هل الهدية مثاب عليها في الاسلام؟ بمعنى اذا اهدى شخص اخر هدية هل ياخذ عليها ثوابا؟ واذا اهدى شخص هدية اهديت له من شخص اخر وكانت هذه الهدية عزيزة جدا على من اهداها، وبالرغم من ذلك اعطاها هدية لشخص اخر ثم حزن كثيرا على هذه الهدية لانه اعطاها لمن لا يستحق؟ افيدونا ماجورين وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فالهدية بين الاخوان مما رغب فيه الشارع وندب اليه.
قال ابن قدامة في المغني: من اعطى شيئا ينوي به الى الله تعالى للمحتاج, فهو صدقة. ومن دفع الى انسان شيئا للتقرب اليه, والمحبة له, فهو هدية . وجميع ذلك مندوب اليه, ومحثوث عليه ; فان النبي صلى الله عليه وسلم قال : تهادوا تحابوا . انتهى .
فمن قصد بالهدية مساعدة المحتاج لوجه الله اثيب على ذلك، ولو كان ذا رحم فهي صدقة وصلة، ولو لم يكن غير محتاج فهي هدية يثاب فاعلها امتثالا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبد البر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية وندب امته اليها وفيه الاسوة الحسنة به صلى الله عليه وسلم، ومن فضل الهدية مع اتباع السنة انها تورث المودة وتذهب العداوة . اه.
ولافرق بين كون الهدية وصلت الى مهديها هدية من غيره اوكونه اشتراها اونحو ذلك، فالهدية اذا اهديت للشخص وتم قبولها جاز له التصرف فيها تصرف المالك في ملكه بالصدقة والهدية والبيع، وقد كانت الهدايا تاتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقبلها ويحتفظ بما شاء منها ويهدي ما شاء، ففي الصحيحين وغيرهما: ان عمر رضي الله عنه راى على رجل من ال عطارد قباء من ديباج او حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو اشتريته ؟ فقال: انما يلبس هذا من لا خلاق له، فاهدي الى رسول الله حلة سيراء من حرير كما في بعض الروايات فارسل بها الي، قال قلت: ارسلت بها الي وقد سمعتك قلت فيها ما قلت، قال انما بعثت بها اليك لتستمتع بها، وفي رواية: اني لم اهدها لك لتلبسها انما اهديتها لك لتبيعها او لتكسوها، فاهداها عمر لاخ له من امه مشرك. وهذا دليل صريح على انه لا مانع شرعا من بيع الهدية او اهدائها للغير .
واما الندم على الهدية ونحوها فلا ينبغي، ولذلك فانه لا يستحسن للمرء ان يعطي ما هو عزيز على نفسه كماله كله اوما يعز عليه منه الا اذا كان على درجة عالية من الرضى والصبر والقناعة.
ففي شرح النووي لصحيح مسلم بعد ذكره لحديث توبة الله تعالى على كعب بن مالك الذي اراد الصدقة بماله كله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ارشده الى ابقاء بعضه.
قال النووي: وانما امره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفا من تضرره بالفقر، وخوفا ان لا يصبر على الاضاقة، ولا يخالف هذا صدقة ابي بكر رضي الله عنه بجميع ماله فانه كان صابرا راضيا. انتهى.
لكن الندم لا يبطل اجره ان كان قدم ما قدم بنية الاجر والثواب.
والله اعلم.