السؤال
اريد ان اعرف راي الدين في الطريقة التي تعاملت فيها مع زوجي، مع اعطائي النصيحة، وجزاكم الله كل خير.
انا متزوجة من رجل متزوج، وميسور الحال جدا، -والحمد لله-، ولا اعيش مع زوجي في نفس الدولة، وهو يعطيني المصروف عندما اطلبه، واذا زرته في بلده يعطي بين الحين والاخر مصروف ليدي، مثلا: لاكل شيء اثناء خروجي، شرب قهوة، وفي معظم الاحيان يستخدمه هو؛ لانه يكون قد نسي محفظته بالسيارة وهكذا، واحيانا اتمنى ان ارجع لاولادي بهدية، ولو بسيطة جدا، فانا عندي اولاد من زوجي الاول، وهو لا يبادر حتى بان يشتري لهم شيئا، او يعطيني نقودا كافية لذلك، وانا ليس بمقدوري فعل ذلك فدخلي محدود!
وفي اخر مرة اعطاني نقودا لشراء هديه لبناته، وقد فعلت ولكنني في نفس الوقت اشتريت لبناتي هدية، وعندما سالني كم دفعت! زدت عليه مبلغ هدية لبناتي!
منذ ذلك الحين، واموري المادية متعثرة، هل يكون السبب انني سرقت مال زوجي وخدعته، انا جدا نادمة على فعلتي، ولكن والله لا ابرر فالله اعلم ان زوجي يقصر جدا في ابسط حقوقي الزوجية، من مصروف، ولم يوفر لي مسكن الزوجية، لا في دولته ولا في مكان اقامتي، وفي معاشرتي، وحتى في الاتصال بي، وحرمني من الانجاب منه، حاولت مرارا وتكرارا معه، ولكن بلا جدوى! عنده لكل جواب عذر.
واخر مرة اخبرني ان زواجه مني ضد العائلة والمجتمع، ولن يقبله احد؛ لان لديه زوجة جيدة، واما لاولاده، وهو ليس بحاجه للزواج باخرى، وحين اساله لماذا تزوجتني يقول: لانه يحبني كثيرا، والصراحة انا احبه ايضا! وما يصبرني انني اريد الستر، ولا اريد ان اكون بلا زوج او رجل، لانني اخاف من الانزلاق الى ما حرم الله!
اعطوني النصيحة، وجزاكم الله خيرا.
الاجابة
وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك في موقعك، ونهنئك بعيد الاضحى المبارك، ونسال الله ان يجعل ايامنا اياما سعيدة بطاعته، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال، وانما شفاء العي السؤال.
وقد اسعدني وافرحني رغبتك في ان تستمري مع هذا الزوج، وفي اعلانك انك تحبينه، ونسال الله ان يديم بينكما المحبة، وارجو ان تصبري على هذا الوضع الذي انت فيه، واذا كان -ولله الحمد- لك بنيات وله اسرة، فليس هناك داع ان تقفي طويلا في مسالة الانجاب منه، وحاولي ان تكملي معه مشوار الحياة، ونسال الله ان يسعدك في صحبته، وان يعين الجميع على طاعته.
واذا جاءك مصروف، واعطاك المصروف في يدك، فان هذا المصروف تستطيعين ان توفري منه وتستفيدين منه، اما المصروف الذي يعطيك اياه لتشتري هدايا لبنياته فلا يجوز ان تشتري لغيرهن، واذا حصل ذلك فلا مانع من ان تخبريه اذا كان ذلك بالامكان، واذا لم يكن بالامكان فنسال الله تبارك وتعالى ان يغفر لك ما حصل، فجددي التوبة والرجوع الى الله تبارك وتعالى، واعلمي ان ما بينك وبينه اكبر من الدرهم والدينار، وحاولي ان تتعاملي معه بهدوء، وحاولي ايضا ان تاخذي حقك وحظك منه بالتي هي احسن، فان المسالة بين الازواج – خاصة في الحالة التي انت فيها – لا تكون بالحسابات، ولا تكون بالمقارنات، والزوجة العاقلة لا تقارن نفسها بالاخرى، وانما تطالب بحقها الشرعي، يعني بدلا من ان تقول: (لماذا اعطيت فلانة) تقول: (اعطني كذا) دون ان تاتي بسيرة الزوجة الثانية، ودون ان تتكلم عنها او تذكرها عند زوجها؛ لان هذا يجلب شيئا من الاحقاد، وقد يدفع الزوج الى ان يتكلم بكلام لا يرضيها، كما حصل الان منه، وعندما سمعت منه ذلك الكلام.
