اسطورة اوديب

اوديب اسطورة 20160914 2665

‘اسطوره اوديب’ (Mythe ddipe) واحده من اعرق الاساطير اليونانيه و اشهرها،
وجد بها مبدعون كثر،
فى الغرب كما فالشرق،
قديما و حديثا،
مصدرا ثرا لابداعاتهم؛
فراحوا يستلهمونها،
ويستثمرون احداثها،
ويكتبون على منوالها قصصا و اعمالا دراميه و غيرها.
تري ما مضمون هذي الاسطورة؟
وما حكايتها؟
وما اصلها؟


تروى المظان القديمة،
التى نقلت الينا احداث هذي الاسطورة،
ان ملك طيبة،
واسمه لايوس،
طرد منها تحت الحاح شعبها الرافض له،
فقصد ببلوبس؛
ملك بلده طنطالة،
طالبا اللجوء و الاحتماء داخل اسوار مملكتة من مطاردية المتعقبين له؛
فاستجاب الملك لطلبه،
واكرم ضيافته،
واقوى الية ايما احسان.
ولكن،
رغم هذا كله،
اقدم لايوس على اختطاف ابن ببلوبس المدلل ‘كريسبس’؛
وكانة بفعلتة تلك يقابل الاحسان بالاساءة..
الخير بالشر!


و بعد محاولات متتالية،
تمكن لايوس من استعاده سلطانة السابق؛
فتربع مجددا على عرش طيبة،
وتزوج من الاميره الحسناء ‘جوكاست’،
وقضي برفقتها قسطا سعيدا من حياته،
لا ينقصة به شيء سوي افتقاد الولد؛
بسبب العقم.


و ربما حاول لايوس معرفه عله ذلك العقم،
بالالتجاء الى معبد دلفي،
لاستشاره و حى الالة ابولو،
الذى اخبر قاصدة بما قدر عليه من لعنه مصدرها ما اقدم عليه من اساءه تجاة احسان ببلوبس.
وكان فحوي هذي اللعنه القاسيه ان لايوس سيرزق،
عما قريب،
بالولد الذي طالما انتظرة و تشوف اليه،
غير ان ذلك الولد سيكون،
فيما بعد،
مصدر هم و خطوره تقلق سعادة الاب؛
ذلك بانه سيقتل اباه،
ويعمد الى تزوج امه!


و بمجرد تلقى لايوس ذلك الخبر المشؤوم،
الذى كان و قعة عليه كالصاعقة،
انبري يفكر فو سيله تخلصة من ذلك الاتى و من هذي اللعنة.
وبعد ترو و تفكير طويلين،
اثر الملك البقاء فو ضع العقم على انجاب الولد.
غير ان قضاء الالهه ما ض،
وامرها نافذ لا راد له!
اذ ازدان ذات يوم فراش الملك و الملكه بهذا الولد المنحوس؛
فاخذت هموم الاب تزداد و تحتد،
حتي بلغت درجه من الاضطراب و التهمام غير متصورة.
وراي لايوس ان اوحد سبيل و انسبة لتلافى تحقق و حى ابولو هو وضع نهاية لحياة الوليد،
وهو بعد رضيع،
قبل ان يشتد عوده،
ويقوي على قتله؛
فاسلمة الى راع من رعاته،
لالقائة على قنه جبل ‘كثيرون’؛
حتي تاكلة السباع و الضباع،
وينتهى بالتالي خطرة بالمرة.
ولكن ما ان ذهب فيه الراعي،
حتي استثار عاطفتة و شفقته؛
ففضل طرحة فمنبسط من الارض عار،
ليصبح مصيرة واحدا من اثنين: الموت او النجاة/ الحياة.


و بينما الطفل فذلك العراء يبكى من البرد و الجوع،
اهتدي الية راع من بلده اخرى،
هى ‘كورنثيا’،
وهو فكيفية الى البحث عن احدي نعاجة التائهة؛
فتاثر لحالة البئيسة،
واشفق عليه،
وقرر ان ياخذة الى ملك البلده ‘بوليب’ و ملكتها ‘ميروب’،
وكانا معا عاقرين.
وبمجرد ان تلقيا ذلك الوليد،
فرحا فيه فرحا لا يوصف،
واحتضناه،
وتبنياه،
وسمياة ‘اوديب’،
ومعناها بلغه بلدتهما ‘متورم القدمين’.
وقد نشا الولد فالبلاط الملكي،
وترعرع بين جنباته،
وعاش فبحبوحه و نعيم و بذخ،
وهو يجهل،
تماما،
اصلة الحقيقي و نسبه.


