عندما يخطئ القلب ريبيكا ونترز
الملخص
اقسم ديميتريوس بانداكيس الا يقع فى شرك الزواج كاخيه البكر وقد حافظ هذا المليونير على يمينه رغم صيته كمحطم للقلوب
لكن سكرتيرته الجديدة تهدد عزيمته . لقد تغلغلت الكسندرا هاملتون بمظهرها غير الجذاب فى مسام جلده . حتى اصبح ديميتريوس على يقين ان ما من شئ يرضيه سوى … الزواج !
الفصل الاول
جسور الماضى
سمع ديمتريوس وقع اقدام فى الممر خارج غرفته . وكان الليل قد انتصف فتملكه الفضول لمعرفه ما يجرى . ازاح الاغطية وهرع خارجا الى الرواق
-ليون ؟؟
ثم همس لدى رؤيته شقيقه الاكبر حاملا حقيبته : ماذا يحصل ؟
واستدار ليون مجيبا : عد الى الفراش ، ديمى
ولكنه تجاهل الامر وهرع الى ليون سائلا : الى اين انت راحل ؟
-اخفض صوتك . ستكتشف الامر عاجلا
-ولكن لايمكنك الرحيل هكذا
كان ديمتريوس يكن حبا كبيرا لليون الذى كان له فى السنة الماضية الاب والاخ والحامى معا
-حيثما تذهب اذهب ! ساجهز خلال دقيقتين
-كلا ديمى ، عليك البقاء هنا مع العم سبيروس واولاده . ساعود بعد اسبوع
اغرقت عينا ديمى بالدمع وهو يقول : اولاد عمى ليسوا مرحين مثلك والعم سبيروس متزمت جدا
-كان طيبا معنا على طريقته منذ وفاة والدينا . لن يكون الامر سيئا
انتابه الرعب فتشبث ديمتريوس بليون محاولا ردعه عن الذهاب : ارجوك ، دعنى اتى معك
-لايمكنك . اتعلم ، ساتزوج قبل طلوع الفجر . لقد تم اعداد كل شئ .
-تتزوج ؟
احس ديمتريوس ان عالمه ينهار : من من صديقاتك ؟
-انانكى باولوس
-سمعت عنها . هل ستحضرها الى هنا ؟
فقال متنهدا بعمق : لا ، سنقيم فى الفيلا الخاصة بوالدى
-اذا ساتى للاقامة معكما . استطيع النوم فى غرفتى القديمة كالمعتاد
هز راسه بالنفى : اسف ديمترى ، فالمراة تحب ان يكون لها منزلها الخاص
-ولكن هذا يعنى اننا لن نقيم معا مجددا
-اسمع ، سنظل دوما شقيقين . سازورك كل يوم وستاتى لزيارتنا
وتضاعف الالم فى نفسه فتمتم : هل تحبها اكثر منى ؟
حدق ليون اليه بعينين مليئتين حزنا وقلقا . لم يكن ديمتريوس يتصور ان شقيقه يمكن ان يقلق او يحزن بهذا الشكل فارعبه ذلك . قال ليون : ابدا ، فى الواقع انا مستعد للتضحية باى شئ فى العالم كيلا اتزوج غير انها تحمل طفلى
وطرفت عينا ديمتريوس من الذهول : هل ستنجب طفلك ؟
-نعم
-ستنجب طفلا من امراة لاتحبها ؟
-ديمى ، اصغ الى . انت فى الثانية عشر فقط ولست كبيرا كفاية للاحساس بمشاعر الرجولة . عندما يحين ذلك الوقت ، ستشعر بردة فعل جسدية عندما ترى امراة جميلة . سترغب باحتضانها فاللذة التى تستطيع المراة منحها تستحق الموت لاجلها
-عل تلك هى الحالة مع انانكى ؟
-اجل
-ولكنك لاتحبها ؟
-يمكنك ان تشعر برغبة عارمة تجاة امراة من دون ان تحبها . لم اكن لاتزوجها لولا الطفل . والان ، على ان اقوم بواجبى كفرد من ال بانداكيس
-لا لست مضطرا لذلك !
صرخ ديمتريوس من اعماق روحه : اى نوع من النساء قد ترغب بالعيش معك لو ادركت انك لاتحبها ؟
افلتت من ليون قهقهة مريرة : ديمى ؟ ثمة اسباب اخرى تدفعها للزواج بى
-اى اسباب ؟
-المال ، والمركز الاجتماعى
-لا افهم
-انت تعلم ان عائلتنا تملك امبراطورية مالية ناجحة فى اليونان منذ اجيال . نحن معروفون فى انحاء العالم ، والعم سبيروس يلتقى اناسا مهمين ونافذين تماما كما كان والدنا يفعل قبل وفاته
واكمل : هذا هو السبب الذى دفع انانكى الى الايقاع بى . كانت تامل ان تحمل منى لكى تتمكن من الانتماء لعائلتنا . وهى الان ستحقق امنيتها ولكنها لن تحصل على الزفاف الذى حلمت به . سنتزوج فى الكنيسة من دون ضيوف باستثناء جدتها
احس ديمتريوس بالغضب والالم فافلتت منه كلمة لم يستطيع ان يكبحها : اكرهها !
