النمام : هو الشخص الذي يقوم بنقل الكلام من شخص الى شخص اخر بدافع اثارة الفتنة والمشاكل بينهما وعادة ما يكون النمام شخصا وضيعا وحقيرا يكرهه الناس ويكون على عداوة مع اقرب الناس اليه وهو يظهر دائما بمظهر المصلح بين الناس ..
وقيل : هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الافساد…
قال الله تعالى ( ولاتطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم )
وحسبك بالنمام خسة ورذيلة سقوطه وضعته ، والهماز الغماز الذي ياكل لحوم الناس الطاعن فيهم ..
قال الحسن البصري : هوالذي يغمز باخيه في المجلس ، وهو الهمزة اللمزة ..
وقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : العتل الفاحش السيئ الخلق ..
وقال بن عباس : العتل الفاتك الشديد المنافق ..
وقال عبيد بن عمير : الزنيم هو الذي لايعرف من هو ابوه قال الشاعر :
زنيم ليس يعرف من ابوه
……………بغي الام ذو حسب لئيم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لايدخل الجنة نمام ”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لايدخل الجنة قتات ” والقتات هو النمام ..
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مر بقبرين وقال :” انهما يعذبان وما يعذبان في كبير اما احدهما فكان يمشي بالنميمة ، واما الاخر فكان لايستنزه من البول ”
قال الامام ابو حامد الغزالي : النميمة انما تطلق في الغالب على من ينم قول الغير الى المقول فيه ، كقوله : فلان يقول فيك كذا ..
وينبغي لمن حملت اليه النميمة ان لايصدق من نم اليه ، لان النمام فاسق مردود الخبر وان ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح فعله ويبغضه في الله تعالى ..
وسعى رجل الى بلال بن بردة برجل وكان امير البصرة فقال له : انصرف حتى اكشف عنك ، فكشف عنه فاذا هو ابن بغي ..
قال ابو موسى الاشعري رضي الله عنه : لاينم على الناس الا ولد بغي ..
ويدخل في ذلك السعاية الى السلطان والى كل ذي قدرة فهي المهلكة والحالقة لانها تجمع الخصال الذميمة من الغيبة ، وشؤم النميمة ، والتغرير بالنفوس والاموال في النوازل والاحوال،وتسلب العزيز عزه، وتحط المكين عن مكانته ،والسيد عن مرتبته ، فكم دم اراقه سعي ساع ،وكم محرم استبيح بنميمة نمام ، وكم من صفيين تباعدا وكم من متواصلين تقاطعا ، وكم من محبين افترقا ،وكم ن الفين تهاجرا،وكم من زوجين تطالقا،فليتق الله ربه عز وجل امرء ساعدته الايام ان يصغي لساع او يستمع لنمام !!
ووجد في حكم القدماء : ابغض الناس الى الله المثلث ، قال الاصمعي هو النمام يسعى باخيه الى الامام فيهلك نفسه ، واخاه ، وامامه.
وقال بعض الحكماء : احذروا اعداء العقول ، ولصوص المودات ، وهم السعاة والنمامون ، اذا سرق اللصوص المتاع ، سرقوا المودات ..
وفي المثل السائر : من اطاع الواشي ضيع الصديق..
وقد تقطع الشجرة فتنبت،ويقط اللحم السيف فيندمل ، ولكن اللسان لايندمل جرحه..
ودفع انسان رقعة الى الصاحب بن عباد يحثه فيها على اخذ مال يتيم ، وكان مالا كثيرا فكتب اليه على ظهرها : النميمة قبيحة وان كانت صحيحة ، والميت رحمه الله ، واليتيم جبره الله ،والساعي لعنه الله ،ولاحول ولاقوة الا بالله ..
