افضل مواضيع جميلة بالصور

خطوات تغفو على عتبات الرحيل

..

شوفوا عااد لااحد يطلع من بعد قراايته لكل جزء الا وهو حااط الرد.. وابي ردوود تكوون عنواان لصاحبها.. يعني كل وااحد يكتب رد رهييييب.. وابغي بهالقصه مبااراة بالردود لاني يمكن اسووي ترشيح لاحلى رد !!!والجاائزه عااد خلوها مفاجاه

وهذي هي ثالث روايه انقلها عمليااتي للنقل.. يعني اكيييد نقل القصص.. وصدقووني ماا نقلتهاا الا لاني متاكده انها بتعجبكم جداا جداا جداا زي ماا اعجبتني..

فالله الله بالردوود الحلوه..
ايه على فكره من الحين ترى اقوولكم ..غيث ولاااا وحده تحلم فيه مجرد حلم.. الرجاااال تمت مصاادرته منذوو مبطي.. خخخخخخ
وانتن ياا بناات بتلقن هناا اللي يعجبوونكن من شبااب القصه.. اخذوو اللي تبوون بس عند غيثااني ابوو سيف .. اقوول لكم.. ستوب…. هذاا تحذير بسييط جداا…. لكن لو حااولت وحده تقرب منه….هنااا بتكووون باايعه حيااتهااا… خخخخخ

اتمنى ان الصوووره تكوون وضحت للجميع قبل ماا ابدا .. خخخخخ

يله بسم الله نبدا الدخووول في خطوااات هااديه لقراااءة الرااائعه ( خطوات تغفو على عتبات الرحيل )
للكاتبه …. ليتني غريبة
شرايكم نبدا الحين
…………….

اليهم ..

من سكنوا حنايا الذاكرة .. استحلوها و استبدوا بها .. فاضحت عاجزة عن النسيان ..
من لازلت من الامس الى يومي .. حتى غد .. اعيش على تلك الصور الغابرة .. حيث وجوههم الذاوية ..
لم اعد اميز ملامحها ..

اليها ..

تلك العاجزة عن اخلاء سبيل اطياف الراحلين .. متشبثة بالمها .. غارقة به ..
مجنونة ..
تسخر من احزانها بابتسامة .. تدمي روحها ..

اليكم ..

لمكامن الشعور في تلك القلوب الرحبة .. مشاعر دفينة ..
لفوضى الاحساس في نفوس مضنية .. احاسيس حائرة ..
حتما ..
ستتفجر ..!

الي ..

لدمعتي الغبية التي لا اعرف لها سببا .. مشاعري المتخبطة بين اضلعي ..
حائرة .. متوجسة ..
لا تعرف الهدوء للحظة ..
الا بعد دوي الرحيل ..!

.
.

الفت لي مسكنا هنا .. يجرني اليه الحنين عائدة ..
لاحط الرحال مجددا .. بين وريقاتي الخاوية ..، و احرف ..
ستتساقط هامات الكلمات منهزمة ..
تحت وطاة ما ستحمله هذه الحكاية ..
لا شيء يجعلني بهذه النشوة ..
كالدنو منكم مجددا

* همسة ،،،
فوضى تعتري روحي .. اتيه بها و تبعثرني .. بحاجة لان ارمي باثقال ما يحير احساسي هنا ..
لربما اهتديت الى تلك الطرقات التي ستعيدني .. الى عتبات الرحيل ..
او الحنين ..

اخيرا ،،
كل بوح لقلمي هنا هو لي .. مني .. و الي ..
اي حرف سيستبى من بين وريقاتي في ذمة من سينشلها من جعبتي الى يوم الوعيد ..
► خطوات مسروقة ◄

.
.

ترتعش و تكاد ركبتاها ان تتهاوى .. لم تعد تقوى الوقوف .. و قوة زائفة تهتز على وجهها ..
تتزعزع ..
جسده القوي يميل على الباب .. واثقا .. ساخرا ..
– تبينيه اظهر ..؟!
يرتجف صوتها و هي تتدارك قلبها الاحمق .. قد يفضحها ..
و هي ترفع بصرها بشموخ منكسر .. و سبابتها المتخاذلة تشير نحو الباب ..!
– هيه اظهر ..
ما زال البرود يسكن عينيه .. يجتاح جسدها المرتعد .. و هي تريد ان تغمض عينيها للحظات فقط ..
لكنه سيدرك كم هي ضعيفة ..
و سيسعده ذلك ..
لا ..
لن يغلبها ..
عادت تنظر لوجهه الجامد اللامبالي .. تبحث في قسمات وجهه المتصلب عن صدى لاحساسها الاخرق ..
حتما لن تجد شيئا ..
هو .. هو
لم يتغير ..
و لن يفعل ..
شدت يدها و اصبعها يجد طريقه للثبات ..
و تكابد دمعة تسعى للفرار ..
– اظهر من بيتيه .. اظهر من حياتيه ..
.
► الخطوة الاولى ◄
كانت الشمس قد تبوات مكانا في صدر السماء .. لتسلط اشعتها الحارقة بلا رحمة .. تشعل الارض جحيما ..
تلهب جدران تلك المنازل المتهاوية .. تذيب الانفاس ..
و تكوي وجهها المتغضن بضيق .. و هي تلهث بتعب .. اذا كانت هذه اضواء شمس دنيا باهتة ..
و تحيلهم رمادا في هذا اليوم ..
فليجرهم الله من نار الاخرة اذا ..
رحمتك يا رباه .. الحر شديد هذا اليوم ..
تنفض الثوب المبتل بين يديها لتعلقه على حبل الملابس .. و هي تشخر ساخرة .. تحت وطاة هذه الشمس و حرارتها .. ستعود بعد لحظات لتجمع هذه الملابس ..
واصلت نفض الملابس و هي تنتعش لثوان خادعة بالقطرات التي تتناثر منها .. فقد تعطل جهاز تنشيف غسالتهم .. عليهم نشر الثياب مبتلة تماما ..
تنهدت بقوة .. لا باس ما دامت سترطب الاجواء في هذا الحر القاتل ..
مسحت جبينها المحمر بتعب ..و هي تواصل نشر الملابس .. حانت منها التفاته سريعة للسور القصير المتخاذل ..
المشترك بينهم و بين جيرانهم .. فكرت بداخلها ان ترمي بعض الحصى لتنبه فاطمة .. فتلاقيها ..
سرعان ما تراجعت عن هذه الرغبة ..
فهن بالتاكيد سيتحدثن عبر الفرجة التي توجد في الجدار القابع خلف المطبخ ..
و تحت لسعات هذه الشمس .. لا تعتقد بانها ستجد متعة في الحديث .. الافضل ان تتوجه للداخل فور انتهائها من هذه الملابس .. كي تقضي ما تبقى من اعمال ..
انتهت من نشر الملابس لتجيل نظرها في الباحة الخلفية لمنزلهم .. الباحة الضيقة .. التي لا يتجاوز طولها الثلاثة امتار و عرضها المترين ..
حملت سلة الغسيل .. و استدارت متوجهة للحمام .. لتضعها حيث مكانها .. قرب الغسالة .. و لكنها توقفت عند باب المطبخ .. لتدلف بهدوء .. و هي تراها تدير ظهرها لها و تحرك الملعقة في القدر ..
مدت يدها تلمس كتفها لتنبهها الى وجودها .. فالتفتت تلك بسرعة ثم ابتسمت بشغب و هي تشير لوجهها الجميل ضاحكة ..
عقدت الاولى جبينها بضيق .. لابد ان وجهها محمر بشدة فبشرتها البيضاء ستحترق حتما تحت اشعة الشمس ..
صفقت بيدها ثم دفعتها في وجهها بحركة طفولية مضحكة .. لتهتز تلك مجددا في ضحكة متقطعة و عينيها الواسعتين مغمضتين ..
قبل ان تشير لها اختها بيدها بحركة فنجان يشرب و تشير لعلبة الشاي في رف قريب .. و هي ترفع صوتها بشدة ..
– سوي جاهي .. سوي جاهي ..
هزت تلك راسها و اشارت الى عينيها ..
– ان عوني ..
ابتسمت تلك و اقتربت منها تطبع على خدها قبلة قوية .. و تقول بصوت عادي تعلم انها لن تسمعه و لكن تحرك شفتيها بوضوح ..
– تسلم عيونج ..
خرجت من المطبخ و وضعت السلة في الحمام الوحيد في المنزل باستثناء الحمام الملحق بالغرفة الخارجية الحقيرة التي يطلقون عليها مجلس الرجال ..!
اي رجال .. تلك الغرفة الضيقة لن تكفي سبعة منهم ..
نظرت للمساحة الصغيرة بين الغرف الثلاث التي يعتبرونها صالة و مكانا للجلوس حيث وضعوا جهاز التلفاز المسن .. ارتاحت لمراها نظيفة ..
رفعت بصرها نحو الباب المقابل مباشرة .. لتتقدم بهدوء و تدير المقبض و تدفعه .. ليكشف خلفه عن غرفة ضيقة وضع في زاويتها على الارض مرتبة مربعة فرش عليها غطاء و وزعت بها مخدتين عريضتين و بطانية ثقيلة ..
و بجانبها جلست تلك على الارض بين يديها ثوبا لم تتبين ما الذي تفعله به .. اقتربت ببطء كي لا تشد ناظرها حركتها .. لتجدها ترتق شقا في طرف الثوب بابرة .. جلست بجانبها لترفع تلك راسها بابتسامة حنونة ..
شيء كالحلم ارتسم على وجهها الذي خطت به الايام ما يكبر سنها الحقيقي .. بادلتها هي الابتسامة بصدق و هي تصيح بصوت عال ..
– امااه .. جاهي .. جاهي في الصالة ..
و تشير بيدها لتفهمها ما تقصد .. فتهز امها راسها بهدوء و هي تشير لما بين يديها .. ففهمت مقصدها بان تريد ان تنهي ما بين يديها .. و هي تسمع حديثها المتقطع ..
– ثوب عفااه .. تبااه يوم ..
تذكرت .. اوف ،، عفرا و ما تريد .. فكرت بان تلقي نظرة سريعة على فاطمة لتسالها الان ما تريد ..
وقفت بسرعة و ركضت بخفة لتصل الى الباحة الخلفية الضيقة خلف البيت .. فتلتقط بعض الحصى من الارض و ترميها على المظلة التي تظلل جزء بيت جيرانهم الخلفي .. حيث يوقفون سيارتهم الوحيدة ..
لحظات و يصلها صوت فاطمة الناعمة و هي ترفعه كي تسمعها ..
– منوووه ..
رفعت صوتها هي الاخرى ..
– فطووووم انا حور ..
اتاها صوت فاطمة مجددا ..
– بلاج حور ..؟
– تعالي صوب الفتحة برمسج ..
و ركضت للجدار القابع خلف المطبخ .. لتدس وجهها في الفتحة المستديرة .. قبل ان يطل وجه فاطمة من الجانب الاخر ..
– مرحباا ..
ابتسمت حور بود ..
– اهلين ..
– هاا شعندج بسرعة الغدا ع النار اخاف يحترق ..!
ابتسمت حور مازحة ..
– و اذا بيحترق بتفرق يعني .. بيسمم اهلج بيسممهم .. محترق و الا لا …
مطت فاطمة شفتيها ..
– مالت عليج .. انا استاهل لي اخطط اطرش لج من الصالونة ..
اتسعت عينا حور بلهفة ..
– مسوية صالونة اليوم ..
نفخت فاطمة صدرها ..
– عيل .. الحين خلصينيه شعندج ..
رفعت عينيها للاعلى بحرج .. تشعر بالضيق دوما لاضطرارها ان تطلب من صديقتها شيئا رغم انهم اعتادوا على تبادل احتياجاتهم ..
– ااممم .. فطوم بتخبرج .. بعده فستان عرس خوج سالم عندج ..؟!
هز فاطمة راسها بعجب ..
– هيه .. بس هذا مفصلتنه قبل اربع سنين يمكن يطلع قصير عليج ..
هزت حور راسها بسرعة ..
– لا هب انا لي اباه .. عفاري تبا فستان للتخرج .. تعرفين باقلها شهرين و تتخرج من الثنوية .. قلت اشوفه بعده عندج ..؟!
ابتسمت فاطمة بحب ..
– افاا عليج .. الا عنديه .. و بييبه لج العصر ان شا الله .. كم حور عدنا .. تستاهل عفااري ..
قالت حور ببؤس ..
– على الله يطلع على مقاسها .. ناقة هاي هب بنية .. شوي و تطولنيه ..
ضحكت فاطمة برقة ..
– عادي لو ما يا عليها بنفكه من تحت اهم شي تلبس فستان في التخرج شرات باقي البنات ..
ابتسمت حور و مدت يدها عبر الفتحة لتقرص وجنة صديقتها بحب ..
– يعلنيه هب بلاج يا الغالية ..
اسدلت فاطمة اهدابها بخجل مصطنع ..
– احرجتينيه ..
– قولي و الله ..!
– و الله ..
– هب كانها هاي ريحة غداكم يحترق ..
اتسعت عينا فاطمة برعب .. الغداء.. و ركضت مسرعة .. فيما صرخت حور خلفها و هي تقهقه بقوة ..
– لا تنسين تييبين الفستان عسب تقايسه الناقه ..
ثم قهقهت مرة اخرى و هي تهز راسها بخفة و تستدير نحو الداخل ..
– مقصه ..!!

 

نقلت طفلتها بعناية من يد الى اخرى و هي تدلف البيت بهدوء شديد .. تعلم جيدا اين ستجد اصحابه في هذا الوقت .. توجهت مباشرة نحو المطبخ .. لتتسع ابتسامتها حالما وقعت عيناها على امها و هي تدور و تساعد الخادمة في اعداد الغداء ..

– السلام عليكم ..

التفتت امها بحنان و هي تتقدم منها ..

– و عليكم السلام و الرحمة .. مرحبا .. مرحبا .. حيا الله من يا ..

قبلت راس امها و هي تناولها الصغيرة لتسلم عليها ..

– يحييج و يبقيج فديتج .. شحالج امايا ..

تخرجها من المطبخ و تقودها للصالة ..

– بخير يعلج الخير .. شحالج انتي و شحال مريومتي – و ضمت الصغيرة لصدرها بحنان – بعدها مريظة ..؟!

تنهدت ابنتها ..

– يسرج حاليه .. مريوم تونيه يايبتنها من العيادة مسويلها اكسجين .. ادعيلها انتي بس ..

– الله يشفيها ..

– امين ..

مدت اناملها تمررها على شعر ابنتها الغارقة في حضن امها ..

– خالتيه وديمة شحالها ..

نظرت لها امها شزرا ..

– لازم بتخبرين عنها سميتج .. ما تنشدتي عن خوانج ..

ضحكت وديمة بمرح ..

– شوه امايه ليكون تغارين ..!

عقدت امها جبينها ..

– اغار من شوه .. صدق ما عندكن سالفة يا بنات هالزمن ..

ابتسمت بهدوء ..

– لا صدق امايه .. خالوه شحالها .. من زمان عديبها ..

تنهدت امها باسى ..

– لا تخبرينيه .. و الله انا لي من زمان عنها .. من اسبوعين يمكن هب داريه عنها .. التهيت بالبيت و العيال و ما رمت اسير لها .. هي لو عندها تيلفون كان زين ..

ابتسمت وديمة بمرارة لزلة امها ..

– و لو عندها تيلفون كيف بترمسينها ..

اتسعت عينا امها بادراك قبل ان تزفر بضيق .. تابعت وديمة ..

– التيلفون عند هالخبلة حوورووه … بس دومها مبندتنه ..

– هيه ترانيه تخبرت مايد البارحة و قاليه انها ما تبطله .. مادري عيل ليش يايبتنه ..

– شوه يايبتنه بعد .. هذا لي يقاله ريلها يايبنه لها .. بس ما تبطله خايفة يتصل .. و الله انها مشفرة هالبنية .. الا ما ارضعتيها شي من العقل يا اميه ..

ضربتها امها بخفة على ذراعها و هي تنهرها مدافعة عن ابنتها بالرضاعة ..

– حور اعقل عنج ظامة هل بيتهم كلهم هي و المها .. غير ابوها ما سوى خير يوم فرها في ذمة هالريال .. عنبوه من ملك عليها ما شافت شيفته ،،، امبونها هب عارفتنه هي و اهله لي ما شافتهم غير يوم الملكة المنحوس ..

خففت وديمة عن امها ..

– شوه تبين ابهم .. هاييلا هلهم .. و متفاهمين .. تعرفين انتي البير و غطاه .. خلينا برا هالسالفة اخير لنا ..

قالت امها بقوة ..

– هاي بنتيه ..