-لا تقل ذلك ديمى ، فبعد الليلة ، ستكون فردا من عائلتنا
-بل ساقول ذلك
وانهمرت الدموع على وجه ديمتريوس فتراجع بعيدا عن اخيه : هل تظن ان امنا تزوجت والدنا لماله ؟
وانتظر ديمتريوس مطولا قبل ان يسمع جوابا : ربما
لطالما كان ليون صادقا الى حد الوقاحة فحطم جوابه ديمتريوس الذى اعياه الاسى فقال : الا يستطيع الغنى العثور على امراة تحبه لشخصه ؟
-اجهل الاجابة عن هذا السؤال . ما اقصده هو اننى لااريدك ان تقع فى الخطا نفسه مثلى . ولسوء الحظ ، تلك مشكلة لابد ان تواجهها يوما
-ماذا تعنى ؟
-يوما ما ، ستتراس شركة ال بانداكيس . ستكون قادرا على انتقاء اى امراة فى
العالم . سيرتمون فى احضانك . وعليك ، يا اخى الصغير ، ان تكون اشد حذرا من غالبية الرجال لئلا توقع بك امراة وتجبرك على الزواج بها
صرديمتريوس على اسنانه : لن يحصل لى هذا ابدا
ابتسم ليون ابتسامة حزينة سائلا : كيف تعلم ذلك ؟
-لن اقيم علاقة مع اى امراة . وهكذا ، لن يكون على ان اقلق
-بل ستفعل
وداعب خصلات شعر ديمتريوس الجعداء السوداء مضيفا : سنتابع هذا الحديث فى الاسبوع المقبل عندما نخرج معا فى نزهة طويلة
راقب ديمتريوس اخاه يختفى وراء زاوية فيلا عمهما . كان الامر مشابها لليلة التى علما فيها بمقتل والديهما منذ سنة خلت . يومها رغب ديمتريوس فى الموت ايضا
* * * * *
لم تكن الكسندرا هاملتون تثق باحد ليصبغ شعرها الا مايكل ، صاحب صالون “زد ” فى موطنها باترسون فى مقاطهة نيو جرسى . كان نابغة فى عمله ، لاشك فى ذلك ولكنها تثق به ايضا وتاتمنه على اسرارها كما لو كانت امام كاهن على كرسى الاعتراف
والتقت عيناها الخضراوان بعينيه فى المراة الضخمة التى تحيط بها اضواء اشبة باضواء المسرح وقال : ومتى ستتخلصين من هذا اللون البنى الممل لتكشفى لون شعرك الاشقر الطبيعى امام نظراته المذهولة
-ليس قبل ان يغرم بى كما انا
اما من يتحدثان عنه فهو طبعا ديمتريوس بانداكيس ، فاليكس تحبه حبا جارفا
-اكره ان اقول لك ذلك لكنك ترددين هذا الكلام منذ عملت معه فى شركته اى منذ اربع سنوات ، اليس كذلك ؟
مدت له اليكس لسانها
-اسف
قالها بصوت لا اثر فيه للندم فادارت ذقنها الناعم نحوه قائلة : انا احرز تقدما
-اتعنين منذ دسست السم فى قهوة سكرتيرته الخاصة منذ نحو ستة اشهر ؟
-مايكل ! هذا ليس مسليا . كانت امراة رائعة ومازلت اشتاق اليها واعلم انه يفتقدها ايضا
-كنت امزح ! ظننت ان الرحلة الى الصين مرت من دون مفاجات
-صحيح . لقد اعطانى مكافاة اخرى
-حصل ذلك مرارا ، يجدر به توخى الحزر والا قد يجد نفسه ضحية انقلاب ذكى دبرته سكرتيرته الخاصة ، الانسة هاملتون
وعلا تعبير شيطانى محيا مايكل فقال : هل مازلت تحملينه على مناداتك بالانسة هاملتون ؟
حاولت اخفاء ابتسامتها : اجل
-هذا الامر يمنحك لذة عارمة . اليس كذلك ؟
-لذة قصوى . لابد اننى المراة الوحيدة فى القارات السبع التى لم تلاحقه محاوله لفت انتباهه
-اجل وهذا واضح
دافعت عن نفسها بالقول : هذا ما يجعلنى مختلفة . ويوما ما ، سيلاحظ ذلك
-امل ان يحصل ذلك قبل ان يتزوج امراة من طبقته لانجاب وريث له فهو لم يعد فتيا ، اتعلمين ؟
واعتصر قلبها الم مالوف فقالت : شكرا للعبك على الوتر الحساس عندى
-الا تحبيننى على اى حال لاننى اقول لك الحقيقة
عضت شفتها : لديه ابن اخ يحبه كابنه واخبرتنى السيدة لانداو مرة ان شقيق ديمتريوس توفى ، لذا تولى رعاية الفتى . ثمة نظرة ترتسم على وجهه كلما اتصل به ليون من اليونان
عقص شعرها جيدا ثم قال : حسنا اذا ، اعتقد انك لست قلقة من تلهفه لبناء اسرته الخاصة
-اه ، توقف
وعبس متاملا اياها من شعرها القاتم حتى حذائها الاسود واعلن : على الاعتراف باننى قمت بعمل جيد عندما غيرت شكلك
-لا يناسبك ان تكون متواضعا ، مايكل . لم لاتعترف بانك ابتدعت تحفة ؟
بفضل خبرته فى تصفيف الشعر والمكياج التى اكتسبها بفضل اصدقائه من الممثلين ، ابتكر تنكرا جعلها تبدو كسكرتيرة عادية اكبر سنا من سنواتها الخمس وعشرين
-ممكن لكن لعلى بالغت عندما اقترحت عليك تلك النظارات الفولاذية السميكة التى تضعينها ، فهى تناسب شخصيات الحرب العالمية الثانية السينمائية
-وهذا هو المقصود . تعلم اننى مدينة لك
وناولته ورقة من فئة المئة دولار فرفضها قائلا : لقد ابرمنا اتفاقا اتذكرين ؟ ففى مقابل بعض التعديلات المجانية ، سنقيم انا واصدقائى مجانا فى جناحك فى فندق تسالونيكا خلال المهرجان هزت راسها : كنت افكر بذلك ورايت انى الرابحة فى هذه الصفقة
رفع حاجبيه قائلا : هل تعلمين كم تكلف الليلة الواحدة فى جناح فى ذلك المكان ؟
-لا
-اعتقد انك لاتحتاجين الى معرفة ذلك عندما تكونين سكرتيرة ديمتريوس بانداكيس الخاصة . اه ، لو يعلم الناس كيف تعيشين حقيقة فى هذه الايام !
اعلن بماساوية فردت الكس : تعلم اننى لا احفل بذلك
غدت تعابيره جدية لبرهة : هل يستحق الامر ان تكونى وصيفة من دون ان تصبحى ابدا عروسا ؟
لامس وترا حساسا فيها وقد ادرك ذلك فقالت : لا استطيع تصور عدم رؤيته يوميا
-انت ميؤوس منك عزيزتى
-اعلم
ونهضت عن الكرسى قائلة : اراك فى اليونان الاسبوع المقبل
-سناتى كالرحالة . اواثقة من انك لاتريدين فستانا مناسبا لزيه ؟ ثمة زى مذهب رائع يعود الى عصر النهضة الايطالية ، استطيع استعارته من مجموعة الاوبرا
هزت راسها بالنفى : الانسة هاملتون لاترتدى ازياء فهذا ليس من شيمها
-مؤسف
وضحكت الكس : رحلة امنة ، مايكل
-لحسن حظك انك تستقلين طائرة البانداكيس الخاصة
-اعترف بان هذا الجزء جميل . والان وداعا
غادرت الصالون ممتنة للتنكر الناجح الذى ابتكره مايكل . فقد نالت ثقة الرجل ، ولكن هذه الثقة لم تكن هدفها الوحيد
اما بالنسبة لمخاوفها الاخرى ، فمن الغباء ان تقلق من احتمال ان يتعرف اليها جورجيو بانداكيس كوجه من الماضى ، لدى وصولها الى اليونان ، خاصة ان ديمتريوس لم يبدو عليه انه عرفها مطلقا . تسع سنوات هى فترة طويلة ليستطيع سكير ان يتذكر تحرشه بفتاة ذات ستة عشر ربيعا
لحسن الحظ ان احدهم خرج من متحف الحرير فى باترسون تلك الليلة وسمع صراخها
مازالت الكس تذكر وجه حاميها كما تراءى لها تحت ضوء القمر الشاحب وكانه امير اسمر ينتقم لها . كان ديمتريوس بانداكيس بنفسه من ابعد ابن عمه عنها قبل ان يوقعه ارضا فاقد الوعى ساعدها على النهوض واخبرها انه مستعد لمساعدتها على رفع شكوى اذا رغبت بذلك . اما الكس التى وقفت هناك ، مرتجفة القدمين وممتنة لانقاذه اياه ، فقد صدمت من استعداده للدفاع عن مراهقة مجهولة ضد قريب له . لم يتهمها ديمتريوس بانها شجعته على ذلك ولم يحاول جعلها تدفع الثمن
لم يبد عليه الخوف من الفضيحة ، فمع تورط اسم بانداكيس سيتصدر الخبر الصفحات الاولى . ورغم ذلك ، كان مستعدا لتعريض عائلته للاحراج من اجلها . فى تلك اللحظة ، وقعت فى حبه
وما ان بدات تستعيد هدوءها ، حتى اكدت له عدم جدوى الاتصال بالشرطة ، فقد انقذها قبل ان تتطور الامور ، وجل ما تريده هو نسيان ما حصل . وبعد شكره مجددا على انقاذها ، هرولت عبرحديقة منزلها ممسكة باطراف بلوزتها الحرير الممزقة . وقبل ان تختفى عند الزاوية راقبته يلقى قريبه الفاقد الوعى على كتفه بقوة لايمتلكها الا رجل طويل ومتين البنية . بقيت عيناها مثبتتين عليه حتى عجزت عن تبين طيفه فى الظلام ولكنها لم تستطيع ان تنساه رغم رحيله . عندما اوت الى فراشها تلك الليلة ، قررت انها عندما ستكبر ، ستلتقيه مجددا . ستكون الظروف مختلفة بالطبع . ومهما تطلب ذلك ، فعليها ان تحرص على ان تجده
* * * * *
وفيما ديمتريوس يزرر قميصه ، سمع قرعا على باب غرفته فافترض انها سيريلدا مدبرة المنزل
فتح الباب غير انه لم يسمع سيل الكلمات المعتادة عن الطقس واحوال العالم ! الا اذا ارسلت اليه خادمة لتحمل له القهوة والفطائر او لعله ابن اخيه !
