افضل مواضيع جميلة بالصور

روايات الغجر


غابة الغجر
كانت السيارة تسير علىمهل الطريق الساحلي تجلس خلف مقودها فتاة جميلة تتاملروعة المشهد الطبيعي هضابخضراء تمتزج اطرافها برمال الخليج الصغير الذهبية وتحجب قسما منها اشجار عاليةمورقة.
كانت لين سلدن تنوي قضاء العطلة في ايرلندا الجنوبية برفقة صديقة لهالكنصديقتها اعتذرت عن المجئ فقررت لين المضي في رحلتها وحدها. انتقلت منانجلتراالى ايرلندا بحرا وبذلك تمكنت من شحن سيارتها على الباخرةنفسها.
امضت الفتاه الى الان عشرة ايام رائعة تتنقل في ارجاء ايرلنداالخضراءالساحرة . جمال الطبيعة انساها وحدتها فلم تكن تتذكر ذلك الا عندرجوعها فيالمساء الى الفندق لتخلد الى النوم. وبعد ان امضت لين يومها في مدينةدونيغالاستعدت للعودة على الفندق الواقع في اطراف المدينة لتتوجه في الصباحالباكرجنوبا نحو دانليرى حيث ستستقل الباخرة بعد ايام عائدة علىانجلترا.
اوقفت السيارة الى جانب الطريف و اخرجت من حقيبتها خريطة المنطقةعيناهاتحدقان في الخريطة في حين ان فكرها شارد في امور اخرى و خاصة في عرضالزواجالذي تلقته قبل اسبوعين من زميلها في العمل توماس انه شاب لطيف و مهذبلكنهلا يتمتع باية جاذبيه لا بل هو كما وصفته احدى زميلاتها بليد و مثير للضجروعدته لين بالتفكير جديا في الامر لانها بدات تشعر بالملل من العيش وحيدة فلاباس بفكرة الاستقرار مع رجل طيب رقيق لبناء عائلة صالحة.
الى جانب ذلكهناك سبب اخر يجعل لين تاخذ في الاعتبار عرض الزواج و هو شعورهابالاسف نحوتوماس الذي فجع خيانة زوجته له و انفصالهما بالطلاق وجدت الفتاهمعاناة قواسممشتركه مع ما تعرضت له حياتها العائلية تمتعت ليت بطفولة سعيدةبين والدينمحبين و في منزل وافر الامان لكن والديها انفصلا عن بعضهما و هيلم تتجاوز بعدالسبعة عشر ربيعا بعد ما وجدا ان طريق كل منهما يختلف عن طريقالاخر و خلالثلاث اعوام تزوجت امها من رجل امريكي و هاجرت معه الى امريكاكما ان والدهاتزوج من سيدة اقنعته بالهجرة الى استراليا و هكذا اصبحتلين وحيدة و هي فيالعشرين و تعيش دون عائلة لذلك قررت ان تجد الرجل الذيينتشلها من عذابها ويقاسمها حياة هنيئة.
ايكون هذا الرجل توماس؟؟ سؤال لم تجد له بعد جواباشافيا تنهدت و هي تقودالسيارة و في طريق فرعي ضيق محاط بالاشجار العالية بعدان توغلت بضعة كيلومترات وصلت الى غابة كثيفة تقع في وسطها بحيرة جميلة يقومقربها مخيم للغجروجود جماعات الغجر في ايرلندا امر مالوف اكثر من وجودهم فيانجلترا غريب امهؤلاء القوم يتنقلون من مكان الى اخر لا يحبون الاستقرار كبقيةالبشر يبحثونعما لا يجدون فيستمرون في التجوال.
فجاة اذ تجاوزت السيارةاولى عربات الغجر اصدر المحرك صوتا قويا ثم توقفترجلت لين من السيارة و التفحولها عدد من الاطفال الفضوليين ثم تقدمت منهاغجريتان فيما هي منهمكة بالنظرعلى المحرك تحاول عبثا معرفة سبب العطل و برزمن بين الجميع شاب اسمر اللونعارضا المساعدة رفعت لين عينيها لترى شاب طويلمفتول العضلات اسود العينين اجعدالشعر نظراته ثاقبه ارعبتها فبلعت ريقها منالخوف.
قالت له اخيرا:-
– تعطل محرك سيارتي.
– هل نفذ منها الوقود؟؟اومات لين بالنفي و اجابت:

– الوقود فيها اكثر من كاف00وجدت الفتاة نفسها تحدق لاحظت تعاليا و غطرسة في هذهالملامح يجعلانه مختلفاعن بقية قومه فالغجر عادة اناس بسطاء متواضعون علمهمالفقر ان الخضوع هوالوسيلة الوحيدة لكسب ارزاقهم.
– بما ان الوقود متوافرلا اعلم سبب الداء. نحن نستعمل الجياد لا السياراتلذلك خبرتي في محركات ضعيفةجدا كل ما يمكنني فعله هو ارسال احد على المدينةلاحضار ميكانيكيا.
هذا لطفكبير منك , لكنني ساتدبر الامر وحدي فلا داع للازعاج0هز الرجل كتفيه علامة عدمالاكتراث , لكن لين كانت تدرك انه كاذب من خلالنظراته الشغوفه و الفاحصة. ولانها لمحت شابا يتوجه على حصانه نحو المدينةليحضر ميكانيكيا0شعرتبالحرج و هي واقفة بين هؤلاء الغجر0 فبدات تتمشى حتى ابتعدت عن المخيمفي طريقموحش تحيط بجانبيه خضرة عذراء تبدو من خلالها مياه البحيرة مراهتنعكس علىصفحتها بفرح اشعة الشمس الذهبية.
و بينما هي تتامل شاعرية المكان و سحر وجوهالغامض سمعت وقع خطى تتقدم منهاعلى مهل فارتعدت علمت انه الغجري الاسمر تراءتلها اشياء كثيرة مرعبة اذ راتهيقترب منها بكل ثقة و خانتها شجاعتها حتى كادتتصاب بالاغماء.
تحدث الشاب بنبره امره:
– انت انجليزية اليس كذلك؟؟ ظننت فيالبدء انك اميركية.
توقف عن الكلام و اقترب من الفتاه عضلاته القوية يبرزهاقميصه الاسود الضيق و
(( غجريته)) يدل عليها الشال الاحمر القذر الملفوف حولعنقه لو اراد فنان رسممتشرد لوجد فيه النموذج الامثل ارتجفت لين لتراودها فكرةالفرار و لكن الغجريلم يدع لها الفرصة لتجد منفذا تقدم منها بغته و اطبق علىذراعها دافعا اياهاالى مكان كثيف الاشجار خلال ثوان صارت بين ذراعيهالقويتين.
صرخت باعلا صوتها:
– ايها الوحش!!
لم يابه الرجل لكلماتها بلطوقها ضاحكا و كان مقاومتها تزيد لعبته اثارة وبينما هم يهم بطرحها ارضا داساحدهم على غصن يابس فسمع صوت انكساره عالياالتفت الرجل و هو يزمجر غضبا لتظهرفتاه غجرية جميلة يتطاير الشرر منعينيها:-
– الم تشبع من افعالك القبيحةبعد؟؟ دع الفتاه و شانها ايها الوقح!!
ذهلت لين لاطاعة الرجل الشرير اوامرالغجرية من دون نقاش و ما كاد يحرر يدهاالمليئة بالخدوش حتى اطلقت ساقيهاللريح.
جلست لين تفكر في كيفية افلاتها من قبضة الغجري الاسمر و لحسن حظهاوجدتاتوبيسا اقلها على الفندق في المدينة و من هناك اتصلت هاتفيا بجراجللسياراتفتكفل الميكانيكي باصلاح السيارة و جلبها في اليوم التالي بعد ان تبينانالعطل كان بسيطا للغاية.
سارعت لين بعد ذلك على مغادرة المنطقة وساهم انتقالها بين الطرقات الجميلةعلى نسيان الحادثة الاليمة فاستعادت روحهاالمرحة و رغبتها في اكتشاف المزيدمن ايرلندا.
وصلت على منطقة تدعى لاف كوريب حيث وجدتالمشاهد رائعة تحبس الانفاس الجبالالمراعي الواسعة البحيرات الغابات ..كلهامناظر خلابة تسحر الالباب تمتعالعين و النفس و ترحب بانسان المدينة التعبلينفث في رحابها الهموم وصلت علىواد اخضر تبحث عن مكان تمضي فيه ليلتها ووفقتفي العثور على المكان الملائممزرعة صغيرة يستقبل اصحابها النزلاء في جناح خاصمقابل مبلغ القليل من المال.
اوصلتها المراه صاحبه المزرعة الى غرفتهاالبسيطة النظيفة و اطللت لين منالنافذة لتشاهد المنظر الجميل و الجبال تكسوهاالغابات الكثيفة ثم لاحظتمدخنة بعيدة في وسط جبل اخضر.
سالت لين المراة وهي تشير الى المدخنة:-
– هذا بيت في الجبل؟؟ اظن اني رايت مدخنة.
– نعم هذاقصر السيد دوغى.
لاحظت الفتاة تغير في نبرة المراه التي تابعت تقول:
– السيددوغى هو مالك كل هذه الاراضي و قد ورثها عن والده الذي كان الحاكمالاقطاعىللمنطقة بناء فخم تحيط به حدائق رائقة.
– هل يسمح للجمهور بزيارة الحدائق؟؟
– نعم الابواب تفتح للزوار يومي الثلاثاء وو السبت.
– اود لو سمحت يا سيدتي اناحجز هذه الغرفة ليومين.
– امرك انسة سلدن بامكانك حجزها المدة التي تريدينهنالك اشياء كثيرة يمكنكالقيام بها في هذه المنطقة باستطاعتك مثلا اذا كنتتجيدين ركوب الخيل استئجارجواد من مدرسة الفروسية و التوجه الىالغابات.
اعجبت لين بهذه الفكرة فهي لا تزال تجيد الفروسية التي تعلمتها ايامالطفولة.
انطلقت لين ظهر السبت صوب الحدائق قصر دوغي و بعد ان سلكت بسيارتهاطريقامنحدرا وصلت الى سفح التلة التي يقوم عليها القصر و بدات بالصعود نحوهالى انبلغت سورا كبيرا في وسطه بوابه مفتوحة يقف بجانبها حارس يرتدي ثياباانيقة.
دخلت الى موقف مخصص لسيارات الزوار بعد ان دفعت مبلغا صغيرا يذهب الىالاعمالالخيرية.
اخيرا وجدت لين نفسها تتجول في هذه الجنة اينما نظرتوجدت جمالا و بهاء ممراتتظللها اشجار سخية برك ماء صغيرة تغطيها الزنابق جداولتتدحرج بين الصخورتعلوها جسور خشبية صغيرة مكسوة بالنبات المتسلق تماثيل بديعةوسط نوافيرالمياه و تشكيلات من اجمل الزهور و ازهاها توقفت لين مرارا لتقرااسماءالاشجار و الازهار النادرة فتحت كل مجموعة وضعت لوحة صغيرة فيها شروحاتموجزةعن النوع كما قرات على احدى اللوحات ان شرفات الجهة الجنوبية من القصرصممتهاالسيدة موريل زوجة الكونت دوغى حاكم المنطقة في القرن التاسععشر.
وصلت لين خلال تجوالها غالى حديقة مليئة باشجار الزيزفون و شجيرات اخرىاجنبية مستوردة من القارة الاميركيه 0حديقة اقل ما يقال فيها انها فاتنه جعلتالفتاه تنسى كل شي و تعتبر ان العالم تقلص كثيرا ليصبح هذا المكان الخلابالذي لا موطئ قدم فيه الحزن او لهم لم تتمكن من كتم شعور بالحسد تجاه مالكىالقصر و تمنت لو تكون مكانهم.

حان وقت العودة الى الفندق و تساءلت لين: كيف يتمكن سكان القصر من حبس انفسهمفي الداخل عندما تفتح الابوابللزوار.
فيما هي متوجهه الى البوابة الرئيسية لاحظت لين مجموعة من الزوارملتفين حولنافذة من نوافذ القصر تقدمت منهم يدفعها فضول الاكتشاف فسمعت الحوارالدائربينهم.
قالت السدة المتوسطة العمر:
– هذه اللوحة تمثلوالدته.
علقت السيدة الاخرى:
– لقد كانت رائعة الجمال.
– من المؤسف انهااقدمت على هذا العمل!
– يقال ان علما اسود رفع على شرفات القصر بعد الحادث.
– و ما معنى ذلك؟؟
– معناه انها اعتبرت ميته بالنسبة لعائلتها بعد العار الذيسببته لهم.
– قيل انها ماتت بعد ذلك بوقت قصير اليس كذلك؟؟
– ماتت و هي تضعطفلها.
– و هل تعهد اهلها الطفل؟؟
– البعض يؤكد ذلك
– لكنه اصبح مالكالقصر و سيد الاراضي الان رغم كل ما حدث
– السيد دوغى عثر على هذه اللوحة و امربوضعها هنا ليعيد الاعتبار الى والدتهالمنبوذة
– يا لها من قصة محزنة! كميبلغ دوغى من العمر؟
– اعتقد انه اصبح في الثلاثين.
– هل هو متزوج؟
– لاهناك اشاعات كثيرة عن علاقة تربطه بممثلة سينمائية كبيرة لكنها اخبارملفقة لاتمت الى الحقيقة بصلة يقال عنه انه يؤمن بالحب من اول نظره و عندمايجد ضالتهالمنشودة سيتزوج فورا
– اتمنى لو استطيع رؤيته لانه كما سمعت شاب باهرالجمال
– ما يميز غيره من الرجال هو قصته الحزينة
– ما هي القصة الحقيقيةالتي وقعت لامه.. انا لا اعرفها كاملة
– يقال انها هربت مع….
لم تسمعلين من القصة اكثر من ذالك لان المجموعة ابتعدت عنها باتجاه قسم اخرمن الحديقةنظرت من النافذة داخل القصر حيث علقت اللوحة المعنية فرات رسمامراه رائعةالجمال ترتدي فستانا من الحرير الازرق و على بساطته لا يخفيوجهها نظراتارستقراطية واضحة في العينين الزرقاوين شفتاها الورديتان ترسمانابتسامةالسعادة و البراءة من المحزن انها ماتت عند الولادةخرجت لين من الحدائق وهي تفكر بهذه القصة التي لم تتمكن من معرفة كل فصولهاشعرت بفضول كبير لمعرفةالحقيقة و للتعرف الى صاحب القصر الذي انقذ لوحةوالدته لينقذ شرفهاالضائع.
في الصباح التالي استعدت لين للرحيل بعدان سددت الفاتورة ووعدت بالعودة الىالمزرعة في رحلتها المقبلة الى ايرلنداتوجهت الى مدرسة الفروسية حيث تركتالسيارة في موقف خاص و ترجلت لتستاجر حصاناقررت ان تقوم بنزهه صغيرة علىالحصان في ذهابها الى منطقة جديدة ووقع اختيارهاعلى فرس قوي
– هل هذا الحصان هادئ؟؟اجابت الفتاه المسؤولة عن الاسطبل:
– فونيلا افضل حصان عندنا و انا واثقة من انك ستفتقدينه كثيرا عندنا تنتهينمنجولتك.
حدقت الفتاة في لين جيدا و تاملت الوجه الرقيق و الشعر الاسود الطويلالمعقودبشريط ابيض كما اعجبت بالقامة الرشيقة و خصوصا بالساقين الطويلتين والخصرالضامر لاشك في ان لين فتاه جميلة تجذب الرجال و تديررؤوسهم…
بعد قليل كانت الفتاه الانجليزية تمتطي جوادها في الغابة التيارشدتها اليهافتاه الاسطبل حيث يمكنها التجول بحرية و حيث لا خطر بان تتوه لاناللافتاتمنتشره في الغابة خصيصا لارشاد المتنزهين.
كانت اشعة الشمسالساطعة تنفذ من بين اوراق الكثيفة بحياء مضفية على الجوالداكن اشراقه منالسحر وومضة من الغموض
– يا الهي! كانني بالجنة!
ضحكت لين مسرورة لانها تتمكنمن الكلام و التفكير بحرية مطلقة في هذا المكانكان العالم اصبح ملكها لاينازعها فيه احد.
– حسنا يا حصاني الجميل لنرتح قليلا هنا.

ربطت الحصان الىشجرة ووقفت تتامله يلتهم العشب الطري بنهم.
اجفلت لين عندما سمعت صوتا غريباو اخذت تحدق حولها لترى مصدر الجلبة و شعرتبان احدا يراقبها في هذه الغابةالموحشة تلفتت فلم تسمع الا خفقة ورقة صفراءيحملها النسيم.
فجاة سمعتصهيل حصان فاقتربت من فرسها و حلت الحبل بيدين مرتجفتين و قبل انتستطيعالانطلاق بالفرس و الابتعاد اقترب منها حصان يمتطيه……الغجريالاسمرتجمد الدم في عروقها لما رات الغجري امامها….كيف استطاع الوصولالى هنا منمخيمه البعيد بهذه السرعة لا يعقل ان يكون جاء على حصانه لانالمسافة بعيدةالى حد يجعل مستحيلا لابد انه استعمل وسيلة اخرى ثم من اين اتىبهذا الحصانالاصيل الذي لا يمكن ان يملكه غجري فقير؟؟رفعت عينيها الىوجهه لاحظت اشياء لم تلحظها فيه عندما حاول الاعتداء عليهابعد تعطل سيارتهاقرب المخيم رات الى جانب وسامته مسحة ارستقراطية نبيلة وشيئا من اللباقة والاستعلاء يده الممسكة باللجام بدت انعم تدل على انه لميقم بعمل يدوي في حياتهحتى ثيابه تبدلت لم يتخل عن قميصه الاسود لكن الشالالاحمر المتسخ اختفى لحلمكانه شال اخر نظيف السروال الممزق تغير ليصبحسروالا انيقا…لا شك انه سرقالحصان و الثياب و لكن كيف تبدلت يداه من يديمتشرد الى يدي ارستقراطي نبيل وقفالغجري يحدق فيها باستغراب كانه فوجئبوجودها.
حطم جدار الصمت و اخيرايقوله:
– صباح الخير.
اخذت لين تحسب فرص الهرب و جسمها الرقيق يرتعش خوفا وغضبا نظرت الى الممرالقريب الذي يوصلها الى مدرسة الفروسية و بخفة لم تعهدهافي نفسها من قبلقفزت الى الحصان و السوط في يدها انطلقت بسرعة وكي تعاقبالغجري على فعلته ولتؤخر اللحاق بها ضربته بالسوط على وجهه و ضع الرجل يده علىخده الدامي و قدارتسم على وجهه ذهول كبير.
– تستحق اكثر من ذلك ايها الغجريالمتشرد! كيف تجرؤ على التحدث الي؟؟ عد الىقومك ولا تتحرش بالناسالمتمدنين!
قالت لين كلماتها هذه وهي منطلقة على حصانها تحثه بضربات خفيفةمن قدميها علىالاسرع في العدو اخذت تخترق الغابة بسرعة عمياء و خوفها يتعاظممع اقترابحوافر جياده منها اذا تمكن من اللحاق بها سيقتلها و يرميها فيالغابة! ازدادهلعها لهذه الفكرة و لم تعد تدري ما تفعل لتخرج من الورطةالمميته فهذاالحصان يقترب منها اكثر فاكثر و صاح فيها الرجل:
– توقفي!
استمرت لين في العدو باسرع ما يمكنها لكنها ضلت الطريق بسبب ذعرها الشديدولم تجد ممر الخروج من الغابة فصارت تصرخ باعلى صوتها:
– النجدة!! النجدة!!
دب التعب في حصانها فخفت سرعته في حين ان حصان الغجري الجبار ما انفكيدنومنها.
– توقفي و الا اوقعتك عن الفرس.
تجاهلت الفتاه اوامره باحثهدون جدوى عن وسيلة للافلات.
– دعني و شاني! ارحل عني سابلغ رجالالشرطة.
توسلات و تهديدات لن تجدي نفعا مع هذا الرجل الشرير و اخيرا صار الغجريبمحاذاتها فبذلت المستحيل للصمود فوق فرسها المتعبه0 مال الرجل و خطف من يدهااللجام اجبر الفرس على التوقف ثم نزل عن حصانه و انزل لين عن حصانها شعرتانها سجينة نظراته الغاضبة ووقفت عاجزة عن الحراك.
رفع الغجري يده الىخده الدامي يتحسس الجرح العميق الذي سببته ضربه السوط
– هل هو حصانك.
– لااستاجرته من مدرسة الفروسية.
هز الرجل راسه و كانه يعرف المدرسة ثم اخذ يحدق فيالفتاة لثوان مرث ثقيلةكانها الدهر قبل ان يقول:
– لا خوف على الحصان انهيعرف طريق العودة الى الاسطبلو ضرب فونيلا ضربتين خفيفتين فبدا بالعدو حتىاختفى عن نظر لين بعد قليل.
– من اين انت؟؟
– انا انجليزية و جئت الى ايرلندالامضي اجازتي السنوية…انزل في مزرعةقديمة من هنا.
هز الرجل راسه كانهيعرف المزرعة كذلك.
– قلت انك في اجازة فهل يعني هذا انك بمفردك؟
– تمام انااجوب البلاد بسيارتي التي تركتها في موقف قريب من الاسطبل.
واصل الرجل طرحالاسئلة وواصلت لين دون ان تدري مدى خطاها في اعطاء معلوماتيجب ان لا تطلعهعليها و لم تعي ذلك الا عندما سمعته يقول:
– انت وحدك هنا…
و عندما سالهالما ضربته بالسوط اجابت لي وفي صوتها نبرة الازدراء:
– لانك و جنسك حثالةالمجتمع و رعاع القوم!
سرعان ما ندمت لتهورها و طيشها اذ رات في عيني الرجلعاصفة من الغضب و نيةعلى ارتكاب عمل شرير اقترب منها و زمجر:
– حثالة المجتمع ورعاع القوم؟ ستدفعين ثمن كلماتك غاليا.

و بسرعة حملها في قوة و رمىبها على ظهر الحصان ثم قفز خلفها و انطلق مسرعانحو عمقالغابة.
تساءلت لين عما ينوي الغجري فعله بها ولكنها لم تفلح في تصور مصيرها يعززذلك الغضب اقرب الى الجنون يسيطر علىخاطفهاازداد الحصان توغلا في الغابة و لين تكاد تصاب بالاغماء و الرجلملتصق بهاتحس بنفسه يلفح عنقها و هو يقود الحصان بسرعة كبيرة اخذت ترتعد كورقةخريفيةو هي تسال نفسها عما فعلته لتستحق هذه النهاية السوداء اخيرا قرر الرجلالتنازل عن صمته فاعلن:
– نحن ذاهبان الى المخيم
– المخيم… اي مخيمهذا.
قهقة الغجري عاليا يتلذذ يخوفها و اجاب:
– الا تعلمين ان الغجر يعيشونفي مخيمات؟
– ستندم ايها الحقير على عملك لان رجال الشرطة سوف يرمون بك فيالسجن!
كانت تعلم في قرار نفسها ان كلامها لا يرهب الرجل فالغجر (( محترفون)) فيالخروج على القانون ولا يهابون السلطة القانون الوحيد الذييحترمونه هو انالغاية تبرر الوسيلة و ان مصلحة القبيلة يجب ان تكون الاهم بغضالنظر عن اياعتبار واصلت لين بالرغم من ذلك تهديدها لعلها تنج في العثور علىنقطة ضعف فيالغجري:
– تكون احمق اذا اعتقدت ان بامكان الافلات من قبضةالعدالة الاختطاف جريمةيعاقب عليها القانون بشدة!.
لم يعلق الرجل بشئوظلا صامتين حتى وصلا الى المخيم حيث انتشرت عربات كثيرةنظرت الى الوجوه التيتنظر اليها فلم تتعرف الى احد من الذين راتهم عندماتعطلت سيارتها كما لم تجدتلك الفتاه التي انقذتها يومها من الغجري لعلهاتعيد الكرة الان.
تعالتالصيحات الترحيب للغجري:
– اهلا بك يا رادولف!
– ما هذه الغيبةالطويلة؟؟
– اخيرا عدت الينا.
نشا لدى لين انطباع بان الغجري لا ينتميالى مخيم معين خصوصا ان هذا المكانليس المكان نفسه الذي شاهدتهتقدم منالغجري رجل كهل قال:
– رادولف ليس من عادتك…
اسكته رادولف باشارة من يده ولكن الكهل تابع:
– ما حدث لوجهك؟؟ الدماء تسيل منه بغزارة!
عندما رات لينالجميع يلتفون حول رادولف و علامات التعجب بادية على وجوههمسمعت بعض الكلماتالانجليزية لكن معظم الكلام باللغة الغجرية التي تجهلهااوضح رادولف الامرلقومه بلغتهم و نظراته مليئة بالحقد تصب نارها على الفتاةالمصابة بالذهول مطبق 0
امسك الغجري بخصرها و انزلها عن الحصان فتعالت ضحكات من حولها و كان القوميستعدون لمرح ات ولاثارة توفرها لهم ضحية جديدة يتسلون بها..
زادتالدماء المتجمد على وجه رادولف من رهبة شكله وجعلته يبدو مجرما اكثر واكثرايمكن ان تتوقع رحمة من انسان كهذا لا يهتم الا بارضاء غرائزه لا يعرفالمثل والمبادئ التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة حاوت الفتاة الا تفكر بماينتظرهالكن الرؤى السوداء كانت تغلف ذهنها كغمامة داكنه تمنت لو انها تموت!
فالموتارحم من العذاب القابع وراء الساعات المقبلة…تمنت لو ان يدي رادولفالجبارتينتلتفان حول عنقها الغض و تعصران منه اخر نقطة حيا…
انصرف رادولف الىالحديث طويل مع الرجل الكهل سمعتهما لين يتلفظان ببعضالاسماء اولا بوريل ووغيرها و فهمت ان الكهل هو اولاف و انه و رادولفيتحدقان عن بوريل و لكنها لاتعلم ما اذا كان بوريل اسما لامراه او لرجل حدقتالفتاه في وجه رادولف لتجدالاضطراب و القلق الشديدين باديين عليه في حين كاناولاف يتنهد من وقت الى اخرو يزم شفتيه بامتعاض ما هو الحديث المهم الدائربين الرجلين؟؟ سؤال لا يمكنهاان تجيب عليه قبل ان تفهم هؤلاء القوم.
بعد ذلك بدا القوم يوجهون الاسئلةالى رادولف فيجيب عليها باقتضاب و الاولادالحفاة ذو الثياب البالية يحملقون فيثيابه النظيفة و الانيقة بانبهار.
نظر رادولف الى لين فعاد الى عينية لمعانالشر و بلمح البصر حملها بين يديهوسط ضحكات الجميع الى عربه ارشده اليها اولافصاحت لين في الغجر:
– هذا الرجل خطفني!! ستحاكمون جميعكم ان لمتساعدوني!
نظرت حولها تبحث عن احدهم يتعاطف معها فلم تقع الا على وجوه ضاحكةو نظراتساخرة لا امل اذن بان يساعدها احدهم فالجميع وحده متماسكة و الافراديتعاونونحتى على اعمال الشر0ادخلها رادولف الى العربة ثم خرج بسرعة بعد اناغلق الباب بعنف. في هذهالعربة لن يتدخل احد لانقاذها. عليها ان تواجه وحدهاالرجل الذي يبدو زعيمااو ملكا على قومه يذعنون لمشيئته بدون نقاش اغرورقتعيناها بالدموع فساعةالعقاب حلت شرعت تبحث في العربة عن وسيلة للخروج من سجنهاالصغير مكان قذزفيه اريكة و طاولة مستديرة مع بعض الكراسي العتيقة في الطرفالاخر سرير ضيق وعلى الخزانة كتب قديمة ووضع مصباح زيتي يغطيه غبار سميك كاناحدا لم يشغل هذهالعربة منذ وقت طويل فالقذارة المنتشرة في ارضها و علىمحتوياتها لا توصف.
في خلدها تدور اسئلة كثيرة من هو رادولف بالحقيقة؟؟ من هو بوريل الذي تحدثرادولف و اولاف عنه بكثير من الجدية؟؟ لكن السؤال الاكثر اهمية و الحاحايبقى: ماذا سيكون مصيرها؟؟

 

– امراة في شرك
دخلت لين الى زاوية صغيرة في العربة يفترض انها مطبخ كانت فيه مغسلة قذرة و
فرن صدئ يعمل على الغاز لم تتمكن الفتاه من تحمل الرائحة التي تدعو الى
الغثيان و لما همت بالخروج سمعت اصواتا قريبة في الخارج اطلت من النافذة
الضيقة فرات رادولف و اولاف يتحدثان وحيدين بالانجليزية فربضت لين تحت
النافذة من دون ان تدع راسها يطل و اخذت تسترق السمع.