و ذات يوم،
وبينما اوديب جالس يتبادل اطراف الكلام مع بعض شبان كورنثيا،
عيرة احدهم باصلة المجهول؛
فثارت ثائرته،
وحاول معرفه الحقيقة ممن كان يخالها امة (ميروب)،
بيد انها ابدت جهلا بهذا الذي يستفسر عنه ابنها المتبنى.
وما كان منه الا ان قصد دلفي،
ليستشير و حى ابولو؛
فاخبرة كهنتة بتلك اللعنه المتوارثه فال لايوس،
وبانة سيقتل اباة و يتزوج امه.
ولكنهم لم يخبروة عن و الدية الحقيقيين.
وكان اوديب يعتقد انهما يقيمان بكورنثيا،
فاتخذ قرار مغادرتها الى الابد،
تلافيا لحصول ما قدر عليه.
فهو،
اذا،
حاول الفرار من قضاء الالهة،
كما حاول ابوه،
قبلا،
التخلص منه دون جدوى!


خرج اوديب من كورنثيا هائما على و جهه،
لم يرسم بين عينية اي هدف/ مكان يقصده.
وبينما هو يسير فطريق ضيقة،
فوجئ بعربه تعترض طريقه،
وقائدها يطلب اليه،
بلهجه امرة،
ان ينتحى جانبا فاسحا المجال لمرور المركبه بمن فيها.
الا ان اوديب الشريد ابي ذلك.
فحدث عراك بين راكبى العربه و اوديب،
نتج عنه قتلة صاحب العربه و فرار رفاقه.
وتابع اوديب طريقه،
وكانت تقودة الى طيبه دون ان يعرف و جهتة تلك،
ودون ان يعلم ان المقتول،
منذ حين،
انما هو ابوه.
وهو،
بذلك،
قد نفذ،
من حيث لا يدري،
الشق الاول من قضاء الالهه و قدرها القاسي عليه!


و لما دنا اوديب من طيبة،
انتهى الى علمة نبا وجود خطر محدق يهدد امن اهالى البلدة،
ويعكر صفو حياتهم.
ومصدر ذلك الخطر وحش يقال له ‘ابو الهول’ جاء الى طيبة،
وربض عند اسوارها فوق صخره عظيمه عالية،
يتربص بكل من مر به،
ليسالة عن حل لغز محير؛
فان افلح فالجواب صرع ابا الهول،
وان لم يحلة صرعة ابو الهول.
وقد اخبر اوديب ان ذلك الوحش الضارى وضع حدا لحياة الكثير من ساكنه طيبة،
لعجزهم عن فك شفره لغز ابي الهول.


و امام تزايد خطر ابي الهول،
وعلم طيبه بمقتل ملكها،
اعلنت ان من يخلصها من هذا الوحش القاتل جزاؤة تولى عرش البلدة،
والتزوج بالملكه التي ترملت.
ولما بلغ ذلك الاعلان اوديب،
تحمس للقاء ابي الهول و تشجع،
واضعا نصب عينية احد امرين .
.
اما ان يصرع فيهنا و ينجو من نفاذ قضاء الالهه فيه،
واما ان يصرع ابا الهول؛
فينال الملك و الملكه معا،
ويستقر بوصولة الى شاطئ الامان؛
كما يعتقد.
ويعقد اوديب العزم على تلك المواجهه الحاسمه المفصليه فحياته؛
فيتجة نحو ابي الهول،
الذى بادر بالقاء لغزة المعتاد عليه،
ونصه: ‘ما هو الحيوان الذي يسير فالصباح على اربع،
وفى الظهيره على اثنتين،
وفى المساء على ثلاث؟’،
فيجيبة المسؤول،
بسرعه و دون تردد،
بانة ‘الانسان’.
ثم يستمر فتفسير اجابتة و بيانها بتفصيل؛
وذلك بكون الانسان،
فى طفولته،
يحبو على اربع (علي اليدين و الرجلين)،
وحين يشب ينتصب فيسير على اثنتين فقط (علي الرجلين)،
وعندما يشيخ و يهرم يسير على ثلاث (علي الرجلين مستعينا بعكاز).
وما ان ينتهى اوديب من جوابة هذا،
حتي يجن ابو الهول،
ويلقى بنفسة من اعلي الصخرة،
ليتحول الى جثه هامدة،
معلنا انتصار اوديب و ظفرة بالتالي بالسلطان و بجوكاست.


