افضل مواضيع جميلة بالصور

من توضا فليستنثر ومن استجمر فليوتر

 


‏ظاهر الامر انه للوجوب , فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الامر به كاحمد واسحاق وابي عبيد وابي ثور وابن المنذر ان يقول به في الاستنثار , وظاهر كلام صاحب المغني يقتضي انهم يقولون بذلك , وان مشروعية الاستنشاق لا تحصل الا بالاستنثار , وصرح ابن بطال بان بعض العلماء قال بوجوب الاستنثار , وفيه تعقب على من نقل الاجماع على عدم وجوبه . واستدل الجمهور على ان الامر فيه للندب بما حسنه الترمذي وصححه الحاكم من قوله صلى الله عليه وسلم للاعرابي ” توضا كما امرك الله ” فاحاله على الاية وليس فيها ذكر الاستنشاق . واجيب بانه يحتمل ان يراد بالامر ما هو اعم من اية الوضوء , فقد امر الله سبحانه باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله امره , ولم يحك احد ممن وصف وضوءه عليه الصلاة والسلام على الاستقصاء انه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة , وهو يرد على من لم يوجب المضمضة ايضا , وقد ثبت الامر بها ايضا في سنن ابي داود باسناد صحيح , وذكر ابن المنذر ان الشافعي لم يحتج على عدم وجوب الاستنشاق مع صحة الامر به الا لكونه لا يعلم خلافا في ان تاركه لا يعيد , وهذا دليل قوي , فانه لا يحفظ ذلك عن احد من الصحابة ولا التابعين الا عن عطاء , وثبت عنه انه رجع عن ايجاب الاعادة , ذكره كله ابن المنذر , ولم يذكر في هذه الرواية عددا . وقد ورد في رواية سفيان عن ابي الزناد ولفظه ” واذا استنثر فليستنثر وترا ” اخرجه الحميدي في مسنده عنه , واصله لمسلم . وفي رواية عيسى بن طلحة عن ابي هريرة عند المصنف في بدء الخلق ” اذا استيقظ احدكم من منامه فتوضا فليستنثر ثلاثا , فان الشيطان يبيت على خيشومه ” , وعلى هذا فالمراد بالاستنثار في الوضوء التنظيف لما فيه من المعونة على القراءة ; لان بتنقية مجرى النفس تصح مخارج الحروف , ويزاد للمستيقظ بان ذلك لطرد الشيطان . وسنذكر باقي مباحثه في مكانه ان شاء الله تعالى . ‏

‏قوله : ( ومن استجمر ) ‏
‏اي : استعمل الجمار – وهي الحجارة الصغار – في الاستنجاء . وحمله بعضهم على استعمال البخور فانه يقال فيه : تجمر واستجمر , حكاه ابن حبيب عن ابن عمر ولا يصح عنه , وابن عبد البر عن مالك , وروى ابن خزيمة في صحيحه عنه خلافه , وقال عبد الرزاق عن معمر ايضا بموافقة الجمهور , وقد تقدم القول على معنى قوله ” فليوتر ” في الكلام على حديث ابن مسعود . واستدل بعض من نفى وجوب الاستنجاء بهذا الحديث للاتيان فيه بحرف الشرط , ولا دلالة فيه , وانما مقتضاه التخيير بين الاستنجاء بالماء او بالاحجار , والله اعلم . ‏

السابق
علاء الاسواني
التالي
التدرج في سروكسات واستبداله بالسيروكسات