سماء سوداء ملبدة بالغيوم ..
رياح باردة تتغلغل في الطرقات ..
.. شوارع خالية ..
.. سكون مخيف ..
.
.
.
جلست على كرسيها الصغير
واضعة كفيها على راسها
الدموع تنساب من عينيها بغزارة
و الحرقة تسري في قلبها وجوفها
و الم يعتصر قلبها بلا رحمة ..
.
الهدوء و الظلمة
كانا يحيطان بها من كل جانب ..
و مع نحيبها المرتفع
تكون مشهد مخيف ..
.
.
.
مررت كفيها ببطء على وجهها
لتمسح تلك الدموع ..
جعلت كفيها يكملان المسير
ليستقرا على سطح منضدة الزينة ..
و ظهرت ملامحها ..
.
عينان حمراوان
و شعر اسود مشعث ..
كحل اسود
اذابته الدموع
فعكر صفاء الوجه الفاتن ..
.
اراحت راسها بلا وعي على سطح المكتب
و اعتصرت باناملها ذلك المظروف الابيض ..
ثم صاحت بالم : لااااااااااااااااااااااا , ما اصدق , لااااااااااااااااااا ..
و لم يكد لصدى صوتها ان ينتهي
حتى فتح باب الجناح ..
انتفضت برعب
و هبت من مكانها فزعة ..
تراجعت للخلف ببطء ..
التصقت بالجدار
و عيناها معلقتان بمدخل الباب
تترقبان دخول القادم ..
.
.
.
دلف الى الحجرة بهدوء ..
مد يده واشعل الضوء ..
ثم رفع حاجبيه بصدمة .. قبل ان يتردد صوته هاتفا :
: ريم !!!!!!!!!!!!!!!!! .. خير ؟؟ .. واشبك ..؟؟ ..
اقترب منها بقلق
عيناه تحملان تساؤلات عديدة
و عندما حاول ان يمد يده اليها..
.
.
صرخت برعب : لااااااااااااااااا .. لا تقرب مني .. لااااااااااااااااااااا ..
هربت من امامه بسرعة ..
لكن
يده كانت اسبق ..
قبض على ساعدها
و جذبها اليه ..
حاولت ان تتخلص من قبضته ..
لكنها ..لم تقدر ..
صرخت في جنون : هدني , لااااااااااا , لا تلمسنييييييييي ..
ارتسمت الصدمة على محياه فامسك كتفيها بقوه و نظر الى عينيها و هو يهتف بحيرة قلقة : ريم حبيبتي , علميني واش فيك ؟؟ .
صرخت بالم و هي تحاول ان تتحرر منه : اقلك خلني .. رجعني الرياض الحين .. الحين ترجعني الرياض..
ما لك حق تلمسني .. خلني بروحييييييييي..
حدق فيها بدهشة : انتي واش جالسه تقولين ؟؟ ريم , انا زوجك سلطان ..
عضت على شفتها بالم و هزت راسها بانهيار .. لا .. لا ..
.
هو ..
ظن بان هناك شيئا مسها , تركها منذ ساعة لعمل ما و كانت بصحة جيدة ..
اذا ..
ما الذي اصابها الان !! لماذا هذا التحول ؟؟ و هكذا فجاة !!! ..
.
اجلسها بحنو على السرير هامسا: اجلسي , خليني اقرا عليك ..
هبت من مكانها و صرخت : لااااا , انا ما فيني شي , ما فيني شي ..
اشتعل غضبه فصاح : رييييم ..
تراجعت للخلف و هي تنظر اليه ثم توقفت ..
ابتلعت ريقها و ضمت كفيها الى صدرها و هي تشهق بالم هامسة: سلطان .. ان .. ان .. انا .. انا ..ان
قاطعها بلهفة : انتي ايش ؟؟ تعبانه ؟؟ حامل ؟؟ ايش بالضبط !!..
هزت راسها بانهيار هامسة بذات التردد : لا .. ان .. انا .. انا ..
اخ ..
اخ ..
اختك ..
.
انهت كلمتها وهي تجثو على ركبتيها , قبل ان تضع وجهها بين كفيها و تنخرط في بكاء مرير ..
نظر اليها بصدمة هاتفا: ريم !! ريم انتي واش جالسه تقولين !!!؟؟ ..
صرخت وهي تهز راسها : ااااااه , انا اختك يا سلطان , انا اختك من الرضاعه ..
انتفض غضبا وصرخ: واش هالكلام الفاضي اللي تقولينه ؟؟ ..
رفعت راسها اليه و الدموع تسيل هاتفة برجاء: و الله العظيم , و الله العظيم ..
نزل اليها و قبض على يدها بقسوة ..
صرخ في وجهها : انتي انهبلتي , من وين جايبه هالكلام الفاضي ؟؟
اقلك انا سلطان زوجك , تقوليلي اخوي بالرضاعه !!!! ..
خنقتها عبرتها
لم تستطع ان تنطق بكلمة
دموعها تحدثت عنها ..
و لكن سلطان
لم يفهم شيئا من حديثها ..
.
رفعت يدها الحرة و اشارت الى المكتب ..
التفت الى المكان الذي اشارت اليه و التقطت عيناه المظروف الابيض ..
ترك يدها بجفاء ثم نهض من مكانه بصمت و توجه ببطء الى المكتب ..
تناول المظروف بيده ..
فتحه ..
جذب باصابعه الاوراق المختبئة فيه ..
و تلك العينان الباكيتان تتبعانه في خوف ..
و ما هي الا لحظات ..
حتى
سقطت الاوراق من يده في صدمة , التفت اليها في حدة و الشرر يتطاير من عينيه ..
.
هي ..
ابتلعت ريقها بصعوبة و قلبها ينتفض بين ضلوعها ..
تحرك نحوها بهدوء مخيف ..
هتفت بتوتر شديد : انا ما ادري عن شي , واحد دخله من تحت باب الفيلا بعد ما طلعت , ما ادري مين , ما ادري ..
لم يعر بالا لحديثها بل واصل سيره نحوها بنفس الثبات المهيب ..
احست بالخطر يقترب فنهضت من مكانها بسرعة و ركضت ..
و لكن ..
: اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااه
تعالت صرختها عندما شعرت بخصلات شعرها تتمزق بين اصابعه..
جرها مع شعرها بكل قوته ثم صرخ في غضب و هو يهزها : يالحقيييره ..
صرخت بدورها و هي تحاول ان تحرر شعرها من قبضته القوية :
و الله ما ادري عن شي , هدنيييييييييي ..
زمجر بغضب كاسر و هو يهوي على وجهها بصفعة قاسية ..
شهقت في الم قبل ان يدفعها بكل قوته نحو الحائط ..
اصطدم راسها بعنف ..
و سقط جسدها النحيل على البلاط البارد ..
.
.
.
. .
. . .
.
.
.
.
فتحت عينيها ببطء , الصورة ليست واضحة امامها , عادت و اغمضتهما و هي تتاوه في الم واضعة كفها على راسها محاولة ان تخفف قليلا من الصداع الذي ينخر راسها ..
..
.
فجاة !!!!!..
سمعت صوتا من فوقها ..
رفعت بصرها بحدة الى الاعلى ثم جحظت عيناها رعبا وهي تصرخ في ارتياع :
: لاااااااااااااا , سلطااااان , لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااا
- رواية عبرات الحنين
- عبرات الحنين غرام