افضل مواضيع جميلة بالصور

رواية احلام المكتوبة اسوار الذهب

 

الملخص

اول ما وقعت عينا كريستوس على اليسيا , اقسم ان يجعلها زوجته . بعد ذلك بعشر سنوات , سنحت لكريستوس الفرصة لتحقيق قسمه فقد عرض والد اليسيا عليه الزواج بابنته مقابل مساندة كريستوس له ماليا , لكن بعد العرس , اكتشف ان اليسيا التى اصبحت زوجته تبعا لهذه الصفقة , تزوجته رغما عنها ..

– اتفضلين البقاء حبيسة في الدير على الزواج مني ؟
قال ” كريستوس ” هذا غير مصدق . كيف تفضل هذه الفتاة , او المراة البالغة الخامسة والعشرين , كما يدعي ابوها , ان تعيش متقشفة في دير , على الزواج منه ؟
انه ليس همجيا , بالمقارنة مع الرجال اليونانيين الذين نشات بينهم , بل انه على العكس من ذلك , متمدن كثيرا .
ردت اليسيا ليموس ببرود : ” سبق ان علمت جوابي , وما كان لك ان تضيع وقتك بالمجئ ”
ادار ظهره للراهبة الواقفة في الجوار , حتى لا تتمكن من الاصغاء . فقد كلفت رئيسة الدير ان يرافقها اثناء اجتماعها به , ولكن ذلك لايبيح لها الاستماع لحديثهما الخاص .
– هل اخبرت اباك برفضي ؟ فانت لم تخبريني , انا بذلك حتى .
كان نادرا ما يرفع صوته اذ لم يكن بحاجة لذلك , لان حجمه وسلطته كانا عادة كافيين للاقناع . لكن اليسيا ليموس رفعت حاجبيها : ” ربما يتملك الغرور بعض النساء لهذا الالحاح منك . انما ليس انا ”
– جوابك اذن هو … ؟
تزامنت ضحكة اليسيا المتشككة مع بريق عينيها السوداوين : ” انا اعلم انك اميركي , ولكن من المؤكد انك لست احمق الى هذا الحد ”
قد يؤذي كلامها هذا رجلا اقل غرورا منه , لكنه ليس مجرد رجل عادي , واليسيا ليست مجرد فتاة عادية انه بحاجة اليها , وهو لن يغادر ” اونوساي ” من دونها .
– الا تحبين الاميركيين ؟
– ابدا .
– هذا حسن , وربما سيسهل هذا مهمتنا عندنا ننتقل الى نيويورك .
– تقابلت اعينهما وقد شحب لونها فجاة : ” انا لن انتقل من هنا ابدا كما اننى لا اوافق ابدا على زواج مصلحة ”
لم يهتم بقولها هذا , واجاب : ” اذا كنت قلقة , فانا اعتبر نفسي يونانيا , ابواي ولدا هنا , في “اونوساي” , وهما ما زالا يعتبران هذا المكان وطنا لهما ”
– اه , يا لهما من انسانين سعيدين !
كاد يبتسم , فلا عجب فى ان اباها داريوس قد عاني من الاحباط , فهي لا ترغب ان تصبح عروسا يوما . اضاف : ” لا ادري ان كان سيسرهما ان تكوني كنتهما , لكنهما سيتقبلان ذلك حتما ”
– انا واثقة من انك امك شغوف بك .
– بلا حدود , فالامهات اليونانيات , يعشن غالبا لاجل ابنائهن .
– بينما البنات منبوذات .
لم يبد عليه انه لاحظ الالم فى صوتها , وهي تقول ذلك بمرارة .
– ولكن بناتي سيكن مدللات .
كان فى السابعة والثلاثين وبحاجة الى زوجة , كما ان داريوس ليموس كان بحاجة الى زوج لابنته العنيدة . ومثل هذا لم يكن زواج حب , بل صفقة هيا لها , في بنك في سويسرا .
– انا ابن وحيد لوالدي , اخر فرد ذكر في فرع اسرتنا , وقد وعدتهما بان يكون لهما حفيد قبل عيد ميلادي التسع والثلاثين وسالده .
– لا , بل انت ترجو ان اكون انا التى سالد .
عض شفتيه كيلا يبتسم : ” انا احتمل ان يصحح لي الاخرون كلامي ”
تقبضت يدا اليسيا . وتمنت لو تصفع ابتسامته المغرورة فتمحوها عن وجهه المتغطرس . لم تعرف قط رجلا مثله ثقة بالنفس , سوى ابيها فقط .
ابتلعت ريقها بتشنج وهي تحاول ان تفهم سبب عبوره المحيط الاطلسي ليبحث لها عن عريس . فقد كان ابوها يحتقر حديثي النعمة , ولابد انه كان يشعر بالياس . حسنا , وكذلك هي . فقد كان يعرضها بالمزاد العلني . يعرض وريثته الوحيدة لمن يدفع اكثر .
غالبت دموعا ساخنة اندفعت فى عينيها .. ما كانت امها لتسمح لابيها بان يفعل هذا .
– هناك عرسان اسوا ، يا انسة ليموس .
شعرت بسخرية لكنها لم تبتسم : ” الزوج هو الزوج ، وانا لا اريد زوجا ”
– اكثر النساء يردن الزواج . انه امنية كل امراة يونانية .
– انا لست اكثر النساء .
ضحك بفظاظة : ” هذا قولك انت ، لكننى اسمع ان النساء متشابهات ، كلكن لديكن احلام ”
– اليس لديكم انتم ؟
– احلامى انا واضحة ، اريد اطفالا . انا بحاجة الى اطفال .
واخذ يتفحصها وكانها فرس : ” انت شابة ، وستكونين اما ممتازة ”
قالت بجفاء : ” لا اريد ان اكون اما ”
قالت هذا بجفاء . فهز كتفيه دون اهتمام :
– يمكننا ان نتزوج اليوم . . هنا . وحدنا فانا اخشى ان لا يكون والدك موجودا .
– يا للفضيحة .
فلوى شفتيه بدهشة وشئ من الفضول : ” انت تتكلمين كالبحارة ”
– لاننى اقرب ما يكون من اعمال ابى .
– هل تهتمين بادارة الاعمال .
– انا اهتم بعملى .
ليس العمل الذى شغف به ابوها اكثر من اى شئ اخر . لم يسمح لشئ بان يقف بينه وبين سفنه . لم يسمح لاحد ان يتدخل فى اعمال “ليموس” الكبرى حتى امها .
