مع تفاقم مشكلة انقطاع الكهرباء علينا ان نتذكر قول الامام الشافعى “نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا .. ونهجو ذا الزمان بغير ذنب .. ولو نطق الزمان لنا هجانا”، ويجب ان نتذكر ان اول خطوات النجاح هى تحمل المسؤولية، لكن ثقافة الخوف ينتج عنها صدور تصريحات عشوائية مثل القاء اللوم على الاخرين، وعندما نفشل فى حل المشكلة تجدنا نبحث عن طرق للهروب من المسئولية.
السبب الرئيسى لانقطاع الكهرباء فى مصر يرجع الى تدهور الاقتصاد المصرى، حيث اتسعت الفجوة بين ايرادات ومصروفات الدولة، مما ادى الى زيادة عجز الموازنة (الفرق بين ايرادات الموازنة ومصروفات الموازنة)، فقد وصل العجز الى 166.7 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2024-2024، ووصل الى 239.9 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2024-2024
دعم الوقود بلغ خلال العام المالى 2024-2024 نحو 129.5 مليار جنيه مقابل 114مليار جنيه فى العام المالى2024-2024 ، وسوف يرتفع الى 140 مليار جنيه فى العام المالى 2024-2024.
يوم 15مارس 2024، صرح اللواء “عادل لبيب” وزير التنمية المحلية، ان الصيف المقبل لن يشهد ازمة في الكهرباء، مشيرا الى انه تقرر بالفعل اعتماد مصر خلال السنوات المقبلة على الطاقة الشمسية، موضحا انه تم تحديد 135 موقعا للطاقة الشمسية في 17 محافظة لتوفير 40% من استهلاك الطاقة وخفض نسبة الدعم الموجه للطاقة بنسبة لا تقل عن 15%، واضاف ان تمويلات المواد البترولية للصيف المقبل توافرت بالفعل، وانه من غير المتوقع ان يشهد الصيف المقبل اى انقطاعات او ازمات في الكهرباء.
لا توجد دولة فى العالم تعتمد على الطاقة الشمسية بنسبة40% ، فمشاركة الطاقة الشمسية فى امريكا (الدولة العظمى) بالنسبة لتوليد الكهرباء هى 0.23%، ولا توجد دولة فى العالم انخفض عندها نسبة الدعم الموجه للطاقة نتيجة استخدامها للطاقة الشمسية، فانتاج الكهرباء من المحطات النووية فى المانيا لا يحتاج مليم واحد دعم، لكن استخدامها للطاقة الجديدة والمتجددة يكلفها دعم وصل الى 16 مليار يورو فى عام 2024.
الموارد المالية هى اساس المشكلة، وعلى راى المثل “يا جارية اطبخى، يا سيدى كلف”، فوزارة البترول لو توفرت لها الموارد المالية لوفرت لمصر احتياجاتها من الوقود، ولو توفر لوزارة الكهرباء الموارد المالية لقامت بصيانة المحطات العاطلة ولقامت بانشاء محطات جديدة ولتوفرت الكهرباء على الشبكة لسد احتياجات الاحمال الكهربائية ساعة الذروة.
احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعى لا تتعدى 32 تريليون قدم مكعب، واجمالى الانتاج يقدر بنحو 5.7 مليار قدم مكعب من الغاز فى اليوم.
كمية الغاز التى يتم ضخها الي محطات توليد الكهرباء تبلغ ثلاثة مليارات و600 مليون قدم مكعب فى اليوم، ومحطات الكهرباء تستهلك وقود (غاز ومازوت وسولار) قيمته “مليار” جنيه شهريا، ومديونية وزارة الكهرباء لوزارة البترول وصلت الى 60 مليار جنيه.
محطات توليد الكهرباء تستحوذ على 60% من انتاج الغاز في مصر, ومحطات الكهرباء (32 محطة) التى تعمل بالغاز الطبيعى تنتج 90% من الكهرباء نتيجة استهلاك 125 مليون قدم مكعب فى الساعة، ولكن نتيجة للازمة فان المتوفر من الغاز لمحطات الكهرباء هو80 مليون قدم مكعب فى الساعة، وهذا العام فمن المتوقع ان يكون الطلب على الغاز فى الصيف 170 مليون قدم مكعب فى الساعة.