– ادري فديتج .. بس شوه بتغيرين انتي من الوضع ..؟! ما باليد حيله يا اميه .. اذا ابوها راضي بالوضع .. نحن مالنا حجة عليه ..

نفخت امها بقهر و هي تنظر لوجه الطفلة ..

يقع ظلم كبير على تلك الفتاة و الكل يتفرج ..!

* * * * *

عقدت جبينها بشدة و هي ترى المسالة تتعقد في عينها اكثر .. فاكثر .. حقا لن تجني شيئا من خلف هذه الفيزياء بخلاف خلل سيصيب دماغها مع نهاية العام ..

صفقت الكتاب بقوة لتدسه في حقيبتها المدرسية .. و تضم غطاء راسها جيدا .. لتنظر عبر نافذة الحافلة للخارج و تزفر ببطء ..

زحمة الشوارع الضيقة و هذه الاحياء المتقاربة .. و السيارات العائدة من اعمال اصحابها ..

كانت اصوات الفتيات في الحافلة المدرسية و هي تقلهم للبيت من المدرسة تعلو و تتفاوت و ضحكاتهن تملا الجو ..

ايجدن في نفوسهن النشاط لشق الابتسامة بعد يومهن الدراسي .. عجيب ..!!

من زحمة الاصوات يصل لمسامعها صوتين تالفهما كما تالف اسمها .. ضحكاتهن .. و حكاياتهن المتحمسة ..

رغم عنها وجدت نفسها تبتسم و هي تستمع لاختها التي تصغرها بسنتين و هي تتحدث بصوت عال عن قصة تعرف هي جيدا انها لم تحدث قط ،، و لكنها تستمتع بسرد الاكاذيب و الحكايات الملفقة .. هذا ما يجعلها محط الانظار من زميلاتها .. هي و اختها الاخرى التي تكبر الصغيرة بسنة .. يستطعن الاندماج بسرعة معا في اي مكان ما ،،، و لم يكن ذاك صعبا عليهن في المدرسة .. حيث جميع من ينضم لذاك المجتمع يقاربهن في السن ..

شعرت بثقل يقع بجانبها على طرف المقعد الخالي .. لترى اختها التي تصغرها بسنة مسترخية و هي تلف غطاء راسها بعنف ..

– اوووف .. حررر .. بموووت .. عفاري لو انصهرت حطونيه في الثلاجة ..

و راحت تضحك بشدة على نكتتها السخيفة .. فيما هزت عفرا راسها باستخفاف ..

– وين هاي الثلاجة لي بتسدج ..؟!

نظرت بطرف عينها و هي تقول بتكبر ..

– شوه اخت عفرا .. عندج شك في رشاقتي ..؟!

رفعت عفرا حاجبا ساخرا ..

– لا حشا .. امنوه بيشك في حجمج يا نورة ما شا الله .. انتي يقين تسدين عين الشمس ،،،

ابتسمت نورة بخبث ..

– كانج تسبينيه .. بس ما عليه ،، ناقة ما الومج اكيد تغارين ..

نظرت لها بضيق .. لا تحب ان يعيرها احد بطولها .. خصوصا شقيقاتها القصيرات القامة اللواتي تفوقهن طولا ..

– ما برد عليج يا حكيم الاقزام .. اشري لختج خليها تيي .. قربنا من راس شارع الفريق ..

رفعت نورة يدها بحماس و هي تشير لاختهن و تقول بصوت مرتفع تريد ان يصلها من بين اصوات الفتيات ..

– داانوووه ..

التفتت دانة نحوهن قبل ان تشير نورة لمقدمة الحافلة .. فالتقطت دانة حقيبتها ثم تقدمت للكرسي لتدفع نورة الى الداخل و تجلس بجانبها .. رغم ضيق الكرسي الذي بالكاد اتسع لثلاثتهن .. الا انهن لم يشعر بالضيق .. لحظات و توقفت الحافلة عند موقفهن المعتاد .. حملن حقائبهن المدرسية على اكتافهن قبل ان يرفعن اطراف غطاء رؤوسهن على وجوههن و ينزلن من الحافلة تباعا ..، تحركت الحافلة مبتعدة و مفسحة لهن الطريق ليقطعن المسافة المتبقية بين البيت و المنزل مشيا على الاقدام .. تذمرت دانة بشدة ..

– ما بوصل البيت الا انا متسبحة عرق .. حر حر .. اففف .. الله المستعان ..

كادت تبكي حين رات سيارة مقبلة من الشارع البعيد ..

– لااا .. هب ناقصينه هالسبال بعد ،،،

التفتن جميعا ليرن السيارة المقبلة .. هتفت نورة بحنق ..

– و الله العظيم لفره بحصى ،، هالثور ما يفطن .. عنبوه ما يحشم ييرانه .. انا اقول شعنه ما تم معرس غير سنة امنوه يروم لواحد شراته هالحقير ..

كانت عفرا هادئة و صارمة ,,

– ما عليكن امنه .. سون طاف و امشن و لا تلفن يمين و لا شمال .. نورة و الله ليوصل الخبر لبوية هب حور لو رديتي عليه .. خليه يخيس هو و رمسته السم .. طنشن و الا بيشجعه المرادد .. سيده ..

قالت دانة بغصة ..

– لو اروم اقول لبوية بس .. و الله ليدفنه في القاع الكلب ..

همست نورة مع اقتراب السيارة التي اصبحت تمشي بقربهن ببطء ..

– خبلة انتي ..؟! بيدفنه و بيدفنا وياه .. ابوج ما عنده ون تو .. بقول انتن يريتنه .. طبيه الخايس ما يرزا ..

و ببطء انزل زجاج نافذة السيارة ببطء شديد .. و هو يقول بصوت يحاول جاهدا انا يكون رقيقا ..

– السلام عليكن بنات ..

واصلن البنات يحثثن الخطى بصمت .. لم يعدن حتى يتبادلن الاحاديث فيما بينهن ..

– افاا ما تردن السلام .. السلام لله .. ما تبن توصيله ..

تشعر نورة بشيء يتصاعد في صدرها .. تريد ان تتوقف لتلتقط حجرا من حجارة هذا الشارع المهمل لترميها على راسه عديم النفع .. و صوته النشاز يصلهن و هو يقول بخبث ..

– حرام و الله غصون البان تمشي تحت هالشمس .. فديت عرضاتهم العرب .. لو من اهلكن كان حطيت موتر و دريول خاص يوصلكن الين باب الحجرة ..

همست نورة بحقد لا يسمعها الا اختيها ..

– انقلع زين .. انته لو تروم سير بدل موترك .. لو تغازل ع سيكل اشرف لك من هالكشرة ..

حبست اختيها الضحكات باستماتة .. و تنفسن الصعداء حين لاح البيت الصغير لهن من بعيد .. قال هو مودعا ..

– الوعد باكر يا الغراشيب .. ارقبنيه ..

و اسرع من سير سيارته .. لا يستطيع اللحاق بهن حين يقتربن من البيت يخشى على نفسه من ابيهن ..

في حين تنهدت دانة بارتياح ..

– روحة بلا رده .. اونه ارقبنيه .. عنلاته الخسيس ..

دلفن من الباب الحديدي .. و احنت عفرا راسها كي لا ترتطم بقمته القصيرة .. ليدلفن الى الداخل ..

دخلن الصالة ليجدن الجميع يجلس في الصالة .. امهن و حور و المها .. و شقيقهن ذو الثلاثة عشر عاما .. و اخواتهن الصغيرات .. الاولى في الرابعة عشر من عمرها .. و الثانية لم تتجاوز العاشرة ..

هتف الفتى فور رؤيتهن ..

– هاا … شرفن الشيخات يالله حطوو الغدا ..

لم تنتبه المها لوصولهن و لا امها .. لامست حور طرف يدها لتلتفت لها .. ثم ترى اخواتها الثلاث قد وصلن ابتسمت لهن فاقبلن يقبلن راس امهن القابعة في زاوية الصالة .. واحدة تلو الاخرى ..

و حور تقول ..

– ابطيتن ..

عفرا و هي تلقي حقيبتها بثقل .. و تدلك كتفها ..

– الباص تاخر ..

– صليتن ..؟

– الحمد الله..

– خلاص بنحط الغدا ..

و هبت واقفة لتقف المها معها .. لحظات قبل ان يخرجن من باب المطبخ و حور تحمل صحن الغداء .. و المها بيدها ابريق ماء بارد ..

وضعوا الغداء و التفوا حول الصحن جميعا يتناولونه بنهم هتف الصبي بحماس ..

– مزنة صبيليه ماي ..

تذمرت الطفلة ذات العشرة اعوام ..

– اففف .. ليش تحطون الماي عندي .. ما يخصنيه .. بصب لنايف .. خلاف لي يبا الماي يصب لعمره ..

رفعت دانه يدها تضرب مؤخرة راسها ..

– جب زين .. بتصبين و انتي حمارة .. اصغر القوم بشكارهم .. انتي بشكارتناا ..

صاحت مزنة مستنجدة ..

– حوووور قوليلهااااا ..

تاففت حور ..

– دانووه يوزي عن اختج .. خلينا نتغدا و ننظف المكان قبل لا يي ابوية ..

نظرت دانة لمزنة متوعدة .. لتصيح الاخيرة مرة اخرى ..

– حور تطالعنيه ..

نظرت حور لهن بغضب ..

– افف .. و بعدين يعني .. دانووه قسم بالله اكسر راسج لو ما اصطلبتي .. عنبوه تحطين راسج براس هالياهل .. و بعدين انتي خلي عنج البزا و لو طالعتج بتاكلج يعني .. تغدن و انتن ساكتات ..

قال صوت هادئ من جانبها ..

– محد ياكل و هو ساكت الا اليهود .. ابلة الدين قالت ..

نظرت نورة ساخرة لاختها ذات الاربعة عشر عاما ..

– اوووه رمست الشيخة هند مفتي مكة .. محد يرادها ..

انعقد جبين حور في غضب حقيقي ..

– انتن بتصخن و الا شوه ..

نكس الجميع رؤوسهم يتابعون طعامهم بهدوء .. و نورة و دانة يتهامسن في شيء ما .. عفرا تنظر لحور ..

– تخبرتي فطوم عن الفستان ..؟!

هزت حور راسها ..

– هيه بتييبه العصر .. نايف عقب الغدا لا ترقد .. خلص واجباتك .. مزنووه .. انتي بعد .. لا يي العصر الا و انتوو مخلصين ..

الوحيدتان اللتان لم تكونا منزعجتين من الحديث المعتاد كل يوم هما المها و امهم ..

لان شيئا من الحديث لم يصلهن ..!

* * * * *

سحب نفسا عميقا من السيجارة قبل ان ينفثه ببطء في جو سيارتها الفارهه .. نظر عبر زجاج نافذتها الذي لن يتبين من بالخارج شيئا منه .. و هو ينظر للفيلا العملاقة الجاثمة بسلطة على انفاس الارض كوحش مستعد لبلع من يقترب منها ..

فتحت باب سيارته ليرمي بعقب سيجارته على الارض و يدوسها بطرف حذائه الفاخر ،،، و ابتسامة ساخرة تعلو شفتيه .. و هو يفكر بانهم بالتاكيد ينتظرونه الان .. القى نظرة لا مبالية على ساعته التي تقارب الثانية و النصف ظهرا .. و هو يكتم ضحكة خبيثة داخله ..لابد انهم على نار .. لن يضيرهم الشعور بالجوع قليلا .. لم يهتم لكون من ينتظره بالداخل هم ابوه و اخوته .. و اعمامه الثلاثة و ابناءهم .. و على راسهم جده .. و لان وجهه الصلب قليلا و هو يفكر بانه الوحيد الذي سيجبرهم على انتظاره .. فكر بان يجلس قليلا في الخارج لمجرد ان يضايقهم ..

و كانما شعر برغبته تلك .. ارتفع رنين هاتفه بحدة يشق سكون الباحة الامامية الشاسعة المساحة ،، يرفعه ببطء و رقم ابيه يتراقص على شاشته ..

– الوو ..

كان ابيه غاضبا .. يتضح ذاك من صوته المكتوم ..

– انته وين ..؟

قال ببرود شديد ..

– عند باب البيت .. رب ما شر ..

نفخ والده بضيق ..

– ابطيت علينا .. لنا ساعتين هنيه و انته ما شرفت .. خوك الثاني وينه ..

شخر ساخرا ..

– اي واحد فيهم..؟! عندي اربعة ..

– حامد .. وينه ..

تصلب وجهه و هو يقول ..

– تلقاه يرتغد في واحد من هالمولات .. مادريبه وينه ..

انهى ابوه المكالمة دون ان يزيد بكلمة واحدة ..

نظر لشاشة الهاتف لوهلة واحدة قبل ان يعيده لجيبه ثم ينظر لانعكاس صورته على نافذة سيارته السوداء .. يرتب وضع – الغترة – قبل ان يستدير متوجها نحو البوابة الرئيسية للبيت المقابلة له .. و هو يمشي بخطوات واثقة .. جسده القوي يقطع المسافة بهدوء .. ليصل الى الباب و يفتحه على مصراعيه ..

خلف هذا الباب .. امتدت امامه قاعة الاستقبال الفسيحة .. الفخمة .. بما علق على اسقفها من ثريات و وزع على مداها من الاثاث ما يشغلها .. توجه نحو المجلس الداخلي حين يجتمعون على الغداء كل خميس في بيت جده .. او بالاحرى بيته .. المكان الذي تربى و كبر وسطه .. ترعرع وسط برود جدرانه .. و قسوة سكانه الذي ارتشفها منذ الصغر ليتعلمها .. و يتقنها درعا يكسو وجهه الذي اكتساه الجمود فور اقترابه من الباب .. لا شيء كان يذيب جمود تلك الملامح .. سوى ثقته بحب جده الشديد له و ان كان يميل لتربيته القاسية ،،، حتى انشئه .. و جعله نسخة كانت الاقرب لجده .. الذي كان يرى انعكاس قوة شبابه في عيني حفيده الاكبر .. لا شيء كان يذيب الجليد الذي يكسو احساسه تلك الايام ،، سوى دفئ صدر تلك الحبيبة الذي قطع طريقه صوتها المرتجف و هي تنادي ..

– غيث ..

توقف مكانه و ارتسمت على شفتيه ابتسامه صادقة تبخر كل جمود .. و كل كبر و هو يستدير ليجدها جالسة على احد مقاعد جسدها الضئيل يكاد يختفي في المقعد الوثير ليحول عن اتجاهه و يخطو نحوها .. اقترب منها بسرعة ..

– السلام عليكم ..

صوتها الواهن يجيبه بابتسامة ..

– و عليكم السلام و الرحمه .. مرحبا الساع بالغالي ..

انحنى بحب يطبع قبلة على راسها و كفها الغضة ..

– لمرحب بااقي يا القلب .. شحالج فديتج ..

شدت على يده ..

– بخير فديت روحك .. شحالك انته .. ربك بخير ..

– يسرج حاليه يا الغالية .. ياغير هالشركة لعوزتنيه من قبظت الادارة فيها ..

عقدت جبينها بضيق ..

– الله يسامحه سعيد .. لو طايع شوريه و مقبض الادارة حد من اعمامك و الا ابوك .. اروحك تراكض يمين و يسار لاشغالك ..

قال بابتسامة معاتبا ..

– افاا يا ام علي .. انا قدها و قدود و الا شرايج ..

ابتسمت بحب و هي تمد يدها تضعها على ذقنه تلامس لحيته المشذبة بعناية ..

– و نعم و الله .. يا الله فديتك ما تبا تحدر عند الرياييل .. من الصبح يرقبونك ..

قال مازحا ..

– لا خلاص انا بتغدا وياج اليوم ..

– متغدية انا يا الغالي .. و الا كان خاويتك .. سر قداهم يعلنيه هب بلاك ابطيت عليهم ..

قبل راسها قبل ان يعود و يتوجه للمجلس مرة اخرى .. فتح الباب بقوة دون ان يقرعه لتستدير الرؤوس نحوه بقوة ..

ابتسامته الجانبية لم تخفى عن الاعين و هو يسلم بصوته الرجولي العميق ..

– السلام عليكم

ردوا السلام عليه و هو يتوجه راسا نحو ذاك العجوز الذي لازالت معالم القوة واضحة على وجهه و هو يتصدر المجلس الواسع .. و هو ينظر اليه بفخر .. يقترب منه ليسلم عليه بحرارة .. ثم يلتفت لابيه الجالس على مقربة منه و يسلم عليه و على اعمامه ثم بدا يسلم على ابناء عمه و اخوته ..

انتهى منهم ليجلس على يمين جده براحة .. يكبح ابتسامه لؤم و هو يستشعر الحقد في تلك العينين .. لحظات قبل ان يميل لجده امام اعين الحاضرين و يتهامسان مطولا قبل ان يقهقه جده بحبور و عينيه تشعان بمكر و قسوة ..