قال لها بعد هنيهة :
” اظن ان العمل سيصيبك بالسام . مناقشاته ،عقوده ، ارقامه ، شحناته المملة . . ”
– بالنسبة لعقلى الصغير ؟
التمعت عيناه وابتسم للهجتها الساخرة ، وقال ببشاشة :
– لا تضغى الى كل ما يقوله ابوك . اصغى فقط للاشياء الجيدة التى يقولها عنى .
كان بامكانها ان تصفعه بسهولة ، فهى تعلم جيدا سبب رغبة “كريستوس باتيراس” فى الزواج منها . كان طامعا فى بائنتها واعمال ابيها . عندما يموت ابوها داريوس ، فسيرث “كريستوس” امبراطورية “ليموس” . قالت له : ” اراك واثقا من نفسك اكثر مما ينبغى ”
– هذا ما يقوله نقادى .
– هل هم كثيرون ؟
– كثيرون جدا .
اشاحت بوجهها وهى تصر باسنانها . انه يمزح ، دون ريب ، ويعبث بها كما تعبث القطة بالفار . جاهدت ان تتحكم فى طبعها ، وتوتر فكها الناعم .
– انت مجنون اذا كنت تفكر فى اننى ساتزوجك .
– لقد وافق ابوك على الزواج ، وقد تسلمت البائنة .
– اعدها اليه !
– لا يمكننى ذلك ، فانا بحاجة ماسة اليك .
التفتت اليه ، فالفت عينيها تلمعان فى عينيه :
– بالرغم مما تظنانه ، انا لست مجنونة ولا ضعيفة الشخصية . وما دامت لديك صعوبة فى السمع ، دعنى اقلها مرة اخرى . انا لنم اتزوجك ، يا سيد ” باتيراس” ، ولن اتزوج ابدا يا سيد “باتيراس” . افضل ان اكبر واشيب فى هذا الدير على ان احمل اسمك ، يا سيد “باتيراس” .
كبح كريستوس رغبته فى الابتسام وهو يهنز فوق كعبيه . قال ابوها انها عنيدة ، لكنه لم يذكر شيئا عن ذكائها او حيويتها ، هناك فرق بين العناد والحيوية . العناد شئ كريه ، اما الحيوية فيجد الرجل متعة اكيدة فلا شئ مثل حصان جامح ، وطريدة جاسورة ، ولعبة تنس مثيرة . . وليس هناك اكثر جاذبية من امراة تنفجر بالحيوية . وتمتم بنعومة : ” اه ! اظننى معجب بك جدا ”
– الشعور غير متبادل .
لوى شفتيه واخذ ينظر اليها وهى تلقى براسها الى الخلف ، وعيناها تنظرات اليه بتحد . واذ وقعت اشعة الشمس على وجهها ، ادرك ان عينيها ليستا بنيتين ابدا بل زرقاوين . . زرقاوين داكنتين غامضتين كسماء فى ليل . مثل بحر “ايجه” عندما يكون ساكنا ، شعر بلون العسل وعينان بلون بحر “ايجه” ! . بدت اشبه بصور راها لامها التى كانت نصف يونانية ، نصف انكليزية والتى كانت تعد احدى اجمل جميلات عصرها المعدودات .
– امل ان تتمكنى من احتمالى . فهذا يجعل الحياة الزوجية ناجحة . . . . .
تصاعدت نبضاتها بشدة اسفل عنقها ، لكن عينيها اخذتا تقذفان حمما من الغضب والعنف والاستنكار . انها ستواجهه باسنانها واظافرها .
– سرعان ما ادعك بعد ذلك ، تضع لجاما فى فمى ، وسرجا على ظهرى .
– هذا شئ مغرى .
اصبحت وجنتاها بلون الشفق . . لقد اكتسبت لونها الرائع نتيجة امتزاج الدم الانكليزى باليونانى فى عروقها . عينان زرقاوان ، شعر قمحى ، بشرة ذهبية . وشعر برغبة عارمة فى التملك ، انها له ولو كانت لا تدرى بعد .
هربت اليسيا الى زاوية بعيدة من الحديقة المسورة ، وعقدت ذراعيها على صدرها ، بينما كانت انفاسها السريعة المتلاحقة تضطرم فى داخلها .
تبعها ببطء ، فهو لا يريد ان يضغط عليها . ليس الان على الاقل . . تحسس جيب معطفه العلوى فوقعت يداه على حافة صحيفة الصباح . لن تعجبها قصاصة الصحيفة هذه . انه اول من اعترف انها لعبة مخادعة بقصد السيطرة ، لكنه لا يريد ان يخسر الصفقة .
لقد كان وعد والديه بثروة يجبر بها فرع اسرته المنهك ، ومنذ ذلك الحين ، كل قرار اتخذه كان لملاحقة ذلك الهدف . ومنذ تعهد بذلك ، نمت ثروة الاسرة الى حد كبير . . . كبير جدا . ولا بد انها شعرت به يقترب ، فقالت له بصوت منخفض ينبض بالمشاعر : ” اليس لديك اخلاق ؟ كيف تتزوج امراة دون رغبتها ؟ ”
– لن يكون الزواج دون رغبتك . ان لديك الخيار .
– انت تثير اشمئزازى .
– عودى الى الداخل اذن واستدعى الراهبة ، انها متلهفة الى سماع حديثنا .
نظرت من فوق كتفها ، فرات الراهبة . فضغطت شفتيها قائلة : ” انت مستمتع بهذا ”
– انه يوم عرسى ، ما الذى لا استمتع به ؟
ابتعدت عنه خطوة اخرى ، وجلست على مقعد رخامى . فسار حول المقعد ليواجهها : ” اليسيا ، لقد اقسم ابوك على ان يتركك هنا حتى نتزوج ، الا يقلقك هذا ؟ ”
– لا ، انت لست اول رجل ارفضه ، ولن تكون الاخير ، انا هنا منذ عام تقريبا . والراهبات رائعات معى ، وبصراحة ، ابتدات اشعر بان الدير بيتى .
الدير بيتها ؟ انه لا يصدقها . . . ولا للحظة . . رغم جمالها النقى ، ووجنتيها العاليتين وحاجبيها المقوسين الانيقين ، وعينيها المليئتين بالاسرار .
انها لا تنتمى الى ثوب الدير البسيط البنى اللون ، اكثر مما ينتمى هو الى ثوب الكاهن ، والله يعلم ذلك .
شعر كريستوس بموجة عطف مفاجئة نحوها ، لكتها لم تكن كافية لكى يبتعد عن مائدة اللعب . لا . . انه لم يفعل ذلك قط من قبل ، وهذا لا يعنى انه يلعب بالورق ، بل هو يقامر بطرق اخرى ، مقامرات جريئة تخطف الانفاس فى صناعة السفن اليونانية . فيجنى من ورائها ارباحا هائلة . لقد حقق نجاحا بالغا بالنسبة لاى شخص من مستواه .
