افضل مواضيع جميلة بالصور

رواية نور العمر

– توام الظلام

مع اقتراب اليخت من جزيرة بايلتار بدات قمة جبلها تظهر في الافق وترتفع وسط زرقة البحر المتوسط شامخة كمئذنة جامع عربي في الاندلس .
على سطح هذه الجزيرة اناس من جنسيات مختلفة اكثريتهم من الاسبانيين ذوي التاثير , الذين بنوامنازل لهم هناك فسكنوا الجزيرة وتحكموا بخبرتها وتجارتها.
احست انجي بمشاعر التاثر تنتابها وهي واقفة تراقب الجزيرة من اليخت , لقد غادرتها منذ ست سنوات طالبة في السادسة عشرة من عمرها , وها هي تعود اليها ممرضة قانونية متخرجة من ارقى الجامعات , لقد دعيت لتؤدي خدمة انسانية رائعة في منزل كارلوس دي زالدو حاكم الجزيرة .
انحرف اليخت بالركاب باتجاه مرفا الجزيرة الصغير واثناء انحرافه انعكست اشعة الشمس على صفحة الماء , فالتمعت ببريق ياخذ الانظار , ازاء شاعرية المشهد شعرت انجي بحنين يشدها بقوة الى هذا المكان , ان حنينها الى هذه الجزيرة لم تخف وطاته بمرور السنوات الست التي قضتها بعيدة اناء دراستها , وتذكرت عندما كانت تاتي لتقضي قسما من عطلتي فصل الصيف وفصل الشتاء عند عائلة الحاكم.
كانت ماريا دي زالدو تدرس في انكلترا في المدرسة نفسها التي تدرس فيها انجي , ومنذ ذلك الوقت توطدت عرى الصداقة بينهما , وعندما اصبحت انجي وحيدة بعد وفاة عمتها كيت , كان للدعوة التي وجهتها عائلة مايا لها للبقاء معها اطيب الاثر في نفسها , فقد احست فورا برابط قوي يربطها بهم وشعرت بان المنزل الاسباني الكبير الذي يقيمون فيه هو اجمل مكان في العالم على الاطلاق , لقد كانوا من اكثر ارستقراطيي الجزيرة تاثيرا ونفوذا ,وكان دون كارلوس نسخة عن نبلاء اسبانيا , يعيش مع اولاده بترف.
الاسبوع الماضي اختلطت ذكرياتها عن بايلتار بمشاعر مؤثرة عندما اتصلت بها مايا بالهاتف واخبرتها بان رايك دي زالدو اصيب بجراح بالغة في مهمة عسكرية في بلاد الباسك ( مقاطعة اسبانية مضطربة تقع في شمال اسبانيا قرب الحدود مع فرنسا ) ونقل الى منزله وهو بحاجة لرعاية ممرضة.
قالت لها انجي بعصبية وهي تضغط على سماعة الهاتف:
“اخبريني كل شيء “.
فاجابتها مايا بصوت مخنوق يلفه الياس :
” انه حادث مروع , اصابته شظايا القنبلة في وجهه وراسه , لقد فقد بصره يا انجي “.
كانت انجي تسترجع شريط الذكريات وتحدق في اليم فيما يقترب اليخت بها من اليابسة , انها تتذكر رايك جيدا , وكيف يمكنها ان تنساه ! لقد اقتنعت خلال تمضيتها اخر عطلة في منزل والده , انها لن تلتقي ابدا مرة اخرى برجل يحتل قلبها مثله.
انها تشعر بكل دقة مضطربة من دقات قلبها , فيما تسير بها سيارة التاكسي الى المنزل عبر طريق مستقيم من ساحة الجزيرة الكبرى وحيث تنتشر المقاهي التي يجلس فيها الناس يشربون القهوة ويتبادلون الاحاديث.
على جانبي الطريق تنتشر المحلات والاسواق حيث كانت تتنزه مع مايا تحت اشعة الشمس , حينها لم يكن في الافق ما يشير الى انها ستعود ثانية الى بايلتار في ظروف محزنة , فيما سيارة التاكسي تقترب من منزل دي زالدو عبر مناظر طبيعية تخطف الابصار , تساءلت انجي في قرارة نفسها عما اذا كانت ستشعر بتبدل في مشاعرها عندما ترى رايك ثانية , لقد كانت غالبا ما تفكر به خلال عملها في المستشفى في انكلترا .
انعطفت سيارة التاكسي وسلكت طريقا تؤدي صعودا الى كازيرا دي نوسترا حيث كانت اشجار النخيل تغطي مساحات واسعة من الاراضي بكثافة , حاجبة عنها اشعة الشمس الحارقة , ثم دخلت في طريق متعرج يمر عبر حديقة المدافن وهي حديقة واسعة جدا , كان من الواضح ان حب الجزيرة قد تاصل في نفس انجي تماما , كحبها للابن الاكبر لحاكم الجزيرة , هذا الحب بقي في طي الكتمان منذ نشاته فلم يعلم به احد وعلى الاخص رايك .
بعد مرور ساعة من الزمن على مخابرة مايا دي زالدو لها , تدبرت انجي امرها مع مسؤولي التمريض حيث تعمل , واستطاعت ان تستحصل على اذن بالذهاب الى جزيرة بايلتار لتعتني بالرجل الحاضر ابدا في ذاكرتها , لقد كانت متاكدة تماما من جهل رايك لحقيقة مشاعرها نحوه , فاثناء فترة مراهقتها كانت تخجل منه وترتبك في حضوره , وخلال تلك الفترة بدا لها ناضجا ومنطويا يحب الانفراد والتامل .وعى اولاد كارلوس دي زالدو منذ البداية اهمية دور والدهم في جزيرة بايلتار , ومع ذلك وجدتهم انجي بعيدين عن الغرور والتكبر , وكان طبيعيا في هذه الناحية , ان يميل طبع رايك قليلا نحو التعالي , فهو ابن حاكم الجزيرة , بالاضافة الى نزعته نحو الانفراد والسوداوية الرومنطيقية.

  • روايه ليله العمر
السابق
الملابس الجديدة للعيد الموضة
التالي
ولا تواعدوهن