وبركاته.
في البداية احب ان اشكر القائمين على الموقع، وبالاخص الدكتور محمد عبد العليم، على ردوده الطبية والمشجعة.
اواجه مشكلة تقلقني جدا، وتعيقني عن تحقيق بعض طموحاتي التعليمية والتطويرية، فبعد بحث طويل توصلت الى الشيء العائق والمسبب لتدني المستوى الواضح، وهو عدم استطاعتي على التركيز والانصات بشكل جيد للملقي او المتحدث، وشعوري بشيء مثل الموجة الضبابية داخل راسي، تمنعني من الانصات او التركيز مع الشخص، واعلم في ذلك الوقت اني لست في حالة تركيز، فاجبر نفسي على ان اركز، ولكن دون جدوى!
ارجو من الدكتور تشخيص هذا النوع من الحالات، مع العلم ان هذه المشكلة تعتبر عائقا كبيرا لي، وايضا ارجو من الدكتور الحديث عن Amygdala وهل لها علاقة بالتركيز؟
ملاحظة: لا احب استخدام الادوية الطبية، لما لها من اثار جانبية على البدن، وشكرا لكم، وانا اقدر جهودكم العظيمة في خدمة الاسلام والمسلمين.
الاخ الفاضل/ ابو سامي حفظه الله.
وبركاته، وبعد:
فهذه الضبابية في التفكير وما ينتج عنها من صعوبات في التركيز هي دليل قاطع على وجود قلق نفسي، واعتقد ان هذا القلق لديك ايضا اخذ الطابع الوسواسي، بمعنى ان نوبات القلق الاولى لم تشعر بها بوضوح، وكل الذي حدث هو هذه الضبابية في التفكير، وبعد ذلك ترسخت لديك هذه الفكرة وبدات تاخذ الطابع الوسواسي، بمعنى انه حين تواجهك صعوبة بسيطة في التركيز، او عدم الانتباه، تتولد لديك هذه المشاعر السلبية بان الحالة قد اتتك، وان تركيزك ليس جيدا، وان هذا قد اضعف طموحاتك من اجل التلقي والتعلم والتطوير.
اخي الفاضل: الامر ليس له علاقة بال Amygdala، وAmygdala او ما يعرف باللوزة، هي المركز الذي من خلاله يعبر عن العواطف، لا شك ان اللوزة لا تعمل وحدها، انما هي جزء صغير في الدماغ، وبالرغم من صغرها الا انها مهمة جدا، ومعظم عملها يكون من خلال تواصل دقيق مع بقية الاجزاء في الدماغ، خاصة الاجزاء الموجودة في الفص الصدغي، فهي تعبر عن العواطف اكثر من موضوع التركيز.
القلق كثيرا لا يظهر في صورة قلق واضح، اي بمفهومه التقليدي، المعروف ان يحس الانسان بالضيقة وعدم الارتياح، وشيء من التوتر والعصبية، ليس من الضروري ان يكون القلق هكذا، وحتى الاكتئاب ايضا ليس من الضروري ابدا ان يظهر في شكل كدر وشعور بالسوداوية، نحن في زمان اصبحت فيه الاعراض النفسية متداخلة، واصبح الكثير مما يحدث لنا من صعوبات قد لا نفهم طبيعتها، وفي نهاية الامر يتضح انها تنتج من هذه الحالات النفسية البسيطة، فالتفسير الذي اراه ان حالتك هي حالة قلقية بسيطة، واخذت الطابع الوسواسي مما جعل التفكير السلبي يتطور لديك بصورة جعلتك تحس ان هنالك محدودية في طموحاتك التعليمية والتطويرية.
اخي الكريم: اتمنى ان يكون هذا التفسير مفيدا لك، لتتخلص من هذه المشاعر السالبة، ويجمع الكثير من علماء النفس، وعلى راسهم الاستاذ الدكتور ارون بك، وهو عالم سلوكي كبير ومعروف، ولا زال على قيد الحياة، يقول: انه من اكبر ما يواجهنا من مشاكل فيما يخص البناء المعرفي بالنسبة لنا كبشر، هو ان بعض الافكار السلبية المشوهة تتسلط علينا، ويمكن ان يكون هذا منذ الصغر، وتبدا هذه الافكار السلبية المشوهة في الازدياد
والتمركز والتمحور بصورة جوهرية، مما يقلل من طموحاتنا ومن مشاعرنا حيال انفسنا، وننظر الى الماضي بسلبية، والمستقبل بشيء من الياس، والحاضر بشيء من اللامبالاة، فالتغيير الفكري المعرفي الايجابي مهم، والانسان يجب ان يتامل دائما في مقدراته.
انت رجل شاب ومهندس في هذه الامة الاسلامية العظيمة، ولا شك ان لديك اشياء اخرى ايجابية وطيبة كثيرة في حياتك، فتامل وتدبر في هذه الايجابيات.
اعرف ان ذلك يتطلب الجهد والكثير من التركيز واليقين، والايمان بذلك، هذه كلها يجب ان تبني فكرا ايجابيا لديك يزيد من طموحاتك ومن مقدراتك، ولابد للانسان ان يكون واضحا مع نفسه، ويقبل ذاته، ثم يسعى لان يطور ذاته، من خلال وضع اهداف في حياتنا، الهدف الاساسي لوجودنا هو ان نساهم في عمارة هذه الارض، وهذا ياتي بالتزامنا حيال انفسنا وحيال الاخرين، بان نكون دائما يدا عليا، ان نساهم، ان ندير اوقاتنا بصورة صحيحة، ان نؤمن بروح الجماعة وروح الفريق، وان نشعر بالانتماء الى عقيدتنا، لاوطاننا، لاسرنا، لمجتمعنا، لانفسنا، وهذا يساعدنا في تحديد الهوية والوصول الى الاهداف، وهذه هي المشاكل التي تواجهنا الان في مجتمعاتنا.
اخي الكريم: ارى ان حالتك بسيطة، فقط تحتاج لشيء من الدفع الفكري الايجابي، ولا اعتقد انك في حاجة الى تناول ادوية نفسية، انت لست مريضا، وحتى درجة القلق التي لديك يمكن التخلص منها بشيء من تبديل الفكر الى فكر معرفي ايجابي بممارسة الرياضة، ادارة الوقت بصورة طيبة، توسيع شبكتك الاجتماعية، تطوير مهاراتك على المستوى الوظيفي وعلى المستوى الاجتماعي، وهذا كله – ان شاء الله – يعطيك دفعا ايجابيا الى الامام.
وللاستفادة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج عدم التركيز سلوكيا (226145_264551) واشكرك كثيرا، وسعدت جدا برسالتك، واسال الله لك العافية والتوفيق والسداد.