– بيتك ، يا اليسيا ، سيكون معى . فقد اخترتك ، وانت جزء من خطتى . وعندما ابدا بتحقيق اى خطة ، فانا لا اتخلى عنها ، انا لا اهرب ابدا .
– من الافضل ان نستخدم هذه المزايا الرائعة فى مكان اخر .
– ليس هناك مكان اخر ، ولا خيار اخر ، انت وزواجنا هو المستقبل .
قال هذا بنعومة . وهبت نسمة حركت خصلة من شعرها المعقود باحتشام . ولم تحاول هى ان تسويها فاخذت الخصلة البنية الذهبية تتحرك بخفة الريشة .
اعجبه تماوج اشعة الشمس على كتفيها ووجهها . اذا تحول لون شعرها الى ذهب ونحاس ، ولون عينيها الى خضرة مياة البحر ، ورفعت حاجبيها : ” انا اعرف من انت ، يا سيد باتيراس . انا لست جاهلة بنجاحك . هل اخبرك بما اعلم ؟ ”
– ارجوك ، فانا استمتع بقصة نجاحى .
– انت يونانى اصلا ، ولدت ونشات فى ضاحية للطبقة الوسطى فى نيويورك . تعلمت فى مدرسة اهلية مجانية قبل ان بقبلوك فى كلية عالية ذات اهمية .
– كلية ” ييل ” .
– وهذه جيدة جدا ، ولكن لماذا ليس جامعة “هارفارد” ؟ المفروض ان جامعة هارفارد هى الافضل .
– لانها غالية .
– هذا صحيح . فقد ترك ابوك موطنه “اونوساى” مفلسا مهانا.
– لم يكن مهانا ، بل فقيرا ، راجيا ان يجد حياة افضل فى مكان اخر .
– اشتغل ابوك فى بناء السفن وترميمها .
– كان يعمل لحاما .
قال هذا بهدوء , مخفيا مشاعره في الاعماق . فقد كان وفيا لوالديه كثيرا , وخصوصا لابيه , ابيه التقي المتين الخلق والمكرس حياته لاسرته . فاستطاع ان يناي بها عن الذل زمن الازمات المالية الكبري . كان هناك ايام شدة , ايام بالغة الشدة , هذا عدا نبذ المجتمع الاميركي – اليوناني لهم .

وبسرعة , وقبل ان تستمر في نبش الماضى , حول الضوء اليها : ” وابوك يا اليسيا , قد ورث ملايينه . وهكذا ليس لديك فكرة عما تعنيه كلمة فقير ”
– لكنك لم تعد فقيرا , يا سيد ياتيراس . ان لديك من السفن بعدد سفن اسطول بريطانيا التجارى . وبالرغم من اصلك المتواضع ليس من الصعب ان تجد عروسا بسيطة .. اكثر مني لهفة لقبول الزواج منك .
– لكنني لا استطيع العثور على ” داريوس ليموس ” اخر .
– اذن , انت فى الحقيقة تريد الزواج من ابي .
كانت ذكية , وابتسم بفتور وقد عاد يشعر بالتسلية مرة اخرى للتناقض بين مظهرها الهادئ الصافي , وداخلها الناري . ووجد نفسه فجاة يتساءل عما تخفيه في داخلها من مشاعر , ربما محمومة كجهنم .
كانت خصلات شعرها الذهبية تتراقص على خدها . فراح ينظر باعجاب وهي تلامس اذنيها , فشعر بدافع مفاجئ للاقتراب منها لرفع هذه الخصلة عن وجه هذه المراة التى تسحره . انه سيستمتع بالزواج من امراة كهذه .
اتكات اليسيا الى الخلف من مقعدها , وثوبها البني يبرز صدرها الصغير واهدابها المسدلة تخفي ما تنطق به عيناها : ” كم تبلغ معرفتك بابي ؟ ”
– الى القدر الذى يجعلني اعرفه .
سمحت لنفسها ان تفوز بابتسامة صغيرة . ولاحظ كريستوس غمازة شمال فمها الممتلئ , ربما سيتاح له ان يقبلها .
– لابد ان ابي مسرور جدا لانه وضغك فى جيبه الخلفى , يمكنني ان اتصوره تماما وهو يفرك يديه معا مبتهجا ضاحكا.
ورفعت اهدابها : ” لقد فرك يديه بعد ان ابرمتما الصفقة , اليس كذلك ؟ ”
لهجتها , صوتها , عيناها , شد ما يرغب فيها . ومال فجاة الى الامام وامسك بشعرها المعقود على رقبتها .. اتسعت عيناها عندما اشتدت اصابعه على شعرها لحظات قبل ان ينحنى ليعانقها .
شهقت اليسيا عندما بدا يعانقها , ولم تفته شهقتها والليونة المفاجئة في ردة فعلها .
تصلب جسده , وجرى دمه حارا . ومن بعيد سمع نحنحة , انها الراهبة ! ان طرده الى خارجة المكان الان سيكون كارثة , وهكذا تركها ببطء , قائلا : ” كم انت لذيذة ”
شحب وجه اليسيا وانتفض جسمها كانما تحاول ان تمسح اثاره عنهما :
– حاول هذا مرة اخرى وساستدعي رئيسة الدير .
وضع قدمه على المقعد بجانبها , وشعر بجسدها يرتجف :
” وماذا ستقولين , يا اليسيا الحلوة ؟ ان زوجك عانقك ؟ ”
– نحن غير متزوجين , بل نحن غير مخطوبين حتي .
– لكن هذا سيحصل حالا .
وحدق في صدرها المضطرب الانفاس : ” اتحبين الرهان ؟ ”
فارتجفت بوضوح : ” لا , انا لا اقامر ابدا ”
– هذا امر يدعو الى الاعجاب , لكنني احب الرهان . اننى يا اليسيا , اعرف عنك اكثر مما تظنين .
وراي ما بد عليها من شك , فشعر بالرضا : ” في السابعة عشرة من عمرك حصلت على منحة من معهد عال لدراسة الفنون في باريس . وعشت فى غرفة فوق السطح مع ” دزينة ” من دارسي الفنون . كانت حياة بوهيمية نوعا ما , مع اطفال يجرون بين الاقدام . وعندما كانت نقودك تنفد . كنت كالاخرين , تقومين باعمال شاذة متنوعة . عملت , ذات صيف مدبرة منزل ثم فى مخبز . واطول عمل قمت به هو مربية لمصمم واسرته ”
فقالت بفتور وقد شحب وجهها : ” كانت جميعا اعمالا محترمة ”
– ومحترمة جدا , لكنها مختلفة تماما عن الملعقة الفضية التى فى فمك .