فيقول هو بصوت جهوري ..

– الغدا يا يماعة الخير ..

كان الغداء كغيره كل خميس .. لم يختلف شيئا فيه .. المناقشات المعتادة و الاحاديث التي تعاد ..

مر الوقت بسرعة و هما يتصارعان بالنظرات .. هو لا يلقي له بالا و يصد نظراته الحاقدة ببرود .. و ذاك يشتعل غيرة و هو يحتقر هذا المغرور .. كم سيبرد غليله لو استطاع سكب قدر الحساء العملاق على راسه ..

انفضوا بعد الغداء بسرعة مجيئهم .. لا عجب فالجميع مشغولون و تلك الساعات المستقطعة من اوقاتهم الثمينة لكي يجتمعوا بها ،،، راحت هباء و هم في انتظار حفيد العائلة الاكبر .. الذي لم يكن ينوي سوى تضييع المزيد من الوقت .. كي يصل متاخرا لهذه الاجتماعات التي يكرهها ..

نفض هذه الافكار المتزاحمة عن ذهنه و هو ينفض رماد السيجارة بهدوء ..

– بيقتلك هالسم لي انته تتنصخه ..

التفت بسرعة نحو صاحب الصوت الجهوري .. ليقف على قدميه باحترام و هو يقول بهدوء ..

– تعرفنيه ما ادخن الا نادرا ..

هز جده راسه بحكمه و هو يتقدم نحو المكتب ليستوي على المقعد ذو الظهر العريض ..

– يوم تكون ضايق .. شوه لي فخاطرك ..

– اقترب من النافذة .. طوله الفارع و عرض منكبيه يكاد يسد فتحتها العريضة .. و هو يقول بصرامة ..

– الصفقة هاي يبالها تركيز .. و تعرفينيه اتنرفز يوم يكون ورايه اشغال مهمة ما قضيتها ..

– بس هذا ..؟!

هز راسه ببطء و هو لا يزال ينظر للباحة الامامية المزروعة امامه و هي تمتد حتى السور البعيد لحدود املاكهم ..

.

.

كان يدير له ظهره و هو يبدو غارقا في افكاره ،،، انفاس سيجارته الذاوية تتصاعد ببطء ..

قبل ان يقترب ليدس السيجارة المشتعلة في المنفضة .. و جبينه لا زال معقودا .. يبدو ذهنه بعيدا اميالا عن هنا ..

رفع فجاة عينيه الحادتين ليلتقي بعينيه .. هذا هو الرجل الذي كان تربية يده و افكاره ،، و اهدافه ..

و رغباته ايضا ،،

قال بهدوء و هو يمعن النظر فيه ..

– الا ما قلتليه ..، ما فيه اخبار عن عميه حمد ..؟!

التوت شفتيه بسخرية مريرة .. ابنه هذا .. شوكة في الخاصرة .. لا احد ،، لا احد البتة قد يستطيع ان يتحدث معه عن ابنه هذا باستثنائه هو .. حتى ابناءه يتجنبون الحديث عن اخيهم البعيد ذاك خشية اغضابه .. و لكنه لا يبالي ..!! يتحدث عن الموضوع و كانما يتحدث عن الطقس ..

نظر له بعين ثاقبة لبرهة .. قبل ان يقول بهدوء ..

– ماشي اخبار عنه .. اخر مرة سمعت بها عنه يوم ملكتك و الرمسة لي يبتها وياك ..

ثم رفع راسه و هو يرى البرود لا زال يكسو وجه حفيده ..

– اعلومها حرمتك .. ما يبت شي من اخبارها ..؟!

شخر غيث ساخرا و هو يستدير متوجها نحو الباب ..

– اعلومها من اعلوم ابوها .. لا يوم الملكة و لا قبلها و لا عقبها .. ما عرف منها غير اسمها .. كانيه ما نسيته ..

عقد الجد جبينه ،،، شيء ما لم يعجبه في نبرة حديثه ..!!

هذا قد يهز خططه المرسومة .. رفع بصره ليرى غيث قد وصل للباب يمسك بقبضته ليقول بهدوء قبل ان يخرج …

– الين اليوم مادري ليش طلبتنيه اخطبها .. و انته هب راضي على ابوها ..

انقبض فك العجوز و هو يقول بصلابة ..

– غيث ..

اعتدل حفيده في وقفته و تصلب جسده الفارع .. متاكد بان هذه النبرة لا زالت ترهبه .. و يحترمها ..!

تابع يقول بهدوء متوعد ..

– هاي حدودك لا تتعداها ..

.

.

كان شيء ما يلمع في افق عيني ذاك الرجل و ابتسامة ماكرة تناوش شفته ..

حقا يقلقه احيانا حفيده هذا ..!!

* * * * *

في اللحظة التي دلف فيها البيت هب الجميع يقفون بجانب بعضهم البعض .. يسلمون عليه بالتوالي ،، فيما هرعت زوجته للمطبخ لتحضر غداءه .. عادوا يجلسون بجانب بعض قبالته ،، فيما شمر عن كمه و هو لا يزال ساكتا .. لا يعود من عمله الا و قد انهكه التعب .. لا يجد في داخله الرغبة لتبادل الاحاديث معهم ..

كانوا يراقبونه بصمت يخالطه رهبة حضوره .. اعتاد منهم هذا التعامل .. كان يتناول غداءه بصمت رهيب ..

انهى غداءه وسط سكوتهم .. قبل ان يرفع صوته الاجش امرا ..

– حور .. نشي هاتيليه ماي بغسل ايديه ..

قالت بخنوع ..

– ان شا الله ..

و هرعت تجلب وعاء ماء يغسل يديه فيه ..

نظر لابنه الوحيد الذي يجلس بين شقيقاته الست و امهن .. شعر بضيق شديد لمراه يجلس بين الفتيات فصاح ..

– نايف ..

انتفض ابنه بذعر ليرى ابوه يعقد جبينه بغضب ..

– نش ذاكر و الا اذلف ايلس في الميلس ..

صمت الجميع و نايف يهب مسرعا للتوجه الى كتبه رغم انه قد انهى المذاكرة للتو .. و لكنه ليس مستعدا ان يعصي اباه ليكون ضحية – عقاله – ،، ابدا ..

احضرت حور وعاء الماء ليغسل يده فيه بضيق ،، هكذا يكون مزاجه دوما بعد عودته من العمل .. ثائرا ..

من الارهاق و جسده الذي شاخ و لم يعد يحتمل ضغط الاثقال التي يرميها على اكتافه ..

انتزع عمامته الذي كان يربطها على راسه ،، مصفرة من الغبار .. و العرق ..

و رماها ارضا و هو يقول لحور بجفاف ..

– اغسليها ..

هزت راسها ..

– انشا الله ..

هب واقفا و توجه لغرفته لياخذ قيلولة قصيرة قبل صلاة العصر .. فالتقطت حور العمامة و وعاء الماء و هبت عفرا لكي تاخذ صحن الغداء الذي تركه والدها ..

وضعت الوعاء في المطبخ و قامت عفرا بغسل الصحون ثم توجهت مع اخوتها لغرفتهن المشتركة كي يواصلن المذاكرة .. جميعهن السبع فتيات يرقدن في غرفة ضيقة فيما اصبحت الغرفة الوحيدة المتبقية لنايف وحده ..

غسلت عمامة ابيها القذرة .. و نفضتها لتعلقها على حبل الغسيل .. جيد ستجف قبل غروب الشمس ..

هذه العمامة التي تحتضن جهود ابيهم ،، تعبه ،، سعيه لاعالتهم ..

مدت يدها بحنان لتلامس العمامة .. لا يهم كيف يعاملهم او كيف يقسو عليهم .. لا يهمها حقا ما تسبب لها من اذى حين اجبرها على ما لا تريد ..

يكيفيها بان والدهم و ان لا يساوون شيئا دونه ..

 

 

الخطوة الثانية ◄
║.. خطوات تلتمس طريق البداية .. ║

في غياهب ظلمات النعاس صوت الطرقات يشق السكون الخامل .. ينتشلها من رقادها بقوة .. لترفع راسها بتعب من على المخدة و شعرها الجاف يسقط على وجهها .. فتتذمر بصوت اثقله النعاس ..
– امنووووووووه ..
كانت تلك امها التي صاحت بها و هي لا تزال تطرق الباب بقوة ..
– رويييييض نشي و صلي العصر لا تطوفج الصلاة ..
هز راسها الثقيل تنفض النوم قبل ان تقول ..
– انزيييييييييين خلاااااااااص ..
سكون اعقب الكلمات لترتمي مجددا على السرير .. خمس دقائق فقط ثم ستصلي .. خمس دقائق .. تقلبت على الفراش الوثير .. و راح جفناها يثقلان .. قبل ان تجفل بفزع حين عادت الطرقات تلح على بابها بقوة ..
– روووضووووه نشي صلي ..
مسحت وجهها بتعب ..
– نشييييت .. و الله نشيت ..
القت نظرة على ساعة الحائط لتجد عقاربها تشير للرابعة و النصف .. فدفعت عنها غطاء السرير متوجهه نحو الحمام لتتوضا .. تخطو على ارضيته الرخامية الفخمة ..
ادارت الصنبور ليتدفق الماء الدافئ بقوة تحويه بين يديها لتنثره على وجهها البارد فتسترخي قليلا ..
كان اليوم متعبا للغاية ،،، المزيد من المحاضرات .. المزيد من الواجبات المنزلية .. ثم تاتي الى البيت تنشد الراحة لسويعات قليلة فلا تجدها ..!!
تنهدت و هي تتوضا ببطء .. قبل ان تخرج لترتدي ما يناسب الصلاة و تلف غطاء راسها باحكام ..
ترفع يديها لجانب راسها …….
– الله اكبر ..

* * * * *

تشد الغطاء لراسها بقوة و هي تتمسك بثوب اختها الكبرى .. فيما راحت اختها الاخرى تسحب طرف الغطاء ..
– اقوووووولج خوزي اخيرلج .. و الله تتصفعين ..
صاحب الصغيرة باكية ..
– حووووووووور قولي لهند .. انا حجزت المكان قبلهااا .. ابا اوقف عدالج ..
صاحت هند بقسوة لا تظهرها الا نادرا ..
– مزنووه خوزي اخيرلج .. عطيتج ويه انا اوقف كل يوم عدالها في الصلاة ..
اغمضت حور عيناها لبرهة قبل ان تنهرهما بقوة ..
– بس انتي وياها راحت علينا الصلاة و انتن تظاربن .. مزنووه شتبين بالوقفة عداليه ..
ضربت الارض بقدمها ..
– ما اسمعج يوم تقرين ..
اتسعت عينا نورة بدهشة و هي تضحك ..
– يالخراطة انا اخر وحدة و اسمعها .. – ثم غمزت بخبث – قولي انج تبين عدالها يا الياهل ..
– انا هب ياهل .. حور ما اسمعج .. ليش هندووه كله توقف عدالج .. و لا مرة قد وقفت عدالج ..
صاحت عفرا باحباط ..
– فكنا وحدة توقف عسب نصلي .. ما ترزا علينا صلاة الجماعة كل الحسنات تروح في ظراباتكن .. يا الله حور عنديه امتحان ابا اذاكر ..
تنهدت حور و هي تقترب من هند ..
– هند خليها توقف عداليه هالمرة .. حرام عليج .. راعي ختج الصغيرة .. ليس منا من لم يعطف على صغيرنا ..
كانت وجه هند واثقا و هي تقول ببرود ..
– و من لم يحترم كبيرنا وين راحت .. ما يخصنيه انا هذا مكانيه كل يوم اصلي عدالج ..
كانت دانة تشير للمها و تشرح سبب تاخير صلاتهن .. فاقتربت من حور و هي تشير لهن ..
– سوعه .. صلاه اووح .. اكاني .. اكاني ..
التفتت حور لمزنة بغضب ..
– يا الله تعالي من الصوب الثاني مكان مهاوي .. و ان ما خليتي حركات الدلع هاي بسنعج .. راحت الصلاة و السبة دلعج ..
تحركت مزنة بفرحة لتقف بجانب حور و كانما لم تسمع توبيخها .. اصطفن جميعا جنبا الى جنب تؤمهن حور .. التي نهرت مزنة مرة اخرى ..
– قذلتج ظاهرة .. دخليها ..
عادت مزنة تلف غطاء راسها على وجهها الطفولي الصغير ..
قبل ان تنتهي و تنظر لحور بابتسامة بادلتها اياها رغما عنها .. قبل ان تنظر للامام و تخفض عينيها ..
– الله اكبر ..

* * * * *

تنزل درجات السلم ببطء و هي تتثاءب بارهاق .. لازال الاغراء قويا بان تعود لتستلقي على فراشها الدافئ الوثير في ظلمة غرفتها و برودة مكيف الهواء ..
و لكن بمجرد ان وصلت منتصف السلم حتى طارت تلك الافكار اخذة معها ما تبقى من رغبة بالنوم و هي تتوقف في مكانها بذهول .. عينيها تتسع شيئا فشيئا و هي تمعن النظر في ذاك الوجه الصارم .. ابتسمت بحب و احترام و هي تسارع بالنزول .. و وجهها يشع فرحا برؤيته .. حتى وصلت الى حيث استرخى على الاريكة ..
– السلام عليكم ..
رد ابتسامتها بهدوء و هي تنحني لتسلم عليه ..
– و عليكم السلام و الرحمه .. مرحبا بالشيخة روضة ..
جلست بجانبه و هي تقول ..
– لمرحب بااقي .. شحالك غيث ..
– بخير الله يعافيج .. اشحالج انتي .. و اعلوم دراستج ..
– لعلوم طيبة تسرك و ترفع راسك .. وينك معاد ييت البيت .. تولهنا عليك ..!
وضع يده على يدها يشد عليها ..
– مشغول فديتج .. وينها شيخة ..؟!
هبت واقفة تلتقط دلة القهوة من على الطاولة التي امامها و تصب فنجانا له .. تمده باحترام ..
– مادريبها يمكن تصلي ..!
التقط الفنجان ليرتشفه دفعة واحدة ..
– سيري شوفيها .. ابا اسلم عليها قبل لا اظهر ..
هزت راسها بطاعة لتنطلق بسرعة الى الاعلى .. فيما خرجت امها من المطبخ متوجهة الى حيث يجلس هو ..
– حيا الله من يا ..
نظر غيث لزوجة ابيه و هي تجلس بوهن على الكرسي المقابل ..
– يحييج و يبقيج ..
– شحالك فديتك .. رب الشغل هب تعب عليك عقب الادارة ..
اجابها بهدوء ..
– لا هب تعب ..
قالت بحنان ..
– يدتك شحالها ..
– طيبة ما عليها باس ..
دوما يبتر اطراف الحديث ،،، صمتت للحظة .. قبل ان تعود فتقول ..
– غيث ابوية .. طفت الثلاثين ما تبا تعرس ..
نظر لها غيث بسخريه و هو يكبح ضحكة فظة ..
– انا معرس عموه ..
عقدت جبينها لوهلة قبل ان تتذكر ثم يزداد الجبين انعقادا و هي تقول بشيء من الضيق ..
– بعدك تباها بنت عمك ..
رفع احد حاجبيه متسائلا بغرور ..
– هيه بعدنيه .. حد قالج غير هالرمسة ..؟
هزت راسها نفيا و هي تقول ..
– لا .. يا غير لك سنة و شي مالك عليها محد ياب طاري العرس ..
لم يرد على هذا السؤال و كانما لا يستحق ذلك .. ظل وجهه الجامد ينظر للامام .. فعادت تقول بشيء من التوتر ..
– كانك ما تباها ،، من اليوم نخطبلك شيختاا ..
نظر لها بشيء من البرود و صوته الصارم يتساءل ..
– شوه عموه .. شايفة شي ع البنية ..
هز راسها بسرعة تنفي ذلك .. و صوتها يتضاءل ..
– لا حشى .. بس ….
استرخى اكثر في مقعده و التقط كوب الماء يرتشفه ببطء كانا وجد في ارتباكها ما يسليه ..
– بس شوه ..؟!
عقدت جبينها و هي تقول بسرعة ..
– انته تعرف ان امها صمخه و ختها بعد .. يمكن عيالك ييون شراتهم ..
كاد غيث يختنق بالماء الذي يشربه .. ابناءه ..!! لم يفكر بشيء كهذا ،،، الزواج ليس من اولوياته .. و لا يهمه .. اخر ما يريده الان هو تضييع الوقت في دوامة تفاهات نسائية .. رد بقسوة و عينيه تتسلطان على زوجة ابيه المهزوزة ..
– البنت عايبتنيه و لو امها بكما عميا ما تشوف .. انا تخيرتاا لنيه اباها .. و صكي السالفة ..
انتفضت تحت وطاة كلماته و نظراته القاسية .. و وضع هو الكاس الفارغ على الطاولة بقوة .. لا يهمه ان يكذب فهو معتاد على ذلك .. و لكنه يجد فائدة من هذا الزواج ،،، على الاقل لا يزعجونه بطلبهم منه ان يتزوج كما كانوا يفعلون مسبقا .. رغم ان والده وجد وسيله يضغط بها عليه بعد ان استلم ادارة الشركة الجديدة .. و هي حثه على تحديد موعد الزواج ..يسانده في ذلك اعمامه الثلاثة .. و ابن عمه فهد .. شعر بالبرود يسري في صدره و هو يتذكر نظراته الحاقده على الغداء هذا اليوم .. قست ملامح وجهه اكثر قبل ان يرفع عينه نحو الاثنتين اللتان تنزلان الدرج بسرعة .. اغتصب ابتسامه فاترة صغيرة يستقبل بها اخته التي لم يرها منذ ما يقارب الاسبوعين ..
– مرحبا بشيختهم ..
سلمت عليه بادب و جلست بجانب امها .. قبل ان تقول بصوت خشن نوعا ما ..
– لمرحب بااقي .. شحالك ..
قال بسرعة و هو ينهض من مكانه ..
– حاليه طيب .. شعندكن .. ساعة لين تنزلين تسلمين ..
ارتبكت شيخة و هي ترد ..
– لا بس كنت اصلي .. ايلس .. ما شفناك ..
قال بهدوء ..
– مستعيل .. مرة ثانية ..
اقتربن يسلمن عليه مرة اخرى قبل ان يدير ظهره لهن متوجها للخارج ..
في اللحظة التي خرج تجاوز فيها الباب خارجا .. تنهدت امهن بشيء من الراحة ،،، وجود ابن زوجها الاكبر دوما يرهبها و يربكها .. التفتت لابنتها الصغرى تنظر اليها شزرا ..
– ما شا الله عليج .. غادية حرمة .. ما نشوفج ترتزين بالكندورة الا يوم خوج هنيه .. و الا صراويلج ما تخلينها ..
ادارت لامها جانب وجهها .. ليست في مزاج للرد عليها ..
زفرت بضيق و هي تستشعر محاضرة ما قادمة في الطريق ..
.
.
.
في اللحظة التي خرج فيها من الباب وقعت عيناها على السيارة التي دلفت للتو من البوابة الرئيسية متوجهة ببطء نحو الفيلا .. اشتد فكه بقسوة و هو يرى اخيه الاصغر منه سنا يترجل منها دون ان ينتبه اليه .. فهتف بحزم ..
– حامد ..
اجفل بقوة قبل ان يلتفت لاخيه الاكبر الذي يقف امام باب البيت كالوحش المستعد لان يفتك به .. صفق باب السيارة بسرعة ثم اتجه نحوه ليسلم بقلق ..
– مرحبا و الله .. السلام عليك بو سيف ..
لكن غيث لم يرد سلامه .. قال بصوت يقطر جليدا ..
– وين كنت اليوم ع الغدا ..؟
جال ببصره متجنبا التقاء بعينيه الحادتين ..
– كنت معزوم عند الشباب ..
صمت يمر للحظات قبل ان يهز غيث راسه بهدوء و يقول بصوت صارم ..
– لو ييت يوم الخميس مرة ثانية و لقيت الرياييل كلهم ملتمين الا انته .. ما تلوم الا نفسك ..
ثم قبض على كتفه بقوة ساحقة و هو يصر على اسنانه بغضب ..
– سمعت ..
هز حامد راسه بارتباك ..
– ان شا الله ..
تركه و هو ياخذ نفسا عميقا ..
– شوه مسوي في الشركة ..
– الدوام طيب ..
هز راسه بجمود ..
– فهد ماذنك ..؟!
هز راسه بلا ..
– ما يروم و ابويه في الشركة لي شرات ما له .. هب عبده يتامر عليه ..
نظر له غيث بقوة ..
– لا تيلس تتعنتر .. فهد يتصيد لك و بيدور اي شي عسب يستفزك ..