كان ديمتريوس يعشق ابن اخيه البلغ من العمر الثانية والعشرين والذى يعيد اليه ببنيته وتصرفاته ذكرى اخيه البكر ، ليونيدس بانداكيس
لقد نجت زوجته الحامل من حادث السيارة التى كانت تقلهما الى شهر العسل باعجوبة وقد نجا ايضا طفلهما الذى لم يكن قد ولد بعد والذى سمى ليون . وكان ، على مثال ابيه ، فتى سعيدا ، ذا طبيعة ودية منفتحة على الاخرين . انه مراهق مثالى ولديه مشاكله ، وهو شاب يافع فى منتصف دراسته الجامعية وقد اظهر حماسا طبيعيا للحياة او هذا ما كان ديمتريوس يعتقده
ولكن ، منذ عودة ديمتريوس من الصين البارحة ، لاحظ تغييرا كبيرا فى قريبه . فى العادة ، كان ليون يسعى الى مرافقته كلما سنحت له الفرصة لتزويده بادق التفاصيل عما يجرى معه . هذه المرة ، اكتفى بالترحيب بعمه بعناق صغير ثم اختفى فى الفيلا دون اى تفسير بخلاف عادته تماما . تبين ديمتريوس ظلالا فى عينيه البنيتين اللتين ورثهما عن والدته . ثمة امر مريب بالطبع وتمنى الا يكون الوضع سيئا وربما حان الوقت لان يعلم ما يجرى فناداه : انت مبكر يا ليون وهذا جيد لاننى كنت على وشك البحث عنك . اشتقت اليك وكنت اتوق لمناقشاتنا
بعد ارتدائه سترة البذلة ، اقفل خزانته املا ان يفصح ابن اخيه عما كان يضايقه . ولكنه اكتشف وجود انانكى فى ملابس نومها ، اعتراه النفور وشعر بضيق فى حلقه
لطالما احس بالنفور من المراة التى استدرجت شقيقه الى الزواج بها ولم يتخلص من شعوره هذا حتى هذه اللحظة ، مع ان حبه لابن اخيه هدا من مشاعرة المدمرة فتحمل وجودها فى الفيلا فيما كان يلعب دور الواصى على ليون الصغير
لقد ازالت الجراحة التجميلية كل اثار الندوب المتبقية من الحادث الا ان الجراح التى اصابت قلبه لم تستطيع ان تندمل بهذه السهولة . لاشئ يمكنه ان يمحو ذكرى امراة جرت ليون الى مخدعها بهدف الانتماء الى ال بانداكيس . فبسببها ايضا ، توفى اخوه
حينذاك ، كانت انانكى فى الثامنة عشر من عمرها ، ومدركة لامكاناتها وسبل استغلالها . والان هاهى فى الحادية والاربعين من العمر ، تكبر ديمتريوس بست سنوات فقط . انها سيدة جذابة فى نظر غالبية الرجال غير انها لم تظهر اى اهتمام بهم
لم تكن المرة الاولى التى يتساءل فيها عما اذا كانت تامل فى ان تصبح عروسه مع انها اوضحت للعائلة والاصدقاء انها ترفض التفكير بالزواج حتى ترى ابنها مستقرا مع زوجته . ادرك ديمتريوس انها تتذرع بهذا للبقاء فى الفيلا فما من رجل اخر يقدر على تقديم نمط عيش ال بانداكيس لها
فى حقل مولد جده ، عبر ابن عمه فازو عن افكار مماثلة لتلك التى كانت تجول فى باله غير ان عينى ديمتريوس عكستا رفضه للموضوع . لسوء الحظ ، يبدو ان لاشئ يردع طموح انانكى فها قد لاحقته حتى فى مكان حميم كغرفة نومه الخاصة عند السابعة صباحا
بعيدا عن حبه لاخيه ولابنه ، لطالما عاملها باحترام على مدى تلك السنوات ولكنها تخطت للاسف هذا الصباح خطا محرما وستلقى جزاءها
-ليس لديك اى حق بالتواجد فى هذا الجزء من الفيلا انانكى
-ارجوك لاتغضب منى . يجب ان اتحدث اليك قبل ان يجدك ليون
بدت كما لو كانت تبكى فاضافت : انه امر هام
فسالها بغضب صامت : هام لدرجة زرع افكار خاطئة فى عقول الخدم من دون ذكر ابن اخى ؟ من الان فصاعدا ، اذا كان لديك شيئا تقولينه لى بسرية ، فاتصلى بى فى المكتب
-انتظر!
صرخت به فيما كان يتجاوزها متجها نحو البهو المقابل لمدخل الفيلا وقد ضاق ذرعا باحتجاجها
-ديمى !
