فصل فذكر احوال الذره و عجائب النملة
و اعلم ان شيخنا ابا عثمان ربما اورد فكتاب الحيوان فباب النمله و الذره و هي الصغيرة جدا جدا من النمل كلاما يصلح ان يصبح كلام امير المؤمنين على اصلة و لكن ابا عثمان ربما فرع عليه قال الذره تدخر فالصيف للشتاء و تتقدم فحال المهله و لا تضيع اوقات امكان الحزم بعدها يبلغ من تفقدها و صحة تمييزها و النظر فعواقب امورها انها تخاف على الحبوب التي ادخرتها للشتاء فالصيف ان تعفن و تسوس في
[ 58 ]
بطن الارض فتخرجها الى ظهرها لتنثرها و تعيد اليها جفوفها و يمر فيها النسيم فينفى عنها اللخن و الفساد .
ثم قد بل فالاكثر تختار هذا العمل ليلا لان هذا اخفي و فالقمر لانها به ابصر فان كان مكانها نديا و خافت ان تنبت الحبه نقرت موضع القطمير من و سطها لعلمها انها من هذا الموضع تنبت و قد فلقت الحبه نصفين فاما ان كان الحب من حب الكزبره فانها تفلقة ارباعا لان انصاف حب الكزبره تنبت من بين كل الحبوب فهي من ذلك الوجة مجاوزه لفطنه كل الحيوانات حتي قد كانت فذلك احزم من كثير من الناس و لها مع لطافه شخصها و خفه و زنها فالشم و الاسترواح ما ليس لشيء فربما طعام الانسان الجراد او بعض ما يشبة الجراد فيسقط من يدة الواحده او صدر واحده و ليس بقربة ذره و لا له عهد بالذر فذلك البيت فلا يلبث ان تقبل ذره قاصده الى تلك الجراده فترومها و تحاول نقلها و جرها الى جحرها فاذا اعجزتها بعد ان تبلى عذرا مضت الى جحرها راجعه فلا يلبث هذا الانسان ان يجدها ربما اقبلت و خلفها كالخيط الاسود الممدود حتي يتعاون عليها فيحملنها فاعجب من صدق الشم لما لا يشمة الانسان الجائع بعدها انظر الى بعد الهمه و الجراه على محاوله نقل شيء فو زن جسمها ما ئه مره و اكثر من ما ئه مره بل اضعاف اضعاف المائه و ليس شيء من الحيوان يحمل ما يصبح اضعاف و زنة مرارا كثيرة غيرها .
فان قال قائل فمن اين علمتم ان التي حاولت نقل الجراده فعجزت هي التي اخبرت صواحباتها من الذر و انها التي كانت على مقدمتهن قيل له لطول التجربه و لانا لم نر قط ذره حاولت جر جراده فعجزت عنها ثم
[ 59 ]
رايناها راجعه الا راينا معها ايضا و ان كنا لا نفصل فمراي العين بينها و بين اخواتها فانه ليس يقع فالقلب غير الذي قلنا فدلنا هذا على انها فرجوعها عن الجراده انها انما كانت لاشباهها كالرائد الذي لا يكذب اهلة قال ابو عثمان و لا ينكر قولنا ان الذره توحى الى اخواتها بما اشرنا الية الا من يكذب القران فانه تعالى قال فقصة سليمان قالت نمله يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنودة و هم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها فهل بعد ذلك ريب او شك فان لها قولا و بيانا و تمييزا .
فان قلت فلعلها مكلفه و ما موره و منهيه و مطيعه و عاصيه قيل ذلك سؤال جاهل و هذا انه لا يلزم ان يصبح جميع ذى حس و تمييز مكلفا ما مورا منهيا مطيعا عاصيا لان الانسان غير البالغ الحلم ربما يحفظ القران و كثيرا من الاثار و ضروبا من الاخبار و يشترى و يبيع و يخدع الرجال و يسخر بالمعلمين و هو غير مكلف و لا ما مور و لا منهى و لا عاص و لا مطيع فلا يلزم مما قلناة فالذره ان تكون مكلفه .
قال ابو عثمان و من عجيب ما سمعتة من امر النمله ما حدثنى فيه بعض المهندسين عن رجل معروف بصنعه الاسطرلابات انه اخرج طوقا من صفر او قال من حديد من الكير و ربما احماة فرمي فيه على الارض ليبرد فاشتمل الطوق على نمله فارادت ان تنفر يمنه فلقيها و هج النار فاخذت يسره فلقيها و هج النار فمضت قدما فكذاك فرجعت الى خلفها فايضا فرجعت الى و سط الدائره فوجدها ربما ما تت فموضع رجل البركار من الدائره و ذلك من العجائب .
قال ابو عثمان و حدثنى ابو عبيد الله الافوة و ما كنت اقدم عليه فزمانة من مشايخ
[ 60 ]
المعتزله الا القليل قال ربما كنت القي من الذر و النمل فالرطب يصبح عندي و فالاكل عنتا كثيرا و هذا لانى كنت لا استقذر النمله و لا الذره بعدها و جدت الواحده منهما اذا و قعت فقاروره بان او زئبق او خيرى فسد هذا الدهن و زنخ فقذرتها و نفرت منها و قلت اخلق بطبيعتها ان تكون فاسده خبيثه و كنت اري لها عضا منكرا فاقول انها من ذوات السموم و لو ان بدن النمله زيد فاجزائة حتي يلحق ببدن العقرب بعدها عضت انسانا لكانت عضتها اضر عليه من لسعه العقرب .