– هل ثمة غرض من قولك هذا ؟
تلاشت ابتسامته ومال الى الامام : ” لقد امضيت ثماني سنوات من حياتك محاولة الهرب من ابيك ”
انفرجت شفتاها ولكن دون صوت . واخذ يتاملها مراقبا كل خفقة من عينيها .
– امضيت فترة من حياتك حرة , رسمت وسافرت واستمتعت بالحياة بين مجموعة من الاصدقاء , ولكن عندما مرضت وضعك ابوك فى مستشفى في ” بيرن ” , ومنذ ذلك الحين تملكك , جسدا وروحا .
– ربما جسدا , ولكن ليس روحا ابدا .
انها النار مرة اخرى , والتمرد العنيف , وشعر بتماثل بينهما لم يشعر به الا نحو قليلات من النساء , ورقق من صوته : ” فكري في الامر , يا اليسيا . في اليونان انت دون قوة , وابوك راس الاسرة .. السلطة الكاملة له . لديه الحق في ان يختار لك زوجك . لديه الحق في ان يسجنك هنا . لديه الحق في ان يجعل حياتك تعسة ”
– انا لست سجينة هنا .
– لماذا لا تغادرين الدير اذن ؟
حبست انفاسها , بتوثب اسر . واتسعت حدقتا عينيها , وتوترت شفتاها . فقال بعد قليل من التردد :
– يمكنك ان تغادري اليوم , حالا , وستكونين حرة اخيرا .
بقيت لحظة لا تجيب , وهي تتفحصه بنفس العزم الذى قابلته فيه . ثم قالت : ” الزوجات اليونانيات لايملكن الحرية ابدا ”
– لا . ربما ليس بالطريقة التى تفكرين فيها , لكنني ساسمح لك بالسفر , وبمزاولة الهوايات التى تهمك , وساسمح لك باختيار اصدقائك وسيكون بامكانك ان تعودي الى الرسم .
– انا لم اعد ارسم .
– ولكن بامكانك ذلك , فقد سمعت بانك ماهرة فيه .
ضحكت فجاة بصوت منخفض واخذ جسدها يرتجف توترا , وعقدت ذراعيها فوق صدرها : ” لابد انك بحاجة ماسة الى سفن ابي ”
تملكت كريستوس موجة من مشاعر حلوة بشكل لم يشعر به من قبل . راي نفسه كما هو بالضبط , منقادا , حذرا بشكل اناني . يخدم نفسه بكبرياء , وهذه المراة , هذه المراة الجميلة النقية الشابة , تعلم بان اهميتها الوحيدة تكمن في انها جزء من صفقة مقدار ما تدفعه من بائنة . وما يستحق الاهتمام فيها هو اسمها فقط . وفي جزء من اللحظة شعر بكراهية لهذا النظام ولنفسه , لكنه ما لبث ان ازاح اعتراضه هذا جانبا دون رحمة .. سوف يحصل عليها .
انزلقت اليسيا من تحت ذراعه وابتعدت عنه عدة خطوات , وسارت الى اخر الحديقة , ثم ركعت عند شجيرة لافندر , وهمست وهي تقطف زهرة :
– السفن … لشد ما اكرهها !
واخذت تشم الزهرة الارجوانية .
فقال وهو يفكر في انها اشبه بلوحة زيتية : ” وانا احبها ”
انحناءة عنقها , رقبتها البيضاء , شعرها المجموع على قفا راسها بلون العسل الطبيعى , يتالق فى اشعة الشمس الذهبية . انه يريد هذه المراة , سواء كانت صفقة ام لا . واطبقت على الزهرة في قبضتها وهي تقول : ” يا سيد باتيراس , الم يخطر في بالك قط ان تتساءل عما يدفع رجلا ثريا مثل ابي الى منح ثروته لمن ياخذ ابنته ؟ ”
كانت الشمس تتالق ذهبية دافئة على قمة راسها , والنسائم تعبث بخصلة شعر اخري : ” انا بضاعة تالفة يا سيد باتيراس , ولايمكن لابي ان يعطيني الى طالب زواج يوناني حتى ولو حاول ذلك ”
اكثر تلفا مما قد يظن , كانت اليسيا تعترف بذلك بكابة , وهي تسحق زهرة اللافندر في كفها , فقد تبادر الى ذهنها , دون رغبة منها , ذكرى المصح الذى كانت فيه في سويسرا . لقد امضنت هناك قرابة اربعة عشر شهرا , طوال سنتها الواحدة والعشرين , قبل ان تاتى امها فتنقذها وتساعدها على السكن فى شقة صغيرة في ” جنيف ” .
وقد احبت اليسيا جينف اذ لم يكن لها فيها ذكريات سيئة . وقد عاشت فيها بهدوء وسعادة حوالى عامين , راضية بوظيفتها في متجر للملابس , متذوقة الامان فى شقتها البسيطة .. كانت تتصل اسبوعيا بامها في ” اونوساي ” وتتحدث اليها فى اشياء كثيرة مختلفة سارة ليس فيها ما يؤلم بل ما يفرح . لم تسالها امها عن المصح , او عن حياتها في باريس على الاطلاق , ولم تسال اليسيا عن ابيها قط . كانت كل واحدة منهما تتفهم الاخرى , وتتفهمان الام بعضهما البعض .
وما كانت اليسيا لتعود قط الى اليونان , او الى بيت ابيها , لولا مرض امها بالسرطان .
رنين الاجراس المفجع اثار مشاعر اليسيا فجفلت فجاة , واسدلت اهدابها وتوترت شفتاها وهي تجد في رنين الاجراس هذا ما يذكرها بموت امها وجنازتها .
استمرت الاجراس في الرنين , رنينها اشبه باظافر تخدش لوحا اسود بحدة . اه , لشد ما تكرهه هنا ! لقد قامت الراهبات بكل ما يستطعن للترفيه عنها واكتساب مودتها , لكن اليسيا لم تكن تستطيع احتمال يوم اخر من رنين الاجراس والصلاة والصمت .
لم تشا ان يذكرها شئ بما فقدت . كانت تريد فقط ان تستمر في العيش .
الاخت ” ايلينا ” , ذات الوجه الصام والقلب الحنون , اشارت اليها بان وقت عودتها الى الداخل قد حان .
شعرت اليسيا بالذعر , وادار الياس راسها . شعرت فجاة بانها لا تحتمل مغادرة الحديقة , او وعود الحرية . وكانه احس بكراهيتها تلك , فمد لها كريستوس يده : ” لست مضطرة الى الدخول . يمكنك , بدلا من ذلك , ان تغادري الدير معي ”
لقد شعر بضعفها , و احس باضطرابها . ومرة اخرى قال بصوت رقيق : ” تعالي معي هذا النهار وستبدئين من جديد , وتدخلين حياة جديدة … كل شئ سيكون جديدا مثيرا ”
انه يغيظها , يعبث بها . لكنها تلهفت الى الحرية رغم نفورها من الصفقة هذه .
يمكنها ان تغادر الدير اذا هي ذهبت معه بصفتها زوجته . يمكنها ان تهرب من ابيها اذا هي ارتبطت مع هذا الغريب .
– الست خائفا مني ؟
سالته وهي تهرب من نظرات الاخت ايلينا القلقة . وتستدير الي هذا الرجل الاميركي اليوناني الغامض الوسيم الواقف على بعد قدم منها فقط .
– وهل علي ان اخاف ؟
– انا اعرف ان ابي حدثك عن … صحتي .
كل كلمة قالتها كانت اشبه بقطرة سم على لسانها . وخلف عينيها تجمعت دموع ساخنة .
– قال انك لم تكوني بصحة جيدة وذلك منذ سنوات . لكنه طمانني الى ان صحتك جيدة الان . وشكلك جيد , وفي الواقع جيد تماما رغم نحولك نوعا ما .
التوت شفتاها بابتسامة سخرية بالنفس : ” قد يكون المظهر خداعا ”
فهز كتفيه : ” اول سبع سفن لدي كانت تالفة . جردتها حتى اصبحت هياكل , ثم اصلحتها . وفي خلال عام درت علي ربحا مليوني الاول . مر عليها الان عشر سنوات وما زالت حتى الان افضل قطع اسطولي ”
تصورته يجردها ثم يحاول ان يجعل منها شيئا ما . صعقتها هذه الصورة الواضحة واشعرتها بالخوف . لقد مرت سنوات وسنوات منذ كانت على علاقة حميمة مع رجل . وهذا الرجل ..
كرهت الدم الذى تصاعد الى وجهها , ثم رفعت راسها : ” انا لن ادر عليك اي مليون ”
– لكنك سبق ان فعلت ذلك .
تضايقت لتقييمه القاسي هذا , وتصلب ظهرها :
– عليك ان تعيره الى ابي . لقد سبق ان اخبرتك بانني لن اتزوج ابدا .
– تعنين مرة اخري , اي انك لن تتزوجي ابدا مرة اخري .
جمدت مكانها , وتسمرت نظراتها على ميناء ساعة اثرية . اتراه يعلم ؟
– لقد تزوجت من قبل عندما كنت في سني المراهقة , وكان هو انكليزيا يكبرك بست سنوات . واعتقد انكما تعارفتما في باريس . الم يكن رساما هو ايضا ؟
التفتت اليه ببطء , متسعة العينين , ممزقة بين الذعر والاقتنان ازاء تفاصيل ماضيها . ماذا تراه يعرف ايضا ؟ وماذا اخبروه ايضا ؟ واجابته بصوت راعش , ذلك ان زواجها من جيريمي كانت غلطة ماساوية :
– لا اريد ان اتحدث معك عنه او عن الزواج .
– ابوك قال انه كان يريد ثروتك .
– وهل انت لست كذلك ؟
التمعت عيناه الداكنتان , وخطر لها ان هذا ليس رجلا سهلا .
اقترب منها الى حد اضطرها الى رفع راسها لترى وجهه . وخفق قلبها فزاد ذلك من قلقها . كان طويلا , اطول من اكثر الرجال الذين عرفتهم , وصلب الجسد عريض الصدر , وذا عضلات في ذراعيه تملا كمي سترته .
كانت متوترة الاعصاب , وبحثت عن شئ , اي شئ يعيد اليها اليد العليا مرة اخرى . فقالت :
– الرجل اليوناني الاصيل لا يحب ان يكون الزواج الثاني لامراته .
– لقد سبق ان تفاهمنا اننى لست رجلك اليوناني التقليدي . انا اعمل ما اريد , وبطريقتي الخاصة .
* * *

2- مشاعر للذكرى
عندئذ خطر في بالها وبقوه انه لايمكن لاثنين ان يقوما بنفس اللعبه كل ما عليها ان تفعل هو ان تفكر كرجل
كريستوس بانيراس يريدها لتزداد ثروته ولا علاقه لذلك بالحب او المشاعر انها مجرد صفقه ولاشئ اخر لماذا لا يمكنها تحقيق هذا الزواج بنفس الطريقه؟هو يريد باثنتها وهي تريد الاستقلال هو يريد التحالف مع اسره ليموس وهي تريد الهرب من ابيها
اخذت تزنه بنظرتها مره اخرى كان طويلا قويا مهيبا للغايه … ينضج سلطه وسيطره هل يمكنها ان تتزوجه ثم تهرب؟
بعد ذلك لاتعود هي اليسا ليموس الغنيه الصغيره المسكينه
وانما امراه عاديه ذات احلام عاديه لديها بيت صغير في الريف وحديقه خضروات وبستان تفاح اختلست نظره اخرى من جانب وجهه ولاحظت انفه الاقني وخط وجنته وفكه الحليق القوي بدا لها اقل قسوه مما كان يتظاهر به صلبا ازاء حقه ولكنه ليس عدوانيا
واذا هربت منه ماذا تراه تفعل ؟يطاردها؟ انها تشك بذلك سيكون لديه كبرياء بالغه ربما سينتظر مده ثم يلغى الزواج الرجال امثال كريستوس باتيراس لايحبون الاعلان عن فشلهم
التفت اليها فوجدها تنظر اليه وتقابلت نظراتهما
-كل شخص يظن انك قد تزوجت مني بالفعل
-وكيف حدث ذلك؟
فتح معطفه وسحب الصحيفه المطويه من جيب الصدر وناولها اياها
فتحت الصحيفه غير واثقه مما ستجده واذا بالعنوان الرئيسي يقفز نحوها يصرخ بالخبر
(عرس سري لوريثه ليموس)
توالت عليها مشاعر الغضب والسخط والذهول وهي تقرا هذا كيف استطاع ان يفعلها؟ان يحدث مثل هذه الاثاره؟وما ان تفجر غضبها حتى سقط عليها الاتهام ولاول مره منذ شهور رات بابا مفتوحا كل ما عليها ان تفعله هو ان تخرج منه
تزوجيه واهربي
كل شئ كان في مكانه الزوج والزواج الحافز كل ما عليها هو ان تتابع السير في خطتها ثم ترحل كل شئ كامل …وخفق قلبها ولكن…
ربما كان اقل كمالا مما ينبغي ذلك ان كريستوس باتيراس لم يسيطر على صناعه السفن اليونانيه بالحظ فهو ذكي لا بل تقول الاشاعه انه لامع والرجل الذكي لايتزوج امراه شابه ثم يتركها تهرب منه انه سيستعد لذلك وسيكون يقظا وسيكون عليها ان تكون حذره للغايه اللهفه والحذر تشابكا بمشاعرها يمكنها ان تفعل هذا يمكنها ان تهرب منه كان الامر يتعلق بان تماثله ذكاء
ازداد خفقان قلبها ازدادت الاثره في نفسها لكنها خففت من حماستها لم تشا ان تكشف عن نواياها الحقيقيه
عبست مظهره الصدمه والدهشه
-لايمكن ان تكون جادا
-انه خبر الصحفه الاولى
-لم يكن ثمه عرس فكيف تكون هناك قصه؟
-اقرائيها بنفسك
