الحمد لله. يقع الطلاق اذا تلفظ به الانسان او كتبه في ورقة او كتبه في رسالة الجوال او رسالة الحاسب ما دام انه قاصدا لايقاعه مختارا لذلك وكان الطلاق بلفظ صريح كقوله انت طالق او عليك الطلاق او طلقتك ونحو ذلك من الالفاظ المتصرفة من هذه الكلمة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة). رواه ابو داود والترمذي وقال حسن غريب. وقد اتفق الفقهاء الائمة الاربعة وغيرهم على وقوع الطلاق الصريح المنجز فورا من غير نظر الى النية او قرائن الاحوال كما حكاه ابن قدامة. وقال ابن المنذر: (اجمع كل من احفظ عنه من اهل العلم على ان جد الطلاق وهزله سواء).
ولا شك ان كتابة الطلاق في معنى التلفظ به فهي عمل يترتب عليه الحكم لقوله صلى الله عليه وسلم: (ان الله تجاوز لامتي عما حدثت به انفسها ما لم تتكلم به او تعمل). رواه الترمذي والنسائي. والفقهاء قديما جعلوا كتابة الطلاق في معنى التلفظ به واشترط جمهورهم نية الطلاق في وقوعه كتابة فاذا كان الزوج ناويا الطلاق في كتابته وقع وان لم ينوه لم يقع كان ينو التهديد والتخويف وغيره فالجمهور يجعلون الكتابة في حكم الكناية بالطلاق لا بد من نية فيه. وذهب بعض الفقهاء الى عدم اشتراط النية فيه فجعلوه كالطلاق الصريح الذي لا يفتقر الى نية في وقوعه. ولا شك ان كتابة الطلاق في الرسالة الالكترونية او رسالة الهاتف الجوال في معنى الكتابة على الورق وعملية الارسال امر زائد فيها مما يدل على تحقق القصد من الزوج.
وهذا الحكم باعتبار تصرف الزوج وسؤاله اما في حالة انكار الزوجة وعدم تسليمها فالمرجع في ذلك الى القضاء في اثبات الطلاق او نفيه. ولذلك يستحب للزوج ان يشهد اذا طلق عن طريق الوسائل العصرية ليستوثق الامر وتكون الحقوق واضحة بين الزوجين.
والحاصل ان الطلاق عبر الجوال وغيره من وسائل التقنية طلاق تام متحقق فيه قصد الزوج ومتيقن منه مع وجود النية كالعمل بسائر العقود والفسوخ المالية والحقوق المعنوية التي اصطلح الناس اليوم على التعامل بها والثقة بمصداقيتها عبر هذه الوسائل العصرية.
اما اذا نوى الطلاق بقلبه ولم يتلفظ به او يكتبه فلا يقع لانه لم يصدر منه طلاق شرعي وهو قول عامة الفقهاء.
ولا يشترط في وقوعه وصول الرسالة للزوجة او علمها بها لانه لا يشترط في وقوع الطلاق ونفاذه علم المراة ولا اذنها فيه فهو من صلاحيات الزوج وحقوقه التي خوله الشرع بها ولا مدخل للمراة البتة في الطلاق لانها ما تملكه شرعا ولا يحق لها النظر فيه بوجه من الوجوه. قال في المدونة: (وسمعت مالكا وسئل عن رجل يكتب الى امراة بطلاقها فيبدو له فيحبس الكتاب بعد ما كتب قال مالك: ان كان كتب حين كتب يستشير وينظر ويختار فذلك له والطلاق ساقط عنه ولو كان كتب مجمعا على الطلاق فقد لزمه الحنث وان لم يبعث بالكتاب).
فعلى هذا يقع الطلاق منك ان كنت قاصدا له ناويا ايقاعه مختارا ولو لم تصل رسالتك لزوجتك او لم تعلم بها وينبغي عليك ان تخبرها لتكون على بصيرة.
والله اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم.