افضل مواضيع جميلة بالصور

رواية خارج الزمن مكتوبة

خارج الزمن
الملخص
عندما وصلت مينا بمفردها الى سانت ستيفان احد جزر الكاريبى ،دون خطيبها ،
فتحت الباب لعصافير الحلم المحبوسة فى داخلها حتى تنقلها بعيدا عن التفكير المؤلم بحياتها.
لم ينغص عطلتها الا غايفنغ كلينتيس الذى كان مجرد وجوده قربها يخيفها. ولم تعرف مينا ان
مصيرها سيرتبط به الا عندما مرا بتجربة مخيفة اوصلتهما الى حافة الموت ، لم ينقذها الا هو…

وهكذا وجد قلبها انه من الطبيعى ان يسلم مفاتيحه لهذا البطل الغريب …
لكن هذه كانت اخر اهتمامات غايفنغ على ما يبدو ، فعندما فتحت مينا عينيها فى المستشفى كان كل ما
بقى لديها ذكرى مغامرة خاضتها مع الغريب الذى رحل …

فصول الرواية
1- حورية بلا بحر
2- غابة الرعب
3- كهف الرغبات
4- من يموت اولا
5- صرخة ضائعة
6- الغزالة الخائفة
7- دموع مرة
8-الرجل الاخر
9- لن اعيش فى ظلك
10- لحظة خارج الزمن