حاولت اللحاق به فبدا وقع صندلها السريع على الرخام غريبا مقارنة مع وقع اقدامه الرشيقة
زال النقر اخيرا فشعر بالارتياح . كان قد اقفل الباب الامامى وتوجه الى الموقف بجانب الفيلا عندما ناداه ليون . استدار ديمتريوس متفاجئا برؤية ابن اخيه يلحق به كان يسرع نحوه : عمى . احتاج للتحدث اليك على انفراد
واضاف بصوت واثق من نفسه : هل ستدعنى اقود السيارة بك الى المكتب ؟
للحظة ، شعر ديمتريوس بالذنب لصرفه انانكى فمن الواضح انها تحاول تحذيره من شيئا ما . ولكنه عندما فكر فى تصرفاتها المتهورة التى قد يسئ خدمه فهمها ، لم يعد اسفا على مقاطعتها
-يمكن للعمل ان ينتظر . لم لاتقوم بجولة ونتوقف فى مكان ما لتناول الغداء ؟ ساخابر ستافروس لاعلمه باننى لن اتواجد حتى بعد الظهر
-اواثق انت من انك لا تفضل قضاء الوقت مع احدى نسائك بما انك عدت الان من الصين ؟
-ما من امراة اكثر اهمية منك ، ليون
-هل انت متاكد ؟ عندما كنت فى الكترا ، سالتنى ايونا متى ستعود الى المنزل . قالت ان الامر طارئ وانها تريد التحدث اليك حتى انها طلبت رقم هاتفك الخلوى ولكننى اخبرتها اننى لااذكره
هز ديمتريوس راسه : اذا كانت بمنتهى الصراحة معك ، فعندئذ تكون قد وقعت وثيقة وفاتها بيدها
وتامله ابن اخيه بثبات : انها جميلة جدا
-اوافق ولكنك تعلم مبداى يا ليون فعندما تبدا المراة باخذ المبادرة ، اهجرها
-اظنها قاعدة جيدة فانا ايضا استعملها وعلى القول انها ناجحة
لم يسر هذا الاعتراف ديمتريوس اذ بدا بعيدا عن طبع ليون الذى اضاف بانفعال : لنكن صريحين ، انا مسرور لانك تفضل التواجد معى هذا الصباح
وعانق ديمتريوس ابن اخيه . وبعد دقائق ، كانت السيارة تتوجه نحو تلال تسالونيكا المطلة على الخليج . واثناء تولى ليون القيادة ، تفقد ديمتريوس مساعده : ستافروس ؟ هل يمكنك الاستغناء عنى بضع ساعات ؟
-اتريد الحقيقة ؟
وادهش سؤاله ديمتريوس الذى اجاب : دائما
-قد يفصل محيط بين الانسة هاملتون وبينى ، لكنها منذ ان اصبحت سكرتيرتك الخاصة ، بدات اشعر بالارتياب
فسارع لطمانه ذلك العجوز الذى يناهز السادسة والستين والذى ادار فرع الشركة اليونانى لعقود : انت اساسى فى الشركة يا ستافروس وانت تعلم ذلك
الانسة هاملتون ، التى تتلمذت على يد سكرتيرته الخاصة السابقة فى نيويورك بدات العمل منذ ستة اشهر ولا تزال فى بداياتها . الا ان ديمتريوس يفهم لماذا القى ستافروس ملاحظته فلقد كانت امراة خارقة ، ذكية وخلاقة . انها مزيج من الادمان على العمل والخبرة المتمكنة رغم تمتعها بجمال عادى ولكنها موهوبة بطبيعة مرحة
كانت تتمتع بالعديد من المزايا التى لا يمكن فى الواقع تحديدها وكانت السيدة لانداو تعلم ما تفعله عندما استخدمتها . قبل رحلتهما الى الصين ، تساءل ديمتريوس كيف كان سيتدبر امره من دونها . وخلال اقامتها اسبوعا فى بيكين ، اكتشف سرها اخيرا عندما راقبها تمارس سحرها على زملائها الاشداد بذكاء ديبلوماسى . كانت تحفظ التفاصيل كسائر النساء غير انها كانت تفكر كالرجال . وافضل ما فى الامر ، انها لم تكن تهتم بديمتريوس ، فتابع قائلا : الانسة هاملتون اغنت الشركة بنبوغها تماما كما اغنيتها انت على مدى سنوات ووجهتنى يا ستافروس . اتطلع للقائكما الاول فى الاسبوع المقبل فهى تكن لك تقديرا عظيما
-وانا ايضا ساتمتع بالتعرف على هذه النابغة الاميركية . انه لقاء الربيع بالشتاء
-بما انها فى اواخر الثلاثينات . تبدو لى تسمية الصيف اكثر دقة وانت تبدو عاطفيا على غير طبيعتك يا ستافروس
-انها اثار التقدم فى السن كما تعلم
وضحك ديمتريوس ولكنه استشعر وراء كلماته ، ارادة معاونه القوية . ربما يسر بشئ فى اذن الانسة هاملتون لتترك لستافروس عملا مهما يتولاه خلال المهرجان
-اريد ان نتفاهم جيدا على اننى لن اسمح لك بالاستقالة حتى افعل انا ذلك . اراك لاحقا بعد الظهر
ساله ابن اخيه فيما يطفى الخلوى : ماهى مشكلة ستافروس ؟
ارجع ديمتريوس راسه الى الوراء ليستريح وهمس : لقد تنبه فجاة الى انه يتقدم فى السن
-ادرك شعوره
جدية ليون منعت ديمتريوس من الضحك فقال : قلت انك ترغب فى الكلام وبما انك ذكرت ايونا اتساءل ما اذا كنت على وشك اخبارى انك وقعت فى حب فتاة لاتحبها امك
هز ليون راسه : لم يكن سبب خلافنا . اخبرتها اننى اكره الدراسة فى مجال الاعمال واريد ان اترك الجامعة فنحن ما زلنا فى ايلول واستطيع الانسحاب قبل ان يبدا فصل الشتاء الدراسى خلال ثلاثة اسابيع
منع ديمتريوس نفسه من الانفعال : لابد ان لديك سببا وجيها
فصرخ : قلبى لايميل اليه ولااظنه كان يوما ما اريده . اذ لطالما تمنت امى ان استلم مكانى فى شركة العائلة . تقول انى ادين لذكرى والدى بذلك ولكن الاعمال لا تستهوينى . هل تظن بان ذلك سيجعل منى خائنا ؟
قال ليون هذا بصوت قلق فانبه ديمتريوس : بالطبع لا
كان فى مقدوره اطلاعه على بعض الحقائق كان يخبره مثلا ان والده لم يكن مهتما باعمال العائلة كذلك . كما ان هناك معلومات يجهلها ليون عن امه تفسر رغبتها فى ان يضع يده على حقه فى الميراث . ولكن يدى ديمتريوس كانتا مغلولتين لان اطلاع قريبه على الحقيقة سيؤلمه اكثر مما قد يعينه