– اعرف ان الامر يقلقك يا رادولف لكنه حر في اختيار طريق حياته
– لا تقنعني انه محق في سلوك هذا الطريق!!
– اوافق معك و الدليل اني بحثت عنه كثيرا كما طلبت مني لكنه مراوغ كبير و لا
يهدا في مكان.
– اعلم ذلك يا اولاف والا لما كنت رايتني هنا فقد اخبرني ايفور انه في هذا
المخيم.
– كنت قادما هنا اذن عندما خطفت الفتاه
– بالطبع و الا لما…
– مذا تنوي ان تفعل بها يا رادولف؟؟
– ساجعلها تدفع الثمن غاليا لضربي بالسوط و لوصفها اياي بالغجري المتشرد
حثالة المجتمع.
– اعذرها يا رادولف فالناس يملكون افكارا خاطئة عن الغجر
– انا لا اعذر احدا يجرؤ على اهانتي!!
– لكنها تبدو فتاه طيبة فلا تحطم حياتها
تكلم الغجري الشاب بكل صميم و جدية:
– اسمع يا صديقي انا انوي ان انال منها التعويض المناسب عن اهانتي فاذا لم
تتمكن من تحمل ذلك لن يكون الذنب ذنبي0
ادركت لين من لهجته القاسية ان الرجل ليس مستعدا للعودة عن قراره و انه ينصاع
لغرائزه ضاربا عرض الحائط كل الاعتبارات حاول اولاف من جديد ان يثنيه عن
عزمه:
– انت تعلم ان الاختطاف جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بصرامة عليك ان تفكر
بوضعك الخاص يا صديقي فنحن بغنى عن المشاكل ظننت ان الايام كنت كفيلة بتهدئة
طباعك الحادة بعض الشي و بتعليمك كيف تكبح جماح اعصابك.
تساءلت لين عن الوضع الخاص الذي تكلم عنه الغجري الكهل ايعني به ان رادولف هو
(( ملك)) الغجر في كل ايرلندا؟؟ تفسير معقول قد يوضح كلمة الوضع الخاص و
الاحترام الذي اظهره هؤلاء القوم للرجل كما يوضح عدم استقراره في مخيم واحد و
تنقله المستمر من منطقة الى اخرة.
– اتعتقد اني خائف من العقاب يا اولاف.. الا تعلم اني لا احسب حساب النتائج
عندما اقرر الاقدام على خطوة انا مقتنع بها..
فهمت الفتاة من كلماته انه معتاد على هذه الاعمال و ان خبرته فيها طويلة بحيث
لا يخاف الوقوع في ايدي العدالة لكن اولاف ما يزال قلقا و لم يشارك صديقه
مرحه اذ قال بكل جدية:
– احس بنفسي مسؤولا لاني كنت اعلم منذ البدء…
قاطعه رادولف مطيبا خاطره:
– اشكر تفهمك

صمت الكهل قليلا ثم واصل محاولا اقناع صديقه الشاب:
– ولكني اسف للفتاه المسكينة
– لا داعي للاسف لانها اوصلت نفسها الى هنا بحماقتها!!!
– هي انجليزية اليس كذلك؟؟
– تماما
– اذن لابد ان يكون احدا ما قد بدا البحث عنها عائلتها ربما…
– غير ممكن يا اولاف الفتاة وحيدة هنا.
– من قال ذلك؟؟
– قالت لي بانها تمضي اجازتها في ايرلندا و تجوب البلاد وحيدة بسيارتها
– اسمع يا رادولف تبريراتك لا تقنعني بصحة عملك.
– لن اتراجع عن خطوتي ابدا!!
– ولكنك ستوقع نفسك في مشكلة كبيرة
– لا تقلق يا صديقي لن يبحث عنها احد اذ يفترض انها تركت الفندق الذي كانت
تقيم فيه و اتجهت الى منطقة جديدة
– و لكن اين السيارة التي تكلمت عنها؟؟
اخبره رادولف بكل التفاصيل و بان السيارة مفتوحة و المفاتيح ما تزال بداخلها
عندها فقط ادركت لين انها اخطات عندها صرحت للرجل بحماقة لا مثيل لها بكل ما
يسهل له اتمام جريمته
ابتعد الرجلان قليلا فلم تعد الفتاه تتمكن من سماع بقية الحديث ولكنها
استطاعت التقاط جوهره
– عليك احضار سيارتها باسرع ما يمكن يا رادولف كي لا تبدا الشكوك تحوم حول
وجودها في الموقف
– لا ارتاح لعملك يا صديقي هذا ليس من طبيعتك بل…
تلاشت الاصوات اذ ابتعدا كثيرا عن النافذة ففشلت لين من جديد في اكتشاف اللغز
الذي بدات تشعر بوجوده في حياة هذا الغجري الذي ظهر من العدم ليقلب حياتها.
ماذا سيفعل الان بالسيارة لكم كانت غبية عندما اطلعته على كل شي لو لم تفعل
لكان احدهم لاحظ بقاءها الطويل في الموقف و لابلغ الشرطة بالامر و لكن لا
يمكن ان تضيع اثار لين لمدة طويلة فمن المحتم ان يفتقدها زملاؤها عندما تنتهي
اجازتها و تقتضي عودتها الى العمل كان يفتقدها صاحب البيت عن استحقاق ايجار
شقتها الشهري سياتي من ينقذها من قبضة الغجري عاجلا ام اجلا لكن المقلق ان
هذا الرجل يملك ثقة كبيرة بنفسه تجعلها تخاف من ان يتدبر الامر بشكل محكم
ينجو فيه من اي عقاب على جريمته النكراء
اي هو الان؟؟ غيابه يريد من قلقها و توترها كم يمارس هذا الرجل لعبة الحرب
النفسية ببراعه!! اه لو يستطيع اولاف من اقناعه بالافراج عنها!! امنية بددتها
اصوات ثرثرة في الخارج باللغة الغجرية شعرت لين من دون ان تفهم شيئا انها
موجهه اليها بدا قلبها يخفق بقوة و احست بان جسمها مشلول و عقلها لا يفكر صار
كل كيانها كنصبا على اللحظات الزاحفة ببطء تحمل في كل ثانية جبالا من القلق و
الخوف متى سياتي رادولف؟؟ و ماذا سيفعل عندها؟؟ كم كانت متهورة عندما ضربته
بالسوط!! لكن الطريقة الهادئة التي حياها بها في الغابة و كانه يراها للمرة
الاولى اججت في صدرها نار الغضب كيف استطاع مواجهتها بكل هذا الهدوء بعد
الحادثة الاولى قرب المخيم؟؟ استحق الضرب و ان تكن النتيجة وجودها هنا سجينة
رجل شرير ينوي ايذائها و بين اناس لم يسمعوا بالشفقة ووخز الضمير من سينقذها
من المصير الذي اعده و يعده لها خاطفها؟؟
جن جنونها بعد تحليلها للموقف فحاولت فتح الباب ثم اخذت تدق بيديها عليه و هي
تعلم ان عملها لن يجدي نفعا لكن احساس دفعها الى هذه المحاولة الفاشلة انهارت
و سقطت على الارض تجهش بالبكاء في حين تعالت في الخارج قهقهات الغجر
المتلذذين بعذابها و معاناتها
اخذت لين تدور في الغرفة تقيسها طولا وو عرضا تجلس على كنبة تنهض لترتمي على
السرير…تسمرت السجينة في مكانها اذ سمعت وقع خطوات قريبة استقرت عيناها على
مقبض الباب تنتظر في هلع ادير المفتاح في القفل و دخل رادولف رماها نظرة عدم
اكتراث و اقفل الباب وراءه.

– حسنا يا صغيرتي وصلنا الان الى ختام المسرحية.
ابتسم هازئا و تحسس الجرح في خده ارتجفت لين عندما رات عمق الجرح الذي سببته
للرجل لانها لم تؤذ احدا في حياتها من قبل لكن وقاحة الغجري دفعتها الى
اللجوء الى العنف معه.
اصبحت لهجة رادولف امره عندما تكلم من جديد:
– تعالي الى هنا لتنفذي العقاب على وصفك بحثالة المجتمع
و صاح فيها بعنف:-
– تعالي الى هنا!!
زاد الجرح احمرارا بسبب الغضب و لم تجد لين بدا من الاذعان لمشيئته خوفا من
بطشه امسك بمعصمها و شدها اليه بقوه بالغة حتى كاد ان يحطم عظامها لم تستسلم
الفتاة له بل اخذت تقاوم بكل ما اوتيت من قوه فيما هو يقهقه عاليا ساخرا من
مقاومتها صرخت لين من الالم عندما اطبق بيده الفولاذية على شعرها و ارغمها
على رفع وجهها الى عينيه الغامضتين و بوحشية فائقة اخذ رادولف يهزها بقوه في
غضب فيما الدموع تنهمر من عينيها سيولا حتى انها عندما نظرت اليه رات الصورة
مشوشة كانها امام شبح لا امام انسان من لحم و دم و مما زادها حيرة و تعجبا
اخراجه منديلا من جيبه ليمسح دموعها بكل رقة و حنان!!
– لقد اصبحت الان اكثر وداعة و اقل اهانة و وحشية.
نظرت الى الرجل بارتباك وجه جامد كانه محفور في الصخر نظرات باردة لا تنم على
اي احساس ماذا يدور في خلده؟؟ ماذا وراء هذه الملامح الهادئة؟؟
– اعندك شي تقولينه قبل ان انفذ انتقامي منك كاملا؟؟ كنت انوي ان استعمل
السلاح نفسه0
اشار رادولف الى السوط المرمي على الارض و تابع:
– لكن اثار الجروح تفسد جمال وجهك لذلك طرحت فكرة جلدك جانبا و استعضت عنها
بطريقة انتقامية اخرة ممتعة0
رات لين في ابتسامته سخرية لا متناهية و في عينية علامة الانتصار وفي الوقت
نفسه ادركت انه اخطات عندما اهانته و انه لم يغفر لها ذلك لقد وصف الغجر
بحثالة المجتمع و رعاع القوم و رادولف مصمم على جعلها تدفع ثمن ذلك غاليا
كرر الغجري سؤاله:
– اعندك شي تقولينه قبل ان انفذ انتقامي كاملا؟؟
وجدت الفتاة صعوبة في نطق الكلمات:
– اتريدني ان اطلب الرحمة؟؟
– مع الاسف الشديد لن يجدي استجداؤك نفعا لاني لست ذلك الشخص المتسامح
ابتعدت لين الى الوراء و نظرت من النافذة فرات اولاف يبتعد على الحصان و معه
يتلاشى املها في المساعدة… قالت لمختطفها بصوت متهدج تخنقه الدموع:
– لن تنجو بفعلتك عندما اخرج من هنا ساذهب فورا الى الشرطة
علق رادولف و هو ينظر الى وجج المجروح في المراه:
– الحديث عن الخروج سابق لاوانه يا عزيزتي فانت جميلة جدا و لن اتركك تفلتين0
تبسم هازئا و اضاف:
– ربما لن تخرجي من هنا ابدا.
لم تتمكن لين من استيعاب هذه الفكرة و تصورت نفسها سجينة هذه العربة بقية
حياتها…
– ماذا…. ماذا تنوي ان تفعل لي؟؟
رفع حاجبيه و اجاب:
– لا تتظاهري بالبراءه و تدعي انك لا تعلمين ماذا سافعل بك!!!
علت حمرة وجه الفتاة خجلا فاوضحت:
– اعني ماذا ستفعل بعد ان تنتقم مني كما تريد؟؟
توقف ووضعت يدها على قلبها الخافق بشدة ثم اضافت بهلع:
– هل تنوي ان تقتلني؟؟
هز رادولف راسه ضاحكا:
– اقتلك؟؟ خسارة ان يموت الجمال لا لن اقتلك لاني لا اريدك جثة هامدة بل
امراة تضج بالحياة.
انساها الغضب خوفا فانفجرت:
– اسمع يا حضرة الغجري قد اكون تحت رحمتك و لكن لا تتوقع مني اي سكوت لانك لا
تستطيع امتلاك روحي!!
– سنرى يا عزيزتي فلندع ذلك للوقت
اخذ يداعب شعرها فانتفضت و انشبت اظافرها على وجسهه مسببة به نزيفا جديدا من
الجرح
و لكنها ما لبثت ان ندمت على ذلك لان الغضب اعماه فكاد يخنقها:
– ساعلمك الان كيف يعامل رعاع القوم نساءه ايتها السيدة الانجليزية المتحضرة.
توسلت اليه و هي تحاول للملمة قميصها الممزق:
– ارجوك ارحمني!! اعتذر
اكمل رادولف على ما تبقى من قميصها ووقف يحدق فيها بعيني شقي شرير
– الاعتذار لا ينفع يا حلوتي اما الدرس الذي سالقنك اياه الان فنافع جدا!!
حملها بين يديه كدمية حاولت لين ان توقظ الرافه فلم تجد الا الرغبة في
الانتقام
رادولف المنتصر في هذه المعركة المنتقم الساخط الذي سيغلب على اية محاولة
تبديها للمقاومة اخذ يضحك و هو ينظر الى البقية الباقية من ملابسها فحاولت
ستر نفسها بغطاء السرير غشاها الخزي و العار و تمنت لو ان يد الموت تمتد
لتنقذها من مرارة هذه اللحظات المشينة
– ما رايك يا حلوتي بهذا التعذيب البطئ!! اعتقد انك لم تتوقعي ذلك ابدا عندما
ضربتني بالسوط على وجهي اليس كذلك؟؟
– اكرهك اكرهك…………ساقتلك يوما
– ستكرهينني اكثر يا حلوتي ستكرهين الغجري المتشرد سوف تستجدين منه الرحمة!!!
استشفت لين من صوته مرارة الى جانب الغضب كان الرجل يغار كثيرا على سمعه بني
قومه و لا يتحمل ايه اهانة توجه اليهم
– ان الوان يا حلوتي ليبدا الانتقام الممتع
اغمضت لين عينيها و بكت بمرارة مستسلمة لقدرها المحتوم.
3- اللعب بالنار

تزايد الضجيج في الخارج و طرق احدهم الباب افاقت لين من ذهولها ولاح لها امل
جديد
و قبل ان يفتح الباب سمع الرجال في الخارج يرددون اغنية غجرية فانفجر ضاحكا
تقدمت امراتان من مدخل العربة فغرقت لين في اغطية السرير محاولة اخفاء نفسها
و الخجل يغمرها تبادل رادولف بعض الكلمات مع المراتين و رمى احد الملتفين الى
لين فستانا زاهيا توقف رادولف يفكر و ينظر الى الفستان بينما كانت الفتاة
تحاول جاهدة فهم ما يجري ماذا يخطط هؤلاء القوم؟؟؟؟
الا يكفيها شر خاطفها وحده لتتحمل الان شرور الاخرين؟؟
اخيرا نطق رادولف:
– ولم لا؟؟
سالته الفتاة و الخوف يعصر قلبها و يمحو بقية الامل الذي لمحته بعد ان سمعت
الطرق على الباب:
– ما الامر؟؟
و اردفت بنبرة شبة هستيرية:
– قل لي ما الامر!!
– القوم يطالبوني بالزواج اليس مضحكا ان فردا من حثالة المجتمع يتزوج فتاة من
نخبة المجتمع!! وجدت انهم على حق فقد ان الاوان لاتخذ لنفسي امراة.
ثم اضاف بعد ان نظر الى الفستان:
– احضرو لك فستان العرس ارتديه!
امتقع وجه لين و صاحت في غضب باكية:
– لا ! لا يمكن لاحد ان يجبرني على الزواج
امسكت بالفستان و رمته في وجه الواقفين على الباب ثم صرخت:
– ارحلوا عني و خذوا هذه القذارة معكم!
انحنى رادولف ليلتقط الفستان و باشارة واحدة من يده ابعد قومه الملتفين و
نوايا الشر في اعينهم بعد ان اهانتهم العروس العنيدة اغلق الباب بعنف و اقترب
من السرير مهددا متوعدا
– ارتدي الفستان
مررت لين لسانها على شفتيها الجافتين و شرعت في محاولة تضليل للتهرب من شرك
الزواج
– ولو انني كنت متزوجة

نظر الى يدها اليسرى ليرى ما اذا كان في اصبعها خاتم زواج
– لا اعتقد انك متزوجة ارتدي الفستان و الا اذا كنت تريدين ان افعل ذلك بنفسي
اخذ عقل الفتاة يعمل بسرعة فوجدت ان في الاذعان لمشيئته و الخروج من هذه
الغرفة فرصة للحصول على مساعدة احد و الخلاص من قبضة خاطفها فقال له وعلى
حبينها علامة الرضوخ:
– حسنا لا خيار لي الا بقبول الزواج و على اي حال يظل الزواج افضل من…..
اكمل الغجري الجملة ضاحكا:
– افضل انتقامي البشع؟؟
– هلا تفضلت بالخروج لاغير ملابسي؟؟
– و لماذا تخجلين من زوجك؟؟
– انت لم تصبح زوجي
كان عقلها ما يزال يفتش عن وسيلة للخلاص كم هي مسافة بين المخيم وو الطريق
العام؟؟
و هل يسمعها احد اذا صرخت مستغثية؟؟
نفذ صبر رادولف من الانتظار فقال:
– لقد نفذ صبري فلا داع للخجل!! انهضي من السرير و ارتدي ثوب العرس
نهض الرجل من كرسيه غاضبا فقالت باذعان و خوف:
– ارجوك عد الى كرسيك فسانفذ مشيئتك
جلس الغجري في حين انها وجدت صعوبة بالغة في التحرك هذا الرجل الخبيث الوقح
الذي سبب لها اذلالا ما بعده اذلال و على الرغم من صعوبة الموقف لمحت الفتاة
في عيني خاطفها بريقا مختلفا عن الشر و السوء رات ما يشبه بالاعجاب!!
كان الفستان طويلا و لحسن الحظ نظيفا وقفت لين اما رادولف الذي امسك بيدها و
قال:
– ما رايك ….اليس الفستان جميلا؟؟
ثم انتبه الى امر تافه بالنسبة اليه فسالها:
– على فكرة ما اسمك؟؟
وجدت لين في غرابة الموقف ما يضحك العريس يسال عن اسم عروسه قبل دقائق من
الزواج!!

– اسمي….لين
– اسم جميل لين ماذا؟؟
– لين سلدون
– تعرفين اسمي على ما اعتقد
– لست بحاجة الى ان اعرفه لاني لن اناديك على الاطلاق
– اول امر على المراه الغجرية ان تعلمه هو الطاعة العمياء لزوجها ستعتادين
على ذلك تدريجا اما الان فهيا لان القوم بانتظارنا
في الخارج نظرت لين الى الطريق فتنفست الصعداء لانه ليس بعيدا جدا عن المخيم
لربما تمكنت من الافلات او لفت انتباه احد بسيارته فياتي لانقاذها لكن رادولف
و قومه كانوا يعلمون نواياها لذلك وجدتهم يحيطون بها بشكل لا يدع مجالا لاية
محاولة للفرار.
بدا الرجل المختص باتمام المراسم الشكليةالخاصة بالزواج عند الغجر و التي لمتفهم منها لين شيئا وقفت تراقب بصمتالمشاهد الغريبة التي تمر امامها كانهامجرد متفرج لا علاقة لها بما يجري هلزواجها شرعي؟؟ ولكن امر الزواج لم عدمهما ازاء تصميمها النهائي على الفرارمهما كانت الصعاب و مهما كلفها ذلك منتضحيات زادها تصميمها شجاعة و ايمانابالخلاص.
صحت فجاة من شرودها على صوت زوجها الغجري رادولف:
– تعالي يازوجتي سيصطحبنا المحتفلون الان الى عشنا الزوجياخذ الرجل يضحك بينما كانت لينتبكي وضعت يدها خلف ظهرها عندما حاول زوجهاوضع يدها في يده مما اثار ضحكالجميع لكن الغريب في الامر ان خوفها تحول الىغضب بارد و تصميم علىالانتقامامسك رادولف بيدها وصفعها عليها بنعومة كانه يمازحها ثم رافقهماالجميع الىالعربة و كان البعض يرقصون و يغنون احتفالا (( بالمناسبة السعيدة)) فقد تخلىالزعيم اخيرا عن العزوبيةافاقت لين على اشعة الشمس المتسللةمن بين الستائر تداعب عينينها تدافعتالصور في مخيلتها صور الاهانة و الاذلالتمنت لو انها لو تقاوم بشراسة و تنعتزوجها بالغجري القذر فلربما كان عاملهاشكل اقل شراسة مما فعل لقد سببتبتصرفها الاخرق غضبه فكان عليها تحملالنتائج.
كان رادولف مصمما على اذلالها فلماذا حاولت ايقافه و هي تعلم ان ماقامت بهعقيم لا يفيد مع هذا الشخص لكن عدم استسلامها اعطاها قدرا من الثقةبالنفسسوف يجعلها تصمد امام ما ينتظرها من صعوبات و مشاق.
جلست تنظرالى الرجل النائم الى جنبها عيناه المغمضتان كعيني طفل برئ ينام فيهناء بيناحضان امه يا لتناقض وحشيته مع هذه القسمات الهادئة!! رغبت لينبصفعه لكونهيتمكن من النوم هكذا بعد كل ما سبب لها البارحة من اذلال تحركالرجل اخيرا وفتح عينيه يحدق حوله كانه لا يعرف اين هو و مع من
– صباح الخير يا زوجتي العزيزةارجو ان تكوني قد نمت جيدالم تنتظر لين طويلا حتى بادرته بالسؤال:
– قل ليما سنفعل الان هل ستبقيني هنا لاعيش مع هؤلاء القوم
– و اين تريدين العيش؟؟الزوجات يسكن عادة مع ازواجهن
– لكنني لن اجد شيئا افعله هنا

– في الوقتالحاضر تهتمين بزوجك
– ماذا تعني بالوقت الحاضر؟؟
– اعني حتى نبدا بانجابالاولاد و الغجر ينجبونهم بكثر كما لاحظتامقتع وجه لين و هي تحلل الفكرةالجديدة التي ان تحققت ستتعقد امور حياتهاالى الابد
– اتمنى ان لا انجب ايولد منكتكلم رادولف بنبرة فاجاة زوجته لما غلفها من الم و حسرة:
– ستنجبيناولادا لاني ككل الرجال ارغب بوجود وريث لي
– وريث؟؟ و ماذا تملك لتعطي وريثتكهذه العربة القذرة؟؟
– دعيني اقدم ك نصيحة غالية الثمن يا لين لا تغضبيني بعدالان والا ندمت علىذلك حيث لا ينفع الندم و احذرك انك لم تري الاسوابعد!!
تمتمت الزوجة البائسة:
– كان الله في عوني…
رمقها الغجري بنظرةثاقبة و قال:
– تمام و خلافا لما تعتقدين انا امتلك الكثير لاقدمه لوريثي
– طبعا فانت تملك هذه العربة القذرة و سعمتك السيئة…
لم تتمكن لين من المتابعةاذا اخرسها الالم عندما اطبق رادولف بقبضتهالحديدية على ذراعها
– لا تعتبريمسالة فقري مسلما بها ولا تحاولي تخمين ممتلكاتيزاد من شدة قبضته و اضاف:
– يبدو ان علي تاديبك يا امراة….
تحررت لين من قبضته و حاولت النهوض من السريرلكن رادولف كان اسرع منها فشدهااليه بعنف و استسلمت بعد مقاومة يائسةلاصراره…….
بعد حوالي ساعة جلسا الى طاولة لتناول الطعامالفطور لم يكن رادولف مهتمابالاكل بقدر ما صب اهتمامه على مراقبة زوجته متلذذابمعاناتهاسالها و هو يتحسس الجرح في خده
– هل ندمت على فعلتك هذه؟؟
– استحقيت الضرب و انت تعلم ذلك
– استحقيته؟؟بدا رادولف مذهولا فتساءلت لين مااذا كان قد نسي انه هاجمها عندما تعطلتسيارتها قرب المخيم
– انسيت عندماحاول الغجري…
لم يدعها رادولف تكمل اذ قلب المائدة وهب من كرسيه يعميه الغضبفتراجعت لينخائفة حتى التصقت بحائط العربة و هي تلوم لسانها الطويل الذي اثاراعصابهتقدم منها الرجل مزمجرا:
– ستعتذرين على هذه الاهانة!! و ستعتذرين بكلتذلل وضعةحدقت لين مشدوهة في هذا الوجة الشرير و هي لا تكاد تصدق ان كل هذاالحقد يمكنان يتجمع في انسان واحد لما وجدها ساكنة جذبها الغجري اليه و اخذيهزها بقوةكدمية صغيرة حتى كادت تصاب بالاغماء…اخيرا قال و هو يعض علىاسنانه:
– انا انتظر الاعتذار!!
– لم تدع لين الفرصة تفلت من يدها فقال فيهلع و ذل:
– اعتذر على ما فعلته…
توقفت فجاة تخنق صوتها الدموع المنهمرة منعينيها بغزارة الرجل كان يستحقالضرب و الا لما فعلت لين ذلك و على الرغم منصواب موقفها فقد اجبرها علىالاعتذار صاغرة على اشياء قالتها عن اقتناعتامورفعت عينيها الى وجهه القاتم الى الملامح المتعالية التي تكسبه تفوقا ومهابة من يراه يظنه احد النبلاء و لايمكن ان يشك بانه غجري شرير غجري يبدوارستقراطي متعجرف… امر محير فعلا
– اظهرت تعقلا في الاعتذار يا حلوتي لانايه كلمة مهينة كانت ستكلفك شهرنقاهة!!
حرر كتفيها و نظر الى الطاولةالمقلوبة و الى الاطعمة و الصحون المتناثرة علىالارض اقشعر بدن لين تقززا منالقذارة الطاغية في هذه العربة امرها رادولفبالتقاط كل ما تناثر على الارض فلمتجد بدا من الاذعان له فيما هو جالس علىالاريكة يراقب ما تفعلبعد قليلابلغها رادولف انه سيغيب طوال النهار
– الى اين ستذهب؟؟

