السؤال:
ما حكم اخذ عمولة السمسرة من الطرفين ، او من احدهما دون علم الاخر ؟
الجواب :
الحمد لله
اولا :
اجرة السمسرة والوساطة يجوز ان تؤخذ من البائع او المشتري او منهما ، بحسب الشرط او العرف ، والى هذا ذهب المالكية ، فان لم يكن شرط ولا عرف ، فهي على البائع عندهم .
قال الدكتور عبد الرحمن بن صالح الاطرم حفظه الله : ” فاذا لم يكن شرط ولا عرف ، فالظاهر ان يقال : ان الاجرة على من وسطه منهما ، فلو وسطه البائع في البيع كانت الاجرة عليه ، ولو وسطه المشتري لزمته الاجرة ، فان وسطاه كانت بينهما ” انتهى من ” الوساطة التجارية ” ، ص 382.
وينظر : “حاشية الدسوقي” (3/ 129).
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (13/ 129) : ” كثر الجدل حول مقدار السعي الذي ياخذه الدلال، فساعة (2.5) في المائة، وساعة (5) في المائة، فما هو السعي الشرعي، او انه حسب الاتفاق بين البائع والدلال؟
ج8، 9: اذا حصل اتفاق بين الدلال والبائع والمشتري على ان ياخذ من المشتري او من البائع او منهما معا سعيا معلوما جاز ذلك، ولا تحديد للسعي بنسبة معينة ، بل ما حصل عليه الاتفاق والتراضي ممن يدفع السعي جاز، لكن ينبغي ان يكون في حدود ما جرت به العادة بين الناس ، مما يحصل به نفع الدلال في مقابل ما بذله من وساطة وجهد لاتمام البيع بين البائع والمشتري، ولا يكون فيه ضرر على البائع او المشتري بزيادته فوق المعتاد ” انتهى .
بكر ابو زيد … صالح الفوزان … عبد العزيز ال الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز ”
ثانيا :
اذا عمل السمسار لاحد المتعاقدين ، لم يجز له ان يتواطا مع الطرف الاخر على زيادة السعر او انقاصه ؛ لان ذلك من الغش وخيانة الامانة ، لا سيما اذا كان السمسار يتولى العقد ؛ لانه وكيل حينئذ ، والوكيل مؤتمن ، وما يربحه فلموكله .
قال في “مطالب اولي النهى” (3/132) : ” ( وهبة بائع لوكيل ) اشترى منه , ( كنقص ) من الثمن , فتلحق بالعقد ( لانها لموكله ) ” انتهى .
ولو اقتصر دوره على الدلالة على البائع او المشتري – دون العقد-، ولم يحدد له سعر معين ، بل طلب منه البحث عن افضل الاسعار – بيعا او شراء- كان تواطؤه مع غير من استعمله غشا وخيانة .
على ان من الفقهاء من يكيف السمسرة عامة بانها وكالة باجرة ، وينظر: ” الوساطة التجارية “للدكتور عبد الرحمن بن صالح الاطرم ص 115
ثالثا :
اذا عمل السمسار لاحد المتعاقدين نظير جعل معين ، لم يلزمه اعلام الطرف الاخر به ، ولو اضيف الجعل الى الثمن ، ما لم يكن في ذلك زيادة فاحشة تؤدي الى الغبن ، فتمنع من هذا الباب .
فلو قال البائع : بع هذا بمائة ، ولك منها عشرة ، وكان ثمن السلعة في السوق تسعين، لم يلزم اعلام المشتري بعمولة السمسرة ، ما دام المشتري قد رضي بالثمن ، ولم يكن ثمة خداع او تغرير .
وقد نص جماعة من الفقهاء على ان اجرة الدلال من التكاليف التي تضاف الى الثمن في بيع المرابحة القائم على الامانة في الاخبار بالثمن ، فاولى ان يضاف الى الثمن في بيوع المماكسة التي لا يلزم فيها الاخبار بالثمن الاصلي .
قال الكاساني وهو يتحدث عن بيع المرابحة : ” لا باس بان يلحق براس المال اجرة القصار والصباغ والغسال والفتال والخياط والسمسار وسائق الغنم، والكراء، ونفقة الرقيق من طعامهم وكسوتهم وما لا بد لهم منه بالمعروف، وعلف الدواب، ويباع مرابحة وتولية على الكل اعتبارا للعرف؛ لان العادة فيما بين التجار انهم يلحقون هذه المؤن براس المال ويعدونها منه ” انتهى من “بدائع الصنائع” (5/ 223).