اخذت تقرا ماكتبته الصحفه الاولى حيث نقل عن ابيها انه لا يريد ان يثبت او ينكر الريبورتاج عن العرس السري لكنه يعلم ان المليونير صاحب شركه الشحن الامريكيه اليونانيه كريستوس باتيراس قد زار اونوساي منذ عده ايام والتقى اثناءها ابنته في الدير مصادر اخرى اثبتت ان باتيراس قد شوهد في المدينه بينما مصدر اخر ذكر الدير بصفته مكان العرس السري
انه عمل ابيها دون شك الالعوبه ومحرك الالاعيب هذا شئ لايصدق انما هذه المره هي التي تحر الالاعيب وهي المسيطره قالت وهي تجعد الصحيفه
-انت وابي تؤلفان فرقه مثيره رائعه
-انها فكره ابيك فقط
-لن يصدق هذا الهراء احد
-كل شخص يصدقه لقد تدفق مخبرو الصحف الى الميناء متوقعين ان يروا العروس المحمره الوجنتين خجلا مع العريس على سطح اليخت عصر هذا اليوم
بدا مغرورا معتد بنفسه وكانه لقى حولها بشبكه فاوقعها في فخه .لا …اسفه كما اخذت تعتذر في داخلها لكنني انا الرابحه هذه المره
انها ستتزوجهثم تتركه ويمكن ان يلتقط البقايا .وشجاره مع ابيها لن يكون مشكلتها هي .اذا شاء كريستوس باتيراس ان يقوم بمعاملات مع والدها فهذا حسن فليجرب غضب ابيها
هاجمها شعور بالذنب قليلا مالبثت بعده ان تجاهلت صوت ضميرها مذكره نفسها بان كريستوس واباها هما من نوع واحد بين الرجال انهما انانيان متهوران ينقصهما العطف والحنان
لم يحدث اثناء السنه المرعبه الاخيره من حياه ابيها ان خفف ابوها منهاج عمله او الغى اجتماعا او غير موعد سفر مره واحده ولم يحضر قط علاجها الاشعاعي لم يمسك قط يدها اثناء جلسات العلاج الكيميائي المؤلم وابدا لم يتفقدها اثناء الليل وهي تستلقي بين الالم والخوف
تصرف ابوها وكان لاشئ قد حدث متجاهلا اعرض المرض هذه ونهايتها وبدا الامر كما لو انه حدث بسبب سوء الاحوال الجويه لا غير فاستمر في عمله مخططا لسفن جديده وطرق جديده وتحالفات جديده تبا لابيها وتبا لاكريستوس باتيراس
كانت اليسا تعلم ان ليس ثمه اسوا من ان تكون المراه زوجه لاحد ملوك المال اليونانيين
لكنها اخفت كل ذلك وركزت على هدفها الاستقلال السلام العيش بعيدا عن اسر الشحن اليونانيه الثريه ربما تعود الى جينف ربما تعيش في بيت صغير في جنوب لندن
سالته ونبضها يسرع توقعا
-متى سنتزوج؟
-اليوم سنتزوج هنا في المعبد ثم نبحر بعد الظهر
-وماهي توقعاتك مني بالضبط؟
اخذ يتاملها بملامح جامده لاتكشف عن شئ
-بصفتك زوجتي ستسافرين معي عندما استضيف الناس تكونين المضيفه وبالنسبه الى اسرتي سنبدو معا دوما في المناسبات الاجتماعيه والرسميه ونتصرف كزوجين حقيقيين
-وليس مجرد علاقه عمل
-بالضبط
-لاجل والديك
-بالضبط مره اخرى

لم يكن يريد ان يخيب امل والديه وكادت تعجب به لذلك كادت… ولكن لحسن الحظ ماكان لها ان تقلق على اسرته او توقعاته منها فهي لن تكون بجانبه وقتا يكفي لتقوم بكل تلك الواجبات اذا تزوجا اليوم عند العصر فهي ستكون على بعد ساعات فق من الحريه.. ساعات تبدا بعدها حياه جديده لنفسها بعيدا عن اليونان واسم ليموس
-وماذا ايضا؟
سالته بهدوء وهي مصممه على ان لاتدعه يعرف نواياها ابدا ذلك ان كريستوس قد يرتدي ملابس حديثه الطراز ويزاول الرياضه ويتحرك بخفه الرياضيين ويتكلم بفصاحه لكنه وراء هذه القشره الثمينه المتالقه رجل لايختلف عن ابيها .وابوها رجل عديم الرحمه بالغ الانتقاد عنيد قد سحق المقربين منه وسحق اسرته كما سحق اصدقاءه دون تمييز لم ينج منه احد دون استثناء
-واتوقع ان يكون بيننا علاقه طبيعيه
وهو ايضا قد اصبح رجل اعمال مستقل الشخصيه والفكر
خطر ببالها انهما انتقلا الى مرحله النقاش .وستاخذ المعامله مكانها المساله فقط مساله اضفاء صفه رسميه على التفاصيل كان يعلم ذلك وهي ايضا وامتلا فمها مراره لكنها لن تتراجع الان
-حدد ماتعني بقولك :علاقه طبيعيه من فضلك
-اتوقع منك ان تكوني مخلصه وفيه وصادقه
شعرت في داخلها بشئ يتحرك همسه ضمير اخرى لكنها نبذت ذلك هازئه لقد سيطر عليها الرجال طوال حياتها وهذه المره فقط ستحتاط لنفسها وقالت
-هل هذا فقط؟
-وهل ينبغي ان يكون هناك اكثر؟
كان يختبرها هو ايضا كان يعلم انه ينبغي ام يكون هناك اكثر
فهما لم يناقشا النواحي الجسديه من الزواج التي كانت تلوح بينهما ثقيله مرعبه مانعه
-انه زواج مصلحه صوري اليس كذلك؟
واكتسحته بنظره قبل ان تحول عينيها بسرعه لكنها لمحت في عينيه لمعانا مفترسا لم يكن متوترا بل بدا وكانه يستمتع بكل هذا
-الزواج الصوري لاينتج اطفالا ..وانا اريد اطفالا
وقبل ان تجيب تابع يقول
-سابذل جهدي ياانسه ليموس في ان اطمئنك الى انك ستكونين راضيه اريد ان تكوني سعيده من المهم ان نكون نحن الاثنان مكتملين فالحب هو جزء طبيعي من الحياه ويجب ان يكون طبيعيا بيننا
لامست عمودها الفقري اصابع الخوف ووقف شعر راسها حتى تصاعد الدم الى وجهها ةتملكتها قشعريره ساخنه
-اننا لا نكاد نعرف بعضنا البعض ياسيد باتيراس
-وهذا هو السبب في انني لن افرض نفسي عليك انني ارضى بان انتظر حتى يتلاشى بعض ما بيننا من الجفاء ونصبح اكثر…ارتياحا مع بعضنا البعض قبل ان نبدا في علاقه حميمه
وبجزء من الثانيه تصورته يضمها اليه ويعانقها ان هذه الفكره جعلتها تتنفس بحده فقد شعر كل عصب في عروقها بقوه هذا الرجل وصلابته
احمر وجهها مره اخرى فقد عمق صوته واصبح ابح كانه يهمس لها مدندنا بدف وحميميه
