وبركاته،
بالله عليكم، اشيروا علي ماذا افعل؟
مشكلتي كالتالي:
انا متزوج منذ خمس سنوات، ولدي طفلان من زوجتي، وطوال السنوات الخمس كانت المشكلة الرئيسة بيني وبين زوجتي هي الفراش، فهي لا تحب ذلك، وتظل تتحجج باسباب واهية؛ منها: انها متعبة، ومنها: انها ليس لديها الرغبة، ونظل كذلك لدرجة انني اجامعها تقريبا مرة في الاسبوع على الاكثر، وقد حاولت بكل السبل النفسية والجسدية وبالهدايا وبكل الطرق، ولكن لا جدوى!
سالتها اكثر من مرة عن السبب الحقيقي، فتظل تتهرب، ومنذ اشهر امتنعت عني لمدة تزيد عن الاسبوعين، بدون داع، فقمت بالامتناع عن النوم بجانبها، وامتنعت عن المحادثة اللطيفة؛ لكي افهمها اني غضبان منها، فاتت الي، والقت الصدمة في وجهي بانها لم تشعر باي مشاعر تجاهي طوال السنوات الخمس الماضية، وانها لا تحبني، فارسلتها عند اهلها، وقاطعتها، فقامت بملاحقتي والاعتذار، واخذت تقدم المبررات الواهية، وللاسف رضخت انا نظرا لحبي الشديد والجنوني لاولادي، وخوفي من الا اراهم بعد ذلك، ولكنها عادت لعادتها القديمة، وطلبت الطلاق للمرة الخامسة منذ زواجنا، واظنها الاخيرة!
المشكلة كلها انني احب اولادي حبا جما، ولا استطيع الحياة بدونهم؛ فهم كل ما املك، وايضا كنت اكن لزوجتي حبا، ولكن هي من حولته الى كره!
ارجوكم ساعدوني ماذا افعل؟ هل احافظ على ما تبقى لدي من كرامة ورجولة واتركها؟ او اتنازل عن كل ذلك مقابل اولادي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحبه ومن والاه، اما بعد:
فان عدم تلبية زوجتك لرغباتك الشخصية، ورفضها الجماع – مع الاسف – وانتما في شرخ الشباب ونضارته – حال كثير من النسوة، فانهن لا يمكن ازواجهن الا قليلا، وكان الوعيد الشديد الوارد في السنة من دعاء الملائكة على المغاضبة لزوجها، الممتنعة من اجابته الى فراشه – ورد في غير المسلمين!
وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امراته الى فراشها فتابى عليه، الا كان الذي في السماء ساخطا عليها، حتى يرضى عنها))؛ رواه مسلم عن ابي هريرة.
وعنه في الصحيحين: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((اذا دعا الرجل امراته الى فراشه فابت ان تجيء، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح)).
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، ولا تصعد لهم الى السماء حسنة: العبد الابق حتى يرجع، والسكران حتى يصحو، والمراة الساخط عليها زوجها حتى يرضى))؛ رواه ابن خزيمة وابن حبان والطبرانى فى “الاوسط”.
وعن طلق بن علي قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((اذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتاته وان كانت على التنور))؛ رواه الترمذي والنسائى.
وهذه الاحاديث مما تنخلع له قلوب ونفوس المؤمنات، وقد رغب النبي – صلى الله عليه وسلم -المؤمنات ترغيبا عظيما في طاعة الزوج، وطلب مرضاته، وذكر انها موجبة للجنة، ولذلك لا تتركه الا من زهدت فيما عند الله – تعالى – من ثواب، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((لو امرت احدا ان يسجد لاحد، لامرت المراة ان تسجد لزوجها؛ ولو ان رجلا امر امراته ان تنقل من جبل احمر الى جبل اسود، ومن جبل اسود الى جبل احمر، لكان نولها ان تفعل))؛ رواه احمد وابن ماجه.
وفي سنن ابن ماجه عن عبدالله بن ابي اوفى – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت امرا احدا ان يسجد لغير الله، لامرت المراة ان تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المراة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سالها نفسها وهي على قتب، لم تمنعه)).
وعن ابي سعيد اتى رجل بابنته الى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: ان ابنتي هذه ابت ان تتزوج، فقال لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ((اطيعي اباك))، فقالت: والذي بعثك بالحق لا اتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته؟ قال: ((حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها او انتن منخراه صديدا او دما، ثم ابتلعته، ما ادت حقه)).
قالت: والذي بعثك بالحق لا اتزوج ابدا فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ((لا تنكحوهن الا باذنهن)) رواه البزار وصححه الالباني.
ولا تقوى على مخالفة تلك النصوص القاطع، والزواجر القاسمة الا امراة عدوة نفسها، وعداوة المراة الشديدة لنفسها سمة مميزة لكثير من النساء وانا لله وانا اليه راجعون.
