افضل مواضيع جميلة بالصور

السلام بين المجتمعات

السلام بين المجتمعات

 


لعل من عاش في مجتمعات الغرب يتساءل احيانا، كيف يحل السلام بين شعوب هذه المجتمعات رغم تباعدها عن الدين؟ كيف لدولة متشتتة عقائديا ان تنعم بالرخاء والسلام بين افراد مجتمعها؟
الحقيقة ان هنالك لبس في مفهوم السلام يجب ايضاحه لنتمكن من تفسير حالة هذه الشعوب، وعلينا ايضا ان نفرق بين السلام الحقيقي و السلام الزائف.
اولا: من منطلق السلام المرتبط بالدين المحمدي، فان مقومات احلال السلام هي بانشاء البنية التحتية من اصول الدين وفروعه وممارساته. وهذا ماعمل به رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في بداية دعوته، حيث مرت دعوته بمراحل عديدة الى ان بلغ الامر واجتمعت الكلمة عنده. و كان باستطاعته صلوات الله وسلامه عليه ان يصنع سلاما مزيفا بترك التعرض الى اصنام قريش. فكما نعلم ان قريشا ساوموا رسول الله صلى الله عليه واله بان يبقى على دينه ويدعو له، و يخلي بينهم وبين دينهم الا ان الرسول صلى الله عليه واله وسلم ابى عليهم ذلك وسفه احلامهم وتعرض لمقدساتهم. فماذا كان يريد رسول الله صلى الله عليه واله؟ هل اراد تفرقة جمع قريش؟ هل اراد فتنة بين العرب؟ بالطبع كلا فلا هذا ولا ذاك. وانما كان مراده ان يفرق بين الامة وبين الهتهم الصماء. فقد علم صلى الله عليه واله بان السلام لا يقوم الا ارتكازا على الدين القويم. لا عجب ان قريشا بعضهم راى حزبا وانقساما وبعضهم راى فتنة وبعضهم راى حربا. ولكن السلام الروحي المرتبط بقواعد الدين قد غاب عن ابصارهم وهذا مايحدث الان في دول الغرب.

ثانيا: السلام السياسي المرتبط باجهزة الدولة التي تعمل على توطيد نظام الحكم والمحكوم. ولم يكن هنالك سائس دب على وجه الارض كنبينا محمد صلى الله عليه واله. فقد كون من حلف الاوس والخزرج كتلة ضخمة ومتراصة بامكانها تحرير جميع شعوب العالم من خلال حفظ دينها وتوسعها. وهذا امر مسلم لرسول الله صلى الله عليه واله فان بعضا من القساوسة والرهبان المنصفين عندما يصنفون الانبياء وغيرهم بحسب ادراكهم السياسي والعسكري يجعلون محمدا صلى الله عليه واله في المرتبة الاولى انصافا له وان كانوا لايؤمنون به بل و لو كان ذلك على حساب ما يعتقدون به. وهذا ايضا دلالة على تحقق قول الله تعالى:( لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون).

ومن منطلق هذا المفهوم نستنتج ان السلام منهج روحي معنوي وعملي. لا يمكن باي حال من الاحوال ان ينشا السلام بغياب الاسس الدينية ولا يمكن ان ينمو السلام بلا دفعة سياسية. ولكن نظرتنا للمجتمعات الغربية ربما مازالت لم تتغير بعد لاننا راينا مفهوم السلام على ظاهره اولا، و ثانيا اننا لم نقف على الحقائق الناتجة عن تفكيك مفهوم السلام. ولذلك يجب ان نعلم مايفتقده السلام الغربي.

انعدام الاسس الربانية والقيم الروحانية ولجوء المجتمع الى الاسس التجريبية والمناهج البشرية. لعل من ابرز الشواهد على ذلك هو مفهوم الحريات المزعوم الذي قد جعلوه محورا لقضاياهم وربطوا به كل شاردة و واردة. مفهوم غربي عجيب! فكل قضية من قضاياه تجد لها اساسا ومعيارا مختلفا ومتباينا. مثال ذلك انه عندما يقيم رجل علاقة مع امراة غير زوجته فهذه تعتبر خيانة عظمى قد تفصل رئيسا عن منصبه او وزيرا عن وزارته او حتى عاملا عن وظيفته ولكن حينما يتعلق الامر بزواج الجنس الواحد فهذه تعتبر حرية شخصية لا يمكن انكارها.

كذلك تجويف المجتمع من قيمه وعاداته وسلوكه مما يؤدي الى نشوء عادات وسلوكيات منحرفة.
وبطبيعة الحال فان الانسان الاجوف ماهو الا خط مستقيم في جهاز قياس النبض. وان الاختلاف بطبيعته ينشا بسبب اختلاف المبادىء فان لم تكن هنالك مبادىء وكان المجتمع خاويا فحتما انه سلام قطيع الماشية وليس سلاما بشريا. لا يمكن لعشر هذا المجتمع ان يجابه تسعة اعشار مخمورين ليس لهم ولا عليهم. فكيف يصل الخلاف بين افراد هذا المجتمع ليفتعل نقيضا لسلام الماشية هذا؟

انظمة القضاء المتخبط التي تقنعت بقناع السلام وذهبت بمفاهيم العدل. في السنوات الماضية تزايد عدد الدول الغربية التي الغت حكم القصاص بالقتل لانه مخالف لمشروع السلام حتى بلغت ما يقارب 129دولة في عام 2009. ولكن عندما تنظر عن كثب في سجونهم تجد ان للقاتل في السجن سلسلة ضحايا مستمرة لا تتوقف الا بالسجن الانفرادي لعدة ايام!
___________________________________________
نسال الله التوفيق وللبحث تتمة ان شاء الله

السابق
مقال عن الشباب
التالي
رؤية الملك بالحلم