انا وابي نقيم خارج دولتنا، ونعمل في الامارات العربية المتحدة، ونقيم معا في نفس البيت، حيث ان امي واخوتي يقيمون في بلد اخر.
شيخنا الكريم: انا في مشكلة اسال الله ان تساعدني على حلها.. ابي لا يصلي، لم اقم بدعوته الى الصلاة الى الان؛ وذلك لانني لا اريد ان ادعوه بطريقة خاطئه قد تؤدي الى اثارته، وابي دائما مشغول مع اصدقائه، ولا يجلس في البيت كثيرا، بل حتى انه معظم الايام لا ينام في البيت، ولكن ابي فيه صفات حسنة، فماذا افعل؟
اني معك في ان مقام الاب عظيم، وان منزلته في دين الله تبارك وتعالى كبيرة، فالاب اوسط ابواب الجنة كما اخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو وصية الله تبارك وتعالى التي اوصى بها بعد الوصية بتوحيده: {وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا}، هذا كله حق، ومن هنا اجد ان تعاملك مع والدك ينطلق من هذه القاعدة: الاحترام والتقدير، ومراعاة المنزلة والمكانة التي اكرمه الله بها، الا اني – اخي الحبيب الكريم – احب ان اقول لك بان النبي – صلى الله عليه وسلم – اخبرنا بانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والدك الان لا يصلي هل تحب والدك؟ قطعا تحبه حبا شديدا، والدليل على ذلك انك ارسلت لتسال كيف تتعامل معه، اذا: كيف تكون محبا لوالدك وانت موقن بانه سيكون من اهل النار؟ لو ان والدك هذا – اخي انس – الان اشتعلت فيه النار – لا قدر الله – او اصيب بمرض فماذا انت فاعل؟ هل ستتفرج عليه؟ هل ستدعه يموت محترقا؟! قطعا لا والف لا وانا واثق من هذا الكلام جيدا.
اقول لك: ان نار الاخرة اعظم بملايين المرات من نار الدنيا؛ ولذلك يجب عليك فورا ان تبدا في محاولة انقاذ والدك، ولكن كيف السبيل؟ بما انك لا تريد ان تصطدم معه او تدير معه حوارا صداميا، وان تراعي مشاعره، فمن الممكن ان تاتي بمطوية من المطويات التي تباع في المكتبات الاسلامية تتكلم عن الجنة وتتكلم عن النار، تتكلم عن محبة الله تعالى، كل اسبوع اشتري مطوية وضعها بجوار سرير والدك او في المكان الذي يجلس فيه عادة، ثم مع الايام تاتيه بمطوية اخرى تتكلم عن الصلاة وعن فضلها ومنزلتها في الاسلام.
لا مانع ان تشتري شريطا يتكلم عن الجنة ونعيمها، ثم تديره في الوقت الذي هو موجود فيه حتى يستمع في الوقت الذي هو فيه الى بعض العبارات التي قد تصل الى قلبه فتحركه؛ لان اباك الان لا يتزود باي زاد يجعله يغير واقعه، بما انه لا يدخل المساجد فلا يسمع الى خطب الجمعة، بما انه لا يدخل الى المساجد فلا يسمع الى الدروس والمواعظ، وبما انه مشغول فقطعا لا يدخل على اذاعة القران ولا يستمع اليها، فانا اتمنى ان تغير انت من النمط الذي هو عليه، وتفتح على اذاعة القران الكريم في الامارات لانها رائعة، واجعلها تعمل ليل نهار ولا تتوقف، فان سالك فقل له القران العظيم وبركته؛ لاننا نريد الملائكة ان تدخل بيتنا حتى تطرد عنا الشياطين؛ لانه اذا حضرت الملائكة غابت الشياطين، والملائكة عادة تحضر لسماع القران الكريم.
ثم من حين لاخر يكون عندك مسجل تضع فيه شريطا لبعض اخواننا المشايخ المؤثرين الذين يتكلمون عن الجنة والنار باسلوب مؤثر وهو كثير موجود، فتجد – ان شاء الله تعالى – في المكتبة اشرطة كثيرة مؤثرة بعيدا عن قضية الصلاة، ثم بعد ذلك عندما ترى ان قلبه قد لان، وانك قد وصلت الامر معه لمدة ولتكن شهرا مثلا او اقل قليلا ابدا بعرض شريط يتكلم عن الصلاة.
الشيخ (محمد حسين يعقوب) له شريط رائع بعنوان (لماذا لا تصلي)، لو استطعت ان تصل لهذا الشريط فمن الممكن – بارك الله فيك – ان تضعه في المسجل وان يستمع اليه والدك بطريق غير مباشر.
ان كان هذا كله لم ينفع ولم يفد فلابد لك من ان تفاتحه شخصيا وتقول له: يا والدي انا احبك اكثر من نفسي ولكني اخاف عليك من عذاب الله تعالى، تارك الصلاة ملعون، وقد توعد الله تارك الصلاة بالعذاب الاليم في الاخرة وانت اب رائع وصفاتك كلها رائعة، وانا اخشى عليك من عذاب الله تعالى، اتمنى يا ابي ان تبدا الصلاة ولو حتى في البيت ولا يلزمك ان تصلي في الجماعة.
وابكي بين يديه وتضرع اليه ان يقبل منك هذا العرض لعل الله ان يوقعه في قلبه، استعن على ذلك كله بالدعاء، بالملك جل جلاله سبحانه، واعلم انه لا يرد القضاء الا الدعاء، واعلم ان الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، واعلم ان الله امرك بالدعاء ووعدك بالاجابة: {وعد الله لا يخلف الله وعده}.
اجتهد – اخي المهندس – وانا ارى انك قادر على ان تفتح الطريق الى قلب ابيك بهذه الوسائل التي ذكرتها، فان لم تستطع فلا مانع من استخدام بعض الاخوة الافاضل ليتكلم مع والدك بطريقة غير مباشرة لعل الله ان يصلحه.
انا واثق بانك ستنجح وانا واثق انك ستوفق، ابدا – باذن الله تعالى – بالعلاج، بالامر المقدور عليه، واكثر من الدعاء لابيك بالهداية وان يشرح الله صدره للايمان، وعما قريب ستبشرنا بان اباك اصبح في الصف الاول مع المسلمين، هذا ما اتمناه وارجوه واتمنى لك التوفيق.
- إن أبي و أباك في النار