الاوجاع القلبية والصدرية متعددة ومتنوعة بكل اسبابها وخصائصها .
وهذه الالام قلبية وغير قلبية ، ولكن المريض يعزو معظم الام صدره ، وخاصة في جهته اليسرى ، الى قلبه ، علما بان ليس كل الالام الصدرية قلبية . كما وان الام القلب يمكن ان تحدث في مكان اخر غير منطقة القلب .
الالام الصدرية تختلف من حيث طريقة ظهورها و اسبابها ، مكانها ، قوتها ، مدتها ، وما يؤثر عليها ، فيزيد منها او على العكس يخفف من حدتها ومدتها .
وهي غالبا ما تحدث في منطقة ما فوق الثدي الايسر ، وفي مقدمة الصدر وراء عظم القص ، مع انتشارات متنوعة ومختلفة .
لمعرفة طبيعة هذه الاوجاع : قلبية ام غير قلبية ، ليس من السهل علينا دائما تحديد ذلك ، وقد يلزمنا في بعض الاحيان الوقت الطويل واللجوء الى العقار وبعض الوسائل الاخرى للتعرف الى ماهية ونوعية بعضها وحصره وتحديده .
ان الالام القلبية يمكن ان تحصل في كل امراض القلب وافاته ، وهي كثيرة ومتنوعة ، واكثرها حدوثا ما ينتج عن نقص تروية العضلة القلبية واحتشائها .
الخوف الذي يسيطر على المريض من اية الام صدرية هو نتيجة شكه في ان تكون من هذا القبيل .
في الواقع ان الذي يشكو من الم ” الخناق الصدري ” او ” وجع الاحتشاء القلبي ” قلما يخطئ في تقديره وتخوفه ، وذلك لقوته وطريقة حدوثه وامتداداته والشعور الذي ينتاب المريض اثناء النوبة المؤلمة بشكل خاص .
اهم الالام القلبية والصدرية :
1. الم الخناق الصدري :
يظهر غالبا على شكل ضغط او عصر في مقدمة الصدر خلف عظم الجؤجؤ ( القص ) او ككماشة تمسك الصدر من جانبيه ، او يكون بدرجة اخف من ذلك كوزن ثقيل على مقدمته ايضا او كالبلاطة او كحريق داخلي مؤلم .
وجع الخناق ينتشر نحو الذراع الايسر او الايمن اوالاثنين معا ، وكذلك نحو الفكين او الظهر . وكلما زادت مساحة انتشاره وتعددت ، كلما عبر ذلك عن زيادة في قوته وحدته ، واكد على وجوده وثباته .
انما الذي يميز هذا الالم ويحدده بشكل واضح وقاطع ، انه يظهر اثناء الجهد الجسدي ، اثناء المشي السريع صعودا مثلا ، او ضد الريح وفي الاجواء الباردة او بعد وجبات الطعام . كما يمكن ان يظهر ايضا نتيجة لجهد نفسي شديد كالغضب والانفعالات النفسية والعاطفية .
ويضطر الالم الخناقي صاحبه في كل الاحوال لتوقيف الجهد ، والا تطور وازداد بشكل مخيف .
والتوقف عن الجهد ، يتبعه حتما وبعد مدة وجيزة ارتياح ظاهر وزوال تدريجي ، حتى لا تكاد تمضي دقائق قليلة الا ويعود المريض الى حالته الطبيعية كان شيئا لم يكن .
كما ان من خصائص الخناق الصدري ايضا ، وكدليل ثابت لا يخطئ ، انه يخف ويزول نهائيا بعد حوالي دقيقة او دقيقتين من وضع ” النيتروغليسيرين ” تحت اللسان حتى تذوب .
هذا هو الخناق الصدري الجهدي ، ولكن له اشكالا اخرى عديدة ، سنستعرضها في اماكن اخرى من الكتاب .
2. الم احتشاء العضلة القلبية ( النوبة القلبية ) :
هو كما في الخناق الصدري ، ولكنه اشد حدة واطول مدة ، ويختلف عنه ايضا بانه يحدث اكثر الاحيان اثناء الراحة التامة :
في اثناء النوم يستفيق المريض وقد اطبق صدره ، وضاق نفسه ، وانتابه شعور مخيف بدنو اجله ، وقد ترافقه حالة من الغثيان او القيء ، وقد يمتقع لون المريض ويتصبب منه العرق البارد وتبرد اطرافه بسبب الالم نفسه او بسبب مضاعفات قلبية اخرى .