* * * * *

اضافت ورق الشاي على الماء و هو يغلي تراقب تقلبه ببطء و لونه يتحول تدريجيا الى الاحمر .. قبل ان تطفئ الموقد و تضع الابريق في الصحن الذي وضعت به الاكواب و توجهت نحو الباحة الامامية الصغيرة التي كانت مصبه اسمنتية قاسية فرشت عليها قطعة حصير بالية ،،، تصل هناك لتجد والدها و قد سند ظهره على الجدار و مدد قدميه للامام متكا على مخدة ثقيلة .. جلس نايف بجانبه يقرا شيئا من كتابه بصوت عال و ابوها يهز راسه مستمعا و امها جالسة بقربه و تلعب بشعر راس مزنة الملقى في حجرها .. و مقابله استرخت المها و بيدها كتاب ما لم تتبينه .. فيما تقطع عفرا الجدار الذي يحتوي الباب .. ذهابا و ايابا و هي تردد متمتمة ما تحاول حفظه .. لم تجد لدانة او نورة اثرا لابد انهما تستذكران دروسهما بالداخل ..
تعلم جيدا بان الاولى تتضايق من الازعاج اثناء استذكار دروسها .. و الثانية لا تجد بدا من ملازمة شقيقتها ..
وضعت الصحن على الارض و راحت تسكب الشاي في اكواب و توزعه .. مدت الاول لابيها و هي تحدثها ..
– عفاري ،، جاهي ..
اشارت بيدها ..
– لحظة بس ..
و تابعت سيرها و هي تدس وجهها في الكتاب بلهفة ..
التفتت للمها و مدت لها كوبا من الشاي ثم لامست ركبتها برقه لتنبهها …رفعت راسها عن الكتاب بانتباه ..
– اشكووورااه ..
وضعت حور يدها على صدرها بابتسامه .. ثم راحت ترتشف الشاي ببطء ..حرارته تلذع طرف لسانها ..
و هي تراقب وجه امها المستدير .. فكرت بان اكثر من يقاربها شبها هي المها و هند .. غريب في حين انا المها هي الوحيدة التي ورثت عاهتها .. في حين اكتفت هي و بقية البنات بلون بشرتها الابيض و مال نايف للون ابيهن ..
ابتسمت حين فكرت بان المها ايضا تملك ملامح مشتركة مع ابناء خالتها و بالاخص مايد ..!
ادارت طرف اصبعها على حافت الكوب ،، اشتاقت له كثيرا .. مر اسبوع طويل لم تره فيه .. رغم انه وقتا طويل مر و لم ترى احدهم خلاله الا انها لم تعتد منه ابدا غيابا طويلا كهذا ..!
تعلم انه منشغل بالبحث عن وظيفة ،، و انه يحاول جاهدا ايجاد عمل له بعد ان تخرج بشهادته المتواضعة تمنت له التوفيق من قلبها ،،، و فكرت بان ترسل له رسالة نصية عبر هاتفها ذاك كما اعتادت ..هبت واقفة على قدميها فسالها ابوها ..
– وين ..؟؟
ارتبكت و هي تقول له ..
– بسير اشوف البنات داخل و رادة ..
هز راسه موافقا و هو يطلب من نايف ان ينهض لكي يمشي على ساقيه المتورمتين من الوقوف ،، دوما يكون والدها اكثر هدوءا في العصر .. يشرب الشاي .. و يقوم نايف بتدليك قدميه بالمشي عليها .. لا تعلم حقا كيف يحتمل ثقل ابنه على قدميه ،،، لا بد انه يشعر بتعب شديد حد التبلد ..!
دفعت باب غرفتهن المشتركة لتجد نورة و قد انبطحت على بطنها و هي تهمس بصوت خافت و عيناها على كتابها .. فيما وقت دانة امام مراة خزانة الملابس العتيقة .. و هي تجمع شعرها بيد واحدة و ترفعه الى الاعلى و تدير راسها الى كل الجوانب متاملة .. تنظر لها حور بعجب ..
– شوه تسوين ..؟
التفتت لها دانه ..
– اتخيل شعري قصير .. شوفي كيف بيظهر شكلي ..!
هزت حور كتفيها فلم يبدو لها اي فرق واضح و هي تشد شعرها الطويل الى الاعلى ..
– عادي ما شي تغيير ..
تركته دانة و نفضت راسها ليتناثر شعرها حول وجهها ..
– لنيه ما قصيته .. بس تدرين شوه .. حلو الطويل ما اتخيل عمريه قاصة شعريه ..!!
شخرت نورة باستهزاء ..
– تتخيل بعد ،، اقول ماما .. حتى التخيلات انسيها لا يسمعج ابويه و يلعن خيرج ..
عقدت دانة جبينها ..
– تبالغين ،، هب لهالدرجة .. حور .. حلو الطويل صح ..
حور و هي تبحث تحت اكوام الاغراض المتزاحمة في خزانتها الخاصة ..
– هيه حلو ..
عادت دانة تنظر للماة ..
– تخيلي شعريه كيرلي .. اووف بيطلع رهيب ..
اخرجت حور راسها للحظة من الخزانة باستفهام ..
– شوه كيرلي ..؟!
– يعني ملتوي شرا الفير .. صح نوري ..
نورة و عيناها لا تزال تتجول على اشطر كتابها ..
– حمدي ربج ان شعرج و شعر خواتج طالع على امايا .. تخيلي وارثين كشة ابويه و نحن ما عدنا استشوار ..!! ما تخيل ،،، بتشوفين بنات المدرسة ييزن منه ليف لمطبخهم ..
ضحكت دانة بقوة ..
– واايد تبالغين .. بعدين ابوية هب لهذاك الزود شعره خشن .. بس صدق حلو ان شعورنا طالعه على امايا .. نايف مسكين يمكن يطلع على ابوية .. صح حور ..؟!
ما زالت تنثر اكوام الاغراض بلا كلل .. و ذهنها مشغول بغير ما تقول دانه ..
– هممم .. هيه ..
– اونه هيه .. انتي ما تسمعينيه .. شوه تسوين ..
تاففت حور بضيق ..
– ادور التيلفون ..
استوت نورة جالسة بلهفة ..
– بتظهرينه ..؟؟؟
وقفت حور بعيدا عن الخزانة و هي تلقي نظرة شاملة .. اين وضعته يا ترى ..!
– لا بس بطرش مسج لمايد .. بس مالقيته ..
قالت نورة بحماس ..
– بدور وياج حور ..
نظرت لها شزرا ..
– مشكورة خلج في كتبج ..
لوحت نورة بيدها بضيق ..
– هاي يزاتيه انيه ابا اساعدج ..
طرقعت باصبعها و هي تتذكر مكانه ..
– انتي ما تساعدينيه لوجه الله .. يا غير بتناشبينيه .. الا ربيعتيه .. او بنت صفي .. و مس كول بس .. تاذين الواحد ..
ضحكت دانة بهدوء و هي تعقد شعرها على قمة راسها .. و تلتقط كتابها من حقيبتها المرمية على طرف فراشها ..
– عطوووووها .. لقطي ويهج نوري .. بعدين اي مس كول .. صدق ويه فقر ،، حبيبتي رقمها خط ..
القت نورة عليها نظرة متكبرة ..
– جب زين ..
اخرجت حور راسها من الخزانة بفرحة .. و هي ترفعه بين يديها ..
– لقيته ..!
تركت دانه الغرفة و هي تلوح بيدها ..
– مبروك ..
.. فيما اعادت نورة راسها لكتابها .. جلست حور على الفراش الاقرب لها و هي تنظر اليه .. منذ مدة طويلة لم تخرجه من مكانه .. نظرت للجهاز الذي ما زال جديدا لندرة استعماله و شاشته اللامعة .. و مر ببالها صورة زوجة ابيه و هي تقدم الكيس لها بفتور في تلك الليلة .. نفضت الصورة بسرعة ،،، لم تكن تلك افضل لياليها على الاطلاق .. الحقيقة انه بعد تلك الليلة لم يتغير شيء في حياتها ابدا باستثناء امتلاكها لهذا الهاتف و طقم المجوهرات التي احتفظت به امها لها .. حياتها ما زالت تسير على نفس المنوال و هذا مريح لها جدا .. فبالنسبة لها كان الضغط كبيرا لكي توافق على الزواج .. ابتسمت ساخرة .. زواج ..!!
غريب .. هي لا تعرف هذا الزوج ابدا .. لو راته يمشي في الشارع لن تتعرفه .. هذا رائع . فبهذا نالت مرادها .. تكون متجاهله و مرمية افضل من ان تكون بعيدا عن اخوتها و ابويها .. و تجد نفسها وسط مجموعة من الاقرباء لم تصادفهم طوال حياتها و الحديث عنهم محرم عنهم بين هذه الجدران ..! من يستطيع اخبارهم عن اولئك الاقرباء المجهولين ..؟؟ امها ..؟! مستحيل هي نفسها لم تصادفهم .. ابوها ..؟! انتفضت بذعر لمجرد التفكير في سؤاله .. سيخنقها بيديه .. فموضوع اهله هذا جرح مكشوف ليست مخبولة لتذر عليه الملح و تثير جنونه .. لربما كانت امها نورة تعرف شيئا عن الموضوع ..؟؟
– شوه تسوين تخاطر عن بعد .. ليش تتاملين التيلفون ..
لم تدر حور بالا لتعليق نورة ،، و صوت طنين الهاتف يرتفع معلنا وصول رسالة جديدة ،، ابتسمت بحب هذه من احد اخوتها .. فلم تضف اية ارقام لهذا الهاتف باستثناء اربعة .. اخوتها الثلاثة و رقم امها نورة .. حتى رقمه هو لا تعرفه ،، و تكاد تكون متيقنة بانه لا يعرفه هو الاخر .. و الا لما لم يحاول الاتصال الى الان ..!
كانت الرسالة من وديمة .. قراتها على عجل قبل ان تبتسم بهدوء ،، لتختار احدى الرسائل الاخرى من الهاتف و تعيد ارسالها لها ..
تفتح صفحة جديدة الان تبتسم بشغب و هي ترص احرف العتاب على شاشة هاتفها ..
لحظات ،، تضيف اسمه ..
ارسال الان ..
.
.
و فتح الباب على اتساعه لتنتفض بذعر هي و نورة .. عقدت جبينها بعصبية و هي تنهرها بحدة ..
– ما عندج اسلوب .. خشعتي الباب ..
هزت دانة راسها ..
– سوري سيس .. ويايه ضيوف ..
و تنحت جانبا .. سامحه لها بالدخول ،، سدت بجسدها النحيل الباب ترتدي – الكندورة – و الحجاب الابيض العريض الذي غطى و جهها و نصف جسدها .. تزيله بهدوء و هي تقول بمرح ،،
– السلام عليكم ..
اعتدلت نورة بسرعة جالسة .. و هبت حور واقفة بترحيب ..
– مرحبا فطوم .. و عليكم السلام و الرحمه ..
وضعت الكيس الذي تحمله بيدها على السرير الاقرب و سلمت على حور و نورة ..
– لمرحب بااقي حواري .. شحالج ..
– ترتوب ،، و انتي ..
– زي البومب .. نورة شحالج ..
نورة تغلق الكتاب بهدوء و تضعه جانبا ..
– بخير الله يعافيج .. شحالج انتي ..
– الحمد الله ،،،
اجالت بصرها في الغرفة التي لم تكن مرتبة جدا .. فراش احداهن ما زال غطاءه مرميا و كتب مزنة على فراشها مبعثرة ، خزانة حور التي نهضت لتغلقها مفتوحة على مصراعيها و الفوضى فيها تعلن تلقيها هجوما منذ لحظات .. ابتسمت بهدوء ..
– ياخي احب ايلس في حجرتكن فيه جو حلوو ..
ضحكت نورة ..
– تطنزين ،، تراها مرتبة الحين .. حمدي ربج ما قد شفتيها الصبح يوم نسير المدرسة كيف تكون ..
ضحكت فاطمة .. و حور تغلق الهاتف و تدسه في الخزانة ..
– لا الحمد الله عيل .. الله رحمنيه ،، حورووه مسودة الويه ،، ليكون ترمسين عنتر من ورانا ..
قلبت حور شفتيها باشمئزاز ..
– اخيييه .. ما يقى الا هو ..
ضحكت فاطمة بقوة ..
– اونه اخييه .. شفتيه انتي اصلا .. سالم خوية يقول انه غاوي ..
بدا الاستياء واضحا على وجه نورة و دانة و هن يتبادلن النظر عند ذكرها لاسمه .. في حين جلست حور بجانب فاطمة التي استقرت بجانب نورة ..
– احيانا اشك فيه اخوج هذا احسه هب طبيعي .. دندون .. سيري زقري عفاري و المها ..
دانة تجلس قربهن و شيء من البرود يضطرم في صدرها بعد ذكر فاطمة لاخيها ..
– عفاري تسوي جاهي و بتييبه الحين .. و المها تمسد ابوية ..
التفتت فاطمة نحو حور بعتب ..
– سبالوه ليش ما قلتيليه ان ابوج هنيه .. و الله قفطت .. اخيل منه ..
قالت حور بلا مبالاة ..
– جب زين .. تدرين به ابوية ما يظهر مكان العصر .. و بعدين شيبه كبر ابوج .. لا تستحين و لا عندج خبر ..
دفعت عفرا الباب بقدمها و هي تتقدم بصحن يحوي ابريق شاي و اكواب و صحن من البسكويت ..
افسحن مجالا لها بينهن و هن يتزاحمن في هذه الفرجة الضيقة ،، و نورة تقول بدهشة …
– بسكوت من وين يبتيه ..
اشارت عفرا براسها لفاطمة ..
– فطوم يابته ..
نظرت نورة لفاطمة ..
– تعالي كل يوم ..
قرصتها فاطمة ..
– غصبن عنج .. – ثم نظرت لعفرا – عفاري سيري جربي الفستان قبل لا نتقهوى ابا اشوفه عليج ..
هزت عفرا راسها و التقطت الكيس المرمي على فراش دانة و توجهت الى الحمام ..
قالت فاطمة بحبور ..
– باركن ليه ..
نورة بلهفة و هي تقضم بسكوته ..
– ع شوه .. انخطبتي .. و انا اقول البنية توزع بسكوت .. ما حيدج كريمة ..
– اذا انخطبت بييج .. بتبرا منكن .. لا سجلت في التوطين و عقب خمس شهور .. اممم يعني بداية تسعة ببدا دراسة وياهم ..
بدت الحيرة على وجوه البنات مع دخول المها للغرفة .. ابتسمت لها فاطمة .. فردت تلك الابتسامة بحلاوة و هي تجلس بجانب حور .. فيما تابعت فاطمة بحماس ..
– هذا برنامج مسونه الشيخ خليفه عسب يوطن الوظايف .. و المواطنين لي ما عندهم غير الثنوية .. يعني شرات حالتيه انا و الاخت حور .. يسويلهم دورة في وحدة من الجامعات لمدة ست شهور او اكثر يتعلمون فيها انجليزي و كمبيوتر .. و يعطيهم معاش ع الدراسة .. خلاف يحصلون شهادة و وظيفة زاهبة ترقبهم .. شرايكن ..؟!
اتسعت اعينهن بلهفة ..و قالت حور بقوة ..
– الله يطول عمره ابونا خليفه .. هب مقصر و الله ..روعة الصراحة منها تتكسبين و تشغلين وقتج ..
نظرت لها فاطمة بطرف عينها ..
– انزين يوم عايبتنج تعالي ويايه ..
رفعت حور حاجبيها .. بدا سبب هذا الخبر يتبين لها .. و كانما عرفت فاطمة بان حور استشفت نواياها توسلتها ..
– دخيلج حور .. تخيلي انا و انتي ندرس رباعة .. و بعدين انتي بتحصلين فايدة بدل اليلسة في البيت .. لج اربع سنين من خلصتي الثنوية و انتي مرتزة هنيه .. لا شغله و لا مشغله .. سجلي ويايه ..
هز حور راسها على الفور رفضا ..
– لا فطوم ابدا ابدا .. ماروم ..
مطت فاطمة شفتيها .. و الاحباط باد على وجهها ..
– ليش ..!
انعقدت حواجبها بعدم رضا على الفكرة ..
– وين اسير ادرس يختي .. امنوه بيتم في البيت ..؟!
هز فاطمة كتفيها ..
– امج و المها ..!
نورة و دانة يستمعن بهدوء للنقاش فيما تراقب المها بصمت دون ان تستشف ما يجري ..
– تبينيه اخليهن بروحهن في البيت ..!! مستحيل حبيبتي .. تخيلي استوا شي عليهن ..! كيف بيتصرفن ..
تدخلت نورة بهدوء ..
– شوه بيستوي عليهن مثلا ..؟! و يعدين انتي طول عمرج تدرسين في المدرسة ما لج الا اربع سنين من يلستي في البيت ..
نظرت لها حور بهدوء ..
– الحين تعودن يعتمدن عليه اخت نورة .. لا ماليه بارض .. انا ما ودرت الجامعة عسب القى لي يلهيني غيرها ..
تاففت فاطمة تظربها على كتفها باحباط ..
– افف منج .. احبطتينيه .. ع العموم قدامج خمس شهور تقررين فيها ..
شخرت حور ساخرة ..
– ع العموم ما ظنتيه ابوية بيوافق .. بيصكنيه طراق يلصقنيه في اليدار يوم اقوله بسير اشتغل مادري ادرس بمعاش ..
صمتن جميعا حين دفعت عفرا الباب و دلفت و هي ترتدي الفستان .. ثم سرعان ما ارتفعت صرخات التشجيع مع اتساع ابتسامتها و هي تدور حول نفسها مستعرضة ،،
نظرت لها حور بفرحة صادقة ،، كان الفستان قديما و قد ولت صرعته من زمن .. رغم ذلك بدا ان فاطمة قد حافظت عليه جيدا .. بدا رائعا و هو ينسدل بنعومة على طول عفرا ..
كانت سعيدة لحصولها على الفستان .. فلطالما اعربت عفرا عن خوفها من اقتراب حفلة التخرج و هي لم تحصل على رداء لهذه المناسبة بعد ،،
للحظات مر خاطر احمق داخلها و هي تراقب سعادة عفرا الواضحة على محياها و ترى ان الفستان ملائما لها .. فكرت بانهم قانعين و راضين باقل القليل .. لم تعترض عفرا و لم تشتك من الفستان الذي ارثته السنون و مضى عهده حتى بدا انه سيكون رثا في عيون الاخريات ..!
لا يهم ،، كل ما تبالي به هي الفرحة بالفستان ..
كانت نورة قد بدات تغني بصوت فظ احدى الاغنيات و هي متحمسة .. تشاركها فاطمة ..فيما هبت دانة من مكانها تلتقط يد عفرا و تراقصها .. فضحكت بقوة و هي تنظر للمها التي لم تفارق الابتسامة شفتيها ،،