– هذا ليس من شانككما احب ان اذكرك بالا تحاولي الفرار لان العربة ستكونمراقبة من جميعالجهاتو نظر حوله:
– اريد ان اجد كل شي نظيفا و مرتبا عدنما اعود الا اذااحببت ان اذيقك طعمالعنف!!
كانت لين تعلم انه لا يمزح و انه علىاستعداد لضربها فلم تجب على تهديداتهلم يكن عملها بسيطا البته فالعربة قذرةفعلا و تحتاج الى ايام لتصبح نظيفةبدات اولا بتنظيف الاثاث و القطع بقطعة قماشوجدتها في الدولاب القذر المرحلةالثانية كانت تنظيف الارض و الاوساخ المتجمعةمنذ سنوات على ما يبدو شكلت فيبعض المواضع تلالا صغيرة اضطرت لين لاستعمالالسكين لنزعهاالا يكفيها انها تعيش مع زوج وضيع ليزيد الطينة بلة وجودها فيهذا المكانالقذر؟؟ حتى رادولف اظهر بعض القرف من القذارة و كانه ليس معتاداعلى هذهالمشاهدجلست لين على الاريكة تستريح وتفكر في زوجها بدا غريبافي بعض اقواله وتصرفاته قبل كل شي في صوته نبرة رقيقة لا يملكها الا دمثوالاخلاق و المهذبونلا يصبح قاسيا الا في ساعات الغضب 000والغجرية))…حاولتولم تستطع تذكرنبرته في لقائها الاول فهو لم يسالها الا عن السيارة و بعد ذلكانصرف الىالحركة لا الى الكلام.. ثم هناك الحصان الاصيل الذي كان يمتطيه عندلقائهماالثاني من اين يمكن لغجري فقير الحصول على مثل هذا الحصان الرائع؟؟ والاكثرغرابة تمكنه من الوصول الى هذه المنطقة بسرعة بينما امضت لين ساعاتلبلوغهابالسيارة!! هذا يعني انه استعمل وسيلة اسرع من الحصانبكثيراطلقت زفرة الفشل و قررت اخيرا فتح النافذة و ما ان فعلت حتى ظهرامامها ((
حارس)) شاب لا يتجاوز العشرين من عمرهقالت له على امل ان يكونيفهم الانكليزية:
– اريد نفض هذه السجادات
– سافعل ذلك بنفسيابتسمت للشاببادب و هو يتناول منها السجادات فظهرت اسنان لم تر انصع بياضامنها من قبل
– شكرا لكلم تنتبة المراة الشابة لنظرات الشاب الغجري الهائمة بوجهها الجميل و لميخطرلها بالطبع انه لم يكف عن التفكير بها منذ ان احضرها رادولف الىالمخيمسالته عندما اعاد السجادة الاولى:
– هل كلفك رادولف بمراقبة العربةخلال غيابه؟؟اوما بالايجاب ثم تمتم بصوت هادئ لطيف:
– اسف لقيامي بهذهالمهمةوجدت لين في موقفه فرصة ذهبية فاختارت كلماتها بدقة:
– لا عليك فانتمضطر لاطاعة اوامره اليس كذلك
– الجميع يطيعون اوامر رادولف
– هل هو ملكالغجر؟؟
– لا تطرحي علي اسئلة لا يمكنني الاجابة عليها يا سيدتيفيما كانالشاب ينهي نفض السجادتين الباقيتين رات لين عينين تراقبان المشهدمن نافذةعربة اخرى حارس اخر ناولها الشاب السجادتين و قال:
– علي الذهاب الان ارجوكاغلقي النافذة
– لا تذهب قبل ان اعرف اسمك على الاقلنظر الشاب حوله و تكلمبسرعة:
– ادعى كونيل علي الذهاب الان و الا عرف رادولف باني اتحدث اليكوجدتلين في هذا الشاب نقطة ضعف اذا عرفت استغلالها قد تساعدها على الهرببعد قليلاقتربت من النافذة لترى اذا كان احد يراقبهاو عندما لم تجد احدا فتحتها بهدوءفاطل كونيل
– هلا احضرت لي بعض الماء يا كونيلو ضعت المراة في صوتها كل مالديها من نعومة و رقة و عرفت مفعولهما عندمااعاد الشاب الدلو مليئا بالماء وناولها اياه بيدين مرتعشتين
– شكرا جزيلاو اضافت بعد ان تاكدت من عدم وجودمتطفلين:
– ماذا يحل بك اذا تمكنت من الفرار
– ساقع في مشكلة كبيرة اذا حدثذلك
– مع زوجي؟؟
– نعم فهو قد كلفني بحراسة العربة
– ايدفع لك شيئا مقابلذلك؟؟احمر وجه الشاب حرجا من اسئلتها و قال بخجل:
– في الحقيقة انا بحاجةماسة الى المال اتريدين المزيد من الماء؟؟
– نعم سافرغ الدلو اولاناولته لينالدلو و ما ان غاب حتى اخذت تفتش في الخزانة العربة عن قلم فلمتجدشيئاسالته و هي تناوله الدلو:
– ايمكن ان تحضر لي قلما لاكتب رسالةصغيرة
– لا…
لم تدعه لين يكمل كلامه فتوسلت:
– انا بحاجة الى المساعدةيا كونيل انت تعلم اني سجينة هنا و اريد الفرار بايثمن!!

هز الشاب راسه وابتعد بسرعة بعد ان اغلق النافذةظلت لين قرب النافذة تراقب كونيل الجاس علىمدخل احدى العربات تحاول ان تلفتانتباهه لكنه تحاشى النظر اليها فقررت اخيراالانسحاب كي لا يلاحظها احد ويخبر زوجها بالامرجلست تفكر في طريقةكفيلة بكسب الشاب الى جانبها قد يكون المال وسيلة صالحةلذلك لكنها تركت حقيبةاليد التي تحوي مبلغا محترما في صندوق السيارة هل يقبلكونيل بمجرد وعد باعطائهالمبلغ بعد هروبها؟؟ ولكن كيف يصدقها و كيف تصل اليهلتعطيه المال؟؟خطةمحكوم عليها بالفشلتنهدت لين وقالت لنفسها:
– لا فائدة من كل هذا التخطيطسيسجنني هذا الشرير هنا حتى يمل مني و يشعربحاجة الى التغييركانت واثقة منان هذا الملل لن يحل قريبا فعليها ان تتاقلم نفسيا لتتحملالايام الطويلةالاتية رادولف معجب بها كثيرا و هي لا تنكر انه وسيم جدا برغمقسوتهاينذهب؟؟ اين يغيب كل هذه الساعات؟؟ هي لا تتصور زوجها كغيره من الغجر يتنقلمنباب الى باب عارضا اصلاح مقلاه او غلاية فطبعه المتغطرس يمنع عليه ذلكمرالوقت ببطء مزعج ولين جالسة في العربة لا تجد شيئا تفعله بعد ان انتهت منتنظيفو حضرت العشاء لزوجها اخذت تقيس العربة عرضا و طولا كانها قطة سجينة فيقفص الىمتى يمكنها ان تحمل هذه المعاناة؟؟ اعصابها المحطمة لن تساعدها علىاجتيازالامتحان الصعب يا ليتها لم تستعمل السوط في تلك اللحظة المشؤومة!!!
بلى حسنافعلت لانه يستحق الضرب و لان اي فتاة غيرها كانت فعلت الشي نفسه معشخص حاولالاعتداء عليها…..
لم تعد لين تحتمل الوحدة حتى انها شعرت بالارتياح عندما عاد رادولف في المساء
منهوك القوى لكن الملاحظة التي ابداها فور وصوله اعادت توترها و غضبها
– يا للنظافة !! يبدو انك قررت ان تصبحي زوجة مطيعة قرار حكيم
نظر رادولف الى وجهها ولاحظ ان عينيها باكيتان ثم قال:
– لا تحزني على حالتك لانني قد اجعلها اسوا
صاحت فيه غير ابهه بالعواقب:
– اسوا و هل هناك اسوا من هذا؟؟
نظر اليها و على شفتيه ابتسامة ماكرة قبل ان يجيب:
– بامكاني مثلا ان اضربك يوميا
امقتع وجهها واطبقت قبضتيها غضبا ثم قالت بصوت شبه هستيري:
هذا قد يزيل رتابة العيش هنا على الاقل !
ضحك رادولف من كل قلبه فساهم في جعل وسامته تزيد امام عينيها الحزينتين 0
اتريدين ان اتمم معروفي اذا ؟
– اكرهك لابد ان انتقم منك يوما ايها ال….
قاطعها الغجري بضحكته فاكملت:
– ساقتلك اذا استطعت!!
– انا واثق انك ستسرين كثيرا لو رايتني ممدا على الارض اسبح في بحر من
الدماء

دخل الغجري لى المطبخ ليرى ما فعلته زوجته لتغير واقع الحال هناك 0هز راسهراضيا وقال :
لا باس , وان كان بامكانك ان تفعلي احسن من ذلك بكثير 0
ثم اردف بعد ان عاد الى الغرفة الرئيسية :
– اجلسي و اخبريني عن ظروف حياتكعن وظيفتك مثلا
– كنت اعمل في شركة و على فكرة سيبدا زملائي بالتحري عنيقريبا
– ساعالج هذا الامر يا عزيزتي اما الان اخبريني عن نفسكنظرت اليهباستغراب فلماذا يهتم لمعرفة خصوصياتها؟؟ على اي حال هدا غضبها وشعرت بالسرورلوجود احد قربها لتتبادل معه الحديث و ان يكن هذا (( الاحد))
شخصا تكرهه حتىالموت
– اسكن في شقة صغيرة في لندناستفسر الغجري و هو يتفحص اظافره الانيقةالتي يحرص على نظافتها:
– تسكنين وحدك؟؟كانت لين قد اخبرته ان لا اقارب لهاالا ابن عم لم تر له وجها منذ ست سنوات 0
– نعم اسكن وحدي0ارادت انتخترع له اكاذيب لكن طبيعتها الطيبة لا تسمح لها بذلك0 وان كانالهدف من الكذبشريفا 0 اضافة الى ذلك لا يمكنها ان تمرر شيئا على هذا الغجريذي العينينالماكرتين والنظرات النافذة القادرة على قراءة افكارها- اخبرته عناصدقائهاالذين لابد سيقلقون عليها وسياتون لانقاذها كما قالت 0 لكن ذلك لميؤثر فيرادولف اطلاقا بل تابع العناية باظافره وكانه يقوم بمهمة دقيقةللغاية0
– انت لست مخطوبة الى احد على ما اعتقد و الا لما جئت الى هذه البلاد وحدك0كانتفعلا حمقاء عندما اطلعته على هذه الاشياء في الغابة لكن رعبها كان شديداالىدرجة افقدتها السيطرة على لسانهاتابع رادولف استجوابه:
– ماذا كنت تعملين فيالشركة؟؟اطلعته لين على التفاصيل و عيناها تراقبان ثيابه لقد ابدلها بثيابجديدة كماان شعره يبدو مغسولا اين امضى النهار ومن اين اتى بالثياب ؟؟ لربمايملك بيتافي الغابة حيث التقته او في اي مكان اخر
– سنحضر سيارتك الى هنايا عزيزتي فهي قد تفيدنا
– ايها اللص!! لا اشك في انك سرقت الحصان ايضا
– حذار اللعب بالنار!! الزوجة الغجرية لا تكلم زوجها بهذه الطريقة لانهاتعتبرهدائما السيد المطاع
– اما انا ايها الغجري الساقط فاعتبرك وقومك اناسمنحطين!!
هب رادولف من مقعده كلمح البصر وامسك شعرها مسبباا لها الما فظيعا لقداوقعهالسانها في ورطة جديدة كانت بغنى عنها و من حسن الحظ ان طلبه اقتصر علىالاعتذار فكان له ما اراد تمكنت بذلك من التخلص من الضربفلم تجد سبيلا الىحبس دموعها و ايقاف ارتعاشهااخيرا ابتعد عنها الغجري ووقف وسط العربة صامتا سادالجو سكوت مطبق انهاهرادولف قبل ان يقول بصوت رقيق
– لين لماذا تدفعيننيالى معاملتك هذه الطريقة؟؟ذهلت المراة لهذا التبدل العجيب فاخذت تحدق في وجههدون ان تفهم مراده بعدذلك عاد الرجل الى طبيعته نادما على ما بدر منه من رقهفامرها:
– حضري طعام العشاء!!

جلسا يتناولان العشاء بصمت قبل ان يفجر رادولفالقنبلة الجديدة
– ستكتبين الى الشركة لتبلغي زملائك انك قررتالزواج….
قاطعته لين قائلة:
– اكتب!! هل تظن ان بامكانك اجباري على الكتابةهكذا بكل بساطة؟تمالك رادولف نفسه وحذرها:
– حاولي الا تقاطعيني يا امراةستكتبين الرسالة بدون نقاشتناول الشوكة و تاكد من نظافتها قبل ان يستعملها ثماضاف:
– كما ستوجهين ايضا رسائل الى جميع اصدقائك لتعلميهم بالامراسكتهاباشارة من يده اذ حاولت التعليق
– لا تحاولي الاعتراض ستنفذين اوامريبحذافيرها
– ليس بوسعك ان تجبرني على ذلك!!
ادركت لين ان في صوتها ضعفالانها كانت تعلم ان الطاعة هي السبيل الوحيدلتفادي العنف وان رادولف لا يقبلاقل من الرضوخ و الاستسلام و الدليل على ذلكانه ناولها بعض الاوراق و قلمافجلست الزوجة تكتب كما امرها زوجها و الغصة فيحلقها تكاد تخنقهاسيستغربزملاؤها و اصدقاؤها امر الزواج لكنهم لن يجدوا سببا لعدم تصديقه وسيكفون عنالبحث عنها بعد ان انتهت خرج رادولف ليبعث بالرسائل في البريدبعد خروجهسمعت طرقا خفيفا على النافذه نظرت لترى من الطارق ففوجئت لما راتوجه كونيلوركضت لتفتح لهقال الشاب بصوت لاهث:
– احضرن لك القلم يا سيدتي
– لااعرف كيف اشكرك!! عد عندما تستطيع لاسلمك الرسالةاقفلت لين النافذة بسرعة وخبات القلم و هي تامل ان يكون كونيل جادا مخلصا واخذت تصلي لئلا يكشف زوجهااللعبةغاب رادولف ساعتين قبل ان يعود محملا حقيبتيها بعد ان جلب السيارة منالموقفكما وعد
– افتحي الحقيبة الكبيرة
– لماذا؟؟
– لابد ان لديكملابس جميلةرمقها بنظرته الخبيثة و اضاف باللهجة الحادة التي تكرهها لين:
– افتحي الحقيبة!!
اطاعت لين مرغمة و شرع رادولف في غربلة ملابسها الى ان وقعاختياره على فستانقطني احمر
– هذا ما سترتدينه الليلةناولها الفستانلكنها رمته في وجهه فقال ساخرا:
– اعتبر عملك دعوة لالبسك اياه بنفسيضحكالغجري طويلا وهو يتفرج على زوجته تحمر خجلا لكن لين لم تجد هذه المرة فينظراته ما يخيف او ينفر بل تنامى في داخلها شعور مبهم تجاه هذا الرجل القاسيالمتلذذ بعذابهااعد القميص فانا لن ارتديه مهما فعلت0
– لا يازوجتيالعزيزه , ستنفذين رغبتي صاغرة0اقترب رادولف منها فشعرت بحرارة عواطفه وحاولتدون جدوى الافلات من رغباته0
4- مع ملك الغجرفي اليومالتالي خرج رادولف باكرا ليجلب لزوجته بعض الماء كي تغسل شعرها0عندما رجع قاللها بنبرته المتعالية :
هيا اغسلي شعرك فالماء وفير 0نهرته ونفسها تجيشبالغضب :
لا تكلمني بهذه الطريقة وكاني عبدة !

وجدت الكلمة الصحيحة انتعبدتي لاتعتبر نفسك سيدي ! من تكون في اي حال ؟ ربما كنت ملك الغجر لتعاملالناسبهذه الطريقة ؟اجاب ضاحكا :
حسنا انا ملك الغجر!
ياله من مخلوقسادي لا يترك فرصة للهزء منهاكلامك يعني بوضوح اني مخطئه مالذي يجعلكتظنين اني ملك الغجر ؟ترددت لين في الاجابة لانها لا تريد الاعتراف له بانهيملك سطوة وجلالال
– انت مختلف بعض الشئ عن باقي قومك
– مختلف ؟عاد الىذاكرة لين , عندما تكلم رادولف , المشهد الذي جرحت فيه شعوره بكلمةقالتها لاشك انه يحس بالشئ نفسه الان ولكن لماذا , ايخجل من كونه غجريا؟
– نعم مختلف
تحاشت لين جرح الرجل مع انها تكرهه ولكنه يبقى انسانا كغيره يجب احترامشعوره
– كيف يمكنك ان تقارني بيني وبين قومي وانت لم تتعرفي الى احد منهمجيدا ؟
– خلال اليومين الماضيين راقبتهم من النافذه وسمعتهم يتكلمون
– اتعتبرين اليومين كافيين ؟
– اشعر كاني امضيت سنتين هنا لا يومين !
ابتسمرادولف فتساءلت لين اذا كان نسي الاهانه التي لاحظتها في صوته لكنهمن النوعالذي يستطيع كتم مشاعره بسهولة
– الن تسخني الماء لتغسلي شعرك ؟
– لناستطيع غسل شعري في هذه المغسلة الصغيرةقطب رادولف جبينه وبدا مهتماللامر
– ماذا تقترحين اذن ؟
– هل بامكانك ان تحضر وعاء اكبر ؟
– سابحث عنواحد لاتعلم لين ماالذي دفعها الى طرح هذا السؤال المفاجئ على زوجها :
– هلصحيح ان الغجر يهددون الناس بحلول اللعنة عليهم اذا لم يعطوهم مايريدون؟لمينزعج رادولف للسؤال خلافا لتوقعها
– اتؤمنين حقا بذلك؟
– لا لكني اعرفكثيرين يخافون من لعنة الغجروفيما هي تبحث في حقيبتها عن الشامبو اوقعت شيئاعلى الارض التقط رادولفالكتيب وفي عينيه اهتمام كبير لم تعلم المراةسببه
– من اين حصلت على هذا الكتيب ؟
– من قصر السيد دوغي الذي زرته يومالتقيتك تكلمت لين عن ذلك اليوم كان دهورا مرت منذ ان تجولت في تلك الحدائقالرائعهلاحظت ان زوجها لم يكتف فتابعت :
– حدائق القصر تفتح للزوار في بعضالايام خلال فصل الصيف لابد ان مالك القصرمليونير غرقت لين في حلم اعاداليها اللحظات السعيدة التي نعمت بها في ذلك اليوموقارنت بينها وبين ماهي عليهالان , هناك الحرية المطلقة وهنا السجن الرهيبتنهدت المراة وزوجها مايزال يحدقفيها بفضول
– متى قمت بهذه الزيارة الممتعة؟كان سؤال الغجري ملحا الى درجةكبيرة اذ يبدو ان معرفة موعد الزيارة امرحيوي بالنسبة اليه فاجابت لينوعيناها سارحتان في الحدائق الساحرة:
– يوم السبت الماضي قادتها ذكرىالحدائق الى التفكير وتذكرت ان سبلها الوحيد الى الخلاص هو المالالموجود فيحقيبتها والذي ستغري به كونيل ليساعدها على الافلات من قبضةخاطفها حاولرادولف استعادة تفاصيل ذل اليوم وهو يتمتم :
– السبت الماضياوضحت له لين :
– قبل ان تقوم باختطافي بيوم واحدهز راسه وهو يفكر عميقا ثم سالها :
– ما رايك بالحدائق؟لم تفهم المراة سبب سؤاله فاستوضحته :
– لماذا تسالني ؟ هلتعرف الحدائق لتطلب رايي فيها؟بدا الغجري مستمتعا بهذا الحديث فاجاب :
– نعم , زرتها عدة مرات
– مرة اخرى زل لسانها اذ قالت مستغربة :
– كيف سمحوا لكبالدخول ؟وضعت لين يدها على فمها لتمنع خروج المزيد من الكلمات الجارحة وراتعينيالغجري تلمعان سخطا اقترب منها الرجل مهددا :
– اوضحي سؤالك اتعنين ان مستواي الوضيع لايليق بمقام زوار تلك الحدائق ؟حاولت المراة ان تخرجمن المازق فقالت :
– اسفه , اعتقدت ان
– ان ماذا ؟مدت لين ذراعيهامتوسلة ومحاولة ايقاف غضبه
– انا حقا اسفه ارجوك ان تنسي الموضوع انتظرتالمراة الشابة ردا عنيفا من زوجها لكنه لم ينبس ببنت شفة متى ينفجرويعطيسجينته نصيبها من العقاب الذي تستحقه على هذه الاهانة ؟ لكن كل ما فعلهالرجلانه رمى الكتيب في الحقيبة وخرج من العربة راقبت لين مشيته المتوازنة وجسمهالرشيق لماذا لم تلاحظ فيه هذه الاشياءعندما قابلته المرة الاولى ؟ لا شك انالخطر الذي كان محدقا بها انذاك لميسمح بذلك فجل ما صبت اليه كان الافلات منقبضته , الامر الذي تحقق بفضلالفتاة الغجرية من هي هذه الفتاة التي اطاعهارادولف فورا , لابد ان لهامكانة كبيرة في حياته كي ينفذ اوامرها وهو الرجلالصلب العنيد لو لم ترالمشهد بام عينها لما صدقت ان رادولف ينصاع لامراةغجرية كالحمل الوديع ربما كانت الغجرية تعرف سرا لو فضحته لاوقعته في ورطةكبيرة لكن هذه الفكرةمستبعدة لانها لو صحت لما تجرا رادولف على خذل فتاتهوالزواج من غيرها ارادت لين ان تعرف حقيقة العلاقه بين زوجها والغجرية لكنهاتخاف من اثارةذكرى اللقاء الاول كي لا يغضب رادولف وتسبب لنفسها ما لا تحمدعقباه فلوكان الرجل يرغب في التحدث عن اللقاء لكان فعل ذلك بنفسه لابد انهيتناساهلانه يخجل فعلا من فعلته الدنيئة عاد رادولف حاملا وعاء اصفركبيرا
– هل يكفيك هذا ؟
– بالطبع ولكن من المستغرب ان تزعج نفسك من اجلي

– قلت لك يالين انك لم تري الجانب الاسوا مني بعد واقول الان انك لم تريالجانب الحسن كذلكادركت لين انه يجب عليها اكتشاف حقيقة هذا الرجل والتعرفالى شخصيته الغامضةاكثر مع ذلك هزت كتفيها بعدم اكتراث لان رغبتها في الفرارربما تفوق فضولهافي اكتشاف حسنات رادولف غسلت شعرها في المطبخ وعندماعادت الى ” غرفة الجلوس ” في العربة تخلى رادولفعن قراءة مجلة وقام يتولى مهمةتجفيف شعرها شعرت لين بالدفء يغمرها لوجودها قرب زوجها الذي رمى المنشفة اخيراواخذ وجههابيديه القويتين محدقا في عينيها الزرقاوينارتعشت شفتاها وكادتان تبدا بالبكاء وهي تتذكر زياراتها الى صالون التزيينحيث كانت تمضى اوقاتافرحة تتحدث الى صديقتهالحظات بعيدة كانها تنتمي الىازمنة غابرة لن ترى لينلها وجها بعد اليومانتشلها صوت رادولف الرقيق من تاملاتها:
– كم انت جميلةيا لين طوقها بذراعيه وطبع على وجنتها قبلة طويلة لم تقاومه لين لكنها وجدتالدموعتترقرق في عينيها
– ارجوك ! لم اعد اتحمل اكثر !
– عناقي ؟
– كل شئ ! الا تفهم اني لايمكن ان اعيش سجينة طيلة حياتي ؟ابتعدت لين عنه وشعرهاينسدل بفوضى على كتفيها ودموعها ترسم خطوطا بيضاء علىوجهها الناعم اضافتبتوسل املة في ان يرق الغجري لحالها:
– دعني اذهب لايمكن ان تحبسني في هذهالعربة الى الابد انت تعلم ان ذلكمستحيل اطرق رادولف يفكر فظنت لينانها نجحت في اثارة مشاعره الانسانية الراقدة فياعناق شخصيته الشريرة في ايحال هو قال انها لم تر الجانب الاحسن بعد فربمارات هذا الجانب الان تهاوتاحلامها عندما هز الرجل راسه واكد:
– انت زوجتي ومكانك معي تزوجتنيبارادتك
– بارادتي ! كيف تستطيع ان تقول ذلك ؟
– لماذا تظهري اي اعتراضخلال اتمام مراسيم الزواج؟رمقها بنظرة ماكرة واجاب على سؤاله بنفسه:
– لانككنت تاملين بالفرار لوجودك خارج العربة , اليس كذلك ؟
– بالطبع كنت امل فيالفرار , وهل تلومني على ذلك ؟
– وهذه الامال مازالت موجودة على ما اعتقد
تذكرت لين الشاب كنيل الذي احضر لها قلما كما تذكرت المال في حقيبتها وعرفتان عليها اخفاؤه لئلا يكتشف زوجها خطئها وتضيع جهودها ادراج الرياح

اعترفت له بصراحه:
– انا انتظرالفرصة المناسبة للهرب واعتقد ان من يكون في موقعي يفعل الشئنفسه تنهدرادولف طويلا معترفا بصحة موقفها نظرت اليه زوجته بذهول هناك شئعجيب فيهذا الرجل وفي هذه القصة كلها لربما استطاع كونيل ان يساعدها علىحل اللغزالمستعصي اقترب رادولف منها ووضع يده على كتفها محاولا تهدئتها ومسحدموعها
– ارجوك دعنيضمها الى صدره بحنان فاخذت ترتعش بقوة حتى تركهااخيرادون ان تبدر منه ايةحركة عنيفة جل مافعله كان اطلاق تنهيدة محملةبالهموم
– سرحي شعرك قبل ان ينشفخبير حتى في امور النساء الغجريات فهؤلالا يكترثن لامور التجميل فيتركنشعرهن على طبيعته فيزيد من مظهرهن بدائيةووحشيةلاشك ان رادولف يعرف اكثر مما يتوجب عليه كغجري لايهتم لما يجري فيالعالمالمتحضر فالغجرعادة يكونون متقوقعين على انفسهم مكتفين ذاتيا فيعالمهمالخاص سرحت لين شعرها تحت نظر زوجها وتساءلت عما يدور في خلده هذهاللحظات ماذايخبئ خلف هذه الملامح الوسيمة الغامضة ؟ ما هي النوايا الحقيقيةلهاتينالعينين السوداوين الامعتين ؟ اهو لمعان الذكاء او الشر ؟ ام لمعانالاثنينمعا ؟فجاة بدات لين تبحث في ذاكرتها عن نقطة معينة غير واضحة تماما نظرت فيالمراه الى فمه وادركت ان قبلاته صارت مختلفه عما كانت عليه فيلقائهما الاول
كانت قبلاته مهينة بوقاحتها اما الان فاصبحت رغم حرارتها , اكثر احساساوانسانية ! لماذا غابت الامارات النبيلة عن وجهه في ذلك اللقاء يبقىالتفسير الوحيد لتبدل رادولف منذ ان حاول الاعتداء عليها هو انها كانتساعتهافي حالة رعب شديد جعل رؤيتها للرجل مشوشة وزاد خيالها في تصور شرهوعدائيتهقطع صوت رادولف حبل افكارها :
– بماذا تفكرين ؟ ارى على وجهك مشكلةمزعجة
– تماما , مشكلة الهرب !
جزم الغجري ببرود :
– مشكلة لن تجدي لهاحلا ولكني ارى شيئا اخر في عينيك فما هو ؟اتخبره لين بانها تجده الان مختلفا , وبالتالي تذكره بالحادثة الاولى التي لايحب الخوض فيها ؟ هزت كتفيها وكانلاشئ يشغل بالها وتابعت تسريح شعرها كرر رادولف سؤاله :
– ما الامر ؟
– – وهل انا مجبرة على الاجابة ؟
– بالطبع والا لما وجهت اليك السؤال نظرتاليه بتردد وقالت :
– قد لايكون جوابي صادقا
– انا اعرف بسهولة متى تكذبينعلي ربما كان صحيحا ان الغجر يملكون حاسة سادسة ويسبرون اغوار النفس البشريةكمايدعون
– كنت في الحقيقة استعيد ذكرى لقائنا الاول واخيرا تجراتعلى ذكر ما يتعلق بالحادثة الاولى وكما توقعت تجهم وجه زوجهابسبب ذلك
– من الافضل ان تنسي اللقاء الاوللم تفهم لماذا يعتبر زوجها حادث السيارة تافهاويركز على الحادث الثاني فيالغابة ولاتفهم كذلك لماذا يغضب لذكر الحادثةالاولى مع ان لين هي الطرفالمهان والمجروحقررت لين ان تكمل المشوار الذيبداته :
– ولماذا انساه ؟
– لانني احاول ان انساه واذا تحقق ذلك تحققت مصلحتك
ملاتها كلماته حيرة وذهولا فقالت :
– لا اعتقد اني فهمت قصدك
– لنغيرالموضوع يا لين !
من يسمع لهجته الامرة يظنه سيدا يكلم خادمته مع ان الحقيقة قدتكون العكس فيمعظم الاحيان فالغجر هم عادة الخدام وهم الوضعاء لم تاخذلين بنصيحته واصرت على اكمال الحديث :
– تريد نسيان الحادثة لانك تخجل من نفسك !
– اخجل من نفسي ؟رفع حاجبيه تعجبا واضاف :
انت من يجب ان يخجل من نفسه
– ولكن
– اخرسي ولا تجادلي !

