لا يزال ينصب «الابن الاول» وكيلا عن الورثة ..
ولاية «الاكبر» ام «الاجدر»؟
الرياض، تحقيق- هدى السالم
حين يغيب الاب عن الاسرة لاسباب جبرية او اختيارية؛ يتولى الابن الاكبر عادة شؤون اخوانه واخواته، لا سيما في امور الولاية والوصاية في الزواج، والتصرف بالمال، والسفر، واستخراج الاوراق الرسمية، وكل ما يتعلق بالمعاملات والقرارات المصيرية لاشقائه وشقيقاته، والسؤال: هل تلك الولاية عرف اجتماعي ام شان نظامي الزامي؟، وفي حال ثبت بطش وظلم هذا الاخ، فهل من السهولة انتقال الولاية الى شخص اخر غيره من افراد الاسرة؟.
يحظى بالقبول بين اخوانه ويتحري العدل والامانة
وتحمل المسؤولية لان «ظلم ذوي القربي اشد مضاضة»
سلبية وانهزامية
وبين “محمد حازم” -(24) عاما- انه الابن الاصغر لاسرة تتكون من ثلاثة ابناء ذكور وبنت، مضيفا ان والده توفي وهو لا يزال طفلا في عامه (الثالث)، وخوفا من والدته ان يتولى “عمهم” الوصاية على ايتامها، قررت ان يتولى شقيقه الاكبر (18) عاما -انذاك- الولاية عليهم، مشيرا الى ان شقيقه وبناء على الثقة الممنوحة له من والدته قرر المتاجرة بالمال الذي ورثوه من ابيهم، الا ان خبرته المتواضعة في هذا المجال جعلته يخسر كامل تجارته، مؤكدا على ان ما فعله شقيقه بهم يعد ظلما كبيرا لهم، لافتا انه حاول تغيير هذا الواقع عند بلوغه السن القانونية؛ الا ان سلبية وانهزامية بقية اخوته جعلته يقف مكتوف الايدي، وعاجزا عن تغيير هذا الواقع المر، حيث ربط اخوته سكوتهم على ذلك برضا والدتهم.
واضاف ان شقيقه الثاني كان اكثر تعقلا وجدارة من اخيهم الاكبر، الا ان العرف السائد يقضي عادة بتولي الاخ الاكبر زمام امور اسرته بعد وفاة ابيهم، على الرغم من امكانية عدم كونه الافضل دائما، معتبرا ان استسلام وحياء بقية الاخوة من الاخ الاكبر قد تكون سبا في ضياع حقوقهم.
كلام الناس
وقالت “عائشة احمد” -استاذة جامعية- “على الرغم من كوني اسعى دوما لتعليم الطالبات كيفية الحفاظ على حقوقهن، الا اني لم امتلك الجراة اللازمة لاقف يوما من الايام في وجه اخي الاكبر؛ عندما تولى الوصاية على اخوتي بعد وفاة والدنا”، مضيفة انه بدا بعد ذلك يتعامل معهم وفق ما تمليه عليه نفسه او زوجته -على حد قولها-، حيث لم يكن يمنحهم من مال ابيهم الا القليل، محتفظا لنفسه بالكثير، مشيرة الى ان خوفها من كلام الناس، وحرصها على سمعة اسرتها؛ هو ما جعلها تمتنع عن رفع شكوى ضد اخيها، لافتة ان والدها كان رجلا معروفا بكرمه وحبه للعدل.
د.الغيث: الوصاية باختيار المتوفى والولاية من القاضي ولا يكونان الا بعد الوفاة
واكدت “تهاني الغامدي”على ان سمعة والدها وسيرته العطرة اهم لديها من ان تسيء اليها؛ عندما تقف في المحاكم شاكية احد اخوتها مهما بلغ ظلمه لها بعد وفاة والدها، مشيرة الى ان الاخوة والوفاء للاموات ابقى من المال مهما بلغ مقداره، لافتة الى ان ذلك يعد نوعا من البر للاباء.
