الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الامين، اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا، انك انت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علما وارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه، وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ايها الاخوة الكرام:
اخ كريم قدم لي اوراقا مصورة من كتاب في شرح الاحاديث الصحيحة، وجدت ان من امانة التبيين، حيث ان امانة التبيين هي امانة العلماء، وامانة التبليغ هي امانة الانبياء، والله سبحانه وتعالى اخذ العهد على العلماء ان يبينوا للناس، فدوري في هذا الدرس ان ابين ما في هذه الاوراق.
الموضوع حول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة عن يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا))
( الترمذي النسائي احمد)
يحتاج الاخوة الكرام في هذا الدرس الى دقة في الاصغاء، درس الفقه قد يبدو جافا لكنه خطير، ونحن في امس الحاجة الى هذا الدرس
((من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا ))
هذا الحديث رواه ابن ابي شيبة في المصنف وابو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، والبيهقي، وحدثنا ابن ابي زائدة عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا الى النبي هذا سند الحديث قلت هذا سند حسن وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي ثم ابن حزم في المحلى ورواه النسائي والترمذي، وصححه يعني قال صحيح، وابن الجارود وابن حبان والبغوي في شرح السنة وصححه ايضا الامام احمد والبيهقي من طرق عن محمد بن عمرو بلفظ نهى عن بيعتين في بيعة.
الان في السند، السند صحيح في كل هذه الكتب الصحيحة ورد هذا الحديث:
(( من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا))
وقال البيهقي، قال عبد الوهاب يقول في شرح هذا الحديث: هو لك بنقد بعشرة وبنسيئة بعشرين مثلا، معنى بيعتين في بيعة هو لك نقدا بعشرة ونسيئة بعشرين، وبهذا فسره الامام ابن قتيبة، ومن البيوع المنهي عنها شرطان في بيع واحد هو ان يشتري الرجل السلعة الى شهرين بدينارين والى ثلاثة اشهر بثلاثة دنانير، وهو بمعنى بيعتين في بيعة، النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيعتين في بيعة واحدة ان يقول نقدا كذا ونسيئة كذا، الى شهر بكذا والى شهرين بكذا.
طبعا نهى عن بيعتين في بيعة، وقال هذا الحديث بهذا اللفظ مختصر صحيح، ولابن مسعود قول
((الصفقة في الصفقتين ربا))
اخرجه عبد الرزاق في المصنف، وابن ابي شيبة ايضا، وابن حبان، والطبراني وسنده صحيح.
الان للامام احمد ولابن حبان رواية:
((لا تصلح صفقتان في صفقة ولفظ ابن حبان لا يحل صفقتان في صفقة))
وان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((عن سماك بن حرب قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يحدث عن عبد الله بن مسعود انه قال لا تصلح صفقتان في صفقة وان رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال لعن الله اكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه))
(البخاري مسلم الترمذي النسائي ابي داود الدارمي )
وسنده صحيح ايضا، ورواه ابن نصر في السنة وزاد في روايته: ان يقول الرجل ان كان بنقد فبكذا وكذا وان كان الى اجل فبكذا و كذا، اعتقد انه واضح وهو رواية لاحمد، راوي هذا الحديث سماك الراوي عن عبد الرحمن، من سماك ؟ سماك بن حرب تابعي معروف قال: ادركت ثمانين صحابيا وقد فسره هذا الراوي كما قلت انفا: ان تقول نقدا بكذا ونسيئة بكذا، هذا تفسير راوي الحديث الذي هو تابعي جليل لقي ثمانين صحابيا.
قال علماء الحديث فتفسير هذا التابعي للحديث ينبغي ان يقدم عند التعارض مع تفسيرات اخرى، فلو ان لهذا الحديث تفسيرات اخرى وفسره راويه، وهو تابعي جليل لقي ثمانين صحابيا فتفسير الراوي ينبغي ان يقدم على تفسيرات اخرى غير هذا التفسير، ولاسيما وهو احد رواة الحديث، والراوي كما قال العلماء ادرى بمرويه من غيره، لان المفروض انه تلقى الرواية من الذي رواه عنه مقرونا بالفهم والمتابعة، ومن ثم فكيف وقد وافقه على ذلك جمع من علماء الامة وفقهائها، من هم العلماء الذين فسروا هذا الحديث بهذا التفسير ؟ اول عالم هو ابن سيرين قال: كان يكره ان اقول ابيعك بعشرة دنانير نقدا او بخمسة عشر الى اجل والكراهية اساسها النهي.
والامام طاووس قال: اذا قال هو بكذا وكذا الى كذا وكذا، وبكذا وكذا الى كذا وكذا فوقع البيع على هذا فهو باقل الثمنين الى ابعد الاجلين، لو ان انسانا قال ابيعك هذه السلعة بمائة الى شهر وبمائتين الى اربعة اشهر، كيف يصحح هذا البيع ؟ ان يدفع اقل الثمنين لاطول الاجلين هذا قول الامام طاووس، وابن سيرين كان يكره ان اقول ابيعك بعشرة دنانير نقدا او بخمسة عشر الى اجل.
والامام سفيان الثوري ايضا يقول: اذا قلت ابيعك بالنقد الى كذا وبالنسيئة بكذا وكذا فذهب به المشتري، مثلا بائع قال للمشتري: ابيعك هذه السلعة بالف نقدا وبالف وخمسمائة نسيئة اي الى اجل، اي تقسيطا، فالمشتري حمل هذه السلعة وذهب قال: هو بالخيار في البيعين ما لم يكن وقع بيع على احدهما فاذا وقع بيع على احدهما فهو مكروه وهو بيعتان في بيعة وهو مردود ومنهي عنه، صاحب البيع اذا وجد بضاعته عند الشاري فاخذها انتهى الامر فان لم يجدها فعليه ان ياخذ اقل الثمنين لاطول الاجلين هذا راي سفيان الثوري لتفسير هذا الحديث.
لازلنا مع الحديث الشريف
((من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا ))
والامام الاوزاعي رحمه الله تعالى قيل له فان ذهب بالسلعة على ذينك الشرطين او على هذين الشرطين فقال: هي باقل الثمنين الى ابعد الاجلين، هذا رابع امام، الان ائمة الحديث، الامام النسائي: قال تحت باب بيعتين في بيعة هو ان يقول: ابيعك هذه السلعة بمائة درهم نقدا وبمائتي درهم نسيئة و بنحوه، هذا تفسير الحديث
(( من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا))
الامام النسائي امام كبير من ائمة الحديث يقول معنى هذا الحديث: ان يقول البائع ابيعك هذه السلعة بمائة درهم نقدا وبمائتي درهم نسيئة وقد فسر ابن عمرو هذا الحديث ايضا.
((عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك ))
( الترمذي ابي داود ابن ماجة احمد الدارمي )
العالم الثاني من علماء الحديث ابن حبان قال في صحيحه: ذكر الزجر عن بيع الشيء بمائة دينار نسيئة وبتسعين دينار نقدا.
اول عالم ابن سيرين، ثم طاووس، وسفيان الثوري، و الاوزاعي والامام النسائي، وابن حبان، وابن الاثير في غريب الحديث ذكر في شرح الحديثين المشار اليهما انفا.