خرست بالفعل واستانفت تسريح شعرها دون انتفهم موقف زوجها قررت اخيرا صرفالنظر عن مناقشة الموضوع لان ذلك لن يفيدهابشئ
– اريد ان اجفف شعري
– ما رايك بالخروج الى الشمس ؟
– اتمنىذلكنهض رادولف من اريكته بكسل وعلى وجهه علامات الضجرغريب احتفاظهبالرشاقه رغم كسله وبطالتهاتجها الى الغابة تراقبها النساء الغجريات الفضولية , لكن رادولف تفهم الموقفولم يدع مجالا لاختلاط زوجته ببقية قومه
– اشعةالشمس قليلة هنا بسبب تشابك الاغصان هلا اتجهنا صوب الطريق المكشوفةللشمس؟ابتسم رادولف وقال :
– لا ياعزيزتي لن نتجه صوب الطريق
– اتخشى محاولتيالفرار ؟
– قد تقومين بمحاولة حمقاء
– اعترف انك مصيب لاني ساحاول الهرب
– انت صريحة على الاقل
– ماذا تعني بعلى الاقل ؟
– اعني ان غطرستكوغرورك مثلا يجعلانك تحتقرين الناسقاطعته لين :
– اذا كنت متغطرسة فماذاتكون انت ؟اجابها برقة كوالد يؤنب طفله المشاغب :
– انا اعاملك بالمثل ليسالا مرة جديدة سامحها رادولف على كلامها القاسي فشكرت ربها لانها تفادتغضبهتابعا سيرهما بصمت تستغل لين فرصة وجودها خارج العربة لتشبع رئتيها هواءنقياوعينيها خضرة حالمة كانت من وقت الى اخر تسترق النظر الى زوجها فترىالتناقض بين ملامحه الراقية وكونه غجريا مشيته تجعله يبدو نبيلا وشعرهالمشعث المتراخي بفوضى يرده الى طبيعته الغجريه اختار رادولف لهذه االنزهةواديا صغيرا تحفه الاشجار لا امل فيه لزوجته بانتلتقي احدا يساعدها علىالهربقال رادولف وهو ينظر الى شعرها :
– ياستطاعتنا العودة الاناخذخصلة ووضعها على خده قائلا :
– يا للضفائر الجميلة !
لم تنفع معارضه لينلحركته بل زادت من حدة عناق رادولف
– عليك ان تفهمي شيئا يا لين كوني طيعةمعي تصبح حياتك ممتعه
– انا لا اتصور اية متعة في العيش الى جانبك !
كانتلين تتمنى لو انه يمل منها ومن صدها فيتركها تعود الى بلادهاعادا الى العربةفامرها رادولف بتحضير الطعام وقفت لين ترمقه بنظرة تحد وهيتغلي من الغضبلمعاملته اياها كخادمه
– لا اريد توجيه الامر اليك مرتين لانك تعرفين نتيجةذلك يا حلوتي !
دخلت لين الى المطبخ دامعة لتحضر الطعام الذي قد تكون السرقةطريقة حصولزوجها عليه
– بالله عليك يا لين ! انزعي حلة الحزن هذه عنكلئلا احولها الى حلة دائمة!
على الرغم من الغيظ الذي غلف نبرته وجدت لين فيكلامه نوعا من السام والتعبمن هذا الوضعلم تحضر لين الا طبقا واحدافسالها زوجها :
– اين طعامك ؟
– لست جائعة
– مع ذلك ستاكلين اكراما لي لاني لا احب الجلوس الى المائدة لوحدي
– من تظن نفسك حتى ترغمني على الاكل ؟اشعر كانك سيد اقطاعي يفعل باتباعه مايشاء !
– تخلت لين عن المجادلة فيالنهاية فاحضرت طبقا وجلست تاكل رغم انفها
– ارى ان دروسي في تعليمك الطاعةبدات تثمر يا حلوتي !
قالت لين بمرارة :
– السلطة والسيطرة توفران لك الرضىوالسرور اليس كذلك ؟
– اصبت , اذ ان كل ما يذلك يمتعني واعدك بان هذا العقابالبطئ لن ينتهيقريبا
– النهاية ؟ تكلمت عن نهاية العذاب !
– بالطبعفانا لا انوي ان اطيل العذاب اربعين او خمسين سنةارتعدت لين للفكرة وتصورتنفسها تمضي حياتها في هذه العربة
– اتمنى ان اموت قبل ذلك بكثير زال المرحوالعبث من عيني رادولف وقال :
– طفلة رائعة مثلك يجب ان تتمتع بالحياة لا انتتكلم عن الموت تخلت لين عن حذرها وانفجرت غاضبة :
– لا تتكلم كالابله فانتتدرك ان حياتي هنا جحيم مستمر !
وافق رادولف وقال ملمحا الى شئ تجهله زوجته :
– حاليا فقط
– حاليا وابدا اذا استمريت في سجني
– فلنغير الموضوع يالين اخبريني عنك فانا لا اعلم كم تبلغين من العمر مثلا
! تصوري ان زوجك لايعرف عمرك
– انا في الرابعة والعشرين, وانت ؟
– تخطيت الثلاثين ببضعة شهر اخبريني المزيد عنك , اخبريني فانا احب سماعصوتك
– لا اعتقد انك تحبسماعه دائما
– من المؤسف انك تفسدين حلاوة صوتك احيانا بتصرفاتكالرعناءاسترسلت لين في الحديث واستمتع رادولف بالاطلاع على تفاصيل حياتها
– يبدو ان توماس هذا ممل بعض الشئ
– كيف عرفت ذلك؟
– من خلال حديثكعنه نحن الغجر اذكياء ياعزيزتي !
– انا لم اقصد اظهاره مملا
– توماس ليسالرجل المناسب لك يا جميلتي
– انت مخطئ في حكمك على توماس
– توقعت انتنكري ذلك يالك من شخصية شفافة يا لين اقراها بكل سهولةصبت المراة اهتمامهاعلى طبقها لتفادي نظراته الاسره فاكمل الغجري الكلام :
– من المؤسف ان تكونيمصابة بعقدة التفوق حتى لا اقول جنون العظمة يجب انتتعلمي ان جميع الناسسواسية وان المجتمع الغجري ليس فاسدا لانه يختلف عنمجتمعك لايجدر بك احتقارالناس لمجرد انتمائهم المجرم وحده حري بالاحتقاروالنبذكان صوته مختلفاهذه المرة حتى ان لين وجدت فيه رنة موسيقية كاللهجةالايرلنديه برغم انه يكوناحيانا قاسيا فان لهجته تختلف عن لهجة بقية الغجر
لم تفهم لين لماذا او لميعد يهمها ان تفهم ما دام هدفها واضحا : الهرب
– لم يتهمني احد من قبل بهذهالعقد التي تتحدث عنها
– لكنك اظهرت عقدتك تجاهي تبع ذلك صمت بارد وتشنجالجو بينهما احست لين بان الغجري يكاد ينفجر غضباوبالفعل قال لها بفظاظة :
– اذا اخطات بعد اليوم ساملا جسمك بقعا زرقاء !

اشاحت المراة وجهها لئلاتواجه عينيه القادحتين شررا بعد قليل خرج رادولف فعادت لين الى وحدتها المملةبرغم انها لا تستسيغ صحبةزوجها , لكن وجوده افضل من لاشئ استغلت فرصةغيابه لتخرج المال من حقيبتها وتخبئه وراء بعض المعلبات في خزانةالمطبخ ثمانصرفت لكتابة رسالة قصيرة الى الشاب الغجري كونيل تعده فيهابمكافاة ماليةفورية واخرى ترسلها له بعد فرارها على عنوان يحدده لها قررتلين ان تمنحه كلما ادخرته خلال عملها فهي مستعدة للتضحية بكل شئ لقاء خروجهامن هذا النفقالمظلم لن يستطيع كونيل مقاومة اغراء العرض وسيتدبر طريقةلتهريبها في اولفرصة تسنح لهبعد الانتهاء من الكتابة جلست المراة الشابة على طرف السرير تمضيالساعات فيالتفكير بمتاعبها وتتخيل نفسها حرة طليقة الى ان غلبها النعاس اخيراوتسللالنوم الى عينيها
5- الحلم يموت في مهدهافاقت لين , والظلام الدامس يلف العربة , علىصوت الغجر يغنون ويرقصون حولنار كبيرة اشعلت في وسط المخيم , ولم تستطع الا انتستعيد ذكريات حياتهاالهادئة في انكلترا ووظيفتها المحترمة في شركة الهندسةالزراعية ساهم ذلكفي زيادة توترها الى درجة خافت معها ان تفقد صوابها يومااذا استمرت على هذهالحال ماذا سيجني رادولف من وجود امراة مجنونه معه ؟ لويدرك ويعلم انكليهما خاسران لاطلق سراحها فورا فجاة سمعت طرقا خفيفا علىالنافذة فهبت من سريرها وازاحت الستار بسرعة
– كونيل!
تكلم الشاب بصوت هامس :
-اخفضي صوتك لئلا يسمعنا احد !
لكن الاثارة والقلق جرداها من كل خوف وحذر
– لا تقلق الكل مشغولون عني الان
– هل كتبت الرسالة ؟هرعت لينواحضرت له الورقة
– ارجوك انتبه ياكونيل ولا تدع احدا يراك
– علي الذهابالان طابت ليلتك
– شكرا جزيلا يا كونيل على ماتفعله من اجليقال الشابقبل ان يختفي في الظلام :
– لا اعلم ما اذا كنت قادرا على مساعدتك , لكني سابذلجهدي خافت لين من ان يكون احد شاهد كونيل يتحدث اليها خصوصا وان النار تسللتالىالعربة تضئ لونها الرمادي الحزين ببريق قرمزي اجالت نظرها في الخارج لترىمااذا كان زوجها يراقب المشهد ويستعد للانقضاض من جديد على فريسته الضعيفه لكنكل شئ كان هادئا ولم يبد اثر لانسان حول العربةبعد نصف ساعة عادرادولف الى “المنزل الزوجي” من دون ان تظهر على وجهه علاماتتفيد انه علم بماحصل اضاء المصباح العتيق بعد ان راى زوجته غير نائمة
– لماذا تجلسين فيالظلام ؟ اتحبين ان تعذبي نفسك ؟
– ولماذا تحفل بعذابي ؟
– في الحقيقة انا لااحفل بعذابك واضاف بنبرته الخشنة :
– ماذا فعلت في غيابي ؟
– لاشئ !
توجه رادولف نحو المطبخ وسال زوجته :
-اتريدين بعض الشاي ؟
– كلا
– لابد انك شربت فنجانا اذن ؟
-لا سمعته لين يتنهد تعبا وهو يعد الشايوتساءلت لماذا لم يطلب منها ان تحضرهبنفسها عاد بعد قليل يحمل فنجانهفسالته باصرار:
-اين كنت طوال هذا الوقت؟توقعت لين جوابا قاسيا يشعل مشادةجديدة لكنها فوجئت بزوجها يرمقها بنظرةناعمة مليئة بالحنان هي قصدت منسؤالها اشعال غضبه لتعذبه لكنه خيب املهابهدوئهجلس على كنبة يحتسي شرابهالساخن ويراقب زوجته بنظرة لا مبالية
– اريد ان اراك غدا بثيابجديدةافرغت لين دفعة واحدة كل الغضب الذي جمعته في وحدتها وقالت :
– سارتديما يحلو لي
– لاتحاولي الظهور بمظهر المراة الشريرة سترتدين شيئا مما احضرتمعك لتمضيةالعطلة الممتعة تاهت عيناها في حقيبتيها المقفلتين على بعض منذكريات ,
قريبة كالوقت بعيدة كالحلم كيف تضع ثيابها الانيقة في خزانة العربةالقذرة

– ليس من المعقول ان تكون هذه العربة ملكا لرادولف فهو يبدو محباللنظافةوالترتيب ثم انه لايحتفظ فيها بثيابه او بممتلكات اخرى تحفظه حولخصوصياته يحيرها كثيرا ولكنها لا ترغب في الاطلاع على خفايا حياته لان قواهامنصبة الان على هدف وحيد :الفرارقالت لزوجها بعد تردد:
– لا ارى معنىلارتدائي ثيابا جميلة وبقائي سجينة هذه الزنزانه !
– لن تبقي هنا لاننا سننتقلغدا بسيارتك الى مكان اخر احست لين ان قلبها توقف عن الخفقان لان الامال التيعلقتها على مساعدة كونيلانهارت بلحظة
– الن يرحل الباقون ؟
– لا نحنفقط كادت لين بعفويتها تفضح كل شئ
– لا اريد ان اغادر المخيم صعقرادولف لملاحظتها واخذ ينظر اليها دون ان يفهم
– وهل تستسيغين البقاء هنا الىهذا الحد ؟ مع انك لم تكفي عن التذمر منالضجرعضت لين على شفتها تحاولايجاد جواب لا يفضحها واستطاعت بعد جهد ان تقول :
المكان الذي سنذهب اليه لنيكون احسن من هناوانا لا انوي تمضية وقتي بالتنقل الدائم كالغجرالمشردينلم تابه المراة لغضب زوجها من كلامها لان عقلها كان مشغولا بفرصةالهربالضائعه ظنت ان الفرج سياتيها اخيرا على يد كونيل لكنها وجدت نفسهاكالقابضعلى الماء تعود الى نقطة الصفربرغم كل شئ حافظ الغجري على هدوئهولم يظهر انفعاله لنعت زوجته قومهبالمتشردين
– لاتحاولي الاعتراض لانيمضطر لمغادرة المخيم تساءلت لين عما يمكن ان يكون سبب هذا الاضطرار
– ولماذا تكون مضطرا للرحيل ؟
– لا ضرورة لان تعرفي
– وهل سنجد عربة شاغرة فيالمخيم الذي سنقصده ؟
– بالطبع الست ملك الغجر كما قلت ياعزيزتي ؟ والرعية لنتدخر جهدا لتوفرمكان اقامة مريحا لملكها اخذت لين تجوب العربه وهي تفكربالمخيم الجديد والعربة الجديدة القذرة ,
وبمزيد من هؤلا الناس السمر الفضوليين سجن جديد وحراس جدد يرصدون تحركاتهاعندما يكون زوجها غائبا وفجاةانهارت اعصابها وصرخت :
– لا استطيع تحمل المزيد ! لا استطيع البقاء سجينة سيقتلني الضجر !
واضافت وهي تحدق في رادولف :
– كيف تستطيعون تمضية ايامكمبكسل ؟ الا تملون من عدم الحراك ؟وضع الغجري فنجانه على الطاولة ونهض من كرسيهدون ان يظهر عليه اي انفعال ممازاد من حيرة لين التي قالت :
– هناك لغز فيحياتك! هناك شئ مخبا ! الى اين تذهب كل يوم فانت ولا شك لاتبقى في المخيم؟ازاح الغجري وجهه وكان ملاحظاتها احرجته فاستغلت لين الفرصة وتابعت بالحاحشديد:
– اريد ان اعرف كل شئ ! انت تذكرني باستمرار اني زوجتك ففي هذه الحاليحق ليان اعرف اين وكيف يمضي زوجي اوقاته ؟لم تفهم لين سبب اصرارهاوتشوقها لمعرفة المزيد عن هذا الغجري الغامض ربماكان شعورها بالفراغ سبب هذاالفضول الكبير او انها بحاجة الى شئ يشغلهاويجعلها ” تشترك” بشكل او باخر فيحياة مجتمعها الجديد لكن رادولف لم يشبعفضولها اذ اكتفى بالقول :
– انت لمتعتبري نفسك زوجتي حتى الان فعندما تعتبرين اننا متساويان ستعرفينكل شئ لكن ما دمت تعتقدين انك متفوقة علي لانني غجري فلن اطلعك على الحقيقة

كلشئ في هذا الرجل يزيد من اللغز غموضا : جسمه الرشيق , مشيته المتعالية ,
كبرياءوه وسطوته , ثقته المفرطة بنفسه ومرة جديدة قالت لين في نفسها : لولم اكن اعلم انه غجري لما صدقت ابدا انه كذلك عندها فكرت باولاف وبحديثه عنوضع رادولف الخاص , فتلك الكلمة انطبعت في مخيلة لين وجعلتها تظن ان زوجها هوملك الغجر هو ليس بالطبع ملك الغجر لكنه يتميز عنهم بشئ مالما نظراليها رات المراة في عينيه مرارة كبيرة كانه يطلب منها ان تتفهمهوتساعده علىتخطي مشكلة لم تستطع بعد ادراكها ومعرفة القصد منها اجابت لين اخيرا علىاقتراح رادولف باعتبار نفسها في مستواه:
– لن اعتبر نفسي ابدا في مستواك
اعوز كلماتها الثقة والتصميم لانها لم ترد التسبب في المزيد من الاهانة لهذاالرجل ولانها لم ترد توسيع شقة الخلاف بينهما اكثر وهو قادر في جميعالاحوال على تقليص هذا الفارق ” الطبقي ” بينهما عندما يتشاطران بعد قليلالسرير نفسه حيث يمارس سلطاته المطلقة بدون ان تحاول المراة المسكينة ابداءادنى اعتراض
هز الغجري راسه وقال :
– في هذه الحالة لن تعرفي عني اكثر مما تعرفين
” انقلب السحر على الساحر وشعرت لين انها ذليلة عاجزة امام نبرته المتغطرسة
فتمنت لو تستطيع ايجاد الكلمات الملائمة لترد له الاهانة لكنها فشلت
– الى اين سنذهب ؟ اعني اين يقع المخيم الذي تحدثت عنه ؟
اكتفى الرجل بالقول :
– في مكان بعيد جدا
– ولكن ماذا سنفعل بالحصان ؟ لايمكنك اصطحابه اذا كنا سنستعمل السيارة
كان رد رادولف هادئا وعاديا جدا :
– بما اني سرقته ساعمل على رده الى اصحابه
– لا ضرورة لان تستغل كل فرصة تسنح لك لتسخر مني
– ولكنك افترضت اني سرقته , اليس كذلك ؟
– ولماذا لا تقول لي من اين حصلت عليه ؟ فانت توافق معي على انك لست قادرا
ماديا على امتلاك مثل هذا الحيوان الرائع
كل كلمة , كل حركة , كل دقيقة تمر كانت تزيد من غموض اللغز وصعوبته بالنسبة
الى المراة ما السبيل الى اكتشاف الحقيقة وازاحة الستار عن الجوانب الخفية
في حياة الغجري ؟ قد يكون الوقت كفيلا بذلكوقد لا يكون
استوضح رادولف زوجته :
– لم افهم تماما معنى كلامك
– بصراحة , اعني ان مظهرك لا يوحي بان هذا الحصان الاصيل ملك لك
كانت الاهانة الجديدة اقوى من ان يتحملها الرجل فعندما تكلم بدا فاقدا
تماما سيطرته على اعصابه , يعميه الحقد
– لابد ان يقودك لسانك يوما الى مهلك لانجاة منه
وجدت لين نفسها تعتذر على الفور منه وحاولت تغيير وجهة الحديث
– اسفة لاني اسات التعبير الن تخبرني من اين حصلت على الحصان ؟ انه حصان
اصيل ان لم اكن مخطئة
– من اين لك هذه المعلومات عن الجياد ؟
– انا لا اعرف الشئ الكثير لكني رايت مثله عندما كنت امارس الفروسية لبضع
سنوات خلت
بدل ان يجيب على تساؤلها حمل رادولف فنجانه الى المطبخ ولما عاد بدا بخلع
ملابسه
– حان وقت النوم لاننا سننهض باكرا في الغد
سارعت لين الى تبديل ملابسها فيما زوجها منشغل بالبحث عن صحيفة احضرها ,
والقراءة ليست بالطبع عادة غجرية , حتى لا تضطر الى فعل ذلك امام عينيه
الفضوليتين والساعيتين الى التمتع بجمال قدها
انصرف رادولف بعدان وجد صحيفته الى التفتيش في حقيبة زوجته حتى وجد فستانا
قطنيا ازرق مفتوحا عند الصدر
– سترتدين هذا الفستان غدا لانه يبرز جمالك بسخاء
نشلت المراة الفستان من يد زوجها ورمت به على الارض رافضة فكرة فرضه ارتداء
الملابس عليها ولكن رادولف لم يتسامح هذه المرة بل امسك بشعرها وصفعها
على وجهها بعنف حتى كاد يرميها ارضا ولم يتوقف عن ضربها حتى تعب وروى غليله
منها وقفت المراة امامه ترتعش والدموع تختلط مع الخصلات السوداء المترامية
على وجهها المتورم هذه اول مرة تمد يد اليها وتعامل بمثل هذه القسوة فهي
لم تتعرض في حياتها لتجربة مع جلاد كالغجري رادولف
– التقطي الثوب!
اطاعت لين امره ودفنت وجهها في الثوب تحوله مجرى لدموعها الغزيرة ثم صرخت
بصوت مخنوق :
– لن استطيع المتابعة ! لن استطيع الصمود سانتحر !
فوجئ الرجل لهذا التهديد ووقف يحدق في زوجته لحظات طويلة قبل ان يضمها بحنان
الى صدره ويقول بكل ما لديه من رقة :
– لماذا تغضبينني يا عزيزتي على استعمال العنف ؟
اضاف وهو يتحسس بيده القوية وجنتيها اللاهبتين :
– لو كنت تتصرفين بروية
توقف محاولا تهدئة جسمها المنتفض الما وحزنا ثم تابع :
– على المرء ان يكون حذرا عندما يتعامل مع غجري
تمتم عدة كلمات اخرى خيل للين ان من بينها : الجانب الاسوا مني الصقت
راسها بصدره العريض المضياف تودعه همومها واحزانها وتصغي الى دقات قلبه
المطمئنة ورتابة تنفسه العميق بدا اضطرابها يزول وهدات بعد ان اطلقت تنهيدة
طويلة وسمعت زوجها يهمس :
-هذا افضل بكثير ياحلوتي لا اريد بعد الان ان ارى الدموع على وجهك الجميل
تمكنت المراة اخيرا من رفع عينيها الرطبتين الى وجه زوجها وتمتمت بعد ان علمت
انها ترتاح كثيرا الى الوجود بين ذراعيه القويتين , وتمنت لو يبقيان هكذا الى
الابد:
– انت مختلف ياليتك تظل كما كنت الان
امر لا يصدق ! كيف تسر لين لوجودها في احضان هذا الرجل الذي لا تكف ثانية عن
التفكير في كيفية الافلات من يده ؟ لماذا لم تنفر هذه المره من لمساته ؟
لماذا لم تخف من تحمل قبلاته ؟
اضافت والكلمات تسبقها :
– لماذا انت مختلف ؟
بدارادولف كانه يقبل بهذه الحقيقة ولكنه لا يقوى على ان يصرح بالسبب لان هناك
امر خطير يمنعه من ذلك, لربما كان امرا يتعلق بالماضي ويمد تاثيره على
المستقبل
– لا استطيع يا عزيزتي ان اشرح لك الحقيقة
ابتعد عنها وزاد :
– هيا الى النوم ياحلوتي
وقفت لين مشدوهة وهي تشاهد زوجها يتوجه الى المطبخ ليحضر بعض الماء
واستغربت التبدل العميق الذي احدثه تهديدها بالانتحار في هذا الغجري الغريب
لم تعد تابه بالالم الذي سببه لها بل انحصر تفكيرها في التوصل الى كنه وكشف حقيقته
عندما عاد رادولف الى الغرفة اخذ يحدق بلين واقفة بقميص نومهاالاحمر ويتاملجمالها الصارخ من راسها حتى اخمص قدميها , ولاحظت الزوجة الحائرةالعروق فيعنقه تنبض بعصبية وصدره المغطى بشعر اسود كثيف يسرع في الصعودوالهبوط يا لتناسق لون عينيه مع لون بشرته ولون شعره ! ان رادولف في الحقيقةينضحرجولة تجعله حلم كل امراة بشرط ان تنتفى منه واحدة : كونه غجريا
وعندما انتقلت عينا الغجري الى وجهها حيث ما زالت اثار الصفعات واضحة , ظهرعليه الاسف والندم الشديدان على استعماله العنف , تماما كما ندمت لين علىاستعمالها الطريقة نفسها في الغابة اقترب منها واخذ راسها بكلتا يديهمحاولا الاعتذار لانه ولا بد مدرك انه اخطا بصفعها بينما هي لا تشاطره الشعورذاته , لانها لا تزال مصرة في نفسها على انها كانت محقة في استعمال السوطلتدرا خطر الاعتداء عنها غفت لين بين ذراعيه وراسها غارق في صدره الوسيعتذوق للمرة الولى طعم الراحة في فترة ” راحتها ” القسرية هذه وتحس بقلبهاخاليا من الحقد والمرارة ايكون العنف جردها من مشاعرها واضحت دمية نكرةلاتنفعل ولا تشعر ؟ ام تكون العادة سلبتها طعم الحياة فلم تعد تهتم لمايصيبها ؟ ام هو الاستسلام غلبها واقنعها بان المقاومة لن تحقق الا المزيد منالعذاب والقساوة من رادولف ؟ الشئ الوحيد الذي تدركه في هذه اللحظة هوالارتياح لان كل شئ بسلام او يشبه السلام وذلك بفضل تفهم رادولف لوضعهاولاكتفائه بطبع قبلة خاطفة على جبينها امضى الزوجان الشابان معظم النهارفي السياره يتجهان الى حيث تجهل لين تمتعا بالطقس الجميل ساهمت الشمس الدافئةبازالة حاجز العداء بين لين وزوجهاكما سرت المراة لوجودها بعيدة في سيارتها عناي من مظاهر الحياة الغجرية التيكرهتها والتي اسقط واقعها المر احلاما شاعريةبنتها لها قصص الادباء وعمرتهااخيلة الشعراءلا تستطيع المراة الانكليزيهالمعتادة على صخب الحياة ان تحيا هكذا وبدون هدفكنبته طفيلية تعيش على جهدغيرها لابد لها من هدف واضح في حياتها تصبو اليهوتعمل على تحقيقه فالطريقان لم يفض الى مكان ليس طريقا وقطار الحياة انلم يقصد محطة ما يصير خردةمعطلة هدف لين في الحياة ليس معجزا , فجل ما تريده ان يكون لها منزل هادئ تعيشفيهبطمانينة مع عائلة يسود وشائجها الحب ويجمع افرادها الحنان والحياة معرادولف في عربة قذرة انكسار لحلمها وسحق للطموح كم كان كونيل مهما بالنسبةاليها وكم احست بالخيبة لانها ابتعدت عنه ! كانحلما خرج من العدم ليخصب ارضاجدباء فاذا بيد رادولف تمتد لتخنق الحلم وهوفي المهد ولترمي بلين في مكانجديد لا تعلم ماذا ينتظرها فيه سوى مزيد منالوحدة والملل لكن ما ابقى فينفسها اثرا من امل هو تلميح رادولف الىامكانية العودة الى المخيم نفسه في يومقد لايكون بعيدالاحظت لين الغارقة في المقعد الوثير ان رادولف لا يلاقياية صعوبة فيالقيادة مع ان الغجر لا يحسنون عادة قيادة السيارات مفضلينوسيلتهم القديمةللتنقل : الحصان
انتبه رادولف ان زوجته لم تكف عنمراقبته طوال الطريق فنظر اليها وسال :
– بماذا تفكرين ؟ اراك شاردة في امر مهم
– في الحقيقة كنت اراقب طريقة قيادتك فانت سائق ماهر على ما ارى
– العادةكفيلة بتعليم المرء كل شئ
– صحيح لكني اعرف انك معتاد على ركوب الخيل خصوصاوانك قلت مرة انك تستعملالجياد لا السيارات كانت لين تشير بكلامها الىجملة قالها رادولف عندما التقيا للمرة الاولى قربسيارتها المعطلة حاولالغجري ان يتذكر ذلك ثم هز راسه نافيا
– لابد انك واهمة فانا لم اقل شيئا منهذا القبيل
– انسيت ما قلته في لقائنا الاول ؟
– نحن لم نتبادل كلاما يذكرفي لقائنا الاول يبدو ان مخيلتك واسعة ياعزيزتي!