 

اخلت الصحن البلاستيكي من الاكواب لتقلبه و تبدا الدق عليه بديلا عن الطبل ،، و نورة ترفع الصوت مرة بازعاج و تخفضه فجاة ،، كان الصوت نشازا بشدة و فاطمة تشاركها بغناءها الحاد .. و لكنهن لم يبالن .. عفرا و دانة يرقصن باتقان على تلك الاغنية .. و دانة تقوم بحركات مضحكة دفعت المها للانفجار ضاحكة و هي تضع يدها على فمها .. لم تلمها حور و هي تشاركها الضحك ،، فالمنظر مثير للسخريه و هي تسمع نشوز هذه الاغنيه .. فما بالها بالمها التي ترى تمايل شقيقاتها المجنون على انغام لا تلامس مسمعها ..
.
.
و فجاة انفتح الباب بقوة ..
توقفن عفرا و دانة عن الرقص و يد احداهن شاهقة في الهواء .. حور ضمت الصحن لصدرها بذعر .. فيما اندست نورة خلف فاطمة التي بدت تهتز ضحكا من اشكالهن و مراهن على هذا الحال ،،
اطل براسه من الباب و هو يقول بصوت تعمد ان يخشنه نظرا لوجود ابنة جيرانهم هنا ..
– يقول ابوية ان ما انطبيتن ،، يا ويلكن .. اصواتكن واصلة الشارع ..
تنهدت حور براحة حقيقية و هي تعيد الصحن الى الارض و الاكواب عليه ،، فيما شتمت نورة بعنف و دانة تصيح ..
– عنلاتك يا الهرم .. روعتنا .. تحريناك ابويه ..
القت عفرا نفسها على الفراش الادنى ..و هي تضع يدها على قلبها ..
– قلبي طبول .. يمييه شوه هالرعب ..
خرج نايف من الغرفة و فاطمة تتسع عيناها ..
– خيييييييبة مسويلكن رعب ابوكن ..
هزت حور راسها نفيا ..
– لا رعب و لا شي .. بس تخيلي اشكالنا و هو حادر في هالعفسة و بناته المخبل غاديات طققات ..
اجالت بصرها في حالة الغرفة الفوضوية و هي تقول بتفكير ..
– شرايكن نرتب شوي .. و عفرا تسير تبدل الفستان ..؟؟

* * * * *

كانت الارض لا زالت ساخنة تنفث انفاسها بخارا رطبا من الارض بعد لهيب شمس اليوم ..
و الان و قد شرعت بالرحيل .. مولية ظهرها لاحداث النهار .. اصبحت نسائم جافة خفيفة .. تسري بهدوء على الارض ..
تتيه في المساحات الشاسعة بين هذه الاسوار العالية البعيدة ..
تتخبط بينها ،،، فلا تجد مفرا من الدوران هنا ،، لا سبيل لحريتها ..
تجلس هي بهدوء تام .. السجادة العجمية الثمينة مفروشة على الارض لتستقر عليها ..
و متكا وضع لها لتسند جسدها الغض عليه ،،، مراها بهذا الحجم و قد تضاءلت كثيرا بفعل كبر السن لا يوحي باولئك الرجال الذين انجبتهم ..
و اصبح لهم من الولد ما فاقهم طولا ..
هذه المراة .. الوحيدة هنا .. الا من خادمة تقف خلفها مستعدة لتلقي اي امر منها ..
و اوعية القهوة الجاهزة المصفوفة امامها ..
تجلس .. جسدا في هذه البقعة المكشوفة ..
و روحها تبعد اميالا عن هذه الارض .. تسري بهدوء بعيدا عن هذه الجدران العالية ..
الباردة ..
بعيدا عن وسع هذا المكان و خلوه .. بعيدا عن صور تخفيها في نفسها ..
تصارع شوقا ينخر قلبها الكبير ،،، المسن ..
قلبها المتلوع بخفيه ..
لايام فقط ،، ايام ضبابية ..
مرت كغيمة محملة بقطرات ستتهاوى لتروي ذاك الجفاف الذي استبد بجزء قصي من روحها ..
لتلك اللحظات فقط .. اعتقدت انها قريبة من ذاك الحنين ..
من ذاك الحلم ..
اعتقدت انها قاب خطوة او ادنى ..
مدت راحتيها بلهفة .. راجية .. ان تسقط الغيمة تلك القطرات ..
ان تجود بما تحمل ..
تروي ظما تلك السنين ،،،
و لكن الغيمة لم تفعل ..!!
اعلنت الرحيل مع امتداد الايام بلا جديد ،،
مع رحيلها يوما بعد يوم .. و الحلم يصبح ابعد مما كان قبلا ..
و على ضفاف خيبة وقفت هي تشهدها ..
تلك الغيمة ..
راحلة .. تحمل القطرات .. و الشوق القديم ..
و لقاء بدا غافيا تحت اكوام التشتت ،،
لا يوقظه من سباته سوى عمر يمضي ..
مع تلك الغيمة .. الى حيث تقبع اراضي الرحيل ..!
.
.
و على هذا الالم الذي اجترته من خافق لم يعد ينبض بغير امل واه ..
ارخت اسدال جفونها المجعدة .. المتعبة ..
معلنة رحيل تلك الدمعة ..
تعانق وجنتها الغائرة بمواساة ،،، تذوي بجفاف تلك العبرة البائسة ..
و هي تمسحها بسرعة ..
لن يراها ابدا ذاك الذي تردد الجدران الضخمة صدى صوته و هو قادم اليها ،،
قادم الى هنا ..
ينبئها قلبها المحب بذلك ،،
و بسرعة انهمار احزانها الغابرة تلك ،، اشرق وجهها الضئيل بابتسامة حلوة ،،
و هي تراه متجها نحوها يتحدث في الهاتف بتسلط ..
هذه النبرة .. و هذه النظرة ..
القوة ،،،
و حتى هذه الهامة العريضة ..
خطواته الواثقة .. و هو يمشي مقبلا الى حيث تجلس ،،
ترى فيها انعكاس شباب رجل كانت تعرفه ..
رجل كان رفيق تلك الطرقات التي سلكتها في العمر السالف ..
يقف امامها الان و هو يغلق هاتفه بقوة ..
صوته الرجولي الخشن تترنم بصداه جدرانها ..
– السلام عليكم ..
شيء في قلبها يتضخم ،،ينشي روحها .. ينفض عنها الاحزان ..
تحبه ،، ابنها ام حفيدها ..
هذا الذي احتضنت في بين ثنايا فؤادها ،، صورا عزيزة ستحملها بداخلها ما بقيت حيه ..
صوتها يهتز بحبور ،،
– و عليكم السلام و رحمة الله ،، مرحبا فديتك ..
لحظات و عيناه الحادتين تمعنان النظر .. تجرد قناع الهدوء ،، لتكشف ما يخفي ..
يجلس بجانبها فيما تمسك هي – الدلة – لتصب له فنجانا من القهوة ..
– ياي من الشركة ..؟!
التقط الفنجان ،،، يتمتع بمراقبتها و هب تتوهه عما الم بها في وحدتها ..
– لا ياي من بيت ابوية .. سرت اشوف البنات و اسلم عليهن .. لي اسبوعين او اكثر ما شفتهن ..
– شحالهن ..؟
هز كتفيه و هو يرتشف الفنجان دفعة واحد ،، و يمده لها ..
– بخير ما عليهن باس .. ابوي سيف وينه ..؟
تعيد ملاه..
قطرات القهوة الساخنة تتدفق من فوهة – الدلة – ،،،
– عنده شغل في المكتب .. بيخلصه و بيي ..
ابتسم لها بحنان ..
– افااا و مودرنج اروحج هنيه ..
لم تجبه .. بل نظرت اليه بابتسامة صغيرة .. احتضنت عينه نظراتها تلك .. ليضع فنجانه ارضا .. و يقترب منها بصمت ..
يلتقط يدها الضئيلة في راحة يده الكبيرة ،، ليطبع قبلة حانية عليها ..
شيء في وجهها و هي تنظر اليه بامل ،، شعر بانه اهملها كثيرا في الفترة الاخيرة ..
فالشركة الجديدة اصبحت تلتهم وقته مؤخرا ،، و لكنه بذل الكثير ليصل هذا المركز ..
الكثير ..
رفع راسه يتامل وجهها المتاثر و دمعة هزيلة ترتعش على اطراف المقلة .. فتاوه و هو يعتصر يدها ..
– الحين بلاج يا اميه .. ؟؟
مسحت دمعتها بسرعة و هي تقول بابتسامة مرتجفة ..
– ماشي ،، بس حسيتنيه من زمان ما شفتك ..
هز راسه بهدوء ..
– ادري انيه مقصر يا الغالية بس الشغل اكل و شارب ويانا ..
هزت راسها بتفهم .. و ابتلعت غصتها .. نظرت له بتردد ..
كانت تريد ان تساله شيئا .. لكن ،،،
لم ترد له ان يعتقد بانها تضغط عليه .. لم ترده ان يعلم بانها تريد ذاك ..
همست بخفوت .. و كانما تخشى من ذاك الذي تفصلها عه الجدران ان يسمعها ..
– غيث ..
شد على كفها مجددا ،،
– عونج ..
– عانك الرحمن .. ااا ما .. ما رمست حد قريب ..؟
عقد جبينه بعدم فهم ..
– حد مثل منوه يا اميه ..؟
قالت بخجل و شعور بالذنب يتعاظم داخلها و هي تتخيل زوجها يستمع لاسئلتها ..
– ما رمست حرمتك ..؟
للحظات لم يفهم شيئا ..!! ثم فجاة لمع الادراك في عينيه .. شعر بشفقة هائلة و حزن غريب على حال هذه العجوز يتدفق في عروقها ..
احمق .. احمق ..!
كان عليه ان يدرك بانها مشتاقة له .. تريد ادنى خبر ،، اي كلمة ..
تتلهف فقط لسماع اسمه ..
خلع – الغترة – لييريح راسه الثقيل على ركبتها .. ماذا يقول ..؟!
انه حتى اليوم لم يرى من يشار بانها زوجته ..؟! انه لو صادفها هنا لن يعرفها ..
انها لا تعني لها شيئا البتة .. و انها لا تشغل من حيز التفكير في دماغه المعقد شعره ..؟!
ايبوح لها بذاك السر ،، و ان امنيتها استغلت من قبله بطريقة بشعة ..!!
ام يواصل الكذب كما يفعل دوما حين يتظاهر بما هو عليه ..؟!
ايحطم هذه العجوز .. ايكسر جسور الامل البعيدة التي تبنيها يوما عن يوم ..؟!
ايحرق بقايا سفن لا تزال تطفو باستماتة على شفير الياس ..
رفع راسه ليلتقي بعينيها و هي تنظر له بترقب .. تضم شفتيها بقوة ..
متوترة ..!!
قال بهدوء ..
– بلى قريب رمستاا .. تسلم عليج ..!
انفرجت شفتيها عن ابتسامة حلوة ،، و هي تقول بصوت متهدج ..
– الله يسلمها ..
لم يعطها الكثير لهذه الفرحة غير المتوقعة ..!
كذبة صغيرة فقط .. ليشع وجهها سعادة ..
شعر بالذنب يكتنف روحه .. ماذا ؟؟ ايستمتع بايهامها ..! ام انه يفضل ازهاق حلم صامت يرى انعكاسه على محياها ..؟
سرعان ما شتم نفسه بقوة في سره و هو يسمعها تهمس له ..
– غيث ،، ما بتييبها اشوفها ..؟!هاتها هنيه .. اعزمها .. ابا اشوفها ..! ابوك سيف ما بيقول شي لو انته لي يبتها ..
اي مازق وضع نفسه فيه ..؟!
– ما بطيع يا اميه ..
عقدت جبينها بشدة ..!
– ليش ..؟!
شرح لها يحاول التملص دون تحطيمها ..
– وين تيي الله يهديج .. البنت تخيل .. و بعدين انا بعدنيه ما خذتاا .. عسب اتحوط بها و ارتغد وياها ..
قالت بهدوء ..
– الحين هي حرمتك ع سنة الله و رسوله .. و مالك عليها .. – سحبت نفسا عميقا و هي تخنق دمعتها المتخاذلة – بس لو ما تبانيه اشوفها .. ما عليه .. ما يحتاي ..
ثم رفعت راسها تمنع دمعتها و هي تضم طرف – الشيلة – لمقلتها ..
في تلك اللحظة شعر بانه وغد .. باي حق يدفع امه للحزن .. باي حق يضيق الخناق على صدرها الوسيع الذي لطالما احتضن همومه ..؟
استوا جالسا و هو يحرك يده في شعره الكث القصير ..
– افاا و الله .. كنها ام علي زعلت ..؟! خلاص يا الغالية لا تكدرين خاطرج .. و لا تضيقين صدرج .. عطينيه يومين بس و انا برتب لج الموضوع ..
لم ترد عليه .. فقط ازداد تدفق دموعها .. فاقترب يقبل جبينها ..
– بس فديتج .. و الله ان دموعج تذبحنيه .. امسحينهن لا يشوفهن ابوية سيف ..

