الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف الانبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
اما بعد : …
الاسرة هي نواة المجتمع و اساسه , و لذلك فقد اعطى الاسلام لموضوع الاسرة اهتماما بالغا , حيث رسم مجمل العلاقات الاسرية و بين حقوق افراد السرة بعضهم مع بعض , فاوجب صله الارحام و امر بالاشفاق على الابناء و الانفاق عليهم و وصى بطاه الوالدين و زجر من عصى امرهما .
و من بين ما اوجبه الله عز و جل بر الوالدين قال تعالى (( و قضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه و بالوالدين احسانا )) [ الاسراء-23] و قال تعالى (( و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و بالوالدين احسانا )) [النساء-36] .
و يدل على عظم طاعه الوالدين و برهما , تسمية الاحسان اليهما جهادا و تقديمه على الجهاد العدو احيانا , فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : جاء رجل الى النبي صلى الله عليه و سلم فاستاذنه في الجهاد فقال : (( احي والدك قال : نعم فقال : ففيهما جهاد [رواه البخاري و مسلم] .
معنى بر الوالدين :
تعريف البر لغه : الصدق و الطاعه , و بر يبر اذا صلح .
و تعريف بر الوالدين : قال الحسن البصري : هو ان تطيعهما في كل امر به ما لك يكن فيه معصيه لله عز و جل.
فالاحسان الى الوالدين و برهما يشمل كل معاني الطاعه الصادقة و التفاني في الخدمه بحب و اخلاص و يكون ذلك بكل ما يدخل عليهما السرور فيحصل به رضاهما و تقر به عينهما و يشمل ذلك : الاحسان بالقول و الفعل , خفض الحناح , التوددو التحبب , التزام الاداب و الاحترام , و الحياء .
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم )( لا يجزي ولد والدا الا ان يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه )) [رواه مسلم ] .
فضل بر الوالدين :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال الرسول صلى الله عليه و سلم : (( دخلت الجنه فسمعت فيها قراءة ؟, فقلت من هذا ؟ قالوا حارثه بن النعمان , كذلكم البر , كذلكم البر )) .
و من فضائل بر الوالدين انه مكفر للذنوب و مذهب للكبائر و الخطايا . فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : اتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل فقال : يا رسول الله اذنبت ذنبا كبيرا فهل لي من توبه فقال : هل لك من ام ؟ قال : لا . قال : الك خاله : قال : نعم : قال فبرها اذا )) [رواه الترمذي و ابن حبان في صحيحه] .
بل ان الحسان الى الوالدين ينفع الله به في الكربات فيجعله سببا لتفريجها و كشفها
مظاهر بر الوالدين :
1/ طاعتهما في المعروف : فطاعة الوالدين واجبه مالم تكن في معصية الخلق و ينبغي تقديمها على طاعه كل امر غير الله و رسوله فلا جهاد ولا انصراف ولا دخول ولا تعلم الا برضاهما مالم يؤدي في معصية الله .
2/ الاحسان اليهما : ويشمل ذلك كل قول و عمل و حركه تدخل السرور عليهما و تضع الرضا و القبول في قلبهما و تشعرهما بعظم المكانتهما و الاستعداد لطاعتهما و تنفيذ اوامرهما .
3/ خفض الحناج لهما : و انما يكون ذلك بسكون الجوارح و لين الكلام و الاطمئنان و اظهر الاستصغار امامهما و توقيرهما و اظهار مهابتهما وعلو منزلتهما و سمو قدرهما .
4/ التودد و التحبب لهما : وذلك بمباداتهما السلام و التقبيل ايديهما و راسيهما و انتقاء اطايب الكلام و ادخال السرور عليهما و الافساح في المجلس لهما .
5/ التلطف لهما و ترك التضجر و التافف منهما : قال الله تعالى (( اما يبلغن عنك الكبر او احداهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )) [الاسراء23-26] .
6/ الدعاء و الاستغفار لهما : وذلك سواء في حياتهما ؟ او بعد مماتهما قال الله تعالى : (( وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. فضل الوالدين على الابناء
لا ينكر احد فضل الوالدين على اولادهما ،
فالوالدان سبب وجود الولد وله عليهم حق كبير
فقد ربياه صغيرا وتعبا من اجل راحته وسهرا من اجل منامه ،
تحملك امك في بطنها وتعيش على حساب غذائها وصحتها
لمدة تسعة شهور غالبا ، كما اشار الله الى ذلك :
( حملته امه وهنا على وهن) الاية .
ثم بعد ذلك حضانة ورضاع لمدة سنتين مع التعب والعناء والصعوبة .
وكما في الصحيحين من
حديث ابي هريرة ان رجلا جاء الى النبي فقال له:
من احق الناس بحسن
صحابتي؟ قال: ((امك))، قال: ثم من؟ قال: ((امك))، قال: ثم من؟ قال:
((امك))، قال: ثم من؟ قال: ((ابوك)).
والاب كذلك يسعى لعيشك وقوتك من حين الصغر حتى تبلغ ان تقوم بنفسك ، ويسعى بتربيتك وتوجيهك وانت لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا ،
ولذلك امر الله الولد بوالديه احسانا وشكرا ،
فقال تعالى : (ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير) (لقمان:14) .
وقال تعالى : (وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) (الاسراء:23-24) .
ان حق الوالدين عليك ان تبرهما وذلك بالاحسان اليهما
قولا وفعلا بالمال والبدن . تمتثل امرهما في غير معصية الله
وفي غير ما فيه ضرر عليك ، ولقد جعل الله مرتبة حق الوالدين
مرتبة كبيرة عالية حيث جعل حقهما بعد حقه المتضمن
لحقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى :
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا )(النساء: الاية36) الاية .
قال تعالى : ( ان اشكر لي ولوالديك الي المصير)(لقمان: الاية14)
وقدم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله
كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال :
(قلت يا رسول الله اي العمل احب الى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها
قلت : ثم اي ؟ قال : بر الوالدين قلت : ثم اي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله )
اعراض ترك الاباء لابنائهم
• عدم احترام شخصية وعقلية الابناء.
• تجاهل ارائهم ووجهات نظرهم لاسيما في القضايا والموضوعات التي تعنيهم.
• تعويدهم على مساوئ الامور كالكذب والغش والخداع،
سواء كان ذلك بطريقة مقصودة او غير مقصودة.
• ضعف الوازع الديني لدى الابناء