت هايدي تمسك بها امها متوجهتين الى داخل بيتنا بينما عيني هايدي تكاد ان تنزرع في وفي ارجوحتي , عند ذلك يطيب لي ان ادفع بجسدي الى الامام والخلف بقوة فرحة لان احدهم ينظر الى ارجوحتي باعجاب ليزداد علو طيراني في الهواء .
الارجوحة المصنوعة لفدوى ارجوحة مصنوعة من الحبال البنية مربوطة على جذعي شجرتين متقابلتين تقعان في المرج الاخضر الذي يطل عليه بيت ام فادي المراة التي تواجدت في المنطقة منذ ما يقارب ثلاث وعشرون عاما .
كان فادي يلعب عليها اولا وحده حتى بلغ العاشرة من عمره حيث بدات امه تعتمد عليه وتحمله مسئوليات تتدرج في كبرها مع مرور الوقت , ثم لما بلغ السابعة عشر من عمره اتت فدوى .
بدات فدوى تتارجح عليها منذ ان كانت في الثانية عندما كانت امها تخرج بها ليلا لتارجحها عليها عندما يعلو صوت صراخها وترفض النوم وذلك خوفا من ان توقظ والدها بصوتها , ثم لما غادر ابو فادي البيت ذات مرة ولم يعد تعلمت فدوى ان تعتلي الارجوحة بنفسها وصارت شيئا فشيئا ترتفع فيها وحدها في الهواء , كل مرة اعلى من المرة التي تسبقها حتى ان اللعب بها ودفع جسدها فيها الى الاعلى وكانه جسد طائر في الهواء الهاها حتى عن رغبة اللعب مع هايدي او مع اية فتاة اخرى .
لما بلغت الخامسة لم تحاول امها ادخالها كتاب القرية مثلما اصرت على ابو فادي ان يدخل فادي الكتاب لما بلغ نفس السن , لانها كانت مؤمنة ان الفتاة مصيرها الزواج والبيت , لذلك لا ضير لو تاخرت سنة او سنتين في تعليمها اساسيات القراءة والكتابة , وبالمقابل كانت فدوى تعشق تلك الارجوحة ولا تكاد ان تنزل عنها الا لتناول الطعام او للذهاب لقضاء حاجتها , كانت احيانا كثيرة تنام على الارجوحة وتغيب عنها الشمس وهي ما تزال تتما يل بها اماما وخلفا .الان قطع حبل الارجوحة تماما ولم يعد هناك من مجال لاصلاحها .
لابد لها من حبال جديدة ومن نجار اخر تدفع له ليصلحها لها بمثل الجودة التي اصلحت بها هذه الارجوحة اول مرة .
خرجت ام فادي من الحجرة , انزلت راسها تنظر تحت الطاولة التي ظلت فدوى تختبا تحتها طوال الليل , شعرت بموجات من الحنان الدافق يتدفق من قلبها , مدت يدها بهدوء وسحبت ابنتها الصغيرة فدوى , كانت نائمة وقد وسدت وجهها بيديها اللتين بسطتهما تحت ووجهها بينما ارتفع جلبابها الصغير وانحسر عن قدميها الصغيرتين البضتين , حملتها الان فالصقت فدوى وجهها ببطن امها , دفعت الباب وادخلتها لتضعها بهدوء على فراشها البسيط المتواضع وتسحب عليها غطاءها الدافئ ثم انسدحت الى جوارها ورفعت عينيها للسقف تفكر : غدا سيكون فادي قد حضر , رفرف قلبها فرحا لهذه الفكرة , غدا سيقال لها ام المهندس فادي , لن تهتم بغياب ابو فادي , فليذهب الى الجحيم , مع عودة فادي لن تبالي , ونامت ملا جفونها لتستيقظ على صوت الديك الحلو الذي يصيح قبيل الفجر .
كان فادي الان يجلس في الركن الذي خصصته له امه حيث وضبته له فوضعت فيه الطاولة الخشبية وغطتها بغطاء من قماش احمر عودي تدلى من جميع جوانب الطاولة ووضع فادي عليه جهاز كمبيوتر مع شاشته وسماعتي صوت , كانت فدوى تجلس على فخذه بينما هو يحرك لها داخل الكمبيوتر ارجوحة صنعها ببرنامج ثلاثي الابعاد داخل جهازه , الارجوحة باربعة حبال وقاعدة خشبية فوقها كمية من القطن المريح ووسادتين مريحتين على يمين الجالس في الارجوحة وعلى يساره , ما يعني انه لا بد ان تلتزم بالجلوس على الارجوحة من واحدة من الجهتين , وليس من الجهات الاربع , عكف فادي على صنع هذه الارجوحة مدة ثلاثة اسابيع متواصلة حيث تطلب الامر زيارة المدينة لشراء بعض الخامات الناقصة فيها .
لقد سمحت ام هايدي لابنتها اللعب مع فدوى ولم تستطع هادرة ان تقول شيئا , ولقد كانت ام هايدي تمني نفسها ان تزوج ابنتها الكبرى من فادي , في نظر فدوى الارجوحة الاولى احلى لكن ارجوحتها الجديدة صنعها لها اخوها فادي وهذا هو سر جمال الارجوحة عندها .
هبت نسمة هواء باردة وحركت شعر فدوى الذي سقط عنه مطاطه بينما هايدي تحرك الارجوحة بقوة وحماس تنتظر دورها على الارجوحة بينما ام فدوى تسمع ضحكات البنتين تختلط مع حركة النسيم العليل فترفع كوب الشاي الى فمها بهدوء وترتشف منها رشفة راضية عن نفسها وهي تنظر الى ام هايدي التي تنظر اليها بابتسامة بهدوء .
- قصة الأرجوحة
- hil ;glhj hghv[ pm
- شعر عن الارجوحة