قال صالح بن عبدالقدوس :
قل للذي لست ادري من تلونه
…………… اناصح ام على غش يناجيني
اني لاكثرمما سمتني عجبا
……………يد تشج واخرى منك تاسيني
تغتابني عند اقوام وتمدحني
…………… في اخرين وكل عنك ياتيني
هذان شيئان قد نافيت بينهما
……………فاكفف لسانك عن شتمي وتزييني
وقال الشاعر :
ويوم كاخلاق الملوك تلونا
……………فصحو وتغييم وطل ووابل
اشبهه اياك يامن صفاته
……………دنو،واعراض ،ومنع ،ونائل
وكلم معاوية رضي الله عنه الاحنف في شئ بلغه عنه فانكره الاحنف، فقال له معاوية بلغني عنك الثقة فقال له الاحنف : ان الثقة لايبلغ مكروها ..
وكان الفضل بن سهيل يبغض السعاية ،واذا اتاه ساع يقول له : ان صدقتنا ابغضناك ،وان كذبتنا عاقبناك ،وان استقلتنا اقلناك ..
وقد كتب الفضل في جواب كتاب لساع : نحن نرى ان قبول السعاية شر من السعاية، لان السعاية دلالة ،والقبول اجازة ،وليس من دل على شئ ، واخبر به كمن قبله واجازه فاتقوا الساعي فانه لو كان في سعايته صادقا ، لكان في صدقه لئيما ، اذ لم يحفظ الحرمة ، ولم يستر العورة ..
وقيل : من سعى بالنميمة حذره الغريب ، ومقته القريب .
وقيل : ان رجلا باع غلاما عنده فقال للمشتري : ليس فيه عيب الا انه نمام، فاستخفه المشتري فاشتراه على ذلك العيب فمكث الغلام عنده اياما ثم قال لزوجة مولاه : ان زوجك لا يحبك وهو يريد ان يتسرى عليك، افتريدين ان يعطف عليك ؟ قالت: نعم، قال لها: خذي الموس واحلقي شعرات من باطن لحيته اذا نام، ثم جاء الى الزوج، وقال : ان امراتك اتخذت صاحبا وهي قاتلتك!! اتريد ان يتبين لك ذلك ؟ قال : نعم، قال : فتناوم لها، فتناوم الرجل، فجاءت امراته بالموس لتحلق الشعرات، فظن الزوج انها تريد قتله، فاخذ منها الموس فقتلها، فجاء اولياؤها فقتلوه، وجاء اولياء الرجل ووقع القتال بين الفريقين…
وقال المامون : النميمة لاتقرب مودة الا افسدتها ،ولاعداوة الا جددتها ،ولاجماعة الا بددتها ، ثم لابد لمن عرف بها ونسب اليها ان يجتنب ويخاف من معرفته ولايوثق بمكانه وانشد بعضهم :
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه
……………على الصديق ولم تؤمن افاعيه
كالسيل بالليل لايدري به احد
……………من اين جاء ولا من اين ياتيه
الويل لعهد منه كيف ينقضه
……………والويل للود منه كيف يفنيه
وقال اخر :
يسعى عليك كما يسعى اليك فلا
……………تامن غوايل ذي وجهين كياد
وقال اخر :
ان يعلموا الخير اخفوه وان علموا
……………شرا اذاعوا وان لم يعلموا كذبوا
وقال اخر :
ان يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا
………….. مني وما سمعوا من صالح دفنوا
صم اذا سمعوا خيرا ذكرت به
……………وان ذكرت بسؤ عندهم اذنوا
وقال الحسن : ستر ماعاينت ، احسن من اشاعة ماظننت ..
وقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه : من سمع بفاحشة فافشاها فهو كالذي اتاها ..
واخيرا يجب علينا الحذر من سعاة الضلال الذين يفسدون بين الناس بنشر الكذب والافتراء والاشاعات وهدفهم تفريق وشتات الاحبة ويجب علينا ان نتبين قبل الحكم على الاخرين وظلمهم اذا ماوجهنا بعضا من الوشاة قال الله تعالى ( ياايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين )
كما يجب علينا حفظ الستنا عما لاطائل من نقله والحديث فيه لانه ربما يجرنا ذلك الى السعاية بالنميمة دونما قصد منا قال صلى الله عليه وسلم :” من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ”
هذا وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ..
