عقوبة من نجا من الانتحار
السؤال
ما حكم من يقدم على الانتحار ويتم انقاذه في اخر لحظة وذلك بسبب اضطرابات نفسية حادة ووساوس وهواجس، حيث ان الفاعل فتاة تبلغ من العمر حوالي 19 سنة ومرت بظروف عائلية قاسية جدا انتهت بطلاق الوالدين وهي صغيرة السن، وعاشت مع والدها الذي تزوج بامراة اخرى وكان لوفاة والدها الاثر الاكبر على نفسها لاسيما وانه احسن معاملتها والعناية بها جدا محاولة منه لسد فراغ والدتها، ما حكم ما قامت به، وهل من وصفة دينية قرانية لطرد الهواجس التي تحل بها كل ليلة حيث تتصور شبح والدها يدعوها بالحاح للخروج من البيت واللحاق به اي الموت.افيدوني جزاكم الله خيرا.
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فان الانتحار وقتل النفس من كبائر الذنوب، ولقد توعد الله قاتل نفسه بالمكث الطويل في النار، ففي المسند والصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجا بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا. ولتحمد الله هذه الفتاة على نجاتها من الانتحار، وعليها ان تبادر بالتوبة الى الله من هذا الذنب الكبير، وتندم ندما شديدا على ما فرطت في جنب الله، وتعزم عزما اكيدا على عدم العودة لهذا الذنب مرة اخرى، فاذا فعلت ذلك فلتستبشر بمغفرة الله تعالى لذنبها، قال سبحانه: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}. وعليها ان تكثر من فعل الصالحات وقراءة القران، فان الحسنات يذهبن السيئات. وعليها ان تصبر على فقدها لوالدها، فكل الناس يصاب، ولكن الصابرين فقط هم الذي يفوزون بالاجر العظيم، قال تعالى: انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب {الزمر:10}. ان اي مصيبة في الدنيا تهون اذا قورنت بمصيبة موت النبي صلى الله عليه وسلم، وفوات رؤيتنا له وصحبتنا اياه، ولله در القائل:
اصبر لكل مصيبة وتجلد **** واعلم بان المرء غير مخلد
واذا ذكرت مصيبة تسلو بها**** فاذكر مصابك بالنبي محمد
وننصحها بان تقول ما ارشدنا اليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: انا لله وانا اليه راجعون، اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها الا اجره الله في مصيبته واخلف له خيرا منها. رواه مسلم.
واما شبح والدها الذي يتصور لها ويامرها بالخروج من البيت اي اللحاق به والموت، فالظاهر انه من وساوس الشيطان، فالموت ليس الينا، فما تدري نفس متى تموت ولا اين تموت. فلتحذر من تلبيس الشيطان، حتى لا تقع في كبيرة قتل النفس، فتعذب في النار، وعندئذ يتبرا منها الشيطان، قال الله حاكيا عن الشيطان: وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم {ابراهيم: 22}. فعليها ان تستعيذ بالله من وساوس الشيطان، وان تكثر من ذكر الله، وان تصحب الاخوات الصالحات الفاضلات ليذكرنها بالخير، ويعنها على فعله.
والله اعلم.