هذا؛ وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن رجل له زوجة تصوم النهار وتقوم الليل، وكلما دعاها الرجل الى فراشه تابى عليه، وتقدم صلاة الليل وصيام النهار على طاعة الزوج: فهل يجوز ذلك؟
فاجاب:
لا يحل لها ذلك باتفاق المسلمين؛ بل يجب عليها ان تطيعه اذا طلبها الى الفراش، وذلك فرض واجب عليها، واما قيام الليل وصيام النهار، فتطوع، فكيف تقدم مؤمنة النافلة على الفريضة؟! حتى قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن ابي هريرة ان النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا يحل للمراة ان تصوم وزوجها شاهد الا باذنه، ولا تاذن في بيته الا باذنه))؛ ورواه ابو داود وابن ماجه وغيرهما، ولفظهم: ((لا تصوم امراة وزوجها شاهد يوما من غير رمضان الا باذنه)).
فاذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – قد حرم على المراة ان تصوم تطوعا اذا كان زوجها شاهدا الا باذنه، فتمنع بالصوم بعض ما يجب له عليها: فكيف يكون حالها اذا طلبها فامتنعت؟!
وفي الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((اذا دعا الرجل المراة الى فراشه فابت، لعنتها الملائكة حتى تصبح))، وفي لفظ: ((الا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى تصبح))، وقد قال الله تعالى: ﴿ فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ﴾ [النساء: 34]، فالمراة الصالحة هي التي تكون “قانتة”؛ اي: مداومة على طاعة زوجها، فمتى امتنعت عن اجابته الى الفراش، كانت عاصية ناشزة، وكان ذلك يبيح له ضربها؛ كما قال تعالى: ﴿ واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ﴾ [النساء: 34]، وليس على المراة بعد حق الله ورسوله اوجب من حق الزوج؛ حتى قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت امرا احدا ان يسجد لاحد لامرت المراة تسجد لزوجها؛ لعظم حقه عليها))، وعنه – صلى الله عليه وسلم – ان النساء قلن له: ان الرجال يجاهدون ويتصدقون ويفعلون ونحن لا نفعل ذلك؟ فقال: ((حسن فعل احداكن يعدل ذلك))؛ اي: ان المراة اذا احسنت معاشرة بعلها، كان ذلك موجبا لرضا الله واكرامه لها؛ من غير ان تعمل ما يختص بالرجال”. اه “مجموع الفتاوى” (32 / 274).
وقال ايضا: “لا يحل لها ان تنشز عليه، ولا تمنع نفسها؛ فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((ما من رجل يدعو امراته الى فراشه فتابى عليه، الا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى تصبح))، فاذا اصرت على النشوز فله ان يضربها، واذا كانت المراة لا تقوم بما يجب للرجل عليها، فليس عليه ان يطلقها ويعطيها الصداق؛ بل هي التي تفتدي نفسها منه، فتبذل صداقها ليفارقها، كما امر النبي – صلى الله عليه وسلم – لامراة ثابت بن قيس بن شماس ان يعطي صداقها فيفارقها، واذا كان معسرا بالصداق لم تجز مطالبته باجماع المسلمين”. اه.
فعليك بنصحها اولا، وبين لها انه لا يجوز ان تمتنع عن فراشك اذا دعوتها اليه دون مسوغ شرعي، واطلعها على فتوى: “زوجتي ترفض الجماع”.
فان لم ترعو، او شعرت ان النصيحة لن تجدي معها، فهددها بانك سوف تتزوج، فان استمرت، فلك ان تتزوج من ثانية؛ لان هذا الامر قد شرعه الله واباحه، بشرط القدرة على مؤنته، وان تانس من نفسك القدرة على العدل بين زوجتيك، وراجع على موقعنا فتوى اللجنة الدائمة: “حكمة اباحة تعدد الزوجات“.
والله – تعالى – قد رخص في التعدد؛ لمواجهة مشكلات الحياة البشرية وضرورات الفطرة الانسانية، وحماية المجتمع من الجنوح الى الانحلال او الضلال، تحت ضغط الضرورات الفطرية، وتعنت بعض الزوجات او زهدها في هذا الجانب، او غير هذا، مع قلة خشيتها من الله، ومن زواجر الشريعة التي حمت مصالح الطرفين، فحمى الحياة الزوجية من الفوضى؛ حمى الزوجة من جور وظلم الرجل، وحمى كرامتها، وكذلك حمى الزوج من جنوح الزوجة الى الانا، وحرمانه من حقوق الفراش تحت دعوى كراهية الزوج، او كراهية الحياة الزوجية، او شيخوخة المراة المبكرة، او غير ذلك، وهنا لا يترك الشرع الحنيف الزوج ضحية لنزق زوجته، فاباح له من الزوجات ما يسد حاجته، والله حكم عدل، فكما اوجب – سبحانه – على الرجل اعفاف امراته وتفقد حالها، اوجب كذلك على الزوجة الاستجابة لرغبات زوجها وقضاء حاجاته .
قال – تعالى -: ﴿ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا ﴾ [النساء: 3].
فالنظام الاسلامي يواجه كل واقعيات الحياة، ومن ثم جعل التعدد حلا لبعض مشكلات وضرورات الحياة، ولتبقعلى زوجتك، ولتحافظ على ابنائك كي يتربوا بينكما.