قال فاتخذت عند هذا لطعامي منمله و قيرتها و صببت فخندقها الماء و و ضعت سله الاكل على راسها فغبرت اياما اكشف راس السله بعد هذا و بها ذر كثير و و جدت الماء فالخندق على حالة فقلت عسي ان يصبح بعض الصبيان انزلها و طعام مما بها و طال مكثها فالارض و ربما دخلها الذر بعدها اعيدت على تلك الحال و تكلمت فذلك و تعرفت الحال به فعرفت البراءه فعذرهم و الصدق فخبرهم فاشتد تعجبى و ذهبت بى الظنون و الخواطر جميع مذهب فعزمت على ان ارصدها و احرسها و اتثبت فامرى و اتعرف شانى فاذا هي بعد ان رامت الخندق فامتنع عليها تركتة جانبا و صعدت فالحائط بعدها مرت على جذع السقف فلما صارت محاذيه للسله ارسلت نفسها فقلت فنفسي انظر كيف اهتدت الى هذي الحيله و لم تعلم انها تبقي محصورة .
ثم قلت و ما عليها ان تبقي محصورة بل اي حصار على ذره و ربما و جدت ما تشتهى .
قال ابو عثمان و من اعاجيب الذره انها لا تعرض لجعل و لا لجراده و لا لخنفساء و لا لبنت و ردان ما لم يكن فيها حبل او عقر او قطع رجل او يد فان و جدت فيها من هذا ادني عله و ثبت عليها حتي لو ان حيه فيها ضربه او خرق او خدش بعدها كانت من
[ 61 ]
ثعابين مصر لوثب عليها الذر حتي ياكلها و لا تكاد الحيه تسلم من الذر اذا كان فيها ادني عقر .
قال ابو عثمان و ربما عذب الله بالذر و النمل امما و امما و اخرج اهل قري من قراهم و اهل دروب من دروبهم .
و حدثنى بعض من اصدق خبرة قال سالت رجلا كان ينزل ببغداد فبعض الدروب التي فناحيه باب الكوفه التي جلا اهلها عنها لغلبه النمل و الذر عليها فسالتة عن هذا فقال و ما تصنع بالحديث امض معى الى دارى التي اخرجنى منها النمل قال فدخلتها معه فبعث غلامة فاشتري رءوسا من الراسين ليتغذي فيها فانتقلنا هربا من النمل فاكثر من عشرين مكانا بعدها دعا بطست ضخمه و صب بها ماء صالحا بعدها فرق عظام الرءوس فالدار و معه غلمانة فكان كلما اسود منها عظم لكثرة النمل و اجتماعة عليه و هذا فاسرع الاوقات اخذة الغلام ففرغة فالطست بعود ينثر فيه ما عليه فجوف الطست فما لبثنا مقدار ساعة من النهار حتي فاضت الطست نملا فقال كم تظن انني فعلت كهذا قبل الجلاء طمعا فان اقطع اصلها فلما رايت عددها اما زائدا و اما ثابتا و جاءنا ما لا يصبر عليه احد و لا ممكن معه مقام خرجت عنها .
قال ابو عثمان و عذب عمر بن هبيره سعيد بن عمرو الحرشى بانواع العذاب فقيل له ان اردت الا يفلح ابدا فمرهم فلينفخوا فدبرة النمل ففعلوا فلم يفلح بعدين .
[ 62 ]
قال ابو عثمان و من الحيوان اجناس يشبة الانسان فالعقل و الرويه و النظر فالعواقب و الفكر فالامور كالنمل و الذر و الفار و الجرذان و العنكبوت و النحل الا ان النحل لا يدخر من الطعم الا جنسا واحدا و هو العسل .
قال و زعم البقطري انك لو ادخلت نمله فجحر ذر لاكلتها حتي تاتى على عامتها و ذكر انه ربما جرب هذا .
قال و زعم صاحب المنطق ان الضبع تاكل النمل اكلا ذريعا لانها تاتى قريه النمل وقت اجتماع النمل على باب القريه فتلحس هذا النمل كله بلسانها بشهوة شديده و اراده قويه .
قال و قد افسدت الارضه على اهل القري منازلهم و اكلت جميع شيء لهم فلا تزال ايضا حتي ينشا فتلك القري النمل فيسلط الله عز و جل هذا النمل على تلك الارضه حتي تاتى على اخرها على ان النمل بعد هذا سيصبح له اذي الا انه دون اذي الارضه بعيدا و ما اكثر ما يذهب النمل كذلك من تلك القري حتي يتم لاهلها السلامة من النوعين جميعا .
قال و ربما زعم بعضهم ان تلك الارضه باعيانها تستحيل نملا و ليس فناؤها لاكل النمل لها و لكن الارضه نفسها تستحيل نملا فعلي قدر ما يستحيل منها يري الناس النقصان فعددها و مضرتها على الايام .
قال ابو عثمان و كان ثمامه يري ان الذر صغيرة النمل و نحن نراة نوعا احدث كالبقر و الجواميس .
قال و من سبب هلاك النمل نبات اجنحتة و قال الشاعر
و اذا استوت للنمل اجنحة
حتي يطير فقد دنا عطبه
- الذر
- الفرق بين الذر والنمل
- الفرق بين النمل والذر
- النمل الذر
- ما الفرق بين النمل والذر
- ما الفرق بين الذر والنمل
- صورة الذر النمل
- صورة الذر
- بعد أن تبلي عذرا
- ماالفرق بين النمل والذى