1- حورية بلا بحر
قعدت مينا ببطء، تدفع شعرها الاشقر القمحى عن وجهها.. لم تكن عادة تتركه مسترسلا وبدات حرارة شمس الكاريبى تحول الخصلات القصيرة على جبينها الى خصلات فضية. اما العينان الرماديتان القابعتان فوق عظمتى الوجنتين المرتفعتين فكانتا غارقتين فى تفكير عميق ملؤه الانطواء على النفس .
كان هذا هو تعبير مينا المعتاد وهو تعبير طالما اجتذب اهتمام الرجال المنتهزين الفرص ولكنهم كانوا يدركون اخيرا ان وجهتها الباردة اعمق من بشرتها .
تناهت اليها من الشاطىء الضحكات والقهقهات ومن المسبح خرير المياه واصوات الاطفال المرتفعة ..ولكن ،هنا وفى حدائق المجمع السياحى الفخم فى سانت ستيفان لم يكن هناك ما قاطعها، فاصبح هذا المكان الجميل لها وحدها
وضعت كتابها من يدها، لتنظر الى ساعتها فاذا موعد الغداء قريب . كان الكتاب حارسا لها من المتطفلين غير المرغوب فيهم، اكثر منه وسيله للتسلية وفى الواقع هذه احدى مشكلات قضاء العطل على انفراد ولكن لم يكن لديها خيار اخر اذ لم يستطع كارسون مرافقتها .
كارسون! برقت الشمس فوق الالماسة الوحيدة فى الخاتم القابع فى يدها. كشف الحجر الكبير قيمته، ولكن لا يمكن وصف الخاتم بالفخم الملفت للنظر . وهذا نموذجى من كارسون .. انعقد حاجباها القاتمان بعبوس : ما بالها؟ كانت حتى الان قانعة بكارسون وبخطوبتهما.. تنهدت مفكرة .. ربما السبب جو هذه الجزيرة الاستوائية او ربما للامر علاقة بواقع ان معظم الضيوف من الازواج الشبان ، او الازواج القديمى العهد بالزواج المتحررين من عائلاتهم الكبيرة المنكبين على استعادة سحر الايام الخوالى.. كان هناك بكل تاكيد عائلات من بين ضيوف الفندق ، لكن الجو السائد فى المجمع، جو تكاسل ممتعا اساسا، الامر الذى بدا يؤثر فى مينا وافكارها
ان احد الاسباب الرئيسة لموافقتها على الزواج هو شخصيته التى يعتمد عليها فهو لا يعيش فى الخيال بل يفتقر الى الجاذبية المفرطة .. ولكن هذا ما لم تكن تريده فى الزواج.. ففى عالم النشر، حيث تعمل مساعدة خاصة لرئيس تحرير قسم القصص فى مؤسسة للنشر ذائعة الصيت كانت ترى نتائج العجلة وسوء الاختيار فى الزيجات. فكثيرا ما سمعت عن زوجين تبادلا حب مجنون لم يدم الا سنة اواشهر .. وهذا ما لن يجرى لها، فهى تريد زواجا كزواج والديها.. والديها.. تنهدت ثانية متذكرة الحب والضحك الذى دام حتى الخامسة عشرة من عمرها ..ولكن ، ذلك الحب والضحك تلاشيا فى الليلة التى فقدا فيها حياتهما فى حادث سير جماعى على طريق عام ..
بعد وفاة والديها وضعت تحت رعاية عمة ابيها مارولا اندرسلى . وكانت العمة مارولا طيبة ولكن ليس من السهل تحمل مسؤولية فتاة عاطفية فى الخامسة عشر من عمرها ، فقد كانت العمة مارولا امراة لاتلين ، ولانها لم تكن معتادة على الاولاد وجدت صعوبة فى اظهار التعاطف العفوى الذى اغدقة عليها والداها .. فكان ان تعلمت تدريجيا الانطواء على الذات مختبئة خلف ابتسامة باردة ، نتيجة الاحساس بانها مرفوضة غير محبوبة . فى النهاية اتخذت اسلوب عمتها وعمدت الى عدم اظهار العاطفة والحب فكان ذلك سبب ابتعاد الفتيان عنها لانهم وجدوها باردة متحفظة واتجهوا الى فتيات عاطفيات، منطلقات وهذا ما زادها اقتناعا بانها تفتقر الى الجاذبية التى يتحلى بها غيرها .
وحتى تعوض عن هذا اتخذت لنفسها مهنة بينما فتيات قريتها الصغيرة اتخذن الزواج هدفا ، والان وبعدما اصبحت فى العشرين باتت تعتبر نفسها منيعة ضد اية عاطفة قد تسيطر على الاخريات. وكانت سعيدة بعرض كارسون الزواج بها .
اصطحبها كارسون الى منزل عائلته لملاقاة ذويه مرتين وقد اعتبرت هذه الزيارة (فحصا بيطريا ) فالكولونيل والسيدة كيكورد رغم لطفهما ودماثتهما كانا يفضلان رؤية ابنهما متزوجا بفتاة من مركزهما .. ويمكنها ان تفهم السبب .. فعلى الرغم من وظيفتها التى توفر لها مدخولا جيدا يخولها العيش فى مستوى جيد الا انها لا تملك الصلة الاقليمية، والمناطقية ، لتنال حظوة فى عينى عائلة كيكورد، المتعجرفة .. فلوالد كارسون عزبة محلية قال لها كارسون انها ستؤول اليه بطبيعة الحال ، لكنه فى الوقت الحاضر قانع بان يكون شريكا فى مكتب محاسبة وهى وظيفة تؤمن له شقة فخمة فى لندن ، وسيارة فخمة اشتراها قبل خطوبتهما مباشرة .
ستكون الحياة مع كارسون هادئة ، عادية، تسير بهدوء كماء يصب فى قناة.. ولكنها فجاة اخذت تتساءل عما اذا كانت ترغب فعلا فى هذا الافق الضيق .احست بالقلق فجاة ، فهبت من مكانها طلبا للسير على الشاطىء .. بدت فتاة طويلة نحيلة حولها جو من البرودة يقول للجميع ممنوع اللمس..
شاهدت مينا من خلال مجموعة النخيل المتشابكة التى تحيط بالهلال الرملى الفضى سائحين شابين كانا معها على الرحلة نفسها، وكانا فى اوائل العشرين من عمرهما ، يقضيان شهر عسلهما. بدت سعادتهما كقطعة رمل خشنة صغيرة تفسد سطح حياتها الاملس وتثيرها الى درجة الاعتراف بان كارسون والزواج سيرتبطان به ، ولكنه ليس زواجا قد يرحب فيه والداها لو قدر لهم البقاء على قيد الحياة .
