افضل مواضيع جميلة بالصور

التفريق بين الناس

المبحث الحادي عشر: التفريق بين المسلمين من غايات واهداف المنافقين والكافرين واعداء الدين: ما زال اعداء الدين منذ ان بزغت فجر الرسالة المحمدية يكيدون المكائد للاسلام واهله, ويحملون الغل والحقد على هذا الدين ويحاولون جاهدين صد الناس عن الحق المبين واضعاف المسلمين لانهم يعلمون ان قوة المسلمين تعني اضعافهم وتنحيتهم عن القيادة والسيادة للبشرية … فعبثا يحاول المسلمون استرضاءهم لانهم لن يرضوا ابدا مهما قدم المسلمون من تنازلات دنيوية ولن يرضوا الا بالتنازل عن هذا الدين العظيم يقول الله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل ان هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير [ البقرة: 120] <br/> انظر ((تفسير ابن كثير)) (1/155). .

ويقول الله عز وجل ثناؤه: ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى ياتي الله بامره ان الله على كل شيء قدير [ البقرة: 109]. ففي هذه الاية يحذر الله عباده المؤمنين من سلوك طريق الكفار من اهل الكتاب ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم <br/> انظر ((تفسير ابن كثير)) (1/ 146). .
ومن اساليب الكفار في الصد عن هذا الدين العظيم ومحاولاتهم لاضعاف المسلمين ما يسعون لتحقيقه جاهدين ببث الفرقة والاختلاف في المجتمع المسلم وافساد ذات البين اذ من اكثر ما يؤزهم الجسد الواحد المسلم البناء المتراص المتحاب ولقد كانت محاولاتهم للتفريق منذ العهد النبوي ويسجل القران ذلك لينتبه المسلمون في حاضرهم ويعتبرون بما حصل من اعدائهم في السابق اذ ما زالوا يسعون لتحقيق الهدف نفسه: التفريق بين المسلمين يقول الله تعالى: قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من امن تبغونها عوجا وانتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون [ ال عمران: 99].
ففي هذه الاية توبيخ ووعيد من الله تعالى للكفرة من اهل الكتاب على عنادهم للحق وكفرهم بايات الله وصدهم عن سبيل الله من اراده من اهل الايمان بجهدهم وطاقتهم <br/> انظر ((تفسير ابن كثير)) ( 1/ 365) . .
وهم في ذلك يلتمسون لسبيل الله الزيغ والتحريف ويريدون رد الايمان والاستقامة الى الكفر والاعوجاج ويطلبون العدول عن القصد <br/> انظر ((زاد المسير)) لابن الجوزي (1/ 430). ويريدون لاهل دين الله الضلال <br/> انظر ((تفسير الطبري)) ( 4/ 16). .
ويروي محمد بن جرير الطبري رحمه الله سبب نزول هذه الاية: وهو انه مر شاس بن قيس وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاضه ما راى من جماعتهم والفتهم وصلاح ذات بينهم على الاسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال: قد اجتمع ملا بني قيلة بهذه البلاد والله مالنا معهم اذا اجتمع ملؤهم بها من قرار فامر فتى شابا من اليهود وكان معه فقال : اعمد اليهم فاجلس معهم وذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله وانشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فهي من الاشعار وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الاوس والخزرج وكان الظفر فيه للاوس على الخزرج ففعل فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا, ثم قال احدهما لصحابه: ان شئتم والله رددناها الان جذعة, وغضب الفريقان وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة فخرجوا اليها وتحاور الناس فانضمت الاوس بعضها الى بعض والخزرج بعضها الى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج اليهم فيمن معه من المهاجرين من اصحابه حتى جاءهم فقال: ((يا معشر المسلمين الله الله، ابدعوى الجاهلية وانا بين اظهركم بعد اذ هداكم الله الى الاسلام واكرمكم به وقطع به عنكم امر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر بعد اذ هداكم الله الى الاسلام والف به بينكم ترجعون الى ما كنتم عليه كفارا)) فعرف القوم انها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فالقوا السلاح من ايديهم وبكوا وعانق الرجال من الاوس والخزرج بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين قد اطفا الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس وما صنع.
وهذه المحاولات لاضعاف المسلمين وتفريقهم على مبدا “فرق تسد” ليست قاصرة على الاعداء من الخارج بل هناك اعداء اخطر منهم اعداء ينخرون في المجتمع من الداخل: انهم المنافقون الذين ذكرهم الله في كتابه وحذر منهم وبين شنيع افعالهم وفضح مخططاتهم التي يستهدفون بها الاسلام واهله فكان منهم الارجاف والتخذيل للمسلمين وبث الخوف من الاعداء بين المجتمع المسلم ليتنازل عن حقه ودينه يقول الله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لاخوانهم هلم الينا ولا ياتون الباس الا قليلا [ الاحزاب: 18]. ويقول ايضا: يا ايها الذين امنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم اذا ضربوا في الارض او كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير [ال عمران: 156] .
وهذا الارجاف والتخذيل وبث الانهزامية في نفوس المسلمين يفعله المنافقون بدافع الحسد والحقد لابناء المجتمع المسلم واشد ما يكدرهم وينغص عليهم فرحتهم ان يصيب المسلمين خير يقول الله تعالى: هاانتم اولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله واذا لقوكم قالوا امنا واذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور ان تمسسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ان الله بما يعملون محيط [ال عمران:119 120 ].