الان معنى الحديث الشريف الصحيح الذي رواه عدد كبير من علماء الحديث في الكتب الصحيحة:
((حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة عن يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا ))
(الترمذي النسائي احمد )
فضلا عن ان راوي هذا الحديث تابعي وقد لقي ثمانين صحابيا وقد فسر هذا التابعي الجليل وهو راوي الحديث، وهو اقدر من يفهم معنى الحديث لانه حينما تلقى الحديث عن الذي اخذ منه تلقاه مع الفهم السديد لهذا الحديث، هذا الراوي يرى ان معنى الحديث: ان تقول ابيعك هذه السلعة بمائة درهم نقدا او بمائتين نسيئة، وفضلا عن فهم الراوي لهذا الحديث ولانه شهد ثمانين صحابيا، ولانه حين التعارض مع تفسيرات اخرى لهذا الحديث ناخذ تفسير راوي الحديث وهو تابعي جليل فضلا عن ذلك فهناك علماء كبار من امثال الاوزاعي وطاووس، وسفيان الثوري، والنسائي، وابن حبان، وابن الاثير كل هؤلاء العلماء شرحوا هذا الحديث كما شرحه راوي الحديث التابعي الجليل سماك.
ايها الاخوة:
وقيل في تفسير البيعتين اقوال اخرى، حتى اكون معكم موضوعيا هناك علماء اخرون فسروا البيعتين تفسيرا اخر ولكن تفسير العلماء والفقهاء وتفسير علماء الحديث وراوي الحديث هذا التفسير: ان تقول ابيعك هذه السلعة بكذا نقدا وبكذا نسيئة، وما تقدم من تفسير البيعتين كما يقول مؤلف الكتاب هو الصحيح، وقد اختلف العلماء في ذلك قديما وحديثا على ثلاثة اقوال: حكم بيع النسيئة، حكم بيع الاجل او المصطلح الحديث حكم بيع التقسيط، اختلف فيه العلماء قديما وحديثا على ثلاثة اقوال، يعني الاقوال المختلفة جدا جمعت في اقوال ثلاثة القول الاول: انه باطل مطلقا وهذا مذهب ابن حزم، بيع النسيئة مع الزيادة في الثمن باطل مطلقا وهذا مذهب ابن حزم.
المذهب الثاني: انه لا يجوز الا اذا تفرقا على احدهما يعني البائع قال هذه السلعة بمائة نقدا وبمائة وخمسين نسيئة فالشاري اعتمد على احد البيعين وخرج من المحل وقد وقع خياره على ان يشتري نقدا او نسيئة هذا المذهب الثاني، لا يجوز الا اذا تفرقا على احدهما، او اذا ذكر البائع ثمن السلعة نسيئة فقط هذا المذهب الثاني.
المذهب الثالث: انه لا يجوز كالمذهب الاول ولكن اذا وقع ودفع الشاري اقل السعرين الى اطول الاجلين جاز.
صار معنا ثلاثة مذاهب في بيع النسيئة وبيع الاجل وبيع التقسيط، كلها اسماء لمسمى واحد، اوضح لكم الحقيقة بشكل عرضي، كتاب ورقه اسمر جلده بسيط رخيص ثمنه مائة ليرة، فلما جعلنا الورق ابيض صار بمائة وخمسين، فالخمسين في الكتاب، هذه الزيادة في الثمن في الكتاب ؟ طبعا في الكتاب كان ورق اسمر رخيص صار ورق ابيض الان نبيعك كتابا بورق ابيض ومجلد بمائتين، الخمسين الثانية في الكتاب ؟ طبعا في الكتاب، الان كتبنا اسمك بحروف مذهبة على الكتاب فطالبناك بمائتين وخمسين ليرة الخمسين الثالثة في الكتاب ؟ في الكتاب الى الان الزيادة يقابلها زيادة في النوعية اليس كذلك، الان الكتاب بثلاث مائة ليرة الى ستة اشهر، هل هذه الزيادة في الكتاب ؟ لا ولكنها مقابل الاجل، هذا هو موضوع الدرس الزيادة التي مقابل الزمن مقابل الاجل بيع النسيئة، بيع الاجل، بيع التقسيط مع الزيادة…. اما التقسيط بلا زيادة عمل صحيح، لو بعت تقسيطا من دون زيادة عمل صالح، فالمذهب الاول انه باطل مطلقا وهذا مذهب ابن حزم والمذهب الثاني انه لا يجوز الا اذا تفرقا على احدهما او اكتفى البائع بسعر النسيئة دون ان يذكر السعر النقدي هذا المذهب الثاني والمذهب الثالث لا يجوز كالمذهب الاول الا انه اذا وقع ودفع الشاري اقل الثمنين لاطول الاجلين صح البيع.