 

مسحت بقوة و هي تقول بصوت خافت ..
– الله يحفظك .. الله يخليك ..
ابتسم لها بهدوء ..
– اهم شي رضاج يا الغالية ..
انزلقت دمعتها مرة اخرى ..
– راضية .. راضية الله يرضا عليك يا حبيبي ..
.
.
عاد يستلقي مجددا و يريح راسه في حجرها كما اعتاد منذ صغره ..
لاحقا ..
حين يختلي بنفسه ..
سيجد الوقت ليفكر بهذه المعضلة الذي القى بنفسه فيها ..!
في اللحظة التي دلف فيها ذاك المقهى المكتظ تعمد ان يصفق الباب بقوة و كانما يريد ان ينبه الموجودين لوصوله ،، التفتت بعض الرؤوس اليه .. فيما نظر هو لابن عمه و واضح بانه يكبح ابتسامة و عينيه تلمع بفرحة طفولية ،، تقدم الاثنان من طاولة خالية في صدر المكان .. كانت هذه خاصة بهما .. دوما محجوزة لهم .. يمر من بين الطاولات المتفرقة و الرجال يصيحون له و يلوحون من هنا و هناك ،، يبتسم و هو يرفع يده محييا ،، رؤيته لهذه التراحيب تنشي روحه .. و هذه العيون الحاقدة .. و الوجوه التي تدعي اللامبالاة بخسارة الامس كانت تسليه .. توقف ابن عمه عند احدى الطاولات يتحدث مع جالسيها و يتبادلون التهاني فيما تابع هو السير حتى بلغ طاولتهم الخاصة ليستقر عليها بهدوء ..
يسترخي و يجيل بصره في المكان بمتعه شديدة ،، يعشق نظرات الاعجاب هذه .. هذه الوجوه المتطلعة اليه كبطل لهم .. و هذه الوجوه الكالحة .. اضنتها الهزيمة ، و الحقد ..
توقف النادل عند راسه ليشير له بجلب بعض القهوة لهما ..
استقر ابن عمه على الطاولة امامه و هو يقلب هاتفه المحول .. و يتذمر قائلا ..
– شيييييت .. عنلاتك يا الهرم ما تقوليه ان عندكم عزيمة الليلة ..
هز كتفيه بعدم اهتمام ..
– ياخي ما كنت ادري .. ابوية توه مخبرنيه قبل لا امرك ..
قال الاول باحباط ..
– غيث خوية يتصل .. – و خشن صوته و هو يقول بغلظة قاسية – مابا اوصل الا و انته هناك .. – ثم تنهد ببؤس – ماداني العزايم لي يسوونها عسب اشغالهم .. امنوها عازمين ..؟
ابتسم و هو يستمع له و هو يقلد اخيه الاكبر . الحقيقة انه معجب جدا بذاك الرجل .. تمنى من قلبه لو انه كان اخوه هو ..سنده و قوة شخصيته ،،، و تميزه عن بقية ابناء العائلة ..
تلك القسوة ..
و ذاك الغرور ،،،
ابتلع الفكرة الحمقاء و هو يفكر بان شقيقه الاكبر يشكل حصارا خانقا دون الحاجة للتعذيب الذي يمارسه غيث على اخوته لالزامهم ..
– واحد من معارف يدي.. شغلة مصالح ياخي .. بعدين لاحقين عدنا ساعتين نيلس فيها ،، ما قلتليه .. شوه السيارة لي لقيتها …
الان تتالق عيناه بحماس مجنون و هو يقول ..
– ما بتصدق ..! فتك 4.8 وسط .. و الموتر عليه .. Y2K TORBO .. MOTEC M 800 ..
ثم وضع راحتي يده على الطاولة و هو يرفع حاجبه بهدوء مستفز و حماسه قد انتقل لابن عمه الي انحنى للامام باهتمام شديد ..
– المكينه فول استروكر .. ومن قوة النيسان يكسر القير .. ويخلي القراري مال القير مثل السلكس ..بوسته 2.4 بار… !!
الان تتسع ابتسامته بجشع ..
– لا و يقولك يابوله SLR مكلرين وعليه غاز وماقدر يطوف النيسان .. و يتسابق ويا R1 .. صاروخ يا هزاع هب موتر.. و الله لا يكسرهم في السباق ..!
الان يسترخي هزاع في مقعده ..
– و البدي يا بو شهاب ..؟!
هز احمد راسه بثقة ..
– بديه وكاله .. لا مخفف و لا شي ..! الا بيبان الدبة من ورا .. شرايك ..؟!
قال هزاع بغرور ..
– ما بيطر الكاسر ..
شخر احمد بسخريه ..
– مينون انته ..؟! الكاسر ما رامتله مواتر تيم [ مطراش * ].. بس صدق اخذه ..
عقد هزاع جبينه و هو يهمس ..
– وين بتحطه ..؟! في البيت ..؟
اتسعت عينا احمد برعب ..
– صاحي انت ..!! لو يشوفه غيث قلصنيه به و شخطبيه ويلات في سباق الخرابيط ع قولته .. انته تدري انه محد يدري اننا نشارك في السباقات .. تدري افكر احطه في كراجات المزرعة ..؟ شرايك ..؟
حك هزاع لحيته بتفكير ..
– محد بيدريبه ..، الحين وينه الموتر ..؟
لوح بيده ببساطة ..
– عطيته واحد من الشباب يركب شعار التيم ،، [ Kings *].. و بعطيه شيك باكر الظهر يوم بستلم الموتر و تتحول الملكية ..
هز هزاع راسه برضا ..
– ما تضيع وقت ..!
ابتسم احمد بكبر ..
– ولد عمك اعيبك ..
رفع هزاع راسه بشيء من الغرور ..
– هيه تراك طالع عليه ،، – اشار باصبعه السبابة لصدره بفخر و هو يردد كلام المقال الذي قراه في الشبكة العنكبوتية بالامس – هزاع بن سعيد شاب لم يتجاوز الثانية و العشرين من عمره .. يحتل المركز الاول للمرة الثالثة على التوالي لمصلحة فريق [ Kings ]..- ثم اتسعت ابتسامته فبدا طفلا كبيرا فخورا بما يفعل – انا اشهد ان كينجس عينوا خير يوم دخلونيه انا و انته فريقهم ..
اشار احمد له بعينه ..
– خلاص لم ثمك .. مصبح شوماخر ياي قدنا ..
ابتسم هزاع بغرور فائق ،،، و هو يغمز لاحمد منتظرا ان يصل مصبح لطاولتهم .. الصوت الاجش ياتيه من فوق راسه ..
– مرحبا شباب ..
تبادلان النظرات .. قبل ان يردا معا ..
– هلا و الله ،،
مال يستند بيديه على حافة الطاولة و ابتسامة صفراء تتربع وجهه ..
– شحالكم ..؟
احمد يرد و هزاع يرتشف القهوة ببرود ..
– بخير .. اعلوم ..؟
هز كتفيه ..
– ابد .. مبروك يا بو سلطان اللقب .. فرحنا لك ..
ارتفعت شفت هزاع العليا بتكبر ..
– الله يبارك فيك .. هه .. صدق و الله ،،، ماحيد [ لا تهاب *] يحبونيه عسب يفرحون ليه ..
نظر له مصبح بقوة ..
– و امنوه قال انا فرحانين لسواد عينك ،، فرحانين لن ما يهزك تكنسل .. الوعد بينا السباق الياي ..
ابتسم هزاع بهدوء ..
– ان احيانا ربك لين يومها .. يصير خير ..
كان التحدي يحتد في عيني مصبح .. و هو يواجهه ..
– بنشوف ..
و استدار دون كلمة اخرى تاركا المكان متوجها لطاولته مرة اخرى ..
قبل ان يقول احمد بهدوء غريب و هو يرفع فنجان القهوة ..
– ما حب هالمصبح .. و لا ارتاح له .. احسه نذل ..
.
.
لم يجبه هزاع بعد تلك الكلمات ،،، و كانما استطاع انتشالها من خاطره ..
ظل ساهما و ذكرى معايرته مصبح بعد خسارته الاخيرة تدور في ذهنه ..
لم يكن وده هذا مريحا ..
اطلاقا ..!

* * * * *
يده تعتصر شاشة الهاتف بهدوء و هو يراقب الكلمات التي ارتسمت على شاشته ،،، ابتسامة تتداعى امام شعوره بالذنب ..
رسالتها المعاتبة اتت و كانما شعرت بما ينوي عليه ..
تنهد بعمق قبل ان يزيح هاتفه جانبا .. التقط اوراقه الذي كان يفحصها للتو قبل ان يقاطعه صوت الرسالة ..
عاد يرجعها للمرة المليون .. و كانما يخشى ان يتغير شيء فيها لمجرد وضعها قليلا جانبا ..
الان يصفها بترتيب .. يضعها فوق بعضها البعض .. قبل ان يمسك الدباسة ليطبق فكيها الحديديين مطبقا على الاوراق ..
ليدسها في المظروف البني الذي عزم على تقديمه غدا للوظيفة ..!
اغمض عينيه و هو يضغط بيده عليها بتعب ،،
يختبئ للحظات خلف جفنيه عن هذا العالم الذي لا يسعى سوى لاستنزاف صبرهم ..!
منذ ما يقارب السنة و هو يركض يمنة و يسره باحثا عن عمل ما ..!
مر من حياته سنة ،، و هو ينبش الدوائر .. الشركات .. حتى الممتلكات الخاصة ..
لم يترك مكانا لم يقصده .. و لكنه لم يجد ،،، لم يوفق باقل من القليل فيما يبحث ،،
و ها هي سنة من عمره قد ولت بلا فائدة ..! ،، ايمها و جهودها راحت هباء ..
لكنه لم يشتكي ،،، لكل انسان نصيبه في الحياة .. و ليس عليه سوى ان يسعى له ..
حتى اسبوع مضى .. امن بانه سيقضي السنوات القادمة احدى الدوائر ان تتخلى عن الخبرات الاجنبية لتجد له مكانا ..
لكن ذاك الصديق فتح في وجهه بابا اخر لفرج قريب ..
تثاءب بارهاق و هو يفكر .. هه .. فرج قريب ..!!!
لا يعتقد بان حور سترى الامر بهذه الصورة .. متاكد بان زوج خالته لن يعارض .. هذه حياته و هو حر فيما يفعل ..
و واثق بانه مدرك لياسه في البحث عن عمل .. و لن يمانع في ما ينوي عليه ..
و لكنه يعرفها .. قد تظن بانه يستغلهم ليحقق مصالحه ..
او ستراه خائنا ،،، سيخيب ظنها لعملها لدى من يعلم جيدا ما تخفي في نفسها لهم ..
زفر بضيق مفكرا بانه سيقدم اوراقه غدا على كل حال ..
اذا قبل في العمل عندها سيجد طريقة يخبرها بها عن الموضوع .. و ستتفهمه ان كانت حقا تراعي ظروفه ..
اما ان قوبل بالرفض ،،، و هذا ما يستبعده .. يمكنه ان ينسى الموضوع تماما و ان لا ياتي على ذكره ..
سيتحمل خيبة امله تلك بصمت .. و يطويها في الخفاء مع ما سبقها ..
* * * * *

يجلس في صدر المجلس على يمينه جده الذي جاور ضيفهم .. و عن يساره جلس ابيه .. و قد تفرق المدعوين على وسع المجلس الضخم ،،،
بداية الامر كانت الاحاديث تجتذبه لما تطرقت من اعمال تهمه .. اما الان و قد انقلبت لحديث سياسي لا يعنيه فقد بدا الملل يتسرب لنفسه ..
لا يتخيل انه يضيع وقته في مثل هذه الجلسات الفارغة في حين تنتظره اكوام الاعمال تلك ..!
و لكنه مضطر للمجاملة .. يدرك جيدا انه سيحتاج لمعونة هذا الرجل عاجلا ام اجلا ..
فضل الان ان يحول مجرى الحديث لما تهوى نفسه .. فقال بصوت واثق ادار بعض الرؤوس نحوه ..
– الا ما قلتليه يا بو سلطان .. متى بتنزل مناقصة البيوت السكنية لي بتحطها البلدية ..؟!
انحبست الانفاس و راى بطرف عينه وجه ابيه الشاحب ،، كان سؤالا جريئا و مباشرا ..
الامتعاض لمع في عيني عمه و لكن الهدوء كان يلوح على وجه جده الذي استرخى اكثر في جلسته ..
واثق الان انه سيقود الحديث .. اما بو سلطان فقد ابتسم باعجاب و هو يقول ..
– و الله يا بو سيف قريب ان شا الله .. ع شهر ستة بتكون المناقصة مطروحة ..
الان كان الذهول هو ما تبدا في الوجوه المحيطة ،،، الحقيقة انهم لم يتوقعوا من ضيفهم ان يجيب غيث ..
ابتسم غيث بشيء من الانتصار و النشوة و هو يقول ،،،
– لا قريب و الله .. زين .. زين ..
يمعن الجد النظر في وجهه و هو يبتسم بحكمة ،، نظرة التصميم هذه يعرفها جيدا ..
حتما ستكون المناقصة من نصيبهم ..
شي واحد افسد صفو تفكيره و هو ينظر لوجه غيث الوسيم اللامبالي ..
حديثه الغير مهتم عن زوجته المهملة لم يرح اطلاقا .. شعر بان خططه قد تولي ادبارها مع الرياح دون فائدة ترجى ..
و لكن في داخله كان مصمما على ان لا يحدث ذلك .. سيعرف كيف يجعل غيث يستمر قدما ..
لا زال وعد بينهما لم ينجز ،،، متاكد بان حفيده الذي صنع منه هذا الرجل لن يخلفه ..
هذا ليس من شيمه .. ابدا ..!
.
.
.
على مقربة منه صر هو على اسنانه بغيظ ،،، دوما محط الانظار .. دوما ذاك الغرور ،،، دوما ينال ما يريد ..
كان يتامل وجهه القاسي بحقد و هو يرى لمعة المكر في عينيه ،،
يعلم جيدا الى ما يسعى بتقربه من بو سلطان .. و لكنه لن يسمح له بذلك .. سيعرف كيف يوجه له ضربة قاسية تصيبه في مقتل ..
كل ا يحتاج اليه وسيلة ملتوية ..
واحدة تشبه تلك التي احترفها ذاك المنافق ليجني ما تحت يده الان ..
يعلم جيدا انه لا يتوانى عن فعل اي شيء للحصول على ما يريد ..
و يدرك انه على استعداد تام ،، للدوس عليهم جميعا من اجل مصلحته ..
لا مكان للعواطف امام الاعمال في نظره ،،، لذلك هو يكرهه .. يكره نجاحه .. غروره ..
و انبهار كبار العائلة به ..
يكره هالة القوة التي تلفه اينما كان ،،، و يكره تلك النظرة المستصغرة التي لطالما وجهها اليه ،،
قريبا جدا سيثبت له ان فارق العمر بينهما لا يعني شيئا ..
سيعلمه كيف يرفع انفه في وجوه من حوله ..
.
.
.
ابتسم باعجاب و ذهول و هو يقول بحماس ..
– و الله ما فينا الا غيث .. بالله عليك طالع كيف يرمس .. تقول شيخهم .. الثقة تسوي العجايب ..
ابتسم ابن عمه بفخر ..
– شوه تبا .. طالع ع خوه ..
نظر له هزاع شزرا ..
– اقول .. ارحمنا بس .. قال اخوه .. انته لو توقف عنده بيقولون مطيرزي ..
عقد احمد جبينه في ضيق ..
– محد غيرك يا الهرم .. انا مطيرزي .. اقول تعرف من المطيرزي ..
ابتسم بخبث و هو يشير بعينه للامام ..
– حارب خوك .. و الله انه نكته .. شكله تعب من صب القهوة ..
قال هزاع بقوة ..
– خله يتعلم ع ميالس الرياييل .. كلنا يوم كنا فعمره نصف طابور كل واحد يستلم دلة ..
ضحك احمد ..
– هذا اخر نفر فينا .. بيبطي يصب الين ما يشرفون احفاد الشيبان .. طالع سيف مع منوه يالس .. اقول ياخي ما فتشتوه اخوكم هذا عند الباب .. عادي يي لابس حزام ناسف ..
شاركه هزاع الضحك و هو يتامل وقار لحية اخيه ..
– بس و الله انه شي .. يعيبك يوم ينصح ..