واقصى ما يتمنونه: اخراج المسلمين من الاسلام الى الكفر حالهم حال اعداء الدين من اليهود والنصارى يقول الله تعالى عنهم: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم اولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فان تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا [ النساء: 89].
ولقد سعى المنافقون جاهدين لافساد ذات البين والعمل على تفريق جماعة المسلمين وبث الخلاف في كلمتهم وتفكيك وحدتهم شانهم شان كل عدو حاقد لهذا الدين.
يقول الله تبارك وتعالى: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن ان اردنا الا الحسنى والله يشهد انهم لكاذبون لا تقم فيه ابدا لمسجد اسس على التقوى من اول يوم احق ان تقوم فيه فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المطهرين [التوبة:107-108] وسبب نزول هذه الايات الكريمات انه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليها رجل من الخزرج يقال له ابو عامر الراهب وكان قد تنصر في الجاهلية وقرا علم اهل الكتاب وكان فيه عبادة في الجاهلية وله شرف في الخزرج كبير فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا الى المدينة واجتمع الى المدينة المسلمون عليه وصارت للاسلام كلمة عالية واظهرهم الله يوم بدر شرق اللعين بريقه وبارز بالعداوة وظاهر بها وخرج فارا الى كفار مكة من مشركي قريش يمالئهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا بمن وافقهم من احياء العرب وقدموا عام احد فكان من امر المسلمين ما كان ولما فرغ الناس من احد وراى امر الرسول صلى الله عليه وسلم في ارتفاع وظهور ذهب الى هرقل ملك الروم يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم فوعده ومناه واقام عنده وكتب الى جماعة من قومه من الانصار من اهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم انه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه, وامرهم ان يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لاداء كتبه ويكون مرصدا له اذا قدم عليهم بعد ذلك فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء فبنوه واحكموه وفرغوا منه قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى تبوك وجاءوا فسالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ياتي اليهم فيصلي في مسجدهم ليحتجوا بصلاته فيه على تقريره واثباته وذكروا انما بنوه للضعفاء منهم واهل العلة في الليلة الشاتية فعصمه الله من الصلاة فيه, فقال: ((انا على سفر ولكن اذا رجعنا ان شاء الله)) فلما قفل عليه السلام راجعا الى المدينة من تبوك ولم يبق بينه وبينها الا يوم او بعض يوم نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي اسس من اول يوم على التقوى فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة <br/> ((تفسير ابن كثير)) ( 2/ 371) وانظر ((اسباب النزول)) للواحدي ( 219) ((تفسير القرطبي)) (8/ 161) ((السيرة النبوية)) لابن هشام ( 4/ 128) ط / مكتبة الكليات الازهرية . .
فانظر رعاك الله وتامل سبب نزول هذه الايات وكيف حرص المنافقون على تفريق المسلمين باتخاذ مسجدا ضرارا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كفرا بالله ومحادة لرسول صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه بعض المؤمنين دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا <br/> انظر ((تفسير الطبري)) (11/ 18). يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : ” لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء خرج رجال من الانصار فبنوا مسجد النفاق <br/> ((تفسير الطبري)) (11/19) . ويقصد بمسجد النفاق: مسجد الضرار المذكور في الاية.
وهؤلاء المنافقون رغم اعمالهم الشنيعة وافعالهم المفضوحة ما زالوا يحاولون الاستتار واظهار خلاف ما يبطنون لذلك دائما يزعمون الاحسان ويرفعون شعار الاصلاح لتروج اكاذيبهم وتنطوي حيلهم وخدعهم على ضعاف الايمان وعلى قليلي العلم لذلك زعموا ان قصدهم من بناء هذا المسجد كل خير واحسان فقالوا: وليحلفن ان اردنا الا الحسنى <br/> انظر: ((تفسير الطبري) (11/18) .
ولكن هيهات ان تنطلي حيل المنافقين واكاذيبهم على رب العالمين ولا على عباده العالمين بقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
لذلك نهى الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم والامة تبع له في ذلك عن ان يقام في هذا المسجد الضرار اي : يصلي فيه ابدا فقال: لا تقم فيه ابدا.
ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء الذي اسس من اول يوم بنائه على التقوى: وهي طاعة الله وطاعة رسوله وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقلا وموئلا للاسلام واهله فقال سبحانه: لمسجد اسس على التقوى من اول يوم احق ان تقوم فيه [التوبة : 108 ] <br/> انظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/372) بتصرف.
فها هي ذا الحوادث والوقائع منذ القرن الاول للاسلام ومحاولات اعداء الدين في تفريق المسلمين التي سجلها القران الكريم كل ذلك نهيا للامة عن الفرقة وتحذيرا منها فهل يدفع ذلك المسلمين الى الاتحاد وجمع الكلمة وراب الصدع؟ وهل تستفيق الامة من غفلتها؟ وتعمل على توحيد صفوفها اذ في ذلك قوتها واعلاء لدينها وغيظ ودحر لعدوها اسال الله ذلك فالمستقبل للامة مشرق والوعد الرباني محقق كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من امتي ظاهرين حتى ياتيهم امر الله وهم ظاهرون)) <br/> رواه البخاري (7311)، ومسلم (1921). من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

السابق
فستان زفاف نانسي عجرم
التالي
حقيبة المصمم لشهر رمضان 2024