-ماذا تريد ان تفعل بحياتك او انك لاتعرف بعد ؟
وتنهد ابن اخيه : لدى فقط فكرة ولكنها تقوى فى كل مرة ازور فيها جبل اتوس . لقد اصطحبتنى الى هناك للمرة الاولى ، اتذكر ؟ قمنا بجولة على الاقدام ، اكلنا ونمنا فى الاديرة المنتشرة هناك
اجل ، لقد تذكر خصوصا اندهاش ابن اخيه بالرهبان
واستقام ديمتريوس فى المقعد وادرك ما سيقوله ليون قبل ان يتفوه به
-عمى ؟ امس ، اخبرت امى انى افكر بدخول الرهبانية . لم ارها قط تنفعل هكذا لاى سبب كان . هلا كلمتها بهذا الخصوص ؟ انت الشخص الوحيد الذى ستصغى اليه
بدا يفهم زيارة انانك غير المتوقعة الى غرفته هذا الصباح من منظار جديد
منذ وفاة ليونيدس ، عانت الكثير تحت سقف العم سبيروس حتى وفاته ومن ثم تحت حماية ديمتريوس . اذا تخلى ابنها عن كل املاكه الدنيوية وذهب للاقامة فى الجبل ، لن تخسر انانكى فقط ابنا لصالح الكنيسة بل سيبقى امامها خيار وحيد هو الانتقال الى منزل يؤمنه لها ديمتريوس … منزل مريح عادى يناسب ارملة ليونيدس فتتحطم احلامها كلها
-قبل ان اتحدث الى والدتك ، اريد سماع المزيد عما تشعر به
-كما قلت لك ، لا افكر بسوى ذلك
-ان رحلتنا الى جبل اتوس كانت منذ عشر سنوات ، تطلب الامر مدة طويلة جدا من
التفكير
واحمر وجه ليون فانتفض قلب ديمتريوس . ربما يحمل ابن اخيه دعوة للحياة الكنسية . ماذا لو كان هذا هو الطريق الذى سينتهجه ؟ سيبتعد عن ديمتريوس فلا يعود بامكانه اقناعه بالعدول عن رايه
سيقول له فى ما بعد ان قرارا يتخذه شاب فى الثانية والعشرين ليس ناضجا . وهذا القارا سيفطر قلب امه التى قد يطلق عليها عدة صفات نابية الا انها تحب ابنها . كما سيقضى على شئ ما داخل ديمتريوس اذا اعتقد ان ماضيه المعذب له علاقة بالخطوة القاسية التى يعتزم ابن اخيه الاقدام عليها
فجاة ، احس ديمتريوس بانه اكبر سنا من ستافروس
اين كنت ؟
انه يستعيد وعيه
-لاتدعه يحرك راسه
-طائرة هيلكوبيتر طيبة ستوافينا عندما نحط
-توقف النزيف
-جيد ، استمرى بالضغط على الجرح
-هل تظن ان ذراعه مكسورة ؟
-كلا ، ما من كسور برايى ولكنه سيرى ندبة بشعة على كتفه لفترة
راح ديمتريوس يسمع اصواتا فى الدقائق الاخيرة ويشعر بوخز فى قمة راسه ثم اخذ جسده يعود شيئا فشيئا الى الحياة
تنشق رائحة لذيذة تشبه الاجاص ممزوجة برائحة اخرى ، كانت متاتية من يد ناعمة وباردة تمسك براسه . يبدو انه متكئ على شئ ناعم ودافئ فرفرف جفنيه ليفتحهما .واعترته موجات من الدوار فطرقت عيناه مرات عدة حتى استقر بصره على عينين خضراوين تحدقان فيه ، ويبدو انهما تحتلان وجهها بالكامل . يالهى ! ماذا يفعلان معا على ارض الطائرة وراسه ملقى فى حجرها
-انسة هاملتون ؟
فهمست باندفاع : احمد الله على انك تعرفت على
-اهلا بعودتك
جاء صوت مساعد الطيار الذى لابد انه يقف مع المضيف فى مكان ما قربه
اغمض ديمتريوس عينيه مجددا . لعل الزاوية التى ينظر منها والاضاءة يجعلانه يظن ان اهداب سكرتيرته الطويلة والحريرية رطبة . لم يسبق له ان راها من دون نظارتها السميكة . ان بشرتها نضرة وفمها ممتلئ جميل
-ماذا حصل ؟
فشرحت له : سقطنا فى مطب هوائى قبل ان تتمكن من الجلوس مكانك
همس متاوها : اذكر الان . هل سنحط قريبا ؟
وتمتم مساعد الطيار قربه : نحن نقترب من مطار مقدونيا الولى الان
هم ديمتريوس بالنهوض ولكن الثلاثة امسكوا به ، وامره المضيف : لاتتحرك . لديك كدمة فى راسك يجب ان يعاينها طبيب
فنهره : سمعتكم تقولون ان ما من كسور . اجعلونى انهض
ولكنهم بقوا ممسكين به
احس بضيق فى صدر سكرتيرته قبل ان تساله : كم عدد الاحجار فى خاتمى ؟
-ماذا ؟
ورفعت يدها مباشرة امام عينيه لكى يتبينها جيدا فاجاب : خمسة
-جيد . لايشكو نظره من سوء يا سادة . اظن ان كيرى بانداكيس يستطيع الجلوس فى مكانه
هز المضيف براسه : لا ادرى
-حسنا ، انا بلى ! لاتقلق . ساتحمل كامل المسؤولية لو حصل له مكروه . والان ارجو منكم مساعدتى لننقله بحذره الى مقعده قبل ان نباشر بالهبوط
تمتمت شفتاها قرب اذنه : اياك ان تجرؤ على الاغماء الان
ثم طلبت من الرجلين ان يسندا ذراعيه ليتمكن من النهوض . ما ان اوصلوه الى مقعده وربطوا له حزام الامان ، حتى تشبث بذراعى المقعد محاولا التغلب على الدوار والاصابة مجددا بالاغماء
شعر بان راسه ثقيل وكان فى الواقع يؤلمه بشدة الا حين لامست شفتاها اذنه اذ احس حينذاك بتيار كهربائى يصعقه . سمعها تقول لطاقمه : اترون ؟ انه بخير . قل للطيار ان يلغى طلب الهليكوبتر . اذا لم يكن كيرى بانداكيس بخير بعد ان يصل الى المنزل ، سترسل عائلته بطلب طبيبه
بعد تردد ، ذهب معاون الطيار الى قمرة القيادة ليقوم بالمهام التى اوكلتها اليه . وبقى المضيف فى الجوار وهو لايزال غير مطمئن الى سير الامور ، فساله : هل هذا مطلبك ؟
-كما قالت سكرتيرتى ، انا بخير تماما . شكرا لمساعدتك واهتمامك . اخبر الطيار ان الجميع ممتن لقدرته على التحكم بالطائرة فى الوقت المناسب
واوما الرجل الاخر مكرها قبل ان يختفى
