افضل مواضيع جميلة بالصور

الطفل بطئ الاستجابة

السؤال
اخي عمره 11 سنة، مستواه الدراسي سيء جدا جدا، حيث بدات مشكلته من الصف الاول، حيث كان استيعابه للدراسة بطيئا، واهملته المعلمة، كما اهملت غيره، مع العلم انه يستوعب اي شيء اخر بسرعة كبيرة، وقد قمت بتدريسه في البيت وينسى كل ما اقوم بتعليمه اياه، واحيانا يتذكره بسرعة عندما تكون له رغبة في الدراسة، واصبح سلوكه عدوانيا، ويفتعل المشاكل مع الكل، ويغار من اخويه الاصغر منه؛ لانهما متفوقان في الدراسة، ويستعمل الكلمات البذيئة، وايضا له تفكير اجرامي.

الاجابة

فنسال الله عز وجل ان يجزيك خير الجزاء على هذا الاهتمام الكريم باخيك، والذي يدل على استشعارك لهذه الامانة العظيمة، وهي رعاية هذا الاخ الصغير – حفظه الله تعالى ورعاه – لاسيما وهو لا زال في سن الطفولة، ولا زال بحمد الله قابلا للتقويم بصورة اكثر استجابة، وقد اشرت اشارة واضحة الى ان استيعابه بطيء، مضافا الى ذلك حصول بعض التصرفات الشاذة منه، وذلك كالسلوك العدواني نظرا لغيرته من اخوته، وكذلك استعمال الالفاظ البذيئة مع عامة اهله، وهذا الامر الذي اشرت اليه وهو ان استيعابه بطيء هي عبارة تحتاج الى اعادة نظر، فانك قد صرحت بانه عندما يريد ان يدرس ويكون له همة في ذلك فانه يحسن التحصيل بل ويجيب على السؤال بسرعة، ثم اشرت الى انه ايضا له استيعاب كامل لسائر الامور، فامر الدراسة هو الذي يشكل عليه، وهذا نابع من ارادته وحالته النفيسة فهو يكره الدراسة ويكره ان يجلس امام الكتاب، وحتى لو حاولت ان تدارسيه فانه يكون شارد الذهن.

وبمعنى اخر: فهو يجلس متضجرا مرغما على ان يستمع اليك نظرا لخوفه من العقوبة من والديه مثلا او من بعض اهله، فهذا هو الذي يرغمه على الدراسة واما في الحقيقة فذهنه شارد، ولذلك لا تجدين اثرا ظاهرا في الاستيعاب، بينما لو انه كان متفهما لحقيقة اهمية ان يدرس، واهمية ان يكون له تحصيل دراسي لوجدت الامر يختلف تماما، وهذا الامر وهو اهمية الدراسة ليس راجعا فقط الى طبيعة المعاملة التي يتلقاها من بعض المعلمات – عفا الله تعالى عنهن – ولكن هنالك سبب اصيل في هذا المعنى وان لم تشيري اليه – الا وهو الصحبة السيئة التي يجدها في محيطه الدراسي او في محيطه الاجتماعي، والدليل على ذلك: الالفاظ البذيئة التي اشرت اليها، فانه ما اخذها الا بالصحبة السيئة التي تدله على الشر وتنهاه عن الخير.

وما اكثر ان يقع هذا في الاطفال، لا سيما في مثل هذا السن، فالاصلاح اذن لابد ان يكون شاملا، فامر الدراسة هو امر يسير لو نظر الى السلوك العدواني الذي قد يتربى عليه الولد والذي قد يؤدي الى انحرافه في المستقبل، فلابد من مراعاة هذا الامر، ولا بد من تضافر الجهود لاسيما من والديه – ان وجدا – حتى تؤدي هذه الجهود ثمارها، فهذا الامر لابد ان يراعى فيه امانة الله جل وعلا، كما قال – صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الامام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في اهله ومسئول عن رعيته، والمراة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) متفق عليه.

واما الخطوات التي ينبغي ان تتبع في هذا الامر فاولها هو:

1- اللجوء الى الله جل وعلا في صلاحه وفي هدايته، وهذا هو شان عباد الرحمن الذين حكا الله جل وعلا من دعائهم: {ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما}. وكذلك قال العبد الصالح الذي اثنى الله جل وعلا بقوله: {رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين}. ها هو دعاء ابراهيم الخليل لاولاده بان يجعلهم من الصالحين وبان يجنبهم الشرك بالله وان يجعلهم مقيمي الصلاة؛ ولذلك حكا الله تعالى ذلك عنه بقوله: {واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد امنا واجنبني وبني ان نعبد الاصنام}. وقال في دعائه الخاشع المخبت المنيب ايضا: {ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}. وقال ايضا في نفس الدعاء: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء}.

فتاملي هذا الحرص العظيم كيف يدعو لذريته ويحرص على صلاحهم، فسال الله لهم صلاح الدين والدنيا معا، فلابد من الدعاء له وسؤال الله جل وعلا الهداية له لاسيما من الوالدين فان الدعاء من الوالدين مستجاب كما خرجه الامام احمد في المسند عن النبي – صلى الله عليه وسلم – انه قال: (ثلاث دعوات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده). والخطوة الثانية يا اختي هي:

2- قطع الصحبة السيئة، فلا بد ان يكون في محيط صالح، فكل محاولة للاصلاح مع وجود الصحبة السيئة التي يختلط بها اختلاطا قويا هي محاولة، اما ضعيفة لا تؤتي ثمارها المرجوة او لا اثر لها اصلا، فلا بد ان تلتفتي الى هذا، فان للصحبة السيئة تاثيرا بالغا عليه، فلابد – يا اختي – من ان يراعي فيه ان تنتقى له هذه الصحبة، والا يسمح له بمخالطة الاشرار لاسيما ممن هم اكبر منه سنا، فانك بعد مدة من الزمان قد تجدينه قد تعلم التدخين – والعياذ بالله عز وجل – او قد تجدينه تعلم بعض العادات السيئة او قد اصبح ينظر الى المحرمات من الافلام والصور وغيرها، فلابد اذن من مراعاة هذا الامر.. نعم هو صغير ولكن قد يتعرف على بعض الفاسدين ممن هم في عمره او يكبرونه فيحصل له تاثر بالغ في هذا.