كان الزوجان الشابان يركضان بمرح فى الماء . للاسف ان كارسون يكره ان يظهر عاطفته علنا ، فكيف سيكون شهر عسلهما؟ لقد اقترح عليها ان يقضياه فى الغاراف لان لوالديه صديقين يملكان فيلا هناك ، وملعب غولف رائعا. اهذا حقا ما تريده ؟ .. زوج يكرس نفسه للغولف بينما تلعب هى البريدج مع زوجات اصدقائه ؟
وبخت نفسها لانها عاطفية حمقاء .. وجمعت حاجياتها استعدادا لتغيير ملابسها من اجل وجبة الغداء.. كثير من الناس لا يهتمون فهم يتناولون الغداء ببساطة مرتدين الملابس غير الرسمية .. اما مينا وبعد يوم من حرارة الشمس الاستوائية فتشعر بانها بحاجة الى حمام والى تناول الطعام فى مكان هادىء
وبارد .. انها تكتسب عادة اللون البرونزى من الشمس سريعا رغم بياض بشرتها. ولكن من قبيل الاحتياط تعمدت اخذ الحيطة والحذر لحماية بشرتها من الاحتراق .
كان المجتمع الفندقى جذابا.. وهو عبارة عن طابق واحد مؤلف من بيوت صغيرة ، يطلق عليها اسم (بانغلو) وهو معد لسكن عائلة واحدة. تحيط بالفندق (الجاكراندا) وتعريشات ( البوغونفيلا) وشتلات الخبازى والازهار على مختلف انواعها. اما هى فكانت تسكن غرفة مزدوجة فى الفندق نفسه اذ كان من المفروض ان ترافقها فتاة اخرى من مؤسسة النشر، ولكن الفتاة انتقلت الى مكتب نيويورك وبدون سابق انذار، وهكذا اضطرت مينا الى المجى بمفردها.
شجعها كارسون على المجىء بمفردها.. فهو مشغول جدا ويحس انه لن يقدر على اخذ فرصة للسفر حتى موعد شهر عسلهما، وبما انها لم تحصل منذ سنتين على اجازة لائقة، بسبب عمتها التى كانت مريضة جدا والتى اضطرت مينا الى رعايتها فى ايامها الاخيرة، مستخدمة ايام عطلتها فقد احست بانها فعلا بحاجة الى هذه الفرصة.
كان عليها حتى تصل الى غرفتها المرور ببهو الفندق وهو بهو بارد ارضة رخامية، اثاثة من الخيزران، فيه الكثير من النباتات الخضراء. ابتسم موظف الاستقبال لها وهى تطلب المفتاح.. ان الموظفين لطيفون جميعهم وعلى اهبة الاستعداد للمساعدة .. ردت مينا الابتسامة ، ثم اسرعت ترتقى الدرجات وصولا الى غرف النوم .. يقضى قانون الجزيرة الا يتالف البناء من اكثر من طابقين ، وكان من الرائع ان تطل من نافذة غرفتها لتجد ان الشىء الوحيد الذى يعيق نظرها، هو اشجار النخيل التى تلوح امام نسيم الشاطىء.
فيما كانت تخلع ثوب سباحتها، سرها ان تجد بان بشرتها قد اصبحت عسلية. تعرف ان المياه المتدفقة قد تكون احيانا غريبة التاثير.. ولكنها اليوم كانت مؤثرة جدا، فالرذاذ البارد كان لذيذا على بشرتها الساخنة
وفيما كانت تهم بالخروج من تحت الماء ، لمحت صورتها فى المراة .. فحاولت ان تتصور كارسون زوجا لها يتشاركان معا ما فى غرفة النوم من اشياء حميمة.. لكن مخيلتها رفضت ان تكون صورة . تناولت فستانا قطنيا ضيقا من الخزانة بغضب ثم مشطت شعرها بقوة ، وعقدته على مؤخرة راسها ثم انتعلت حذاءها.
كانت غرفة الطعام اكثر ازدحاما مما توقعت .. لقد حملت معها كتابا احتياطا، واملت ان تؤمن لنفسها طاولة صغيرة بعيدة عن النوافذ الفخمة المطلة على البحر لتستطيع تناول طعامها دون ان يلاحظها سائر النزلاء.
ولكن املها خاب حالما وطئت قدماها ارض المطعم.. فقد نادتها امراة سمينة سوداء الشعر ، لطيفة الابتسامة: – مينا ..! تعالى واجلسى معنا. اشارت المراة الى احد الكراسى العديدة المتحلقة حول المائدة التى تجلس هى وزوجها اليها ووجدت مينا ان لا خيار لديها سوى الانضمام اليهما.
كان الفندق حديثا نسبيا، ولم يكن يستخدم من قبل شركات السياحة لاقامة الافواج السياحية فيه.. ولهذا لم يكن فيه سوى عشرة نزلاء اتوا معا من المطار وهم: الازواج الاربعة الذين يقضون عطلة ممتعة والعروسان الشابان وستافرو وبينى ومينا ورجل بدا وحيدا،كانت قد لمحته فترة وجيزة فى المطار..
قالت بينى تشجعها :- جربى القريدس وسلطة الافوكادو..انه لذيذ.. نظرت الى خاتم خطوبة مينا واردفت تسال باستغراب: انت هنا بمفردك؟ – اجل
تكره مينا الرد على اسئلة شخصية لذا سرها ان يتحول اهتمام بينى الى الرجل الذى دخل الى المطعم. كان يرتدى سروالا اسود من الجينز وقميصا قطنيا اسود ضيقا.. بدا فى غير محله فى غرفة مكتظة برجال يرتدون قمصانا وسراويل ملونة براقة ، وهو الى ذلك مختلف فى اشياء اخرى. لكن مينا لم تدرك سبب اعتقادها بان الرجل الواقف فى الباب مختلف عن سائر السواح. كانت خصلات من شعره الاسود تلامس ياقة قميصه، ورموش كثيفة سوداء تخفى عينيه عن انظار الفضوليين..
تمتمت بينى لزوجها ستافرو: ها هو غايفنغ كلينتيس، اساله ان كان يود الانضمام الينا.,. ثم التفتت الى مينا تسالها: – اليس خارق الجاذبية؟ كنا نتحدث اليه فى المقهى ليلة امس ..اه ! لم يرنا !
صاحت خائبة الامل عندما ابتعد الرجل الى مائدة صغيرة بعيدة فى الزاوية رغم جهود ستافرو للفت انتباهه كانت طريقة سيره مختلفة.. واحست مينا بشىء من الحذر يشوب حركاته. انه يتحرك بسرعه كبيرة وبهدوء لا يصدق بالنسبة لرجل طويل مفتول العضلات وعندما يتحرك تحت قميصه الاسود الرقيق. ووجدت مينا نفسها تحبس انفاسها، تتامل قسمات وجهه الخشنة الواضحة المعالم التى لاتفصح شيئا عن شخصيته.. انه وجه قاس، ساخر بالنسبة لرجل فى اواسط الثلاثين.