* * * * *

تستلقي على ظهرها تحت التلفاز و تضع يديها تحت راسها ،، و هي تسال اختها التي انهمكت في كي الملابس ..
– يختي ابوية و نايف وينهم ..؟! من عقب المغرب ما شفتهم ..؟!
كانت هند هي من اجابت ..
– سارو بيت قوم خالوه ،، امايا تقول معزومين ع العشا ..
رفعت نورة حاجبها بعجب ..
– ما شا الله رويتر .. عندج علوم الدار ..
عقدت حاجبيها ..
– امنوه رويتر ..
اجابتها و هي تتاوه مللا ..
– واحد من الشباب .. – ثم التفتت لاختها – دندون كويتي قميصي ..؟!
هزت دانة راسها و عيناها معلقتان بشاشة الهاتف .. و يديها تحرك المكواة دون شعور ..
التفتت نورة لتلك الصغيرة مجددا ..
– نشي ييبيلي ماي ..
هزت تلك راسها رفضا ..
– ماريد ..
اتسعت عينا نورة استنكارا ..
– اييييييه مزنوووه .. شوه ما تريدين ع كيفج هو .. نشي يبيلي ماي لا تتصفعين ..
تذمرت مزنة باكية و هي تشير لاختها التي استغرقت في مشاهدة التلفاز غير مبالية بهن ..
– ليش ما تطرشين هند .. كله انا .. كله اناا .. مارييييييييد ..
قالت نورة بقوة ..
– و الله لشوتج .. يوم اقولج شي تمشين فيه .. تسمعين .. شوه قالتلج دانه اليوم .. اصغر القوم بشكارهم .. يا الله يا بشكارتنا هاتيليه ماي ..
.
.
– محد بشكارة الا انتي .. و الله ان ما خليتن مزون فحالها لادبكن .. عنبوه ما تستحن انتن .. تتسلطن على هالياهل ..
احمر وجه نورة بشيء من الخجل و مزنة تمط شفتيها بحزن و هي تصيح ..
– حوووووووور .. انااا بشكارتكم ..؟؟
قالت حور بصرامة و هي تضع يدها على خاصرتها ..
– لا انتي هب بشكارتنا .. هاي دانة و نورة بشاكير البيت .. – ثم ابتسمت لها – خلاص ..؟
هزت تلك راسها بسرعة ..
– خلاص ..
قالت حور بنبرة امرة ..
– يا الله عيل .. بسكن ..الساعة تسع الحين .. هند و مزنة سيرن ارقدن ..
قالت هند بهدوء ..
– باقي خمس دقايق من الحلقة ..
اجابتها حور بسرعة ..
– من تخلص سيده الحجرة و تنخمدن ..
توسلتها مزنة …
– بسير لامايا شويه ..
اشارت حور بيدها ..
– خمس دقايق و اشوفج في الحجرة انتي وياها .. مزنة لا تاذينها .. اروحها تعبانة ..
اومان برؤوسهن موافقات .. لتلتفت حور لنورة ..
– امنوه لي نظف المطبخ ..؟!
تمطت نورة بكسل ..
– انا و المها .. و عفاري خمت الحوش ..
هزت راسها بهدوء ..
– دانووه .. طالعي القميص لا تحرقينه لاحقة ع المسلسل ..
لكن دانة بدت مشدوهة و هي تنظر لشاشة التلفاز بلهفة ..سالت نورة باهتمام ..
– شحالها امايا الحين ..
تنهدت حور ..
– احسن ..
انطلقت موسيقى نهاية المسلسل .. فنظرت حور لهند بحزم ..
– بتخطفين تسلمين ع امايا قبل لا ترقدين يري مزنووه وياج ..
نهضت هند بطاعة و توجهت نحو غرفة والديها .. فقالت دانة بحزن ..
– فديتااا امايا كله تعبانه هالايام ..
قالت حور بهدوء ..
– الله يسوقلها العافية ..
خرجت مزنة و هند من غرفة امهن متوجهات لغرفتهن ..
و نهضت نورة نحو غرفة الام لتراها .. قالت دانة ببؤس ..
– و الله احس قلبيه يعورنيه عليها .. ليته فينيه .. ما تستاهل امايا ..
كانت حور تنظر للارض بشرود و هي تجيب ..
– لا تقولين ما تستاهل هالكلمة ما يوز تقولينها لنه اعتراض على ما قدم الله ..
صمتت دانة لتعود فتقول بعد لحظة ..
– امايا صغيرة ..!!
عقدت حور جبينها ،،، لم تفهم ما ترمي اليه اختها ..
– كيف يعني صغيرة ..؟؟؟
هزت دانة كتفيها و هي تضع الثياب المكوية فوق بعضها بغية ترتيبها في الخزانة ..
– يعني بعدها صغيرة في السن .. ما تقولين ام سبع بنات و ولد .. ااا .. وديمة تقول ان يديه يوزها و عمرها 16 سنة ..!!
كانت حور تتامل اختها . ما المغزى من هذا الحديث .. قالت بهدوء ..
– هيه كان عمرها 16 .. يعني كبرج ..
بدا الهم على وجهها ..
– وااايد صغيرة .. ما اتخيل انيه اعرس و اييب عيال و عمريه 16 .. فديتج يا اميه ..
قبل ان تجد حور الفرصة للرد خرجن نورة و المها و عفرا من حجرة امهن و اغلقن الباب خلفهن بهدوء ..
جلست عفرا بجانب حور التي سالت ..
– رقدت ..؟؟
هزت عفرا راسها بهدوء ..
– هيه ..
حور تنظر لنورة ..
– وايقي ع البنات شوفي اذا راقدات و الا يسولفن .. بشوي شوي بطلي الباب عسب لا توعينهن لو رقدن ..
اطلت نورة براسها داخل الغرفة المجاورة لتخرج راسها و تغمز ..
– راقدات ..
قالت عفرا بهدوء ..
– الحمد الله خلصت دراسة باكر الصبح باقيليه اراجع بس .. ابوية متى بيرد .. ؟؟
نظرت دانة للساعة القديمة المعلقة على الجدار ..
– ع الساعة عشر بما ان نايف وياه .. عنده باكر مدرسة ..
ابتسمت عفرا ..
– عدنا نص ساعة .. بنات شرايكن نظهر الخشبة و نلعب ..؟!
تبادلت نورة و حور النظرات بلهفة .. و دانة تقول بهمس ..
– صدق و الله .. كيف ما خطرليه ..؟؟
ثم لوحت بيدها للمها ..
– مهاوي ..
ثم راحت تشير لها بحماس مجنون ما هن مقبلات عليه .. قالت حور لنورة ..
– متاكدة انهن راقدات .. ما باهن ينشن ..؟!
هزت نورة راسها بسرعة ..
– راقدات .. راقدات .. – ثم رفع يدها تقول – انا اول وحدة تيلس ..
وقف حور بسرعة ..
– يا الله عيل بسرعة قبل لا ابوية يرد ..!!
اخذت دانة الثياب تدخلها بسرعة و ترفع المكواة الساخنة ،، اختفت نورة للحظات خلف المطبخ لتعود حاملة قطعة رفيعة من الخشب مربعة الشكل ،، احد اوجهها املس .. و على وجهها ابتسامه ضخمة ..
– محد يعرف وين داستنها .. يا الله ..
خرجت دانة تغلق الباب بهدوء قبل ان تلحق بهن للباحة الامامية الضيقة ..
.
.
تجلس نورة على الخشبة في حين ربطت عفرا و دانة غطاء رئسيهما مشكلا حبلا تتمسك نورة في طرفه في حين شدت كل واحدة منهن طرف منه .. تقول نورة بحماس ..
– يا الله مستعدة .. واااااحد .. اثنييييييين .. ثاااااااا … لاااااااااااااا .. ثه ..
و انطلقت الاثنتين مع اشارتها رضا بشكل دائري في الباحة الضيقة يجرن الخشبة التي استقرت نورة عليها تقهقه بجنون ،، تشاركها حور و المها اللتان تجلسان في الصالة الداخلية تجنبا للاصطدام بهما في ضيق المساحة ..
لحظات و توقفت الاثنتين لاهثتين .. و دانه تقول ..
– بس نورة .. حشى .. غادية ثقيله .. يا الله .. حور و المها .. دوري ..
.

الافتراضي رد: خطوات تغفو على عتبات الرحيل(رائعة الكاتبه ليتني غريبه)

تعاقبت الادوار بسرعة حتى ……
استقرت على الخشبة متذمرة ..
– ليش تخلونيه اخر وحدة .. الحين تعبتن ما بتسحبن زين ..
قالت دانة و هي تحكم قبضتها على طرف الغطاء من جهتها ..
– انتي العودة لازم تصبرين ..
شدت نورة الاخرى الطرف الثاني .. و استدرن معا .. لتغمز دانة لنورة بخبث التي اخفت ابتسامتها و حور تحذرهن ..
– لا تسرعن ..! يا الله .. – و احكمت يدها حول الغطاء – واااااااحد .. اثنييييييييين .. ثلاااااااااا ………
و بترت عبارتها مع انطلاق الاثنتين يجرن الغطاء الذي تمسكه باقصى سرعه ..
يدرن في الباحة الضيقة بجنون ،،، و يسحبنها بقوة .. فيما اطلقت هي صيحاتها ..
– عنلااااااااااااتكن .. لااااااااااااا تسرعاااااااان .. دااااااااانوه و الله … ياااااااا ويلكاااااااان .. لااااااااااااااا … خفن .. خفن .. يميييييييييييه .. و الله تتصفعن .. بااااااس ..
لكن نورة و دانه لم يتوقفن للحظة ،،، بدا انهن انتظرن هذه اللحظة منذ بداية اللعبة .. عفرا و المها التي كانت ترى انفعالات حور المذعورة .. انفجرن ضاحكات بقوة ..سرعان ما شهقت عفرا و توقفت المها عن الضحك ..!!
توقفن الاثنتين حين شعرن بخفة الحمولة ليلتفتن الى الخلف ..
.
.
على الارض تتاوه ساخطة بعد ان انزلقت الخشبة من تحتها .. و هي تضع يدها على ظهرها ..
– و الله مااااا تروووووح لكن بلاااااااش .. و الله لداااااويكن ..
هبت حور بسرعة .. في حين فرت نورة اولا تركض الى خلف البيت متجاوزة عفرا و المها اللواتي اصبحن يقهقهن الان كالمجنونات .. اما دانة فقد تجمدت و هي تكتم ضحكتها بقوة .. و تتراجع مع تقدم حور ..
– و الله اسفة حووووور .. ها نوروووه قالتليه اسرع .. اذا ما استعيلت و هي تيرج كان صكيتينيه ..
حور تنظر لها و هي تقترب بغيظ ..
– نورة هاا ..؟ هاي حركاتج .. و الله لذبحج الليلة ..
انكمشت دانة و حور تمد يدها لراسها ..
– تووووووووووووووبة ……..
كانت حور تكتم ضحكتها على وقوعها و على تصرف شقيقاتها و على دانة التي بدا واضحا انها تكاد تنفجر ضاحكة ..!
مدت يدها لشعر شقيقتها .. لتسحب ربطته فينفلت للاسفل بثقله .. لتمد يدها الاخرى فتعبث فيه بقوة ،، متعمدة افساده .. و دانه تحاول منعها و هي تضحك ..
– حرااااام حوووور بيلعوزنيه بعدين .. دخيلج بيطيح يوم اسحييييييه .. لااااااا ..
توقفت حور بابتسامة راضية و هي ترى شعرها المنكوش .. و اشارت بيدها امرة ..
– يا الله شلي الخشبة و رديها قبل لا يي ابويه ..
رفعت دانه شعرها عن وجهها .. و هي تتذمر ..
– الحين تلعوزين شعريه ،، و اشل الخشبة .. و نورة شاردة و ماياها شي ..
اطلت نورة براسها من زاوية البيت و هي تقول ..
– سبالووه سمعتج .. حور هاي حاقدة تبا تخرب امبيناا ..
اشارت حور لها بابتسامة ..
– صدق و الله ..؟؟ .. تعالي تعالي ..
قالت نورة بنبرة ضعيفة تستعطفها ..
– الدار امان ..؟؟؟
رفعت حور حاجبها بوعيد ..
– الا امان .. !!
و ركضت نحوها فجاة لتفر نورة هاربة تتبعها حور ..
.
.
الليل قد اقبل في ذاك الحي الفقير ..
تلك الجدران المتقشفة قد هجدت بتعب تحت ظل المساء ..
و سكانها الذين يكابدون المر للحصول على لقمة عيشهم ..
فضلوا اللجوء لمخدات تنسيهم التعب ..
هذا البيت لم يختلف عن تلك البيوت كثيرا .. هنا تعب .. و هنا لقمة عسيرة ..
و هنا شقاء ..
كان يقهرونه بضحكاتهم ..