سئل الشيخ خالد المشيقح حفظه الله :
” لدي مكتب في احدى دول الشرق وظيفته كوكيل بين البائع والمشتري، ياتي المشتري من اي دولة، فاساعده على الشراء والشحن ، ومقابل هذا عمولة متفق عليها، هل هذه العمولة حلال ام حرام؟ لو اخذت من المصنع عمولة بعد كتابة العقد وموافقة المشتري عليه، لكن هذه العمولة بدون علم المشتري؟ – جزاكم الله خيرا-.
فاجاب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، اما بعد:
ما تاخذه من عمولة هذه اجرة سمسرة ودلالة، وهذه الاجرة جائزة في الاصل؛ لقوله الله – عز وجل-: “يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود” [المائدة:1]، وايضا قول الله – عز وجل-: “واحل الله البيع وحرم الربا” [البقرة:275]، وايضا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “المسلمون على شروطهم” رواه الترمذي (1352) وابو داود (3594) وغيرهما من حديث عمرو بن عوف المرني – رضي الله عنه – الا اذا تضمن ذلك محذورا شرعيا، كمخالفة نظام يضربه اهل البلد، او نظام يكون عليه المتعاقدان البائع والمشتري ….الخ، المهم ان كان هناك مخالفة لما تعارف عليه المتعاقدان ، او اتفق عليه المتعاقدان ، او ما تعورف عليه في ذلك البلد، وانه ليس له ان ياخذ عمولة من المصنع اذا اخذ عمولة من المشتري، وهكذا، فانه لا يجوز، اما اذا لم يكن شيء من ذلك فالاصل في ذلك الاباحة ” انتهى من “فتاوى الاسلام اليوم”.
وينبغي ان يستثنى من ذلك حال الضرر بالمشتري ، او المتعاقد ، من جراء مغالاة السمسار في اجرته ، او تحكمه في العقد مراعاة لمصلحته .
سئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :
” من اراد ان يبيع ارضا بمائة فقال له اخر: ابيعها لك بمائة وعشرين، وساخبر المشتري ان صاحب الارض يريد مائة وعشرين، وتم البيع فاعطى البائع مائة، واخذ هو العشرين الى جانب نسبته من المشتري، فهل هذا يصح، اثابكم الله؟
فاجاب : هذه المسالة فيها اكثر من سؤال:
اولا: بالنسبة للمالك الحقيقي للارض اذا قال لك: بعها بمائة، فانك تراعي حقوق اخوانك المسلمين، خاصة اذا وجدت انهم يحتاجون الى هذه الاراضي، او ان الاشخاص الذين سيشترون منك اشخاص يعوزهم المال، فعليك ان تتقي الله ، فهذا من النصيحة لعامة المسلمين.
ولا ينبغي للانسان ان يكون كثير الجشع كثير الطمع دون ان ينظر الى حقوق اخوانه وحوائجهم، ولو فعل غيره به ذلك لما رضي بهذا، والمسلم يحب لاخوانه ما يحب لنفسه ، ويكره لاخوانه ما يكره لنفسه ، فلا ينبغي له ان يبالغ بالارباح مع امكان البيع بالاقل….
الى ان قال: والافضل ان يتقي الله في اخوانه، والا يجعل ارباحه الخاصة على وجه الاضرار بالسوق ” انتهى من “شرح زاد المستقنع”.
ويحسن ان يستثنى من ذلك ايضا : ما لو كان المشتري صديقا او قريبا يحسن الظن بالسمسار ، فانه ان لم يعلم بالسمسرة واخذ العمولة ، كان في ثناء السمسار على السلعة وعرضها عليه : تغرير له .
سئل الدكتور صلاح الصاوي :
” اخذت مبلغا من المال كعمولة بدون ان يعلم الطرف المشتري ، فهل هذا حرام ام حلال؟
فاجاب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى اله وصحبه و من والاه؛ اما بعد:
فان الاصل في عمولة السمسار الحل ، اذا كانت الصفقة التي يتوسط لاتمامها صفقة مشروعة، ولكن ما سالت عنه يختلف باختلاف الحال، فان كان المشتري يتوقع منك هذا العمل تطوعا بلا مقابل ، لما يربطكما من سابق صلة وحميمية علاقة- فلا ينبغي لك ان تاخذ هذه العمولة التي لا يتوقعها المشتري. اما اذا لم يكن الامر كذلك فهو على اصل الحل . والله تعالى اعلى واعلم ” انتهى.
والله اعلم .
- هل يجوز اخذ عمولة من البايع والمشتري
- حكم أجرة الدلال
- الوساطه بين البائع والمشتري
- الوساطة في البيع
- السمسرة بدون معرفة صاحب السلعة
- السعي من المشتري ليس البائع
- التراضي بين البائع و المشتري
- ادله الفقهاء على اجره السمسار
- اجرة السمسار في تونس
- أقوال الفقهآء أجرة السعي