عقدت ذراعيها فوق صدرها وحاولت ان تتجاهل الوخز في صدرها والشوق الى ان تعود امراه حقيقيه بعد ان كانت تظن ان شعورها كامراه قد انتهى الى الابد وقالت بدون ان تنظر اليه
اتريد ان تلتزم بزواج دون حب؟
-انا ملتزم بك
اه ..ان يكون لديها شخص يريدها ويهتم بها…وجذبت نفسا ممزقا وقد تلوى في قلبها الالم والامل اللذان اغراهما وعده ودفء صوته ماذا سيكون شعورها لو احبها هذا الرجل ؟
لكنها عادت تعارض نفسها انه لم يقل قط شيئا عن الحب او الرغبه فيها حتى انه لم يعلن التزامه بها بل كان ملتزما ببيت ليموس ملتزما بابيها وليس بها فكيف تسمح لنفسها بان تضمه الى احلام اليقظه الم

تتعلم درسها حتى الان؟
هكذا شق جيريمي طريقه عبر نقطه ضعفها وهكذا قدمت له قلبها حسنا انها لاتريد ولن تفعلها مره اخرى
بدات مشاعرها تقسو وه تقنع نفسها بان كريستوس باتيراس غير مهم وعوده غير مهمه الشئ الوحيد المهم هو الهرب من الدير ومن احاييل ابيها هذا ماكانت امها ستطلبه منها وهو ماكانت امها تريده لنفسها
نظرت الى الاعلى فاستقرت نظراتها على الجدار الابيض المرتفع كل نوافذ الدير تطل على حديقه معشوشبه واشجار حمضيات لايطل اي منها على خارج الحديقه ولاتسمح برؤيه ولو لمحه من البحر او صوره عن العالم الذي يقبع في الخارج
لكنها هي لم تتركه وراءها وانما نزعه ابوها منها بعد اسابيع من موت امها فقط لم يكن ثمه حداد بالنسبه اليه وانما عمل فقط ومال وعمل وسفن وصفقات
وشعرت بغصه وضاق صدرها لحظه وبعد صمت طويل مؤلم قالت
-اذا كنا سنتزوج فلا تدعنا نضيع الوقت اذن
******
وبعد قليل من الاجراءات تزوجا في اقصر احتفال كنسي في معبد الدير وتبودل الخاتمان والعهود مع قبله غير محمومه
وفي المقعد الخلفي من الليموزين شبكت اليسيا يديها في حجرها جاهده في تجاهل الخاتم ذي الماسه الضخمه والزمرد الاخضر الذي يثقل اصبعها وكان كريستوس قد سبق ان اخبرها بانه ليس من موروثات الاسره ولم تكن الماسه التي تزن ثلاثه قراريط حزءا من ثروه الاسره بل اشتراه حديثا لاجلها فقط لكنها لن تلبس الخاتم مده طويله ففي مثل هذا الوقت غدا ستخلعه من اصبعها وتضعه على مائده الزينه او رف الحمام كما تعهدت لنفسها
ملاها هدوء غريب لاول مره منذ سنوات شعرت وكانها عادت سيده نفسها تتصرف بدلا من ان تتاثر تضع القرارات لنفسها بدلا من ان تشعر بالعجز
وبنظره سريعه الى عريسها لاحظت جانب وجهه كان حاجبه القوي مقطبا موصلا بالاخر وكان شعره الاسود ممشطا الى الخلف
سيدهش دون غضب عندما يكتشف رحيلها فهو لم يتوقع منها ان تخدعه وهذا لايمكن ان يكون خطر في باله تماما كالرجل اليوناني الذي يفترض ان كل شئ سيسير حسب خطته
جلس قريبا منها اقرب مما ينبغي ابتعدت عنه واذا بها تجد انه عاد فاستقر ملتصقا بها مره اخرى
اصبحت مشاعرها لوهله متيقظه للحراره المنبعثه من جسده وتملكها الذعر لهذه الحميميه غير المرغوب فيها لم تكن مستعده لتقبل لمساته ولا لمسات اي شخص اخر
ازدادت اقترابا من الباب ضاغطه نفسها في الزاويه متمنيه لو تنكمش حجما
قال وهو ينظر اليها متهكما
-انت تتصرفين وكانك عذراء
وكانت هي تشعر بانها عذراء فقد مضت سنوات وسنوات لم يلمسها فيها احد ويقبلها حتى واذا بها تجلس الان جنبا الى جنب مع رجل غريب طويل مهيب يريد منها ان تحمل اطفاله
وضغطت اليسيا شفتيها باصابعها المترتجفه مالذي فعلته؟
ولماذا تزوجته؟ اذا هي لم تهرب منه فهي ستموت بكل تاكيد فالبرغم من حكمه امها وبالرغم من اشاره الراهبات الرقيقه عليها لم تشا اليسيا ان تكون اسره لها ولا اطفال ابدا وهي لن تتمكن ابدا ان تمنح كريستوس باتيراس اي فرصه …لن تدعه يقوم بحركه لاغرائها وستهرب حالما يمكنها ذلك
-استرخي فانا لن اهاجمك
فتحت عينيها ونظرت اليه من تحت اهدابها المسدله كان يبدو عابسا بعيدا عنها بافكارها وقد تبدد الضحك من عينيه
اخذت السياره الفارهه تعلو وتهبط على طول الطريق الجبلي الضيق غير المعبد ثم ترنحت عندما عبرت السياره حفره عميقه ورغم حزام المقعد انقلبت اليسيا على حجر كريستوس لكنها سرعان ما قرمت نفسها وابتعدت عنه بحده فاشتد توتر شفتي كريستوس
امتد الصمت بينهما متوترا ثقيلا فشعرت بالارتباك ولانها ادركت انها ساعدت على خلق العداء فتشت عن يشئ تقوله
-هل تحب مدينه اونوساي ؟
-انها صغيره
-مثل اميركا
ارتفعت زاويه فمه باشاره خفيفه
-نعم مثل اميركا
وتلاشت التسليه من عينيه وعادت ملامحه تتصلب مره اخرى
شعرت بنظراته تستقر على وجهها تتامله بنفس المشعر البارده التي يتامل فيها شخص لوحه معلقه على جدار متحف وسالها
-هل سبق لك السفر الى الولايات المتحده؟
-لا
دوما كانت تتمنى الذهاب فقد كان الفضول يتملكها لرؤيه نيو يورك وسان فرانسيسكو ولكن لم يكن لديها الوقت ولا الفرصه لذلك شكرا لابيها فقد كانت مشغوله جدا بالاستمتاع بشكل خاص بالاقامه في المصح وفي الدير
-لدي اجتماع في سيفالونيا وسنذهب اليها من هنا بالبحر ومن هناك يمكننا ان نذهب الى مكان اخر لقضاء شهر العسل مكان ربما يعجبك وذلك قبل ان نعود الى بيتي في ايست كوست
شهر العسل! جفلت لقوله هذا لقد قال انه لن يفرض نفسه عليها وسيرضى بالانتظار وشهر العسل يعني الحب والعلاقات الحميمه و..
