قالت لي: هل من حل؟ قلت :لعل!!
كلمات تتردد على السنة الكثير من الفتيات: ‘لا احد في البيت يحبني او يفهمني او يشعرني بالتقدير والاحترام … ابحث عمن يبادلني الحب فلا اجده … الجميع مشغول عني والكل يعاملني بقسوة ويحادثني بحدة … امي تعاملني كطفلة وابي يشك في تصرفاتي .. واخي يهزا بي .. لقد سئمت هذه الحياة انهم لا يحبونني’.
عزيزتي الفتاة المسلمة:
ان كنت فعلا تقعين تحت ضغوط في بيتك وتفتقدين الحب والعطف والحوار الهادئ مع الاهل فهل هذا مسوغ ومبرر للبحث عن هذا المفقود خارج المنزل؟
يجيبنا الله تبارك وتعالى عن هذا بقوله في سورة النساء:{ولا متخذات اخدان} [النساء:25] قال ابن عباس: ومتخذات اخدان يعني اخلاء، وقال الحسن البصري: يعني الصديق [تفسير القران العظيم لابن كثير]. فاين انت انستي من هذه الاية الصريحة في موضوع اتخاذ الاصحاب والاصدقاء من الرجال؟
ان وجود الصداقة بين الفتاة والشاب لا يخلو من الوقوع في براثن: النظرة الحرام، واللمسة الحرام، والخطوة الحرام، والخلوة الحرام، والكلمة الحرام. وزني ذلك كله بميزان قول الله تعالى: {ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا} [الاسراء:36].
وايضا ميزان الله تعالى: {ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا} [الاسراء:32]. وايضا زني حالك بميزان: {وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن} [النور:31]. وزني علاقتك العاطفية بميزان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:’ما اجتمع رجل وامراة الا كان الشيطان ثالثهما’ فانظري اين تضعين قدمك واين تذهبين؟ وتاكدي انه بعد انتهاء هذه العلاقة تذهب اللذات وتبقي الحسرات:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الذل والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
اعلم انستي ان الحب من اهم مظاهر الحياة الانفعالية للفتاة في هذه الفترة من العمر، ويتوقف تحقيق الصحة النفسية للفتاة على اشباع الحاجة الى الحب، وعند البلوغ يتحول الحب والالفة الى الجنس الاخر وتسبق الفتاة الفتى في هذا الميل نظرا لبلوغها قبله.
واعلم ان الفتاة تتحول من حالة انفعالية الى حالة اخرى بسرعة، فهي تتارجح بين التهور والجبن والمثالية والواقعية والتدين وعدم التدين. يعني باختصار نجد ان شخصية الفتاة تكون مضطربة قلقة غير مستقرة.
واعلم كذلك ان للفتاة في هذه المرحلة مطالب اجتماعية ونفسية متعددة اهمها تكوين علاقات ايجابية مع الجنس الاخر، ولكن لو ترك الانسان بلا قيود ولا ضوابط لكان حالنا كحال الحيوانات التي ليس لها ضوابط ولا قيود في علاقاتها.
ولقد قال الله سبحانه وتعالى: {ولقد كرمنا بني ادم} [الاسراء:70] والضابط والقيد الذي يحمينا حتى من انفسنا هو ضابط الدين والخوف من الله، فاذا قال لنا الله تعالى: {ولا متخذات اخدان} فهو امر من الله بعدم اتخاذ الفتاة والمراة عموما لصديق او صاحب، والذي امرنا بذلك هو اعلم منا بحالنا ولا يشرع لنا الا ما يصلحنا وتصلح به حياتنا {الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} [الملك:14].
فتعالي معي لنعرف ماذا يريد الله بمثل هذه الحدود والضوابط؟
قال تعالى: {والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما[27]يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا} [النساء:27]. تكشف هذه الاية القصيرة عن حقيقة ما يريده الله للناس بمنهجه. فماذا يريد الله بالناس حين يبين لهم منهجه ويشرع لهم شرعه؟ وماذا يريد الذين يتبعون الشهوات؟
اما ما يريده الله بالناس فهو:
1 يريد ان يتوب على الناس.
2 يريد ان يهديهم.
3 يريد ان يجنبهم المزالق.
4 يريد ان يعينهم على التسامي في المرتقى الصاعد الى القمة.
5 يريد تطهير المجتمع ورسم الصورة النظيفة التي يحب الله ان يلتقي عليها الرجال والنساء، وتحريم ما عداها.