3. وجع التهاب التامور :
التامور هو غلاف القلب الخارجي الواقي .
والالم هنا يمكن ان يشبه في حالات كثيرة والى حد كبير ، الم احتشاء العضلة القلبية .
لكنه يختلف عنه بانه يزداد مع السعال والبلع والشهيق . ويخف اثناء الجلوس مع الانحناء الى الامام .
ولا يخف ولا يزول بتوقف عملية التنفس كما يحدث في التهاب الجنب والامه التي تتاثر من جهتها كثيرا بعملية التنفس والاحتكاكات التي تنتج عنها .
4. الام اخرى :
كثيرة ومتنوعة نذكر منها :
الالام المفصلية الاورابية ، ” تناذر تريتز ” ، حيث يثير الضغط بالاصابع على مكان التقاس الاوراب مع القص ، الالم الشديد ، كما يمكن يحدث ذلك في الام الكتف التي تثيرها الحركة وتزيدها قوة وحدة .
ونذكر اوجاع ” ام الدم المنسلخة ” التي تبعث على الخوف لمشابهتها الم الاحتشاء القلبي.
التشخيص كذلك يلزمه انتباه كبير ، لما لذلك من اهميته على مجرى العلاج وخطورة على حياة المريض .
ثم تاتي الالام الناتجة عن ازدياد التوتر والتشنج في العضلات المخططة التي تحدث في مناسبات شتى ، ويمكن ان تثير المخاوف من ان تكون قلبية .
وما يمكن ان يحدث من الام للعضلات الملساء كما هو ممكن الحصول في الفتق الحجابي ، وفتوق المعدة واضطرابات الزاوية الطحالية للقولون او بلع الهواء وتكاثره في المعدة والامعاء .
هذه الالام الصدرية القلبية جميعها ، باستثناء الام تضيق الشرايين التاجية او انسدادها ، غالبا ما يكون مكانها قرب الثدي الايسر او بعيدا عنه قليلا تحت عظم الترقوة مثلا .
وهي ايضا متعددة الامكنة ، متنقلة ومتغيرة ومختلفة من حيث قوتها ومدتها واسباب حدوثها ، ولو شئنا لصح القول انها في الواقع مؤلمة اكثر منها الام حقيقية : شك ، وخز ، حرقة ….
المريض غالبا ما يشير اليها باصبعه الذي ينقله من مكان الى اخر ، ولا يفعل ما يفعله المصاب بضيق الشرايين التاجية الذي يضع يده كلها على صدره يقبضه ويكمشه باصابعه ، وعلامات الاضطراب بادية وجلية على وجهه وهو يحاول وصفها وتحديدها .
واحيانا يحس المريض بان هذه الاوجاع متواصلة وينتابه شعور بانها ستدوم ، حتى انه يكاد يعيش تحت وطاتها في قلق دائم ، غير انها في الحقيقة ليست كما يبدو له ، وليس لها علاقة مباشرة بالجهد الحقيقي ، وانما علاقتها غالبا ما تكون بصدمة نفسية او اضطراب نفسي وربما كانت مرتبطة بتعب جسدي ايضا ، كنا يتحدث المريض كثيرا عن اضطرابات اخرى مترافقه ، ولكنها لا تشبه الم الخناق الصدري من حيث القوة والمدة والخصائص .
اعراض اخرى عند مرضى القلب
1. التعب :
غالبا ما يشكو مريض القلب من تعب ينشا في الغالب عن اضطراب الدورة الدموية وما يسببه ذلك من نقص في تروية عضلات الجسم عامة ، وعدم تخلص هذه العضلات من فضلاتها .
هذا وان تعب مرضى القلب مختلف الدرجات ، فهو قد يصل الى درجة عدم المقدرة على القيام باي عمل مهما كان بسيطا ، كما يمكن ان يظهر وكانه الم يلم بكل الجسم حتى اثناء الراحة التامة .
غير ان هناك ايضا ، بين مرضى القلب ، من لا يشعر باي تعب .