فان قلت: فكيف ننتقي له هذه الصحبة؟ فالجواب: بان يشجع على صحبة من ترون فيهم الاخلاق الفاضلة من اقربائه مثلا او من جيرانه، ولا مانع ان يشجع على ذلك باساليب كان يدعى هؤلاء الاولاد الى البيت او يقوم هو بزيارتهم في بيوتهم، وافضل ما تقومون به في هذا الباب ان يقلل من قدر خروجه الى الشارع للعب مع الاولاد، فان امكن ان يكون كثيرا من وقته في داخل بيت اهله فهذا هو المطلوب، فانكم بذلك تقللون الضرر كثيرا عليه، وايضا فمتابعته في المدرسة هو امر مطلوب، والسؤال عنه ومعرفة من يصاحب، فهذا امر لابد منه يا اختي، وعلى قدر مراعاتكم لهذه الخطوة على قدر نجاحكم – باذن الله عز وجل – فاستعينوا بالله ولا تعجزوا عن هذا الامر. والخطوة الثالثة:

3- ان يكون هنالك قدر من التوعية والتبصير، فمثلا خذي – يا اختي – اسلوبا حسنا في هذا: فاشتري له هدية لطيفة يحبها ثم اجلسيه واعطيه هديته ثم كلميه بلطف ومحبة وبيني له انك تودين ان يكون في المستقبل – باذن الله عز وجل – صاحب تخصص جميل يجعله محترما بين الناس، فقولي له: ما احسن ان تكون في يوم من الايام طبيبا تعالج الناس او تكون شيخا تعلمهم الدين والايمان وتدلهم على طاعة الرحمن او تكون معلما تعلم اولاد المسلمين وتنورهم بالعلم النافع، فانت – ان شاء الله – ستكون كذلك، فلابد ان تحرص على دراستك ولابد ان تبذل جهدك فيها، لا تنظر الى هؤلاء السفهاء الذين لا يهتمون بدراستهم والذين بعد ذلك سيندمون ويصبحون من المخفقين الذين لا عمل لهم ولا احترام لهم بين الناس، وانظر الى فلان من الاولاد الصغار كيف انه غير مؤدب واخلاقه سيئة، وانت ينبغي ان تكون صاحب خير وفضل مثل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومثل اصحابه..

فبمثل هذا الكلام – يا اختي – تزرعين في نفسه الخير والفضل، ومرة على مرة سيحصل المقصود – باذن الله عز وجل – فلا تيئسي من ذلك. والخطوة الرابعة:

4- استخدام الاساليب التربوية الممكنة في هذا، فمثلا يمكن ان يشاهد بعض المشاهد التي تعرض الاخلاق الاسلامية على هيئة رسوم متحركة مثلا، فان هذا يؤثر في النفس ويعين على تحصيل بعض الاداب من ذلك، وفي الشبكة الاسلامية ركن الطفل قدر صالح من ذلك لو استطعتم ان يطلع عليه، فلعله ان يتاثر به.

ومن هذا ايضا: ايجاد بعض الوسائل العلمية الاخرى التي تجعله متحفزا لطلب معالي الامور كان يشاهد مثلا بعض افلام الكرتون التي تتعلق ببعض قادة المسلمين كطارق بن زياد، وصلاح الدين، وبعض القصص الاسلامية التي احسن اخراجها على هيئة تربوية وهي موجودة ولله الحمد، فهذا امر ينبغي ان يراعى ايضا، وفي المقابل ان تنتقلوا الى الخطوة الخامسة وهي:

5- مراقبة المواد التي يطلع عليها فانه قد يطلع على بعض المواد الفاسدة في هذا الامر، وهذا امر لا بد ان تنتبهوا اليه، سواء كان ذلك مقروءا او كان مرئيا، فهذا امر يا اختي لابد ان يولى العناية حتى تضبطوا الامر قبل ان يتفاقم. والخطوة السادسة في هذا:

6- ان يكون هنالك تنمية ايمانه وتقوية لقربه من الله جل وعلا، وذلك باشراكه في مركز لتحفيظ القران، ولاخذه لصلاة الجماعة، فالمقصود هو تنمية ايمانه وشعوره بقربه من ربه فان لهذا اثرا بالغا بل هو اعظم الاثر في تكوين سلوكه واخراجه من حالة التسيب الذي قد تكون لديه.

واما عن الشتم والالفاظ البذيئة التي يستعملها فهذا امر لابد ان يستخدم فيه اسلوبين: اسلوب التفهيم والتوعية – كما اشرنا – وكذلك اسلوب الزجر الذي يردعه عن استخدام هذه الالفاظ، لاسيما وانه اذا اعتاد لسانه عليها فانه قد يتساهل فيها امام الناس فيحرجكم ويوقعكم في احراج كبير خاصة وانه ليس بصاحب سن صغيرة، فلابد اذن من الانتباه الى تظافر من جميع الاسرة في هذا الامر.

السابق
ما هو الدبر عند المراة
التالي
مفرش دائري من الخرز