انباها حدسها ان رادولفيتحدث عن اللقاء الثاني عندما اختطفها على اثر ضربةالسوط اثار حنقها عدماكتراثه الدائم بالحادثة الاولى وتركيزه على الثانيةوكان لين ارتكبت يومهاجريمة لا تغتفر محت اثار فعلته البشعةبعد ما جرى في الامس تحول رادولف بسرعةمن رجل شرس الطباع , عصبي المزاج الىهادئ لاتثور اعصابه لمجرد سماعه كلمة كماكان يفعل في السابق تذكرت المراةما قاله البارحة خصوصا الجملة التي تمتمهاولم تفهم منها سوى : الجانب الاسوامنيلاشك في ان لهذه الكلمات اهمية قصوىلان الغجري كان صادقا عندما تفوهبها كانه يدلي باعترافات خطيرة يحاول جاهداابقاءها دفينة اعماقه , لاعبا دورالرجل الشرير الساخر من القيم اهو مصاببانفصام في شخصيته يتصارع فيهاالخير والشر بعنف يجعله متلونا من ساعة الى اخرى؟ ايحاول الجانب الخيرالانتصار على الجانب الشرير والافلات من براثن الغرائزالبدائية ؟ ان هذاالصراع ينعكس على لين بشكل دراماتيكي يجعلها رهينة مزاجزوجها المتقلب ماحدث البارحة يعزز اعتقاد لين فرادولف هدا بعد ان انفجربشدة وطغى عليهجانبه الحسن بعد ان بدا نادما على ما فعله بها حاول التكفيرعن ذنبهبملاطفتها وتطييب خاطرها وعندما افاق في الصباح نظف الفستان الذي رمتهلينعلى الارض ثم احضره لها والبسها اياه بكل رقة ونعومة مراع خضراء علىامتداد النظر رافقتهما في تجوالهما ” تحرسهما ” هضاب واسعةمغطاة باشجارخضراء عالية تهمس في اذن السماء الصافية اشعارا والحانا اوقفرادولف السيارةفي مكان اخضر فسيح في منطقة تدعى كيلارني وسار العروسان الىبقعة منعزلة فيهابحيرة جميلة تقع على سفح جبل عالكادت الدهشة تعقد لسان لين فاخذت تجيا الطرففي هذه الجنة الرائعة تغرف منجمالها وبراءتها فيفيض البهاء في نفسها عذوبةوصفاء
– ما اجمل هذا المكان ! كيف تعرفت اليه ؟اجاب رادولف :
– انا اعرفايرلندا كلها شع في عيني المراة الشابة بريق وارتسمت على شفتيها ابتسامة واحستبنفسها تسبحفي بحر من الاحلام شعرت بالدفء يغمرها عندما طوقها رادولفبذراعيه ليتهيكرر كلمات الامس بوضوح لتعرف المزيد عنه ترتاح
– تعالي , علينا الا نضيع المزيد من الوقت !
نظرت اليه بحيرة وقالت :
– قل على الاقلالى اين
– ستعرفين عندما نصل
– لن اعرف شيئا فانا ضائعة ضحك رادولفوقال :
– نحن في كيلارني وهذا الجبل يدعى الجبل القرمزي
– لم يفدني شرحككثيرا
– ايهمك الى هذا الحد الاطلاع على التفاصيل الجغرافية ؟
– في الحقيقة ,لاعاد رادولف بسرعة الى السيارة وجلب سلة مليئة بالطعام وابلغ زوجتهكالعادةانه سرق السلة ومحتوياتها من احد المتاجر لكن المراة لم تقتنع بكلامه
– انت لم تسرق شيئا !
– اتحاولين تبرئة نفسك من وجودك مع زوج لص لا يعرفالا السرقة وسيلة لكسبالرزق ؟اصاب رادولف بسؤاله لان لين كانت تكره فكرةكونه لصا ارادته رجلا شريفا يحصل على لقمة عيشه بعرق جبينه ولكن لماذا تجدنفسهامهتمة بسلوكه ؟ ما الفارق في ان يكون رادولف لصا او رجلا شريفا ما دامتستهربمنه يوما وتسترجع حريتها الغالية؟
6- السجن الجديداخذت لين تتساءل مااذا كان ممكنا الا يكون رادولف قد سرق كل هذه الاغراض ,
فمن اين اتى بالصحونوالسكاكين والملاعق خصوصا وانها من الصنف الغالي ؟ لابدانه يتعاطي سرقة مثلهذه الاشياء لاعادة بيعها الى تاجر شريك باسعار زهيدة سالته فيما هو مشغولبتحضير الموقد :
– بماذا يمكنني مساعدتك؟
– هلا احضرت الاطباق ووضعتها علىالشرشف ؟
– حسنا تابعت لين وهي ترى الاطعمة المختلفة في السلة :
– مناين جلبت كل هذا ؟جاء جوابه ساخرا كما توقعت :
– السرقة وسيلتي المفضلة لابل الوحيدة !

تنهدت المراة واقرت بان استمرارها في طرح هذه الاسئلة يعني استمرارتلقيهامثل هذه الاجوبة لكنها لم تترك كلماته تمر دون تعليق فقالت :
– توقعت ان تكون فعلت ذلك ولكن من اين سرقت هذه الاغراض ؟عندما ضحك الغجري وبانتاسنانه الناصعة , شعرت لين بقلبها يخفق بقوة وحاولتان تكتم اعجابها المتزايدبزوجها الوسيم
– اغرت في الليل على مطعم قريب من المخيم , لقد كانت مهمة غايةفي السهولة !
– لا تختلق الاكاذيب لا يوجد اي مطعم بالقرب من المخيم !
– انت مخطئة ياعزيزتي لانك لاتعرفين المنطقة كما اعرفها برغم دقة الموضع سادالحوار جو لطيف وكان الزوجان كاي عروسين سعيدينيتبادلان اطراف حديث عذب ومرح وحرصت لين جاهدة على عدم اثارة رادولف لئلايعود الى مزاجه الشرس ويفسد هذااليوم الجميل سالته بصوتها الرقيق :
– هل سرقت المقلاة كذلك ؟ابتسمرادولف وهو يشعل النار ثم اجاب :
– نعم ولكن سرقتها كانت صعبة وكادت تؤديبي الىالسجن , فقد اوقعتها على قدميولم اتمكن من العدو بسرعة حتى كاد رجل الشرطةيلحق بي لكن حيلتي كانت اقوىواستطعت الافلات بعد ان اختبات وراء سور عال
اضاف وهو يضع شرائح لحم العجل في المقلاة :
– افعل اي شئ كي لا اعود الىالسجن لان من يجربه مرة يبذل المستحيل لئلا يعيدالكرة لم تعلق لين علىكلام زوجها لانها كانت محتارة في تصديقه او لا , بل انصرفتالى المساعدة فياعداد الطعام وعندما اكتشفت علبة مليئة بمختلف انواعالفاكهة قالت :
– لااستطيع ان اتصور كيف جلبت كل هذا!لا , لا تقل شيئا عن السرقة لقدتوصلتالى واقعة ثابته وهي ان في تصرفاتك وطريقة عيشك اشيئا لا علاقة لهابانتمائكالغجري انت انت مختلف تردد رادولف طويلا قبل ان يتحسس جرحهويتكلم :
– ولكنك قلت اني غجري متشرد , حثالة المجتمعمد يده السمراء القوية واضاف :
– الا ترين سمرتي الغجرية ؟ ولماذا تهتمين باموري ما دمت مصممة على الهرب؟رمقها بنظرة تحمل الف معنى ومعنى واكمل :
– لو كنت تودين مشاطرتي الحياةلكانت الامور بيننا مختلفة لم تفهم المراة سبب اهتمامها البالغ باسرار حياةهذا الرجل ولكنها ادركت الان بشكل لايقبل الجدل ان رادولف يرغب ببقائها معهالى الابد !
لماذا تعتقد ان رادولف سيسام منها يوما ويطلق سراحها ؟ لماذا ظنتانه كغيرهمن الغجر لايستقر مع امراة واحدة بل يبحث دائما عن صبية تؤمن له دفءالحبوحرارة العاطفة ؟ فهذا النوع من الرجال لا يرى في المراة الا جانب المتعةوالعبث دون ان يفكر في الامور الاخرى السامية كبناء العائلة وتربيةالاولادغريب كم ان رادولف مختلف بجانب من طباعه عن عوائد الرجال من قومه !
بادر الغجري الى السؤال :
– اما زلت مصممة على الفرار ؟اجابت المراةبكل عزم :
– بالطبع , وماذا تتوقع مني غير ذلك ؟اشاح رادولف بوجهه كي لاتظهرانفعالاته وصرح بصوت مرتجف بعض الشئ :
– برغم البداية السيئة يمكننا ان نعيش معاحياة جميلة توقف ليستجمع افكاره ثم اضاف :
– اليوم مثلا سار كل شئ على مايرام
– لا اعتقد ان يوما واحدا من التفاهم يكفي لبناء حياة مشتركة
– كلطريق تبدا بالخطوة الاولى , فلنعتبر اليوم خطوة اولى ومثالا نحتذيه فيتصرفاتنا
لم تصدق لين ان هذا الرجل الذي يتكلم هو رادولف اين التعالي والغطرسة فيصوته ؟ اين نظراته الساخرة ونبرته المتهكمة ؟من عادة رادولف اعطاء الاوامرورؤيتها تنفذ , لكنه الان يطلب من زوجته العيشمعه لا بل هو يتوسل اليها !
– اسمع يا رادولف , انا لا انوي ان امضي حياتي متنقلة من مكان الى اخر لانياحبالاستقرار اضف الى ذلك اني لست مغرمة بك وتبعا لذلك يغدو طلبك غير قابلللاستجابة لم يعلق الغجري على رفضها بشئ بل غير الموضوع وانصرف الى الاكلبعد ان ملاطبقا لزوجته وصب لها بعض الشاي جلس الزوجان بعد الاكل يتاملان مياهالبحيرةالرقراقة والشمس تغمر المكان بدفئها وطنين النحل يملا الجو بهجة وفرحا
ماذا يطلب الانسان اكثر من ذلك ليكون مسرورا ؟ ماذا ينشد ليشعر بالامانوالسلام ؟ وهذا ما شعرت به لين فتداعت جدران الحقد الفاصلة بينها وبين زوجها
وشعرت بان هذا الرجل قريب منها ولم يعد ذلك الشخص الشرير الذي كرهته الى حدلايوصف نظرت الى وجهه فلم تستطع انكار جماله الباهر وملامحه النبيلةالمتناقضة معانتمائه الغجري يزيده هذا التناقض غرابة وفرادة لايملكها غيرهمن الرجال جعله ذلك اميرا في ثوب فقير , نبيلا في ملامح رجل اسمر عانى شظفالعيش وخبرمصاعب الحياة لم تر لين في حياتها احجية بهذا الغموض , وسامةمتعالية في رجل فقير ينتميالى قوم يفتشون عن اللقمة ليسدوا رمقهم , يعيشونمتشردين بلا وطن ولا هدف التفت رادولف اليها فوجدت صعوبة في ازاحة نظراتهاالماسوره ببريق عينيهالسوداوين
– متى سنصل مقصدنا ؟
– امامنا الكثيرمن الاميال بعد لم تقنع لين بهذا الكلام فقالت :
– هذا ليس بجواب , الاتستطيع ان تكون اكثر وضوحا ؟تناول رادولف الفاكهة واجاب :
– اعتقد انه علينااجتياز حوالي الخمسين ميلا ناولها تفاحة حمراء سائلا :
– اتريدين تفاحة؟
– بكل سرور
– على الرحب والسعة ياعزيزتي ما رايك بمزيد من الشاي؟استغربت لين كل هذا الانتباه وكل هذه الرعاية من زوجها , لاسيما انها خذلتهباعلانها عن رغبتها في عدم العيش معه واصرارها على الفرار
– لا , شكرا
– فلنجمع اغراضنا اذن لنكمل الرحلة تنهدت المراة وتمتمت شاكية :
– اودلو اعرف سبب رحلتنا
– كوني على ثقة بان السبب وجيه جدا اخذ رادولف يجمعالاغراض في حين توجهت لين الى البحيرة لترمي ي مياهها بقيةالشاي وذكرى ساعاتبديعة امضتها في هذا المكان حيث لم تفكر مرة واحدة , خلافاللسابق , بايجادطريقة للفرار !
في السيارة شاركها رادولف تساؤلها عندما قال :
– ارى انك لمتحاولي الهرب اليوم !
– لم اجد فائدة في ذلك لانك بدون شك اسرع مني في العدو , فلو حاولت شيئالامسكتني بسهولة
– هذا صحيح ولكن مع ذلك لاحت لك عدة فرصللافلات خصوصا عندما كنت احضر الطعاممن السيارة
– لقد وزنت جميع هذهالفرص ووجدتها خاسرة لانني كنت سالقي عقابا شديدا علىفعلتي !
لاحظت لين انهانفعل لما سمع وان لم يعلق على الكلام بشئ ظل رادولف صامتا حتى وصلا اخيرا الىطريق ضيق مقطوع يقوم في نهايته مخيمللغجر
– سنتوقف هنا ياحلوتي
– اهذا هو المكان الذي نقصده ؟
– كلا هذه مجرد محطة قصيرة في رحلتنا اوقفالسيارة قرب احدى العربات واضاف :
– ابقي هنا فلن اغيب اكثر من بضع دقائق
واخيرا وجدت لين فرصة ذهبية لتفلت من قبضة خاطفها فهزت براسها موافقة وغرقتفي مقعدها تنتظر ابتعاد زوجها عن السيارة تقدم منه بعض الرجال السمر وغرقالجميع في محادثة هامة لم تسمع لين منها شيئالانها كانت بعيدة عن موضوعها ثمتحسست مقبض باب السيارة وادارته على مهل ,
ونظرت الى زوجها الذي ادار نظره لها بعد ذلك لمحت الرجال يرمونها , بينلحظة واخرى , بنظرات فضولية فتوترتاعصابها وصارت خائفة من الاقدام على خطوةالفرار شيئا فشيئا فترت همتها وراتان لا فائدة من المحاولة لان الجميع فيالمخيم سيكونون على اعقابها ويعيدونهاسجينة لذلك اعادت اقفال الباب كمافتحته بهدؤ وفتحت زجاج النافذة لتسترقالسمع فاصيبت بالخيبة لان الحديث كاندائرا باللغة الغجرية لا بد ان لمايدور بين هؤلا الرجال اهمية قصوىبالنسبة لزوجها وبالنسبة لها عندها اطل رجلعجوز انضم الى الرجال وتحدثبالانكليزية فتمكنت من سماع ما قال :
– انه لميات يارادولف اتعظ ودعه وشانه لانك تعذب نفسك بدون جدوى لقدنصحتك مرات عدة قاطعه رادولف فنظر العجوز الى السيارة واكمل كلامه بلغةاهل قومه حتى لاتفهملين شيئا بعد قليل عاد رادولف الى السيارة غاضبا وفي الوقت نفسه عاقدا العزمعلىالوصول الى هدفه السري انطلق بالسيارة دون ان يكلف نفسه مشقة الالتفاتالى زوجته ولم يحرك ساكنا الاعندما انتبه الى ان السيارة تحتاج الى الوقود فقد استنفذت الرحلة محتوياتالخزان الذي ملاه رادولف في الليلة الماضية عادالغجري ادراجه الى المخيمواشار الى احد الرجال كي ياخذ السيارة ويملا خزانهابالوقودترجلت لين وهي تتحسر على فرصة اخرى ضائعة للافلات اذ انها خططتللاقلاعبالسيارة فيما رادولف منشغل في المحطة بتعبئة الوقود ودفع المال اماالانفها هي معه في المخيم ويدها حبيسة يده على سبيل الاحتراز ومنعا لايةمحاولةفاشلة تبدر منها عندما اخرج رادولف المحفظة من جيبه ليعطي المالللغجري لاحظت لين ان فيهامبلغا محترما , فقالت :
يبدو ان لديك الكثير منالمال غابت رنة المزاح من صوت رادولف هذه المره عندما اكمل :
-المسروق
كان بلا شك منشغل الفكر بما اخبره هؤلا الرجال فلم ينصرف الى المزاح والمرحكعادته من الواضح انه يتنقل من مكان الى اخر بحثا عن احد فهذا ما استنتجتهلين بسهولة من كلام اولاف وكلام الرجل العجوز
ولكن هذا لا يفسر اللغز كاملا بل يطرح سؤالا جديدا : من هو الشخص الذي يبحث
عنه رادولف ؟ وهذا السؤال يستتبع اسئلة كثيرة منها : لماذا يبحث زوجها عنه
وماذا سيفعل عندما يجده ومن الجلي ايضا انه ليس من السهل العثور على هذا
الشخص كما انه ليس من السهل ان يستسلم رادولف ويكف عن البحث عنه فهو مستعد
لان يجوب ايرلندا عرضا وطولا ليصل الى ضالته المنشودة وما زاد الامر غرابة
كون رادولف يملك المال الكافي ليغطي نفقات رحلاته المكلفةولكن ما يبعث
الرجاء في نفس لين هو ان الفرصة المؤاتية للفرار لابد اتيه في احدى هذه
الرحلات لان حراسة زوجها مهما كانت دقيقة لن تستطيع منعها من الهرب
كانت الشمس قد بدات بالافول عندما وصل الزوجان الى المخيم المقصود , وبريق
النجوم شرع ينفذ من بين اغصان الاشجار الكثيفة اقيم المخيم في اطار طبيعي
خلاب في حضن سهل فسيح محاط بجبال عالية ومروي ببحيرات متناثرة هنا وهناك
تتجمع فيها مياه الشتاء المتدحرجة من القمم الشاهقة
كالعادة , هجم الرجال والنسوة والاطفال لملاقاة رادولف مرحبين به اشد ترحيب
بلغتهم الغجرية تكلم رادولف فنظر الجميع باعجاب الى لين وهم يطلقون عبارات
الدهشة والفرح ففهمت المراة انه شرح لهم انها زوجته بعد ذلك توجه واياها
الى احدى العربات الخالية وكان رادولف منتظرا هنا واعدت العدة لاستقباله
بعد ان اصبحا في الداخل طرحت لين السؤال الذي يقلقها :
– الى متى سنبقى هنا ؟ احس وكاني سلعة يتفرج عليها الجميع في معرض !
– سيعتادون عليك ويعتبرون وجودك طبيعيا مع الوقت
– الم يفاجئهم امر زواجك ؟
ابتسم رادولف مجيبا :
– لم يفاجئهم بل ادهشهم
– ايدهشهم ذلك لانك كنت معروفا باصرارك على عدم الزواج ؟
– تماما
– من المؤسف انك رجعت عن مبادئك وتخليت عن اصرارك !
امتلات نفس لين بالحزن والخيبة من جديد فاليوم الممتع الذي مر اصبح جزءا من
الماضي والذكريات , وها هي الان تعود الى الوحدة والضجر اعادت اليها العربة
الجديدة دور السجينة الذي لعبته منذ اختطفها رادولف في ذلك اليوم المشؤوم
واجبرها على ان تصبح زوجته لكن ما يخفف من وطاة المرارة هو كون العربة
الجديدة في حالة افضل بكثير من العربة السابقة , فالجديدة احدث وانظف
لاحظ رادولف حزنها فسال بقساوة :
– ما بك الان ؟ انا لم ار في حياتي انساا متقلب المزاج مثلك !
– وماذا عن مزاجك؟ اليس حادا وقاسيا كمزاج وحش مفترس ؟
– لم اقل ان طباعك حادة بل متقلبة فحسب , ساعة اراك فرحة وساعة حزينة !
اجال طرفه في العربه واضاف :
– انظري حولك , الا تجدين ان العربة نظيفة ومريحة ؟ ساجلب حقيبتك من السيارة
لتضعي ثيابك في الخزانة ا حضر رادولف حقيبتي زوجته وحقيبة ثالثة وضع فيها
ثيابه جلست لين تراقبه بانبهار يخرج ثيابا انيقة من حقيبته لايملكها الا
الاثرياء واصحاب الذوق الرفيع
ادرك الغجري ان زوجته فوجئت بما يملك فقال :
– تركتك نائمة البارحة وسرقت كل هذه
قاطعته لين بحدة غير ابهة بالنتائج :
– لاتحاول تفسير اي شئ فانا لست مهتمة ابدا بمصدر هذه الملابس !
ابتعدت عنه ووقفت تحدق في قمم الجبال المختبئة وراء حمرةالشفق تمنت لو تكوت
هذه اللحظة جالسة هناك حيث الهدؤ والبعد عن الضجيج وكذب حضارة العالم تجمعت
دموع الغضب في عينيها , غضب اثارة فشلها وخيبتها المرة
– انصحك يا لين بالا تثيري اعصابي , فالنتائج معلومة
استدارت المراة حانقة ويداها على خصرها قائلة :
– اتهددني من جديد ؟ هيا افعل ما فعلته في الامس !فهذا افضل ما يتوقع من
من متشرد حقير !