واما ما يريده الذين يتبعون الشهوات فهم:
1 يريدون ان يميلوا ميلا عظيما عن المنهج الراشد والمرتقى الصاعد والطريق المستقيم.
2 يريدون ان يطلقوا الغرائز من كل عقال ديني او اخلاقي او اجتماعي.
3 يريدون ان ينطلق السعار الجنسي المحموم بلا حاجز ولا كابح، فلا يقر معه قلب ولا يسكن معه عصب، ولا يطمئن معه بيت، ولا يسلم معه عرض، ولا تقوم معه اسرة.
كل هذا الفساد وهذا الشر باسم الحرية، وهي لست سوى اسم اخر للشهوة والنزوة. {يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا} [النساء:28]. واعلمي انستي انه لو كان هناك مصلحة من هذه العلاقات العاطفية بين الجنسين لما حرمها الله، ولكن الله يراعي اليسر فيما يشرع لعباده، وارادة التخفيف واضحة وتتمثل في: الاعتراف بدوافع الفطرة وتنظيم الاستجابة لها وتصريف طاقتها في المجال الطيب المثمر المامون [مؤسسة الزواج].
‘ وكثيرون يحسبون ان التقيد بمنهج الله وبخاصة في علاقات الجنسين شاق مجهد والانطلاق مع الذين يتبعون الشهوات ميسر مريح وهذا وهم كبير.
فاطلاق الشهوات من كل قيد، وتحري اللذة وحدها في كل تصرف، وقصر الغاية من التقاء الجنسين في عالم الانسان على ما يطلب من مثل هذا الالتقاء في عالم البهائم، والتجرد في علاقات الجنسين من كل قيد اخلاقي، ومن كل التزام ديني، ان هذه كلها تبدو يسرا وراحة وانطلاقا، ولكنها في الحقيقة مشقة وجهد وثقلة، وعقابيلها في حياة المجتمع بل في حياة كل فرد عقابيل مؤذية مدمرة ماحقة.
والنظر الى الواقع في حياة المجتمعات التي تحررت من قيود الدين والاخلاق والحياء في هذه العلاقة، يكفي لالقاء الرعب في القلوب لو كانت هناك قلوب ‘ [في ظلال القران سيد قطب].
وهنا نصل الى عنوان المقال: هل من حل؟
فاقول: لعل.
فقد وضعت يدي على حلول شافية باذن الله تعالى وهي في اتجاهين:
الاول: خاص بالفتاة.
الثاني: خاص بالاسرة وخصوصا الام الفاضلة.
وسابدا بما يخص الاسرة والام الفاضلة:
1 لا يكفي ايتها الام الفاضلة ان تكوني اما للفتاة ولكن كوني لها صديقة محبة، فالتغيرات التي تطرا على الفتاة في هذه المرحلة من تغير في جسدها وتطور في تفكيرها وتحول في عواطفها وانفعالاتها تقتضي تحولا في طريقة المخاطبة والمعاملة مع الفتاة، وهذا التحول يقتضي التعرف على حاجات الفتاة والاعتراف بهذه الحاجات لاتخاذ الاسلوب المناسب والصحيح في حل مشكلاتها.
‘من افضل السبل الناجعة للمربي ان يكون صديقا لمن يربيه، يعايشه ويلاحظه دون افراط ولا تفريط ولا قسوة ترهبه، ولا تدليل يميعه، وان يجعل الصلة التي تربطه بالمنزل اقوى من الصلة التي تربطه بالمجتمع، وان تكون صلة المودة بين الفتاة وامها كافية للمكاشفة، والمصارحة لاشعارها بالمشاركة والمعاونة وعلى اساس من تبادل التجربة، وتحمل المسئولية، واستخدام العقل والحكمة’ [تربية المراهق في رحاب الاسلام].
2 تربية الابنة من الصغر في ظل العقيدة والايمان بالله، واغلاق منافذ الشر عليها سبيل اكيد لحماية النفس من الوقوع في الخطا يقول تعالى: {يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} [التحريم:6].
3 تعويد الفتاة منذ الصغر على الصلاة والصوم والحجاب واداب التعامل مع الجنس الاخر.
4 النضج المبكر يقتضي الاشباع المبكر ويكون ذلك بالزواج المبكر، لتحقيق الاشباع النفسي والجسمي للفتاة بطرق سوية ومشروعة. عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ‘يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء’ [اخرجه البخاري ومسلم].