وخلال الايام القليلة الماضية صرح مصدر مسئول فى وزارة الكهرباء ان الشركة القابضة تدرس فرص استخدام الفحم كبديل للغاز في تشغيل محطات توليد الكهرباء, كما ان الوزارة اتجهت لدراسة امكانات استخدام الطاقة النووية
ونحمد الله، ان الوزارة اتجهت لدراسة امكانات استخدام الطاقة النووية، لكن دراسة استخدام الفحم كبديل للغاز تحتاج لتوضيح لان المشكلة ترجع في الاساس الي نقص الموارد المالية، فاذا توافر المال مع توافر مصدر لتصدير الغاز لمصر، يصبح من الافضل بالتاكيد شراء الغاز، لان محطات الكهرباء مجهزة لتعمل بالغاز فخطوط الغاز متصلة بالمحطات، بمعنى ان البنية التحتية لتشغيل المحطات بالغاز متواجدة، ولان الكهرباء المولده باستخدام الغاز ارخص من الفحم واقل ضررا بالبيئة من الفحم.
استخدام الفحم في المحطات الحالية يحتاج بنية تحتية جديدة، حيث يحتاج مخازن لتخزين الفحم، ويحتاج خطوط سكك حديد جديدة لربط الميناء بمحطات الكهرباء، ويحتاج تعديلات فنية فى المراجل “Boilers” لحرق الفحم بدلا من الغاز ويحتاج تعديل واضافة فلاتر لحجز ثانى اكسيد الكربون CO2، فانتاج 1 جيجاوات ساعة من محطة تعمل بالفحم ينتج عنها انبعاث 1041 طن من .CO2
فى عام2024 نشر مركز معلومات الطاقة الامريكى ارقام لمتوسط تكاليف وحدة الكهرباء (ويشمل تكاليف راس المال، ومعدل الفائدة10% ، وكذلك تكاليف التشغيل المستمر والوقود والصيانة) الناتجة من محطات الكهرباء المختلفة والمدرجة فى خطة عام 2024، وكانت كالتالى: بالنسبة للمحطة النووية كان 11 سنت/كيلووات ساعة، اما بالنسبة لمحطة الفحم (بفلاتر لعزل الكربون) فقد كان 13.6سنت/كيلووات ساعة.
هناك سؤال يطرح نفسه، لماذا الدول التى تمتلك مناجم فحم تتجه الى بناء محطات نووية لتوليد الكهرباء، ومصر التى لا تملك مناجم فحم تفكر فى ان تكون محطات الكهرباء تعمل بالفحم، فالهند ثالث دولة فى الترتيب العالمى لانتاج الفحم، ودولة الهند بدات نهضتها النووية مع مصر، والان هى تمتلك 21محطة نووية شغالة باجمالى قدرة 5780 ميجاوات، وتقوم الان ببناء 6 محطات نووية باجمالى قدرة 4300 ميجاوات، ومخطط بناء 33 محطة نووية باجمالى قدرة 36364 ميجاوات.
مع اننا نفضل استخدام الغاز عن الفحم فى تشغيل محطات الكهرباء، الا انه من الصعب استيراد الغاز خلال الصيف المقبل، وذلك لان الامر يستلزم اجراءات عديدة لحجز كمية الغاز اللازمة مبكرا، وذلك لارتباط معظم الدول المصدرة للغاز بتعاقدات طويلة الاجل، ويتراوح سعر المليون وحدة حرارية (MMBTU) من 12 دولار الى 14 دولار، ووفقا للاسعار العالمية فان سعر المليون وحدة حرارية من السولار 32 دولار، والمازوت 18 دولار.
كما يستلزم استيراد الغاز، ان تتوافر البنية التحتية الخاصة باﻋﺎدة ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻐﺎز اﻟﻤﺴﺎل اﻟﻰ ﺣﺎﻟﺘﻪ اﻟﻐﺎزﻳﺔ Regasification (ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻐﻮﻳﺰ) مع انشاء ميناء وﻣﺤﻄﺎت ﺘﺨﺰﻳﻦ، والتى لا تقل تكلفتها عن 600 مليون دولار، ومدة تنفيذها لا تقل عن سنة ونصف.
