في منشور سابق تكلمت عن فعل التجارة من حيث انه نشاط يقتضي ان يكون له بعد اخلاقي يضبطه . يومها ذكرت ان الانسان حين يفكر في احتراف هذه المهنة في الغالب يكون يفكر في الربح المادي الذي ينجم عنها، بينما الواجب يملي عليه ان يخوض هذا الغمار من منطلق اعظم يتمثل في كون التجارة تتيح له الفرصة كي يكون له دور في خدمة المجتمع الذي يعيش فيه ، و انه مصخر من قبل الله سبحانه و تعالى لاداء هذه المهمة ، حيث يزود افراد مجتمعه باحتياجاتهم من السلعة التي يتاجر فيها ، لذلك فالنتيجة الاولى التي يتطلع اليها المفروض تتجه صوب رضوان الله سبحانه و تعالى و راحة افراد مجتمعه..صحيح هو سيجني من وراء هذه المهنة ربح مالي يسمح له بان يرقي مستواه المادي و الاجتماعي لكن هذا الهدف المفروض ياتي تابعا للهدف الاول .
تذكرت هذا المنشور بعد حوالي سنتين من كتابته. كنت جالس في محل تجارتي انظر للسلع التي تحيط بي و لم استطيع ان امنع نفسي من التساؤل ! :
هل صحيح اني ارضي ربي بعملي في هذه المهنة ؟!
الواقع يؤكد ان السلع الموجوة امامي معظمها انتاج غير جزائري ( اقول هذا تحفظا حتى لا اقول كلها اذ معروف انه حتى المواد الغذائية المصنوعة محليا تعتمد بشكل شبه كلي على مواد اولية مستوردة )
يعني في الوقت الذي انا مستمتع بارضائي لربي و خدمتي لابناء مجتمعي عن طريق هذه الحرفة ، الواقع يؤكد اني مجرد وكيل غير معتمد يساهم في تكريس تخلف مجتمعه و يساهم في تطوير مجتمعات اخرى بتفرغه لبيع منتجاتها !!
حينها تذكرت مبادرة رحلة DZ على اعتبار انها تمس قطاع منتج في الجزائر قادر في حال ازدهاره ان يجلب عملة صعبة للبلاد او على الاقل يحافظ على اموال الاف السياح الجزائريين الذين تعودوا السفر لبلدان اخرى ، يحافظ على اموالهم لصالح ابناء بلدهم في حالة ما اذا اقتنعوا باهمية قضاء عطلهم هنا في الجزائر .
طبعا انا لست مستعجل لادراكي بان الامر ليس سهلا بل يتطلب وقت و تفكير رزين ، كما اني لا اطرح قطاع السياحة كبديل عن عملي في التجارة مع امنيتي للعمل فيه و لكني صرت اتمنى ان اعمل في اي قطاع منتج اشعر عن طريقه بادميتي التي بت اخسر جزء كبير منها .