-عندما يتوقف العالم عن الدوران من حولى انسة هاملتون ، ذكرينى ان امنحك مكافاة للمحافظة على برودة اعصابك . لابد انها كانت تجربة مرعبة لك
-فقط عندما شاهدتك تطير
اضئ زر حزام الامان وبداوا بالهبوط فدار راسه وبدا له صوتها اتيا من مسافة بعيدة بعيدة : لن يطول الامر الان
لم يستفق الا على سكرتيرته التى انحنت لتفك له حزام الامان ، فتنشق رائحة الاجاص مرة اخرى
-وصلنا ، سيد بانداكيس
-وماذا حصل لكيرى ؟؟
تجاهلت سؤاله : انهض واتكئ على حين خروجنا من الطائرة
وضع ذراعيه حول كتفيها وهما بالخروج من الباب ، واضطر للتشبث بها بعد عدة خطوات قام بها لوحده . من كان ليتوقع دفئها ومفاتنها الانثوية المخباة تحت طيات بزتها الفضفاضة
لم بحق الله ترتدى ثيابا تخفى مثل هذا القوام الرشيق ؟ ولم لاتضع عدسات لاصقة ؟ فنظاراتها الفولاذية السمكية تخفى احد اجمل ملامحها ، وهذا ليس منطقيا
حثته : هيا ، كدنا نصل
-امنحينى دقيقة اضافية
كان العالم يدور من حوله وكذلك حواسه فادراكه المفاجئ لانوثتها كسيدة من لحم ودم فاجاه كليا … وفتح المضيف الباب
سمع ديمتريوس وقع خطى على السلالم المؤدية الى مدخل الطائرة : عمى ؟
عندما ظهر شاب اسود الشعر من عمر الكس فى الباب ، لم تعلم من بدا متفاجئا اكثر . فلطالما ظنت ان ابن اخيه اصغر سنا
توقف حين راى عمه يستند اليها . وكان ديمتريوس قد اغمض عينيه للحظة . استطاعت ان تفهم القلق الذى ارتسم على وجهه حين راى شحوب عمه ، فقالت له : لقد تعرض السيد بانداكيس لحادث بسيط ، وهو يشعر بدوار خفيف ، لكن ما من شئ خطير . هلا ساعدت عمك على الوصول الى السيارة ، فيما اجمع حاجياتى واوافيك
اسرع نحو عمه ووضع ذراعه حول خصره قائلا : طبعا . هل بامكانك الوصول الى السيارة عماه ؟
الاهتمام العميق فى صوته اثر فى اليكس
وجاء رد ديمتريوس جافا : ما ان اعرفكما ببعضكما البعض . ليون ؟ هذه سكرتيرتى ، الانسة هاملتون الاسطورة
نظرت الى ابن اخيه ، املة ان يتلقى رسالتها الصامتة : سيتسنى لنا الوقت لذلك لاحقا وحاليا ما يهمنا هو ايصالك الى البيت
وبوجود ليون والطيارين ، تلتقى ديمتريوس المساعدة اللازمة للوصول الى السيارة وتبعتهم اليكس حاملة حقيبتيهما اللتين وضعهما المضيف فى الصندوق مع الحقائب الاخرى ثم ساعدها على الجلوس فى المقعد الامامى
نقل ديمتريوس الى المقعد الخلفى لكى يتمكن من التمدد . ولاحظت الهالات تحت عينيه لكنه لن يقر ابدا بالالم الفظيع الذى يشعر به . وشكرت الطاقم ثم طلبت من ليون الانطلاق . وفيما كانوا يبتعدون عن الطائرة ، سالت بنبرة منخفضة : كم يلزمنا فى الوقت للوصول الى ” الميديتراتيان بالاس ”
همس : خمس عشرة دقيقة فى العادة ، ولكن الازدحام خانق الان نظرا لتوافد السواح الى البلاد بسبب المهرجان . سيستغرق وقتا اطول
-الانسة هاملتون لن تمكث فى الفندق ، ليون . سر بنا مباشرة الى الفيلا
تبينت اليكس النظرة المتفاجئة التى رمق بها ليون عمه ولكنها تفهمت ذلك اذ ان ديمتريوس يشعر بالعياء الشديد ولايمكنه تحمل الزحمة الليلة . انحنت لتقترب من ابن اخيه وتمتمت قائلة : فور وصولنا الى البيت ، ساخذ تاكسى الى الفندق
بعدئذ ، تحركت نحو الباب لتتمكن من اراحة راسها على الزجاج . من الصعب ان تصدق بانها فى اليونان
كانت امسية دافئة وجميلة وكانوا يعبرون اقدم المدن فى اوروبا ، مدينة التاريخ . لكن بعد الصدمة التى عاشتها ، كانت شديدة التوتر فلم تستطيع الا اغماض عينيها
امر واحد فقط يهمها ، ان ديمتريوس حى يرزق وسليم معافى . كان يمكن لجروحه ان تكون اسوا بكثير
لم تتعاف بعد من رؤية جسمه الضخم ملقى على ارض الطائرة بلا حياة . لو احتاجت اليكس الى برهان على شعورها نحوه فان تلك التجربة ستبدو دوما اللحظة الحاسمة
احتشد عدد كبير من الناس فى الباحة لدى وصولهم عبر الممر المحفوف بالاشجار الى الفيلا الحمراء .لم يكن المنزل كما تصورته اليكس ، ولعل السبب يعود الى اعتيادها مطالعة الكتيبات السياحية عن الجزر اليونانية
تقدمت منهم امراتان ، احداهما عجوز والاخرى فى الاربعينات من عمرها ، امراة جذابة ، عيناها البنيتان كبيرتان ذكرتا اليكس بليون .
-ديمتريوس
صرختا معا على الفور ما ان ترجل ابن اخيه من السيارة وفتح له الباب الخلفى وتدفق سيل من الكلمات اليونانية من المراتين . وتقدم احدالخدم احد الخدم ويدعى كريستوفر لمساعدة ليون على اخراج عمه من السيارة
اما سائر طاقم الخدم فوقف وامارات القلق مرتسمة على كافة الوجوه . فمن الواضح ان الجميع يحمل محبة عميقة لكيرى بانداكيس وكانوا حانقين لرؤيته عاجزا بطريقة ما . كانت اليكس تدرك شعورهم . وبعد ان ارتاحت لانه فى منزله يرتاح وسط عائلته ، ترجلت من المقعد الامامى لسيارة اجرة توقفت وراء السيارة . اعقب وصولها المزيد من الاحاديث باليونانية ، وطغى هذه المرة صوت ديمتريوس ثم مشى ليون نحو التاكسى وتعبير مرتبك يعلو ملامحه . راته اليكس يخرج بعض النقود من محفته ويدفع للسائق الذى استدار واقلع مبتعدا
اعلن ديمتريوس : ليتكلم الجميع الانكليزية ، ارجوكم
وبدا صوته قويا وامرا على نحو مفاجئ بالنسبة لرجل متعب