و بمجرد و صول نبا مصرع ابي الهول،
علي يد اوديب،
الي طيبة،
سارع اهاليها الى تنصيب البطل ملكا عليهم،
وتزويجة ارمله ملكهم،
التى هي امه،
دون ان يدرى هو و دون ان تدرى هي ايضا حقيقة القرابه بينهما.
وقد قبل اوديب،
بفرح غامر،
ذلك كله،
معتقدا انه بلغ بر الامان،
ونجا من نفاذ نبوءه ابولو عليه.
والواقع غير ذلك!
فهو،
بهذا،
قد نفذ الشق الثاني من تلك النبوءة،
بعدما نفذ شقها الاول،
بقتل سائق العربه عند مفترق طرق قرب دلفي.


عاش اوديب مع جوكاست اياما مليئه بالسعادة،
وانسل منها اربعه اطفال: ابنين (اتيوكل و بولينيس)،
وبنتين (اونتيجون و اسمين).
وحكم طيبه و اهلها بالعدل،
زمنا،
الي ان ياتى هذا اليوم الذي تمتحن به البلده بوباء خطير،
هو الطاعون،
الذى حصد ارواح المئات بلا تمييز،
ودون ان يعرف احد سببه!
وامام تزايد اعداد الضحايا،
كل يوم،
وتوالى صلوات الناس،
واستغاثاتهم بمليكهم،
دون جدوى،
قرر الملك اوديب ارسال مبعوث الى معبد دلفى ليستشير و حى الالهة،
وليلتمس العون و الحل و المخرج.
ويعود المرسول حاملا معه جواب ابولو،
الذى اخبرة عبر و ساطه كهان المعبد بانه لا سبيل الى ارتفاع هذا الوباء عن البلده حتي يثار اهلوها لملكهم لايوس من قاتله.
واعلن اوديب،
امام الملا،
بصراحه و بصرامة،
انة اول الباحثين عن هذا القاتل الخسيس،
داعيا شعبة جميعة الى ان يظاهرة فهذا المسعي المصيرى بالنسبة الى حياة طيبه و اهاليها.


و بعد تحر كثير،
وبحث مستفيض،
انكشفت الحقيقة لاوديب اولا،
وامام الجميع ثانيا .
.
انة القاتل و الاثم و المجرم .
.
انة من قتل اباه،
وتزوج امه،
وسبب،
ما سبب،
لطيبه من كارثة مبيدة!
وعندئد،
ادرك اوديب،
ومعة جوكاست،
انة لا راد لحكم القضاء و القدر!
وامام بشاعه الصورة،
وانكشاف الحقيقة المره كاملة لساكنه طيبة،
انتحرت جوكاست شنقا،
علي حين فقا اوديب عينية و هام فالارض تائها تصحبة ابنتة المخلصه ‘اونتيغون’ (Antigone) .



و عن اصل هذي الاسطوره المثيره و مصدرها الاساس،
يقول د.
مصطفى عبدالله،
فى كتابة القيم ‘اسطوره اوديب فالمسرح المعاصر’ (1983)،
الذى كان مستندنا الاساس فتكثيف محتوي الاسطوره فمقالنا هذا: ‘اذا بحثنا عن اصل اسطوره اوديب،
فسنجد اشاره اليها ف‘الاوديسة’ لهوميروس،
فى نشيدها الحادى عشر’.
ويضيف الناقد المصري نفسة ان هذي الملحمه الاغريقيه العريقه احتفلت بتلك الاسطوره من جانب الام اكثر مقارنة باحتفالها فيها من جانب اوديب؛
اذ تجرم جوكاست التي قبلت الاقتران بهذا الاخير على سبيل الزواج،
ولا تجرم الابن الذي و افق على تزوج امة الحقيقية،
عن غير علم طبعا،
كما ذكرنا سابقا.
ويؤكد مواطنة المرحوم عز الدين اسماعيل ان اول من ذكر هذي الاسطورة،
وعمل على نشر خبرها،
هو المؤرخ اليونانى الاشهر ‘هيرودوتس’؛
صاحب كتاب ‘التواريخ’،
الذى يرجع الية الفضل فتسجيل و نقل و حفظ العديد من الاحداث و الوقائع و الحروب التي دارت رحاها،
فى القرن السادس قبل الميلاد،
بين الاغارقه انفسهم،
او بينهم و بين الشعوب الثانية المتاخمه لهم،
من كل الجهات.

‘ كاتب من المغرب


القدس العربي

  • اغنية صفو الدي على الدية
  • مكان كتابة اسطورة اوديب


اسطورة اوديب