دليل المذهب الاول ان هناك نهيا في الاحاديث المتقدمة، الحديث الشهير
)) من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا ((
هذا الحديث شرحه الراوي وهو تابعي ولقي ثمانين صحابيا وفسر البيعتين ان تقول حالا بكذا واجلا بكذا، نقدا بكذا ونسيئة بكذا، وائمة كبار كابن سيرين، وطاووس، سفيان الثوري، و الاوزاعي، ومحدثون كبار كالنسائي، وابن حبان، وابن الاثير فسرا هذا الحديث كما فسره راوي الحديث.
والملخص ان هناك ثلاثة مذاهب الاول انه باطل مطلقا وهذا مذهب ابن حزم، والثاني انه لا يجوز الا اذا تفرق المتبايعان على احدهما او اكتفى البائع بذكر سعر النسيئة، والثالث انه لا يجوز ولكنه اذا وقع صح ان ياخذ البائع اقل الثمنين لاطول الاجلين.
دليل المذهب الاول هذا الحديث الصحيح الذي فيه نهي عن بيعتين في بيعة، ودليل المذهب الثالث هو قول النبي عليه الصلاة والسلام
((من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا))
يعني ممكن ان تدفع الاقل لاطول الاجلين صح البيع.
لكن اصحاب المذهب الثاني بينوا علة المنع بانها الجهالة، اي ان هذا الشاري خرج من المحل التجاري ولم يتضح له او لم يستقر السعر عنده على احد السعرين، فاصحاب المذهب الثاني عدوا الجهالة هي العلة في التحريم، فلو لم يكن هناك جهالة لما وجدت مشكلة، هذا الراي المعارض، مادام الشاري خرج من المحل ولم يستقر على احد السعرين ففي الامر جهالة.
قال بعض العلماء: هذا التعليل مردود لانه مجرد راي مقابل النص الصحيح، الراي لا يمنع نصا صريحا، يقول عليه الصلاة والسلام:
((فله اوكسهما او الربا))
لا يوجد كلمة جهالة حينما قلنا: ان العلة هي الجهالة السعر واضح، سعر النقدي واضح وسعر الاجل واضح، فهذا خرج لا على جهالة بل على علم، ان دفع السعر نقدا فالسعر كذا وان دفعه نسيئة فالسعر كذا، ان تقول: ان التحريم بسبب الجهالة، فلو اتضح السعرين لم يعد هناك جهالة اذا البيع صحيح هذا الكلام مردود، لانه مجرد راي مقابل النص الصحيح في حديث ابي هريرة وحديث ابن مسعود انه ربا، هذا من جهة ومن جهة ثانية ان هذا التعليل مبني على القول بوجوب الايجاب والقبول لكن السنة تقبل بيع المعاطاة، اي انسان اشترى شيئا يوجد دلائل بانه راض بهذا الثمن، يعني هل من المعقول لو انك اردت ان تشتري مثلا كاس شراب في الطريق ان تقول له: بعتك هذا الكاس بليرتين وانا قبلت ان اشربه بليرتين، تشرب الكاس وتمشي، بيع المعاطاة بيع بسيط، الشاري رضي بهذا الثمن فما ناقش ولا اعترض، اصحاب مذهب ان هذا البيع باطل او انه يصح بشرط ان تدفع اقل الثمنين لاطول الاجلين ينطلقون من ان البيع الشرعي يحتاج الى رضى ويحتاج الى طيب نفس فقط قال تعالى:
﴿ان تكون تجارة عن تراض منكم﴾
(سورة النساء)
فاي اشارة الى ان الشاري راض والبائع راض فهو بيع شرعي لا يحتاج الى ايجاب وقبول، فبيع المعاطاة يحقق التراضي وطيبة النفس وهو بيع شرعي فقد اذن الله به والزيادة عليه من ايجاب وقبول ما لم يوجبه الشرع.