توقف رادولف عن توضيب ثيابه ونظر اليها والشرر يتطاير من عينيه
– النتكفي عن التحقير بي ؟ اتحاولين ارغامي على استعمال العنف معك ؟تقدم منه وامسكبكتفيها وقال :
– تعلمي لجم لسانك الطويل فانا لست مستعدا لتحمل الاهانة تلوالاهانة !
هزها بعنف ولكنه لم يتماد كما فعل في الليلة الماضية بل ضبط اعصابهوسرعان ماتركها تحسست لين اثار يديه القويتين على كتفيها وتساءلت كم منالالامستتحمل قبل ان تفلت من قبضته
– من الافضل ان تضعيملابسك في الخزانة لاننا قد نبقى هنا بضعة ايام
– والى اين نذهب بعد ذلك؟تنهد رادولف واجاب :
– لا اعلم ياله من تبدل ! من غجري عنيف الى رجلهادئ تعب ومثبط العزيمة انتقت لينكلماتها بدقة عندما تكلمت :
– اتبحث عنشخص معين ؟لم يكن رادولف على علم انها سمعت كلام العجوز وسمعت قبل ذلك كلاماولاف فرمقها بنظرة متسائلة :
– مالذي يجعلك تظنين اني افعل ؟
– انهالتفسير الوحيد الذي وجدته لهذا التجوال المستمر
– فهمتساخرج بعد حواليالساعة واطمئنك بان العربة محروسة جيدا فلا تحاوليالهربقال رادولفذلك بلهجة عادية كان الموضوع ليس ذا اهمية مما اثار لين فصرخت :
– وكم ستغيب ؟لا استطيع تحمل الوحدة ! سافتح النافذة واملا الدنيا صراخا !
لا لن استطيعالصمود
– لاتكوني ماساوية بهذا الشكل المسرحي فلن اغيب عنك طويلا زادتثورة المراة وهددت:
-ساحطم النوافذ , ساحطم كل شئ !
اطلق الغجري زفرة عميقةفادركت لين ان في ذهنه ما يشغله كفاية ويجعله بغنى عنمشكلة جديدة تسببها لهامراة , فاستنتجت انها اذا زادت الامر صعوبة وتعقيداتخلى عنها واطلق سراحهالينصرف الى حل مشكلته الاساسية هو بالطبع مشغول بالعثور على الرجل “الخفي” فاذا مارست لين اللعب باعصابهواثارته كلما سنحت لها الفرصة , ينفد صبره ويتخلىعنها لاشك انها ستدفع ثمناغاظته كدمات وجروحا ولكن ذلك لايقاس بالبقاء فيسجن الحياة الغجرية الىالابد
– لقد قلت لك انني لن اتاخر وجد رادولفصعوبة في الكلام بسبب الارهاق الشديد , الذي لم تسببه ساعاتالقيادة الطويلةلان بنيته القوية تجعله بمامن من الارهاق الجسمي , بل مشكلتهمستعصيه تشغل روحهوعقله وجهت لين اليه سؤالا ليس في محله بل يهدف الى تاخير خروجه فقط :
– الن تتناول طعاما على الاقل ؟
– ليس قبل ان اعود لم تكن المراة جائعه بلحاولت بسؤالها ان تعيق ذهابه , لكنها اذعنت للامروجلست على كنبة تنتظر خروجه
بدا رادولف مترددا في الذهاب هل هو قلق عليها ؟ فشعوره بالقلق واضح علىوجهه عندما فتح الباب ليخرج اعطاها نصيحة اخيره :
– لاتحاولي شيئا سخيفايا لين لانك لن تنجحي في الفرار
– سانجح يوما لما نظر اليها بعينيهالماكرتين علمت لين انه يخطط لما سيفعله بها عند عودتهوتاكدت من نياته عندماسالها بخبث :
-اواثقة انت من النجاح ؟ سنرى مدى صلابتك عندما اعود !
– نعم ساخرج من سجنك وساحمل معي ابشع الذكريات !
ادركت لين ان لعبتها ناجحة عندما راتزوجها يعض على شفته السفلى ويده تشد علىمقبض الباب ستواصل حملتها على اعصابهفي الغد لتصل الى غايتها عاد رادولف الى العربة في العاشرة فوجد لين نائمة علىكنبة عريضة استسلمتالمراة بسرعة الى النوم بعد ان وزعت ملابسها في الخزانةوالقت نظرة فاحصة علىالعربة الواسعة والنظيفة دخلت الى المطبخ المرتب وحضرتبعض الشاي ثم جلستتحتسي فنجانا في غرفة الجلوس قبل ان تدخل الى غرفة النوم بعدان تاكدت منوجود الحراس اليقظين في الخارج يرصدون تحركاتها لابد انهم يتلقونالمال منزوجها لقاء خدماتهم , مال وفير لاتعرف مصدره وقف رادولف يتاملشعرها المتدلي كوشاح حريري على الكتف الغض واحس بالالم يعصرقلبه و ثم تمتم فينفسه :
غجري متشرد , حثالة المجتمع توجه الرجل الى المراة ينظر الى بشرتهالداكنة وشعره الاسود القاتم المتشعثكنسيمات الجبال الصباحية استدار لما سمعزوجته تتحرك في كنبتها وتفتحعينيها لتشاهده امامها عرف من اقفالها عينيهاومن الدموع المنحبسة وراء الجفنين انها شاهدت الرجلالمتوحش , البدائي
– عدت اخيرا اقترب الغجري منها وسالها بحنان :
– اتفضلين وجودي على البقاءوحيدة؟كذبت لين كي تجرحه امعانا في ممارسة لعبة حرق الاعصاب
– بالطبع لا ! وجود شخص غير مرغوب فيه لا يشتهيه احد !
امسك بيدها واجبرها على الوقوف ثم ضمهااليه بقوة
– انت تفقدينني اعصابي !

قاومته لين بعنف وهي ماتزال شبه نائمة , وفجاة تراجعت عندما لامست وجنتهاالجرح في خده
– اتخافين من جرح بسيط كهذا؟تناول يدها ومررها على جرحه واضاف :
– ستنالين قريبا من الدواء نفسه لانياحب معاملة الناس بالمثل اتستمر لين في توتير اعصابه ؟ لا , لن يجدي ذلك نفعامعه عليها الرضوخلمشيئته والاذعان لاوامره لتخفف من وطاة نار هذا الجحيم
عندما رفع راسها الى عينيه رات من جديد الحنان يملا نظراته , رات رادولفالخير يطغي على رادولف الشر ويتغلب عليه مؤقتا في الصراع العنيف الدائر فينفسه واحست من واجبها مساعدة هذا الرجل كي يصل الى الامان وتستقر شخصيته ,
ولكن ما السبيل الى مساعدته ؟ لربما كان تجاوبها مع عناقه كفيلا بحل المشكلةوجعله يشعر بانه موضع اهتمام واخيرا جاءت اللحظة الحاسمة فقد جذبها رادولفاليه ليقبلها اتقدم على خطوة التقارب ام تحجم عنها ؟وللاسف تغلبت غرائزلين على ارادتها وابتعدت عن زواجها الذي لم يرض بالهزيمةوجعلها تسدد الفاتورةبطريقة فظةبعد ان انقشعت غيوم المهانة والذل تمتمت لين بين الشهقاتالمتتالية :
– اكرهك وساجعلك تدفع ثمن كل شئ غاليا في يوم من الاياملم تؤثركلماتها في رادولف بشئ لانها كانت موجهة الى الجانب السئ الذي تحدث عنهحملهابخفة الى السرير ليكمل انتقامه وينهش من جمالها المستسلم نهشا
7- منزل علىالشاطئ الذهبيدام تنقل رادولف ولين من مخيم الى اخر مدةاسبوعين جابا خلالهما انحاء واسعةمن ايرلندا قطعا الجبال والسهول , والبحيرات والانهار , والوديان والمراعي
, ولو لم يكن هاجس الفرار ماثلا فيذهنها لاعتبرت لين نفسها سعيدة الىدرجة لا توصف لم يقترب رادولف منها منذان صفعها المرة الاخيرة , حتى انه كان ينام علىكنبة ويترك لها السرير لتاخذحريتها صار يعاملها بكل لطف وعناية وان لم يخلالامر احيانا من كلمات جارحةتاتي ردا على زلات لسان تبدر من لين لكنالقضية لم تتعد الكلام لحسنالحظحاول الغجري ان يظهر الجانب الحسن وبالتالي سحق شخصيته الشريرة المرعبة وقدنجح لا في ازالة خوف لين فحسب , بل بانشاء علاقة ود بين الاثنين فاضحتقوتهخالية من البطش وسطوته بعيدة من الظلم كما غاب عن لين الشعور بالاسىوالمرارة اللذين رافقاها كظلها في ايام اختطافها الاولى ولكنها لم تكف معذلك عن الكلام على الهرب في اول فرصة تلوح لها وفي الحقيقة صارت لينمقتنعة تقريبا بحياتها كزوجة لغجري متجول لاسيما وانرادولفلا يتركمناسبة الا ويذكرها بان مكان المراة هو الى جانب زوجها لكن ذلكلايعني شعورابالاستقرار بل كانت المراة الشابة في حالة انتظار وتوقع دائمينمعتبرة ان عثورزوجها على من يبحث عنه سيغير مسار حياتها لم يحط الزوجان حتى الان رحالهما فيمكان معين بل استمرا في الطواف من مطرحالى مطرح , يشغلان العربة الشاغرة , ويحلان ضيفين على قوم الزوج كان من عاداتالغجر ابقاء عربة مخصصة لضيوف غيرمتوقعين ياتون على حين غرة كما يفعل رادولف
لكن لين مخطئة في تصورها لانرادولف كان منتظرا اينما حل وكانت تخلي لهعربة خصيصا قبل وصوله بساعات قليلة ويعود اليها سكانها الاصليون فور رحيله

سالت لين زوجها يوما وهما في طريقالعودة الى كيلارني بعد ان زارا ثلاثةمخيمات مكثا في احدها يومين وفي الاخرينبضع ساعات
-الى متى سنظل ننتقل هكذا ؟
– اعتقد اننا سنكون في بيتنا بعدحوالي اسبوعيناوقف رادولف السيارة الى جانب الطريق واخرج قنينة شراب البرتقالمن صندوقالسيارة ليتناولا كوبين منعشين , في حين كان تفكير لين يعمل جاهدالاستيعابكلمة ” بيتنا ” عن اي بيت يتكلم زوجها ؟
– اتعني اننا سنستقر فيمخيم معين ؟قالت لين ذلك وهي تهز راسها وتفكر بوجودها في مخيم للغجر وبالحياةالمتعبةالتي تنتظرها وبرغم ذلك فهي تقر انها لا تتصور نفسها تعيش بدونرادولف مندون ان تعلم السبب صارت الامور مشوشة في ذهنها فمنزلها ومجتمعهاالحقيقيانيقومان في وطنها انكلترا حيث تحلم بالعيش في منزل صغير لتبني عائلةصالحةيشاركها في طموحها رجل تحبه او على الاقل ترتاح له وتعيش وادعة مطمئنة طالما عادت صورة توماس الى ذهنها في الايام الماضية لكن رادولف كان مصيباعندما قال ان توماس لا يناسبها , فهو رجل طيب لكنه ليس خلاقا مما يساهم فيزيادة الرتابة والروتين في حياتها التي علمت من خلال تجربتها الجديدة مدىسخافتها , وانسيابها المجرد من اي نكهة ومعنى قطع رادولف حبل افكارهابقوله:
– لابد ان ننتهي من الطواف ونستقر اعترضت لين بلهجة ناعمة قريبة منالتوسل :
– لا استسيغ فكرة العيش في مخيم , الا نستطيع السكن في مكان اخر؟رماها زوجها بنظرة ملؤها الحيرة والتردد كانه يخاف من البوح لها باشياءيكتمها في نفسه على مضض لذلك اختار كلماته بدقة وقال بتمهل :
– افهم منكلامك انك اصبحت مقتنعة بالعيش معي ؟هربت لين من نظراته واخذت تفكر لماذا لمتعترض على ذلك بشدة كما كانت تفعل فيالسابق وبعد ان وزنت الامور في راسهاوتراءت لها حياتها المقبلة وما يمكنان تعانيه في المجتمع الغجري من عبوديةتصيب المراة وتذلها , صاحت باعلىصوتها :
– لا ! لم اقتنع بذلك ! ساستمر فيمحاولة الفرار وسانجح في ذلك ! انتلاتستطيع مراقبتي الى الابد , لاتستطيع انتراقب تحركاتي لسنوات وسنوات حتى نصبح عجوزين هرمين !
ارتفعت حدة نبرة لينحتى جفل رادولف منها وزادت :
– ارجوك دعني امضي في سبيلي , ارجوك دعني اعود الىبيتي !
بكت المراة بمرارة وغشى كيانها اضطراب كبير فاخذت ترتعش حتى اوقعت كوبالعصيرعلى ثوبهاتناول الغجري الكوب من يدها وانتظر حتى هدات , وبالفعلعادت لين الى هدؤهاالسابق وتكلمت بكل واقعية :
– لنعقد اتفاقا مثمرا لنانحن الاثنين تعطيني حريتي مقابل سكوتي عن حادثالاختطاف وتعهدي بالا اطلعاحدا على ما جرى بلعت لين ريقها لتزيل الثقل القابع في حلقها واعصابها الثائرةتجعل منطقهامغلوطا , وفكرها شاردا ومشوشا لم يعد شئ في ذهنها واضحا واحستبرغبة فيالصراخ عندما مرت امامها الصور متدافعة , صور الحرية والعودة الىالوطن صوررادولف الطاغية وسطوته القاسية تطردها صور طيبته ولطفه اللا متناهي ودار فيخلدها صراع قاس بين الحياة مع رادولف والحياة بدونه , فالاولى رحلةلا تنتهيبين المخيمات حيث شظف العيش , والثانية حلقة مفرغة تبحث فيها عن سعادةتائهةبرزت الحقائق من بين غيوم عقلها المنقشعة وعجزت لين عن الاختيار فلمتجدالا صرخة صادقة تطلقها من اعماقها :
– ساعدني يا الله !

 

– لين ما بكياعزيزتي ؟ بالله عليك لاتفعلي هكذا بنفسك ! لمتنبس المراة ببنت شفه بل نظرتالى الغجري لاتصدق ان ما يختلج في قلبهاحقيقة همست في نفسها :
– لا , هذاليس صحيحا , لايمكن ان يكون صحيحا تكلم رادولف ثانية لكنها لم تسمع شيئالانشغالها بالحقائق الجديدة سرت فيجسمها رعشة قوية وارتجفت بشدة ثم سقطت بينيدي زوجها
– لين , ما بك؟ هل انت مريضة ؟كان صوته ناعما ينم عن قلق عميق لكن لين ليست مريضة بل هي في حالة اخطر منذلك رفعت راسها وكانها تخرج منالغيبوبة , ثم حدقت في الرجل وتساءلت عمايمكن ان تكون ردة فعله لو اطلعته علىما اكتشفت لتوها ايستقبل الخبر بفرحام يقول متشفيا : لقد وقعت في غرام غجريمتشرد اذن ! وهكذا لن تتركيني بعدالان يا امراة لان حبك لي يجعلك امة خاضعة !
لن تخبره بذلك ابدا ! ولن يغير الوضع الجديد من تصميمها على الهرب لانهالاتنوي قضاء حياتها مع غجري برغم حبها القاتل لرادولف لن تستطيع رؤيةاطفالها يترعرعون في مخيم وسط القذارة وبعيدا عن المدرسة الصالحة والبيئةالصالحة ستجعل العقل يسيطر على العاطفة وتحكم المنطق ليسحق الحب لماعادت الى التفكير برادولف من جديد عاد التشوش والبلبلة الى ذهنها لقداستنتجتفي السابق انه يملك شخصية مزدوجة وقالت انها لو استطاعت ابقاء جانبهالسئ بعيدالاستطاعت تمضية ايام حلوة معه وفي الحقيقة انه كان انسانا رائعاخلالالاسبوعين الفائيتين فهو عاملها بكل رقة ولطف , حتى انه لم يحاولتقبيلهامرةلقد كبح جماح غرائزه لا سعادها وقدم مصلحتها على مصلحته دون اي انانية اوحبللذات اي رجل هو هذا ؟ لا تستطيع لين تحمل العيش مع رجل غامض الى هذاالحد وانتكن تصرفاتها الاخرى مقبولة ولائقةنفذ صوت رادولف من خلالافكارها كالنور يتسلل بخجل من بين طيات الضباب :
– سالتك اذا كنت مريضة
– انا بخير الان قالت لين الحقيقة لانها بدات تشعر بالتحسن مع ان افكارها ماتزال مبلبلة نظرت الى وجهه فكادت تقسم انه ليس غجريا , لا يمكن ان تكون هذهالوسامةالراقية في غجري
ان هذا المكان ليس لغجري وظنت ان رادولف ليس صديقا لمالكه كما ادعى , بل هو
يدخل اليه خلسة عندما يعلم ان اصحابه غائبون ولكن من اين اتى بالمفتاح ؟
الجواب على ذلك ليس مستعصيا لان هناك نوعا من المفاتيح الخاصة يناسب جميع
الاقفال والغجر مرشحون اكثر من غيرهم لاقتنائهم هذا النوع
اعادها صوت رادولف الى الواقع عندما بادرها بالسؤال :
– بماذا تفكرين؟

– كنت افكر بكل هذا المال المهدور على بيتشبه مهجور لم يقنعجواب لين زوجها الماكر فصحح قولها :
– لا ياعزيزتي , كنتتقولين في نفسك كيف يمكن لغجري حقير ان يتعرف الى اصدقاءاثرياء كصاحب هذاالمنزل ؟مرة جديدة عادت مسحة المرارة الى صوت رادولف ولكن لين لم تشعربالشماتهلذلك بل انزعجت وحاولت تغيير وجهة الحديث
– اهناك حمام في هذاالمنزل ؟
– وهل يعقل الا يكون هناك حمام ؟ تعالي لادلك اليه بعد ذلك اراهاغرف النوم المرتبة والنظيفة كما دخلا الى المطبخ الواسعوالمجهز باحدث الوسائلواغلاها
– لابد ان احدا ياتي الى هنا باستمرار ليبقى المنزل نظيفا هزرادولف براسه موافقا وهو يشير الى بقعة خضراء لاتبعد كثيرا عن البيت
– هناكمزرعة صغيرة خلف تلك الاشجار تملكها ارملة في الخمسين كلفها صديقيالمجئ يومياللاهتمام بالمنزل
– يوميا ؟
– ستاتي في الصباح الباكر وهكذا ستتاكدين مناني لست متسللا اليس هذا ما يشغلبالك ؟احمر وجه لين لملاحظاته الجارحةوالصائبة لكنها رات في مجئ هذه المراة عملايحتمل ان يساعدها على الهرب
– لا تبني امالا كاذبة فالسيدة وايت تحبني كثيرا وتنفذ مشيئتي
– يبدو ان لديكالكثير من المحبين تجاهل الغجري ملاحظة زوجته وقال :
– المياة ساخنه الاناذا كنت ترغبين في اخذ حمام لقد انبات السيدة وايتبمجيئنا وامرتها بتسخينالماء حدقت لين فيه بذهول مطبق
– انبات السيدةولكن متى وكيف فعلت ذلك؟ضحك رادولف واجاب :
– طلبت الى احدهم في اخر مخيم توقفنا فيه ان يتصل بهاهاتفيا
– فهمت تظاهرت لين بالفهم لانها مهتمة الان بالدخول الى الحماموالاستلقاء في المياهالساخنة لترتاح وتنعم بهذا الترف الذي حرمت منه منذ مدةطويلة ولما همتبدخول الحمام لتخلع ثيابها وجدت الباب مقفلا
– ستخلعينثيابك في غرفة النوم قبل ان اعطيك مفتاح الحمام
– لماذا هذا التعقيد ؟
– لاني اود مساعدتك في ذلك يا حبيبتي
– انت تفكر في كل شئ
– علي ان افكر فيكل شئ والا افلت زمام من الامور من يدي امضت لين وقتا طويلا في غمرة المياهالساخنة ولما عادت الى غرفة النوم كانتهادئة ومرتاحة الاعصاب جلسرادولف على السرير يتامل جمال زوجته في قميص النوم الذي اخرجه لها مناحدىالخزانات نظر الى ساعة كبيرة معلقة على الحائط وقال :
– يظهر انك تمتعت كثيرابالماء لانك امضيت ما يقارب نصف الساعة في الحمام علقت لين بجدية :
– اناحقا اسفة لتاخري
– لا عليك يا طفلتي فانا كنت مشغولا باجراء بعض المكالماتالهاتفية مخابرات هاتفية هذا يعني ان ثمة هاتفا في المنزل حاولت المراةان تتكلمبلهجة عادية حتى لايتنبه زوجها لحيلتها
– الا يمانع صديقكاستعمالك لهاتفه ؟
– لا ابدا دخل رادولف بدوره الى الحمام تحت انظار زوجتهالمتسائلة عن ماهية مكالماتهالتي ليست بالطبع موجهة الى مخيم غجري, لان هذهالامكنه لا تعرف الهاتف انتظرت بضع دقائق حتى سمعت صوت المياه وتاكدت من انزوجها لا يراقبها , ثمخرجت من الغرفة على رؤؤس اصابعها وشرعت تبحث عن مكانالهاتف دون جدوى لاعجبفي ان يخفيه رادولف الداهية لانه مدرك ان زوجته لنتكون غبية وتدع فرصةاستعمال الهاتف تفلت من يده وتضيع هباء تخلت لين عنالبحث وجلست على طرف السرير تفكر في طريقة حديث زوجها عن الهاتف
, وكانه يتعمدخلق مواقف تجعل زوجته تطرح على نفسها المزيد من الاسئلة حولحقيقته تمنت لوتجد سبيلا كي تقنعه بالاجابة على التساؤلات الدائرة فيذهنها والتي تسبب لهاحيرة وشكا عظيمين بماذا تشك المراة ؟ ماهو التفسير الشافي لكل الغموض الذييحيط بزوجها؟ منالمسلم به ان رادولف غجري ومع ذلك لا يمكنها انكار بعض الصفاتالتي تجعل منهشبيها باي رجل مثقف لا بل ارستقراطي نبيل , ان في حديثه ام فيتصرفاته وفيالفترة الاخيره بالذات , اي عندما جالا في البلاد ’انتفت عنه كلعلامة تشيرالى انه غجري حتى بدت متغيرة خصوصا وانه صار يرتدي ثيابا عاديةمختلفة عنالزي شبه ” الفولكلوري ” الذي كان غالبا على هندامه في السابق
والسؤال المحير يبقى لماذا هذا التبدل او لماذا عمد رادولف في بداية تعارفهماالى كسب عدائها ؟ لماذا !لماذا!اسئلة لاتنتهي ! يضافاليها هذا المنزلالفخم قطعة جديدة في الاحجية مادام من غير المعقول ان يكون لغجري صديق حميمبهذا الثراء يعهد اليه بمفاتيح بيته ويعطيه حرية التصرف المطلقة , سيما وانرادولف بدا معتادا على المجئ الى المكان من خلال معرفته كل التفاصيل المتعلقةبالاثاث وبتاريخ المنزل وظروف تشييده يضاف الى ذلك السلطة التي يستطيع بموجبها ان يامر الارملة بتحضير البيت وتنظيفه استعدادا لحضوره
غيرت لين الموضوع فجاة وسالته عن هوية الشخص الذييبحث عنه جفل رادولفلسؤالها وقال :
– الم تقولي سابقا اني ابحث عن شخصوبررت استنتاجك هذا ؟
– قلت ان هذا هو التفسير الوحيد لتنقلك الدائم اطرقتلين قليلا وزادت :
– ساكون صريحة معك هذه المرة
– تفضلي
– سمعت الرجلالعجوز يتحدث اليك عن رجل لم يات الى المخيم وينصحك بالا تكملالبحث عنه
فكرت لين بان تذكر كلمات اولاف ايضا لكنها عدلت لان ذلك ليس ضروريا
– لمتخبريني بذلك في المرة السابقة
– تعني عندما قلت لك انك تبحث عن احد ما ؟ لافقد ظننت انك تتضايق لو عرفتاني كنت استرق السمع حاول رادولف ان يبتسموقال بعد ان غير وجهة الحديث :
– اطلعتني الان على شئ يضايقني الم تخافي مناثارة غضبي ؟
– لم اعد اخاف منك
– قولي بصراحة يا لين , هل انت اسعد الانمما كنت عليه توقف فجاة محاولا ايجاد الكلمات المناسبة لانهاء السؤال , لكندفعة منالشجاعة اتت لين فاكملت عنه:
– مما كنت عليه عندما كنت ترغمني علىمشاطرتك السرير ؟فوجئ الغجري لصراحة زوجته ولكنه كتم شعوره بذكاء
– احسنتفهذا ما كنت ساقوله
– لست سعيدة بل راضية ان تردد لين وعدم ثقتها بما تقوليضرب بهما المثل فلماذا تنكر انها طالمانظرت الى يديه القويتين خلالالاسبوعين الفائتين وتذكرت مداعباتهما ولمساتهماالجذابة وتمنت لو يعيد الكرة ؟اهي ترغب فيه ؟ ولم لا فهي تحبهالحباحتقرت نفسها لانها وقعت في حبائلهلمجرد انه كان ودودا معها فيالايام الماضية , كرهت ضعفها وسرعة ذوبانها في بحرالعاطفةولكن هل صحيح ان شعور الحب لم يبدا الا منذ وقت قصير ؟خصوصا وانلين تعترف انها وجدت الغجري جذابا منذ راته
– وهل يرضيك عيشنا بهذه الطريقةحتى نصبح عجوزين هرمين ؟
– سؤالك غير مجد فانا لا انوي قضاء حياتي معك سمعتلين زوجها يتنهد بدل ان يغضب كالعادة وتساءلت اذا كان سلم بالامر الواقعواقتنعبان المشاركه في الحياة الزوجية تاتي نتيجة الرضى المتبادل لا القهروالاكراهبعد دقائق انطلق رادولف بالسيارة صامتا وملامحه قاسية كالحجر , ينظر امامهكان عينيه متجمدتان لا حياة فيهما وغرقت لين بدورها في التفكيربمشاكلهاوبالحل الانسب الذي يخرجها من هذا المازق من دون ان تسبب اي الم اواذىلزوجهاتوقف الغجري في احد المخيمات لكنه لم يمكث هناك سوى بضع دقائق وابلغ زوجتهبعد ذلك انهما سيمضيان الليل في منزل يملكه صديق له يقع على شاطئالبحر
– ومن هو هذا الصديق ؟
– لا ضرورة لان تعرفي
– انه ليس غجريابالطبع
– لي اصدقاء كثيرون من غير الغجر يا عزيزتي
– اهناك احد في المنزل؟اجاب رادولف بنبرة ناعمة وفي صوته تلك الرنة الموسيقية القريبة من اللهجةالايرلنديه :
– المنزل خال فهو مخصص لقضاء العطلة الصيفية انا واثق من انهسيعجبك كثيرافهو مجهز بكل شئ برغم بعده عن اي تجمع سكني
– اتعني انالمنزل منعزل ؟
– يبدو انك فكرت بالهرب ياحلوتي ! لم اكن لاصطحبك الى هناك لو لميكن المنزلمنعزلا عن بقية العالم
– ايستعمل المنزل لاغراض سياحية ؟ فالبعض يحب تمضية وقت فراغه بعيدا عن الناس

