الساعة البيولوجية هى الية شديدة الحساسية قادرة على استشعار التغيرات في البيئة المحيطة بجسم الانسان، وتقوم بتنظيم عدد من وظائف الجسم المتباينة كالنوم والتمثيل الغذائي والسلوك.
واوضح الدكتور عبد الهادى مصباح استاذ المناعة وزميل الاكاديمية الامريكية للمناعة، ان الساعة البيولوجية في جسم الانسان تسير على ايقاع على مدار 24 ساعة لتنظم عمليات الايض “التمثيل الغذائي”، وانقسام الخلايا، وانتاج الهرمون، اضافة الى دورة النوم والاستيقاظ .
ويعرف الانسان من خلالها توقيت سلوكه طوال النهار بحيث يتاكد من ان كل عضو فيه يعطي خير ما عنده في الساعة المعينة للقيام بوظيفته التي تنتظرها منه، لذا حذر مصباح من تغيير التوقيت الصيفي والشتوي من وقت لاخر وذلك لانه يؤثر على صحة الانسان، من خلال تاثيرها الضار على مراكز معينة في المخ، مما يحدث اضطرابا في هرمونات الجسم المختلفة وفي وظائفه الفسيولوجية الحيوية، وقبل كل هذا تؤثر على ايقاع النوم اما بالزيادة او بالنقصان عن الحد الطبيعى، ولقد اثارت هذه الملاحظات شغف العلماء للبحث عن العلاقة التى تربط بين الادمان والساعة البيولوجية، وتاثير كل منهما على الاخر.
واشار مصباح الى ان الساعة البيولوجية داخل الجسم لا تتغير مع تغيير التوقيت الصيفي او انها تتغير بشكل طفيف للغاية، ولاحظ الخبراء انه حتى عندما يدق المنبه تبعا للتوقيت الجديد فان الانسان لا يصبح بكامل لياقته المعتادة ونشاطه في الحركة الا بعد ساعة كاملة.
اضطراب الساعة البيولوجية
اكدت دراسة يابانية حديثة من ان اضطراب الساعة البيولوجية للجسم قد يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم، ما يقود الى الاصابة بازمات قلبية او جلطات او ضرر في الكليتين وغيرها.
واشارت دراسة اجراها العلماء على فئران التجارب، الى ان الاشخاص الذين يعانون من نقص في جزئيتين تعرفان باسم “كريبتوكروم” ويتسم ايقاع الساعة البيولوجية لديهم بعدم الانتظام، اكثر عرضة للاصابة بارتفاع ضغط الدم بسبب ارتفاع معدلات هرمون “الالدوستيرون” الذي يحفظ الماء في الكليتين.
ووجد الباحثون ان الساعة البيولوجية اليومية تتحكم بشكل مباشر بجين يلعب دورا اساسيا في افراز هذا الهرمون، وقالوا ان الجين ذاته موجود عند البشر.
واوضح البروفيسور هيتوشي اوكامورا ان النتائج تتطابق مع الدراسات الاخيرة التي اشارت الى ان الموظفين الذين يعملون في مناوبات وطواقم الطائرات والاشخاص الذين يعانون من اضطراب في النوم يتعرضون لخطر اكبر للاصابة بامراض القلب، مشيرا الى ان هذه النتائج تفتح الباب امام سبل جديدة لمعالجة ارتفاع ضغط الدم.
كما كشفت دراسة المانية حديثة ان تغيير التوقيت الصيفي والشتوي يشكل عبئا كبيرا على الانسان اكثر مما كان معروفا حتى الان.
وارجع الخبراء هذا الامر الى ان الساعة البيولوجية لم تتغير مع تغيير التوقيت الصيفي، مؤكدين ان الساعة البيولوجية نظام معقد للغاية يتاقلم على الفترات الزمنية خلال اليوم بشكل دقيق للغاية.
سهر الاطفال يهدد صحتهم
اظهرت دراسة علمية ان اصرار الاطفال على السهر، خاصة في الاجازة الصيفية يؤدي الى حدوث خلل كبير في الساعة بيولوجية لديهم تظهر سلبياته على شكل اضطراب نفسي وسلوكي اثناء استيقاظهم.
وينصح الاطباء الاباء بتنظيم اوقات نوم ابنائهم، فضلا عن خفض الاضاءة او اطفائها ليلا لاضفاء جو هادئ يدفع الاطفال للنوم، فالاثار السلبية للسهر تنعكس عند الاطفال من عمر 6 الى 12سنة بشكل كبير، فيصبح الطفل اكثر عصبية وغضبا وقلقا، ويشعر بالنعاس والكسل خلال النهار، مما يؤثر على انشطته اليومية بشكل ملحوظ.
السفر يخل بالساعة البيولوجية
اكد باحث امريكي ان اضطراب الساعة البيولوجية الناجم عن اختلاف التوقيت بين بلد واخر خلال السفر وعدم توافق الجسم مع هذا التغير، له علاقة بمجموعتين من الخلايا في اسفل الدماغ.
واشار الباحث هوراشيو دو لا ايجليسيا، الى ان في الجسم ما يعرف ب “النظم اليوماوي” الذي يساعد الانسان على معرفة الوقت الذي يجب تناول فيه الطعام او النوم او النهوض وكذلك القيام بالمهام الاخرى.
واضاف ايجليسيا ان التجربة التي اجريت على الفئران اظهرت ان نوعين من الخلايا الدماغية تتاثر بسبب اضطراب الساعة البيولوجية، مشيرا الى انهما مرتبطان بهيكلية تسمى “suprachiasmatic nucleus” تقع مباشرة تحت الوطاء او السرير البصري في الدماغ المتوسط في اسفل الدماغ.
نوم القيلولة يحسن الذاكرة
كما اكد باحثون امريكيون ان النوم في وقت الظهيرة يؤثر ايجابيا على وظائف الساعة البيولوجية الانسانية والحيوانية ويجعلها اكثر دقة.
واوضح احد الباحثين ان وظائف الساعة البيولوجية التي تنظم عمل الكبد والكليتين والرئة وتقوم بوظائف حسية لتنظيم الوقت والذاكرة، حيث تزداد تركيزا ودقة بعد نوم ساعة واحدة في فترة القيلولة، مضيفا ان نوم فترة قصيرة نهارا يزيد نشاط وكفاءة اعضاء الجسم والدماغ والقلب، كما يحسن الاداء الوظيفي والعملي للانسان ويحد من حالة الاعياء والاجهاد ويساعد الاشخاص ضعيفي الشهية على زيادة شهيتهم.
- البروفيسور هيتوشي أوكامورا