الان المشتري حينما ينصرف بمشتراه فاما ان يدفع الثمن واما ان يؤجل، فاذا باع، دفع الثمن فالبيع صحيح باقل الثمنين، وحينما يؤجل ينصرف. هنا موضع الخلاف هو يعلم كم سيدفع لو اجل، هنا لا يوجد جهالة والبيع لا يحتاج الى ايجاب وقبول، يحتاج الى التراضي والتراضي حاصل، اما المذهب الثالث ان هذا البيع مرفوض وغير صحيح اما اذا دفع الشاري اقل الثمنين باطول الاجلين فهو صحيح وهو حديثنا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في اول الدرس، يقول عليه الصلاة والسلام:
((من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا ))
هذا دليل المذهب الثالث، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه حينما يقول: الصفقة في الصفقتين ربا.
((لا تصلح صفقتان في صفقة ))
الان لو قال لك احدهم هذا الثمن لك ان تدفعه حالا او اجلا ولا يتغير فاخترت احدهما فانت لست ممن اشترى شيئا بعقدين، مادام الثمن واحد انت خرجت من هذا الخلاف كليا.
ايها الاخوة:
الان المشتري اذا اشترى بيعتين في بيعة على ما وصفنا واراد مجانبة الربا فله اوكسهما، لو انك دخلت الى محل وعرض عليك البائع سعرين، سعر حال وسعر اجل، فاخترت السعر الاقل حالا لا يوجد مشكلة او اخترت السعر الاقل ورضي معك الى اجل لا يوجد مشكلة، اذا حاورته وحككته وقبل منك ان يعطيك اقل السعرين باطول الاجلين لا يوجد شيء عليك بيعك صحيح وشراؤك صحيح.
القول الثاني الان وهو اضعف الاقوال
(( من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا ))
المذهب الاول ان هذا البيع باطل كليا هذا مذهب ابن حزم، والمذهب الثالث انه باطل او انه فاسد يصحح اذا دفعت اقل الثمنين لاطول الاجلين، اما المذهب الثاني ان هذا البيع علة تحريمه الجهالة فلو وضحت نقدا بكذا ونسيئة بكذا صح البيع اذا خرج المشتري على احد العقدين فالبيع صحيح وهذا ما يقوله معظم الذين يبيحون بيع التقسيط باختلاف الثمن، القول الثاني هو اضعف الاقوال لانه لا دليل عنده الا الراي، والراي غير صحيح والراي هو ان العلة هي الجهالة، الجهالة غير موجودة، لانه وضحه البائع قال نقدا بكذا، لما النبي صلى الله عليه وسلم قال: “…او الربا ” العلة هي الربا، هي التفاضل، علة التحريم التفاضل وليس الجهالة، والحديث واضح وكلام ابن مسعود رضي الله عنه
((الصفقة في الصفقتين ربا))
فالعلة هي الربا وليست الجهالة، وحديث ابن مسعود مطابق لكل هذه الاحاديث كلها ولكنه يزيد عليها بعلة التحريم الصفقتان في الصفقة ربا
((لا تصلح صفقتان في صفقة))
هذا الحديث بين علة التحريم والحديث الصحيح محور الدرس: هذا البيع فاسد وليس باطلا.