وارتجفت انها غلطه لقد اقترفت غلطه .لا…عليه ان يستدير بالسياره ليعيدها الى الدير الان كان ما يزال يراقبها فقال وقد ضاقت عيناه
-لن نعود الى الدير
رفعت راسها بحده وحدقت اليه ذاهله لانه قرا افكارها
-ياعزيزتي السيده باتيراس قراءه افكارك ليست صعبه لان مشاعرك تبدو على وجهك انها جميعا هناك لاقراءها
وربت على يديها المتشابكين في حجرها
حاولي ان تسترخي قليلا ياليسيا فانا لن اطلب شيئا منك الان فانت بحاجه الى وقت وانا بحاجه الى وقت دعينا نحاول ان نجعل هذا الزواج ناجحا ونعرف شيئا عن بعضنا البعض اولا
واذ شعرت بالغضب للهجه المنطقيه وهي التي لا ترى شيئا منطقيا في ارغامها على الزواج رفعت راسها وقد التهب مزاجها
-تريد ان ترعف عني شيئا ؟ هذاجميل ساخبرك عني .انا اكره اليونان واكره الرجال اليونانيين اكره ان اعامل بصفتي مواطنه درجه ثانيه فقط لانني امراه .
اكره مقدار السلطه التي يحصل عليها الاغنياء الذين يخلفون لانفسهم طبقه خاصه منغلقه على نفسها …اكره الاعمال والسفن التي تعتز بها…اكره التحالف الذي عقده ابي معك لان ابي يكره اميركا ونقود اميركا….
وجذبت نفسا عميقا وهي تهتز من راسها حتى قدميها
قال ببطء وهو يرفع حاجبه ساخرا
-هل انتهيت؟
-لا لم انته بعد انا لم ابدا بعد
لكن انفجارها هذا قد هداها فاستندت الى الخلف مرهقه وصمتت فجاه
لم تكن معتاده على العراك او علىان تكشف ما في نفسها لان اباها لم يكن يسمح لها بان تقول شيئا ابدا بل لم يكن ينظر اليها البته
-ماذا يزعجك غير ذلك؟
سالها كريستوس ذلك بالحاح وقد تركز انتباهه عليها ولاشئ غيرها
هزت راسها غير قادره على ان تقول كلمه اخرى
-ربما علينا ان ندع خلافاتنا الفكريه الى ما بعد هذه المواضيع الكبيره تحطم النفس اليس كذلك
وابتسم وقد بدت ملامحه انسانيه بشكل مفاجئ
-لماذا لا نبدا بالاشياء الصغيره؟العادات اليوميه التي تريحنا؟ الافطار مثلا القهوه كيف تحبينها؟مع الحليب والسكر؟
هزت راسها شاعره بجفاف في عينيها وبغصه في حلقها
وهمست
-سوداء
-دون سكر؟
فهزت راسها مره اخرى
-وقهوتك انت؟سوداء؟
قال بلهجه ودوده للغايه
-احب قليلا من الحليب في قهوتي هل تستقظين باكرا؟
-نعم
-وانا ايضا
فقالت بلهجه لاسعه
-هذا جميل سنكون ممتازين معا
بقيت ملامحه جامده عدا عن لمحه من الدفء بدت في عينيه
-بدايه تبشر بالخير لكنني اظن ان بقاءنا اسبوعا او اسبوعين وحدنا سيساعد على تبديد بعض التوتر ولهذا الغيت مواعيدي وبعد هذا الاجتماع في سيفالونيا سنصبح حرين في الاسبوعين التاليين
-وكيف سنلائم وضعنا معا؟
-ساحاول ذلك
عزا الارهاق الذي يتملكها مخااوفها وشعرت بموجه جديده من الذعر ماذا لو عجزت عن الهرب ؟ماذا لو بقي قريبا منها؟ وانتبه اليها كثيرا فلم تستطيع المغادره؟ستقع اذن في شرك هذه العلاقه وترغم على الزواج شعرت بالمرض تقريبا لهذا الاحتمال بغصه في حلقها
لايمكنها الانتظار عليها ان تهرب حالا قبل ان يرسو اليخت
قبل ان يظهرا معا بين الناس ولابد انه احس بذعرها لانه رفع يدها فجاه واخذ يفحص الخاتم في اصبعها ثم قبل باطن معصمها قائلا
-ليس لك ان تكرهيني
ارتعشت للمسه شفتيه وجرى الدم في عروقها حاولت ان تجذب يدها لكن فمه اخذ يلامس بقعه حساسه اخرى من معصمها
قالت

 

  • روايات احلام الجديدة
  • رواية اسوار الذهب
  • رواية احلام جريئة
  • رواية احلام اسوار الذهب
  • رواية احلا ماسوار الذهب
  • رواية أسوار الذهب مكتوبة كاملة
  • رواية أسوار الذهب مكتوبة
  • رواية أسوار الذهب كاملة
  • رواية أسوار الذهب com
  • ثدييها روايات عبير المكتوبة الجريئة جدا
السابق
صور عن اسم غدير
التالي
اجمل صبغات وقصات الشعر الجديدة 2024