مصلحة شخصية
وبينت “دلال عبد الله” انها الابنة الكبرى لاسرة تتكون من اربع بنات وولدين، مضيفة ان الاهتمام بكلام الناس على حساب المصلحة الشخصية بعد وفاة الاب يعد امرا غير مقبول لديها؛ معتبرة ان الاحياء اولى من الاموات، مشيرة الى انه وعلى الرغم من كون والدها على قيد الحياة حاليا، الا انه جعل شقيقها الذي يصغرها ب(10) اعوام يتولى امور الاسرة بموجب وكالة شرعية من والدها، وبحجة انه الاولى بذلك كونه ذكرا، مؤكدة على ان هذا الامر يزعجها كثيرا، ومع ذلك فهي لا تستطيع تغيير هذا الواقع كون والدها لا يزال على قيد الحياة. واضافت ان وضعها الحالي محرج جدا؛ لان “الاخ الاكبر” يتصرف بناء على استسلام والدها لرغبات ابنه البكر، مشيرة الى انها لا تستطيع ان تعترض على وصاية اخيها على اسرتها ووالدها يوافقه على كل شيء، منتقدة عدم المساواة بين الابناء، فالاب عادة يشترى لابنائه الذكور سيارات بعشرات الالاف، ويدعمهم في حال زواجهم، بينما لا تحصل الفتاة من مال والدها الا على “فستان” او “جهاز جوال”، لافتة الى ان هذا الامر يجعل الذكور يشعرون بتميزهم عن شقيقاتهم، حيث يبقى هذا الشعور ملازما لهم طيلة حياتهم.
ظلم ذوي القربى
وقالت “هيا عبدالرزاق”: “ينسى بعض الاخوة من الذين يرعون مصالح اخوتهم بعد وفاة والدهم، ان هؤلاء الاخوة والاخوات الذين اصبحوا تحت ولايته ايتام، وانهم هم المعنيون بقوله تعالى:(ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما انما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)”، مضيفة ان ظلم ذوي القربى اشد قبحا والما من ظلم الغرباء على النفس؛ لانه من المفترض ان يكون القريب اكثر حرصا ورعاية لمن هم من لحمه ودمه.
عرف اجتماعي
واكد “د.عيسى الغيث” – القاضي وعضو مجلس الشورى- على ان ولاية “الاخ الاكبر” تعتبر عرفا اجتماعيا، وتاريخيا، وربما فطريا، مضيفا ان الامر فيه ايضا شق شرعي؛ باعتبار الاخ الاكبر هو الاقرب لحماية اهله ونسائه، الا انه ليس له حق التحكم والاستبداد، واما ان كان الاخوة صغارا غير بالغين وغير راشدين، فيضع القاضي وليا عليهم لرعايتهم وحفظ حقوقهم، ولهم حق التظلم من الوصي والولي لدى القاضي، مشيرا الى ان الوصي هو الشخص الذي اوصى الاب قبل وفاته بان يقوم مقامه، بحيث يكون الوصي هنا وليا بحكم المحكمة ما لم يطعن فيه الورثة، واذا لم يعين المتوفى وصيا؛ فللورثة اختيار من يتوافقون عليه ليعينه القاضي وليا، وللقاضي تولية من يراه في جميع الحالات بشرط ان يكون هو الاصلح للورثة عموما والقصر “الصغار” خصوصا، مبينا انه لا يشترط اتفاقهم ولكن يشترط عدم ممانعتهم، واذا مانع احدهم فينظر القاضي في مسوغ اعتراضه فان كان وجيها اخذ به. واضاف “د.الغيث” انه لا يجوز للاخ الوصاية على اخوانه واخواته الاصغر منه مادام الاب على قيد الحياة؛ لان الوصاية باختيار المتوفى، والولاية باختيار القاضي ولا يكونان الا بعد الوفاة، موضحا انها تسمى اثناء الحياة (وكالة)، حيث يجوز للاب المريض او الغائب ان يوكل ابنه او غيره برعاية شؤون اولاده، ولهم حق الاعتراض عليه امام القاضي ان ظلمهم او قصر في حقهم او اعتدى عليهم، لافتا ان الولاية لا تسقط من الولي الا بحكم القاضي الذي ولاه، وذلك عند تظلم الورثة او القصر منه، اما في حالة وفاة الاب وكان لديه ابناء صغار فيكون الاولى في الوصاية عليهم، اذا لم يوص الاب بشخص معين؛ ان يختار القاضي الولي الاصلح لهم في شؤون دينهم ودنياهم.
الفتاة الاكثر تضررا من تجاوزات الولي غير المؤهل
الولي ليس له حق التحكم والاستبداد
عنف الاخ الاكبر تجاه شقيقته ليس عدلا وتحملا للامانة والمسؤولية
- قصة انتقال الولي للزواج
- ولاية الاخ الاصغر في حالة وفاة الاب