وليس كل تعب يصيب مرضى القلب تكون اسبابه قلبية ، خاصة وان انواع الشعور بالتعب او الانحطاط كثيرة ، ولكن لها جميعها ما يميزها عن التعب القلبي الحقيقي الدائم الذي لا يتاثر كثيرا بالاحوال والظروف .
2. الارق :
للارق اسباب كثيرة ومختلفة ، فقد يحدث بسبب نوبات السعال ، او بسب عدم انتظام في دقات القلب ( خوارج انقباض او تسرع قلبي ) ، او بسبب الام قلبية وضيق في النفس .
كما يمكن ان يحصل – وهذا هو المهم – بسبب نقص في تروية الدماغ نتيجة لقصور قلبي هام ، اضافة الى الحالة التي يكون فيها مريض القلب المتقدم في السن ، والذي هو عرضة لعوارض قلبية اثناء الليل ، فينتابه شعور بالقلق عندما يخلد جميع من في البيت الى الراحة والنوم ، ويسيطر عليه الخوف من اي طارئ ، فلا يغمض له جفن .
3. الضعف الجنسي :
يمكن ان يؤدي العمل الجنسي الى اضطرابات قلبية عندما تكون الاصابة هامة او متقدمة .
فالمصاب بضيق الصمام الابهر يمكن ان يصاب بالغشيان ، والمصاب بالضغط الشرياني المرتفع قد يضيق نفسه ، كما يمكن ان ينتاب الالم المصابين بتضيق في الشرايين التاجية .
وهذه الاضطرابات القلبية يمكن ان تقود – كردة فعل – الى ضعف جنسي ، ولكن ذلك غير وارد البتة في الحالات القلبية الخفيفة ، بل وحتى المتوسطة منها ، اذ غالبا ما يكون مرد ذلك لاسباب نفسية فقط .
4. العوارض الهضمية :
احيانا تؤخذ بعض انواع الخناق الصدري ، على انها عسر هضم . كما ان بعض الالام البطنية بانتشارها نحو الصدر والظهر قد تثير موجة من الاضطرابات والقلق والخوف من ان تكون قلبية.
ثم ان الاما بطنية في الجهة اليمنى يمكن ان تحصل اثناء الجهد وحتى اثناء الراحة التامة ، بسب ازدياد حجم الكبد ، نتيجة قصور القلب الايمن . فيكفي ان يضغط المريض على منطقة كبده حتى يثير هذا الوجع او يزيد من حدته .
اما بعض الاعراض المعدية ، كضعف الشهية ، الدشاة والاحساس بثقل المعدة ، فيمكن ان تظهر في تصلب الشرايين الاكليلية وفي ارتفاع الضغط الدموي الشرياني وبعض التشوهات الخلقية . ولكن ذلك كله ، يمكن ان يحدث ايضا في امراض واصابات كثيرة غير قلبية ، لذلك يجب الحيطة في كل هذه الاحوال .
5. تورم القدمين او وذمة ( اوديما ) الاطراف السفلى :
عندما يقصر القلب في ضخ الدم ، وتنقص تروية الكليتين ، تقل مقدرتهما على تخليص الجسم من الماء والملح بشكل طبيعي .
فتتكون الاوديما ( الوذمة ) في الاماكن السفلية من الجسم بادئ ذي بدء ، ثم يمتد ذلك التورم نحو الاعلى مع تطور الاصابة وتزايد القصور القلبي .
لكن تراكم السوائل هذا ، يمكن ان يحدث اصابات في الكلى ايضا ، وعند المصابين بقصور في جريان الدم في اوردة الساقين ( الدوالي ) ، وفي حالات اخرى .
ومن خصائص اوديما القدمين في امراض القلب ، انها تكون متساوية ومتناسقة في كلتا الجهتين .
في البداية لا تظهر الوذمة الى في اخر النهار ، ولكن عندما يتطور المرض وتسوء الحالة ، فانها تصبح كاملة ودائمة .
وعندما نضغط باصبعنا عليها فان ذلك يترك اثرا ( تجوفا ) لمدة ، كما تتكاثر السوائل صعودا نحو القسم الاعلى من الجسم ، ويبقى للوضعية دائما الاثر الكبير على تراكم هذه السوائل وتضخم الاوديما ، اذ هي تتجه دائما واكثر احيانا نحو المناطق المنخفضة اثناء وضعية ما
- شعور بالم في اخر الكتف الايسر في منطقة الظهر