5 الرقابة الواعية: فعلى الام ان تكون ذات عيون مفتوحة واذان صاغية وعقل متنور دقيق الاستدلال، لتراقب تصرفات ابنتها، ولكي تكون قادرة على توجيهها وانقاذها في الوقت المناسب.
6 تقوية علاقات الحديث والتفاهم والحوار الهادف الهادئ مع المرونة، وتقوية العلاقة العاطفية بين الام وابنتها، فالاحساس بالمودة والحب هو كل ما تحتاجه الفتاة من امها.
يجب ان تعامل الفتاة على اساس انها اصبحت انسة راشدة ولم تعد صغيرة وتنال من المنزل والوسط الاجتماعي العناية والاحترام كما تناله الكبيرات كما يقول علماء النفس.
[2] الاتجاه الاخر وهو خاص بالفتاة فاقول لها:
1 افتحي مجال الحوار مع امك فهي بالنسبة لك طوق النجاة وقولي لها: امي هل تقبلين صداقتي؟ فهناك عدة نواح مشتركة بين الام وابنتها، وخبرات الام تمثل اكبر موسوعة علمية في تجارب الحياة.
2 الاستعفاف امتثالا لامر الله تعالى:{وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} [النور:33].
والعفيفة يستحقها العفيف، وتذكري قصة هذا الشاب الذي فضل السجن على الاستجابة لدعوة المراة للفاحشة فقال:{رب السجن احب الي مما يدعونني اليه}[يوسف:33] وهذا الشاب هو يوسف.
3 هناك امران اساسيان وهما: ا الخوف من الله، ب ونهي النفس عن الهوى، فقد قال تعالى:{واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى[40]فان الجنة هي الماوى} [النازعات:4041].
هذان الامران يساعدان على البعد عن كل ما حرم الله.
4 اشغلي وقت فراغك بكل مفيد وجديد واشبعي هواياتك فقد قال الشاعر:
ان الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء اي مفسدة
5 اتركي اصحاب السوء واملئي حياتك بصديقات جديدات صالحات فالجليس الصالح لا ياتي من وراءه الا كل الخير كحامل المسك.
6 عيشي الواقع لا الخيال، فكثير من القصص التي تناقش على الشاشة او بين الفتيات لا اساس لها، بل هي غالبا من نسج الخيال فلا تدمري واقعك بسبب خيال الاخرين، وفكري في المستقبل بشيء من الواقعية والعقلانية.
7 كوني شجاعة واتخذي القرار لا تترددي وكوني من الذين قالوا:{ربنا الله ثم استقاموا} [فصلت:30] واستبدلي الانحراف بالاستقامة والارصفة بالمساجد والملاهي بحلق القران والاغاني بالذكر والتسبيح. يقول تعالى:{الم يان للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} [الحديد:16] قولي بلى يا رب الان الان، وادعي الله ان يهديك ويعينك على الاستقامة فمن وحده يرجى العون، قال الشاعر:
اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده
واستمعي الى البشارة من الغفور الرحيم وهو يقول لك: {الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان:70]. وتذكري الموت وانك ستسالين عن شبابك فيما ابليتيه؟ فكل عمل تكرهين الموت من اجله اتركيه ثم لا يضرك متى مت. اسال الله لك العون والاستقامة والقبول.
………………………………………….. ………………………………………… ………………………………………….. ………………………………………… السؤال اريد فتوى على الدردشة على الانترنت مع العلم اني استعملها للترفيه واراعي الله في اقوالي وهل تنطبق عليها الاية(ولا متخدات اخدان) وجزاكم الله عني كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اما بعد: فالله سبحانه وتعالى حرم اتخاذ الاخدان اي الاصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء، فقال في خصوص النساء: ( محصنات غير مسافحات ولا متخذات اخدان )[النساء:25] وفي خصوص الرجال: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي اخدان ) [المائدة:5] واتخاذ الاخدان محرم سواء كان عبر الهاتف او الدردشة في الانترنت او اللقاء المباشر، وغيرها من وسائل الاتصال المحرمة بين الرجل والمراة. وما يعرف اليوم بمواقع الدردشة فهي في معظمها اوكار فساد ومصايد للشيطان، افسدت دين ودنيا كثير من ابناء وبنات المسلمين، فعلى المسلم ان يحذر منها، وان يستغل وقته ويبذل جهده فيما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه،
- خلفيات عن التقاء الصديقات
- التعايش بين الرجل والفتاه
- ما هو حكم الصداقة بين الفتى و الفتاة