بالمناسبة لو ان انسان تزوج امراة فاذا هي اخته من الرضاعة ما حكم هذا الزواج ؟ باطل ينبغي ان يفسخ فورا، انسان تزوج فتاة بلا مهر ما حكم هذا الزواج ؟ فاسد هذا الزواج يصحح بمهر المثل، بين كلمة باطل وفاسد مسافة كبيرة، الباطل لا يصحح اما الفاسد يصحح. فاذا قلت هذا البيع باطل لان النبي قال فله اوكسهما او الربا فالنبي سمح بتصحيح هذا البيع، اما ابن حزم قال: البيع باطل مطلقا، اما الذي قال العلة: هي الجهالة فالعلة مردودة ليست العلة هي الجهالة. فقد خرج المشتري وهو يعلم علم اليقين الثمن نقدا والثمن نسيئة فان دفع نقدا كان بها، وان قبل نسيئة دفع اول قسط، فالقسط عنده معلوم وكم قسط معلوم، ومتى تنتهي الاقساط معلومة فان نقول: ان هناك جهلا فهذه علة ليست مقبولة اطلاقا.
حديث ابن مسعود بين العلة، علة التحريم الربا التفاوت بالسعر حديث النبي عليه الصلاة والسلام بين ان هذا البيع يصحح بان تدفع اقل الثمنين لاطول الاجلين، يقول صاحب الكتاب: هذا ما بدا لي من طريقة الجمع بين الاحاديث والتفقه فيها، وما اخترته من اقوال العلماء حولها، فان اصبت فمن الله وان اخطات فمن تقصيري ونفسي كلام طيب وكلام فيه تواضع والله اسال ان يعفره لي وكل ذنب لي، كذلك يقول: واعلم يا اخي المسلم ان هذه المعاملة التي فشت بين التجار اليوم وهي بيع التقسيط واخذ الزيادة مقابل الاجل وكلما طال الاجل زيد في الزيادة، يعني اكثر سؤال واجهته في امريكا البيت ثمنه مائة الف دولار وتقسيطا ثلاث مائة الف، ثلاثة امثال ولان الذي يذهب الى هناك لا يملك هذه المائة فيشتري بيتا بالتقسيط لثلاثين عاما، وهذا شيء مؤلم، وما من يوم الا وسئلت هذا السؤال عشرات المرات، مشكلة كبيرة جدا اكثر الجالية المسلمة تسكن في بيت بهذه الطريقة ولانها تسال دائما هناك انزعاج، هناك شعور بانه في الامر خطا.
فهذه المعاملة هي غير شرعية من جهة ولانها تنافي روح الاسلام القائم على التعاون، مثلا انسان عنده غنم في البادية لا يملك ثمن علف، يستطيع ان يبيع صوف الغنم والتسليم بعد ستة اشهر وان ياخذ ثمن الصوف نقدا، هذه الحالة اسمها بيع السلم، ما ملخصها او ما حكمتها ؟ معاونة الشاري للبائع، بيع التقسيط من دون زيادة ما حكمة هذا البيع ؟ معاونة البائع للشاري، يعني بيع التقسيط احسان وبيع السلم احسان هذا ما يتميز به الاسلام، انسان مضطر الى حاجة لا يملك ثمنها فان بعته اياها فانت حققت عملا صالحا كبيرا عند الله عز وجل، طبعا ما يكون محتالا معه مال ويكتمه ويشغله بمحل اخر وقال لك اعطني بالتقسيط هذا موضوع اخر، اما اذا انسان محتاج في امس الحاجة واخذها تقسيطا بسعرها نقدا فانت عملت عملا صالحا ليس له علاقة بالتجارة.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله عبدا سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى سمحا اذا اقتضى ))
( البخاري الترمذي )
وفي حديث اخر رواه الحاكم:
(( من كان هينا لينا قريبا حرمه الله على النار))
ايها الاخوة:
لهذا الموضوع تتمة ان شاء الله في درس قادم نشرحه حين نلتقي ونجيب على اي سؤال ان شاء الله، هذه امانة التبيين بلغتكم اياها، وانت لك ان تفعل ما تشاء، انا بينت لك الاحاديث وشرحها وكيف شرحها راوي الحديث وكيف علماء كبار قالوا بهذا الشرح، وكيف علماء السنة قالوا بهذا الشرح، وكيف ان الذين اجازوا اعتمدوا على علة الجهالة والجهالة مردودة في هذا الموضوع.