ضحك رادولف وعلق :
– استعملتديباجة بارعة لاخفاء خيبتك
– ماذا تعني ؟
– لاتدعي الغباء يا لين ظننت انوجودك في منزل على شاطئ البحر سيسهل الفرار
, ففي المخيمات هناك من يراقبك ليلانهارا
– الفرار من مخيم للغجر هو في الحقيقة مستحيل , اما بالنسبة لاستنتاجاتكالاخرى فانك مخطئ لاني صرت اعرفك كفاية كي ادرك انك حاضر ابدا لاحباط ايةمحاولة اقوم بها للافلات جل ما في الامر اني استغرب وجود منزل مخصص للعطلةفي مكان منعزل كما فهمت من كلامك
– لقد بنى صديقي هذا المنزل منذ اربعسنوات حتى يهرب من همومه ويرتاح هناك منعناء اعماله المتراكمة عجبت لينلكلام زوجها فكيف يتوصل غجري الى مصادقة شخص ثري يبني منزلا لمجردحبه الاختلاءبنفسه !
– لابد ان صديقك ثري جدا ! انا لم اعد افهم شيئا اه لو تخبرنيالمزيد عننفسك فلربما صارت الامور بيننا مختلفة ضغط رادولف على المكابححتى كاد راس لين يرتطم بالزجاج الامامي نظر اليهابدهشة وسالها :
– ماذاتعنين بمختلفة ؟هزت المراة راسها عاجزة :
– لا استطيع التفسير وبالفعللم تكن تستطيع التوضيح لانها هي نفسها لا تعلم ماذا تقصد تماما منكلامهاانطلق الغجري بالسيارة , وقاد لساعات في طرق منعزلة تتعرج بينالهضاب الخضراءحتى انعطف اخيرا في زقاق ضيق لا يعرفه احد وليس موجودا علىالخريطة كما ابلغزوجته كادت لين تلهث عندما رات جمال الطبيعة حولها , صخور الشاطئ ورماله الذهبيةالمترامية كانها لا تنتهي لايزورها سوى طيورالنورس تبحث عن رزقها بعيدا عنفضول الانسان استمر سيرهما في هذا المكانالنائي حتى وصلا الى طريق صخرية لم تعرف طعمالاسفلت , فاخذت السيارة تثب علىالحجارة وراكباها يعانيان صعوبة المسلك حتىبلغا اخيرا بوابة عتيقة منحوتة فيالحجر تدل على ان المنزل بني على انقاضبناء قديم وخلف البوابة والسور المحيطبالارض نمت اشجار خضراء من مختلفالانواع , وتوزعت ازهار وورود زاهية هنا وهناكتضفي على الجو رونقا وضياء كانت اشعة الشمس ما تزال ساطعة ترسل الوانها علىالمنزل الابيض المحاط ببساطمن العشب الاخضر وسجادة من الازهار انعقد لسانلين من الدهشة وصعقت لجمالهذه البقعة الطاهرة التي لم تدنس عذريتها ارجلالانسان الشرهقالت وهي تترجل من السيارة :
– اه ما اروع هذا المكان !
اجالت طرفها بين الجبال الشاهقة والبحر المترامي الاطراف في زرقة يخالطهابياض الزبد عجيبة هي طبيعة ايرلندا في جمعها سمو الجبال ووداعة البحر فيلوحة واحدة
– كيف وصل صديقك الى مكان كهذا ؟مرت لحظات تردد قبل انيجيب زوجها :
– ان عائلته تملك الارض منذ عدة اجيال وقد اقامت فيها مزرعة كبيرة
اشار بيده الى بقايا البناء المتهدم وقال :
– كان هذا بيتا لعمال المزرعة وجد صديقيالمكان مناسبا ليناء منزل يرتاح فيه عندما يحتاج الى الابتعاد عن عالمالاعمال والضجيج
– وماذا يعمل صديقك ؟
– لديه املاك كثيرةجاء جوابالغجري مقتضبا يحذر لين من التمادي في طرح الاسئلة , ويعلمها بانهما عاد يرغبفي التوغل في الموضوع اكثر دخل الزوجان الى المنزل الفخم حيث الاثاث الوثيروالسجاد العجمي والستائرالحريرية الفاخرة واعجبت لين بالثريات والكريستالوالانية الفضية وتماثيلالعاج والبرونز كما لفت نظرها الديكور الذواق الذينظمت على اساسه غرفة الجلوس , ثم هزتراسها مدركة.
في هذه اللحظة دخل رادولف الى غرفة النوم مرتديا لباس نوم انيقايتناقض معشعره غير المسرح , ويعطيه شكلا فريدا جامعا بين الظاهر الانيقوالطبيعةالبدائية لايقال عن رادولف الا انه طائر يغرد خارج سربه !
عرفالغجري ما اثاره مظهره في نفس زوجته فقال معتذرا:
– لاسف لمظهري , ولكني ساتحسنمع الوقت اذا اهتممت اكثر بالتفاصيل
– لا ضرورة للتهكم اتسمح الان بان ارتديملابسي فالجو ليس دافئا كفاية هنا؟لم يحتج رادولف لسماع المزيد فسارع الىتشغيل جهاز التدفئة المركزية وعلىالفور غمر المنزل دفء عارم بعد ذلك عادرادولف الى غرفة النوم وفتح خزانةالثياب
– ستجدين ثيابك وحقيبتك هنا
استدار واكمل:
-اظن اني رايت بين ملابسك فستانا طويلا تاخرت لين فيالاجابة لانها كانت تراقب بتعجب اللباس الذي يرتديه زوجهاوالمناسب له تمامامما يدل على ان قياسه معادل تماما لقياس صديقه , حتىالكمان يناسبان ذراعيزوجها المتميزتين بطولهما
– ماذا عن الفستان ؟
– اريدك ان ترتديه الليلة
مرر نظراته الشغوفة على جسمها واكمل :
– سنتناول العشاء بكامل اناقتنا كاناس متمدنين
– عدلت المراة عن الاعتراض لان فكرة ارتداء ثوب انيق والجلوسالى طاولةلتناول الطعام محبذة بعد كل هذه الفترة البوهيمية , حيث تخلت مرغمةعنمبادئها المتعلقة بالنظافة والشكليات وفي الواقع وجدت لين نفسها تبتسم وهيتتصور المائدة المغطاة بشرشف مزركش بالزهور والمزين بانية فيها ورود مقطوفةمن الحديقة المحيطة بالمنزل منحها رادولف احدى ابتساماته النادرة وهويتناول الفرشاة ليسرح شعره قبل انيقول :
-ارى ان اقتراحي اعجبك اخرجيالفستان المعني لاراهفعلت لين كما امرها واخذت تتمشى امامه في الثوب الاصفرالطويل دون ان تشعرباي حرج بل على العكس قالت بعد ان احضرت فستانا اخر ذالون ارجواني :
– ما رايك بهذا ؟اقترب الغجري من زوجته فاحست بالرعشة تعتريهاوكان في الرجل قوة مغناطيسيةغريبة يزيد منها طبعه المتكبر احمرت وجنتاالمراة وثقل تنفسها وفي ذهنهافكرة واحدة : حبها لرادولف مع اقتراب رادولفمنها اكثر زادت دقات قلبهااكثر فاكثر وعلمت انه لو اراد ضمها الى صدره لمااحجمت بل لرحبت بذلك بكلجوارحها لكن زوجها خيب امالها واكتفى بطبع قبلةناعمة على جبينها
– كنت افكر بكل هذا المال المهدور على بيتشبه مهجور لم يقنعجواب لين زوجها الماكر فصحح قولها :
– لا ياعزيزتي , كنتتقولين في نفسك كيف يمكن لغجري حقير ان يتعرف الى اصدقاءاثرياء كصاحب هذاالمنزل ؟مرة جديدة عادت مسحة المرارة الى صوت رادولف ولكن لين لم تشعربالشماتهلذلك بل انزعجت وحاولت تغيير وجهة الحديث
– اهناك حمام في هذاالمنزل ؟
– وهل يعقل الا يكون هناك حمام ؟ تعالي لادلك اليه بعد ذلك اراهاغرف النوم المرتبة والنظيفة كما دخلا الى المطبخ الواسعوالمجهز باحدث الوسائلواغلاها
– لابد ان احدا ياتي الى هنا باستمرار ليبقى المنزل نظيفا هزرادولف براسه موافقا وهو يشير الى بقعة خضراء لاتبعد كثيرا عن البيت
– هناكمزرعة صغيرة خلف تلك الاشجار تملكها ارملة في الخمسين كلفها صديقيالمجئ يومياللاهتمام بالمنزل
– يوميا ؟
– ستاتي في الصباح الباكر وهكذا ستتاكدين مناني لست متسللا اليس هذا ما يشغلبالك ؟احمر وجه لين لملاحظاته الجارحةوالصائبة لكنها رات في مجئ هذه المراة عملايحتمل ان يساعدها على الهرب
– لا تبني امالا كاذبة فالسيدة وايت تحبني كثيرا وتنفذ مشيئتي
– يبدو ان لديكالكثير من المحبين تجاهل الغجري ملاحظة زوجته وقال :
– المياة ساخنه الاناذا كنت ترغبين في اخذ حمام لقد انبات السيدة وايتبمجيئنا وامرتها بتسخينالماء حدقت لين فيه بذهول مطبق
– انبات السيدةولكن متى وكيف فعلت ذلك؟ضحك رادولف واجاب :
– طلبت الى احدهم في اخر مخيم توقفنا فيه ان يتصل بهاهاتفيا
– فهمت تظاهرت لين بالفهم لانها مهتمة الان بالدخول الى الحماموالاستلقاء في المياهالساخنة لترتاح وتنعم بهذا الترف الذي حرمت منه منذ مدةطويلة ولما همتبدخول الحمام لتخلع ثيابها وجدت الباب مقفلا
– ستخلعينثيابك في غرفة النوم قبل ان اعطيك مفتاح الحمام
– لماذا هذا التعقيد ؟
– لاني اود مساعدتك في ذلك يا حبيبتي
– انت تفكر في كل شئ
– علي ان افكر فيكل شئ والا افلت زمام من الامور من يدي امضت لين وقتا طويلا في غمرة المياهالساخنة ولما عادت الى غرفة النوم كانتهادئة ومرتاحة الاعصاب جلسرادولف على السرير يتامل جمال زوجته في قميص النوم الذي اخرجه لها مناحدىالخزانات نظر الى ساعة كبيرة معلقة على الحائط وقال :
– يظهر انك تمتعت كثيرابالماء لانك امضيت ما يقارب نصف الساعة في الحمام علقت لين بجدية :
– اناحقا اسفة لتاخري
– لا عليك يا طفلتي فانا كنت مشغولا باجراء بعض المكالماتالهاتفية مخابرات هاتفية هذا يعني ان ثمة هاتفا في المنزل حاولت المراةان تتكلمبلهجة عادية حتى لايتنبه زوجها لحيلتها
– الا يمانع صديقكاستعمالك لهاتفه ؟
– لا ابدا دخل رادولف بدوره الى الحمام تحت انظار زوجتهالمتسائلة عن ماهية مكالماتهالتي ليست بالطبع موجهة الى مخيم غجري, لان هذهالامكنه لا تعرف الهاتف انتظرت بضع دقائق حتى سمعت صوت المياه وتاكدت من انزوجها لا يراقبها , ثمخرجت من الغرفة على رؤؤس اصابعها وشرعت تبحث عن مكانالهاتف دون جدوى لاعجبفي ان يخفيه رادولف الداهية لانه مدرك ان زوجته لنتكون غبية وتدع فرصةاستعمال الهاتف تفلت من يده وتضيع هباء تخلت لين عنالبحث وجلست على طرف السرير تفكر في طريقة حديث زوجها عن الهاتف
, وكانه يتعمدخلق مواقف تجعل زوجته تطرح على نفسها المزيد من الاسئلة حولحقيقته تمنت لوتجد سبيلا كي تقنعه بالاجابة على التساؤلات الدائرة فيذهنها والتي تسبب لهاحيرة وشكا عظيمين بماذا تشك المراة ؟ ماهو التفسير الشافي لكل الغموض الذييحيط بزوجها؟ منالمسلم به ان رادولف غجري ومع ذلك لا يمكنها انكار بعض الصفاتالتي تجعل منهشبيها باي رجل مثقف لا بل ارستقراطي نبيل , ان في حديثه ام فيتصرفاته وفيالفترة الاخيره بالذات , اي عندما جالا في البلاد ’انتفت عنه كلعلامة تشيرالى انه غجري حتى بدت متغيرة خصوصا وانه صار يرتدي ثيابا عاديةمختلفة عنالزي شبه ” الفولكلوري ” الذي كان غالبا على هندامه في السابق
والسؤال المحير يبقى لماذا هذا التبدل او لماذا عمد رادولف في بداية تعارفهماالى كسب عدائها ؟ لماذا !لماذا!اسئلة لاتنتهي ! يضافاليها هذا المنزلالفخم قطعة جديدة في الاحجية مادام من غير المعقول ان يكون لغجري صديق حميمبهذا الثراء يعهد اليه بمفاتيح بيته ويعطيه حرية التصرف المطلقة , سيما وانرادولف بدا معتادا على المجئ الى المكان من خلال معرفته كل التفاصيل المتعلقةبالاثاث وبتاريخ المنزل وظروف تشييده يضاف الى ذلك السلطة التي يستطيعبموجبها ان يامر الارملة بتحضير البيت وتنظيفه استعدادا لحضوره
غيرت لين الموضوع فجاة وسالته عن هوية الشخص الذييبحث عنه جفل رادولفلسؤالها وقال :
– الم تقولي سابقا اني ابحث عن شخصوبررت استنتاجك هذا ؟
– قلت ان هذا هو التفسير الوحيد لتنقلك الدائم اطرقتلين قليلا وزادت :
– ساكون صريحة معك هذه المرة
– تفضلي
– سمعت الرجلالعجوز يتحدث اليك عن رجل لم يات الى المخيم وينصحك بالا تكملالبحث عنه
فكرت لين بان تذكر كلمات اولاف ايضا لكنها عدلت لان ذلك ليس ضروريا
– لمتخبريني بذلك في المرة السابقة
– تعني عندما قلت لك انك تبحث عن احد ما ؟ لافقد ظننت انك تتضايق لو عرفتاني كنت استرق السمع حاول رادولف ان يبتسموقال بعد ان غير وجهة الحديث :
– اطلعتني الان على شئ يضايقني الم تخافي مناثارة غضبي ؟
– لم اعد اخاف منك
– قولي بصراحة يا لين , هل انت اسعد الانمما كنت عليه توقف فجاة محاولا ايجاد الكلمات المناسبة لانهاء السؤال , لكندفعة منالشجاعة اتت لين فاكملت عنه:
– مما كنت عليه عندما كنت ترغمني علىمشاطرتك السرير ؟فوجئ الغجري لصراحة زوجته ولكنه كتم شعوره بذكاء
– احسنتفهذا ما كنت ساقوله
– لست سعيدة بل راضية ان تردد لين وعدم ثقتها بما تقوليضرب بهما المثل فلماذا تنكر انها طالمانظرت الى يديه القويتين خلالالاسبوعين الفائتين وتذكرت مداعباتهما ولمساتهماالجذابة وتمنت لو يعيد الكرة ؟اهي ترغب فيه ؟ ولم لا فهي تحبهالحباحتقرت نفسها لانها وقعت في حبائلهلمجرد انه كان ودودا معها فيالايام الماضية , كرهت ضعفها وسرعة ذوبانها في بحرالعاطفةولكن هل صحيح ان شعور الحب لم يبدا الا منذ وقت قصير ؟خصوصا وانلين تعترف انها وجدت الغجري جذابا منذ راته
– وهل يرضيك عيشنا بهذه الطريقةحتى نصبح عجوزين هرمين ؟
– سؤالك غير مجد فانا لا انوي قضاء حياتي معك سمعتلين زوجها يتنهد بدل ان يغضب كالعادة وتساءلت اذا كان سلم بالامر الواقعواقتنعبان المشاركه في الحياة الزوجية تاتي نتيجة الرضى المتبادل لا القهروالاكراهبعد دقائق انطلق رادولف بالسيارة صامتا وملامحه قاسية كالحجر , ينظر امامهكان عينيه متجمدتان لا حياة فيهما وغرقت لين بدورها في التفكيربمشاكلهاوبالحل الانسب الذي يخرجها من هذا المازق من دون ان تسبب اي الم اواذىلزوجهاتوقف الغجري في احد المخيمات لكنه لم يمكث هناك سوى بضع دقائق وابلغ زوجتهبعد ذلك انهما سيمضيان الليل في منزل يملكه صديق له يقع على شاطئالبحر
– ومن هو هذا الصديق ؟
– لا ضرورة لان تعرفي
– انه ليس غجريابالطبع
– لي اصدقاء كثيرون من غير الغجر يا عزيزتي
– اهناك احد في المنزل؟اجاب رادولف بنبرة ناعمة وفي صوته تلك الرنة الموسيقية القريبة من اللهجةالايرلنديه :
– المنزل خال فهو مخصص لقضاء العطلة الصيفية انا واثق من انهسيعجبك كثيرافهو مجهز بكل شئ برغم بعده عن اي تجمع سكني
– اتعني انالمنزل منعزل ؟
– يبدو انك فكرت بالهرب ياحلوتي ! لم اكن لاصطحبك الى هناك لو لميكن المنزلمنعزلا عن بقية العالم
– ايستعمل المنزل لاغراض سياحية ؟ فالبعضيحب تمضية وقت فراغه بعيدا عن الناس

ضحك رادولف وعلق :
– استعملتديباجة بارعة لاخفاء خيبتك
– ماذا تعني ؟
– لاتدعي الغباء يا لين ظننت انوجودك في منزل على شاطئ البحر سيسهل الفرار
, ففي المخيمات هناك من يراقبك ليلا نهارا

– الفرار من مخيم للغجر هو في الحقيقة مستحيل , اما بالنسبة لاستنتاجاتكالاخرى فانك مخطئ لاني صرت اعرفك كفاية كي ادرك انك حاضر ابدا لاحباط ايةمحاولة اقوم بها للافلات جل ما في الامر اني استغرب وجود منزل مخصص للعطلةفي مكان منعزل كما فهمت من كلامك
– لقد بنى صديقي هذا المنزل منذ اربعسنوات حتى يهرب من همومه ويرتاح هناك منعناء اعماله المتراكمة عجبت لينلكلام زوجها فكيف يتوصل غجري الى مصادقة شخص ثري يبني منزلا لمجردحبه الاختلاءبنفسه !
– لابد ان صديقك ثري جدا ! انا لم اعد افهم شيئا اه لو تخبرنيالمزيد عننفسك فلربما صارت الامور بيننا مختلفة ضغط رادولف على المكابححتى كاد راس لين يرتطم بالزجاج الامامي نظر اليهابدهشة وسالها :
– ماذاتعنين بمختلفة ؟هزت المراة راسها عاجزة :
– لا استطيع التفسير وبالفعللم تكن تستطيع التوضيح لانها هي نفسها لا تعلم ماذا تقصد تماما منكلامهاانطلق الغجري بالسيارة , وقاد لساعات في طرق منعزلة تتعرج بينالهضاب الخضراءحتى انعطف اخيرا في زقاق ضيق لا يعرفه احد وليس موجودا علىالخريطة كما ابلغزوجته كادت لين تلهث عندما رات جمال الطبيعة حولها , صخور الشاطئ ورماله الذهبيةالمترامية كانها لا تنتهي لايزورها سوى طيورالنورس تبحث عن رزقها بعيدا عنفضول الانسان استمر سيرهما في هذا المكانالنائي حتى وصلا الى طريق صخرية لم تعرف طعمالاسفلت , فاخذت السيارة تثب علىالحجارة وراكباها يعانيان صعوبة المسلك حتىبلغا اخيرا بوابة عتيقة منحوتة فيالحجر تدل على ان المنزل بني على انقاضبناء قديم وخلف البوابة والسور المحيطبالارض نمت اشجار خضراء من مختلفالانواع , وتوزعت ازهار وورود زاهية هنا وهناكتضفي على الجو رونقا وضياء كانت اشعة الشمس ما تزال ساطعة ترسل الوانها علىالمنزل الابيض المحاط ببساطمن العشب الاخضر وسجادة من الازهار انعقد لسانلين من الدهشة وصعقت لجمالهذه البقعة الطاهرة التي لم تدنس عذريتها ارجلالانسان الشرهقالت وهي تترجل من السيارة :
– اه ما اروع هذا المكان !
اجالت طرفها بين الجبال الشاهقة والبحر المترامي الاطراف في زرقة يخالطهابياض الزبد عجيبة هي طبيعة ايرلندا في جمعها سمو الجبال ووداعة البحر فيلوحة واحدة
– كيف وصل صديقك الى مكان كهذا ؟مرت لحظات تردد قبل انيجيب زوجها :
– ان عائلته تملك الارض منذ عدة اجيال وقد اقامت فيها مزرعة كبيرة
اشار بيده الى بقايا البناء المتهدم وقال :
– كان هذا بيتا لعمال المزرعة وجد صديقيالمكان مناسبا ليناء منزل يرتاح فيه عندما يحتاج الى الابتعاد عن عالمالاعمال والضجيج
– وماذا يعمل صديقك ؟
– لديه املاك كثيرةجاء جوابالغجري مقتضبا يحذر لين من التمادي في طرح الاسئلة , ويعلمها بانهما عاد يرغبفي التوغل في الموضوع اكثر دخل الزوجان الى المنزل الفخم حيث الاثاث الوثيروالسجاد العجمي والستائرالحريرية الفاخرة واعجبت لين بالثريات والكريستالوالانية الفضية وتماثيلالعاج والبرونز كما لفت نظرها الديكور الذواق الذينظمت على اساسه غرفة الجلوس , ثم هزتراسها مدركة.
في هذه اللحظة دخل رادولف الى غرفة النوم مرتديا لباس نوم انيقايتناقض معشعره غير المسرح , ويعطيه شكلا فريدا جامعا بين الظاهر الانيقوالطبيعةالبدائية لايقال عن رادولف الا انه طائر يغرد خارج سربه !
عرفالغجري ما اثاره مظهره في نفس زوجته فقال معتذرا:
– لاسف لمظهري , ولكني ساتحسنمع الوقت اذا اهتممت اكثر بالتفاصيل
– لا ضرورة للتهكم اتسمح الان بان ارتديملابسي فالجو ليس دافئا كفاية هنا؟لم يحتج رادولف لسماع المزيد فسارع الىتشغيل جهاز التدفئة المركزية وعلىالفور غمر المنزل دفء عارم بعد ذلك عادرادولف الى غرفة النوم وفتح خزانةالثياب
– ستجدين ثيابك وحقيبتك هنا
استدار واكمل:
-اظن اني رايت بين ملابسك فستانا طويلا تاخرت لين فيالاجابة لانها كانت تراقب بتعجب اللباس الذي يرتديه زوجهاوالمناسب له تمامامما يدل على ان قياسه معادل تماما لقياس صديقه , حتىالكمان يناسبان ذراعيزوجها المتميزتين بطولهما
– ماذا عن الفستان ؟
– اريدك ان ترتديه الليلة
مرر نظراته الشغوفة على جسمها واكمل :
– سنتناول العشاء بكامل اناقتناكاناس متمدنين
– عدلت المراة عن الاعتراض لان فكرة ارتداء ثوب انيق والجلوسالى طاولةلتناول الطعام محبذة بعد كل هذه الفترة البوهيمية , حيث تخلت مرغمةعنمبادئها المتعلقة بالنظافة والشكليات وفي الواقع وجدت لين نفسها تبتسم وهيتتصور المائدة المغطاة بشرشف مزركش بالزهور والمزين بانية فيها ورود مقطوفةمن الحديقة المحيطة بالمنزل منحها رادولف احدى ابتساماته النادرة وهويتناول الفرشاة ليسرح شعره قبل انيقول :
-ارى ان اقتراحي اعجبك اخرجيالفستان المعني لاراهفعلت لين كما امرها واخذت تتمشى امامه في الثوب الاصفرالطويل دون ان تشعرباي حرج بل على العكس قالت بعد ان احضرت فستانا اخر ذالون ارجواني :
– ما رايك بهذا ؟اقترب الغجري من زوجته فاحست بالرعشة تعتريهاوكان في الرجل قوة مغناطيسيةغريبة يزيد منها طبعه المتكبر احمرت وجنتاالمراة وثقل تنفسها وفي ذهنهافكرة واحدة : حبها لرادولف مع اقتراب رادولفمنها اكثر زادت دقات قلبهااكثر فاكثر وعلمت انه لو اراد ضمها الى صدره لمااحجمت بل لرحبت بذلك بكلجوارحها لكن زوجها خيب امالها واكتفى بطبع قبلة ناعمة على جبينها