عدم توافر السيولة المالية اللازمة لتوفير الغاز، وعدم اجراء الصيانات الضرورية للمحطات العاطلة، سيؤدى الى تزايد فترات انقطاع التيار الكهربائى، كما ان انتاجية محطات الكهرباء خلال الصيف المقبل ستنخفض بنسبة 25% فى حالة استخدام المازوت بدلا من الغاز، وبمعدل 10% في حالة استخدام السولار، وهذه مؤشرات تدل على استفحال الازمة خلال الصيف المقبل، مما ينذر بصيف ساخن جدا وعلى الاخص فى شهر رمضان.
والحل الامثل لمشكلة عدم توفر الغاز، ومنعا لاستراده من الخارج، يتركز فى: اولا- اعادة دراسة الاسعار الخاصة بانتاج الغاز بالاتفاقيات مع الشريك الاجنبى (المقاول)، ومدى تحقيقها لعائد عادل للدولة، ثانيا- الزام الشريك الاجنبى بنصوص الاتفاقية الخاصة بالانفاق على تنمية كافة المناطق والتى لم يتم تنميتها بعد، لزيادة الانتاج ومن ثم توفر السيولة النقدية.
الخطة العاجلة لمنع انقطاع الكهرباء تتمثل فى: اولا- توفير الاعتمادات المالية لشراء احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، ثانيا – توفير الاعتمادات المالية لاجراء عمليات اصلاح الاعطال فى محطات الكهرباء، ثالثا- وضع خطة قومية عاجلة لترشيد استهلاك الكهرباء فى المصانع والمصالح الحكومية ودور العبادة والمنازل والنوادى وخلافه (خاصة التكييفات)، رابعا- القضاء على عمليات سرقة الكهرباء، خامسا– تقليل كمية الطاقة المفقودة.
اما بالنسبة لخطة وزارة الكهرباء لبناء محطات جديدة من مختلف التكنولوجيات (تنويع مصادر الطاقة) لتوفير الكهرباء لمتطلبات التنمية فلا غبار عليها، لكن نود ان ناكد على: اولا- انه يجب الاسراع فى تنفيذ المشروع النووى المصرى فى الضبعة، وان انسب وسيلة لتنفيذ المحطة النووية هو الشراء بالامر المباشر، وان نبتعد عن طرح مناقصة عالمية حتى لا تتكرر ماسى اعوام 1964 و1974 و1983، ثانيا– ان نبتعد عن ادراج بناء محطات تعمل بالفحم ضمن خطة الوزارة، ثالثا– الاسراع فى تنفيذ ربط شبكة كهرباء مصر مع شبكة كهرباء السعودية.
الطاقة النووية هى البديل الوحيد المتاح على المستوى العالمى (البديل عن الوقود الاحفورى “بترول وغاز”) لتغذية الحمل الاساسى فهى تستطيع توليد كميات كبيرة من الكهرباء ذات تكلفة رخيصة وموثوقية عالية وبالاضافة الى كونها طاقة نظيفة وامنة، ومع زيادة الطلب على الكهرباء، فتعتبر الطاقة النووية جزء اساسى من امن الطاقة فى مصر.
مشروع المحطة النووية هو امن قومى تكنولوجى وهو من المشاريع الهامة للتنمية وكذا فهو مشروع استثمارى، فالعائد من بيع الكهرباء يستطيع ان يغطى تكاليف المحطة النووية خلال سنوات قليلة، كما ان تكاليف المحطة النووية يمكن تغطيتها من فارق سعر الوقود النووى عن سعر الوقود الاحفورى (غاز او بترول).
ثق ان ثقافة الخوف هى احد الاسلحة التى يستخدمها اللوبى الصهيونى فى الحرب الباردة ضدنا، فهدفهم ان نبتعد عن امتلاك التكنولوجيا النووية وتوطينها فى مصر باى شكل من الاشكال، وهم يعلمون علم اليقين ان التكنولوجيا النووية هى مفتاح الرقى والارتقاء بالبلاد وهم لا يريدون ذلك، وعقيدتهم ان لا تتواجد قوى فى المنطقة تستطيع تهديد امن دولة اسرائيل.
- موضوع تعبير عن الكهرباء بالعناصر
- موضوع تعبير عن اثر انقطاع الكهرباء
- تعبير إنشاء حول إنقطع كهرباء
- موضوع تعبير مدرسي عن انقطاع الكهرباء