اطلقت عليه بينى صفة (خارق الجاذبية) وهى محقة فى ذلك . فالرجل ينضح باثارة لاشك فيها، ولم يكن فى الغرفة امراة لم تراقبة خلسة عندما سار فيها .. واحست مينا بالغثيان امام اهتمامهن واهتمامها الواضح برجل لم يهتم باى منهن.. فهو لم يرفع عينيه عن المائدة الا ليطلب طعامه، ولاحظت مينا ان ذراعه اليمنى منكسة على نحو مربك قليلا اضافت بينى باثارة، وبلهجة من يفضى سرا: – انه هنا للنقاهة من حادثة ، انخ من الجيش .. اه لم يقل لنا هذا ، ولكننا لاحظنا ذلك من جواز سفره.
نظرت مينا اليه ثانية ، مقتنعة ان بينى مخطئة اذ لا يبدو ممن يقبل انضباط الجيش وصرامته كما انه يختلف كل الاختلاف عن الكولونيل كيكورد، والد كارسون، الذى يرى ان الشباب فى هذا العصر يحتاجون الى روح دفع صلبة.. اما هذا فيبدو منعزلا، بل هو يتعمد ابعاد نفسه عن الاخرين .. كما ان شعره الكث لا يدل على ان له علاقة بالجيش كذلك.
رفع راسة فجاة فضبطها على حين غرة.. راقبتها عينان خضراوان باردتان باهتمام مدمر، قبل ان تتحرر من شعاع اللايزر الذى كان ينطلق من عينيه .
بعد انتهاء الطعام، رافقت مينا الزوجين هولان الى محل راحت تتامل واجهته. وتنهدت بينى وهى تشير الى ثوب سباحة جميل ليلكى اللون: – انظرى فقط الى هذا البيكينى..! ليت لى جسما نحيلا كجسمك! لماذا لا تجربينه؟ متعى به نفسك وخطيبك.
– اه ! لااستطيع!
– بل تستطيعين. سادخل معك، وينتظر ستاف خارجا.
دخلت مينا الى المحل.. قالت بينى للفتاة السمراء الجذابة التى تقدمت لخدمتهما انهما يريدان رؤية البيكينى الذى فى الواجهة.. فقالت الفتاة بصوت ناعم: – انه فرنسى .. واللون سيبدو مذهلا مع لون شعرك. اظنه يطابق مقاسك. خلف تلك الستارة غرفة القياس .دخلت مينا على مضض الى الغرفة، تتمنى لو كان لديها قوة الارادة لرفض الدخول الى المحل اصلا.. ولكن ، لم يكن هناك مجال لرفض طلب بينى بدون ان تكون فظة وفى الواقع احبت مينا المراة الاكبر سنا ، ولم ترغب فى اغضابها.
بدت بشرة مينا حريرية براقة تحت نور غرفة القياس الضئيل وبدا ان لجسمها جمالا اخاذا لم تكن تدرك وجوده. هل انت جاهزة؟ خطت مترددة الى الخارج متمنية لو كانت اقصر مما هى عليه.. احست بان الثوب يكشف ساقين مديدتين وتاقت الى ما تلفهما به صاحت بينى باعجاب: – اووه.. مينا.. تبدين رائعة؟ يجب ان تشتريه ! ستذهلين الجميع على الشاطىء بدون شك!
– الا تظنين انه .. قليلا..


 

  • رواية خارج الزمن مكتوبة
السابق
قصة ارجوحة المصير روايات عبير ان ميثر
التالي
رواية مغرور احلام