8- اشراقة في القلبجلس رادولف ولين متقابلين الى مائدة مضاءةبالشموع في شمعدان فضي , ومزينةبمزهرية مليئة بورود حمراء وعلى طرف المائدةوضع اناء طافح بمختلف انواعالفاكهة اما الشرشف فابيض كالثلج تضيئه السكاكينوالشوك الفضيةجلست لين في فستانها الاصفر سعيدة كما لم تكن يوما منذ ان التقترادولف , وهيتعلم ان هذه السعادة لن تعمر طويلا فالامسية ليست الا واحةصغيرة في صحراء حياتها مع زوجها , والتي تنوي الخروجمنها برغم كل الاعتباراتالاخرى واهمها حبها للغجريتمكن رادولف بطريقة ما من الدخول الى هذا المنزلالذي يحوي في ما يحويه ,
حوضا للسباحة في قاعة مقفلة مكيفة و وملعبا لكرةالمضرب في القاعة نفسها ,
كما اقيمت في الجهة الخلفية بحيرة اصطناعية صغيرةلاكمال اللوحة الفنية خصوصاوانها تطل على الهضاب الخضراء الحالمة قررتالمراة الشابة نسيان شكوكها لتمضي وقتا ممتعا في هذا المكان الذياعتبرته اكثرشاعرية من كل ما ابصرت عيناها فلم تستغل الفرصة وتتذوق حلاوةكل دقيقة تمرهنا بدل ان تشغل فكرها في ما لن تستطيع توضيحه؟من جهته ارتدى رادولف بزة رسميةسوداء وتحتها قميص ابيض يزيده اشراقا لونبشرته السمراء , لكنه لم يبد منزعجامن لباسه هذا او غير معتاد عليهتدخل صوته معلقا بعذوبة :
– انت هادئة كثيرايا عزيزتي
– اني اتمتع بهذه الامسية اللطيفة اكمل رادولف مازحا :
– وتريدين بالطبع ان تطرحي الكثير من الاسئلة انت اكبر امراة متحفظة رايتهافيحياتي
– وهل تريدني ان اضع كل ثقتي بك؟ ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟تجاهلرادولف سؤالها واهتم بصب الكافيار الفاخر الذي وجد في خزانة مليئةبالمعلباتعلى اختلافها وبعد ان انتهى قال :
– لماذا لا تطرحين علي بعضا من تلك الاسئلةالمقلقة ؟
– ومن قال اني قلقة ؟
– ذلك يقرا على وجهك يا عزيزتي فلنقل انكمحتارة لا قلقة وسبب الحيرة اشياءكثيرة حدثت في الفترة الاخيرة
– اشياءلاتحصى ولاتعدتوقفت لين لتتذوق بعض الكافيار ثم اضافت:
– اتعني انك مستعدللاجابة على الاسئلة , فانت لم تخرج عن تكتمك حتى الان ؟
– ليس في الامر تكتم بلعدم ضرورة للبوح بكل الاسراروما اكثر هذه الاسرار ومنها ان البزة , وهي بالطبعملك لصديقه , تناسب جسمهتماما امن الممكن ان يكون في الامر مصادفة ؟
– ماذا تعني بعد الضرورة ؟رفعت لين عينيها الى وجهه فوجدته منقطعا عن الاكل يحدقفيها ووهج نار الشموعيزيد من سحر وجهها وجماله اعدت اليها نظراته ذكرىلقائهما الثاني في الغابةعند ما جاء على حصانه وبدا مسحورا بجمالها كان فيالحقيقة مختلفا وقتها عماراته فيه في اللقء الاول حيث اعمته الرغبة فحاولالاعتداء عليها في الغابةظهر مهذبا وحياها بكل بساطة كانه يقابلها للمرةالاولى , ويسعى للتعرف اليهاومصادقتها دون الالتفات الى الحادثة السابقة حبذا لو ان تلك الحادثة لمتحصل وكان اللقاء في الغابة هو الاول , لكانت الاموربينهما مختلفة الان!
قالت لين اخيرا بعد ان انتهت من تساؤلها :
– وهذهالضرورة اصبحت متوافرة الان !
وجف قلبها اذ ادركت بحدس ما انها على وشك اكتشافامر خطير كفيل بجلب السعادةالدائمة اختلج في نفسها شعور غريب تلاعببانفعالاتها وجعلها في نفس الوقتتقتنع بانها لو عرفت كيف تعالج الوضع الجديدالذي سيخلقه رادولف لما عادزواجها منه تلك الماساة التي بدات عند اختطافهاوارغامها على عقد زواج غجريلا تؤمن كثيرا بصحته اجاب رادولف على سؤالهاوكادت تتولى المهمة عنه عيناه الحزينتان :
– من المفيد لنا نحن الاثنين ان اوضحلك بعض الامور التي اوقعتك في مغالطاتجمةلاحظت المراة الحزن في عينيزوجها وتمنت لو تستطيع فعل اي شئ لتمحو هذهالمسحة الاليمة من نفس من تحب ازاء سكوتها اكمل الغجري :
– بالرغم من ذلك افضل يا عزيزتي الا تطرحي اسئلتكالان بل لندع الامور تتوضحتلقائيا , وذلك بات قريبا هز رادولف راسه وتجهموجهه وبدت عليه علامات القلق والتردد عندما قال بصوتخافت :
– نما في داخلياحساس بان نظرتك الي تغيرت يا لين , ولكني لست اكيدالا ,
لا اجرؤنفذتكلماته كالسهام الى اعماق لين واختلطت عليها الامور اذ لمتفهم ما قاله زوجها ليس اكيدا وبالتالي لا يجرؤ على مصارحتها بما يريدهاان تعلم عنه احست ليسبان فرصة العثور على السعادة بدات تضيع وبانها لم تخلقلتعيش مع هذا الرجل تحتسقف واحد ولكن هل هي واثقة تماما من رغبتها فيالعيش معه ؟ مرة جديدة راتمستقبلها قاتما وفارغا اذا تخلت عن رادولف ومنجهة اخرى هي لا تستوعب فكرةالحياة غير المستقرة التي يعيشها الغجر نظرتالى زوجها متوسلة وتمتمت :
– ارجوك يا رادولف , اطلعني على الخبايا , فانا زوجتك ويحق لي ان اعرف شيئاعنك
هز الغجري براسه موافقا بدون ان يبدر منه ما يرضي فضول زوجته بل قال :
– لنركز اهتمامنا الان على وجبة العشاء سيما وانها الاولى لنا في مثل هذاالمكانالرائع لم تجد ابتسامة رادولف في ازالة خيبة زوجته لانه تهرب منالموضوع والالم اصبح الان اشد وقعا منه في الماضي كونها صارت اسيرة حب هذاالرجل , واضحت متحرقة لكشف حقيقته
– بعد الكافيار جاء دور شرائح اللحم المشوي التيحضرها الزوجان في المطبخالكبير بعد ان جلباها من الثلاجة الكبيرة المحتوية علىالكثير من اللحوموانواع الطيور الشهية وقد برر رادولف وجود هذه الاطعمهبوجود السيدة وايتالارملة الطيبة التي تهتم بشؤون المنزل
– انت تتعبالسيدة وايت بطلباتك المتعددة يا رادولف
– السيدة وايت راضية فهي تجد في الامرتسلية تنسيها وحدتها كما اننا بحاجةلهذا الترف بعد طول التنقل من مخيم الىاخر
– ولكنك تحب حياة الغجر , اليس كذلك؟
– العادة تسهل كل شئ وتجعلالمستحيل معقولا ولا اخفي عليك سرا اذا قلت انياحب التمتع بالحرية التيتوفرها حياتنا الغجرية
– ولكن حياتكم مضجرة اذ لا عمل فيها ولا نشاط
– ليسكل الغجر بالضرورة عاطلين عن العمل فهم يصنعون بعض ادوات الطبخويتعاطونالتنجيم وما الى ذلك علقت المراة على كلام زوجها بسخرية :
– ماذا يفعل قومكسوى شحذ خناجرهم وتلميعها؟لم يستطع رادولف الاجابة على هذا السؤال المحرج , بلاهتم بصب الطعام واحضارعصير البرتقال ولين خائبة تتحين فرصة اخرى لاستجوابه
انتهى الزوجان من تناول الطعام فسال الغجري :
– هل اعجبك الطعام ؟
– كانرائعا , شكرا طغى على الجو مسحة من السحر والود ولم تفكر لين بالمشاكل التيتفسد عليهاروعة الساعة بل طرحتها جانبا لتنعم بهنيهات فرحنادرة
بعد العشاء تناولا القهوة في غرفة الجلوس ثم اقترح رادولف ان يخرجا لتنشق
الهواء المنعش وافقت لين على الفكرة وان اعتراها على الاثر بعض الخجل :
– ولم لا نخرج يا رادولف فالجو جميل
– انظري الى القمر المشع فوق البحر والى النجوم هناك الملايين منها
سحرت لين بجمال الطبيعة وبا بتسامة رادولف السخية الان ادركت مدى وسامته
وانها صارت تنظر اليه كرجل مهذب لا كغجري متشرد مثلما اعتبرته في السابق في
هذه الليلة حصلت لين على مملكة رسمتها في خيالها , مملكة تعيش فيها مع فارس
احلامها وفي مكان لا تحققه الا الاحلام ولكن حلول الغد سينهي هذا
الحلملا باس فالغد بعيد جدا
تنزها في الحديقة والمراعي المحيطة بالمنزل والمغمورة بنور القمر , يداعبهما
نسيم منعش يحمل معه رائحة البحر مجبولة بعطر الازهار الملونة بالف لون ولون
تنشقت لين الهواء بنهم وافكارها محاطة بالضباب بفعل الجو الغامض وهي مسرورة
بذلك لانه يحملها بعيدا عن همومها في سمفونية عذبة الالحان
سالها رادولف كي تخرج عن صمتها :
– هل انت دافئة ؟
– نعم
– البحر هادئ الليلة ويشجع على السباحة
– انت تسبح اذن
اجاب رادولف متعجبا لسؤالها :
– بالطبع
لم تساله لين هذه المرة كيف يجيد السباحة مع ان الغجر لا يجيدونها عادة بل
تجاوزت فضولها كي لا تفسد النزهة الليلة
– ما رايك ياعزيزتي بالصعود نحو التلال ؟
– اتعرف الطريق جيدا ؟
– لا تقلقي فانا معتاد على المنطقة واستطيع السير في مسالكها مغمض العينين
اتبدا لين بطرح الاسئلة حول سبب معرفته التامة بالمكان ؟ لا , فلا حاجة
لافساد السهرة الرائعة حتى وان كان انسجامها مصطنعا بعض الشئ اذ يتغاضى
كلاهما عن الحقيقة
اتجها نحو التلال في طريق مغطاة بالعشب الطري والقمر بدا يختبئ خلف بعض
الغيوم فصار مصحوبا بظلال رقراقة تتراقص على البساط الاخضر الفسيح
وضع رادولف يد زوجته في يده فغمر الدفء جسمها ونسيت ان في العالم احزانا
ومصائب , واصبح كل شي جميلا هذا الحلم المجنون حبذا لو ينقلب الحلم حقيقة
ويصبح فرح هذه اللحظات سعادة دائمة
تفرقت الغيوم فعاد القمر الى وجود عطائه يرمي انواره على قمم التلال وسفوحها
فتنعكس على حبيبات الندى التي تكلل رؤوس الاشجار وتخالط وريقات العشب
والنسيم الملئ بالشذى يشترك مع الطيور الليلية في اداء اجمل الالحان واروعها

بعد ساعة من المشي قرر رادولف العودة في الطريق تساءلت لين ما اذا كانت
الحاجة التي تحثها على البقاء الى جانبه هي وليدة ساعتها وستزول متى انفصلت
والاكيد الان انها ترغب في الارتماء بين ذراعيه تدفئ قلبها بحرارة اللهفة
والهوى
وصلا الى المنزل ورنين الهاتف يملا ارجاءه فهرع رادولف ليجيب بقيت لين في
الخارج تتامل الهضاب الواسعة والبحر الرحب تتكسر امواجه على الشاطئ وتتطاير
حبات الماء لالئ تستحم بنور القمر وفجاة ادركت ان في وسعها الهرب وايجاد
اكثر من مخبا في هذه المنطقة الشاسعة بحيث يستحيل على الغجري ان يجدها في
الظلام معطفها معها وكذلك المال , فما عليها الا ان تركض وتنال حريتها
الحرية اصبحت قاب قوسين او ادنى منها فماذا تفعل ؟
مازال رادولف يتكلم على الهاتف ويبدو انه لن ينتهي من المكالمة بسرعة من
على الطرف الاخر من الخط؟
لو كانت المكالمة موجهة لصاحب المنزل لانتهت بسرعة كون الغجري سيبلغ السائل
انها ليس موجودا هنا المكالمة لرادولف اذن
اصغت المراة بانتباه ولكنها لم تتمكن من الفهم لان زوجها كان يتحدث بصوت
منخفض كيف ارتكب مثل هذه الغلطة وترك زوجته حرة بدون حراسة وقدم بذلك فرصة
الفرار على طبق من فضة !
وقفت لين كالبلهاء مشدوهة لا تدري ماذا تفعل الرحيل مفتوح امامها على
مصراعيه فلماذا لا تستغل الفرصة ؟ لماذا التردد ؟
اخيرا ابتسمت والتمعت عيناها وعلمت ان هذه الليلة الشاعرية يجب ان تستمر حتى
اخر فصولها لان فيها بعد الكثير من السعادة القت نظرة على العالم في الخارج
ثم دخلت واقفلت الباب بهدؤ
استدارت لين لتجد زوجها واقفا يحدق فيها وعلى وجهه علامات الاستغراب والدهشة
وقفت المراة جامدة لا تقوى على الحراك اذ علمت نوايا زوجها ولكنها لا
تابه بها لانها مصممة على خوض غمار كل ما تقدمه هذه الليلة ” الاستثنائية ”
وقفا ينظران الى بعضهما متمتعين بالسكوت لان الكلام مهما كان بليغا عاجز عن
التعبير عما يختلج في النفس ويفيض في القلب اخير استطاع الرجل ان يتلفظ
بكلمة :
– يا حلوتي
مد يده الى زوجته وامارات الفرح تقفز من عينيه وتهذب من قساوة ملامحه
البدائية ذات الجمال الوحشي الخام
تجاوبت لين لدعوته بابتسامة رقيقة كفيلة باذابة الصخر واكثر القلوب تحجرا
ومدت يدها بخجل الى يد زوجها
– كان بوسعك الهرب بسهولة ولو فعلت لما تمكنت من العثور عليك ابدا
قال رادولف ذلك وهو يكاد لايصدق ان لين اضاعت هذه الفرصة السانحة وفضلت
البقاء معه على استعادة حريتها وادركت المراة عندها انها لو رحلت لما غضب
زوجها بل لاحس بالفراغ بعد ضياع شئ ثمين
تحولت عبارات الدهشة في عينيه الى حنان فائض وملا قلبها شعور واحد : الحب
حب حملها بعيدا عن الهموم الارضية , واحاسيس رفعتها من مستوى المادة الى
مستوى الشعور

حملها رادولف كالريشة بين ذراعيه واتجه الى غرفة النوم
-لينما سبب الذي يجريبيننا الان ؟واضاف متراجعا :
– لا اهمية لذلك فحسبنا ان ما يجري رائع
قاطعه رنين الهاتف فوقف مترددا ايجيب ام يستجيب لرغبته بالبقاء قرب زوجته ؟كرهت لين صوت الهاتف وتمنت لو يخرس حتى لا يسلبها رادولف وكم كان سرورهاعظيما عندما قرر الغجري تركه يرن والبقاء معها
– فليذهب الهاتف الى الجحيملاني لست مستعدا لمغادرتك الان يا حلوتي تنفست المراة الصعداء وزادها قرارهثقة بنفسها وبمكانتها عند زوجها هل فهم رادولف انها غارقة في حبه حتى اذنيها ؟هل ادرك ان سلطته عليها لم يعدسببها السطوة بقدر ما صار الحب ؟
– رادولف اسمك غريب ولكنه يعجبني
– اسمي ايرلندي قديم جدا
– اليس اسما غجريا؟
– لاتردد الرجل طويلا قبل ان يكمل :
– في الحقيقة هو اسم يطلقه نبلاءايرلندا على اولادهم
– وكيف اتفق ان غجريا حصل على اسم ايرلندي يعود الىالنبلاء ؟
– لا اعتقد ان في ذلك جريمةدفعها الفضول الى المزيد من الاسئلة
– وهل هناك الكثير من الرجال الغجريين يحملون نفس الاسم ؟
– اظن اني الوحيدالذي يحمله
– لم تذكر لي شيئا عن والديك يا رادولف قال وفي صوته حزن عميق :
– كلاهما ميتان غرقت لين في ذراعيه اكثر ووضعت يدها الناعمة على خده
-اخبرني عن والدتك
– ماتت وهي تضعني
– اه ! ان هذا الامر مؤسف حقا
لم ينجح رادولف عندما علق على كلامها في اخفاء الاسى من نبرته
– ان موتهاالمبكر لم يشعرني بفراغ لفقدانها فلو ماتت وانا فتى يافع مثلالكنت اصبت بحزناكبر
– انت وحيد في هذه الدنيا اذن
– ولماذا استنتجت اني وحيد في هذهالدنيا ؟
– الديك اخوة او اخوات ؟لم يجب الغجري على سؤالها مباشرة بل اكتفىبالقول :
– كنت اعتبر نفسي وحيدا حتى تزوجت
– لم تجب على سؤالي
– حسنايا عزيزتي , لي اخ واحد
– اني احسدك على ذلك اين يعيش اخوك ؟
– في احدالمخيمات
– الا تراه ابدا ؟اجاب رادولف بحدة وكان الموضوع بات مزعجا :
– لم اره منذ مدة طويلة كفانا كلاما ولنخلد الى النوم
– لا اشعر برغبة فيالنوم
– لماذا ؟لاتقوى لين على البوح بالسبب الحقيقي الذي يجعلها تتمنى لوتمتد هذه السهرةالى الابد والوقت الرائع هذا هو في الواقع اثمن من ان يهدربالنوم
– لست تعبة قالت ذلك واكملت بسرعة حتى تمنعه من التعليق :
– للاسماء القديمة معان فما معنى رادولف ؟
– اخشى ان لايعجبك معناه فكلمة رادولفتعني الذئب السريع لقد كان الغجري بالفعل ذئبا سريعا لما لحقها على حصانهواختطفها نظرت لينالى الجرح فرات اثره واضحا على خده وخشيت الا يزول ابدا
– اعتقد ان اسمك مخيفا قليلا
– لا انوي اخافتك الان لاني اريد ان اغفو
طبع قبلة ناعمة على جبينها واطفا النور ضاما اياها بين ذراعيه
وما كادت تمر دقيقة حتى غط في سبات هانئ وعميق
افاق الزوجان باكرا وجلسا على الشرفة الواسعة يتناولان طعام الفطور وبعد
قليل رن جرس الهاتف هب رادولف من كرسيه معلقا :
– لاشك انها المكالمة التي كان يجب ان اجيب عليها بالامس اكملي فطورك يا
عزيزتي فلن اغيب كثيرا
عاد رادولف بعد قليل متجهم الوجه كان ويلا كبيرا قد حصل فسالته زوجته قلقة :
– ما الامر ؟ هل هناك ما يقلق ؟
– لاشئ يهمك يا لين
– ولكن كيف تتلقى مكالمات الى هذا المنزل ولا احد يعلم بوجودنا هنا ؟
– انت مخطئة في تكهناتك والدليل على ذلك اني تلقيت مخابرة البارحة
– مخابرة من الاشباح على ما اظن ! لماذا تحيط نفسك بهذه الهالة من الغموض
وبهذا الحجاب من الاسرار ؟ اشعر بنفسي حيال ذلك انسانة غريبة لا زوجة !
لم تلحظ المراة ان عيني زوجها الغاضبتين تدلان على عدم رغبته في الكلام وعلى
مزاجه المعكر بل دفعها قلقها عليه الى المزيد من الالحاح فقال الغجري بحدة :
– الن تكفي عن الاسئلة السخيفة؟
بدات الافكار السوداء تلعب في راسها من جديد ايكون سبب تكتمه الشديد حيال
اتصالاته نشاطات غير مشروعة يقوم بها ؟ وقد تكون هذه النشاطات مصدر المال
الوفير الذي يملكه والذي يخوله القيام برحلات طويلة والانفاق على الثياب
الانيقة كما هناك الحصان الاصيل الذي امتطاه في الغابة , ووجوده في هذه
الدار الفخمة امن المعقول ان يكون المنزل ملكا له وهو مجرد غجري ! اسئلة
لا تعرف لها جوابا واحدا
كانت غارقة في افكارها فانتشلها صوت زوجها :
– انا مضطر للخروج يا لين اتعدينني بانك لن ترحلي ؟
ضربت لين الارض بقدمها وقالت مصرة :
– سارافقك !
سكتت فجاة بعد ان رات الرفض القاطع في عينيه ثم هدات بعد ان خطرت لها من
جديد فكرة الفرار برغم الساعات اللذيذة التي امضتها وبرغم بزوغ فجر الحب في
قلبها , فهي امراة تنتمي الى محيط اجتماعي مختلف تماما عن البيئة الغجرية
فالحب مهما قوي وعمق لايستطيع ان يغير من واقع الحال شيئا ويجعلها تندمج في
حياة رادولف وقومه , فجذوته لابد ستخبو مع الوقت ومع اصطدامها بمرارة الواقع
والحياة اليومية
احتاجت لين الى شجاعة فائقة لتحبس دموعها ولكن شجاعتها خانتها عندما اعاد
عليها زوجها السؤال نفسه
-اتعدينني بانك لن ترحلي ؟
امام ترددها لم يجد الغجري حلا سوى حملها الى غرفة النوم وحبسها هناك وفي
الوقت الذي سمعت فيه لين صوت المفتاح يدور في القفل نظرت صوب النافذة غلطة
جديدة ارتكبها رادولف بسيي انشغاله وقلقه الشديدين ما عليها الان سوى
انتظار رحيله لتخرج بكل سهولة من النافذة , فالبيت ارضي ولا خطر من التسلل
عبرها ولكن لين لم تترو وتنتظر ذهاب زوجها فسرعان ما ارتدت معطفها واخذت
حقيبة يدها ثم فتحت النافذة واصبحت في الخارج
كانت اشعة الشمس ساطعة والبحر ساكنا والطبيعة هادئة ولم تستطع لين محو ذكرى
التفاصيل الحلوة التي تسربت في الليل الفائت اتضئ ظلام حياتها عاد كل شئ
الان الى سابق عهده وها هي تنفذ عملية الفرار التي غابت عن فكرها في ساعات
السعادة الماضية
اه لو كان رادولف رجلا عاديا كغيره من الرجال ! رجل يشغل وظيفة محترمة ويهتم
بتامين الرعاية والحنان لزوجته واولاده
انهمرت الدموع من عينيها وكادت انفعالاتها تقودها الى العدول عن الهرب
والمغامرة في البقاء زوجة للغجري قانعة بمصيرها , لكن الغلبة كانت في النهاية
للعقل والمنطق فتابعت المراة طريقها بين شجيرات الحديقة لتجد منفذا يقودها
الى الطريق العام وبينما هي تختبئ بين الشجيرات سمعت رنين الهاتف في المنزل
ووقع قدمي رادولف يهرع للاجابة عندها دفعها حدسها للعودة الى المنزل فجلست
القرفصاء تحت نافذة غرفة الجلوس لتستمع الى الحديث

[hide]-احسنت يا اولاف وستنال مكافاة عظيمة مقابل ذلكاقلت انه ان الىهنا ؟ اخيرا ساتمكن منلم تستطع لين فهم بقية الجملة بلسمعت :
– كنتيائسا يا صديقي ومتاكد من ان الامر سينتهي به في السجن لو استطيعالتحدثواقناعه وضاعت الكلمات من جديد فجنت لين من الغضب كادت تتوصل الى معرفةالحقيقةلولا حظها السئ وفجاة سمعت صوت زوجها يقول لاولاف :
– لا حاجةلتحركي من هنا الان لقد اتصل بي راؤؤل منذ بضع دقائق وابلغني انبوريل كان فيمخيم روجنتري في السهل المجاور , فقررت الذهاب لملاقاته هناك اما الان وقداخبرتني انه ات الى هنا فسانتظره وافاجئهتوقف رادولف مفسحا المجال لصديقهبالكلام وتمنت لين لو تسمع ما يقولهالغجري الكهل لزوجها الذي عاد الى الكلامبصوت منخفض فلم تتمكن المراة الاسماع جمل غير مترابطة
– ارجو الا يعلمبوجودي هنا جاء مرة مع فتاته صحيح والا لما عرفت لااعرف كيف ارد لكالجميل يا اولاف تساءلت لين عن معنى هذا الكلام وهي تنتظرزوجها ليعاود الحديث لكنها تاكدتمن امر واحد وهو انها ستبقى حتى ياتي المدعو بوريل علها تشبعفضولها ويصدقالحدس الذي انباها بان مصيرها ومستقبلها يتعلقان بقدوم هذا الرجل
– كان علي الاخذ بنصائحك يا اولاف والكف عن مطاردته , خصوصا بعد ان اصبحتمثقلا بالمسؤوليات خفق قلب لين بشدة اذ فهمت انه يعنيها بالكلام على ”
المسؤوليات ”
– ولكنك تعلم يا اولاف اني لا اقبل الهزيمة وانا متفائل بانياذا تمكنت منلقاء بوريل والتحدث اليه فساسوي الامور واضع كل شئ في نصابه
اقفل الغجري الخط بعد قليل فقررت لين العودة الى غرفتها قبل ان يكتشف زوجهاغيابها ولكن الحظ ابى الا ان يوقعها في مشكلة جديدة فما كادت تخطو حتىتعثرت بغصن شجيرة وسقطت بقوة فارتطم راسها بالارض وصاحت من الالم لم تمرثانية على سقوطها حتى كان رادولف الى جانبها فحملها الى المنزل على جناحالسرعة
-اه , راسي !
احست لين بالدنيا تدور فيها وبكل شئ امامها يتراقصومع ذلك لمحت في عينيزوجها مزيجا من الغضب والاسى لقد خذلته بعد ما تاكدمنانها لن تحاول الفراربفعل الانسجام التام الذي ساد بينهما في الليلةالفائتة اخذت المراة تتوقعالرد القاسي على عملها لكن الغجري ضبط اعصابه واهتمباسعافها
– كدمة لا باس بها على الاطلاق , ساحضر شيئا يريحك نظر اليهاواضاف :
– لاريب انك مصابة بصداع من جراء الصدمة
– نعم يا رادولف
– لماذا فعلت ذلك ؟
– لا تعتقد اني كنت انوي الفرار على العكس لم ينتظرالغجري سماع المزيد فقاطعها حانقا :
– لاتكذبي ! ماذا عن حقيبة اليد هذه؟فتح الحقيبة وتفحص محتوياتها رامقا زوجته بنظرات شريرة كيف تفسر له ماحدث وهي في الحقيقة كانت تنوي الفرار لو لم تسمعه يتكلمبواسطة الهاتف مع اولاف
قالت بصوت ضعيف والالم في راسها لا يكاد يطاق :
– حبذا لو استطيع ان اشرحلك ما حدث !
– من الواضح انك لست على استعداد لشق طريق الحياة برفقة غجري منحثالةالمجتمع اخذ رادولف يقول بشبه همس :
– كان علي ان اعلم انالمسالة ستصل الى طريق مسدود لا محالة
– ما الامر يا رادولف , اخبرني
اخفت نبرة التوسل في صوتها الحب الجارف الذي يكنه قلبها لهذا الرجل الغامضالواقف امامها والمرارة تكاد تحطمه على رغم جبروته وسطوته
– مالفائدة مناطلاعك على الحقيقة ما دمت تحتقرينني وتعتبرينني غير اهلبالعيش واياك؟اينالتعالي الذي قابلها به في السابق ؟ اين الغطرسة والكبرياء ؟ تحول غضبهالى ذلوصلفه الى مهانة ولما حاولت لين , مدفوعة بشعور الذنب , تطييب خاطرهاسكتهاباشارة من راسه
-لا تحاولي اصلاح ما فسد ساعرض عليك خطة ارجو ان توافقي عليهاولكن بعد انتتناولي هذه الحبوب وتنامي قليلا نهضت لين من الكنبة واسرعتنحو غرفة النوم حانقة وهي ترغب برمي زوجها الغمضباحد التماثيل لعله يخرج عنصمته المطبق
– ما بك يا لين ؟
– بالله عليك ! اطلعني على الحقيقة فهذا منحقي
– اي حق هذا ؟
– انا زوجتك ولي الحق قاطعها بضحكة ساخرة تخالطهااللوعة :
– لا استطيع ان افضي اليك باسراري مادمت لا تعتبرين نفسك زوجتي
– ولكنك كنت على وشك البوح بها البارحة
– كدت افعل لاني كونت فكرة خاطئة عنكشعرت ان نظرتك الي تغيرت وان كرهك ليخف واننا قد نستطيعتوقف فجاةوناولها الدواء قائلا :
– دعينا من هذا الموضوع وتناولي الدواء ليخف الالم
– لا تخف علي فلن اموت
– هيا الى السرير فانت متعبة
– لا اريد ان انام !
هددها بلهجة امرة :
– لاتجبريني على حملك اليه بالقوة !
تناولت المراةالدواء وتوجهت الى سريرها كي لا تفعل ذلك مكرهة وقبل ان يخرجمن الغرفة سالته :
– لماذا لاتبوح لي بكل شئ ؟
– لان نظرتك الي لم تتغير مع الاسف والدليلعلى ذلك انك حاولت الفرار فلنكن صريحين ونعترف بانني لست مؤهلا لاكون زوجا لك , على الرغم انك معجبة بي

لم ترض لين بهذه الحقيقة فصاحت معترضة :
– معجبة بك؟ يا لك من مغرور !
– فوجئت المراة بان زوجها لم يغضب بل قال لها بهدؤجعلها تخجل من كذبها :
– اؤكد لك انك معجبة بي وترتاحين لوجودي معك ولكنك غيرقادرة على التاقلمفي حياتي الاجتماعية وعلى التخلص من عقدة التفوق
– حسنا , اعترف باني اشعر نحوك بالتفوق اذا كان هذا يرضيك
– اعتراف غير مقنع تماما سنجد فرصة اخرى للتصارح اما الان فالى النوم !
توجه الى النافذة واخرج من جيبهقفلا ركزه عليها بطريقة لم يعد ممكنا معهافتحها بدون نزع القفل
– اسف ياحلوتي ولكني مضطر لفعل ذلك
– امن العدل ان تجعلني سجينة هذه الغرفة ؟تابعتمتوسلة :
– اعدك بانني لن اهرب
– لن اعود عن قراري فالتجارب السابقة لاتشجعني على الثقة بكخرج رادولف من الغرفة وترك زوجته وحيدة في سريرها تنتظرالمجهول لكن الالموالتعب تعاونا عليها فاغمضت عينيها ونامت[/hide]

  • أجمل إيستقبلا لي أسرار
  • الحصانالاصيل
  • اخطات في الماضي فصححت في الحاضر
  • كيف يستقبل زوج عندرجعوها من بيت اهلها
السابق
صغية جميلة لشكر الله
التالي
صور جتوهات