-ستكون سكرتيرتى ، الانسة هاملتون ، ضيفتنا لفترة سيريلدا ؟ هلا تفضلت بتجهيز غرفة الضيوف فى اسفل الرواق من اجلها ؟ نيكولاس ؟ ارجوك احضر لها اغراضها من صندوق السيارة
بدا ان الخدم يتصارعون لكلامه كامر واقع . ولم تجرؤ الكس على ان تفتعل مشاجرة حيتها ، حتما ليس امام والدة ليون على ما يبدو ، وانانك التى حدقت اليها كما لو انها زائرة من كوكب اخر
لدى دخولها الفيلا الفخمة ، بدا لالكس انها خطت الى زمن اخر فاستنشقت رائحة مدينة بيزنطية قديمة
ودت لو تستكشف كل انش لتتعلم القصة الكامنة وراء كل عمل فنى كتقن . لكن اليكس تذكرت تحذيرات امها : اذهبى الى اليونان ، قومى بعملك ، لاتقتربى من عائلته ثم عودى مباشرة الى البيت
انغلق الباب وراءها فلم يعد لديها اى خيار غير اللحاق بديمتريوس الذى تمكن مع بعض المساعدة من اجتياز ممرين للوصول الى جناحه الخاص . ورغم ان الكدمة فى راسه غير ظاهرة ، الا ان اليكس لاحظت ان بعض خصلات شعره الاسود مازالت مصبوغة بالدماء . تفكيرها بالحادث اشعرها بالعثيان فتباطات خطواتها حتى انقضت لحظة الضعف المباغتة التى شعرت بها
لازمته والدة ليون وهى تتكلم باليونانية مع ابنها بخلاف اوامر ديمتريوس الذى نادى من دون ان ينظر اليها : انسة هاملتون ؟ عندما تغتسلين ، تعالى ارجوك الى غرفتى فهناك بعض الاعمال التى علينا مناقشتها
-ساتى الان اذا كان ذلك ما توده
كانت عيناه مغمضتين وبدا منهكا ومرهقا . كانت الدماء تغطى قميصه المفتوح حتى منتصفه كاشفا عن شعر صدره الاسود الكثيف . واسدلت اليكس اهدابها لتحجب عنها الرؤية
لم يسبق ان احبته اكثر فجل ما كانت ترغب به هو الجلوس قربه على السرير الضخم والعناية به ومعانقته كما فعلت بالطائرة . وتالمت يداها من الخسارة
فيما كانت تثبت راسه ، تمكنت من درس خطوطه الدقيقة حول عينيه ، وشكل فكه
-لقد استدعت سيريلدا الطبيب والى ان يفحصك لن نناقش الاعمال او اى شئ اخر
-امى محقة ، عماه . دعنى اساعدك لتستعد للنوم
-كما ترون ، انا بخير ، اشعر فقط بدوار وسيمر . اقدر لكم اهتمامكم ، لكن لدى والانسة هاملتون مسائل لا تحتمل الانتظار لمناقشتها
-انا واثقة من كونها خائرة القوى ايضا
قالت اليكس شاعرة بنفاد صبر ديمتريوس خلف هدوئه : فى الواقع ، نمت سبع ساعات على الطائرة واشعر بارتياح تام . اعدك باننى لن ادع سلفك يعمل مطولا
-ليون ؟ هلا احضرت حقيبة الانسة هاملتون ؟
اوما ابن اخيه قبل ان يهرع خارج الغرفة ورات اليكس يدى المراة الاخرى تتكوران قائلة : ساحضر لك بعض الشاى وحبوبا للصداع
-لا ، لا اعتقد بان عليه تناول شئ بعد
حدجتها انانك بنظرة عدائية لتدخلها ، فبررت : لقد اشرت الى ذلك سيدة بانداكيس لاننى واثقة من انه يعانى ارتجاجا
بغض النظر عن جرحه ، بدا ديمتريوس حذرا خلال توجيه الكلام لزوجة اخيه : اطلبى من الطباخ اعداد الشاى والسندويشات انانكى ، فسكرتيرتى نامت خلال الغداء والعشاء ولابد انها تشعر الان بالجوع
التمعت عيناها البنيتان بالغضب قبل ان تغادر الغرفة
-هاك حقيبتك ، انسة هاملتون
-شكرا
ليون انا مسرور لقدومك الى الطائرة . لم اكن لاستطيع تدبر امرى دون مساعدتك . فى الصباح ، سنجرى حديثنا . اتفقنا ؟؟
-عندما تشعر براحة اكبر يا عمى
-ساكون بخير . هل تمانع فى اغلاق الباب فى طريقك الى الخارج ؟
-لا ، بالطبع لا
وتحولت نظرته الداكنة الى الكس : عمت مساء ، انسة هاملتون
-عمت مساء ، سعيدة بلقائك
وغمر صمت غريب الغرفة اثر رحيله ارتاحت الكس لرؤية عينى ديمتريوس مغمضتين . واخيرا ، تمكن من الخلود للراحة ولهذا فوجئت عندما تكلم معها
-بعد تجربة اليوم ، اعى انك تتمتعين منذ ولادتك الى جانب مزاياك العديدة بقدرة على قراءة الافكار ايضا
-تعنى بشان الغائى الهليكوبتر
-من بين امور عديدة
-قمت بذلك كحصانة ذاتية
-وكيف ذلك ؟
-انت ابن تيسالونيكا المفضل . سيواكب الاعلام الحدث طيلة النهار ان تسربت كلمة عن نقلك الى المستشفى فى الطائرة . ساضطر بعدها لارغامهم على الرحيل . ولاكون صريحة ، لم اتخل تحديدا عن الفكرة بعد …
-بعدما حسبت انها النهاية وان حياتك مرت امام عينيك ؟
احنت راسها : شئ من هذا القبيل . اجل
كانت تكذب اذ ان تفكيرها انحصر بامر واحد … رجل واحد
-كنت قلقة بشان الاخبار فقد يصاب مسؤولو حكومتك بازمة قلبية لمعرفتهم بانك جرحت قبل المهرجان . وهكذا ، سيتصدر اسمك جميع الانباء فى الصباح
وجاء صوته عميقا : اتظنين ؟
-انا واثقة من ان الطيار الوفى قد ارتعب من الحادث ولاشك فى انه اصدر اوامر مشددة لتبقى المستشفى مستعدة تحسبا لاى طارئ لانها ستستقبل حمولة ثمينة . والان ، لاشك ان الهواتف ترن لدى الصحافيين كلهم حاملة نبا عودتك الى اليونان وخبر تعرضك لحادث رهيب فى الرحلة
-لقد حصل وانتهى
وبدا تعليقه حادا فجمعت يديها معا : ليس لدينا اى اعمال لنناقشها الليلة . لم سالتنى المجئ الى هنا ؟
-انت قارئة افكار ، انسة هاملتون . اخبرينى
اخذت نفسا عميقا : اظن ان زوجة اخيك محقة . تحتاج للراحة وعلى الاتصال بالفندق
-لا تقلقى بشان الحجز . ساتولى امره
-هذه هى المشكلة . يجب الا تفعل ذلك
وفتح عينيه وبدا حذرا فجاة .
