لقد ارتكبت كثيرا من المعاصي والمحرمات، والان اشعر بالذنب -والواقع سماحة الشيخ انه يسمي الاشياء التي اخطا فيها تجنبت ذكرها لعله من الافضل للبرنامج – واخيرا يقول: دلوني على الطريق الصحيح لاني ابحث عن الطريق الى التوبة، وبودي ان اقلع عن هذا ان شاء الله؟
الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه. اما بعد: ج/ ايها السائل: اعلم ان رحمة الله اوسع ، وان احسانه عظيم، وانه جل وعلا هو الجواد الكريم، وهو ارحم الراحمين، وهو خير الغافرين – سبحانه وتعالى-. واعلم ايضا ان الاقدام على المعاصي شر عظيم ، وفساد كبير ، وسبب لغضب الله، ولكن متى تاب العبد الى ربه توبة صادقة تاب الله عليه، فقد سال النبي – صلى الله عليه وسلم- مرات كثيرة عن الرجل ياتي كذا وياتي كذا من الهنات والمعاصي الكثيرة ، ومن انواع الكفر ثم يتوب، فيقول الرسول – صلى الله عليه وسلم له -: (التوبة تهدم ما كان قبلها، والاسلام يهدم ما كان قبله). وفي اللفظ الاخر: (الاسلام يجب وما كان قبله، والتوبة تجب وما كان قبلها). يعني تمحوها وتقضي عليها. فعليك ان تعلم يقينا ان التوبة الصادقة النصوح يمح الله بها الخطايا والسيئات حتى الكفر، ولهذا يقول – سبحانه وتعالى -: وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون [(31) سورة النور]. فعلق الفلاح بالتوبة. وقال – سبحانه وتعالى -: يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم ان يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار [(8) سورة التحريم]. وعسى من الله واجبة. المعنى ان التائب التوبة النصوح تغفر له سيئاته ويدخله الله الجنة فضلا منه واحسانا – سبحانه وتعالى -، فعليك يا اخي بالتوبة الصادقة ولزومها والثبات عليها، والاخلاص لله في ذلك، وابشر بانها تمحوا ذنوبك ولو كانت كالجبال ، وشروط التوبة ثلاثة: الندم على الماضي مما فعلت ندما صادقا، والاقلاع من الذنوب ورفضها وتركها مستقبلا طاعة لله وتعظيما له، و العزم الصادق ان لا تعود الى تلك الذنوب، هذه امور لا بد منها، اولا: الندم على الماضي منك ، والحزن على ما مضى منك. الثاني: الاقلاع والترك لهذه الذنوب دقيقها وجليلها. الثالث: العزم الصادق ان لا تعود فيها. فان كانت عندك حقوقا للناس اموال او دماء او اعراض فادها اليهم، هذا امر رابع من تمام التوبة، عليك ان تؤدي الحقوق التي للناس، ان كان قصاص تمكن من القصاص الا ان يسمحوا بالدية، ان كان مال ترد عليهم اموالهم الا ان يسمحوا ، ان كان عرض كذلك، تكلمت في عرضهم واغتبتهم تستسمحهم، وان كان استسماحهم قد يفضي الى شر فلا مانع من تركه، ولكن تدعوا لهم ، وتستغفر لهم، وتذكرهم بالخير الذي تعلمه منهم في الاماكن التي ذكرتهم بالسوء فيكون هذا كفارة لهذا، وعليك البدار قبل الموت، وقبل ان ينزل بك الاجل، عليك البدار والمسارعة ثم الصبر والصدق، يقول الله – سبحانه وتعالى -: والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون [(135) سورة ال عمران]. افهم معنى : ولم يصروا يعني لم يقيموا على المعاصي، بل تابوا وندموا وتركوا: ولم يصروا على ما فعلوا مهم يعلمون، ثم قال بعد هذا: اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين [(136) سورة ال عمران]. هذا جزاء التائبين الذين اقلعوا ولم يصروا مغفرة وجنة، فانت ان شاء الله منهم اذا صدقت في التوبة، والله ولي التوفيق.