ولذلك اذا كنت انت -ولله الحمد- عندك بنيات واولاد من زوج اخر فقد تحققت لك معاني الامومة، واصبحت لك ذرية، فاحمدي الله على ما انت فيه، وحاولي ان تتعاملي مع هذا الزوج بحسن المعاشرة، خاصة وانت -ولله الحمد- عاقلة، وهذا واضح، لانك حريصة على ان تكملي معه المشوار، وانك حريصة على ان تظلي زوجة له، ولا تستطيعين ان تعيشي بلا زوج، فنسال الله تبارك وتعالى ان يديم عليك النعم، وان يوفقك لما يحب ربنا ويرضاه.
اعلمي ان المراة تستطيع ان تاخذ من الرجل ما تريد اذا عرفت الاوقات المناسبة خاصة -والله الحمد- ان الزوج ميسور الحال، فعليك ان تختاري الاوقات المناسبة، والالفاظ المناسبة، ثم تطلبي حاجتك، وعند ذلك – ان شاء الله تعالى – سيكون الزوج لك وفيا، وسيحاول ان يسعدك، ويعطيك ما يستطيع ان يقدمه لك.
وارجو كذلك ان تشكري له على القليل، فان الانسان اذا شكر على القليل جاءه الكثير، ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله تبارك وتعالى، والمراة العاقلة اذا جاء زوجها بالقليل، فانها تشكره، وتثني عليه وتظهر الفرح والسعادة بما اعطاها، وهذا دافع له في ان يعطيها المزيد.
واذا اردت جلب اشياء لبنياتك ايضا، فلا مانع من ان تخبريه، وتطالبيه بان يحسن اليهن، لان هذا يدخل السرور عليك وعليهم، والرجل العاقل يدرك ان كل ما يدخل السرور الى زوجته ينبغي ان يقوم به ويفعله، واذا كان هو الان لا مانع عنده من ان يتصدق على اناس لا يعرفهم، فكيف لا يتصدق على ابنائك انت، وهو يوقن ان ذلك يدخل السرور عليك وعليهم، ولكن هذه الامور كلها تحتاج الى ان تكون الزوجة حكيمة وعاقلة، وتعرف متى تتكلم، وكيف تتكلم، ومتى تطلب، وكيف تطلب.
ثم عليك كذلك ان تشجعيه في ان يحسن وضعك، ويهتم بحياتك وبالامور التي تخصك، وهذا كله ممكن، شريطة ان تبتعدي عن المقارنات، ولكن تطالبي بحقك الشرعي بلطف، وتشعريه انك بحاجة اليه، وانك لا تستطيعين ان تستغني عنه، وانك تسعدين بقربه منك، مثل هذا الكلام يؤثر على الزوج، والمراة التي تتكلم بهذه اللهجة هي التي تعرف نفسية الرجل الذي يحتاج الى التقدير، ويسعد عندما يجد مثل هذا التقدير ومثل هذا الكلام.
نسال الله لك التوفيق والسداد، وندعوك الى الصبر، وحاولي التوبة مما حصل، واذا وجدت فرصة سانحة في ان تردي الاموال، او تعترفي له بانك في اليوم الفلاني اشتريت كذا فارجو ان تسمح لي، واذا لم تسمح لي فانا متعهدة ان ارد لك هذه الدراهم) اذا اردت ان تقولي مثل هذا الكلام، وكان مناسبا، ولكن هذا بشرط ان تكوني اعرف بنفسية زوجك، بعد ان تتيقني انه لا يترتب عليه مشكلة اكبر، اما اذا كان سيترتب عليه مشكلة فتوبي الى الله، واجتهدي في الحسنات الماحية، واقطعي جزء من مصروفك ورديه الى زوجك مقابل ما اشتريت لبناتك، واجتهدي في الدعاء لزوجك ولاولادك.
ونسال الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.