-ولم لا ؟ اذا كنت احتاج الى نقاهة خلال الايام القليلة القادمة ، فقد يبدو ذلك منطقيا اكثر
حاولت حمله على التعقل : الفندق هو مكان للنوم بكل بساطة وساكون فى تصرفك فى كل الساعات
وتفاهم التوتر : لم لاتخبريننى ؟
سبق لها ان رات مزاجه هذا من قبل ، وهو لن يستسلم حتى يحصل على الرد الذى يتوق اليه . لقد ايقنت ذلك بناء على تجربتها السابقة فمن غير المجدى محاولة خداعه
-احدهم يقطن معى
واخترقت عيناه السوداوان المسافة الفاصلة بينهما وسال بصوت ناعم خائب : يانى ؟
-كلا ، اسمه مايكل . لا اظن اننى ذكرته سابقا
-كلا ، لا اظن انك فعلت . وهل يقدر مايكل هذا واقع انك فى عمل هنا
-نعم ، طبعا . ارجوك لاتعتقد انى احاول استغلال كرمك . انوى دفع ايجار غرفتى بنفسى
ولم تجد ضرورة لذكر اصدقاء مايكل
-هل تظنين انه سيتقبل فكرة مكوثك هنا فى الفيلا حتى اتعافى ؟
لم تستطيع ان تفهم لما بدا حانقا الا اذا كان المه اسوا بكثير مما يبدو عليه . ففى الظروف الطبيعية ، لم يكن ليسمح ابدا بان تظهر عليه اى علامة وهن
من الواضح ان المهرجان اكثر اهمية بالنسبة اليه مما كان يبدو عليه . ومن الطبيعى الا ترغب فى حصول اى سوء مع اقتراب الافتتتاح ، لذا فما ينبغى عمله هو ملازمته حتى يبدا بالتحسن ويتمكن من المشى بارتياح
فى اغلب الاحيان ، كانا يجلسان فى مواجهة بعضهما على مكتبه لانجاز الاعمال حتى وقت متاخر ، لذا سيزعجه الاتصال بالفندق باستمرار ، كما سيعرقل ذلك الامور
-يظهر ان طلبى قد سبب لك الحزن
علا الاحمرار وجنتيها لتعليقه الساخر وسارعت الى طمانته : مطلقا ! كنت افكر فقط بان على احضار شئ منه
-يستطيع ليون المرور بالفندق صباحا واحضار ما تحتاجين اليه الا اذا كنت تريديه الليلة
-لا ، انه زى
والتوت زاوية فمه بشبه ابتسامة وابهجه كلامها لسبب ما
-دعينى اخمن ، ستظهرين اثناء مقابلتك التليفزيونية كزوجة لملك مقدونيا فى تيسالونيكا
ضحكت بنعومة : لا يليق بى . وباية حال ، لن اقترب ابدا من وسائل الاعلام
-ومن اذا ؟
-الرجل المسؤول
-اذا كنت تقصديننى ، فلم اعد مسؤولا عن اى شئ منذ استلمت مهمات السيدة لانداو
لم تستسلم بل قالت : ستحتاج الى تجربته للتاكد من انه يناسبك تماما قبل ان تظهر به على الشاشة
تململ كما لو انه يحاول النهوض ولكنه تراجع الى الوراء فكشفت حركته عن الكثير …
-هل تكلفت فعلا عناء ايجاد زى لى ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة : لقد جعلتهم يخيطونه
وبعد صمت مثقل قال : اعطينى فكرة عنه
-حسنا . انت قائد عسكرى فى تيسالونيكا فى بداية القرن الرابع
قال بصدمة : كان هناك العشرات منهم
-لكن صاحب هذا الزى عينه الامبراطور ماكسيميليان ليحل مكانه
-على ما اذكر ، كان ماكسيميليان يضطهد المسيحيين
-هذا صحيح . ولكن هذا القائد دافع عن المسيح وقد زج فى السجن لمواجهته الامبراطور ثم قدم اليه ملاك من السماء وطلب منه التحلى بالشجاعة . بعد بضعة ايام ، استشهد واصبح قديسا
وساد صمت اخر اطول بكثير هذه المرة . لقد خمن هويته وقبل ان يتكلم ، سمع طرقا على الباب ثم ظهرت مدبرة المنزل حاملة صينية وتبعها انانكى وليون ورجل متوسط السن ملتح يحمل حقيبة طبية
-اذا ، ديمتريوس ، سمعت انك تلقيت ضربة قوية على راسك . دعنى افحصها
نهضت اليكس لتغادر فامرها ديمتريوس : اجلسى وكلى انسة هاملتون
رمقها الطبيب بنظرة قائلا : لم يكن ديمتريوس يوما مريضا مضيعا . وبما انه امر ، يجدر بك الطاعة
وضعت المدبرة الصينية على الطاولة ثم غادرت فيما وقف الاثنان الاخران يترقبان سماع كلام الطبيب . لم يكن امام اليكس اى خيار سوى اطاعة اوامر رئيسها . وبعد ان فحص ديمتريوس طلب الطبيب من ليون احضار الماء الساخن من الحمام لينظف له الجرح وقال : اخبرنى ، كيف حصل ذلك ؟
وجاء رده جافا : الانسة هاملتون تعرف اكثر منى
نظر الجميع الى اليكس التى بلعت قضمة من الساندويش قبل ان تتفوه باى شئ
-فيما كان يعود الى مقعده ، مرت الطائرة بمطب هوائى فطار واصطدم راسه بجدار الطائرة وسقط مغمى عليه
ازعجها تذكر الحادث وتوليها مهمة التحدث عنه
-تبدو فى حال جيدة جدا بالنسبة لما عانيته ، ديمتريوس . ولكنى لا اظن انك تعانى من ارتجاج . لن اعطيك مسكنا للالم بعد . على احدهم ان يراقب وضعك على مدى الساعات الاثنتى عشرة القادمة . اذا ساء حالك او نمت مطولا ، فينبغى عندئذ احضارك الى عيادتى لاجراء صور اشعة . وفى كل الاحوال ، اذا سارت الامور جيدا ، فيمكنك ان تبدا بتناول الطعام وشرب ما يطيب لك غدا ظهرا . ستشعر بدوار لبعض الوقت فلا تحاول ان تجهد نفسك عندما تنهض . اتصل بى اذا كنت تريد طرح اى سؤال
واغلق الطبيب حقيبته وهم بالرحيل . رافقته انانكى الى الباب قائلة : سالازمه
–سابقى بدلا منك ، اماه
-اقدر لكما اهتمامكما ولكن الانسة هاملتون وافقت للتو على ملازمتى
وصدم اعلانه الجميع وتحديدا الكس التى كادت تسقط عن كرسيها بسبب كذبه
اكمل ديمتريوس : لقد نامت خلال الرحلة بالطائرة والان بما انها مستيقظة وانا اشعر بدوار شديد يمنعنى من النوم ، سيكون بمقدورنا انجاز عملنا من دون مقاطعة
-ولكنك لا يمكن ان تتوقع من سكرتيرتك ان …
-سكرتيرتى تتحمل الى مراجعة التفاصيل معى واذا فقدت وعيى فجاة فهى قادرة تماما على اعلامكم . اليس كذلك ، انسة هاملتون ؟
خيم توتر لا يحتمل فى ارجاء الغرفة وسرت تيارات غريبة ، كما لم تستطيع الكس ان تفهم تصرفه . فابن اخيه يبدو متوترا ومجروحا وراح يرمق اليكس بنظرة غاضبة فيما عكست زوجة اخيه مشاعر ابنها . اما ديمتريوس لسوء الحظ ، ينتظر جوابا واحدا : نعم ، بالطبع
- روايات عبير واحلام
- روايه عبير الشقيقان
- رواية عبير يوم بلا غد
- روايات عبير واحلام انقذها رئيسها
- بال مون روايات عبير
- روايات بال مون مسؤولية الحبيب اليوناني
- روايات بال مون حامل من غريب
- روايات بال مون حامل تحاول الانتحار
- تحميل رواية احلام بال مون ميرات
- صدم زيه كسي أثناء الزحمة مجانا