* * * * *

كانوا قد انتهوا للتو من تناول العشاء ليجلسن النساء معا في حلقة حول الجدة يتبادلن الاحاديث المعتادة ،،،
فيما جلسن الثلاث فتيات في زاوية ردهة الاستقبال الفخمة ..
ترفع حاجبيها باستخفاف .. و هي تنحني للامام عاقدة كفيها .. و قد ارتدت عباءتها ذات القماش القاسي .. لتتركها مفتوحة من الامام .. ،، تنظر لتلك التي جلست مقابلها تماما تراقب اظافرها بملل ..
التفتت لجانبها لترى شقيقتها شاردة .. لكزتها بقوة لتلتفت تلك بغيض .. فتغمز لها ..
عادت تنظر للامام .. تراقب عباءة ابنة عمها اللماعة .. و قطع كريستال تراصت عند ركبتيها .. و صدرها و تعلم ان اخرى مثلها تتزاحم على ظهرها و هي تشكل جيوبا تملا عباءتها ..
فقالت بصوتها الاجش باستهزاء ..
– اقول عوشة .. حلوو فستانج .. امنوه مصممنه ..
رفعت عينيها المرسومتين بالكحل بدقة تنظر لها باحتقار و هي تفهم مقصدها .. لتتشدق بغنج ..
– انا اقول فخاطريه ،، هالاشكال شدراها بموضة البنوتات .. روضاني .. شرايج بعباتيه ..
هزت روضة راسها بابتسامة مجاملة صغيرة ..
– كشخة ..
ابتسمت بتشفي في وجه شيخة و هي ترد بغرور ..
– هاي مفصلتنهاا في فيرست ليدي لي في الغرير يوم سرت دبي قبل اسبوعين عند خالوووه .. ترا خامتهاا طلبية يعني ما ظنتيه تحصلين شراته في السوق لو عيبج .. – ثم نظرت باشمئزاز لعباة شيخة و اشارت بطرف اصبعها – يمكن تحصلين شرات هالخامة الخامة عند العربي الممتاز ..
و ضحكت بنفاق على تعليقها .. و هي تشير الى ان شيخة تفصل عبائتها عند ذاك الخياط الرجالي ..!!
لم تهز كلماتها الطفولية شيئا في نفس الاخيرة .. التي اتسعت ابتسامتها .. فردها هذا يعني بانها تضايقت ..
نظرت لروضة .. فوجدتها تنظر لها بعتاب .. ادارت راسها متجاهله نظراتها .. تراقب جدتها التي جلست بين نساء العائلة ..
تدفق صوت عوشه و هي تسال بدلال ..
– الا ما قلتن ليه .. شخبار غيث ..؟؟؟
تصلب ظهر شيخة و رات الدهشة على وجه روضة الهادئ .. كان سؤالها جريئا للغاية ..
بل وقحا ..!!!
اجابتها بصوت يقطر صقيعا ..
– بعده معرس ..
التفتت لها عوشه بشراسة و هي تقول بحدة ..
– اقول يا بو الشباب .. خلك فحالك .. محد سالك ..
كان حالها دوما حين يذكر زواج اخيهن الاكبر .. يعلمن انها معجبة به بشدة ..
روضة تراقب الوضع بصمت .. لا ترتاح للحديث مع ابنة عمها هذه التي تستطيع تاويل الاحاديث لاي شيء يستهويها و تصديقه ..!!
شعرت بتوتر الجو و عوشة تنظر لشيخة بحقد ..
تنهدت بهدوء حين وصلها صوت زوجة عمها و هي تقول بحنان ..
– بنات فديتكن .. يدكن و الشباب بيحدرون يسلمون .. لمن عماركن ..
انفجر الوضع لدى عوشة التي قفزت بسرعة تلتقط حقيبتها .. تخرج المراة و تلقي نظرة على وجهها .. و ماكياجها المتقن ..
وضعت يدها على قلبها بلهفة تنصت لدقاته المتسارعة ..
جدها سيدخل .. اذن هو ايضا سيكون هنا ..
عوشة تهز راسها باستخفاف و هي تهمس لروضة ..
– الله يعطينا العقل ..!!
نظرت لها روضة شزرا و هي تهمس ..
– انتي تبين المشاكل الليلة ..؟؟! .. طبيهاا ما يخصناا فيها ..
لوحت عوشة بيدها بلا اهتمام و هي تشد غطاء راسها حول وجهها الخالي من المساحيق ..
فيما رتبت روضة عباءتها بملل .. تشعر بالضيق و هي جالسة هنا تضيع وقتها في مراقبة الحرب الكلامية بين شيخة و عوشة .. و الكثير من الواجبات تنتظرها في البيت ..!!
وقفن جميعا مع فتح باب الردهة الكبير و تدفق الاصوات الرجولية معلنة وصول القادمين .. لمست مقدمة راسها تتاكد من عدم تسلل اي شعرة خارج حجابها في اللحظة التي هست فيها شيخة بغيض …
– عوشوووه .. قذلتج ظاهرة شوي من قدام ..
لم يبدو ان عوشة قد سمعتها .. ام انها فعلت و تعمدت التجاهل .. و هي تتقدمهن حيث توقف الجميع في منتصف الردهة ..
ابتسمت و شعور يضطرم صدرها بالفخر و هي ترى هؤلاء الرجال .. اهل لها ..
لحقت بعوشة تسلم على جدها و اعمامها الثلاثة .. سلمت على عمها الاصغر الذي تعلقت بذراعه ابنته الوحيدة و هي تتمايل ..
و هو يقول لروضة بعتب ..
– عنبوه يا روضة .. متى اخر مرة شفتج فيها ..
شعرت بوجهها يحمر خجلا و هي تشعر بنظرات الجميع تتسلط عليها ..
– السموحة منك يا عمي مطر .. هالدراسة لعوزتنيه .. تعرف الحين اخر سنة و بتخرج ..
ابتسم عمها حين شعر باحراجها ..
– لا معذورة .. و الله يعينج و يوفقج .. نبا هاييك الشهادة لي ترفع الراس ..
شعرت بذراع احدهم تلتف حول كتفها .. رفع راسها لتلتقي بعيني احمد و هو ينفخ صدره مبتسما بغرور ..
– لا روضاني ما ينخاف عليها .. فديتاا طالعة ع خوها ..
ابتسم هزاع باستهزاء ..
– لا .. مسكينة عيل .. ما بتييب خير و الله ..
ضحك الجميع بخفة .. و الاصوات تختلط فيما يتبادل الجميع الاخبار .. نظرت لجدها الذي مر وقت لم تره فيه .. ما زال قويا كما عهدته .. يقف اخوها الاكبر الى جانبه بسلطته و هيبته .. الحقيقة انها تحبه كثيرا .. و تحترمه ..
.
.
و تخشاه ايضا ..!!
انتشلها صوت عميق من افكارها ..
– شحالج روضة ..؟
التفتت بسرعة نحو صاحبه .. كان يحني راسه ناظرا للاسفل غاضا بصره ..
– الله يعافيك .. شحالك سيف ..
– بخير الحمد الله .. يا الله اترخص انا ..
ترك المكان دون ان يرفع عينه .. اخفت ابتسامة خفيفة و هي تراه يسارع في صعود الدرج المزخرف للاعلى ..
جميعهم يعرفون كرهه للاختلاط ..
التفتت بهدوء لتراقب نظرات الاحتقار التي راحت تطلقها شيخة بلا هوادة لعوشة التي راحت تنظر لاخيهن بلهفة فيما لم يدرك هو وجودها حتى ..
سمعت شيخة تهمس بغيظ حقيقي ..
– اخخخ .. لي ما تخيل .. ليتنيه ابوها … كان يريتاا من هالكشة و مسحت بها القاع .. كان دفنتها حية ،، مسودة الويه ..
تنفست بعمق ،،
حمدا لله ان شيخة لم تكن ابا لعوشة ..!!

* * * * *
طرقات على باب الغرفة لتهب من مكانها و صوت ابيها يعلو عند الباب ..
– حوور .. حور ..؟! .. نشي صلي الفير و وعي خواتج ..
اسرعت تفتح الباب له .. خرجت من الغرفة و هي تعيد شعرها الى الخلف .. و ترفع نفسها لتسلم عليه ..
– صبحك الله بالخير يا بويه ..
يمسح شعره المبتل بعد الوضوء .. و يضع عمامته حول رقبته ..
– صبحج الله بالنور .. يا الله وعي خواتج يصلن ..
– ان شا الله ..
خرج نايف من غرفته و هو يلف – الغترة – حول راسه ..
مشى ابوها متمتما بدعاء ما .. و نايف يلحقه للخارج متوجها للمسجد ..
تثائبت بقوة .. قبل ان تسرع لتتوضا .. لحظات و تخرج من الحمام .. تقدمت نحو غرفة امهن مسرعة .. لتجدها تصلي .. ابتسمت بحب .. فقد اعتادت ان تتوضا امها قبل الاذان كي توقظ والدها للصلاة ..
لم يختلف الامر بمرضها .. فالامر غدى كالساعة البيولوجية متقنة التوقيت ..
فكيف لامها ان تعتمد على منبهات الساعة و هي لا تسمع ..!!
توجهت لغرفتهن .. لتفتح الباب .. ثم تضيء النور ..
توقفت للحظة و هي ترى المنظر امامها .. عفرا الاقرب اليها تلتف في غطائها باحكام .. و جزء من قدميها الطويلتان تخرجان من اسفله ..!!
المها بوجهها الملائكي قد نامت بسكون على ظهرها .. في فراشها المجاور لفراش حور ..
نورة بد غير مرتاحة و قد ازاحت المخدة لتنام على بطنها .. و دانة بلا غطاء في جو الغرفة البارد ..
اما هند و مزنة فقد استلقين في فراشهن المشترك في زاوية الغرفة الضيقة ..
تجاوزت بهدوء اجسادهن المترامي في كل صوب و هي تهز راسها .. تصل لمكيف الهواء فتغلقه بهدوء ..ثم تتوجه نحو النافذة الصغيرة لتزيح ستارتها البالية و تفتحها ،،،
تدفق صوت المؤذن يقيم الصلاة ..
فصاحت بصوت عال ..
– بناااااااااااات .. صلاااااااااااة .. يا الله نشن ..
للحظات لم تبدو منهن اي حركة .. تنهدت حور و هي تقول بصوت مرتفع قرب نورة و دانة ..
– دانوووه نشي .. نورة بتحدر الحمام قبلج ..
في لحظة واحدة .. تسلل الصوت لاذني نورة التي فتحت عينيها بقوة و هي تدرك الخدعة التي تستخدمها لتسبقها دانة .. رات ان دانة قد نهضت من مكانها لتسبقها الى الحمام ..
فهبت تزيح الغطاء بقوة ..
ركضت دانة مع رؤية نورة تسارع للباب .. يتسابقن نحو الحمام لتصله نورة اولا و تغلقه خلفها ..
فتضرب دانة الباب بقبضتها ..
– بسرعاااااه .. لا تبطين .. ثم قال بصوت منخفض – عنلاتهاا هب سرعة عليها ..
اتاها صوت نورة ثقيلا من النوم ..
– سمعتج ..
جلست دانة تتذمر بصوت منخفض في الصالة تنتظر ان تخرج نورة من الحمام .. تثاءبت بشدة ..
و هي تستلقي على ظهرها .. خرجت حور تمسك بيدي هند و مزنة التي بدا انها لا زالت نائمة ..
و هي تنبه هند ..
– سيرن وضن في حمام الميلس .. امسكي مزنووه .. لا تضيع و هي تمشي ..
امسكت هند بيد اختها النائمة تجرها خلفها ..
فتح باب الحمام لتخرج نورة منه .. هبت دانة لتخدل بعدها بسرعة و صوت حور و هي توقظ عفرا يصل لمسامعها ..
.
.
.
لا زال ضوء النهار الوليد .. يكتسح تلك البيوت المتهاوية ،،، معلنا انه يوم جديد ..
اشعته الخجولة تسقط على ارض الصالة عبر بابها المفتوح .. و الحركة تدب في البيت كخلية النحل ،،،
كان بو نايف قد ذهب للعمل مباشرة بعد صلاة الفجر قبل الشروق حتى كما اعتادوا ..
رفعت حور شعرها لقمة راسها و هي تنهر نايف ..
– لا تيلس تتسحب .. بسرعة باصك يي بدري .. خلص الشندويتشة و توكل ..
قال نايف و هو يقضم قطعة الخبز ..
– انزين يختي .. عدتي هالرمسة عشر مرات .. اوووه .. اليوم الخميس – و اتسعت ابتسامته متذكرا – ابوية بييب بطيخ عقب الغدا ..
قفز من مكانه بسرعة ،، و اختفى للحظات في غرفة امه يودعها .. قبل ان يعود ليلتقط حزمة كتبه فيقبل خد حور بقوة ..
– يا الله انا بسرح .. ادعوليه ..
نظرت له حور بحب ..
– الله يوفقك .. و يحفظك ..
خرجت دانة من غرفتهن و بيدها جهاز اذاعة صغير ،،، و ضعته فوق التلفاز لتديره على الموجه المحليه ..
،،، لحظات من الضرب على ظهره العتيق .. و تحريك الهوائي خاصته .. قبل ان يتدفق صوت فيروز و هي تشدو ..
درج الورد مدخل بيتنا
درج الورد جنة حمانا
و بين الورد طاير بيتنا
و تحت الورد خيمة هوانا
روح يا بلبل و اسال عالسطوح
في بيت يا بلبل قرميد عم يلوح
ورق الورد يغمر بيتنا
زجرت نورة التي كانت ترتشب كوبا من الشاي ،،
– اخيييييه ماشي غير هالعيوز ..
نظرت لها دانة شزرا ..
– محد عيوز غيرج .. و انا اقول شدراج بالرومنسية ،، بعدين اف ام ما تييب غير فيروز الصبح ..
مسحت حور وجهها بصبر على هذا النقاش اليومي ..
– اصبحنا و اصبح الملك لله .. دانه بندي هالاثم لا اكسره على راسج ..
اغلقت دانه بقوة ..
– اففف .. عنبوه ما تخلون الواحد يسمع ع راحته ..
– اسمعيه ع راحتج حبيبتي يوم تكونين بروحج .. هب تزيديناا اثم وياج … عفاري حبيبتي خلصتي ..؟!
رفعت عفرا راسها من الكتاب و هي تردد احد المفاهيم بتمتمة و تشير بيدها انه ما زال امامها القليل ..
خرجت المها من غرفتهن .. و بيدها كتاب هي الاخرى .. التقطت كوبا من الشاي و خرجت للباحة الامامية .. خافية القدمين ..
تنهدت هي براحة مع خروج مزنة من الغرفة و هي ترتدي ملابسها الداخلية .. لتسال حور ..
– منوه بيسحي شعريه ..؟؟
اشارت لها بسرعه ..
– تعالي انا بسحيه امايا تعبانه ..
اقتربت منها لتجلس ارضا امامها و هي تدير لها ظهرها .. رحت حور تمشط شعرها الحريري .. و هي تستمع للاحاديث الحماسية بين نورة و دانة عما سيحدث اليوم في المدرسة .. اسماء كثيرة تذكر .. معلمات ,, و زميلات .. لا شيء يمكن لهن ان ينسينه دون ذكره ..!!
.
.
لحظات و بدان يخرجن متوجهات للمدرسة واحدة تلو الاخرى ،، نفضت حور ملابسها و هي تلتقط غطاء الصلاة و تشير لمزنة ..
– يالله الحين بيي باصج .. خلينيه اوقف لج عند الباب ..

* * * * *

 

 

.
.

ياهلافيك عزيزتي
موفقه باذن الله
منوره القسم ^،^

.
.

 

في اللحظة التي خطا فيها على ارض شركته ،،، بدا ان الجميع قد تجمدوا وقوفا لحضوره ..
شيء يشعره بالنشوة .. و هو يرى ان هذه الاعمال بين يديه يديرها كيف يشاء ..
يصل للطابق الاعلى من المبنى حيث يقع مكتبه .. مدير المكتب يقف باحترام له ..
– صباح الخير طال عمرك ..
نظرة متعجرفة .. لا تزول من عينيه .. تلك القوة تولد شعورا لا يوصف في روحه ،،
يعشقها ..
– صباح الخير .. بطي .. خل الرسايل و الفاكسات عقب الاجتماع .. عشر دقايق مابا ازعاج ..
رفع بطي عينه و هو يشير ..
– طال عمرك فيه مكالمة مهمة من ………..
قاطعة ببرود ..
– قلتلك .. عقب الاجتماع ..
و دلف مكتبه ليصفق الباب خلفه ..
تقدم من كرسيه ذو الظهر الطويل ليستوي عليه جالسا .. يخرج هاتفه ليضعه على المكتب ..
مسترخيا في مكانه .. و هو يهز مقعده بهدوء .. صوتها في اذنه و هي تذكره بان لا ينسى ما وعدها به ..
واثق بان الامر لن يكون عسيرا عليه .. سيحضر تلك الفتاة للمنزل الكبير ،،
و لكن عليه فعل ذلك و هو غير موجود ..
الحقيقة ان ذلك لم يضايقه البتة .. فهو لا يملك الوقت للقائها او تعرفها ..
ام انه لا يرغب بذلك ..!!
كل ما يهمه ان لا يتواجد في مكان واحد معها امام جدته كي لا تكتشف تلك احاديثه الملفقة حول من يطلق عليها زوجته و تواصله الوهمي معها ،،،
سيخيب ظنها به .. و لن تفهم موقفه ..
اذا عليه فقط ان يقوم بارسالها الى المنزل في غيابه ..
التقط هاتفه دون ان يضيع وقتا ،،، يبحث عن اسم لم يتطرقه منذ فترة ..
لحظات و يقع ناظره على الاسم ..
الاتصال ،،
ثم صوت الرنين المتقطع معلنا ان المكالمة تمت ..
هل سيرد على هذا الاتصال ..؟!

* * * * *
*

نزلت لكم اليووم خطوتين.. وباذن الله رااح كل يومين انزل خطوتين… الى ان انزل باذن الله كل الخطواات اللي نزلتهم الكااتبه ونصير نتاابع معهاا الاحداااث والخطواات .. خطوه بخطوه…

ولااااا تنسوون استنى الردوود.. ومشكوووورين مقدماا

  • ترتزين2023
  • خطوات تغفو على عتبات الرحيل بدون ردود
السابق
اجمل السيارات العائلية
التالي
فساتين قصيرة روعة