يقترب بنا الصيف؛ لننسى التعب والمشقة، والايام الدراسية سواء لنا نحن او لوالدينا، فحتى لو انهم لا يدرسون الا انهم يحملون هم دراسة ابنائهم، فياتي الصيف وتاتي معه عبائر الراحة، ونسائم الترفيه، وتزداد الروابط الاسرية،وروح التعاون، وتكبر فينا الرغبة بالسفر والسياحة والتعرف على عوالم اخرى لم نالفها ولا نعلم عنها شيئا.
والمسلم عندما يسافر ويقوم بالسياحة فهو اولا يمتثل لامر ربه، قال تعالى: “فسيحوا في الارض”، فالسياحة والتامل عبادتان للانسان يزيد بها ايمانه، ويقوي بها يقينه، لكن لابد للمسلم ان يلتزم بالاداب العامة، والضوابط الاسلامية في حله وترحاله، وخاصة في السفر الى دول الغرب وذلك لنعكس صورة مشرفة ومشرقة عن ديننا ومبادئنا.
السياحة مباحة في الشرع ومسموح بها، وينظر اليها من عدة نواحي:
فهي السياحة نشاط انساني لا بد من تقييده بالاداب الاسلامية، والا يكون الهدف من السياحة هو ارتكاب ذنب، او فعل معصية، او الاتيان بعمل يحظره الشرع.
وهي ايضا فرصة للسير في الارض، والتامل بخلق الله المعجز، والكون المتقن، والتعرف على شعوب وقبائل واعراق واديان والسنة مختلفة، قال تعالى: “ومن اياته خلق السموات والارض واختلاف السنتكم والوانكم”
قال الرسول( صلى الله عليه وسلم)-: “روحوا عن القلوب ساعة فساعة؛ فان القلوب اذا كلت عميت”، وهنا تاتي السياحة في الترويح عن النفس، والتخفيف من ضغوط الحياة، وشحذ الهمة، وتجديد النشاط الانساني، الذي سينعكس ايجابيا مستقبلا على مستوى الاتقان في العمل.
وايضا فرصة لتحقيق مبدا الاخوة في الدين بين المسلمين، فالسياحة تمكنك على التعرف بهموم ومشاكل اخوانك المسلمين والتخفيف عنهم، وشد ازرهم، يقول الله تعالى: ” انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم”.
وهي علاوة على ذلك فرصة للاطلال على الشعوب الاخرى، والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم والارتقاء في سلم المعرفة والعلم والتقدم.
ولكي يتاتى للسائح الاستفادة من رحلته، لابد من استحضار الضوابط الشرعية، وتقديم الاهم فالاهم وعمل جدول بالاولويات، فيقدم مصروفات العيش والطعام على الشواطئ والمراكز التجارية، وتقديم سد الديون على مصاريف الطائرات والتذاكر والتصريحات.
واليكم اعزائي انواع السياحة هما: سياحة داخلية، وهي سياحة تكون داخل البلد الواحد، ان تسافر من منطقة الى اخرى بشرط ان تكون داخل حدود الوطن، اما النوع الثاني فهو: السياحة الخارجية، وهي الانتقال من بلد الى اخر، ومن دلة الى اخرى.
ويقول ابن تيمية: “ماذا يفعل اعدائي بي؟ جنتي وبستاني في صدري، حبسي خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة”، الشاهد ان هذا العلامة شيخ الاسلام اعتبر نفيه سياحة في ارض الله، يتعرف فيها على اناس اخرى، وفرصة لنشر الدعوة، وكذلك ليروح عن نفسه.
وللسياحة فوائد جمة وعديدة يذكرها لنا الامام الشافعي –محمد بن ادريس رحمه الله-:
تغرب عن الاوطان في طلب العلى ……. وسافر ففي الاسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة …… وعلم واداب وصحبة ماجد
ففي السفر تكتسب معارف وعلوم، وتفرج همك، وتنفس عن كربتك، وتكتسب معيشة عن طريق العمل في الخارج، وتكتسب اداب، واصدقاء جدد.